Sherief AbdelWahab بتاريخ: 23 ديسمبر 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 23 ديسمبر 2006 مشهد مخيف كما رآه البعض, ومؤلم وفق ما نظر إليه بعض آخر. ولكنه لم يكن مفاجئاً إلا لمن استهانوا بتداعيات الانسداد السياسي الذي لم يستطع المصريون الخروج منه بعد بالرغم مما يطلق عليه بعضهم صفة "حراك" يحدث منذ مطلع 2005 . وهو ليس صادماً إلا لمن استخفوا بالآثار التي يمكن أن تترتب على العلاقة المتوترة الشائكة بين سلطة الدولة وجماعة "الإخوان المسلمين". أما المشهد فكان مكانه جامعة الأزهر، وزمانه اليوم الخامس من الشهر الجاري، وأبطاله عشرات من طلاب هذه الجامعة ينتمون إلى جماعة "الإخوان". ظهر هؤلاء الطلاب في الحرم الجامعي وأمام مكتب نائب رئيس الجامعة مرتدين ملابس سوداء شبه عسكرية وأقنعة مخيفة لا يبدو من خلفها إلا عيون تشع غضباً وتتقد ناراً, وقاموا باستعراض مهاراتهم القتالية في فنون (الكاراتيه والكونغ فو) على وقع أناشيد وأغنيات "جهادية" تنبعث من أجهزة "دي جي" مرتفعة الصوت. فيا له من مشهد مرعب فعلاً. وكيف لا يثار الرعب حين تلجأ الجماعة الأكبر على الإطلاق في الساحة السياسية المصرية إلى استعراض قدرتها على ممارسة العنف ضد خصومها جهاراً نهاراً؟ وأي رعب أكثر من أن يكون استعراض هذه القدرة في المكان الذي يفترض أن يتعلم فيه الطلاب القدرة على التفكير وليس على العنف, ويستوعبوا من خلاله تقاليد الحوار والحل السلمي للخلافات، وليس فنون الضرب وحسم الخلافات بالقوة؟ غير أن هذا المشهد لم يأتِ من فراغ, وأبطاله لم يهبطوا فجأة من كوكب آخر. فهم من أبناء مصر. نشأوا فى بيئة سياسية– اجتماعية معينة. وما فعلوه نتج عن مقدمات. فهو الحصاد المُر لزرع فاسد, وليس نبتاً شيطانياً لا جذور له. ولذلك فهو ليس مشهداً مدهشاً أو مثيراً للاستغراب. المدهش حقاً هو أن من ساهموا في الوصول إليه تعاملوا معه, حتى الآن, بالطريقة نفسها التي أنتجته. فهم, باستثناءات قليلة, بدأوا بإثارة الأسئلة التي يجوز أن نسميها أسئلة أمنية, بدلاً من طرح الأسئلة السياسية، وفي مقدمتها السؤال عن طبيعة البيئة السياسية التي أنتجت ذلك المشهد. ومن الأسئلة الأمنية التي طُرحت بشكل متكرر خلال الأيام الماضية السؤال مثلاً عن كيفية دخول أولئك الطلاب إلى حرم الجامعة بملابسهم وأدواتهم وأجهزتهم التي استخدموها في استعراض القوة, أو عن دور الحرس الجامعي الذي كان غائباً, أو عن المواقع التي تم فيها تدريب أبطال المشهد على فنون القتال التي أظهروا إجادتهم لها, فضلاً عن السؤال الذي يتكرر في كل مناسبة تبدو فيها قوة الإسلام السياسي في الجامعات المصرية, وهو كيف تغلغل أعضاء "الجماعة المحظورة" في الجامعات إلى هذا الحد؟ ومن شأن هذا النوع من الأسئلة أن يقود إلى إجابات تصب في مجرى المعالجة الأمنية لقضية سياسية, وتحث على تشديد الحملات على "الإخوان" بالرغم من أن تجربة ما يقرب من عقدين من الزمن أثبتت أن هذه الحملات تقويهم ولا تضعفهم. ففضلاً عن ضعف تأثير الحملات الأمنية على تنظيم كبُر حجمه وتوسَّع نشاطه, إلى حد يستحيل معه الإحاطة به, ثبت أن قمع أعضائه يؤدي إلى ازدياد التعاطف معهم في دوائر متزايدة في المجتمع. ولذلك أصبح الإصرار على البعد الأمني مدخلاً رئيساً للتعامل مع "الإخوان" يعني تصميماً على تقديم خدمة مجانية لهم تستحق أن يشكروا عليها أصحاب هذا المنهج. ولم يكن المشهد المخيف في جامعة الأزهر نفسه إلا نتيجة مواصلة التضييق على الطلاب المسيَّسين, أي المنتمين إلى اتجاهات سياسية مختلفة, وليس على طلاب "الإخوان" وحدهم. ولم يستمع أصحاب القرار في هذا القطاع إلى صوت العقل الذي ظل يناديهم لسنوات طويلة محذراً من الأثر الخطير المترتب على حظر النشاط الحزبي في داخل الجامعات. كما لم يلحظوا أن استمرار هذا الحظر يصب في مصلحة تيار "الإخوان" الذي ينشط في أوساط الطلاب اعتماداً على نشاط ديني واجتماعي يستحيل منعه. وكأن من أصروا على حظر النشاط الحزبي عملوا من حيث لم يقصدوا لمصلحة "الإخوان" عبر تفريغ الجامعة من أي نشاط يمكن أن يمثل منافسة لهم. فكان أن تنامى وجودهم في الجامعات عاماً بعد عام, بينما تضاءل حضور أي تيار سياسي آخر. ولم يجد الطلاب الراغبون في ممارسة نشاط غير ترفيهي إلا نشاطات زملائهم "الإخوان" الذين عملوا كخلايا نحل لا تفتر. ومع ازدياد حضور طلاب "الإخوان" واشتداد عودهم, أصبحوا قادرين على الفوز في الانتخابات الطلابية في كثير من الكليات في مختلف جامعات مصر. وبدلاً من أن ينتبه أصحاب القرار الذين أفزعهم وجود "الإخوان" القوي إلى السبب الذي أدى إلى ذلك, اتجهوا إلى التضييق عليهم وحرمان معظم مرشحيهم من خوض الانتخابات الطلابية بشكل مُتعسِّف. ومع تكرار شطب مرشحيهم عاماً جامعياً بعد الآخر, في الوقت الذي كان عددهم يزداد قوة, لجأوا في العام الجاري إلى التحدي عبر تأسيس ما أُطلق عليه اتحادات طلابية موازية. وأُجريت انتخابات لهذه الاتحادات خارج إطار السلطة المختصة في عدد من الجامعات, وبدعم ومساعدة عشرات الأساتذة الجامعيين المعارضين من "الإخوان" وغيرهم. وهذه كلها مشاهد سبقت مشهد استعراض القوة المخيف وقادت إليه في تتابع منطقي. فبعد مشهد الانتخابات غير المشروعة, أي التي أجريت خارج نطاق القانون, جاء مشهد تالٍ أدى بشكل مباشر إلى المشهد المخيف, وهو قيام إدارة جامعة الأزهر بفصل ستة طلاب بتهمة لصق منشورات على مكتب نائب رئيس الجامعة تتضمن هجوماً عليه, إضافة إلى تهم أخرى مثل (ممارسة أنشطة غير طلابية في الحرم الجامعي, وتعطيل الدراسة وفرض السطوة على طلاب آخرين, وتحويل الجامعة إلى وكر للتآمر). فتحرك زملاء لهم من طلاب "الإخوان" لمساندتهم عبر تنظيم اعتصام كان مشهد استعراض القوة جزءاً منه. فهذا, إذن, مشهد يأتي في سياق سياسي محدد. ولذلك فهو يتطلب معالجة سياسية, وليس المزيد من المعالجات الأمنية التي تمثل كلمة "المحظورة" المفتاح السحري لها ولازدياد قوة "الإخوان" المحجوبة جماعتهم عن المشروعية في آن معاً. فقد أصبح قمع "الإخوان" وانتشارهم وجهين لعملة واحدة. فكلما ازداد التضييق عليهم كسبوا المزيد من المتعاطفين معهم, خصوصاً وأن هذا التضييق لا يمكن إلا أن يكون جزئياً محدود النتائج إذا كان له أثر أصلاً في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات, وفي ظل وجود 88 نائباً من أعضاء "الجماعة المحظورة" في البرلمان. وهم يصرون, في كل مناسبة وحتى بدون مناسبة, على أن يؤكدوا تحت قبة البرلمان أنهم ينتمون إلى هذه الجماعة ويعبرون عن مواقفها ويتحدثون باسمها ويتحدُّون التصنيف الرسمي لهم في مجلس الشعب باعتبارهم "مستقلين". وهذا المشهد البرلماني المتجدد في تفاصيله في كل جلسة من جلسات المجلس هو أسطع دليل على فشل المعالجة الأمنية في وضع حد لتوسع دور "الإخوان" وانتشارهم وازدياد قوتهم. فقد فتح لهم الانسداد السياسي أبواباً غير منظورة يصعب, بل قد يستحيل, سدها. وفعل ذلك الانسداد فعله في الأحزاب المشروعة التي ضعفت وتآكل معظمها, بما في ذلك "الحزب الوطني" الحاكم الذي اعتمد لفترة طويلة على أجهزة الدولة الإدارية والأمنية لضمان أغلبيته البرلمانية الكبيرة. ولذلك فشل ما أطلق عليه "الفكر الجديد", الذي حاول الإصلاحيون في هذا الحزب بقيادة نجل رئيس الجمهورية, في انتشاله من أزمته. كما أصبحت أحزاب المعارضة المشروعة عاجزة عن استثمار رغبة سلطة الدولة في تدعيم دورها بأمل الحد من نفوذ "الإخوان" المتزايد في المجتمع. فقد أدركت هذه السلطة أهمية إعطاء الأحزاب المعارضة مساحة للحركة متأخراً جداً. ولذلك تبدو هذه الأحزاب اليوم وقد أصابها كساح بسبب حبسها لفترة طويلة في ساحة شديدة الضيق وسد الأبواب أمامها. فلما بدأ فتح بعض هذه الأبواب, لم تقوَ على الحركة. وهكذا ارتد الانسداد السياسي على نظام الحكم الذي فشل في غلق معظم الأبواب التي ينفذ منها "الإخوان" إلى قلب المجتمع, بالرغم من استخدام كل ما تيسر لديه من أدوات لحصارهم. فلم تفلح هذه الأدوات إلا في سد القليل من الأبواب أمامهم. وها هم يسعون, الآن, إلى كسرها هي الأخرى عبر استعراض القوة فيما لم ينفع فيه التغلغل التقليدي. وهذا هو مغزى المشهد الذي أظهر فيه طلابهم قدرات قتالية مخيفة حقاً ولكنها مفهومة أيضاً. http://masr.20at.com/article.php?sid=1338 عن عشرينات عن الاتحاد الإماراتية.. وعنوان الموضوع ليس العنوان الأصلي ولكنه تصرف من العبد لله لتقريب المعنى .. خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
shawshank بتاريخ: 23 ديسمبر 2006 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 23 ديسمبر 2006 استنبطت رسالتين من المقال : - ليست أحداث جامعة الأزهر مفاجأة (لم تهبط من السماء) ، فقد سبقتها مقدمات ، كان النظام أحد أبطالها . - صار الإخوان واقعًا ، فعلى النظام التعامل معه . و أتفق تمامًا مع الكاتب ، و هو ليس فقط "انسدادًا سياسيًا" ، لكنه أيضًا انسداد في الأفق لدى النظام ، و العمى عن رؤية بدائل للتعامل مع الإخوان ، غير بديل القمع . فالنظام لا يرى من ألوان الطيف إلا هذا اللون ، حتى لو كانت مصلحته في ألوان أخرى . و أضيف إلى ما قال ، أن استمرار التعتيم الإعلامي على أنشطة الإخوان طوال سنوات ، ثم فجأة الكشف عن السقف الذي وصلت إليه ، يرسل الرسالة الخاطئة و غير الحقيقية للمتابع ، رسالة مفادها مفاجأة أحداث جامعة الأزهر . كل لحظة إبطاء في نيل المعتدين جزاءهم ... خطوة نحو كفر المجتمع بالعدالة، ودرجة على سلم إيمانه بشريعة الغاب رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Sherief AbdelWahab بتاريخ: 24 ديسمبر 2006 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 24 ديسمبر 2006 وأختلف مع الكاتب في وصفه لجناح سيمبا بالإصلاحيين ، فما قدمه هذا الجناح ليس إصلاحاً وليس أي شيء بالمرة وإنما هو هوس القيام بدور يفوق إمكانياتهم وخبراتهم.. وكم ورط هذا الجناح الحزب البيروقراطي في مشاكل لم ينزلق إليها عواجيز البيروقراط! خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان