اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مهمة صعبة لوفد الجامعة


Recommended Posts

مهمة صعبة لوفد الجامعة

بقلم : عبد الباري عطوان

يواجه وفد الجامعة العربية الذي يتواجد حالياً في واشنطن مهمة صعبة للغاية من حيث قدرته علي اقناع الدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي بادخال تعديلات علي مشروع القرار الفرنسي ـ الامريكي تلبي المطالب العربية في الدعوة الي انسحاب اسرائيلي كامل من جنوب لبنان وتبادل الأسري وعودة مزارع شبعا الي السيادة اللبنانية.

مصدر الصعوبة يتلخص في عدة امور رئيسية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

اولا: الوفد الذي يترأسه الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسي، ويضم وزيري خارجية قطر باعتبارها عضوا في مجلس الامن، والامارات العربية المتحدة رئيسة الدورة الحالية لمجلس الجامعة. هذا الوفد كان من الممكن ان يكون اكثر قوة وأشمل تمثيلاً لو انه ضم وزيري خارجية مصر، الاكبر من حيث عدد السكان، والمملكة العربية السعودية، الاغني والأكثر نفوذا والاقوي تحالفا مع الولايات المتحدة.

ويبدو ان غياب وزيري خارجية مصر والسعودية عن الوفد هو تأكيد اضافي بأن حكومتي البلدين غير جادتين في بذل جهود حقيقية لوقف اطلاق النار، وان التهم الموجهة اليهما بتقديم غطاء عربي للعدوان الاسرائيلي علي لبنان تنطوي علي بعض الصحة.

ثانيا: لا يملك الوفد دعما عمليا حقيقيا من الدول الاعضاء في الجامعة في حال فشله في تعديل القرار الاممي المتوقع، مثل التلويح بالمقاطعة الاقتصادية، او استخدام سلاح النفط ولو بشكل جزئي، او تجميد معاهدات السلام وكل ما تفرع عنها من علاقات دبلوماسية.

ثالثا: لا توجد رؤية سياسية عربية ينطلق منها، ويعبر عنها، التحرك الدبلوماسي العربي الحالي سواء في الامم المتحدة او غيرها. وغياب هذه الرؤية يجعل من مثل هذا التحرك عديم الفائدة، او غير مثمر.

نشرح اكثر ونقول ان النظام الرسمي العربي، وعلي مدي السنوات الثلاثين الماضية، لا يملك مشروعا سياسيا مستقبليا، يشكل عمودا فقريا لرؤيته تجاه قضايا المنطقة، والشكل الذي ينبغي ان تكون عليه. وحتي مشروع السلام الذي تعربشت به بعض الدول العربية، كان محاولة هروب، ودليل ضعف وجفاف في الافكار وبالتالي في التحرك.

فإذا أخذنا الدول الاقليمية الفاعلة في المنطقة، وهي اسرائيل وتركيا وايران، نجد ان كل دولة من هذه الدول تملك مشروعا مستقبليا يحدد رؤيتها لدورها، وتضع برامج خمسية وعشرية لتحقيقة بطريقة علمية مدروسة.

فالمشروع الاسرائيلي يتركز علي كيفية تحويل الدولة العبرية الي قوة اقليمية كبري مهيمنة في المنطقة، ترتكز الي اسلحة ردع نووية، وبنية اقتصادية صلبة، وتحالفات دولية مساندة. اما المشروع التركي فيسعي الي تكريس ديمقراطية تعددية توفر الارضية الملائمة لنمو اقتصادي، وقاعدة صناعية تؤهل البلاد للانضمام الي الاتحاد الاوروبي. بينما يطمح المشروع الايراني الي بناء قوة نووية ضخمة تملأ الفراغ الحالي في المنطقة، وتتحكم في الاحتياطات النفطية، وتعيد امجاد الامبراطورية الفارسية.

في المقابل نجد ان المشروع العربي غائب تماما. فلا توجد اي دولة عربية تتطلع لبناء قوة نووية او اقتصادية، او نموذج ديمقراطي، او قاعدة صناعية عسكرية او مدنية، رغم وجود مداخيل نفطية عالية تصل الي ستمئة مليار دولار سنويا.

المشروع العربي الحالي هو مشروع تحطيم وليس مشروع بناء ، تحطيم ما تريد الولايات المتحدة تحطيمه في المنطقة. فالدور العربي الرسمي لعب دورا اساسيا ومحوريا في تدمير العراق وتغيير نظامه ووصوله الي ما وصل اليه من حروب اهلية طائفية وتفكك اجتماعي وجغرافي واجتماعي. وها هو الآن، وبالادوات نفسها، والقيادات نفسها يستخدم هذا المشروع لتدمير المقاومتين الاسلاميتين في لبنان وفلسطين وبتحريض امريكي مباشر واسرائيلي غير مباشر. ولن يكون مفاجئاً اذا ما امتد الدور التحطيمي العربي في الأشهر المقبلة الي ايران، حيث تستعد الادارة الامريكية لحرب ضدها، علي غرار الحرب علي العراق.

فتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا الذي يعتبر احد ابرز الادوات التنفيذية لمشروع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، ومعظمهم من اليهود انصار اسرائيل، قال في خطاب القاه في كاليفورنيا الاسبوع الماضي ان الحرب المقبلة هي حرب تغيير القيم في منطقة الشرق الاوسط، وليست حربا لتغيير الانظمة فقط. واضاف بان هناك قوساً للتطرف يطل برأسه في المنطقة يجب ان يواجه بقوس من الاعتدال.

قوس التطرف هذا يضم ايران وسورية والمقاومات العربية والاسلامية في لبنان والعراق وفلسطين علاوة علي تنظيم القاعدة. وقوس الاعتدال الذي يجب ان يتصدي له، ويعمل علي تحطيمه يضم الدول العربية المعتدلة مثل مصر والسعودية والاردن، وهذا ما يفسر الحملات العربية الامريكية المشتركة ضد حركة حماس وحزب الله، فالاولي جري حصارها سياسيا واقتصاديا، وخطف قياداتها السياسية، وتصفية كوادرها الشابة، والثاني يواجه حاليا حربا تدميرية شرسة في لبنان لإنهاء وجوده.

خروج المقاومات العربية منتصرة في الحرب الحالية ربما يكون اقل كلفة من خروجها مهزومة، لان الهزيمة تعني الفوضي، او المزيد منها، والانخراط في اعمال ارهاب قد تتعدي الحدود الاقليمية، الي الفضاء الغربي الأوسع.

علينا ان نتصور تحالفا يضم حزب الله وحماس والقاعدة والمقاومة العربية، ينطلق في تنفيذ اعمال انتقامية مجنونة كرد علي المجازر التي ترتكبها الدولة العبرية باسم الغرب في لبنان وفلسطين.

الحكومات العربية قادرة، ان ارادت، علي تطويق الاخطار الحالية، ووضع حد للعربدة الاسرائيلية، من خلال استخدام بعض ما في يدها من اوراق قوة. وحتي لا نغرق في العموميات نشير الي حالة الارتباك التي سادت الاسواق المالية العالمية بسبب توقف امدادات نفط الاسكا ومقدارها 400 الف برميل يوميا اثر وجود تآكل في الانابيب، وهي الامدادات التي تشكل ما نسبته ثمانية في المئة من الاستهلاك الامريكي للطاقة.

توقف اربعمئة الف برميل ادي الي انخفاض الدولار والبورصات العالمية بحوالي خمسة في المئة، بسبب حال الارتباك التي سادت العالم. وعلينا ان نتصور لو ان دولة مثل المملكة العربية السعودية تنتج 11 مليون برميل يوميا خفضت نفطها بمعدل مليون برميل يوميا، واقدمت دول عربية اخري مثل الكويت والامارات والجزائر علي خطوات مماثلة كل حسب قدراته الانتاجية، وذلك للضغط علي الاقتصادات الغربية من اجل التوصل الي قرار اممي بوقف كامل لاطلاق النار يلبي الشروط والمطالب العربية!

نتمني لوفد الجامعة العربية النجاح في مهمته الصعبة في نيويورك، من حيث ادخال التعديلات المطلوبة، وان كنا نشك في ذلك، فعالم اليوم لا يفهم غير لغة القوة، وتبادل المصالح، اما الحديث الدبلوماسي المعسول فلم يعد علي اصحابه الا بخيبات الأمل.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...