اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

من هنا فقط يبدأ طريق الاصلاح


ياسر أحمد

Recommended Posts

من هنا فقط يبدأ طريق الاصلاح

" عقد وطنى على نظام مصرى متفرد هو ما نحتاج جميعا أن نوقع عليه اذا كنا نريد أن نعبر أزماتنا بسلام وبدون صراعات داخلية بين الأيديولوجيات..هذه هى أولوية الاصلاح الأولى "

بعد أن صار حديث الاصلاح هو حديث الصباح و المساء (مع الاعتذار لكاتبنا الكبير الأستاذ نجيب محفوظ)..آن لنا أن نتساءل جميعا:

أى اصلاح يراد بهذا الوطن ؟

هل هو الاصلاح على طريقة الحزب الحاكم أم هو الاصلاح حسب الأجندة الأمريكية أم اصلاح الاسلاميين أم اصلاح الليبراليين و العلمانيين أم اصلاح اليساريين أم اصلاح الناصريين...أم.....أم....أم.....؟ ليس ذلك فحسب..بل أن كل جماعة من تلك الجماعات السياسية تعانى من انقسامات داخلية فى كم و كيف الاصلاح المطلوب. الكل يريد الاصلاح و يسعى اليه...وطالما أننا لم نتطرق الى التفاصيل فكل يغنى على ليلاه و على هواه و على الوتيرة التى فى خاطره..

لقد أثقلت تركة الوطن كاهل الجميع و أدى التدهور المتسارع على كافة الأصعدة الى رغبة عارمة فى التغيير و السلام..و صارت كلمة ( الاصلاح ) هى المفتاح السحرى الذى يفتش عنه الجميع لفتح باب الخلاص و الخروج من مستنقع الفساد و التخلف و الكبت الى رحاب التقدم و الحرية و الرخاء...

لنسرح بخيالنا قليلا...و لنتصور معا أن التغيير قد تم و أن مطالب القوى السياسية فى مصر قد تحققت الواحد تلو الآخر: الغاء قانون الطوارىء – تعديل الدستور – ارساء قواعد الديموقراطية – تداول السلطة – استقلال القضاء – نزاهة العملية الانتخابية....و ماذا بعد ؟ ما هى ضمانات استمرار هذه المكاسب ؟ ما الذى يضمن ألا يصل الى الحكم من يقوضها أو يسلبها من جديد ؟ كيف نطالب بتعديلات للدستور اذا كان الدستور الحالى مجرد حبر على ورق ( على الأقل فى السبعة عشر مادة الأولى منه ) ؟ و كيف نطالب بالغاء قوانين و وضع قوانين اذا كانت سيادة القانون فى مصر قد اختفت و ولت منذ أمد بعيد ؟ من يتداول السلطة و القوى الموجودة على الساحة اما مهمشة أو محظورة أو معدومة الفكر أو محدودة الحركة أو غائبة عن الشارع بشكل أو بآخر ؟ كيف لشعب يفتقر الى درجة معقولة من الوعى السياسى أن يستوعب برامج الأحزاب المختلفة و يختار بينها ؟ و كيف لنا أن نضمن ألا يبيع المواطن صوته برشوة انتخابية ؟ بل كيف يكون الحال اذا وصل للحكم ليبراليون يسعون لالغاء هوية مصر الاسلامية ثم انتزع منهم الحكم بعد خمس سنوات اسلاميون ليبثوا الروح فى تلك الهوية مرة أخرى و هكذا..؟ كيف يكون الحال اذا وصل للحكم اليوم من يؤكد على عروبة مصر و يسعى الى تثبيتها ثم وصل الى الحكم غدا من ينكر هذه العروبة و يسعى الى استئصالها ؟

غياب النظام و انسحاب الدولة

ان الناظر الى أحوال مصر يدرك بسهولة أن غياب النظام أو ما يعرف باسم ال (system ) فى اللغة الانجليزية هو أساس البلاء و المصدر الرئيسى لكل مشاكلنا..هذا الغياب غيب بالتبعية هوية مصر و دورها الاقليمى دوليا و محى الوجود الفعلى للحكومة داخليا..فتحللت سيادة القانون و انسحبت الدولة من كل الأدوار المنوطة بها..فحلت الحلول الفردية من جانب المواطنين محلها..و صارت أدوات الفرد من نفوذ و مال و جاه هى القانون الفعلى الذى يحكم الشارع المصرى..و ما نراه حولنا من بلطجة و استيلاء على الحقوق و انتشار ظواهر مثل: الأحياء العشوائية و الدروس الخصوصية و هجرة العقول و جرائم العنف و النهب و السلب ليس الا ترجمة فعلية لهذا الغياب.

ان الناظر الى القوى السياسية الموجودة على الساحة حاليا يجدها تتصرف و كأن مصر دولة من دول الغرب المتقدم..الحكومة تفترض أن دورها الوحيد هو تحسين الأحوال الاقتصادية ( و ياليتها تؤدى هذا الدور على ما يرام )..و المعارضة تطالب بشكل و مضمون للواقع السياسى مماثل للدول الديموقراطية..و نحن بهذا أشبه بمن يريد أن يقفز الى مشهد النهاية السعيدة فى أحد الأفلام دون أن يؤرق نفسه بمعاناة الأبطال على مدار الفيلم.

الحقيقة أيها السادة أن الدول الغربية التى تريدون محاكاتها لم تصل الى هذا الواقع السياسى المعاصر الا بعد حروب و صراعات و نزالات تمخضت عن نظام و هوية...و ذلك النظام و تلك الهوية كبصمات الأصابع..تختلف و لو فى بعض التفاصيل الدقيقة من دولة لأخرى و ان بدت متطابقة للوهلة الأولى..لقد اتفق كل شعب من هذه الشعوب على هوية له و على معايير محددة للسياسة الخارجية و على نظم للحكم و أساليب للحياة على المستوى الداخلى..ثم جاءت بعد ذلك الدساتير و القوانين لتؤصل هذه الاتفاقات القاعدية..و لم يعد هناك عندئذ ما يختلف عليه الناس الا البرامج السياسية و الاقتصادية للأحزاب و تطوير القوانين و تعديلها بشكل محدود لتتناسب مع كل مرحلة جديدة..و هو ما نريد ان نصل اليه فى حالتنا الحاضرة بدون أية اتفاقات قاعدية تؤسس المجتمع المدنى.

لا يمكن لنا فى ظل هذا الصخب السياسى..ما بين داعين لليبرالية و علمانية كاملة و داعين لتطبيق الشريعة الاسلامية..ما بين رافضين لهوية مصر الاسلامية و داعين لتأصيلها..ما بين هاتفين لوجه مصر العربى و رافعين لشعار: مصر أولا..و لا يمكن لنا فى ظل هذه الفوضى التى غيبت الدولة عن الشارع المصرى أن نكتفى برفاهية التحسينات الاقتصادية و التعديلات الدستورية..قفزا على كل دروس التاريخ و ثوابت المنطق و أصول السياسة.

نظام يصدر من حكماء الأمة و يوافق عليه عوام الأمة

أنا ليس لدى أى اعتراض على مطالبات القوى السياسية الحالية و ممارساتها..على العكس فهى مطالبات ضرورية جدا و عاجلة أيضا..و لكن يجب أن يكون ال (system ) أو النظام هو الأولوية الأولى للاصلاح..على أن تأتى بقية المطالبات فى اطاره و بالتبعية له. يجب أن يكون هذا النظام أولوية تقدم مصالح الوطن على مصالح الأفراد..يخضع الجميع له رغما عنهم..و لا يتغير بتغير الأشخاص حكاما و محكومين..

و لكى يمتلك النظام هذه القوة لابد و أن يصدر من حكماء الأمة و ينبغى أن يوافق عليه عوام الأمة..يجب أن نتفق جميعا..هل مصر اسلامية أم علمانية ؟ هل يوجد لمصر انتماء عربى أم أن شعار: مصر أولا هو خيار الشعب المصرى ؟ هل هناك معايير أخلاقية لسياسة الدولة..خصوصا فى مجال السياسة الخارجية أم أن المصلحة و الأمن القومى هما المعياران الوحيدان لصنع القرار ؟ هل نستطيع أن نمنح منظمات المجتمع المدنى القوة الكافية لحماية المواطنين من البطش و الاستغلال أم أن هناك دول داخل الدولة و جهات فوق القانون و أشخاص فوق المحاسبة ؟ ما هو الشكل المناسب و المضمون المتفرد للديموقراطية المصرية ؟ ما هى الآليات التى تضمن وضع الدستور موضع التطبيق و دعم سيادة القانون بدون أن تكون هناك ذرة شك فى ايقاف تنفيذها بيد فلان أو علان ؟ الى آخر سلسلة طويلة من التساؤلات التى تجنبت الحكومات المتعاقبة فى مصر الاجابة عليها عامدة متعمدة..ارضاءا لجميع الأطراف و حتى لا تغضب قوة أو أخرى..سواء داخليا أو خارجيا..لا يا سادة..ان سياسة المشى على الحبل او الرقص على السلم لم تعد لتجدى لأنها أسفرت عن حالة: السمك – لبن – تمر هندى التى نعيشها حاليا و التى فجرت بدورها كل تلك القنابل فى قلب المجتمع المصرى..فسلبته حيويته و تكامله و قدرته الذاتية على حل مشاكله و تصحيح أخطائه.

العقد الوطنى المصرى

عقد وطنى على نظام مصرى متفرد هو ما نحتاج جميعا أن نوقع عليه اذا كنا نريد أن نعبر أزماتنا بسلام و بدون صراعات داخلية بين الأيديولوجيات..هذه هى أولوية الاصلاح الأولى..و حول هذا العقد و شخصيته نستطيع ان ننسج دستورنا و قوانيننا بدون خوف من المستقبل أو عليه..فبهذه الطريقة و بهذه الطريقة فقط..نضمن أن يكون كل فرد فى المجتمع بمن فيهم الحاكم و الحكومة مجرد تروس فى آلة العمل الوطنى..لا تملك الا الدوران فى اطار ارادة الشعب حتى لا يلفظها النظام..و ساعتها لن يفشل رئيس وزراء مصر فى الاجابة على أسئلة سهلة يستطيع أن يجيب عليها بدون تردد طالب ابتدائى فى بلاد ليس للعشوائية فيها متنفس..........

و...........................و..........................و.........................تصبحون على اصلاح.

تم تعديل بواسطة ياسر أحمد
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...