اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

كن أسداً وكلني!


Sherief AbdelWahab

Recommended Posts

إعجاب النساء بشخصية "مندور أبو الدهب"- في مسلسل " حدائق الشيطان " التي جسدها ببراعة الممثل السوري جمال سليمان - بحاجة إلى كثير من التأمل .

طاغية وقاتل ؟ نعم ، ينهب ويسرق ؟ نعم ، لكن مع ذلك قوة ورجولة ،وأسد يتخفى في أهاب رجل ، وسيادة غير محدودة ، وحزم يخالطه حنان ، لذلك انجذبت له مشاعر النساء بالفطرة ..وإذا أردت أن تفهمني فتصور – في المقابل - مشاعر امرأة ترى زوجها يقبل الأيادي متملقا ويلعق أحذية السادة متذللا ويبيح كرامته لكل من هب ودب ، ثم يضربها آخر الليل بالعصا تحت زعم أنه رجل .. وحتى لو اضطرتها ظروفها للبقاء معه فهل يمكن أن تحمل له مثقال ذرة من احترام؟.

..................

كن أسدا وكلني ، هذا هو المثل المغربي الجميل الذي يلخص كل شيء . لو انتصر جمال عبد الناصر على الصهاينة لغفرنا له الحكم الديكتاتوري والمحاكم الهزلية وإراقة الدماء الزكية ، ولنسينا حصد رؤوس الصفوة واستباحة كمشيش وتحويل رجل إلى نصف إله ، ولصدقنا تلك الجمل التي درست للأطفال عاما كاملا حتى تطوع رجل شريف – مغامرا بعنقه - بالذهاب إلى مكتب هيكل بالأهرام ليسأله : أحقا يقبل عبد الناصر بهذا ؟، لتأتي الأوامر بحذف تلك الجمل التي كانت تقول "خلق الله لنا العينين لنرى جمال عبد الناصر ، وخلق الله لنا الأذنين حتى نسمع خطب جمال عبد الناصر ..الخ ".

لكن حينما يستباح الوطن ويتم حشد الجنود المصريين إلى سيناء على عجل بالجلابيب الفلاحي ، ويدمر الجيش المصري في ساعات ويصل الهوان إلى حد مبادلة الأسرى بالبطيخ ( حسب ما كتبه صحفي بالأهرام كان شاهدا على الواقعة ) ويتم الاتفاق في البداية على مبادلة الأسير ببطيخة ثم يقترح الصهاينة في أريحية كاذبة – إمعانا في الذل – أن يتم تبادل العشرة أسرى ببطيخة واحدة ( لأن البطيخ حلو أوي ) ، فإن ذلك يحول الحكم من ( بيعة وطاعة) إلى (غلبة وإذعان ) ولا يصبح هناك فارق كبير بين حاكم وزعيم عصابة .

يقول أمل دنقل " كيف تنظر في عين امرأة ، أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها ؟ "

........................

التاريخ يكتبه المنتصرون ، حينما يذكر اسم رمسيس الثاني سوف يتبادر إلى ذهنك فورا صورة الملك الصلب الذي بلغت الإمبراطورية المصرية في عهده أزهي عصورها ..وتتذكر معركة (قادش) حينما حاصره الأعداء في قلة من جنوده – بعد خديعة عسكرية متقنة – فلم يضع ذيله بين رجليه ويبول ، وإنما زعق زعقة اهتزت لها قلوب الحيثيين ، وحمل عليهم بمركبته يقتحم قلب الجيش ويجندل الأعداء ، شعاره إن لم يكن من الموت بد فليمت كأسد .

يشهد التاريخ أن ثباته ألهب قلوب جنوده ، فثبتوا في المعركة الطاحنة حتى لحق بهم الجيش المصري فأبادوهم تماما ، وعاد الملك الجسور بفخر النصر – الحقيقي وليس المزيف - إلى وطنه ليصوره فنانو مصر القديمة في تلك الصورة المرسومة على جدران المعابد - وحفظها لنا التاريخ - وهو يشد شعور الأسرى الحيثيين الصارخين المولولين .

وسينسى الكل ضحايا تلك الآلة الحربية الجبارة في ذلك الكوكب الأرضي المرسوم بالدماء ..الفلاحين الذين قهروهم على الانضمام للجيش .. الأبدان المتعبة في الطريق إلى قادش، والبطون الجائعة ، والقتلى بلا جريرة ..سنتذكر فقط أنه أثبت رجولته وسط جماجم الأعداء لا على فراش امرأة ولا بقهر شعب أعزل.

...................

كن أسدا وكلني ، (محمد على) يذكره الجميع الآن بأنه باني مصر الحديثة الذي أرسل البعثات لفرنسا ووسع حدود الإمبراطورية المصرية إلى النوبة والشام ، ويغفل التاريخ عذاب البسطاء الذين بني على أكتافهم مشروعه الإمبراطوري ، والسخرة التي استلب بها الفلاحين من قراهم البعيدة وسط بكاء الأمهات ودموع الأحباب ، وعشرات الألوف من الجنود البؤساء الذين أرسلهم أبناؤه للمكسيك (لمجاملة ) الحاكم هناك ولم يذكر التاريخ شيئا عن مصيرهم بعد ذلك .

قطز قتل أقطاي ولكنه أوقع أول هزيمة بالتتار ، وبيبرس قتل قطز ولكنه أرسى قواعد دولة كبرى..طبيعي أن يكون للهرم الأكبر آلاف الضحايا المجهولين وأن تتخلف نفايات ضرورية عن ناطحات السحاب ، ونحن مستعدون أن نكون من هذه النفايات بشرط أن يكون البناء عظيما .

.............................

ولأننا الآن لا نحيا في عصر الأسود فقد انخفض السقف المشروع لطموحات الشعب إلى حد الهوان ، لا أحد يحلم بالانتصار على إسرائيل أو تكوين إمبراطورية أو حتى زراعة الخبز ، انحصر طموحنا في الأمن ..أمن المواطن طبعا لا أمن النظام .

الكارثة أن الدولة تخلت عن الحد الأدنى من التزاماتها في العقد الاجتماعي المبرم بين طرفين معنويين : الشعب الذي يتنازل طوعا عن حريته مقابل الأمن الذي توفره الدولة . وهذا الالتزام المتبادل بين الطرفين هو ما يكسب الحكم شرعيته ، وبدونه نصبح كتلك البائسة التي يقبل زوجها الأقدام ثم بضربها آخر الليل.. نعود إلى عصر إذعان مملوكي يتم فيه عصر الليمونة تحت مسمى (الجباية) حيث كان يتم تسليم إقليم بأكمله إلى رجل يدفع الضرائب للحاكم مقدما على أن ينفرد هو - فيما بعد - بالفلاحين البؤساء .. نظام ظالم طبعا لكنه بصراحة أكثر شرفا مما يحدث الآن فعلى الأقل كانوا يسمون الأمور بأسمائها لا كما يحاولون إقناعنا بأننا نموت عشقا فيهم دون أن ندري ، ونردد أسماءهم - من فرط الصبابة- أثناء نومنا .

منذ أيام حدثت جلطة في شريان الطريق المؤدي للجامعة بسبب ستة توابيت متحركة من لوريات الأمن المركزي ، وجنود مدمدمين يرتدون السترات السوداء المخيفة ، وضباط كبار الرتبة يتحدثون في اللاسلكي , وجو عام من التهيب والترقب والخطورة ..وتصورت أن هناك أمرا جللا أو مظاهرات عارمة بالحرم الجامعي تستدعي كل هذا الحشد ، ولكني بمجرد أن دلفت من بوابة الجامعة وجدتني انتقل- دون تمهيد - إلى عالم آخر ، فالعشاق اتنين اتنين ( على رأي الست فيروز ) ، يأكلون البسكوت ويشربون المياه الغازية وهم يتبادلون عبارات الغزل والمزاح ، وباقي الطلبة منتظمون في قاعات المحاضرات ، والعصافير تحلق في سلام مستمتعة بشمس الشتاء ، وحتى حرس الجامعة كانوا يجهلون سر تلك الحشود المدمدمة في الخارج ، حتى قال أحد العارفين ببواطن الأمور أنها تحسبا لامتداد مظاهرات جامعة أخرى في محافظة أخرى .

قلت في نفسي : يا سبحان الله !!، لماذا لا تظهر هذه الهمة حينما يتعلق الأمر بأمن المواطن ؟..وتذكرت الشباب المراهق الذي يتجمع تحت منازلنا حتى الرابعة فجرا، يتحرشون بنسائنا ويسلبونا النوم بالضحكات الفاجرة والمزاح الرقيع ، بالموسيقى الصاخبة والسباب الفاحش ، وتذكرت عدم اكتراث الشرطة بهذا الانفلات الأمني الذي تسبب في مصرع مراهق على يد مراهق آخر فضاع الاثنان معا .

فليعلم الجميع أن هناك أمنين كما أن هناك شرطتين ، واحدة صارمة شبه عسكرية تتعلق بأمن النظام وتتمتع بكل الإمكانيات وكافة الصلاحيات ( شاملة ضرب القضاة ) ، وأخرى بائسة يائسة هامسة ناعسة تتعلق بالشق الجنائي وأمن المواطن .. أذكر أنني استدعيت النجدة يوما لصرف المراهقين في الثانية صباحا بعد أن أعياني الأرق فاعتصرني الإشفاق وأنا أشاهد أخواني من جنود الشرطة يرتعدون أمام الشباب العابث الوقح الذين كانوا ينفخون دخان السجائر في وجوههم ، وحتى الضابط الشاب راح يتوسل إليهم ليذهبوا إلى حال سبيلهم فيقولون في استهتار : شوية كده ، فيبتلع المسكين الإهانة صاغرا لأنه لو أمسك بهم فسوف يحال هو نفسه للتحقيق ، هكذا قال لي بصراحة حينما سألته في دهشة أين ذهبت هيبة الشرطة ؟.

حتى تدخلات المعارف والأقرباء من ذوي السلطة والنفوذ فشلت تماما ونصحوني بالانتقال إلى مسكن آخر فالموضوع بلا حل لأنه أكبر من أي واسطة.. إنه قرار استراتيجي بالتركيز على أمن النظام وإهمال أمن المواطن ، بعبارة أخرى تركونا نتصرف مع بعضنا البعض دون أي تدخل من جانبهم فمرحبا بشريعة الغاب ومعارك القرود ، وإذا غبت عنكم في الأيام القادمة فاعلموا أني أتلقي تدريبات مدرب الكاراتيه ، أما إذا طالت غيبتي فهذا معناه أن مدربهم أفضل !! . في ذمة الله يا جندي..مع السلامة !! .

وبصراحة بدأت أعيد النظر في تقييمي لعهد جمال عبد الناصر فعلى الأقل كان الناس يطأطئون رؤوسهم لصلاح نصر وشمس بدران وشعراوي جمعة ، وليس لحثالة من المراهقين،وكانوا ينعمون بالأمن إذا ابتعدوا عن السياسة ، وما زلت أذكر صيحة الشاويش تدوي من حين إلى آخر : هع ، مين هناك ؟

ذات مرة شاهد عبد الناصر مسابقة في إحدى المجلات عن صاحب أجمل عيون بين الرجال فأمر بحلق رؤوسهم فورا وإرسالهم للجبهة بلا مناقشة .

وحينما ينفرط العقد الاجتماعي بهذا الشكل ، ويصبح أمن كل إنسان هو مسئوليته الخاصة ، فحينئذ لا تتعجب من ضياع الانتماء أو التهرب من الضرائب ، لأن الانتماء في هذه الحالة يتحول إلى سفه والضرائب إلى جباية . والخلاصة أن المتغطي بالحكومة عريان ، وعلى كل واحد فينا أن يتصرف بمعرفته ويبحث لنفسه عن غطاء مناسب ويغطيني معه من باب الجدعنة .

http://almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?New...8015&Page=1

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      للتاريخ فقط ... يكفي مصر إعتزازا ، انه لم تنقضى خمس سنوات على عدوان إنجلترا على مصر ، حتى شهد العالم إعتبارا من عام 1960بداية التفكك والأنهيار السريع للأمبراطورية البريطانية ، فتحررت غانا سنة 1957 وتحررت مالايا ونيجيريا والصومال سنة 1960 وتلاهم سيراليون وتانجانيقا والكاميرون فتحرروا سنة 1961 كما أخذت السعودية سنة 1961 مسئولية الدفاع عن الكويت... واتى عام 1962 ، فأستقلت توباجو ، وأوغندا ، وغرب ساموا ، وجامايكا ، وترينيداد وفى سنة 1963 تحررت كينيا وزنجبار ثم تبعهم ملاوى ، وم
    • 6
      أرجنتيني يهاجم أسدا في حديقة الحيوان بوينس إيرس: أ ب أصيب أرجنتيني بجروح طفيفة في وجهه وذراعيه بعد أن قفز إلى عرين أسد أثناء زيارته لحديقة حيوان بوينس إيرس، متحديا الأسد بمنازلته مستعملا معطفه لاستفزازه، كما يفعل مصارعو الثيران الإسبان. وقد استطاع لوكاس توماس (22 عاما) القفز إلى قفص الأسد وقام باستفزازه فقام الأسد الذي يطلق عليه اسم "كويكي" بالقفز عليه وعضه عدة مرات قبل أن تؤدي الأعيرة النارية التي أطلقتها شرطة الحديقة إلى هروب الأسد، وسحب المصارع المزعوم. وقال خوان كارلوس راماريز،
×
×
  • أضف...