مقارنة بين الماكينة ونظام الحكم رؤية فييدباكية

[محمد علي عامر]

مقارنة بين الماكينة ونظام الحكم رؤية فييدباكية

يعرف كل دارس للهندسة أن معظم الماكينات تشترك في خاصية معينة و هي أن بها نوع من "التغذية الإرتجاعية " أو ما يسمي بال FEEDBACK. ويمكن تلخيص هذا المبدأ بوجود 3 أعضاء في الماكينة

عضو للقياس أو جمع المعلومات

عضو متخذ للقرار

عضو منفذ "للأوامر أو القرارات"

ولابد من عمل هذه الأعضاء معا بطريقة صحيحة ومتناسقة من أجل هدف مشترك حتي تعمل الماكينة بشكل صحيح و إذا حدث وأخل عضو بوظيفته فمن الممكن أن يتسبب ذلك في كارثة.

ولتوضيح هذا الكلام العام ممكن أن نأخذ الطائرة كمثال:

فالطائرة بها أجهزة لقياس السرعة والإرتفاع والإتجاه وأجهزة لقياس الضغط و نسبة الأوكسجين وخلافه وهذه هي أعضاء جمع المعلومات.

ترسل هذه المعلومات إلي عضو آخر وهو الذي يتخد و بناءً عليها قرارا عما إذا كان الإتجاه أو الإرتفاع مثلا صحيحا أم يجب التدخل لتغيير هذه القيم. وعادة ما يكون هذا العضو المتخذ للقرار(في الطائرات الحديثة) ميكرو كمبيوتر أو نوع من أنواع REGULATOR , أو قائد الطائرة نفسه في الطائرات القديمة.

في حالة ما إذا كان هناك حاجة لتغيير الإتجاه مثلا فإن العضو متخذ القرار يرسل إشارة للأعضاء التنفيذية والتي هي في هذه الحالة الجناح أو الذيل – أو بالأصح الأجزاء الموجهة فيهما- فيتغير الإرتفاع أو زاوية الإتجاه.

ونفترض هنا أن المعلومات التي جمعها العضو الأول كانت غير صحيحة أي أنها أرسلت معلومات تفيد بأن الطائرة علي إرتفاع 5 كيلومتر بينما هي في الواقع علي إرتفاع 15 متر أو أن الأجهزة أخبرت الطيار بأن الجو في المنطقة بديع و الدنيا ربيع ثم ما يلبث أن يجد نفسه وسط عاصفة رعدية --- أضرب فرامل يا جدع. :mellow: :blink:

أو أن الجناح عصلج بسبب عطل هيدروليكي مثلا (طيارة مهيضة الجناح يعني) و لم ينفذ الأمر المرسل إليه , ما ذا سيكون الحال؟؟

كذلك الحال بالنسبة للباخرة أو السيارة أو غيرها من الماكينات.

هناك أيضا " أنظمة " غير تقنية بها أنواع كثيرة من الفييدباك مثل الشركات و جسم الإنسان وحتي الحياة الزوجية.

فالشركة مثلا بها أقسام لتحليل حركة السوق ومراقبة المنافسين و البحث عن تقنيات جديدة يمكن إستخدامها في نشاط الشركة وهذه وظيفة عضو جمع المعلومات

ثم هناك القسم متخد القرار و هو مجلس إدارة الشركة و ربما مالكي الأسهم.

و الأعضاء المنفذون هم الموظفون و المهندسون والبائعون و السائقون إلي آخره

وأيضا هنا يشترط أن يعمل الجميع بشكل متناسق في سبيل هدف واحد ألا وهو زيادة أرباح الشركة , و إلاااااا ...

الحياة الزوجية أيضا بها نوع من الفييدباك يمكن أن تمثل فيها العين والأذن مثلا أعضاء جمع المعلومات ( أو أعضاء القيل والقال و النميمة) تزود الزوج بمعلومات عن مزاج سعادة الزوجة :blink: هل هي راضية أم أنها تدبر للقيام بإنقلاب عسكري تكون نتيجته جرجرة الزوج في المحاكم بتهمة " الخيانة العظمي".

و طبعا يكون العضو متخذ القرار هو عقل الزوج المسكين ( أو ما تبقي منه) والذي يصدر القرار علي الفور للأعضاء منفذة القرار والتي هي في هذه الحالة اليد والجيب , فتندس اليد في الجيب لتفرغ ما فيه ليتحول بقدرة قادر إلي هدية للزوجة( صاحبة كل القرارات) .

بعد هذا المثال الكوميدي نأتي إلي بيت القصيد و هو تطبيق هذا المبدأ علي أس البلاء في بلادنا و هي الدولة الموقرة.

فالدولة أيضا بها أجهزة لجمع المعلومات عن الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والتعليمية وحتي المخابراتية سواء داخل البلاد أو خارجها.

و بها العضو متخذ القرار و هو في بلادنا السيد الرئيس المفدي

ثم هناك الأعضاء المنفذة و هم الوزراء و موظفو الدولة والجيش.

و بالطبع لابد من أن تعمل هذه الأجزاء بصورة صحيحة و متناسقة من أجل هدف واحد ألا وهو رفع شأن الوطن والمواطن. فإذا إختل عمل أحد هذه الأعضاء إختلت النتيجة أيضا.

فمثلا و كما هو حاصل عندما يكون هم أجهزة جمع المعلومات هي إسماع السيد الرئيس ما يريد أن يسمعه بغض النظر عن صحة هذه المعلومات - فيصبح كل ما يسمعه سيادته هو كله تمام يا أفندم الشعب عايش مية مية و بيحبك إلي آخر ما نعرفه جميعا ولا داعي للتكرار- فيصبح هناك خلل كبير في جزء هام و أساسي من أجهزة " الماكينة".

و عندما يكون هم السيد الرئيس و هو العضو متخذ القرار كيف أستفيد أنا و أسرتي من موقعي كرئيس و كيف أجعل الحكم في أسرتي إلي الأبد و كيف أنهب ثروات البلاد عن طريق التحالف مع أعداء الوطن فيكون هناك خلل أكبر في جزء أهم من أجزاء" الماكينة ".

و بسبب تعطل العضوان الأول والثاني فليس غريبا أن يتعطل العضو الثالث من أعضاء الماكينة ألا وهو العضو المنفذ الذي غلبت عليه الرشوة والفساد والكسل و بذلك تكون الماكينة قد تعطلت تماما وتنطبق عليها أغنية فيروز:

ها السيارة مش عم تمشي ***** بدها حدا يدفشها دفشة

بيحكوا عن ورشة تصليح ***** و ما عرفنا وين هي الورشة