اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

وطنى معى - شعر خميس - المركز الفلسطينى للأعلام


katkoot

Recommended Posts

وطني معي . !

شعر :  خميس

 

شتان ما بيني وبينك يا رفيــقْ .!

ضدان نحن على المدى ،

في واحدٍ يتصارعانِ ،

وهذه رغباتك الدنيا تفرق بيننا ،

وتظل نفسُك دائماً ،

أمَّارةً بالسوء تتبعها إلى ما لا نهايةَ ،

أيها العبد الرقيــــقْ .!

ما زلتَ تحلم ،

أن تكون " الدونجوفاني " في زمانكِ  ،

أن تمثل دور نجم الفيلم أو ،

شخصيةَ البطل العشيـــقْ .!

ما زلت تهوى عالم الأزياءِ ،

تلبس آخر الموضات في الدنيا ،

كأنك في مسابقةٍ ،

يفوز بكأسها الرجلُ الأنيـــــقْ .

ما زال وقتك ضائعاً وموزعاً ،

بين المسلسل والمباراة التي سيخوضها

أو خاضها ذاك الفريـــقْ .

ما زلتَ تزعجني برغبتك الشديدة والملحةِ ،

للقيام بكل شيء ليس من طبعي  ،

ولا هو بالذي مثلي يليــــــقْ .

ما زلتَ أنت كما عهدتكَ ،

منذ أن ولدتك أمك لا ترى ،

من هذه الدنيا سوى لمعانها ،

وبريقها الفتان والمغري ،

ويفتنك البريـــــقْ .

شتان ما بيني وبينك يا رفيـــقْ .!

في كل شيءٍ ، نحن مختلفان تقريباً

أرى ما لا تراه وقد ترى ما لا أراه أنا ،

وفيما بيننا وادٍ سحيـــقْ .

هل يستوي من يطفئ النيرانَ عن بُعدٍ ،

ومن هو مكتوٍ بلهيبها ،

ومحاصرٌ وسط الحريـــقْ .!؟

هل يستوي من يلعب الشطرنجَ ،

فوق شواطئ البحر الجميلة والغريــقْ .؟!

هل تلتقي المتوازياتُ ، ولو مددناها ،

بمنتصف الطريـــقْ .؟

كلاَّ .. !

ولا يتشابه الصقران هذا بيته قفصٌ ،

وذلك في السما حرٌ طليــــقْ .

شتان ما بيني وبينك يا رفيــقْ .!

فأنا هنا ..

ما زلتُ مسكوناً بروح الأمسِ ،

أبحث عن مكاني فوق سطح الأرضِ ،

فوق الشمسِ ،

ما زالت يد الماضي تسيِّرني ،

وتحكم كل أفعالي  ،

وأقوالي ولو بالهمسِ ،

حتى ما أحب ولا أحبُّ ،

وما أطيق ولا أطيـــقْ .  

ما زلت أذكر يوم مات أبي ،

على أيدي اليهودِ ،

وكيف عشت طفولتي ،

أيامَ كان الناس في فقرٍ ،

وفي عوزٍ وضيــــقْ .

ما زلت أذكر أنني

في ذات يومٍ جُبت قريتنا ،

لأبحث عن رغيفٍ زائدٍ ،

أو ما تيسَّر من دقيــــقْ .

ما زلت أذكر كم مشيتُ ،

على شواطئ بحر غزةَ ،

حافيَ القدمينِ ،

أنظر علَّ صياداً مضى مستعجلاً ،

ومخلفاً بعضاً من الأسماك آخذها لوالدتي ،

فتربت حين آتيها على كتفيَّ تعبيراً ،

عن الشكر العميـــــقْ .

ما زلت أذكر كل شيء جيداً ،

وأرى بعين الطفلِ مأساتي التي ،

قد لا يراها المجهر العصريُّ ،

بالشكل الدقيــقْ.

ما زلتُ مسكونا بروح الأمس ،

أكتب قصتي شعراً  ،

كطفلٍ عاش عنف الاحتلالِ ،

وما كتبت قصيدةً متغزلاً

بعيون إمرأةٍ ،

ولا بقوامها الغض الرشيــقْ .

أواه .. يا شعبي العريـــقْ .!

لو كانت الأشعار تفعل فعلها في الأرضِ ،

كنتُ جعلتها ناراً على المحتلِّ  ،

تأكله وتحرق جلدهُ ،

وتسومه سوء العذابِ ملوَّناً ،

وبه تحيـــــــقْ .

لو كانت الأشعار تفعل فعلها في الناسِ ،

كنتُ نثرتها ،

في الشارع العربي حتى يستفيــقْ .

شتان ما بيني وبينك يا رفيــقْ .!

في كل ثانية وكل دقيقةٍ ،

وطني معي ..!

ومع الزفير إذا زفرتُ ،

وإنْ شهقتُ مع الشهيــــقْ .

وطني .. هواياتي وأحلامي ،

وموضوع انفعالاتي ،

ومبعث فرحتي وتعاستي ،

وصديقيَ الغالي ،

وأكثر من صديــــقْ .

وطني هو الدنيا

ونافذتي على الأشياء من حولي ،

وسرُّ علاقتي بالكونِ ،

والزهرُ الذي منه الشذا الفواحُ ،

يعبق مالئاً قصبات صدري ،

والرحيـــــــقْ .

وطني .. هواىَ وأغنياتي الرائعاتُ ،

وما قرأت وما سأقرأُ ،

ما كتبت وما سأكتبه غداً ،

من أعذب الكلمات والشعر الرقيـــقْ .

وطني هو البيت الذي ،

أهفو إلى أركانه ،

وأظل أدعو أن يطيل الله في عمري ،

وألقاه بخيرٍ ،

كي أصلي ركعتينِ على ثراهُ ،

مسبِّحاً ومكبِّراً ،

وكأنه " البيت العتيــــقْ " .!

وطني أمامي .. حيثما وليت وجهي دائماً ،

فانظرْ أمامكَ ..!

لن ترى إلا سراباً يا رفيــــــقْ .!

" الذينَ قال لهُم الناسُ    إن الناَس قد جَمَعُوا لكم فاخشَوهُم   فزادَهُم إيمـاناً وقالو حسبُنا الله ونِعم الوَكيل"

173 - آل عمـران

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...