خواطــــــــــر عن مصر ... و المصرييــن

[shawshank]

1. سألت نفسي كم أحتاج من المال لأحيا في مصر حياة آدمية ؟ وجدتني أفكر في أموال تكفي لرصف الطرق التي أمر بها و إيجاد أماكن للمشاة ، و توصيل كهرباء لا تنقطع و لا تتغير شدة تيارها باستمرار بما يحرق الأجهزة في منزلي ، و تحسين شبكة الصرف الصحي التي أستخدمها ، و تحسين جودة مياه الشرب التي أشربها ، و رفع مستوى التعليم في المدارس التي يذهب إليها أبنائي ثم في الجامعات التي سيدخلونها ، و تحسين النظام الصحي الذي أستخدمه برفع دخل الأطباء و تحسين المستشفيات ... الخ . وجدتني أحتاج ما يكفي لبناء دولة لأستطيع أن أحيا حياة آدمية في مصر ... دور كان على الدولة القيام به !
   
2. اقترح بعضهم أن يتعاون القادرن في تزويج الشباب الغير قادر . و فكرت أن ذلك و ما شابهه – على ما فيه من حسن النوايا و الثواب من عند الله عز و جل – يحمل في طياته مساعدة النظام الحاكم الفاسد . إذ يقول لسان حال هؤلاء القادرين: "يأيها المفسدون ، فلتسرقوا ما شئتم من أموال الشعب الفقير ، سنتكفل بـ (ترقيع) ما نتج عن فسادكم في طبقات المجتمع الدنيا ، لتكون الصورة في النهاية و كأنكم لم تسرقوا شيئا" .
   
3. أسير في الشارع فأرى السيارات الفارهة (موديل) نفس العام ، و أرى الفيلات ، و أرى من يلبسون أفخر الثياب ، و أتساءل : فكيف إذن نحن شعب فقير ؟ و أعود و أتساءل : لكن حقا كم نسبة هؤلاء ؟!
   
4. هل المصريون حقا من أتعس الشعوب ؟ إن المصري له مطلق الحرية في أن يعبر الشارع حيثما أراد ، فلا تَقيّد بخطوط بيضاء أو خلافه . و له مطلق الحرية (يركن) سيارته حيثما أراد ، فلا تَقيّد بأماكن انتظار محددة أو (جاراجات) مدفوعة الثمن . و له مطلق الحرية يقف حيثما أراد على شباك التذاكر ، الخزينة ... الخ ، فلا تَقيّد بطابور يعطله . و له مطلق الحرية يلقي قمامته حيثما أراد ، فلا تَقيّد بسلة مهملات ، و غيرها كثير . فهو إذن لا يعاني ما تعاني منه شعوب أخرى من تكبد مشقة السير حتى الخطرط البيضاء لعبور الشارع ، أو تكبد (ركن) السيارة في أماكن الانتظار المخصصة و دفع رسوم ذلك ، أو تكبد الانتظار في طابور طويل حتى يحين الدور عليه ، أو تكبد مشقة الذهاب لسلة المهملات لإلقاء القمامة بها . لكني أعود فأقول : و هو كذلك يعاني من حوادث الطرق ، و فوضى (ركن) السيارات ، و الانتظار أمام شبابيك الخدمات ، و عدم النظافة في كل مكان . فهل تراها معادلة متزنة ؟
   
5. تأملت حالنا – المصريين – و وجدت أن ما يفعله فينا النظام الحاكم يفيض كثيرا و لا نحرك ساكنا بموقف ثابت فعال . و ذاك كما عرفه أحد الأخوة بـ : Adaptability . و تذكرت تلك النكتة المُضحكة المُبكية :
   سأل مبارك نظيف : ايه رأي الشعب فيّ ؟
   نظيف : قرفانين و بيشتموا .
   مبارك : طيب أنا عايز أعمل حاجة تخلي الشعب يحبني .
   نظيف : خير يا ريس .
   مبارك : اعملوا مشكلة في البلد و الناس تقرف زيادة ، آجي أنا أحل المشكلة فالناس تحبني .
   نظيف : وايه هي المشكلة يا ريس ؟
   مبارك : قلل المرتبات للنص .
   قام نظيف مقلل المرتبات للنص . الناس في الأول اتضايقت لكن بعد كده قالوا : حسبى الله و نعم الوكيل . و عاشوا حياتهم و تكيفوا مع الوضع الجديد .
   مبارك : هيه ... ايه الأخبار يا نظيف ؟ الشعب عامل ايه ؟
   نظيف : مفيش يا فندم ، اتضايقوا في الأول لكن بعد كده عادي .
   مبارك : طيب زوّد الأسعار .
   نظيف زوّد الأسعار . الناس في الأول اتضايقت لكن بعد كده قالوا : حسبى الله و نعم الوكيل ، يعني المرتبات تقل للنص و كمان الأسعار تزيد ! و عاشوا حياتهم و تكيفوا مع الوضع الجديد .
   مبارك : هيه ... ايه الأخبار يا نظيف ؟ الشعب عامل ايه ؟
   نظيف : مفيش يا فندم ، اتضايقوا في الأول لكن بعد كده عادي .
   مبارك : طيب بص ، حط قدام كل كوبري واحد ياخد من كل عربية طالعة الكبري 10 جنيه .
   نظيف عمل كده . الناس في الأول اتضايقت لكن بعد كده قالوا : حسبى الله و نعم الوكيل ، كمان رسوم على عبور الكباري ! و عاشوا حياتهم و تكيفوا مع الوضع الجديد .
   مبارك : هيه ... ايه الأخبار يا نظيف ؟ الشعب عامل ايه ؟
   نظيف : مفيش يا فندم ، اتضايقوا في الأول لكن بعد كده عادي .
   مبارك : طيب بص ، حط عند آخر كل كوبري واحد ياخد من كل واحد 10 جنيه و يضربه قفا !
   نظيف عمل كده .
   مبارك نزل البلد بقه يشوف بنفسه اللي بيحصل . فلقى زيطة جامدة عند آخر الكوبري و زحمة و عربيات كتير و واحد عمال يزعق و يقول : مش معقول بقه اللي بيحصل ده . ده حرام و الله . ايه البلد دي ، فين الريس . ايه الظلم ده .
   مبارك قرب منه و سأله : خير يابني فيه ايه ؟
   رد قال له: مش معقول اللي بيحصل ده يا ريس . مش توقفوا ناس كتير تضرب بالقفا عشان نمشي بسرعة ؟!