اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

هذه هي فتح .. ودحلان مرة أخرى


Recommended Posts

الأحد 30 أبريل 2006م، 07 ربيع الثاني 1427 هـ

مشاهد وآراء: الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"

الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"

مناقشة الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"

اسم البرنامج: مشاهد وآراء

مقدم البرنامج: ميسون عزام

تاريخ الحلقة: الخميس 27/4/2006

ضيوف الحلقة:

بلال الحسن (كاتب صحفي - باريس)

حلمي موسى (خبير في الشؤون الإسرائيلية - بيروت)

مشاهد وآراء:

البرنامج يتكون من جزئين الأول يمثل فيلماً وثائقياً يطرح قضية مثيرة للجدل والجزء الثاني يستضيف خبراء ومختصين لمناقشة القضايا والآراء التي يطرحها الفيلم الوثائقي هي:

1- الفيلم الوثائقي

2- مناقشة الفيلم الوثائقي

ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم وهذه الحلقة الجديدة من برنامج مشاهد وآراء، أسئلة محيرة عديدة تطرحها التطورات في القضية الفلسطينية لكن من أبرز هذه الأسئلة: هل انتهت عملية السلام تماماً؟ أم أننا في مرحلة انتقالية؟ أم مرحلة وسط؟ الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء" يحاول تقديم عرضٍ لما كانت عليه الأمور بين الإسرائيليين والفلسطينيين في المرحلة الوسطى ما بين توقف المفاوضات وما بين القطيعة أو شبه القطيعة التي نعيشها منذ أن باتت حكومة السلطة الفلسطينية في يد حماس، هذا الفيلم يعرض حواراً فريداً مباشراً بين اثنين من القادة الفلسطينيين والإسرائيليين لنتابعه معاً في سياق هذه الحلقة الجديدة من برنامج مشاهد وآراء.

الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"

"جرى تصوير هذا الفيلم الوثائقي قبل وفاة عرفات وغياب شارون وفوز حماس، إلا أنه يسجل لمرحلة بالغة الأهمية ما بين فترة المفاوضات بين الجانبيين الفلسطيني والإسرائيلي ومرحلة القطيعة".

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): اسمي آمنون ليبكن شاخاك على كل ضابط إسرائيلي أن يحمل اسم عائلة يهودية، كلمة شاخاك تعني السماء المرتفعة باللغة العبرية.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): بسحب نظام فتح لا أحد يخبر الآخر عن اسمه الحقيقي، كانوا ينادونني أبو الحسن لكنني أفضل أن ينادونني باسمي الحقيقي "هاني الحسن" كي لا أثير الشبهات عندما أذهب إلى أوروبا.. كمحارب، نفذت عمليات ضد الإرهاب ولاحقاً أصبحت رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، تلعب الاستخبارات العسكرية إلى جانب الشين بيت والموساد دوراً مهماً في مسار البلاد اليومي.

التعليق الصوتي: هاني خبير في سلك الاستخبارات بصفته قائداً سابقاً لفرع التجسس أصبح مستشاراً للرئيس الفلسطيني وأحد مستشاريه السريين.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): قتلنا فلسطينيين وهم قتلونا كنت أكافح الإرهاب، وكان بالنسبة إلي يتمثل بالفلسطينيين.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): المهم هو كيفية السيطرة على الحزب والشارع والضفة الغربية وغزة هناك الكثير لتنجزه.

[أعز الأعداء]

رايخوت، إسرائيل – 14/ يوليو/ 2003

التعليق الصوتي: رايخوت.. تقع رايخوت بمحاذاة السور الأمني الذي يفصل إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية، الإسرائيلي آمنون ليبكن شاخاك يقود السيارة وإلى جانبه زوجته الصحفية تالي، عندما كان ضابطاً شاباً تدرب على القنابل في هذه التلال، اليوم يعيش في الجوار في شقة للضباط الرفيعي المستوى، لقد أنهى حياته المهنية كقائد للأركان بعد توليه قيادة الجهاز الاستخبارات العسكرية، لقد كان أيضاً وزيراً في حكومة باراك، يقول اليوم إنه قد تقاعد من العمل السياسي لكننا لا نصدقه، إذ إنه يقابل العديد من الأشخاص ما يعني أنه يحضر لشيء ما.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): نحن نقف الآن على الحدود، الأردن من هنا وإسرائيل من هنا، يمكنك رؤية المسافة الفاصلة بينهما لا توجد مسافة بعيدة أو بالأحرى لا توجد مسافة أصلاً.

رام الله - فلسطين

التعليق الصوتي: تقع رام الله على بعد 20 كيلومتراً من منزل آمنون، يغادر هاني الحسن عاصمة الحكومة الفلسطينية مكاتب فتح، إنه أحد قادة حزب ياسر عرفات، اليوم الوضع خطير فقد حذّره مخبروه من مؤامرة تُحاك ضد السلطة الفلسطينية في المقاطعة وتحديداً في القصر الرئاسي عرفات بانتظاره، هاني خبير في سلك الاستخبارات بصفته قائداً سابقاً لفرع التجسس أصبح مستشاراً للرئيس الفلسطيني وأحد مستشاريه السريين، سنجمع هذين الرجلين لتمضية ثلاثة أيام معاًَ ولإقامة حوار وليخبرنا بصراحة كيف استطاع كلٌ منهما إنهاء هذا الصراع، في وقت لم يسبق لهما أن التقيا لكنهما تقاتلا إذ إنهما كانا ينفذان عمليات سرية ضد العدو، هاني واحد من آخر القادة الفلسطينيين الأحياء في هذه الحرب السرية وبالنسبة إلى العديد من الإسرائيليين فهو لا يزال إرهابياً، أما بالنسبة إلى العديد من الفلسطينيين فآمنون القائد الأسبق للقوات الخاصة هو قاتل الفلسطينيين لقد وافقا على عقد هذا اللقاء الاستثنائي أمام الكاميرات.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): وكما ترون، هذا هو السور الذي شُيد بعد بدء الانتفاضة، يمكنكم رؤية مثل هذا السور في العديد من القرى في إسرائيل، أعتقد أن هاني قادر على الذهاب إلى أي مكان.

زوجة آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): هل يحمل بطاقة الشخصيات البارزة؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لا أعلم.

التعليق الصوتي: من أجل عبور الحدود المغلقة بإحكام تحمل الشخصيات الفلسطينية البارزة جوازات مرور دائمة لكن مؤخراً لم يعد رجال عرفات مرحباً بهم في إسرائيل.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): أعتقد أنه ما تزال هناك هوة عميقة بين مواقفنا، وهاني إن لم أكن مخطئاً قام بمعارضة أوسلو على العكس تماماً مني، لا أظن أن هناك أموراً يجهلها هاني بينما أعرفها أنا ولا أظن أن هناك أموراً أعرفها ولا يعرفها هاني.

التعليق الصوتي: الصراعات الفلسطينية الداخلية والوجود العسكري الإسرائيلي حول المقاطعة يزيد الأمور تعقيداً، بالنسبة إلى هاني لن يكون من السهل لقاء قائد إسرائيلي شهير وقائد سابق للأركان.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): المهم هو ما يتوصلون إليه، لقد توصل رابين أخيراً إلى عدم وجود حل سوى إرضاء الفلسطينيين وإعطائهم دولة والتعايش معهم، آمنون شاخاك مناصر لهذا التيار ولعدم خوض أي حروب فالحروب لا تؤدي إلى شيء وأنا أجيب على هذا الموقف.

التعليق الصوتي: في الخارج ولسوء الحظ الكياسة ليست من ميزات اليوم فالإسرائيليون يريدون 13 مسلحاً من حماس وفتح مختبئين في الأماكن الأثرية في المنطقة، لكن الرئيس عرفات يرفض تسليمهم، الإسرائيليون يضيّقون الحصار على المنطقة.

إسرائيل – الطريق السريع رقم 11.2 سبتمبر

التعليق الصوتي: نحن نتجه إلى حيفا برفقة آمنون شاخاك، إنها مدينة لكلا الطرفين، فقد ولد هاني الفلسطيني هناك والتحق آمنون الإسرائيلي بالكلية الحربية فيها حيث سيتم اللقاء بينهما، سيوافينا هاني لاحقاً لكن الضفة الغربية أُغلقت مجدداً ولسنا واثقين تماماً بما إذا كان الإسرائيليون سيسمحون لهاني العضو البارز في منظمة التحرير الفلسطينية بالعبور.

- هل قابلت مسؤولين فلسطينيين عندما كنت في الاستخبارات العسكرية؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لا، كانت مقابلة أعضاء من منظمة التحرير الفلسطيني أمر غير قانوني آنذاك.

- وكيف كانت العلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لم تكن هناك أي علاقة.

- القتل؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): إن كان هذا هو قصدك، فنعم.

حيفا – المدرسة الحربية

التعليق الصوتي: في هذه الأكاديمية الحربية بدأ آمنون حياته المهنية التي دامت 36 عاماً في الخدمة العسكرية كضابط في القوات المظلية وكقائد لجهاز الاستخبارات العسكرية وتبوّأ أخيراً أعلى المناصب على الإطلاق ألا وهو قائد الأركان.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): هذه غرفة لتكريم الضحايا الذين سقطوا في هذه المدرسة، هنا..

- هل تعرفهم شخصياً؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): نعم، كان معظمهم في صفي، كان هذا الشاب طياراً سقط في حرب الأيام الستة، لقد كان هذا الشاب في صفي هذا أخوه، كنت في سيناء عندما وقعت حرب الأيام الستة، سمعنا عبر المذياع خبر تحرير مدينة القدس على يد قوات الدفاع الإسرائيلي.

التعليق الصوتي: بعد قليل وفي حيفا وتحديداً عند سفح جبل الكارمل ستكون هذه النقطة المثالية لاجتماعيهما ومن سخرية القدر أن هذه الأرض كانت سابقاً ملكاً لعائلة هاني وقد أصبحت الآن متحفاً لتخليد ذكرى المهاجرين اليهود، فاليهود الذين تركوا كل شيء خلفهم استقروا في الأرض التي هرب منها الفلسطينيون عام 1948.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): كل شيء غريب هنا فقد كان هناك العديد من الفلسطينيين يعيشون في حيفا قبل هروبهم عام 1948، هناك العديد من اللاجئين الإسرائيليين الذين جاؤوا من بلادهم ولم نطلق عليهم اسم لاجئين وعندما جاؤوا لم يكن بحوزتهم شيء لكن يبقى السؤال، هل ستبقى ذكرى مآسي وآلام الماضي محفورة في أذهاننا؟

- أتعرف لماذا كان آل الحسن يعيشون كلاجئين؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): غادرت العديد من تلك العائلات وهم يظنون أنهم سيعودون بعد أسبوع أو أسبوعين وبعد إغراقنا نحن اليهود في الماء لكنهم لم يتمكنوا من إغراقنا.

- لكن لماذا لم يعودوا لاحقاً؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): كان من المستحيل لاحقاً عبور الحدود في أواخر الأربعينيات، عاد البعض منهم.

- لكن آل الحسن لم يعودوا.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): آل الحسن، هذا ما جعل من هاني قائداً فلسطينياً بارزاً، لو بقي هنا لما كان قد أصبح قائداً فلسطينياً بارزاً إنه القدر.

- هل تعتقد أن باستطاعة آل الحسن العودة الآن؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لا يستطيع هاني العيش في هذا الزورق لمجرد أنه ولد هنا لأن الأمور قد تغيرت في السنوات الخمسين أو الستين الأخيرة، أصبح الأمر من الماضي الآن لا يمكننا إرسال اليهود إلى القاهرة وإلى دولتهم وقراهم ومزارعهم التي غادروها ومن المستحيل أن يعود الفلسطينيون الذين تركوا أملاكهم خلفهم آملين بالعودة لأن أملاكهم لم تعد موجودة.

التعليق الصوتي: لقد شعر آمنون بذلك هاني لن يأتي، آخر مرة اتصلنا به فيها كان مع الرئيس عرفات والليلة سيتحدث على شاشة التلفزيون الفلسطيني، إنه عالق في رام الله ولن يعقد الاجتماع اليوم.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): مرحباً، أيمكنني التحدث مع القائد شاخاك من فضلك؟ أنا هاني الحسن.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): مرحباً يا هاني.

- مرحباً، كيف حالك؟

- أنا بخير، وكيف حالك أنت؟

- بخير، شكراً جزيلاً لك أنا..

- أتعمل بجد؟

- نعم، أعمل بجد، وسأكون منشغلاً حتى السابع من الشهر الجاري لأننا سنشكل حكومة جديدة.

- ستكون لديكم حكومة، تهانينا.

- نعم، نعم.

- هل من القانوني تشكيل حكومة جديدة في شهر رمضان؟

- نعم، الأمر قانوني فما زلنا نواجه مشكلة في وزارة الداخلية.

- المشكلة لا تتعلق بالحكومة يا هاني ولا بأعضاء الحكومة..

- نعم، هذه المرة المشكلة تتعلق بالرئيس..

- المشكلة تتعلق بصديقك..

- نعم، إنه صديق بالفعل.

- وبعض رجالكم..

- نعم، ماذا يمكننا أن نفعل؟ لذا لن أتمكن من زيارتك قبل السابع من الشهر الجاري.

- حسناً اسمع يا هاني سأعود في النصف الثاني من شهر نوفمبر.

- نوفمبر، حسناً أظنني سأكون متفرغاً، سنجتمع في أي وقت وسيكون هذا من دواعي سروري.

- وأنا أيضاً.

- حسناً.

- توخ الحذر وأتمنى لك حظاً سعيداً.

- شكراً جزيلاً لك.

- إلى اللقاء.

التعليق الصوتي: بعد شهر تقريباً على فشل اللقاء في حيفا تحسنت الحالة في رام الله وأحرزن تقدماً، كنا نفضل لو حضّرنا لهذا اللقاء الرسمي بتحفظ أكبر، لكننا حالياً في مكاتب فتح حزب ياسر عرفات.

- أتظن أن ثمة جهاز تنصت هنا؟ ربما.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): نعم، هناك من يتنصت علينا جميعاً، من وقت إلى آخر أحضر بعض أجهزتنا للتحقق من ذلك فقد تقدم هذا الفن كثيراً اليوم.

- أتذكر في السابق كم كانت التحركات الجاسوسية قوية في بيروت في لبنان؟

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): نعم، لهذا السبب هم خائفون فقد كنت مسؤولاً عن جهاز الاستخبارات في الحركة وقد خسروا عدة مرات.

- نعم، ألست خائفاً؟

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): إن قرر الإسرائيليون القيام بذلك أو إن كان لديهم الميل إلى ذلك سأعرف وسأبدأ عندها بالتحسب.

- هل سيخبرك أحدهم؟

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): سيخبرني شخص إسرائيلي أو صديق عربي، قبل شهرين حاول دحلان تعيين بعض الأشخاص لإطلاق النار عليّ ليس لقتلي، لكنه فوجئ بأنني عرفت ذلك فلديّ شبكة في البلدان العربية إلى جانب الشبكة السرية العربية.

التعليق الصوتي: محمد دحلان تذكروا هذا الاسم سنتكلم عنه لاحقاً، إنه القائد الأسبق لقوات الأمن في غزة ومن المعروف أنه على علاقة وطيدة مع الأميركيين، أخبرنا هاني أنه قد أفشل المؤامرة بفضل مخبريه في الأنظمة السرية المتعددة، إننا في شهر رمضان كل شيء هادئ، الفلسطينيون لا يزالون من دون حكومة وهاني من المرشحين المحتملين لتبوئ منصب وزاري، إنه يقضي أمسياته في الاجتماعات والمفاوضات، وما يزيد الأمور سوءاً أن الدبابات الإسرائيلية تجوب شوارع رام الله، وقد أصبحت التهديدات بخطف عرفات وإقصائه حادة اللهجة، الأيام تمر بصفته قائداً في حركة فتح هاني عضو أساسي في المفاوضات السياسية المستمرة.

ميسون عزام: مشاهدينا فاصل قصير نعود بعده لمتابعة الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"، مشاهدينا ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً، لا زلتم مع برنامج مشاهد وآراء والفيلم الوثائقي "أعز الأعداء" فلنتابعه سويةً.

التعليق الصوتي: أراد آمنون عقد هذا الاجتماع في تل أبيب لكن بالنسبة إلى هاني إنها أرض الأعداء، لقد ذهب على مضض إذ إنه كان يفضل عقد الاجتماع في حيفا.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لاحظنا أن الإجراءات الأمنية في المنطقة مكثفة.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): نعم.

- لماذا؟

- وصلتنا معلومات من أن أحدهم سيحاول القيام بأمر ما.

- في المرة السابقة أخبرتني أنهم ما يزالون يريدون قتل ياسر عرفات.

- وصلتنا معلومات من إسرائيليين فلدينا الكثير من الأصدقاء، ولقد أخبرونا بذلك فأخذنا الأمر على محمل الجد، كانت مؤامرة حقيقية ضد عرفات.

- هل كانت هناك طائرة تابعة للقوات السرية الإسرائيلية؟

- نعم، والأميركيون متورطون بهذا الأمر أيضاً فقد أتوا بدحلان لتنفيذ هذه المؤامرة لكنهم فشلوا.

التعليق الصوتي: لكن ما لا يعلمه هاني هو أن محمد دحلان أحد الأصدقاء الفلسطينيين لآمنون.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): أرادوا أولاً إشعال حرب أهلية بين الفلسطينيين قبل تنفيذ المؤامرة لكنهم أخفقوا بذلك.

تل أبيب - إسرائيل

التعليق الصوتي: شارع أيركون يقع على بعد مرمى حجر من السفارة الأميركية، من هنا يتجسس جهاز التحقيقات المركزي على الشرق الأوسط بأسره، آمنون وهاني يعرفان المكان لكنهما اليوم ينتحلان اسمين مستعارين، إنه اجتماع رسمي من دون أدنى شك، لا أحد يعرف بهذا الحدث سوى كبار موظفي الفندق، اللقاء لا يجمع قائدين سابقين في الجهاز السري فحسب بل يجمع ما بين مبعوث عرفات السري وشخصية بارزة في إدارة مكافحة الإرهاب الإسرائيلية، عملنا لتحقيق هذا اللقاء لأكثر من سنة وقمنا برحلات من وإلى هذه المقاطعة التي اعتادت الحرب والتفجيرات والغارات الجوية والحوارات والمفاوضات والأبواب المفتوحة وعبور عدد لا يحصى من نقاط التفتيش قد أصبح أمراً عادياً تقريباً، لكن عملية تنظيم هذا اللقاء فيما لا يزال الصراع قائماً هو قصة أخرى، يعيش هذان الرجلان على بعد 20 كيلومتراً عن بعضهما وبمحاذاة حدود غير موجودة أصلاً لكنهما يبقيان عدوين، سيكون لقاؤهما بمثابة لقاء رمزين كبيرين، يبدأ اللقاء بجدال فآمنون الإسرائيلي يهاجم عرفات.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): بالنسبة إلى الإسرائيليين القائد عرفات لا يحظى بأي دعم منهم فما تم توقعيه في الماضي لم يعمل به وما خلق هذا الجو هي الهجمات الإرهابية وخصوصاً في السنوات الثلاثة الأخيرة، إذاً هناك مشكلة عدم ثقة.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): نعم، بالفعل نحن نعمل على تصحيح تلك النقطة والإسرائيليون يعلمون الآن أننا قد أوقفنا تسعة انتحاريين وأحدهم..

- لا، أنا والإسرائيليون لا نعرف هذا، الناس في الشوارع لا يعرفون هذا، الإسرائيليون لا يعرفون أنكم تقومون بشيء ما لوقف الأعمال الإرهابية، وإن كنتم تقومون بذلك يجدر بكم إعلام الإسرائيليين.

- إعلامهم.. نعم..

التعليق الصوتي: فهاني أراد أن يظهر نواياه الحسنة بسرد قصة الانتحاري المحتمل الذي سلمته الأجهزة الأمنية في فتح لشلبيت لكنه أضاف أن الفلسطينيين لا يثقون بالحكومة الإسرائيلية التي لم تقدم أي تنازلات.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): شارون لا يؤمن إلا بالدبابات ولا يستخدم إلا العنف.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): العمليات العسكرية وحدها لن تحل المشكلة.

- لن تحل المشكلة.

- أوافقك الرأي، وقد قلت هذا منذ زمن بعيد، لكننا بحاجة إلى العمليات العسكرية طالما أن هناك منظمات إرهابية تحضر الانفجارات والهجمات الانتحارية.

- عندما كنت وزيراً للداخلية ذهبت مرة إلى نابلس وتحديداً إلى البلدة القديمة وقلت للناس إن عليهم وقف أي تحركات داخل إسرائيل فلا يجدر بكم الدفاع عن أنفسكم إلا عندما يشنون هجوماً على منازلكم، لكن حالما غادرت شنوا هجوماً على نابلس وكان الأعنف آنذاك وخصوصاً على البلدة القديمة، فظن الناس أنني جئت للتحضير لهذه المرحلة.

- أذكر القصة بطريقة مختلفة قليلاً أو بالأحرى كثيراً.

التعليق الصوتي: يرد آمنون على هذا الهجوم بتركيبه بأول عقبة اعترضت اتفاقية السلام في شهر سبتمبر من عام 1996، ويخبره قصة الممر الموجود تحت الحائط الغربي الذي قام أحد المسلمين في القدس بتفجيره وارتفعت وتيرة التظاهرات وعمليات القمع.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): كنت رئيس الأركان آنذاك وأذكر كيف احتج بعض ضباطنا بتعرضهم للخيانة من قبل زملائهم، أظنها غلطة كبيرة ارتكبها رجال بارزون في السلطة الفلسطينية.

التعليق الصوتي: في سبتمبر من عام 2000 حضر أرئيل شارون إلى الجدار الغربي برفقة ألف شرطي إسرائيلي فخرجت الأمور عن السيطرة وأطلق الجيش النار، يزعم آمنون أن الانتفاضة الثانية حطّمت جميع الآمال التي رافقت معاهدة أوسلو للسلام.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): صحيح أن شارون ذهب إلى المسجد الموجود على جبل المعبد للمشاركة في مظاهرة سياسية لكنها لم تكن ضد الفلسطينيين، لا بل ضد باراك لأنه من تحدث عن إعطاء جزء من القدس للسلطات الفلسطينية فالتقيت عندها بعرفات عدة مرات بناء على طلب من باراك وحاولت إقناعه بأن النتيجة النهائية لهذا الصراع ستكون ضد مصلحة الدولتين وأن الفلسطينيين سيخسرون أكثر منا وأن كلينا سيخسر لكنني لم أتمكن من إقناعه وخرجت الأوضاع عن السيطرة في نقطة معينة.

التعليق الصوتي: نعم لقد خرجت الأوضاع عن السيطرة، يقول هاني هذا لأن الإسرائيليين لم يتقيدوا بالقوانين، كان من المفترض أن تجري المفاوضات وفقاً لمراحل متتالية لكن هذا لم يحصل، إذ وجد الفلسطينيون أنفسهم حاصلين على 18% فقط من الضفة الغربية ما جعل الحياة اليومية بغاية التعقيد.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): ألهذا كنت معارضاً لنا حتى بداية..؟

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): نعم، لقد كنت ضد أوسلو نظراً لمراحل المفاوضات، لقد أجريت مفاوضات مع الإسرائيليين وتحديداً مع شلومو غازيت عام 1986 وأدركت أن أفضل ما يمكنك القيام به مع الإسرائيليين هو أخذ أغراضك والهرب، إذ إنك ستخسر يوماً بعد يوم نتيجة للمفاوضات لذا قلت..

- أهذا ما قاله لك شلومو غازيت؟

- نعم، هذا ما جرى، أخبرته أنني على استعداد لدفع أي تعويض للحصول على دولة وعلى أرض، أعتقد الآن أن السلام هو علم.

- أتعرف لماذا يطلق الإسرائيليون على الأشخاص الذين ذهبوا إلى أوسلو اسم مجرمي أوسلو؟ لماذا يطلقوا عليهم اسم مجرمي أوسلو؟ لأنهم يلومون الأشخاص الذين قاموا بتأييد أوسلو ويحمّلونهم مسؤولية الضحايا الذين يسقطون في الاعتداءات الإرهابية لأن أوسلو تسمح بما يحصل اليوم.

- يطلق الناس من جانبنا أيضاً اسم..

- مجرمي أوسلو؟

- مجرمي أوسلو، نعم فمن اشتركوا في أوسلو ليسوا محبوبين.

- هناك أسباب أخرى.

- نعم، لأسباب أخرى فهم لم يستعيدوا الأرض وقبلوا بحل تاريخي سيحصل من جرائه الإسرائيليون على 78% من أراضي فلسطين بينما سنحصل نحن على 22%، فما الذي فعلوه؟ انظر كم فلسطينياً يُقتل! انظر كم طفلاً يُقتل! ونأمل أن يكون لدينا شركاء من الجانب الإسرائيلي فالإسرائيليون لديهم شركاء في الجانب الفلسطيني وأظن أن ياسر عرفات قد وقّع على معاهدة أوسلو، من يعترف بإسرائيل هو رجل سلام، لا أظن أن المؤرخين سيتحدثون بالحسنى عن باراك أو شارون.

- باستطاعتكم تشكيل حكومة جديدة يا هاني إن سيطرتم على شعبكم وأوقفتم الهجمات الإرهابية سيسعى الإسرائيليون إلى عقد اتفاق مع الفلسطينيين.

- إن شاء الله.

حيفا – 28 نوفمبر

التعليق الصوتي: في حيفا وفي اليوم التالي في المرتفعات فوق متحف المهاجرين اليهود الذي قمنا بزيارته برفقة آمنون قرر هاني بزيارة المنزل الذي أمضى فيه طفولته.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): لقد ولدت في هذا المنزل، أترون؟ كتب هنا على أحد القبور أن المكان هو لإسرائيل.

التعليق الصوتي: في السابق كان والد هاني يملك مفاتيح قبر النبي الياهو حيث كان يقع منزله، ومنذ ذلك الحين تحول الموقع بأسره إلى معبد يهودي.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): يأتي الناس إلى هنا عادة للصلاة.

التعليق الصوتي: غادر هاني وأسرته عام 1948، انسحب البريطانيون وحارب آل الحسن مع العرب ضد الجيش اليهودي، يذكر هاني أنه بقي وحده مع والدته إثر وفاة والده وكان لا يزال في الثامنة من عمره.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): حضر الجيش اليهودي إلى منزلنا ووضع جندي قدمه على رقبتي وسأل والدتي عن مكان الأسلحة وعن بقية حفدتها، لقد خاطبوا والدتي بطريقة غير محترمة وكانوا يضربونني من حين إلى آخر، وبعد أكثر من ساعة غادروا أصبحنا لاجئين ورحلنا إلى لبنان.

التعليق الصوتي: في إسرائيل يعرف حارس الموقع أفراد أسرته باسم العرب الإسرائيليين حفدة الفلسطينيين الذين بقوا في بلادهم عام 1948.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): كان عددنا آنذاك مليون فلسطيني لو قتلوا مئة أو مائتي ألف شخص لو بقي 800 ألف شخص لكانوا قد أصبحوا اليوم 8 ملايين، لقد غادرنا فلسطين وكانت هذه غلطة كبيرة، كانت هناك سيارات في أرضنا حتى البحر، وحيث تجدون حافلات الآن، لقد غيروا كل شيء.

ميسون عزام: مشاهدينا فاصل قصير نعود بعده لمتابعة الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"، مشاهدينا ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

ميسون عزام: أهلاً بكم مجدداً، لا زلتم مع برنامج مشاهد وآراء نتابع معاً الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"، فلنتابعه سوية.

تل أبيب - الثامنة صباحاً

التعليق الصوتي: في طريق عودتنا من حيفا قال هاني: يتكلم آمنون عن الثقة دائماً لكن كيف يمكنني الوثوق بشخص سرق أرضي وما زال يسرق المزيد منها كل يوم؟ لقد حرّكت زيارة هذا الرجل الذي اضطر إلى الرحيل إلى المنفى مشاعر أليمة في نفسه، لقد توصل هاني إلى متابعة الهجوم بشأن موضوع اللاجئين في أثناء مناقشة النقاط الأساسية للخلاف بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): لا يجب أن ننسى أن حركة فتح قد نشأت في مخيمات للاجئين، عليكم إرضاء ثلثي الفلسطينيين الذين يعيشون خارج المستعمرة فالمشكلة أن معظم الفلسطينيين هم لاجئون الآن، هناك حوالي 9 ملايين فلسطيني في الشتات، لكن المشكلة أن مفاوضات الإسرائيليين لا تدور سوى حول منحهم أرضنا وهذه مشكلة كبيرة لأن المساحة صغيرة.

- أتظن أن المستعمرة هي مشكلة كبيرة؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): بالطبع، إنها مشكلة للفلسطينيين وللإسرائيليين، سيخلق هذا وضعاً جديداً سيضطر الإسرائيليين إلى المغادرة، لكن يبقى السؤال الأكبر: كم شخصاً سيغادر؟ ومن أين؟ وإلى أين؟ وكيف ستكون الحدود القائمة بين إسرائيل وفلسطين؟

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): المستعمرة تتعلق بالأرض، هذه هي المشكلة لقد اقترحنا حلاً بمقايضة الأراضي لكن بشرط تفكيك المستعمرة التي تحول دون استمرار الدولة، أعتقد أن الجانب الإسرائيلي يهمل تأثير هذا الأمر على الأمن فعندما يحصل الانسحاب ستُحل 90% من مشاكل الأمن.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): لنفترض حصول الانسحاب الإسرائيلي وتوقيع اتفاقية وقيام الفلسطينيين بالتعهد بإخلاء المنطقة لضمان الأمن لكنهم لا يقومون بهذا، ما هي الضمانات عندئذ؟ لذا علينا أن نحصل على ضمانات قاطعة 100% وليس على عهود شفهية.

- هذه حلقة مفرغة.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): بالطبع.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): لطالما كان السؤال الثاني المطروح حول القدس، فالمدينة القديمة هي موضوع إسلامي ومسيحي بغاية التعقيد.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): الأمور لا تصبح أقل تعقيداً مع مرور الوقت فلماذا على الحكومة الفلسطينية المسلمة أن تكون مسؤولة عن موقع مسيحي مقدس؟ هذا سؤال جيد جداً والإجابة هي قبل بضع سنوات كانت هناك أقلية مسيحية فلسطينية إلا أن المسيحيين في إسرائيل باتوا أكثر عدداً والمسيحيون الفلسطينيون لديهم مطالب إذ أنهم يتساءلون لماذا تعطون عرفات مواقعنا المقدسة؟

التعليق الصوتي: في التسعينيات هاجر مليون يهودي روسي إلى إسرائيل وتبين لاحقاً أن معظمهم كانوا مسيحيين ما زاد من عدد سكان إسرائيل غير اليهود ليشكل هذا الأمر مشكلة للدولة اليهودية، لكن بحسب آمنون قد تكون هذه حسنة من صراع القوى مع الفلسطينيين.

- لنبدأ بتحليل الوحدات الأساسية الثابتة، ما هي الوحدة الأولى؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): لا أريد الاختيار، علينا الإجابة بالكامل على كل واحدة منها، يجب الإجابة على موضوع الحدود أمن اللاجئين والقدس وعلى كل هذه المواضيع بالكامل..

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): وإعطاء تواريخ محددة وتحديد ما يجب فعله ولهذا السبب أطلق على هذا اسم أول الأمور المطبقة وليس التي تم التفاوض عليها.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): من السهل جداً تقييم مرحلة الإخلاء وإعطاء منطقة للسلطات الفلسطينية يا هاني لكن كيف ستقيم فعالية وجدية السلطة الفلسطينية بوجود جيش حماس؟ كيف ستقيس هذا؟ ما هي الأدوات التي تملكها للقيام بهذا؟

- إذا انسحب الإسرائيليون..

- إذا..

- سنمنح خياراً بديلاً بالانضمام إلى حزب سياسي والتمتع بحقوق وما إلى ذلك، وإلا سيكونون خارجين عن القانون.

- لم لا تفعلون ذلك الآن؟

- لأن 30% من غزة ما تزال في أيدي الإسرائيليين.

- أقل من هذا، لكن لنفترض..

- عندما بدأنا بالتوصل إلى اتفاقية مع حماس في أيامي لقد قتلوا 19، كان 9 منهم أطفالاً.

- نعم، لكن في نفس الوقت كانت هناك حافلة في حيفا وأخرى في القدس تسببت بمقتل عدد أكبر إن سمحنا لحماس بترأس هذه العملية فسيصبحون رؤساء هذه العملية.

- لا ليس من مصلحة فتح أن تسمح لحماس بترأس هذه العملية، فتح لن تقبل أبداً بدولة دينية لكونها غير ديمقراطية وستسبب لنا العديد من المشاكل التي نحن بغنى عنها.

التعليق الصوتي: يقول هاني: إن آمنون لا يتوقف عن الكلام حول قيام دولة فلسطينية مستقبلية مسلمة ما يعني أنه يستطيع تعديل الواقع بأن إسرائيل هي دولة يهودية وكأكثرية زعماء فتح هاني جاد من دون أدنى شك عندما يجب إعطاء الدين الأولوية في إسرائيل وعندما يؤيد قيام دولة علمانية في فلسطين لكن هذا سيكون مستبعداً إن لم يحظَ الدين الإسلامي بموقع متميز في الدولة الفلسطينية المستقبلية، على المرء فقط أن يشاهد كيف يتسارع جميع أقطاب السياسة الفلسطينية يوم الجمعة إلى المسجد للصلاة مع الرئيس عرفات وأمام الكاميرات.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لنقرأ بعض العناوين المكتوبة هنا: "مفاوضات أحادية الجانب" إنه عن أبي علاء دون سواه ولدينا هنا مقال بعنوان: "عرفات يبارك الليكود".

التعليق الصوتي: إنهما يناقشان موضوع القدس مجدداً والذي يُعتبر بمثابة حجر عثرة، فالفلسطينيون يزعمون أنها عاصمتهم بينما يرفض معظم الإسرائيليين مشاطرتها مع غيرهم.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): ستقسّم القدس وعندها سيحصل الفلسطينيون على قدس لهم وسنحصل على قدس لنا لن يغيّر أحد اسم المدينة، في اتفاقية جنيف تمت الموافقة على إنشاء فاصل، سيقوم الفلسطينيون بإدارة منطقة حائط المبكى والحي اليهودي وجزء من المنطقة الأمنية المتفق على أنها تابعة لإسرائيل إلى جانب المواقع المقدسة، لكن مسألة اللاجئين تطرح تساؤلاً كبيراً بالنسبة إلى الفلسطينيين والإسرائيليين، باستطاعة اللاجئين الفلسطينيين الاستقرار في فلسطين وليس في إسرائيل، سنضطر إلى التحدث عن التعويضات، على دول العالم تقديم المساعدة في هذا الشأن، فهناك مشكلة كيف سيتمكن الفلسطينيون من الانتقال من غزة إلى الضفة الغربية فيما هما منطقتان منفصلتان وإسرائيل في وسطهما؟ علينا إيجاد طريقة محترمة كي لا يضطروا إلى التوقف عند نقاط التفتيش، عليهم إيجاد حل لهذه المسألة ولسوء الحظ لم يتم إيجاد حل لهذه المسألة في السنوات الثلاثين الماضية هناك 280 ألف إسرائيلي يقطنون المستعمرات ما يجعل الأمر صعباً في يومنا هذا القرار بإخلاء هذه المستعمرات يعود إلى الحكومة بالإضافة إلى إيجاد حل لأولئك الناس الذين يسكنون هناك منذ ثلاثين سنة.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): لطالما كان الفلسطينيون يبحثون عن مستوطنات جديدة، وفي الشهر الماضي وقّعت وزارة الدفاع على بناء 25 مستوطنة أخرى، نحن بحاجة أيضاً إلى من نثق به فالحكومة التي تبني الجدار قد صادرت 14% من مساحة الضفة الغربية.

- سيهدم الجدار الذي لن يكون على الحدود الجديدة لذا يمكن القول إن هذا هدر للأموال، هذا لا يهمني، ما يهمني هو الناس الذين يُقتلون والذين لا يستطيعون أن يعودوا إلينا..

- بوجود حكومة شارون لا يمكنك..

- نعم يا هاني، أنا أوافقك الرأي وأعرف من تكون هذه الحكومة الإسرائيلية لكن هذه الحكومة الإسرائيلية في موقع السلطة لأن معظم الإسرائيليين صوتوا لها في الانتخابات الحرة بعد أن شعروا بخيانة الإرهاب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية التي لم تتخذ الإجراءات المناسبة لوقف هذا، لدينا أفراد في هذه الجالية ينتمون إلى جهاز الاستخبارات ونحن ننقل المعلومات للفلسطينيين وللمنظمات الأمنية، لقد قاموا باعتقالات أدت إلى سجن عدد كبير من الأشخاص وهناك نظام سياسي وجد أن هذا لن ينجح وأنه سيعرّض الجماعة للسخرية.

- نحتاج إلى بعض الوقت ففي السنتين أو السنوات الثلاث الأخيرة دُمرت جميع مراكز الشرطة والمباني، لم يعد هناك أي شيء، يقوم الأمن التعاوني على قبول الإسرائيليين في الحقيقة إن السيطرة على غزة والضفة الغربية هو شأن فلسطيني، ولا يفترض بإسرائيل أن تتخذ أي إجراءات حيال ذلك.

- ما لمسناه عندما فازت الحكومة واستلمت دفة الحكم هو شعور الإسرائيليين باليأس إزاء الانتفاضة الثانية والهجمات الإرهابية.

- قبل الانتفاضة كانت هناك انتفاضة غير مسلحة رداً على..

- رداً على ماذا؟

- على الدماء التي..

- ليس في البدء، كانت الانتفاضة الأولى بمثابة رد..

- لا لم تكن كذلك لقد قُتل 107 فلسطينيين..

- لا، قبل مقتل الفلسطينيين..

- لا شيء.. زيارة شارون..

- ماذا عن الزيارة؟

- زيارته إلى القدس.

- إنه مكان جيد للاسترخاء.

- بالفعل، إنه جميل جداً، كل شيء متوفر باستطاعة المرء المشي أو السباحة، الطقس جميل..

- لقد وقع هجومان إرهابيان، أتذكر؟ كان أحدهما على ملهى ليلي اسمه دولفيناريوم ليلة الجمعة، يقع الدولفيناريوم هناك، ووقع الهجوم الثاني على مقهى هنا بعد السفارة الأميركية على بعد مائتي متر من هنا.

- نشر في صحيفة القدس خبراً مفاده أن هناك شاحنة تستهدف البنتاغون.

- لا، حقاً؟

- لا، لقد قرأت هذا.. في الصفحة الأولى من صحيفة القدس.

- أتعرف أي تعاون كان الأكثر نجاحاً الآن خلال الانتفاضة؟ بين الإسرائيليين والفلسطينيين المجرمين.

- نعم، والمافيا.

- لقد عملوا معاً بصورة رائعة.. لا.. هذه ليست نكتة إنها قصة حقيقية تثبت أن الأمر ممكن لكن هذا التعاون لم يكن ناجحاً بين المجرمين فحسب بل بين رجال الأعمال أيضاً.

* ماذا ستفعل إذا عينت رئيساً للحكومة غداً؟

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): علينا أولاً بالطبع وقف أي نوع من العنف ما يعني أن علينا السيطرة على جميع الأسلحة والمنظمات الفلسطينية وعلى الجيش الإسرائيلي التوقف عن الإغارة على الجانب الآخر، علينا التوصل إلى اتفاقية يبدو أن تأسيس دولة فلسطينية أمر غير قابل للتفاوض.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): إذا اقتنعت بأن الأشخاص الذين يجلسون في الطرف الآخر جادين حتى ولو لم يكونوا فعالين تماماً ووجدت أنهم قد توقفوا عن إقناع وحث شعبهم على القتال سأجلس معهم إلى طاولة الحوار ونطرح جميع المشاكل ونبدأ بإيجاد الحلول.

* وما هي الخطوة الثانية؟

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لن يكون هناك خطوة ثانية، إنه عمل متكامل، إنها عملية من دون خطوات، إنها ليست مسلسلاً تلفزيونياً، بل عملية صنع سلام بين أناس..

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): أنا متأكد من أن ابني وأبنائي سيعملون على بناء هذه الدولة، لقد نشأ أبناء جيلي أي أبناء العام 1948 على مبدأ العودة لتحرير فلسطين.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): أعتقد أن كلينا موافق على نقطة واحدة وهي أن القتال كان ضرورياً في السابق لكنه لم يعد كذلك لأننا قادرون على التحاور والتوصل إلى حل، وأتمنى أن يتمكن أولادنا من العيش جنباً إلى جنب بسلام في دولتين متعاونتين وحتى إن لم تتعاونا على الأقل نطمح إلى أن يعمّ السلام، إنه حل مناسب بالنسبة إليّ.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): اعتن بنفسك..

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): أرجو أن أراك قريباً فعلينا مناقشة أمور أخرى.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): إن شاء الله.

التعليق الصوتي: كل هذا جيد لكنه صعب التصديق في النهاية، نحتاج إلى قصة أكثر واقعية، الليلة سنرافق هاني إلى رام الله وغداً سنوافي آمنون إلى المطار قبل توجهه إلى جنيف، طلبنا منهما إيماءة رمزية لختم هذا اللقاء، بالنسبة إلى آمنون ما الذي سيكون أكثر رمزية من توجهه ذلك الصباح لتحقيق حلم السلام؟ في هذه الأثناء هاني مع عرفات مجدداً ولم نحصل منه على أي شيء أي ليس قبل توقيع ميثاق سلام في احتفال في جنيف ودعوة العالم لدعم هذه المبادرة، لا يسعنا سوى رؤية يد هاني خلف هذا الأمر فالقرار يأتي من رام الله وبتوقيع من ياسر عرفات.

ميسون عزام: إذاً مشاهدينا كنتم تتابعون الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء" في سياق برنامج مشاهد وآراء، سنتوقف الآن مع موجز للأنباء نتابع بعده الجزء الثاني من البرنامج والمخصص لمناقشة الفيلم الوثائقي مع ضيفْينا معنا من باريس السيد بلال الحسن كاتب وصحفي، ومن بيروت السيد حلمي موسى خبير في الشؤون الإسرائيلية، مشاهدينا كونوا معنا.

[فاصل إخباري]

مناقشة الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"

ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم والجزء الثاني من برنامج مشاهد وآراء، سنوات من المفاوضات والاتصالات واللقاءات العالمية والسرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين انتهت إلى لا شيء تقريباً، كلٌ من الطرفين يحمّل الآخر المسؤولية الكاملة عن ذلك الفشل الذي أدى إلى طريق مسدود، الفلسطينيون يريدون استعادة أراضيهم المحتلة ويعتبرون الاحتلال جوهر الشر كله والإسرائيليون بالمقابل يرون أن الشر هو بالمقاومة المسلحة المتواصلة من جانب الفلسطينيين، هل انتهت اتفاقية أوسلو؟ هل انتهت خارطة الطريق؟ هل عاد الطرفان إلى حالة المواجهة الشاملة؟ هل يمكن استعادة المفاوضات بعد أن باتت الحكومة الفلسطينية في يد حماس عدو إسرائيل الأول؟ وهل يمكن أن تؤدي الضغوط الخارجية إلى إجبار حماس على الالتزام بقوانين اللعبة التي تحددت في أوسلو؟ وقبل هذا هل من الممكن أن تتجاوز الأطراف الفلسطينية خطوط الحرب وتنخرط في حرب أهلية مفتوحة؟ ثم ماذا يمكن أن يصبح عليه الوضع لو أن أولمرت استعجل تنفيذ وعده بتحديد حدود نهائية لإسرائيل؟ أسئلة تنبئ بمزيد من المواجهات ونزف الدماء وبمزيد من الغموض بشأن المستقبل السياسي للقضية الفلسطينية وطبعاً لمناقشة هذه الموضوعات في ضوء ما يطرحه الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء" معنا من باريس السيد بلال الحسن كاتب صحفي، ومن بيروت السيد حلمي موسى خبير في الشؤون الإسرائيلية، أهلاً بكما وأبدأ مع السيد بلال، يعني باعتقادك ما هي الرسالة التي أراد هذا الفيلم الوثائقي أن يوجهها؟ وهل نجح في ذلك؟

بلال الحسن: رسالة الفيلم التي أرادها هي القول بأن الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين ممكن، ولكن أعتقد أن لم يستطع أن يقنع أحداً بهذا الشيء والسبب أن جو الحديث الذي دار بينهما يختلف تماماً عن الوقائع الإسرائيلية والفلسطينية القائمة على الأرض، وبالتالي يعني هو موضوع معلق بالهواء.

ميسون عزام: طيب وربما هذا يدفعنا للتساؤل وتوجيه سؤال إلى السيد حلمي، يعني سيد حملي إلى أي مدى يمكن القول أن الفيلم بالفعل يمثل مرحلة انتهت موضوع معلق بالهواء فيما يتعلق بالعلاقة الإسرائيلية الفلسطينية؟

حلمي موسى: أعتقد أن الفيلم أراد الإشارة إلى هذه المرحلة رغم أنه اختار لها ربما من الطرفين أفراداً لا يعبرون بالكامل عن تلك المرحلة، إذ أن اختيار آمنون خاشاك وهو عسكري ولكنه زوج ليسارية وهو إلى حد ما يؤمن بدرجة معينة بالسلام مع الفلسطينيين وقد لا يشاركه كثيرون ممن كانوا معه شركاء في الحكومة بالسلام يختلف إلى حد ما عن السيد هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي كما تبدى بالفيلم وكما هو معروف عرض اتفاقيات أوسلو لأسباب مختلفة ومع ذلك اضطر للتعاون أثناء وجوده إلى جانب الرئيس عرفات كمستشار للأمن القومي الفلسطيني ثم في مرحلة معينة كوزير للداخلية، أعتقد أن الفيلم في رسالته كان يحمل أشياء لم يفلح وأتفق مع الأخ والزميل بلال الحسن والصديق العزيز فيما قاله بأن رسالة الفيلم كانت تتجه إلى جهة لكن في الوقائع كان شيء آخر، شخوص الفيلم لا يعبرون عن الواقع المعاش بين الإسرائيليين والفلسطينيين وربما هناك أشياء أخرى قد نتطرق إليها خلال هذا النقاش، بودي فقط الإشارة وربما بنوع من الفكاهة إلى أن شهادة الأخ بلال ربما تكون محرجة خاصة أن شقيقه الأخ هاني الحسن..

ميسون عزام: مجروحة يعني؟

حلمي موسى: مجروحة خاصة أن شقيقه موجود بالفيلم وهذا ربما يجعل من الانتقاد بعض الشيء فيه درجة من الحرج.

ميسون عزام: أو ربما تكون معلومات موثقة خاصة في ظل هذه العلاقة، على كلٍ يعني تطرقت إلى قضية مهمة هي اختيار هذه الشخصيات أو هاتين الشخصيتين، الفيلم الوثائقي لم يقدم تفسيراً كافياً عن الأسباب وراء اختيار شخصيتي شاخاك وهاني الحسن، لنتابع معاً هذا المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

التعليق الصوتي: هاني واحد من آخر القادة الفلسطينيين الأحياء في هذه الحرب السرية وبالنسبة إلى العديد من الإسرائيليين فهو لا يزال إرهابياً، أما بالنسبة إلى العديد من الفلسطينيين فآمنون القائد الأسبق للقوات الخاصة هو قاتل الفلسطينيين.

ميسون عزام: سيد بلال يعني بدايةً السيد حلمي قال إن هذا الفيلم فشل في اختيار هاتين الشخصيتين يعني لا يعبرون أبداً عن الواقع الحالي، ماذا تقول في ذلك؟ وبالمقابل نلاحظ أن الشخصيات التي قامت بالعملية التفاوضية إن كان من الجانب الإسرائيلي أو الجانب الفلسطيني كانت دائماً ما تعود إلى أجهزة أمنية سرية، هل يعتبر ذلك نوع من الإيجابية أو يعكس إيجابية أو سلبية على القضية الفلسطينية بصورة عامة وعلى تطور المفاوضات والعلاقة الإسرائيلية الفلسطينية؟

بلال الحسن: أنا أعتقد من ناحية فنية وتقنية أن اختيار الشخصين كان موفقاً، فآمنون شاخاك شخص أساسي في عملية التفاوض الإسرائيلية مع الفلسطينيين وهاني الحسن قريب جداً من الرئاسة الفلسطينية أيام الرئيس ياسر عرفات وقريب من طريقة صنع القرار السياسي والذهاب أو عدم الذهاب إلى المفاوضات وأي قضايا نطرحها، بهذا المعنى اختيار الشخصين اختيار موفق ثم أن كلا الرجلين كانا يعملان في الأمن وهذا يتيح لهما فرصة الاطلاع على الكثير من المعلومات التي لا تُتاح لغيرهما وهذا يساعد أيضاً في عملية اللقاء ومعرفة الأجواء والفهم السريع لإشارات كل طرف إلى الطرف الآخر.

ميسون عزام: طيب الفيلم أيضاً يعرض وجهة نظر هاني الحسن وبالتالي قطاعاً واسعاً من السلطة الفلسطينية بشأن توجهات من يُوصفون بالحمائم في إسرائيل، لنتابع معاً هذا المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): لقد توصل رابين أخيراً إلى عدم وجود حل سوى إرضاء الفلسطينيين وإعطائهم دولة والتعايش معهم، آمنون شاخاك مناصر لهذا التيار ولعدم خوض أي حروب فالحروب لا تؤدي إلى شيء وأنا أجيب على هذا الموقف.

ميسون عزام: سيد بلال ربما أجبت ولكن بإيجاز عن عملية اختيار رجال أمن دائماً في المفاوضات، لماذا دائماً هذا هو الحال؟ وبالمقابل إذا ما استمعنا إلى هذا المقطع يعني الأوضاع تغيرت إلى حد بعيد على الساحة السياسية الإسرائيلية ولكن إلى أي حد يمكن القول بأن من يوصفون بالحمائم ما زالوا قوى فاعلة ومؤثرة على الساحة الإسرائيلية؟

بلال الحسن: أنا لي رأي شخصي دائم أن الإسرائيليين يوجد بينهم معتدلون ومتطرفون في الشؤون الإسرائيلية الداخلية أو في علاقاتهم الدولية، أما على صعيد مواجهتهم مع الفلسطينيين وتفاوضهم مع الفلسطينيين فأنا لا أعتقد أن هناك حمائم أو صقور، بغض النظر عن اللغة التي تُستخدم في الخطاب لغة معتدلة لغة متشددة إنما جوهر الموقف الإسرائيلي جوهر المطالب الإسرائيلية هي واحدة لدى الحمائم ولدى من يسمون بالمتطرفين، البعض يقول: اطردوا الفلسطينيين..

ميسون عزام: نعم يعني الفيلم أشار إلى أن باراك كان مستعداً لإعطاء جزء من القدس للفلسطينيين أما البعض الآخر فيرفض ذلك؟

بلال الحسن: البعض أشار إلى ذلك والخلاف بين طرف وطرف في إسرائيل هو نسبة ما يريدوا أن يقتنصوه من الفلسطينيين، باراك مثلاً في كامب ديفيد كان يريد 40% من الضفة الغربية، أولمرت الآن يريد 58% من الضفة الغربية، هذا هو الفارق واحد يريد 40% واحد يريد 58% واحد يريد 7 قواعد واحد يريد 4 قواعد واحد يريد المياه بأكملها واحد يعطينا 10% من المياه، هذه هي الفوارق بين الحمائم وبين المتطرفين في إسرائيل، في الموضوع الفلسطيني كلهم يريدون جزءاً من الأرض الفلسطينية جزءاً من القدس أو كل القدس، المياه الفلسطينية السيطرة الكاملة على الأمن هذا هو حقيقة الأمر وهذا ما يوصل المفاوضات دائماً إلى نقطة الفشل، آمنون شاخاك معدود على أنه من الحمائم الأساسيين، آمنون شاخاك هو عمل مع رابين وعمل مع باراك وأستطيع أن أقول أن ما صنعه مع رابين هو جزء أساسي من فشل اليوم وما صنعه مع باراك هو الذي صنع فشل مفاوضات كامب ديفيد.

ميسون عزام: طيب إذا ما انتقلنا إلى السيد حلمي، سيد حلمي هل توافق السيد بلال على ما تقدم به؟ وبالمقابل هل يمكن القول أنه بالفعل ليس هناك من حمائم أم أن هناك بالفعل حمائم ولكن التوجهات الآن تزداد نحو التشدد اليميني؟

حلمي موسى: يعني أعتقد في البداية أني أنا أشعر بالحرج للاختلاف مع الأخ بلال ولكني أقول التالي رغم كل شيء، أعتقد أن ما يسمى بالسلام في إسرائيل يقوم في الأساس على فكرة فرض أمر واقع على الفلسطينيين، إسرائيل أقيمت بالاغتصاب وبالقوة على الأرض الفلسطينية، إسرائيل أقيمت بالعدوان وليس هناك في إسرائيل من يستنكر هذه الحقيقة، كلهم يقرون بذلك والفارق هنا أتفق مع ما قاله الأخ بلال بخصوص أن الفوارق بينهم فوارق نسبية لأنهم جميعاً يقرون بأن القوة هي الوسيلة لتحقيق مرادهم في أرض فلسطين وليس الحق ومن هذه النقطة أنطلق هناك فوارق في إسرائيل ما بين يمين ويسار وما بين سبل الحل مع الفلسطينيين وهذه الفوارق إذا ما رأيناها في ميزان الواقع السياسي وطريقة تعاطي الفلسطينيين لنقل معها وأقصد القيادة الفلسطينية نرى أن هناك فوارق جمة بين كيف يتصرف لنقل الليكود أو كاديما الآن وكيف كان يتصرف اللي هو حزب العمل، في اعتقادي بأن..

ميسون عزام: يعني سيد حلمي في الوضع الحالي يعني هل لا زلت تقول أن هناك فرض أمر واقع؟ أم أنه يمكن القول أن فشل المفاوضات ما بعد أوسلو يعني بذلك أنه كان هناك نوع من اليأس من الجانب الإسرائيلي من الشارع الإسرائيلي؟

حلمي موسى: لا هذا اليأس الذي أشار إليه آمنون شاخاك كانت له أسبابه، أسبابه الحقيقية تكمن في أن يهود باراك الذي ترأس الحكومة الإسرائيلية لم يكن يؤمن باتفاق أوسلو وبالتالي لم يكن يؤمن حتى بمبدأ التجريب في العلاقة مع الفلسطينيين وكان كل همه كما أشار لأنه لا يؤمن بأن بالإمكان التوصل لسلام مع الفلسطينيين هو وهو ما قاله حقيقة كشف الوجه الحقيقي للفلسطينيين من أنهم لا يريدون السلام هذا ما أراد قوله وفي اعتقادي أن الطريقة التي قام بها هي الآن طريقة مستنكرة لدى أوساط يسارية كثيرة في إسرائيل بما في ذلك أوساط في حزب العمل ولكن الآن نسي الجميع هذه المسألة ونظروا فقط للطريقة التي تعاطى فيها المجتمع الفلسطيني مع طريقة يهود باراك الذي قصف ربما منذ اليوم الأول للانتفاضة قصف بالطائرات مواقع فلسطينية بما في ذلك مواقع للسلطة الفلسطينية، أعتقد بأن الناس تنسى هذه الحقيقة وتتطلع فقط إلى ما جرى في المفاوضات من الزاوية الشكلية التي نفاها حتى أناس كانوا موجودون مثل ميلر المستشار الذي كان للرئيس كلينتون نفى الطريقة التي أشار إليها كلينتون وباراك بخصوص ما عرضوه على الرئيس عرفات حيث لم يرد على الرئيس عرفات أي شيء جدّي سوى انسحابات جزئية من مناطق وإبقاء أغلبية المناطق تحت السيطرة الإسرائيلية.

ميسون عزام: طيب لنعد الآن إلى الفيلم الوثائقي وليس الشخصيات الآن ولكن مكان اللقاء بين هاتين الشخصيتين، كان واضحاً أن اختيار مكان اللقاء بين هاني الحسن وآمنون شاخاك يستهدف إثارة أبرز موضوعات الصراع، لنتابع معاً هذا المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

التعليق الصوتي: بعد قليل وفي حيفا وتحديداً عند سفح جبل الكارمل ستكون هذه النقطة المثالية لاجتماعيهما ومن سخرية القدر أن هذه الأرض كانت سابقاً ملكاً لعائلة هاني وقد أصبحت الآن متحفاً لتخليد ذكرى المهاجرين اليهود، فاليهود الذين تركوا كل شيء خلفهم استقروا في الأرض التي هرب منها الفلسطينيون عام 1948.

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): كل شيء غريب هنا فقد كان هناك العديد من الفلسطينيين يعيشون في حيفا قبل هروبهم عام 1948، هناك العديد من اللاجئين الإسرائيليين الذين جاؤوا من بلادهم ولم نطلق عليهم اسم لاجئين وعندما جاؤوا لم يكن بحوزتهم شيء لكن يبقى السؤال، هل ستبقى ذكرى مآسي وآلام الماضي محفورة في أذهاننا؟

ميسون عزام: سيد بلال استمعت إلى ما قاله شاخاك في المقطع الثاني، هل تعتقد فعلاً أنه ينبغي الابتعاد عن ذكريات مآسي الماضي من أجل فتح صفحة جديدة؟

بلال الحسن: يستطيع سيد شاخاك أن يدعونا إلى نسيان ذكريات الماضي لكن أنا شخصياً لا أستطيع ذلك لأن هذا المنظر الذي عُرض أمامكم هو منطقة منزلنا في مدينة حيفا، هذه الأرض أنا تربيت في هذه الأرض، لعبت فوق هذه الأرض، سبحت في البحر أمام هذه الأرض، تسلقت نحو جبل الكارمل في تلك النقطة بالذات، لذلك عندما يطالبني شاخاك بكلمة بسيطة فلننسَ الماضي ولنتوجه إلى المستقبل هذا أمل مستنكر ولا أعتقد أن رجلاً راجح العقل وذكي في مستوى شاخاك يعتبر أن هذا الكلام ينطوي على شيء من المنطق أو من العقلانية، أنا شخصياً لا أستطيع أن أتجرد لا من ذكرياتي ولا من تاريخي ولا من أحاسيسي وخاصة حين أرى هذا المنظر بالذات، لذلك لا أعتقد أن هناك مجالاً لمناقشة موضوعية مع شاخاك في هذه المسألة، هو هنا يتصرف كجنرال كغازي وليس أكثر من ذلك.

ميسون عزام: طيب على كلٍ سنتطرق إلى هذه القضية وهذا الارتباط في الأرض ربما مع هذا المقطع حيث يستعرض شاخاك في الفيلم وجهة نظره بشأن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، دعونا نتابع المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لا يستطيع هاني العيش في هذا الزورق لمجرد أنه ولد هنا لأن الأمور قد تغيرت في السنوات الخمسين أو الستين الأخيرة، أصبح الأمر من الماضي الآن لا يمكننا إرسال اليهود إلى القاهرة وإلى دولتهم وقراهم ومزارعهم التي غادروها ومن المستحيل أن يعود الفلسطينيون الذين تركوا أملاكهم خلفهم آملين بالعودة لأن أملاكهم لم تعد موجودة.

ميسون عزام: سيد حلمي ما رأيك في وجهة النظر التي أوردها شاخاك بربطه ما بين مصير اللاجئين الفلسطينيين ومصير اليهود الذين أتوا إلى فلسطين من الخارج؟

حلمي موسى: في البداية أعتقد أن هذه دعوة قديمة أراد الإسرائيليون تحت حجة أن هناك تبادل للاجئين ولكنني أرى بأن ما أشار إليه الأخ بلال قبل قليل كان بودي لو أشار له الأخ هاني في الفيلم نفسه، إذ بدأ في الفيلم وكأنه ضعيف الحجة مقابل حجة كأنها قوية كيف أن صاحب الحق وهو الذي وُلد في ذلك البيت وتربى فيه لم يقل الكلام الذي قاله الأخ بلال الآن بحيث بدا كما لو أن حجة آمنون شاخاك في مسألة تبادل اللاجئين أقوى بكثير من حجة صاحب البيت.

ميسون عزام: طبعاً سيد حلمي لا تنسَ بأن ربما هناك من الأمور التي عُرضت قبل إظهار هذا الفيلم الوثائقي لم تظهر فيه يعني ربما تكون هناك نوع من الانتقائية، هل تعتقد ذلك؟

حلمي موسى: ربما أعتقد أن هناك نوعاً من الانتقائية وهذا ما يجعل من الفيلم فيلماً متحيزاً ومع ذلك الأخ هاني له تجربة طويلة كان بإمكانه أن يعترض على بعض مقاطع الفيلم خاصة وأن الفيلم يدور عن شخصيتين، لا أعتقد بأن الفيلم تم بثه من دون إذن منه والفيلم فعلاً يظهر الفلسطينيين بمظهر ليس بالمظهر اللائق وأقصد هنا على صعيد فكرة خطرت في بالي أثناء مشاهدة الفيلم قبل عرضه..

ميسون عزام: نعم ولكن سيد حلمي عذراً يعني شاهدنا المقطع عندما تحدث هاني عن منزله وكان يبدو عليه التأثر بشكل واضح، أليس كذلك؟

حلمي موسى: بالتأكيد، أنا لا أقصد أنه لم يتأثر، لا أقصد أنه يمكن أن ينسى حقه في هذا البيت ولكنني أقصد كيف تعامل في الفيلم مع هذا البيت ومع هذه القصة؟ بدا كما لو أن آمنون شاخاك هذا القادم ربما من أواخر روسيا ومن آخر بلد في أوكرانيا يشعر بأنه له حق في هذا البيت وهو بيت والد وبيت أهل هاني الحسن وبلال الحسن وخالد الحسن كيف يشعر بأن لديه الحق حتى في القول بأنه ممنوع عليهم القدوم إلى هنا ولا يظهر بالفيلم كيف أن هاني الحسن يستطيع أن يقنع الناس بأن هذا حقه، ربما من المسائل التي شعرت بقوة الإثارة فيها هو عندما حاول الأخ هاني أن يصف كيف يصلي اليهود في البيت الذي تحول إلى مصلى يهودي وكان له قداسة يهودية في حين أن قداسته كأناس عرقوا وتعبوا في امتلاك هذا البيت وفي بنائه أقدس من أي مقدس آخر..

ميسون عزام: نعم سيد حلمي طبعاً مش من الضروري أن يكون كل ما ذكره هاني الحسن خلال التسجيل قد عُرض ولكن دعني أنتقل إلى السيد بلال، يعني تحدثت قبل قليل وبتأثر عن ارتباطك بالأرض عن أنه لا يمكن أن تنسى هذا البلد هذه العلاقة تاريخ هذه البلد ولكن بالمقابل إذا ما تحدثنا عن الحل النهائي هل تعتقد أنه من المعقول أن يكون الحل النهائي هو بعودة جميع كافة اللاجئين الفلسطينيين؟ هل هذا واقعي وقابل للتطبيق برأيك بعد كل هذه السنوات طبعاً؟

بلال الحسن: أولاً أريد أن أتوقف عند الجملة التي قالها الجنرال شاخاك حول اللاجئين، قال: هاني وُلد هنا ولكنه لا يستطيع أن يعود إلى هذه المنطقة لمجرد أنه وُلد هنا وكأن شاخاك يريد أن يقول أو نستطيع أن نكرر جملة أخرى مأخوذة من كلامه أنه هو يستطيع أن يبقى هنا لأنه جاء فتصبح لأنه جاء أقوى من لأنه وُلد، أنا أقول أن هذا يعني ابتذال لمآسي الشعوب وشخص في مستوى الجنرال شاخاك مفترض به أن يكون أرقى من ذلك في هذه المسألة بالذات وأنا ألاحظ هنا أن كبار الإسرائيليين يتكلمون بمنطق وبموضوعية وبمنطقية قوية ولكن حين يصلون إلى مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ينحدرون إلى أسفل الدرج، أذكر هنا بيريز في كتابه الشرق الأوسط يقول: - عندما يصل إلى مسألة اللاجئين - أما مسألة اللاجئين فهناك مآسٍ جغرافية وطبيعية كثيرة في العالم يتولد عنها لاجئين ومن ذلك مسألة اللاجئين الفلسطينيين، أنا أقول: هذا كلام معيب لشخص في مستوى بيريز أن يتحدث عن مشكلة إجلاء شعب كامل على أنها شبيهة بالمآسي الطبيعية وبالزلازل هذه نقطة.

ميسون عزام: ولكن هل يمكن الحديث عن عودة كافة اللاجئين؟

بلال الحسن: هذه نقطة والنقطة الثانية أقول أن اتفاق أوسلو أو مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو عُقد تحت عنوان إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية للصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية فلنسلّم بذلك، تم اتفاق أوسلو ولنسلّم بذلك اتفاق أوسلو تضمن كلمة واحدة فقط تربط بين أحداث 1967 أي احتلال الضفة الغربية وغزة وبين القضية الفلسطينية الأصل أي الأرض التي احتلت عام 1948 هي كلمة البحث في موضوع اللاجئين "كلمة اللاجئين" في قضايا الحل الدائم والنهائي، الذي يقوله الإسرائيليون دائماً أنهم يرفضون البحث في هذه المسألة من حيث المبدأ إذن هم يرفضون البحث في القضية الفلسطينية، هم إذا أرادوا ذلك ليكن إنهم يبحثون في أراضي احتلت عام 1967 في الضفة وغزة إذا أرادوا ذلك إذن الحل يكون لهذه الأراضي وليس للقضية الفلسطينية فتُحل هذه الأراضي وتبقى القضية الفلسطينية قائمة قضية صراع، النقطة الأخيرة وبإيجاز لا يمكن إيجاد حل للقضية الفلسطينية يضمن الهدوء والاستقرار في المنطقة بيننا وبين الإسرائيليين إذا لم تُبحث قضية حق العودة بالمبادئ التي ينص عليها القانون الدولي وحقوق الإنسان وشرعة حقوق الإنسان المقرة في الأمم المتحدة، وعندما تُبحث على هذا الأساس قد يعود الفلسطيني.. يعني المبدأ يسمح بعودة كل اللاجئين الفلسطينيين الواقع قد لا يسمح، وأنا دائماً أستخدم هنا..

ميسون عزام: ولكن.. يعني أجبت على السؤال.. نعم..

بلال الحسن: لا.. لكن أريد أن أوضح ليس معنى ذلك أن نمنع اللاجئين من العودة، أنا أستعمل دائماً مثل الشعب اللبناني أقول الشعب اللبناني في لبنان حوالي 4 ملايين نسمة لكن في الخارج يمكن في 10، اللبناني الذي يعيش في فنزويلا 40 سنة وخمسين سنة يستطيع في أي لحظة أن يركب الطائرة وأن يعود إلى قريته في لبنان وهو قد لا يمارس هذا الحق 40 سنة 50 سنة ولكن هو يعرف أن حقه موجود وهذا يريحه ضميرياً ويجعل له انتماءً لوطنه ولأرضه، المسألة هي الاعتراف بالجريمة الاعتراف بالمسؤولية وقد اعترف بها المؤرخون الإسرائيليون ثم الاعتراف بالمبدأ ولنترك تنفيذ المبدأ لحقائق الحياة ولوقائع الحياة على الأرض.

ميسون عزام: طيب لنستمع أيضاً إلى هاني الحسن والذي يتحدث بالفيلم عن جهود بذلتها السلطة الفلسطينية في السابق من أجل الحد من العمليات الانتحارية ضد إسرائيل، دعونا نتابع المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): نعم، بالفعل نحن نعمل على تصحيح تلك النقطة والإسرائيليون يعلمون الآن أننا قد أوقفنا تسعة انتحاريين وأحدهم..

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): لا، أنا والإسرائيليون لا نعرف هذا، الناس في الشوارع لا يعرفون هذا، الإسرائيليون لا يعرفون أنكم تقومون بشيء ما لوقف الأعمال الإرهابية، وإن كنتم تقومون بذلك يجدر بكم إعلام الإسرائيليين.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): إعلامهم.. نعم..

ميسون عزام: سيد حلمي هل تعتقد فعلاً أن السلطة الفلسطينية قد بذلت جهوداً جمة في الحد من العمليات الانتحارية؟

حلمي موسى: يعني من المؤكد أن موضوع تعاطي السلطة الفلسطينية مع أمر الحد من عمليات المقاومة مرّ بمراحل مختلفة، في البداية في بداية السلطة الفلسطينية أعتقد بأن هذه السلطة أقدمت على جرائم حقيقية بحق المقاومين عندما كانت تقوم باعتقالهم وتعذيبهم بل أنها أقدمت حتى على المشاركة أحياناً في اغتيال لبعض أشخاصهم ولكن هذا كان في مرحلة عندما حاولت السلطة أن تفرض هيبتها وعندما كانت الاتفاقات الأمنية تفرض على السلطة أموراً من هذا القبيل ولكن مع ازدياد العدوان الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية وخصوصاً في قواعد السلطة ومؤسساتها اختلف الحال اختلافاً جذرياً وخصوصاً في الانتفاضة الثانية عندما تبدى بأنه لا مجال مطلقاً لأي شكل من أشكال التعاون الحقيقي مع الأمن الإسرائيلي اختلف الحال في السلطة الفلسطينية بعد ذلك ولكن مرّت حالات كانت فيها السلطة ترتكب جرائم بحق شعبها على هذا الصعيد من خلال تعاونها الأمني مع الإسرائيليين ومع الأميركيين..

ميسون عزام: طيب رأيك برد الفعل الآن على العملية الانتحارية الأخيرة التي وصفها أبو مازن بأنها حقيرة، كيف انعكس ذلك على الساحة الفلسطينية برأيك؟

حلمي موسى: بصدق أعتقد أن أبو مازن كان ربما هذا أتفه تعبير يستخدمه لا أريد أن أستخدم تعبير آخر كان بوسعه أن يستخدم تعبيراً سياسياً ولكن أن يستخدم تعبيراً من هذا النوع أساء كثيراً لأبي مازن وأساء كثيراً له في الساحة الفلسطينية خاصة وأنه كان معروفاً باتزانه ومع ذلك أرى..

ميسون عزام: دعنا نستمع إلى رأي السيد بلال حول هذه النقطة تحديداً، ماذا تقول في ذلك؟

بلال الحسن: أنا أقول أنه أخطأ في استعمال التعبير، لكن لا أعتقد أن هذه هي المسألة الأساسية، المسألة الأساسية هي أن الرئيس عباس يرفض عسكرة الانتفاضة، يرفض العمل المقاوِم المسلح ضد إسرائيل وهذه وجهة نظر من حقه، ولكن من حقنا عليه أيضاً أن نسأله طيب وماذا عن العمل السياسي؟ إذا العمل السياسي قابل لأن يثمر فيصبح مطالبتك بوقف العمل المسلح منطقية، أما إذا كان العمل السياسي غير مثمر ويولّد تطرفاً إسرائيلياً جديداً وحلول منفردة إسرائيلية وحلول مفروضة على الفلسطينيين والإسرائيليين فلا يجوز..

ميسون عزام: يعني إذن أنت تقول: أين هي البدائل المطروحة الآن؟ على كل سأتوقف الآن مع فاصل قصير نعود بعده مشاهدينا إليكم.. عذراً سيد بلال سأضطر للتوقف هنا مع فاصل قصير نعود بعده لمتابعة برنامج مشاهد وآراء والفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"، مشاهدينا ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلنا معكم وبرنامج مشاهد وآراء نناقش معاً الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"، يتحدث هاني الحسن في الفيلم الوثائقي عن مؤامرة لإشعال حرب أهلية فلسطينية، دعونا نتابع بداية هذا المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): في المرة السابقة أخبرتني أنهم ما يزالون يريدون قتل ياسر عرفات.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): وصلتنا معلومات من إسرائيليين فلدينا الكثير من الأصدقاء، ولقد أخبرونا بذلك فأخذنا الأمر على محمل الجد، كانت مؤامرة حقيقية ضد عرفات.

- هل كانت هناك طائرة تابعة للقوات السرية الإسرائيلية؟

- نعم، والأميركيون متورطون بهذا الأمر أيضاً فقد أتوا بدحلان لتنفيذ هذه المؤامرة لكنهم فشلوا، أرادوا أولاً إشعال حرب أهلية بين الفلسطينيين قبل تنفيذ المؤامرة لكنهم أخفقوا بذلك.

ميسون عزام: سيد حلمي ما رأيك فيما قاله هاني الحسن عن ذلك المخطط الذي يسعى لإشعال حرب أهلية رغم أنها لم تنجح في ذلك ولكن هل تعتقد أن الأميركيين بالفعل كانوا يريدون حرباً أهلية فلسطينية؟

حلمي موسى: أنا أعتقد بأن جانباً من اتفاق أوسلو والإجراءات الأمنية التي كانت مطلوبة من الفلسطينيين كانت إلى حد كبير تدفع السلطة الفلسطينية باتجاه التصادم مع شعبها ومع قواها الحية وربما أن ذلك قد يكون خطر في بال البعض أنه سوف يقود إلى حرب أهلية، لا أعتقد أن الساحة الفلسطينية مؤهلة لأي نوع من أنواع الحروب الأهلية خصوصاً أن الانقسام الموجود في الساحة الفلسطينية هو موجود داخل كل بيت هناك انتماءات مختلفة داخل كل بيت هناك تصورات مختلفة داخل كل بيت لا أعتقد بأن الساحة الفلسطينية مؤهلة لأي شكل من أشكال الحرب الأهلية، ربما تحدث تصادمات بين زعران، ربما تحدث تصادمات بين قوى موالية وقوى معارضة، ولكن هذه التصادمات تظل وتبقى محدودة خاصة في ظل وجود عدو قاهر كالعدو الإسرائيلي بارز وظاهر للجميع في كل وقت وفي كل حين، لا أعتقد بأن حتى لو كانت هناك نوايا لدى الآخرين ليست هناك وقائع على الأرض تتيح مجالاً لصدام على مستوى حرب أهلية في الشارع الفلسطيني.

ميسون عزام: لنستمع إلى رأي السيد بلال حول هذه النقطة تحديداً، هل تؤيد ما تقدم به وتفضل به السيد حلمي أنه ليس هناك من حرب أهلية لم تكن ولن تحدث؟

بلال الحسن: أنا أقول أن هناك مساعٍ إسرائيلية دائمة للسيطرة على الحركة الوطنية الفلسطينية هذا هو العنوان العام، تحت هذا العنوان العام تأتي مخططات متعددة، كل مخطط يرتبط بظروف مرحلة معينة، في المرحلة الأولى تطبيق هذا المخطط الإسرائيلي الساعي للسيطرة على الفلسطينيين وانتزاع قرارهم السياسي كان تعبيره الضغط والضغط على القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس ياسر عرفات من أجل تغيير القيادة الفلسطينية أي شطب جيل من القيادة الفلسطينية واستقدام جيل آخر وكان الأميركيون يدعمون هذا التوجه بقوة من أجل إقصاء ياسر عرفات وهم الذين ضغطوا من أجل استحداث منصب لرئيس الوزراء وهم الذين ضغطوا من أجل أن تتشكل وزارة ويكون فيها شخص محدد معين بالاسم أن يكون هو وزيراً للداخلية أو وزيراً لشؤون الأمن هذه مرحلة، في المرحلة الثانية بقيت نفس الخطط موجودة لكن تغير مضمونها وبدأ العمل من أجل تدمير حركة فتح من خلال تدبير انشقاقات فيها ومن خلال الدعوة لضرورة استقالة قيادتها الوطنية التاريخية بحجة أن هذه القيادة كبرت بالسن وترهلت وبدءوا يصفونها في الصحف وفي جلسات السمر بأنها قيادة الزهايمر وأشياء بذيئة من هذا المجال، ثم انتقلوا إلى المرحلة الثالثة المرحلة التي نعيشها الآن وهي مرحلة محاولة تدبير تمردات مسلحة تبدأ بمظهر الفلتان الأمني فإذا عمّ الفلتان تتقدم جهة وتقول: يجب أن نوقف هذا الفلتان وتسيطر على الوضع وتكون هذه الفئة تعمل بتواطؤ مع جهات أخرى.

ميسون عزام: نعم ولكن سيد بلال حالياً في ظل الوضع الحالي هل تعتقد أن هناك أرضية للحرب الأهلية؟

بلال الحسن: إذا استمر العمل بهذا الاتجاه وإذا استمر الدعم الإسرائيلي والأميركي لمثل هذه القوى وبخاصة في قطاع غزة احتمالات الصدام المسلح ولا أقول الحرب الأهلية الصدام المسلح القوي موجودة جداً وقائمة على الأرض وأقول هنا بضرورة التفريق بين قيادات أو أشخاص تتخذ موقع القيادة في هذا التحرك هي التي لها ارتباطات خارجية وأجنبية وبين جمهور من الأعضاء يؤيد هذه القيادة ولكن منطلقه مختلف جداً لأن ما يُقال له هو السعي للقضاء على الفساد وللإصلاح وللتطوير فهو مخدوع بنوايا هؤلاء الأشخاص ولكن لا بد من لحظة تنجلي فيها الحقيقة وأقول الصدام ممكن والصدام محتمل وهذا احتمال خطر وما نقرأه في بعض الصحف وفي بعض البيانات الصادرة اليوم وفي بعض الخطب يعزز مثل احتمالات المواجهة هذه.

ميسون عزام: طيب في ظل هذه التطورات إن كان داخلياً الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني أو فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي كيف يمكن التوصل إلى حل؟ يعرض شاخاك في الفيلم وجهة النظر الإسرائيلية بشأن كيفية التوصل إلى السلام.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): باستطاعتكم تشكيل حكومة جديدة يا هاني إن سيطرتم على شعبكم وأوقفتم الهجمات الإرهابية سيسعى الإسرائيليون إلى عقد اتفاق مع الفلسطينيين.

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): إن شاء الله.

ميسون عزام: سيد حلمي هل تعتقد فعلاً أن المشكلة الفعلية والأساسية في نجاح العملية السلمية تكمن في عملية وقف العمليات الانتحارية، يعني لو لم تكن هناك عمليات انتحارية وتوقفت بالفعل فإن تحقيق السلام وارد؟

حلمي موسى: أعتقد بأن أي نظرة ولو عابرة فقط على مجريات الأحداث منذ توقيع اتفاق أوسلو وحتى الآن تبيّن أن هذا المعطى غير صحيح على الإطلاق، إسرائيل لديها رؤية تريد أن تفرضها على الفلسطينيين، وهذه الرؤية غير مرتبطة البتة بالمقاومة الفلسطينية سواء كانت مسلحة أو غير مسلحة مرتبطة في الأساس بفرض إرادة إسرائيلية تقوم على تجنيد الفلسطينيين من أوسع قدر ممكن من أراضيهم وحتى من كرامتهم وإفساح المجال لهم بتحويلهم من شعب إلى عبارة عن أقليات يفعلون بها ما يشاءون، أرادوا الآن منحهم دولة لتكن هذه الدولة ولكن بالسيادة على ما فوق الأرض وليس على الأرض أو ما تحتها، أعتقد بأن المشكلة كانت تكمن في الأساس في الرؤية الإسرائيلية للسلام مع الفلسطينيين وهي رؤية تأخذ بالأساس ما أشرنا إليه في البداية وهو فرض أمر واقع على الفلسطينيين، الأمر الواقع هذا تجلى في المستوطنات، الأمر الواقع هذا تجلى في رفض مناقشة موضوع اللاجئين الفلسطينيين، الأمر هذا تجلى في منع الفلسطينيين حتى من السيطرة على معابر حدودية هذا الأمر كان فقط يريد منح الفلسطينيين دولة اسمها "علم" ومراسم حضور وخروج للرئيس أو ما شابه للـ VIB وليس للناس العاديين، منعوهم حتى من إقامة أي نوع من الاقتصاد المستقل، المشكلة كل هذه الأمور جرت قبل أن يقدم الفلسطينيون حتى على أول عملية استشهادية.

ميسون عزام: طيب دعنا نتوقف الآن سيدي مع فاصل قصير، مشاهدينا نعود بعده إليكم لنتابع معاً برنامج مشاهد وآراء والفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"، مشاهدينا ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلنا معكم وبرنامج مشاهد وآراء نناقش معاً الفيلم الوثائقي "أعز الأعداء"، يذكر هاني الحسن في الفيلم الوثائقي بأن السلطة عرضت مسألة تبادل الأراضي، دعونا نتابع بداية هذا المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): لقد اقترحنا حلاً بمقايضة الأراضي لكن بشرط تفكيك المستعمرة التي تحول دون استمرار الدولة، أعتقد أن الجانب الإسرائيلي يهمل تأثير هذا الأمر على الأمن.

ميسون عزام: سيد بلال يهود أولمرت أعلن قبل الانتخابات الإسرائيلية بأنه سيقوم بتحديد حدود إسرائيل، يعني باعتقادك هل يعني ذلك انتهاء المفاوضات فيما يتعلق بالأراضي مع الفلسطينيين؟

بلال الحسن: أنا رأيي أن المفاوضات انتهت رسمياً بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ أكثر من سنتين، انتهت عندما أعلن شارون أنه ينوي البدء بخطته للحل المنفرد وقد أعلن ذلك مستشاره ومدير مكتبه ومندوبه إلى الولايات المتحدة المحامي فايسلاف ديغلاس، هو الذي قال: إن خطة شارون تعني أن لا عودة للتفاوض مع الفلسطينيين، وتم شن حملة إسرائيلية عليه بأنه تجرأ وقال ما لم يُقال وأن كلامه غير صحيح ولكن ثبت أن كلامه صحيح، التسوية توقفت منذ ذلك الحين ومنذ ذلك الحين إسرائيل وأحزاب إسرائيل وقيادات إسرائيل تسعى إلى فرض حل ليس على الفلسطينيين فقط بل على العالم بأكمله وهم يريدون أن يضمنوا التأييد الأميركي لهذا الحل، يريدون السيطرة على 58% من أراضي الضفة الغربية كما قال أمس الرئيس محمود عباس في أوسلو، ويريدون السيطرة على المياه الجوفية، ويريدون السيطرة على مدينة القدس وليس صحيحاً أنهم يريدون نصف القدس فقط يريدون إقامة مناطق تُعتبر كقواعد أمنية لإسرائيل، هذا ما يريدونه ويريدون فرضه فرضاً بدون مفاوضات.

ميسون عزام: لنستمع إلى رأي السيد حلمي حول هذه النقطة، ماذا تقول في هذه النقطة؟ المفاوضات بالفعل انتهت هل تعتقد بالفعل أنه لا يمكن الحديث الآن أو طرح قضية تبادل الأراضي؟

حلمي موسى: يعني أعتقد أن المفاوضات السياسية ربما أن الأخ بلال قال أنها انتهت قبل سنتين ولكنني أعتقد أن المفاوضات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين انتهت في كامب ديفيد ربما أن محاولات إحياء المفاوضات جرت في طابا بعد ذلك ولكن منذ عام 2000 تقريباً انتهت المفاوضات السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كل ما جرى بعد ذلك ليس أكثر من محاولات لإحياء هذه المفاوضات ثبت بالدليل القاطع أن المفاوضات تقريباً انتهت، هذا ما تحاول الحكومة الإسرائيلية الحالية والحكومة السابقة الإشارة إليه بأنها تريد ترسيم الحدود من طرف واحد، ترسيم الحدود من طرف واحد هو في الواقع المنطق الإسرائيلي الوحيد الذي قام في الأساس على أنه يمكن بالتفاوض أن نفرض على الفلسطينيين إرادة إسرائيل في أن تحدد الحدود بالاتفاق مع الفلسطينيين من خلال إظهار موازين قوى في غير صالح الفلسطينيين، الآن إسرائيل تطبق موازين القوى هذه على أرض من طرف واحد، هذه هي الحقيقة المرة التي يرفض الآن بعض الفلسطينيين ممن لا زالوا يطمحون بالتسوية مع إسرائيل من الاقتناع بها.

ميسون عزام: طيب سيد بلال تطرق إلى قضية القدس، يعني يعرض شاخاك وجهة نظر إسرائيلية غريبة بشأن السبب وراء رفض إسرائيل تسليم القدس القديمة للفلسطينيين، دعونا نتابع ما ورد في هذا المقطع.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق - الجيش الإسرائيلي): فلماذا على الحكومة الفلسطينية المسلمة أن تكون مسؤولة عن موقع مسيحي مقدس؟ هذا سؤال جيد جداً والإجابة هي قبل بضع سنوات كانت هناك أقلية مسيحية فلسطينية إلا أن المسيحيين في إسرائيل باتوا أكثر عدداً والمسيحيون الفلسطينيون لديهم مطالب إذ أنهم يتساءلون لماذا تعطون عرفات مواقعنا المقدسة؟ ستقسّم القدس وعندها سيحصل الفلسطينيون على قدس لهم وسنحصل على قدس لنا لن يغيّر أحد اسم المدينة، في اتفاقية جنيف تمت الموافقة على إنشاء فاصل، سيقوم الفلسطينيون بإدارة منطقة حائط المبكى والحي اليهودي وجزء من المنطقة الأمنية المتفق على أنها تابعة لإسرائيل إلى جانب المواقع المقدسة.

ميسون عزام: سيد بلال تحدثت قبل قليل حول قضية القدس وأن إسرائيل لا تريد أن تعطي القدس للفلسطينيين يعني عندما ذكرت ذلك لم تذكر الأسباب، هل يمكن الاعتقاد فعلاً كما جاء في هذا الفيلم الوثائقي أن هناك جماعات مسيحية ربما تعترض على مثل هذه الخطوة؟

بلال الحسن: أنا أرى أن ما قاله الجنرال شاخاك هنا هو ذروة الديماغوجية وأنا آسف أن جنرال محترم بمستوى شاخاك يدخل في هذه اللعبة، يدخل ليقول أن الفلسطيني المسيحي المقيم داخل دولة إسرائيل.. يرفض أن تتنازل إسرائيل عن القدس بما فيها من مواقع مقدسة مسيحية لأن هذه له وليست للفلسطيني أو للمسلم..

ميسون عزام: يعني هل تعتقد أنه كان يتحدث هنا عن الفلسطيني المسيحي أم أنه كان يتحدث عن اليهود الذين جاءوا أو المسيحيين الذين جاءوا إلى فلسطين ومن ثم..

بلال الحسن: لا يتحدث عن اليهود.. المسيحيون في داخل دولة إسرائيل 90% منهم فلسطينيون عرب، هو يعتبر أن هؤلاء لهم خلاف مع المسلمين في القدس حول أماكنهم المقدسة، هذه ذروة الديماغوجية كما أن هناك في الضفة الغربية وغزة مسيحيون لا أعتقد أن واحداً منهم يقول: أنا أريد القدس ولا تعطوها لياسر عرفات أو لأي مسؤول فلسطيني آخر، أنا أقول أن المسيحيين الفلسطينيين داخل إسرائيل أو سواء كانوا داخل الضفة الغربية أو غزة هم مناضلون وطنيون شرفاء ناضلوا من أجل فلسطين ومن أجل القدس ومن أجل الأماكن المقدسة كما ناضل غيرهم سواء بسواء، هذه لعبة سخيفة ويجب أن تتوقف.

ميسون عزام: طيب لنستمع إلى رأي السيد حلمي يعني من خلال متابعتك هل أثيرت هذه القضية قضية المسيحيين؟ وبالمقابل هل كلام شاخاك أنه لا مانع لدى إسرائيل من تسليم المقدسات الإسلامية لسلطة فلسطينية؟

حلمي موسى: لأ أنا أتفق مع الأخ بلال بأنها فعلاً ذروة ديماغوجية خصوصاً بأن إسرائيل في النقاشات التي جرت بخصوص الأحياء المسيحية بالقدس لم تتنكر لعروبتها بما في ذلك حتى الحي الأرمني في القدس القديمة كل الأحياء المسيحية أُقرّت، الخلاف دار في الأساس حول الحرم القدسي وليس حول المقدسات المسيحية التي أقرت إسرائيل بأنها سوف تكون في القسم العربي من القدس، بخصوص الحرم القدسي خصوصاً أن إسرائيل تدعي أن لها ارتباطات فيه من حائط المبكى حائط البراق وما تحت الصخرة المشرفة، كل تلك المسائل هي في الأول وفي الأخير حتى من وجهة نظر دينية يهودية عميقة ترفض كل الفكرة الصهيونية حول هذه المسألة ومع ذلك إسرائيل في اعتقادي تنظر إلى القدس بوصفها نقطة تتحكم فيها اعتبارات ديموغرافية واعتبارات تاريخية وما شابه ولا شأن مطلقاً للادعاء الذي أثاره الآن شاخاك بخصوص المسيحيين ومع ذلك أعتقد بأن هناك مسيحيين عرب، في مصر هناك مسيحيين أقباط يمكن يزيد عددهم عن 10- 12- 15 مليون قبطي مسيحي، في سوريا وفي لبنان وفي المنطقة العربية ما لا يقل عن عشرة ملايين مسيحي آخر، أعتقد أن ادعاءه ادعاء سخيف جداً وهو أتفق مع الأخ بلال بأنه ذروة الديماغوجية..

ميسون عزام: طيب وصلت الرسالة ولكن دعنا ننتقل إلى السلاح برغم أن النقاش بين الحسن وشاخاك جرى قبل وصول حماس إلى الحكم إلا أن موضوع سلاح حماس كان مطروحاً في الحوار.

[مقطع من الفيلم الوثائقي]

آمنون ليبكن شاخاك (قائد أركان سابق – الجيش الإسرائيلي): من السهل جداً تقييم مرحلة الإخلاء وإعطاء منطقة للسلطات الفلسطينية يا هاني لكن كيف ستقيم فعالية وجدية السلطة الفلسطينية بوجود جيش حماس؟ كيف ستقيس هذا؟ ما هي الأدوات التي تملكها للقيام بهذا؟

هاني الحسن (مسؤول سابق في الاستخبارات الفلسطينية): لا ليس من مصلحة فتح أن تسمح لحماس بترأس هذه العملية، فتح لن تقبل أبداً بدولة دينية لكونها غير ديمقراطية وستسبب لنا العديد من المشاكل التي نحن بغنى عنها.

ميسون عزام: سيد بلال طبعاً هذا الحديث صُرّح به قبل أن تستلم حماس الحكومة الفلسطينية، يعني بهذا التسلم هل تعتقد أن فرص المفاوضات قد ضاعت أو ربما قد نشهد في المستقبل مفاوضات ولكن ربما بصورة مختلفة؟

بلال الحسن: أنا رأيي الشخصي أن فرص المفاوضات قد ضاعت لأن إسرائيل لا تريد أن تفاوض ولأن أميركا تدعم إسرائيل في هذا الموقف، ولكن بغض النظر عن موقفي هذا أقول: الرئيس محمود عباس أعلن أمس في أوسلو موقفاً من ثلاث نقاط موقف في غاية الأهمية، قال: أولاً أنا مستعد للتفاوض وأنا جاهز للتفاوض بصفتي رئيس منظمة التحرير والرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية ولأن كل الاتفاقات مع إسرائيل وقّعتها منظمة التحرير الفلسطينية، اثنين: أنا أحذر المجتمع الدولي بأن إسرائيل تريد حلاً منفرداً من خلال الجدار وضم القدس وضم 58% من الأراضي وضم المياه وهذا يعني استحالة نشوء دولة فلسطينية، ثالثاً قال عباس: أنا أطالب بمؤتمر دولي يدفع ويجبر الأطراف على أن تجلس للتفاوض المباشر وتكون هذه الأطراف الدولية حكماً ومراقباً للانتخابات، إذا كانت إسرائيل لا تريد التفاوض مع حماس بسبب سلاح حماس وعمليات حماس فهذا هو عرض أبو مازن قائم ولكن إسرائيل لا تريد أن تسمع والولايات المتحدة لا تريد أن تسمع، يريدون حلاً يُفرض على الفلسطينيين فرضاً لأنهم يعتبرون إسرائيل وسيطرة إسرائيل جزءاً من مخطط الشرق الأوسط الكبير للسيطرة على المنطقة بأكملها، يجب أن نعي هذه الحقيقة.

ميسون عزام: طيب هذا فيما يتعلق بموقف إسرائيل نعم من حماس، ولكن ماذا عن فتح فيما يتعلق بحماس سيد حلمي يعني استمعت إلى ما قاله هاني الحسن من أن فتح لا تقبل وصول حماس إلى السلطة، هل يفسر هذا السلوك السياسي الحالي لفتح تجاه حكومة حماس؟

حلمي موسى: أنا أعتقد بأن فتح بُنيت على أساس أنها حزب السلطة ورغم أنها تداولت في اعتقادي بشكل معقول السلطة مع حماس إلا أن العقبات التي تحاول وضعها أمام حكومة حماس تتجاوب إلى حد كبير مع الضغوط الدولية وخصوصاً الضغوط الأميركية والإسرائيلية، وفي ذلك نوع من الحرج لوطنية حركة فتح وهي حركة رائدة على الصعيد الفلسطيني، أعتقد بأن هذا الموقف لدى جزء من قيادة حركة فتح لا زال يلعب عنصراً أو يلعب دوراً معرقلاً على صعيد العلاقات الفلسطينية الداخلية وربما لو شاء الواحد أن يذهب أكثر من ذلك لقال: إن المساوئ التي تبدت في أداء حركة فتح طوال سنوات السلطة الفلسطينية هي ما دفع الناس ربما حتى من دون معرفة ببرامج حماس لقبول حماس وتتويجها رئيسة للحكومة الفلسطينية.

ميسون عزام

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

فتح ..دحلان .. وأشياء أخرى

[ 16/12/2006 - 02:21 ص ]

خليل الأغا

لم يكن رحيل القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات هو قاصم ظهر فتح، ابدا لم يكن ذلك هو السبب، فعلى مر التاريخ كانت الثورات، أو الدعوات، أو الحركات ذات البعد الأيديولوجي أو الفكري، أو الوطني تستمر حتى بعد رحيل مؤسسيها أوقيادتها أو طلعيتها، ولم تك ابدا عرضة لذلك التخلخل العنيف في تركيبتها التنظمية، والتصدع في بنيتها الفكرية، والتهاوي في آفاق امتدادها عبر التاريخ، أو انطفاء جذوة صحوتها، في فكر وعقل وقلب أتباعها ومحبيها، وهو ما حدث مع حركة تحررية فلسطينية، تشكلت في حقبة زمنية تلت العدوان على قطاع غزة في العام 1956 وقبيل هزيمة العام 1967 ، والحقيقة المحتومة أن فتح بالمعنى التنظيمي قد انتهت منذ فترة طويلة وبعيدة، وهنا لسنا نعرض للشكليات بل للمضمون العلمي، والشكل والبنية التنظمية، لما قد يشكل تنظيما. فلكل تشكيل تنظيمي أسس وقواعد ومنهجية، ونظم ادارية، وتشكيلات اتصالية، وبنية متماسكة مترابطة منطقيا، تخضع لفكر استراتيجي ، هذا الفكر قد يكون اقتصاديا أو فكريا أو عقائديا، بحسب البيئة التي ينشأ فيها هذا التشكيل التنظيمي.

فلو طبقنا كل ما سبق ذكره، مع اعتبار الخلفيات السياسية التاريخية وتأثيرها على مجمل التوجه التنظيمي ، على فتح لوجدنا أن فتح تنظيميا لم تتشكل وتستمر إلا لبضع سنوات وهي من فترة ما بعد حرب 1973 وحتى مطلع الثمانينات مع انطلاق حرب المخيمات والحرب الأهلية اللبنانية، حيث أريد لهذا لتشكيل الفلسطيني أن يعزز انتصار 1973 ، لكن ما بدأت مرحلة معاهدة كامب ديفيد وتم تحييد الجبهة المصرية والتمركز في الجبهة الشمالية في لبنان وانطلاق حرب المخيمات وتزايد النعرات الانشقاقية داخل التشكيلات الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية على راسها حركة فتح، حتى انهارت البنية التنظمية وبرزت محلها الكاريزمية للقيادات الفلسطينية، فكانت بمثابة اعلان لانهيار التنظيم من الناحية الفعلية وانتقاله إلى حالة أشبه ما تكون بالشللية.

ولنبدأ الحكاية من البداية، مذ كان تشكيل حركة فتح كتشكيلات عسكرية guerrillas لمهاجمة جيش الاحتلال الاسرائيلي بنمط حرب العصابات " اضرب واهرب "، متوافقا عليه من بعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر حيث شكل الفدائيون الفلسطينيون في مرحلة حرب الاستنزاف تهديدا لا يستهان به كجزء من باقي التشكيلات العربية، التي تكونت من آلاف المتطوعين العرب والمسلمين. وبعض حرب 73 واتجاه مصر السادات للصلح مع الكيان المحتل على أساس أن مصر مهتمة بأمنها واستقرارها وتحرير أراضيها، وأما فلسطين، فلتكن القضية مرحلية، نحرر الأراضي المصرية والأردنية والسورية، ثم ننظر في شأن الفلسطينيين. هذا ما كان وما بعده كان استكمالا لمرحلة لا بد أن تصل إليها منظمة التحرير ممثلة بعمودها الفقري فتح، فكان أن مرت بمرحلة حرب المخيمات التي قضت على الشكل التنظيمي لفتح والمنظمة وتقولبت في شخصية القائد فكان هو رأس الهرم، وهو قاعدته، وهو كيانه، وهو المسيطر على كل تفاصيله، في حين كانت الجوقة المحيطة به هي ديكور تنظيمي لا علاقة له بأي عمل فكان عرفات يشرف بنفسه على كل صغيرة وكبيرة، وهو ما يتنافى كليا مع الأسس التنظيمية لأي تنظيم مهما كانت بساطة تشكيله أو مدى تعقيده.

وكما ذكر الملك حسين في مذكراته التي قامت ال BBC بعمل برنامج وثائقي ضمن جزءا من مقابلاته مع جوقة أوسلو من جميع الأطراف العربية وغير العربية، فقد صرح أن المباحثات السرية بين منظمة التحرير واسرائيل بواسطة الملك حسين شخصيا في العام 1979، وهو ما أكده بسام ابو شريف في مقال له، وهو ما يعلمه الأخ أبو مازن جيدا، ولا أظنه ينفيه، في حين أن القاعدة الفتحاوية بدءا من الصف القيادي الثاني لم تكن تعلم مطلقا بما يدور، وبعد وصول المنظمة إلى تونس وبقاء هياكل لفتح في لبنان وسورية وتشرذم القيادات الميدانية التي تورطت بعضها في عمليات اختطاف وتفجير الطائرات في أوروبا، وفي الوقت الذي تواصلت فيه المباحثات السرية بوتيرة مختلفة بحسب المتغيرات الدولية، كان الجسم التنظيمي في فتح يغط في سبات عميق.

في تونس بدات مرحلة جديدة، هذه المرحلة دخلت طورا متقدما من حلول الوسط، وكانت العقبة عدداً من القيادات العسكرية والأمنية في فتح، فكان الضوء الأخضر قد أعطي مسبقا وتم تحديد شخصيات العقبات الداخلية، وتمت تصفيتهم جميعا وصولا للرجل الثاني أبو جهاد مرورا بابي إياد الرجل الثالث، والقيادات الأمنية في أوروبا وبذا صعدت شخصيات بديلة للصفوف القيادية الشاغرة، جميعها وبلا استثناء وبشكل مذهل تمتلك نفس التوجه السياسي وهو التخفيف من العمل "غير السياسي" وانتهاج العمل السياسي، وأكثر ما يدلل على ذلك أن اغتيال ابوجهاد تم في العام 1988 وخلال سنتين فقط كانت الحطة السمراء ومن خلفها العباءات السمراء تجلس سويا في مدريد بحضور شمعون بيريس واسحق شامير رئيس الوزراء في حينه، وباراك الذي كان قائد عملية الرجل الثاني في فتح كان يحتضن الرجل الأول، والقاعدة لا تزال تغط في سبات عميق، أو بالأحرى تم استغفالها.

وكان هذا الأمر بمثابة دلالة واشارة واضحة على أن القائد هو الموجود ولا وجود للتنظيم، ورب قائل يقول" اذا تنكر كل الأشكاال التنظيمية الموجودة؟" ، وأرد قائلا: لا يعني بالضرورة أنك تسمي هذا تنظيما فيكون تنظيما، فلك أن تقول ما تشاء، وتعتبر ما تشأء، لكن الواقع يدلل على أمر مختلف كليا، وأشكال التواصل هي أمر طبيعي لكنها لا تعني بالضرورة وجود تنظيم بالمعنى التنظيمي الحقيقي. وما كان على الأرض هو أشكال اتصالية لتسيير الأعمال والاشراف على الأنشطة، وإلا فمن ياتي بدليل على آلية اتخاذ القرار، داخل فتح التي عادة وفي أي تنظيم أو منظمة تتخذ اشكالا محددة وتمر عبر سلسلة واضحة المعالم، منطقية النموذج، ولتحقيق سياسات وأهداف واضحة المعالم في إطار رؤية استراتيجية للعمل التنظيمي.

فكرة فتح كانت العمل العسكري وتشكيلاتها عسكرية الأساس لكن لا وجود لتنظيم حقيقي، ومنذ العام 1988 وبالذات بعد رحيل أبو جهاد، الذي كان دينامو فتح العسكري، انتقلت للعمل السياسي البحت دون أن تعلم القاعدة إلى أين تتجه، ولأن البعض منهم كان يتشبث بالعمل العسكري فقد ترك لهم هامشأً من العمل العسكري المحدود داخل الأراضي الفلسطينية تحاشيا للاصطدام بهم، بل قد يشكلون واجهة يمكن الاحتجاج بها أن العمل العسكري لم يتوقف، لكن في الواقع، كان العمل العسكري قد انتهى بانتهاء القيادات التي كانت تدعم هذا التوجه، ففيما كان الشباب المنتمي لفتح في داخل الأراضي الفلسطينية يقضي زهرة شبابه خلف القضبان، كان العشرات من القيادات المفترضة للحركة ( ولا أقول جميعهم ) في أحضان الغانيات في تونس ولندن وغيرها وهذا ليس من ابتداعي بل نقلا عن بعض قيادات فتح ذاتها في الخارج.

أثناء حصار عرفات في المقاطعة، والذي نفضت أمريكا واسرائيل أيدهما منه بعد أن تصلب الرجل في مرحلة معينة، في حين أنهم كانوا يتوقعون منه الاستمرار بنفس النهج السابق، ولكن كونه زعيما تاريخيا من زعماء الشعب الفلسطيني وكما قال هو ذاته ذات مرة أنه لا يستطيع أن يتنازل عن القدس ولن يسجل له التاريخ ذلك، وهنا كما هو السيناريو السابق مع القيادات العسكرية والأمنية لفتح، من يخرج عن الطور ويغني خارج متطلبات المرحلة التي تضع سياقها الولايات المتحدة واسرائيل ، فإنه عليه أن يمضي بعيدا وهكذا مضى عرفات لأنه غنى خارج السرب، والآن جاء دور من تم اعدادهم مسبقا، وصعدوا إلى منصة التصدر باسم فتح، وأصبحوا من يمثل فتح.

هي النظرية ذاتها ، ازاحة قيادات ليصعد من يريدون هم، وذلك لأنهم يعرفون جيدا أن الشخصية هي التي تحدد كل شيء داخل فتح فليس فيها قوانين ولا مستويات قيادية ولا تنظيم مؤسسي هو الذي يحدد القرار وليس الأشخاص، وهو ما يعضض نظرية عدم وجود تنظيم داخل فتح، وإنما هي شخصيات ذات نفوذ، مدعومة ماديا وسياسا، هي التي تحدد الاتجاهات العامة لذلك التيار أو تلك المجموعة. وليس أدل على ذلك من قيام عناصر فتح بالتهديد المسلح لقياداته أو الضغط عليها باحتلال المؤسسات لكي ينال مطالب تنظيمية داخل الجسد المفترض ذاته، ولا يتذرع خاوي الوفاض قائلا هذه من الديمقراطية، فهو تماما كفستان ممزق وممتلئ بالرقع والثقوب ثم يأتي مصمم أزياء قائلا عنه: "موضة جديدة"، فلو كان هناك تنظيم لكانت هناك آليات للتواصل بين القيادة والقاعدة، وماكان هذا الشيء ليحصل أساسا بوجود تنظيم؛ فالتطور التنظيمي والتوسع الأفقي، والرأسي، أمر يتصف بالديمومة داخل التنظيم الفعال، وهو الأمر الذي كان بديهيا عدم انطباقه على فتح.

من جهة أخرى، اتصال شخصيات داخل التنظيم بشكل مباشر بجهات مثل اسرائيل والولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا وغيرهم، إضافة إلى التنسيق الأمني المباشربين مسئولين فلسطينيين وغيرهم، قد أحدث نوعا من الولاءات من هذه الشخصيات لطرف جهة الاتصال، وهو ما انعكس داخليا داخل الأراضي الفلسطينية وأساسا داخل فتح، وأصبح الأمر يتعلق بقيادات وشخصيات ولا وجود للتنظيم، ولا وجود حتى لأساس فكري لهذا التنظيم، وقد شكل هذا فعليا آخر أشكال الوحدة في البنية التنظيمية، الذي يعتمد على وحدة التوجه، استنادا إلى وحدة الأهداف.

ومن هنا نستطيع القول أن فتح ليست تنظيما مطلقا، ولا يمكن القول أن لها شكلا تنظيميا محددا، إلا إذا انبرى أحد المتفيقيهين بنظرية تنظيمية جديدة لم تتحقق علميا وفعليا على الأرض هي "فتح"، ولكن من البديهي أن أحدا من قيادات فتح لا يجرؤ على الاعتراف بذلك، وإن كان الكثير ممن يدينون بالولاء لفتح قد أعرب بمرارة عن ذلك، ابان مرحلة الانتخابات البلدية والتشريعية الأخيرة التي تجلى فيها أكبر دلالات الترهل البنيوي لفتح؛ من تخريب الانتخابات الداخلية، والتهديدات، واطلاق النار، وحرق الصناديق، والحرب الخفية التي وصلت حد الذم في الأعراض، والقدح في الذمم، وتبادل الاتهامات بالعمالة بين بعضهم البعض، في حين أنهم افتراضا أبناء تنظيم واحد أو بالأحرى أبناء تشكيل واحد.

لا فكر تنظيمي، لا وجود لهيكل تنظيمي، لا فكر استراتيجي، لا تخطيط منهجي، لا تواصل فعال، لا بنية مؤسساتية، لا اتصالات تنظيمية، لا تطور رأسي أو أفقي، في المقابل مراكز قوى، أجندات مبنية على المصالح الآنية أو المتوقعة، علاقات خارجية متعددة، عشرات التشكيلات العسكرية ذات المصالح المتضاربة، لا رؤية لأكثر من يوم واحد، تشكيلات عصابية، أشبه ما تكون بأسر المافيا، وإن كانت حتى تلك، تملك رؤية استراتيجية لعملها، وتعمل ضمن مخطط واضح، يتوارث ضمان تحقيقه كل من يتولى مسئولية الأسرة.

للأسف حاليا يتم استخدام اسم فتح لممارسة أقذر ما يمكن ممارساته على الأرض بالذات من صاحب الشخصية " البارانويا "، دحلان الذي أصبح فجأة يمثل التيار الاكثر تأثيرا وليس بالضرورة الأهم أو الأكبر في استخدام اسم فتح، بل وأحيانا الشعب الفلسطيني بحسب ما يتخيله أحيانا في اليقظة، ليتحدث عن الواقع وعن رغبته في "تعديل" الاعوجاج الموجود، في محاربة"الفساد"، ووضع حد " للفلتان الأمني" الذي اصبح كذبة تلوكها ألسنة الفلسطينيين فيما الأمر لا علاقة له بفلتان أمني ولا ما يحزنون. هو بحسب من بقرأ كتب شخصيات عملت في اجهزة استخبارت غربية وأمريكية نظرية معروفة في تأجيج الصراعات، والبحث عن كل سبب يمكن أن يتسبب في إحداث فوضى عارمة، لا يمكن السيطرة عليها نظريا من قبل تشكيلات بحد ذاتها أو الدفع بأخرى لا ترتبط مباشرة بمنظمي هذه الأعمل وانما من خلال تأجيج دوافع اجتماعية، أو سياسية، أو ايديولوجية نحو التصادم مع نقيضتها، والنتيجة اتجاه تيار الرأي العام إلى البحث عن خلاص من هذا الوضع من أي كان وبأي شكل، وهنا يأتي "المسيح المخلص" ( وآسف لإخواننا النصارى لاستخدام المصطلح)، ليخلص الشعب من هذا الواقع بعد أن يكون قد دفع به لحافة الانهيار أو الانفجار، فيطلب لعناصره التوقف، ويوعز إلى أنصاره خارج تشكيلاته بالتهدئة وبذا يأتي الحل السحري على يدي هذا "المخلص" فيستحق بذلك السؤدد والقيادة، هذا هو خلاصة حلم دحلان رجل أمريكا واسرائيل الأول باعترافهم هم من خلال عشرات الأدوار التي قام بها سابقا لاثبات الولاء، فاستحق بذلك الجزاء، وأعطي فرصة ليثبت ذاته، وهو مطلقا لم ينف ذلك، وهنا لنفهم ما يحدث ونحلل كل خطوة وموجات التحركات والاغتيالات ومتابعة العناصر التي تتحرك بذلك على الأرض لوجدنا كل كلمة ذكرتها تتحقق حرفيا، وأنا أعيش داخل المجتمع الفلسطيني وأعلم خبايا كل ذلك بتفاصيلها، بل ويعيشها الفلسطيني ويدفع ثمنها كل يوم.

وإليكم أمرا حدث معي شخصيا مع قائد كبير في كتائب شهداء الأقصى وتجمعني به صلة صداقة قوية تمتد إلى فترة بعيدة، سألته ذات مرة عن حدث سبب تصادم مع حماس وكاد يترتب عليه أمر كبير، فقلت له" من المفترض أنك قيادي بارز في كتائب شهداء الأقصى، وعليك مسئولية كبيرة تجاه عناصرك وتجاه عامة الشعب فيجب أن تحتمل، فقال وبالحرف الواحد: "نحن نحمل كتائب الأقصى لكننا وحدات خاصة للأخ محمد دحلان والأمر أكبر مما تظن"، فذهلت لقوله، وسكت ولم أنبس ببنت شفة، ليس خوفا من هذه الوحدات الخاصة، وانما أسفا على صديق وضع نفسه في هذا الموقع المشئوم، وحتى أكون منصفا فالجميع يعرف أن لكتائب شهداء الأقصى تشكيلات عدة وليست كلها تخضع لدحلان لكن إحدى أبرزها في قطاع غزة هي كذلك، وقد جمعتني الأقدار بناطق إعلامي لإحدى هذه التشكيلات في مدينة نابلس، فسألته عن تأثير دحلان فما كان منه إلا أن بصق على الأرض" فشرت عينه إن كان بإمكانه أن يؤثر علينا، هذا ع....."، وأقسم على ماقاله كلاهما، قسما أشهده أمام ربي يوم الدين.

فلك أيها القارئ أن ترى إلى أين تمضي الأمور ومن يقف خلفها، وهو رجاء مني لكل السياسيين الفلسطيينين والصحافيين والإعلاميين"كفوا عن استخدام هذا المصطلح الدحلاني" فهو تأكيد لمخططاته ومن معه ومن خلفه، وابحثوا خيرا لكم عن تسمية الأمور بمسمياتها، فالفلتان الأمني له صوره المعروفة، وفي ظل وجود أكثر من 80 الف رجل أمن تحت أمرة السلطة، في ظل بقعة جغرافية محدودة يمكن السيطرة عليه ببساطة، لكن الأمر غير ذلك، فالتناغم والترابط في الأحداث ذو ايقاع منتظم، ففي الوقت الذي يهاجم في المجلس التشريعي في غزة يتم حرقه في الضفة، وفي الوقت الذي تطلق فيه النيران على داعية في قلقيلية يقتل آخر في غزة، وفي الوقت الذي يختطف فيه عنصر من حماس في خان يونس، تطلق النيران على مجموعة في نابلس، وفي الوقت الذي يقتحم فيه الاحتلال قرية قرب رام الله، تخرج عشرات البنادق المسلحة لتطلق النيران على سيارة وزير، وبقدرة قادر ينتقل قاتل الأكاديمي في غزة إلى رام الله في حين لا تتمكن ذبابة من مغادرة غزة بدون تفتيش، فأي فلتان بربكم هذا، ولكن وراء الأكمة ما وراءها، ولا أشك مطلقا أن هناك في غزة وفي رام الله وفي الشتات من يعرف جيدا كيف السبيل للخروج من هذه الأزمة، وأعتقد جازما أن الأمد يجب ألا يطول أكثر من ذلك.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...