المدهش بتاريخ: 23 نوفمبر 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 23 نوفمبر 2006 قرية مصرية ..عصرية؟! أحمد طه النقر الكلام متصل عن مشروع إنشاء 400 قرية جديدة في الظهير الصحراوي لمحافظات مصر حتى عام 2011 ..وقلت في مقالي السابق إنه ربما يكون من أهم وأخطر المشروعات التي شهدتها مصر في تاريخها الحديث رغم أن مَن يطرحه ويعتزم تنفيذه هى حكومة الحزب الوطني الذي لم تعرف البلاد على يديه سوى التخلف والتدهور والعشوائية والقُبح والاصفار في مختلف المجالات..ومع كل ذلك لا يمكن إلا أن نؤيد بقوة مشروعا بهذا الحجم والاهمية ،وإن كان التأييد مشروطا بضرورة وأهمية بناء هذه القرى على أحدث ما توصل إليه العلم في التخطيط العمراني.. وقد كتب الاستاذ جمال الشرقاوي في صحيفة "الاخبار" عدة مقالات مهمة تؤكد على ضرورة الاهتمام ببناء القرى الجديدة وعدم السماح للعشوائية والقبح بالزحف الى مبانيها..كما حذر من "ترك الامر للبيروقراطية لتتولى البناء بالروتين المعتاد ،وفق إسطمبات ..لا تراعي الاختلافات البيئية والمجتمعية" ولا تهتم بالجماليات..وأشار الشرقاوي الى ان لمصر "تراثا حضاريا ومعماريا مجيدا إستخلص قوانينه وحدثه وبلوره معماريون عظام على رأسهم حسن فتحي ، داعيا "المسئولين عن إنشاء القرى الجديدة الى الرجوع لنماذج نفذها تلاميذ حسن فتحي ، ومنهم عصام صفي الدين وهاني المنياوي وعمر الفاروق الذين يقودون توجها وطنيا يعتمد على إستلهام تراثنا المعماري الذي تميز على الدوام بمراعاة "راحة الإنسان في سكنه ، وسهولة حصوله عليه ، وإشباع حاجته الى تهوية طبيعية..،وإحساسه الفطري بالجمال..مع الحرص على إستخدام مواد البناء المتوافرة في المكان وعدم الإضرار بالبيئة من أرض وخضرة وتضاريس." وأنا لا أضم صوتي الى هذه الدعوة فحسب ، بل إنني أتمنى واطالب بأن يكون هذا المشروع صحوة معمارية تشمل القرى قبل المدن وتمهد لإنتفاضة حقيقية تعيد تخطيط المدن والقرى القديمة ،لقطع دابر القبح والعشوائيات بها، ووضع قوانين وقواعد صارمة لبناء القرى والمدن تجعل من الجمال والخضرة عنوانا وعقيدة للعمران على ارض مصر..ولابد أن أعترف بأنني صعقت عندما أبلغني خبير الإدارة المحلية البارز قدري أبو حسين بأنه " لا يوجد منذ عهد الفراعنة قانون ينظم عملية البناء في القرى المصرية"؟!!..وهذه الحقيقة المرة فسرت لي أخيرا لغز هذا الكم من العشوائية في معمار القرية والذي زحف بدوره على المدن حتى صار القبح والقذارة والفوضى عنوانا لها..!! وينبغي أن اشير في هذا المقام الى أن المفكر الكبير الراحل الدكتور جمال حمدان طالب منذ أكثر من ثلاثين عاما بإعادة بناء القرية المصرية عندما قال إن " القرية المصرية ..وصمة حقيقية في جبين مصر وتعد النقطة السوداء في وجه الامة ..وإذا كان الريف هو الذي بنى مصر المدن والعمران ،فإن القرية بحق بذرة ونواة مصر ،وهى أم المدينة، ولذلك فقد آن الآوان حقيقة لكي ترد المدينة ديَنَها للريف وأن توجه من مكاسبها وفائض القيمة فيها ما يرفع القرية قرب مستواها ويضيق الهوة الحضارية السحيقة بينهما." ثم يقول إن "إعادة بناء القرية تكتسب أهمية مضاعفة مع الخروج الريفي المصري للبترول العربي ..حيث وصلت آثار النفط وعوامل تعريته الى القرية المصرية في أعماق الريف الذي خلخله وجوفه الإنفتاح من قبل ومن بعد.."!!..فماذا كان يمكن أن يقول مفكرنا الراحل لو أمهله القدر ليعيش كل فترة حكم الحزب الوطني التي شهدت من التخريب والتدهور والفساد ما جعل عشوائية وقبح العمران في القرية هو الذي يزحف الى المدينة بدلا من أن تبادر المدينة لإنقاذ الريف كما يتمنى؟!!.. وإذا كانت الدراسة التي أجرتها كلية التخطيط العمراني عام 2004 قد أفادت بأن في مصر 2070 قرية لها ظهير صحراوي، فذلك يعني ببساطة ان بوسعنا بناء توائم لجميع هذه القرى في الصحراء بشروط ومواصفات تحقق كل أحلامنا في حياة إنسانية ومستقبل أفضل لهذا الوطن ..ولكن من المهم جدا إبعاد البيروقراطيين عن هذا المشروع لجهلهم بتفاصيل الحياة في القرى ولأنهم ينظرون الى الفلاح بدونية ويستكثرون عليه أن يمتلك مسكنا ، فما بالك إذا كان مسكنا إنسانيا ومتحضرا..؟!! غير أن الاهم من ذلك ، كما يقول قدري ابوحسين ،هو أن تكون القرى الجديدة تحت إشراف المحليات ومتصلة بالقرى القديمة بحيث تكون إمتدادا طبيعيا لها حتى لا يشعر الناس بالغربة فيها ويهجرونها..وأنا مع تبعية القرى الجديدة للمحليات ولكن بعد تطهير المحليات من الفساد ووقف زحف جحافل العسكريين السابقين اليها!!.ويقر أبو حسين بضرورة وجود نسق عمراني ومعماري عام للقرية ككل ، ولكنه ينصح بأن يقتصر ذلك على توحيد الشكل الخارجي لبيوت القرية ومنشآتها مع ترك الحرية للفلاحين بأن يقسموا البيوت من الداخل كما يشاءون لأنهم أعرف بإحتياجاتهم وظروف معيشتهم.. ولو كنت من المسؤولين عن إنشاء هذه القرى الجديدة لحرصت على أن تكون نموذجا لقرى المستقبل التي تضم مراكز متطورة للكومبيوتر والانترنت ومدارس ذكية يمكن أن تخرج أجيالا من طلاب العلم النابهين ، وتحتضن مساحات خضراء وأشجار مثمرة تروى بالرش والتنقيط على مياه الصرف الصحي المعالجة..بل يمكن أيضا إقامة أحزمة خضراء من النخيل والزيتون الذي يمكن إنتاجه بغزارة وإنشاء معاصر له فنوفر فرص عمل ونكتفي ذاتيا من الزيت ثم نصدره ، خاصة وان لمصر باعا وخبرة وإمتيازا في هذا المجال.. والخلاصة أن أمامنا فرصة تاريخية ، يجب ألا نفرط فيها ، لإحداث ثورة في العمران والمعمار والتنمية الشاملة على أرض مصر تبدأ ببناء 400 قرية مصرية عصرية.. أحمد طه النقر رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان