الفيلم المصرى المخزوق....والبحث عن سيد مرزوق - نظره رثاء على انهيار رساله الفيلم المصرى

[disappointed]

اخترع البشر على مر العصور العديد من وسائل الاعدام , وظلت وسيله الاعدام مؤشرا على مدى تقدم قريحه البشريه وقدرتها على اختراع وابتداع وسائل جديده فى مجال انزال العقاب وانفاذ حكم الموت , فبعد ان كانت وسيله الاعدام متماشيه فى العصور السحيقه مع اسلوب الحياه البدائيه كالرمى بالاحجار او دفن او حرق الضحيه حيا او الخنق باليدين المجردتين او الاغراق تحت الماء حتى الموت تقدمت البشريه رويدا رويدا وبدئت فى اختراع وسائل جديده للاعدام مثلما اخترعت اشياء اخرى فى نواحى الحياه الاخرى , فمع اكتشاف المعادن واستحداث مهنه الحداده ظهر قطع الراس بالسيف والذى تطور فى عصر الثوره الفرنسيه الى قطع الراس بالمقصله , ومع اكتشاف قوانين الجاذبيه والحركه تم استخدام الشنق على فرع شجره قبل ان يتطور الى المشنقه ذات الطبليه , ومع اكتشاف البارود تم استخدام الديناميت لتفجير الضحيه فى حفره بالخلاء قبل ان يتطور الى الاعدام رميا بالرصاص , ومع ظهور علم الكيمياء تطور الاعدام باجبار الضحيه على ابتلاع الزرنيخ والانواع الاخرى من السم الزعاف الى الاعدام بالحقن الكيماوى فى بعض الولايات الامريكيه , ناهيك عن بعض المستحدثات والاختراعات الاخرى كالكرسى الكهربائى وغرف الغاز

ولان البشريه حاولت ان ترتقى بالجنس البشرى وتنزع عنه صفه الحيوانيه الكامنه فى اعماقه منذ ايام الغابه والتى لاتتسق مع عصر المدينه فانك تلاحظ ان تطور مفهوم عقوبه الاعدام مع تطور البشريه تحول بالتدريج من وسيله لانزال العذاب بالضحيه الى وسيله لانفاذ الحكم بالافناء وتخليص المجتمع من شرورها, والبشريه بسعيها وراء محاوله الوصول الى طرق الاعدام الاقل ايلاما والاسرع تنفيذا تحاول ان تكفر عن حيوانيتها التى دئبت عليها فى العصور القديمه عندما ابتدعت دق الضحيه بالمسامير فوق الصليب و اجلاس المحكوم عليه بالموت فوق الخازوق

ولان الصليب كان وسيظل رمزا للشهيد المعذب من اجل الانسانيه وخلاصها بعد صلب المسيح فانه وان كان وسيله تعذيب مريعه فان من يعدم بواسطته يظل محبوه يجدون العزاء والتعويض عن الامه الجسمانيه فى اجترار ذكرى كيف رفع على الصليب كالمسيح وكيف كانت تلك الرمزيه التى تدفعه نحو مصاف الشهداء مصدر اثلاج صدر لكل من كان يحبه, فان ذلك يجعل من عقوبه الاعدام على الخازوق اسوء واحط طرق الاعدام واكثرها ايلاما ومهانه على مر العصور , وقد ابدع الكاتب الروسى العبقرى تشيكوف فى احدى روايات مجموعته المعروفه باسم "الشفق" فى وصف الذل والمهاته والعذاب التى عانى منها "راكيتشيف" المناضل البلغارى فوق الخازوق عندما انتهت مغامرته مع الاتراك ووقع فى ايديهم ليتم اعدامه خزقا امام مريديه واتباعه على مدى ثلاث ساعات كان الجلاد التركى المنوط بتنفيذ المهمه يحرص خلالها على تفادى حدوث الوفاه لاطول فتره ممكنه لانزال اقصى الالم بالضحيه, ناهيك عن الذكرى المؤلمه عند محبى المحكوم عليه بالاعدام وكيف انه مات خزقا

والفيلم المصرى صدر عليه الحكم بالاعدام منذ ان اختفت نوعيه فيلم "الارض" الداعيه الى قيم التماسك الانسانى والتمسك بالهويه والدفاع عن الحقوق المسلوبه والكرامه المهدره والموت فى سبيل طمى وطين ارضك التى انغرست فيها جذورك , وحلت محلها هجمه افلام من عينه "خللى بالك من زوزو" الذى كان تحولا مفصليا فى مصير الفيلم المصرى ليحول الراقصه ربيبه هز الوسط ورضيعه الواحده ونص الى فتاه الجامعه المثاليه ويصور اسر العوالم والهشك بشك على انهم اكثر اخلاقا ومبادئا من اسر الهوانم بفضل مخرج الروائع الذى لو ترك له مهمه اخراج فيلم "انى لااكذب ولكنى اتجمل" لزوج احمد زكى لاثار الحكيم فى مشهد مؤثر فى نهايه الفيلم مع ظهور بعض الراقصات من وسط الترب والمقابر للرقص واللعلعه فى تابلوه الفيناله الراقص

واذا كان قرار الاعدام قد صدر بحق الفيلم المصرى فان وسيله التنفيذ كانت هى الخازوق الذى تم وضع المتفرج عليه ليكون الاعدام بطيئا وعلى مراحل مع ظهور بعض الافلام المتميزه بين الحين والاخر لاعطاء الامل للمتفرج فى انه لازال بالامكان تقديم افلام تقول شيئا ثم سحب هذا الامل منه مره بعد اخرى

ولان المتفرج المصرى فهم اللعبه واشتد عليه الالم فانه قرر ان يرد الصاع صاعين لصناع الفيلم المصرى فقرر ان يضعهم هم على الخازوق واستدرجهم اليه ليجد العاملين فى مجال السينما رسالتهم وقد تم خزقها عندما اوهمهم المشاهد انه لن يعيش لهم افلام الا لو سميت باسماء خنبشاويه وناقشت مواضيع اقحوانيه غارقه فى التفاهه والسطحيه على ان تكتظ بالكوميديا الشبابيه والتعبيرات الزرايبيه والمواقف المفتعله التحشيشيه لتصبح اعلى الايرادات من نصيب افلام قعدات النكت وضرب البانجو والالفاظ الدخيله على مجتمعاتنا

وعليه فقد اصبح الفيلم القادر على تحقيق دخل اكبر من التلاته اربعه مليون اهيف هو الفيلم الذى نجح فى ان يكون هو الاهيف, بينما صناع السينما لايعون ان المشاهد وضعهم فوق الخازوق وانتقم منهم بان جعلهم لايحترمون انفسهم ولايقدرون رسالتهم ولا يحسون بتدلى وارتكاس مهنتهم بل ويتهربون من اى جلسه مكاشفه او مصارحه فى داخل نفس كل واحد منهم حتى لاينكشف المستور وتتعرى سوئاتهم امام اعينهم

ولكن المشاهد المصرى فوجئ بان صناع السينما لايتالمون وهم جالسون فوق الخازوق بل ويرددون مقوله ان المشاهد لايريد النزول من على الخازوق الذى تم وضعه عليه وانه هو الذى يفضل ذلك وانه تعود على خازوق افلام الهيافه والتفاهه واتكيف منها, وعندها اكتشف المتفرج المصرى ان اغلب صناع السينما فى مصر فقدوا الاحساس لدرجه انهم لايشعرون بانهم هم الذين فوق الخازوق فتملكته رغبه عارمه فى ايقاع المهانه والعذاب فى من كان يعمل فى مجال السينما ولازال عنده احساس وقرر ان يضم السينمائيين الجادين الى القائمه ليجلس الجميع فوق الخازوق ويتلذذ هو ايضا بموتهم البطيئ وبعذابهم الذى يعتصرهم عندما يسمعون كيف ان الجمهور لم يفهم "البحث عن سيد مرزوق" ولم يع ماوراء افلام يوسف شاهين وكيف سقط فيلم "الدرجه الثالثه" سقوطا مروعا القى بسعاد حسنى فى دوامه الاكتئاب التى قضت على حياتها وهى ترى الفشل الذريع لاحد روائع السينما الرمزيه التى وضعت واقعنا الاجتماعى والسياسى على منضده التشريح من خلال الاسقاط باستخدام عالم

كره القدم لتقتنع فى ياس واحباط بان الكل قد اصبح فوق الخازوق ولكن الفرق الوحيد هو انها احست بالخازوق خلاف من تعود التمتع بالجلوس عليه

[ragab2]

موضوع شيق يا أخ ديس أبوينت

للأسف الجمهور يبحث الآن عن الفيلم البسيط السهل

والمطعم بالرقص والطبل والفرفشة والاستعراضات

وخاصة أن غالبية الأسر المصرية تدخل السينما مع أطفالها للترويح عن النفس

وللفانتازيا المطلقة