زعلان بتاريخ: 24 سبتمبر 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 سبتمبر 2006 لقاء الأحد: الصوم وبركاته وشروطه(1) القمص: مرقس عزيز خليل مع حلول شهر رمضان المعظم واحتفال الأخوة المسلمين بالصوم، والذي بنهايته يبدأ صوم الميلاد المجيد، يسرني أن أتوجه للجميع بأجمل التهاني راجياً من الله أن ينعم علي الجميع بكل البركات، ويسرني أن أخصص مقالات الفترة القادمة عن فضيلة الصوم، حيث إنها موجودة في كافة الأديان فللجسد رغبات خاصة لا يستطيع أن يعيش بدونها، وتنحصر هذه الرغبات في التغذية والشرب والتنفس والملبس والمسكن، فكأن الغاية منها ليست إلا حفظ الجسد صحيحاً وحمايته من الضعف الذي يصحبه الموت. لكن السواد الأعظم من الناس يجهلون هذه الحقيقة فيظنون أنهم لم يخلقوا إلا لكي ينهمكوا في المآكل والمشارب واللذات المختلفة، وكأنهم يشتركون مع القائلين »فلنأكل ونشرب لأننا غداً نموت« (1 كو 15: 32)، ولكن العاقل المنصف هو الذي لا يعطي لجسمه من الرغائب إلا ما هو في حاجة إليه لأن كل ما يزيد على المقدار الطبيعي يكون ضاراً في معظم الأحيان، فقد يسيء حالته أو يخل نظامه ويجعله يطغي علي الروح الطاهرة. إن الكثيرين يعيشون في قلق دائم وارتباك مستمر من جهة أمور الجسد، فإذا ما تأملتهم وجدتهم عابسين مكتئبين لأنهم يعولون أجسادهم، وكأنهم يخافون أن تتخلي عنهم عناية الله فيتعرضوا للجوع أو العطش أو العرى، ولذلك فهم يقصرون همهم علي جمع وتحصيل ما يشتهيه الجسد، ويواصلون ليلهم بنهارهم في خدمته، ويا ليت هؤلاء يعلمون أن أي شيء يمكن أن يشبع الجسد ويسد احتياجاته ما دام صاحبه قانعاً »فإن كان لنا قوات وكسوة فلنكتف بهما« (تى 6: 8). الصوم وصية إلهية، بل وعطية سماوية أعطاها الله لبني البشر لكي بواسطته يصلون إلي أعلي الدرجات الروحانية والسمو العقلي فيشتركون مع الملائكة في رؤية المجد الأزلي وتسبيح الذات الأعلى. وأول وصية أعطيت لآدم في الجنة من قبل الله تعالي هي ألا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. وكانت هذه الوصية في حد ذاتها أمراً بالصوم والامتناع من أكل ثمر إحدي الأشجار ليتدرب آدم علي قوة الإرادة وصلابة العزم، فيصوم وقت الصوم ويأكل وقت الأكل. والواقع أنه كما أن النار تحرق وتطهر من التلوث بالجراثيم والميكروبات وكل ما يسبب الأمراض القاتلة، هكذا الصوم فإنه يلاش ويقض علي كل نزوة طائشة ولذة فاسدة وحركة غير نقية تعمل في النفس لتميل بها إلي جانب الشر والدنس القاتل للنفس. »أذللت بالصوم نفسي« (مز 35: 13): الصوم هو فضيلة عظيمة بها نقمع حركات الجسد ونذلله ونطفي حرارته لأن الجسد كلما شبع ثار، وكلما ضيق عليه صاحبه في المأكل والمشرب والمسكن وبقية الرغبات هدأ وسكن، إن الذين لا يجعلون للصوم مركزه اللائق به لفي جهل عظيم لأن الصوم ركن أساسي من أركان العبادة. فكما إننا بالصلاة نعبد الله بنفوسنا فنحن بالصوم نعبده بأجسادنا، وقد جاء في قوانين الكنيسة »الصوم زكاة للجسد كما أن الصدقة زكاة للمال«. ولكي يبين السيد المسيح أن الصوم ضروري كما أن الصلاة والصدقة ضروريتان تكلم في عظته علي الجبل قائلاً »فمتي صنعت صدقة.. ومتي صليت.. ومتي صمتم..« (مت 6: 5 ـ 6). ثالوث الفضائل: عندما نتحدث عن الصوم نكون قد أمسكنا مثلثاً من أحد أضلاعه الثلاثة التي رسمها السيد المسيح في موعظته علي الجبل حين تناول الكلام عن الصدقة فقال: احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم. وعن الصلاة بقوله: ومتي صليت فلا تكن كالمرائين فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس. وعن الصوم عندما قال: ومتي صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. (مت ص 6). واقتصار السيد المسيح علي الكلام عن هذه الفضائل الثلاث وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها الفريسيون من جهة هذه الفضائل بإساءة استعمالها، أمر له دلالته وقوته لأن ثالوث هذه الفضائل هو تعبير للحياة الدينية التي قال عنها يعقوب الرسول: الديانة الطاهرة النقية عند الله الأب هي هذه افتقاد اليتامي والأرامل في ضيقاتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم (يع: 1: 27)، وما افتقاد اليتامي والأرامل في ضيقاتهم، إلا بالصدقة وما يحفظ نفس الإنسان من دنس العالم غير الصلاة والصوم؟ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان