اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مقال أعجبنى


م الغزالى

Recommended Posts

آن لزمان الضفادع أن يُولي

بقلم: فهمي هويدي

لا أستطيع أن افترض البراءة، ولا حتى الغباء، في أولئك الذين يصرون على التهوين من شأن الإنجاز الكبير الذي حققه حزب الله في مواجهته الباسلة للانقضاض “الإسرائيلي” على لبنان. ولان ذلك الإنجاز واضح لكل ذي عينين، فقد اقتنعت بأننا لسنا بازاء مشكلة قصر في النظر أو ضعف في البصر ولكننا بازاء أزمة ضمير وافتقاد للبصيرة.

(1)

الرسالة واضحة في قرار رئيس الأركان “الإسرائيلي” عزل الجنرال ادوي آدم قائد المنطقة الشمالية، الذي تخوض قواته المعركة ضد حزب الله، وهو ابن الجنرال يوكتئيل آدم الذي كان نائباً لرئيس الأركان، وقتل بنيران حزب الله، أثناء غزو لبنان في عام 1982.

القرار وصفته وسائل الإعلام “الإسرائيلية” بأنه “زلزال في الجيش”. وبثت إذاعة الجيش صباح يوم 9/8 تعليقاً عليه لمراسلها روني شيلدهاف، قال فيه إنه يعبر عن حجم الإحباط الذي يسود القيادة العسكرية والسياسية من تعثر المعركة في مواجهة حزب الله، وعجز الجيش عن حسمها. بعد مضي شهر على الحرب، رغم أن الرجل يعمل إلى جواره طاقم من الجنرالات وتحت إمرته أكثر من عشرة آلاف جندي، يواجهون عده مئات من مقاتلي حزب الله.

المفكر “الإسرائيلي” والكاتب الساخر يونتان شام اور كان أكثر صراحة في تقييمه للموقف، فقد نشرت له صحيفة “معاريف” في 2/8 مقالة قال فيها: “لقد خسرنا. ولم يعد مهماً إذا كان الجيش سيصل إلى نهر الليطاني أو أنهم سيأتون إلينا برأس نصر الله، فقد انتصروا وأصبحنا نحن الخاسرين”. ثم أضاف قائلاً: إن “المواجهة الحالية لن تقضي على المستقبل السياسي لحزب كاديما الذي يقوده اولمرت، ولكنها أيضاً ستلقي بظلالها على مستقبل المواجهات القادمة بين “إسرائيل” وحركات المقاومة العربية. ذلك بأن “إسرائيل” بعدما فقدت قوة الردع، سيصبح بمقدور أي جماعة من خصومها أن “تتغوط” علينا بأي عدد من الصواريخ يروق لها”.

في الوقت ذاته فان ثمة اتفاقاً بين المعلقين في “الدولة” العبرية على أن الزلزال سيشمل المستويين السياسي، فضلاً عن العسكري في “إسرائيل”. إذ يتحدث البعض عن تشكيل لجنة تحقيق في خيبة الجيش، قد تطيح رأس رئيس الأركان ذاته دان حالوتس لضعف أدائه، حيث يرجح أن توصي بعدم تعيين رئيس للأركان مثله قضى خبرته العسكرية في سلاح الجو. وقد تحدث الصحافيان افي زخاروف وعاموس هائيل عن انتقادات حادة في قيادة الجيش لطريقة إدارة الحرب. ونقلا عن بعض القادة في مقالة مشتركة نشرتها “هآرتس” في 2/8 انتقادهم لما أسموه “خطيئة الغرور” التي تصور معها مخططو الحرب انه بالإمكان القضاء على خطر صواريخ حزب الله بالغارات الجوية. في حين أشار أولئك القادة إلى الإهمال المتواصل لتدريبات وحدات الاحتياط ومعداتها، وتوقعوا أن يحدث التحقيق في ملابسات الحرب ومسارها صدمة كبرى في الجيش “الإسرائيلي”.

(2)

الصحافي يوئيل ماركوس نشرت له صحيفة “هآرتس” مقالة في 7/8 أشار فيها إلى أن التأييد الجارف من جانب الجمهور “الإسرائيلي” للحرب، يذكر بالنكتة المعروفة عن جمهور للأوبرا ظل يصفق طويلا للمغنية، حتى صاح واحد من الحاضرين قائلا: لن نسمح لك بالنزول عن المسرح حتى تتعلمي الغناء.

أضاف ماركوس المعروف بكتاباته اللاذعة أن الأغلبية أيدت الحكومة رغم أن ما بين 100 إلى 200 صاروخ تضرب “إسرائيل” يومياً من المطلة وحتى حيفا. وذلك كابوس لم نتوقعه حتى في أسوأ أحلامنا. وحذر من الأسئلة المحرجة التي سيطرحها الناس حول المكسب والخسارة في الحملة العسكرية.

مثل هذه التعليقات التي تعبر عن فقدان الثقة وخيبة الأمل باتت تحفل بها وسائل الإعلام “الإسرائيلي”. ففي صبيحة الخميس 2/8 قال معلق الإذاعة العبرية إن نجاح المقاومة في استهداف العمق “الإسرائيلي” بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على الحرب يمثل “فضيحة” للدولة وجيشها، وفي اليوم نفسه نشرت صحيفة “هآرتس” في افتتاحيتها تعليقاً على خطاب رئيس الوزراء ايهود اولمرت الذي قال فيه إن “إسرائيل” حققت في الحرب الحالية “إنجازات غير مسبوقة”. وفي التعليق ذكرت أن قادة “إسرائيل” يعتمدون لغة الخطابة، في حين أن حزب الله يعتمد لغة الفعل بالدرجة الأولى. وفي نفس العدد نشر المؤرخ والمفكر “الإسرائيلي” توم سيغف مقالة “مسكونة” بالمرارة تحدث فيها عن انعدام مصداقية قادة الجيش وترددهم، وعجزهم عن اقناع الجمهور بأنهم حققوا انجازاً في الحرب.

“هآرتس” نشرت ايضاً مقالة للمفكر والمؤرخ زئيف شترنهال قال فيها بصراحة: إن هذه الحرب هي “الأكثر فشلاً” التي تخوضها “الدولة” العبرية طوال تاريخها. وأضاف أنه بعد ثلاثة أسابيع تحدث اولمرت على نحو موغل في التفاؤل، في حين أنه هو وحكومته وجيشه تحولوا واصبحوا يخفضون من سقف الأهداف التي وضعوها للحرب. فبعد أن قالوا إنه يجب تحقيق هدفين رئيسيين هما: استعادة قوة “إسرائيل” الردعية في مواجهة العرب، وتصفية حزب الله نهائياً، وجدنا أن الهدفين تراجعا ليصبح هدف الحرب الرئيسي هو مجرد ابعاد مواقع حزب الله الأمامية عن الحدود الشمالية ل”إسرائيل”، ونشر قوات دولية على الحدود.

الجنرال زئيف شيف كبير المعلقين العسكريين في صحيفة “هآرتس” كتب مشيراً إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية وأركان الإدارة في واشنطن كانوا من أكثر المتحمسين لمواصلة “إسرائيل” للحرب حتى تنجح في اخضاع حزب الله واستسلامه. لكن الأداء العسكري “الإسرائيلي” خيّب آمال المسؤولين الأمريكيين، الذين استغربوا قدرة المقاومة اللبنانية على مواصلة حرب الاستنزاف ضد “الدولة” العبرية بعد مرور أربعة أسابيع على المعارك.

(3)

إضافة إلى الاعتراف بالهزيمة، وفقدان الثقة في أداء القوات المسلحة وقرارات الحكومة “الإسرائيلية”، فإن الصدمة أحدثت اهتزازات وأصداء أخرى، كان من بينها على سبيل المثال:

اتهام أمريكا بتوريط “إسرائيل”. هذه الفكرة ترددت في كتابات عدد من المحللين والخبراء. عبر عن ذلك تسفي بارئيل محرر الشؤون العربية في “هآرتس”، الذي قال صراحة إن واشنطن تحاول توريط “إسرائيل” في حرب دينية ضد العالمين العربي والإسلامي. وهذه الفكرة عبر عنها آخرون ممن حذروا من مغبة وقوع “إسرائيل” ضحية اغراء التأييد الأمريكي لها في الحرب. وكانت زهافا غلون رئيس كتلة حزب “ياحد” اليساري وعضو الكنيسيت قد وصفت التأييد الأمريكي بأنه “توريط في المستنقع اللبناني”. الموقف ذاته تبناه المؤرخ البارز توم سيغف الذي قال في مقالة نشرتها “هآرتس” ان للولايات المتحدة دوراً كبيراً في توريط “إسرائيل” في الحرب. وأعاد إلى الأذهان حقيقة أن الولايات المتحدة تنقصها الدراية الكافية بكيفية التعامل مع العالم العربي، بخلاف أوروبا. وقال إنه كان من الأفضل ل”إسرائيل” الدخول في مفاوضات لإطلاق الأسيرين. وللعلم فإن عدداً غير قليل من الساسة اليساريين في “إسرائيل” اعتبروا أن هذه حرب تشنها بلادهم بالوكالة عن الولايات المتحدة، وهي في النهاية لن تخدم “إسرائيل” ولا أمريكا، كما قالت زهافا غلون.

رسائل مغازلة سوريا: اجمعت التقارير الصحافية على أن “إسرائيل” منذ بداية الحرب حرصت على طمأنة سوريا إلى أن الحملة ضد حزب الله لن تشملها. ولكن اصواتاً “إسرائيلية” عدة ذهبت إلى ابعد، فدعت إلى إحياء المسار التفاوضي مع دمشق وعقد صفقة معها حول هضبة الجولان، بما يؤدي إلى عزلها عن حزب الله وايران. ومن أبرز الداعين إلى ذلك الجنرال اوري ساغيه رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق، الذي ترأس فريق المفاوضات مع سوريا على عهد رئيس الوزراء الأسبق باراك (عام 1999). وقد أعلن الرجل عن ذلك في تصريحات للإذاعة العبرية، دعا فيها حكومة تل أبيب لأن تكون مستعدة لدفع الثمن المناسب لإقناع سوريا بعقد الصفقة.

“أمل” بديلاً عن “حزب الله”: تحدث خبراء آخرون عن عزل حزب الله، عن طريق التعامل مع حركة أمل، واعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشيعة في لبنان. دعا إلى ذلك الدكتور يسحاك بيلي، المستشار السابق لوزارة الحرب لشؤون الشيعة، إذ حث تل أبيب وواشنطن على التعاون في جذب حركة أمل والتركيز على تمثيلها للشيعة في الجنوب بوجه أخص. وركز على أن ثمة فروقاً بين الحركتين، أبرزها أن حركة “امل” علمانية وذات قيادة معتدلة، في حين أن حزب الله له توجهاته الأصولية “المتطرفة”.

(4)

حلم هذا كله، أم علم؟ السؤال طرحه العم أمين هويدي وزير الحربية ورئيس المخابرات الأسبق، الذي عاصر كل حروب العرب مع “إسرائيل”، وقال: من كان يحلم بأن ينقل طرف عربي الخوف والوجع إلى “إسرائيل”، فيهددها للمرة الأولى في تاريخها، ويضرب عمقها واصلاً إلى صفد وطبريا والعفولة، ويدفع بسكانها إلى المخابئ التي لم يدخلوها منذ نصف قرن. بل ولا يتردد في التصريح بضرب تل أبيب إن هي قصفت بيروت؟ من كان يخطر له أن تنجح المقاومة الإسلامية في هدم نظرية الأمن “الإسرائيلي”، وافقاد العدو قدرته على الردع، واسقاط هيبة الجيش الذي قالوا إنه لا يقهر، بل وأيضاً اسقاط هيبة أجهزة المخابرات الثلاثة: الموساد والسي آي ايه (الأمريكية) ومخابرات حلف الناتو؟ من كان يتصور في اجواء الاحباط والهزيمة المخيمة أن تقلب المعارك بالكامل في المنطقة، على نحو يحدث نقلة نوعية مهمة في موازين القوى، تجاوزت بكثير ما حققه العبور المصري إلى سيناء عام ،73 وهي النقلة التي أكدتها بنجاح على الأرض، وستحقق هدفها، وستجني الأمة العربية ثمارها، إذا احسن السياسيون توظيفها بنفس درجة الكفاءة التي شهدناها في ساحة القتال.

المفاجأة في الانجاز كان لها صداها القوي في أوساط عرب 48 الذين يعيشون في ظل الذل والعنصرية داخل “إسرائيل”. صحيفة “القدس العربي” استكتبت عدداً من أدباء حيفا (في عدد 8/8)، فقال الكاتب سليم أبو جبل إنه حين يهرول اليهود إلى الملاجئ خائفين، فإن العرب يخرجون لمشاهدة القذيفة القادمة، كأنها هدية جاءتهم بعد طول انتظار. وقال الشاعر حنا أبو حنا إنه بعد الذي جرى، فقد آن لزمان الضفادع أن يولّي.

هذه المشاعر الجياشة التي تملأ الشارع العربي، وهذه الروح الجديدة التي سرت في أوصال الأمة، لم يصل شيء منها إلى دعاة التهوين. وإذا كنت قد فسرت موقفهم في البداية بحسبانه تجسيداً لأزمة البصيرة وليس البصر، إلا أنني صرت أفكر في أمر آخر، حين قرأت تحليلاً نشرته صحيفة “يديعوت احرونوت” (في 7/8) للمحررة السياسية سيما كرمون، ذكرت فيه أنه للمرة الأولى وزع مكتب رئيس الوزراء رسالة مطبوعة على الوزراء، نبهتهم إلى ضرورة التأكيد في تصريحاتهم الصحافية على أن “إسرائيل” انتصرت وألحقت الهزيمة بحزب الله. وهو ما دفعني إلى التساؤل عما إذا كانت نسخ من تلك الرسالة وزعت على عناصر “المارينز” في دوائر الإعلام العربي؟

06-08-14

المصدر: الشرق الأوسط

كنت دائماً ما أقول ياأهل مدينتنا : أنفجروا أوموتوا

أما وقد إنفجرتم و ثورتم : فأنتم أجمل وأنبل وأشجع شباب أنجبته هذه الأمة!!! م الغزالى

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 أسابيع...

إنهم يستحضرون العفاريت.. ثم يطالبوننا بصرفها!

بقلم: فهمي هويدي - الشرق الأوسط

بعد خمس سنوات مما سمي بالحرب العالمية ضد الإرهاب، قرأنا تقريرا لرئيس وحدة مكافحة الإرهاب في بريطانيا (بيتر كلارك) أعلن فيه أن الموقف في بلاده «مقلق جداً». أيد ذلك الانطباع تقرير لجنة الاستخبارات والأمن البريطانية. وذكر أنه في عام 2001 قدر جهاز الاستخبارات الداخلية عدد المسلمين المشتبه فيهم بحوالي 250 شخصا. هذا الرقم تضاعف سنة 2004 حتى وصل الى 500 شخص. وفي العام الذي تلاه تزايد عدد المشتبهين من المسلمين الى 800 شخص. أما بعد تفجيرات لندن عام 2005 فقد وصل عدد المشتبهين المسلمين الى آلاف لم يتم حصرها بعد، أو لا يراد الإفصاح عنها في الوقت الراهن. هذا التزايد في أعداد المشتبهين تزامن مع تزايد مماثل في أعمال واحتمالات العنف في بريطانيا، والتي أعلنت عنها الأجهزة الأمنية، إذ بعد تفجيرات القطارات التي شهدتها لندن في يوليو (تموز) عام 2005، أعلن في شهر أغسطس (آب) من العام الحالي عن القبض على مجموعة من 20 شخصا قيل إنهم ضالعون في مخطط تفجير طائرات متجهة الى الولايات المتحدة. وقبل أيام قليلة في (2/9 الحالي) تم اعتقال 16 شخصا جديدا تطبيقا لقانون الإرهاب. وحسب توجيهات المصادر الأمنية، فان هذه المجموعات مستقلة، ولا علاقة بين بعضها البعض، الأمر الذي استنتج منه الخبراء أن ثمة تعددا في الخلايا التي يشتبه في إقدامها على عمليات إرهابية داخل بريطانيا.

لم تكن المنظمات الإسلامية في بريطانيا وحدها التي أعلنت أن سياسة حكومة بلير في الشرق الأوسط، بوجه أخص منذ مساندتها للولايات المتحدة والاشتراك معها في غزو العراق، كانت من بين الأسباب التي فجرت مشاعر التعصب بين الشبان المسلمين في بريطانيا، ذلك أن هذا التحليل أصبح محل اتفاق بين أغلب المثقفين الإنجليز الذين عبروا عن آرائهم في هذا الصدد في العديد من التعليقات الصحفية والبرامج التلفزيونية، بل إن هذا هو أيضا رأي المسؤولين عن أجهزة الأمن، وهو ما تجلى في التصريح الذي أدلى به لهيئة الإذاعة البريطانية بيتر كلارك رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة اسكوتلانديارد، وتحدث فيه عن تعلق الشبان المسلمين الإنجليز بالحاصل في العراق، وكان من الخلاصات المهمة التي خرج بها مراسل «بي بي سي» بعد أن حقق في الأمر طيلة عام كامل، أن الصراع في العراق هو السبب الرئيسي لتطرف الشبان المسلمين هناك.

بشكل مواز، أعلنت الشرطة الألمانية أن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام والتي نشرتها الصحف الغربية، كانت الدافع الرئيسي وراء المحاولتين الفاشلتين لتفجير قطارين غرب ألمانيا خلال شهر يوليو الماضي، أثناء استضافة ألمانيا لبطولة كأس العالم لكرة القدم، بحسب ما ذكرته صحيفة «فيست دويتش» الألمانية في (2/9)، إذ نقلت الصحيفة تصريحات لرئيس الشرطة الفيدرالية الألمانية، يورج زيركير قال فيها إن المشتبه فيه الرئيسي في الهجمات، يوسف الحاج ديب، اعترف خلال التحقيقات بأنه بدأ التخطيط لتفجير القطارين بعد تواتر نشر الرسوم المسيئة للرسول في العام الماضي، حيث شرع فريقه في مراقبة مواعيد القطارات تمهيدا لتفجيرها وتوصيل رسالة الاحتجاج والغضب الى المجتمع الغربي.

ما الذي يعنيه ذلك؟

لا يحتاج المرء الى بذل جهد كبير للإقرار بأن ما سمي بالحملة على الإرهاب حققت فشلا ذريعا. ليس ذلك فحسب، وإنما كانت سبيلا الى توسيع دائرة الإرهاب وتعميمه، وهي خلاصة مهمة. يستغرب المرء كيف أن أصحاب القرار في الدول التي أعلنت تلك الحرب المزعومة لا يريدون الاعتراف بها، ويصرون على استمرار السياسة نفسها التي أوصلت الأمور الى ما وصلت اليه، وتتضاعف دهشة المرء حين يقرأ وسط هذه الأجواء كلاما صدر عن الرئيس بوش، قال فيه انه إذا لم يتم دحر الإرهاب في بغداد، فانه سيتعين على الأمريكيين وقتئذ محاربته في شوارعهم. في إشارة موحية تثير الشك في مسلك المسلمين الأمريكيين، وفي الغرب عموما.

لابد أن يلاحظ في هذا الصدد أن العالم الإسلامي شهد خلال الفترات الخمس الماضية ما لا حصر له في الإجراءات والمراجعات التي يفترض أنها تعبير عن التجاوب مع الحرب المفترضة ضد الإرهاب. وبصرف النظر عن رأينا في جدوى ومدى الصواب في تلك الإجراءات، فالشاهد إنها حدثت، في حين أننا لم نجد خطوة واحدة في الجانب الآخر، موحية بأن ثمة مراجعات من جانبهم، سواء في السياسات والمواقف التي استفزت الضمير الإسلامي وأهانته، أو في الخطاب الإعلامي الذي ما برح يجرح المسلمين ويستثير المشاعر ضدهم، مرورا بمناهج التعليم التي ما زالت تحمل أصداء وبصمات الحروب الصليبية بما تضمنته من تحريض واستثارة ضد المسلمين كافة. وذهب بعض الساسة الغربيين الى أبعد، الأمر الذي تجلَّى في استخدام الرئيس بوش لمصطلح الفاشية الإسلامية، اشك في انه يعرف المدلول الحقيقي لكلمة الفاشية كما حدث في إطلاقه وصف الحروب الصليبية عنوانا للحرب ضد الإرهاب. تجلى ذلك التحامل أيضا في غمز رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في الثقافة الإسلامية وتحقيرها من جانب برلسكوني رئيس الحكومة الإيطالية السابق.

استمرار هذا الموقف لا يبشر بالخير، ذلك أن من شأن تلك التعبئة المعادية للمسلمين والجارحة لهم أن توقظ لدى المواطن الغربي شعوره بالتوحش والبغض إزاء المسلمين، خصوصا المقيمين منهم في الغرب،

(عددهم في أوروبا والولايات المتحدة بين 25 و30 مليون مسلم). ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك الى تعميق الفجوة بين المسلمين والمجتمعات المحيطة بهم ونحن لا نتحدث عن افتراضات لأن ذلك حدث بالفعل ليس فقط في الولايات المتحدة التي يتحدث ممثلو المنظمات الإسلامية فيها عن تزايد مستمر في مظاهر الكراهية للمسلمين في مختلف الولايات، ولكن ذلك حاصل أيضا في أوروبا، التي كنا الى عهد قريب نعتقد أنها اقرب الى العالم العربي والإسلامي، ومن ثم اكثر فهما له وتجاوبا معه. ورغم أن ذلك الانطباع لا يزال صحيحا الى حد كبير، إلا إننا ينبغي ألا ننكر أن مظاهر الخوف والقلق زحفت الى بعض القطاعات، حتى في بريطانيا التي لها رصيدها المعتبر في احترام تعدد الثقافات.

وفي إسبانيا التي تحتل مكانة خاصة في الذاكرة العربية، بحسبانها صديقة للعرب والمسلمين. في هذين البلدين بوجه أخص تعددت في الآونة الأخيرة وقائع النفور من المسلمين والتوجس منهم، الى الحد الذي دفع بعض ركاب الطائرات الى الامتناع عن الصعود اليها لمجرد أن بين الركاب عددا من المسلمين!

في هذه الأجواء تصبح مسألة التعايش بين الجاليات المسلمة والمجتمعات الغربية في خطر، ولا يغدو هناك محل لأي حديث عن حوار الحضارات، لكن أخطر ما في الأمر أن المناخ سيظل مهيأ لمزيد من مظاهر العنف، الذي قد يدفع اليه نفر من أبناء المسلمين الذين اصبحوا مواطنين في تلك الأقطار.

ما العمل إذن؟

للأسف، لا يبدو أن في الأفق حلا ممكنا لذلك الإشكال، فالعالم العربي والإسلامي لا يملك الكبير الذي يمكن أن يفعله، في الوقت ذاته فان السياسيين الغربيين الذين نسمع أصواتهم في الأقل، ليسوا على وعي كاف بأن السياسات الغربية في المنطقة هي العامل الأكثر تأثيرا في تفجير مشاعر الغضب بين شباب الجاليات المسلمة في أوروبا والولايات المتحدة؛ وبالتالي فانهم لا يرون جذور المشكلة ويصرون على التعامل مع تداعياتها وأصدائها، ولا يريدون أن يعترفوا بان إصرارهم على قهر المسلمين وإذلاهم هو المفجر الأول للمشاكل التي يعانون منها. وأية عوامل أخري اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية، تأتي تالية في الترتيب، على الحاصل في فلسطين والعراق من جرائم لها امتدادها التي تابعناها في أفغانستان ولبنان.

إننا نقرأ تصريحات للرئيس بوش يتحدث عن ضرورة التعامل مع جذور المشكلة، وذلك كلام طيب، لا نلبث أن نكتشف في نهاية المطاف أن التعامل مع الجذور يراد به التسليم بالحلول التي تريدها إسرائيل وتستجيب لطموحات الهيمنة الأمريكية في المنطقة.

لقد بحت الأصوات في العالم العربي من كثرة الحديث عن نبذ العنف وضرورة الاعتدال. والالتزام بالوسطية والتسامح و...و.. الخ لكن تبين أن هذا كله لا يمكن أن يحقق مردوده داخل العالم العربي أو خارجه طالما استمر إرهاب الدولة الإسرائيلية ليس فقط في فلسطين وإنما وجدناه في لبنان مؤيدا من قبل الدول الغربية الكبرى، وطالما استمر الاحتلال في العراق.

في الأمثال العامية المصرية أن الذي استحضر العفريت هو الذي يتعين عليه أن يصرِفَهُ، لكن الغربيين في حالتنا هذه يستحضرون «العفاريت» ثم يطالبوننا نحن بصرفها!

كنت دائماً ما أقول ياأهل مدينتنا : أنفجروا أوموتوا

أما وقد إنفجرتم و ثورتم : فأنتم أجمل وأنبل وأشجع شباب أنجبته هذه الأمة!!! م الغزالى

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      فى صالة شقة بدور أرضى من بيت قديم فى منتصف شارع مدرسة التوفيقية الثانوية العريقة بحى شبرا تجمع ما لا يزيدعرض المقال كاملاً
    • 0
      تشابكت ثلاثة مفاهيم تتعلق بالتعليم فى ظل خفوت اهتمام «الماميز» هذه الأيام بالمنظومة، فارتأيت أنه وقت مناسب لمناقشتها. تساءلت قبل أشهر فى مقالات ولقاء تليفزيونى عن السبب الذى يدعونا أو لا يدعونا لنتعلم. بمعنى آخر، ما الذى يدفع الأب والأم لإرسال ابنتهما أو ابنهما إلى المدرسة أو يقرران بقاءه فى البيت، ثم العمل؟، وبدأ يومى أمس بحوار سريع مع سيدة محترفة تسول فى مدينة «الشروق»، حيث تتمركز تقريبًا فوق مطب يجبر السيارات على تهدئة سرعتها، واضعة يدها على خدها أو باكية كل يوم على مدار أيام العام وحولها عدد
    • 0
      كثير من اللغط والاختلاف يظهر دائما حينما تثار قضية ما.. أو حدث تاريخى معين ومن تلك القضايا التاريخية هو ما حعرض المقال كاملاً
    • 2
      جريمة «سعد الهلالى»     منذ بضعة أيام، ظهر الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مع «عمرو أديب»، ليدلى بدلوه في مسألة «حجاب الأنثى»، وهل هو «فريضة» أم لا. حسب منهجه المعروف به، عرض «الهلالى»- مع حفظ الألقاب- مختلف الآراء الفقهية في المسألة، مع تأكيده أنه «لا يوجد نص يؤكد فرضية الحجاب». انتفضت المؤسسات الإسلامية وقادتها وأذرعها الإعلامية، وتوالت البيانات والتصريحات لتؤكد «فرضية» الحجاب. وكذلك ثار العديد من الناس وعبّروا عن غضبهم بكتاباتهم عبر وسائل التواصل
    • 0
      هى الصبيّةُ المتفوقة الجميلة التى كانت من أوائل الجمهورية فى شهادة الثانوية العامة، ثم اختارت أن تلتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة، لتتخرج فيها حقوقيةً نابهةً ذات عقل نيّر مشرق تعرف حقوق الإنسان وحقوق المجتمع وتمتهن المهنة الأشرف: «مهنة صناعة العدل». بعد تخرجها فى الجامعة امتهنت المحاماة ثلاثين عامًا لتدافع عن المظلومين وتعيد الحقوق إلى أصحابها. نظرًا لفرادتها وتميّزها، كانت أول امرأة مصرية تعتلى كرسى القضاء، لتغدو «قاضية»، بعدما ظلَّ ذلك المنصب الرفيع حكرًا على الرجال وحسب. وشكرًا للرئيس عبد الف
×
×
  • أضف...