أسامة الكباريتي بتاريخ: 26 يناير 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 26 يناير 2007 عباس بين قبلة أولمرت وتقطيبة الأسد: العبرة في طهران! صبحي حديدي 26/01/2007 قبلة الموت هي التسمية التي شاء يوري أفنيري ـ الكاتب الإسرائيلي المعروف، أحد أنزه يهود العالم القلائل الذين يدعمون الحق الفلسطيني بلا هوادة، وأول إسرائيلي يلتقي علانية مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ـ اختيارها لتوصيف ما طبعه رئيس وزراء الدولة العبرية إيهود أولمرت علي خدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أثناء استقبال الأخير في الدارة الرسمية لرئيس الحكومة الإسرائيلية. أكثر من هذا، يضيف أفنيري: منذ أن عانق يهوذا الإسخريوطي يسوع المسيح، لم تشهد أورشليم القدس مثل هذه القبلة ! أليس هذا الرجل، محمود عباس، هو نفسه الذي قاطعه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، ثم اقتفي أثره خليفته أولمرت، طيلة سنوات؟ كيف حدث الآن أن الأخير لا يقبله علي الخدين فحسب، ثم يقدمه إلي زوجته باشاً هاشاً، بل كذلك يخاطبه بصفة Mr. President (هذه الصفة التي حُرم منها الراحل عرفات رسمياً، وعن سابق عمد وتصميم، في العرف الإسرائيلي والأمريكي ومعظم البروتوكول الغربي)؟ وهل كان عباس يدرك، هو الذي وقع اتفاقيات أوسلو نيابة عن الفريق الفلسطيني، أنه هو ـ وليس سيده عرفات ـ الذي سيحظي بلقب الرئاسة بعد عمر طويل، وبعد قبلة حارة علي كل خد؟ لكن مصيبة عباس لم تكن تقتصر علي القبلة في حد ذاتها، بل في كيفية تسويقها إلي شارع فلسطيني لا بد أنه ضرب كفاً بكف وهو يري إلي رئيسه يتعشي طلق المحيا هناك، ثم يري ـ أو ينتظر غداً وبعد غد وكل يوم أن يعيش ـ المزيد من جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي الفاشية المنفلتة من كل عقال. ولهذا كان عباس ينتظر من أولمرت هِبَة كبري دراماتيكية تنقذ مشهد القبلة من إسفافه السياسي والإنساني، كأن يعلن أولمرت صرف رقم عالٍ من ملايين الدولارات التي تخص السلطة الوطنية الفلسطينية وتحتجزها إسرائيل، أو أن يعد ـ أو حتي يأمر فوراً، من طاولة العشاء! ـ إطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين والأسري الفلسطينيين في سجون الدولة العبرية، أو ـ في أضعف الإيمان ـ أن يقرر تخفيف معاناة الفلسطينيين اليومية علي حواجز الطرق... بالطبع، لم يقدم أولمرت سوي خُمْس المبالغ التي تحتجزها إسرائيل، وبدا أن فحوي العشاء الدافيء (الذي تم، للإيضاح، بناء علي رغبة أمريكية وفي سبيل تحسين أوراق عباس أمام حماس ، في مرحلة بالغة الحرج للرئاسة، سياسياً وأمنياً) كان حُسن إخراج العشاء أمام عدسات العالم، بما فيها ـ وعلي رأسها غالباً ـ تلك التي ستنقل المشهد إلي بيوت الفلسطينيين. المفارقة، كما للمرء أن ينتظر منطقياً، أن المشهد في تفاصيله البصرية الوردية كان يؤدي إلي نتيجة معاكسة، أي تحسين أوراق حماس وليس الرئاسة الفلسطينية، فكيف إذا تمخض عن حفنة دولارات من مال الفلسطينيين... ليس أكثر! ومن جانب آخر، أيعقل أن يكون هذا الرجل (الذي اكتفي من الغنيمة بقبلتين وخُمْس أموال الشعب الفلسطيني المحتجزة) هو نفسه الذي انقلب قبل أسابيع معدودات إلي بطل في أعين واشنطن وتل أبيب ولندن وبرلين ومعظم عواصم الغربية، فضلاً عن القاهرة وعمان، لأنه أعلن العزم علي تنفيذ هزة أرضية ماحقة في فلسطين، وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة؟ ألم تنهمر عليه مدائح أفيال حركة فتح ، مثل تماسيح الأمن في السلطة، وقطط الفساد السمينة، ورهط المتباكين علي رواتب الفلسطينيين، ونادبي هذا الحصار العبثي الذي يفرضه العالم ضد الشعب الفلسطيني؟ ألم يتسابق بعض العباقرة العاطلين عن العمل الآن، بعد اندحارهم في الانتخابات الماضية، إلي التبشير باستطلاعات رأي تفيد أن فتح عائدة بقوة إلي الرئاسة والمجلس التشريعي (وحتي في انتخابات المعلمين!)، وحماس آيلة إلي مزبلة التاريخ؟ صحيح أن الإعلان كان بمثابة مناورة تكتيكية مكشوفة، حسيرة النظر سياسياً وغير دستورية وغير متاحة بالمعني العملي والإجرائي المحض، لكي لا نقول: عطنة الرائحة، وتعيد الشارع الفلسطيني إلي ذات الأجواء الفاسدة الفاضحة التي سبقت الانتخابات الماضية ومنحت حماس أغلبية كاسحة (لم يكن بغير دلالة أن عباس أعلن القرار ـ الهزة محاطاً باثنين من بارونات السلطة الفلسطينية الأشد مقتاً من الشارع الفلسطيني: ياسر عبد ربه، ونبيل عمرو). غير أن الإعلان كان تكتيك عباس الأحدث، وربما شبه الوحيد آنذاك، من أجل تعويم سلطة الرئاسة الفلسطينية بعد أن انحدرت وانحطت وأصابها الشلل، أو الارتهان لسياسات التوتير والشحن والتسخين التي يقودها بعض بارونات فتح في الأجهزة الأمنية بصفة خاصة. وضمن هذا المعني ذاته، علي وجه التقريب، يمكن أن تُقرأ خطوة عباس في زيارة العاصمة السورية دمشق، رغم أن الدولة العبرية (بلسان أولمرت شخصياً) والولايات المتحدة (في تعليق غير دبلوماسي، وربما غير مهذب كذلك، صدر عن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس) أعربتا عن معارضتهما للزيارة. وأيضاً، كان عباس نفسه يعرف أن زيارته لن تكون ناجحة في الشق الذي يخص اجتماعه مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، وتحديداً في الشطر الذي يخص الاتفاق علي حكومة وحدة وطنية (أي، في عبارة اخري: إنقاذ ماء وجه الرئاسة في تكتيك اللجوء إلي انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وإبقاء العاصفة حبيسة الفنجان إياه!). وسوي وفاة عرفات، أي انزياح الرجل غير المرغوب به في دمشق كما سار التعبير السوري الرسمي منذ عام 1982، ما الذي تجدد في الموقف السوري تجاه السطة الوطنية الفلسطينية، أو منظمة التحرير، أو حتي ما تبقي من مفردات القضية الفلسطينية عموماً؟ وهل تبدلت استراتيجية السلام التي يعتمدها النظام السوري في حواره ــ المباشر أو غير المباشر، السري أو العلني ــ مع الدولة العبرية والإدارة الأمريكية؟ ألا تنهض أحجار الأساس في تلك الاستراتيجية علي توظيف الأوراق الخارجية، أينما وكيفما جري اقتناصها وتجميعها في قبضة النظام الحاكم، لصالح منجاة النظام وأمن بيت السلطة، أولاً وثانياً وعاشراً؟ الحال أنه كان يتوجب أن تنحني منظمة التحرير مرة وإلي الأبد، ليس قبل أو أثناء أو بعد مؤتمر مدريد كما يظن البعض؛ وليس سنة 1994، حين قصد عرفات دمشق معزياً بوفاة نجل الرئيس السوري البكر، باسل الأسد؛ وليس أثناء زيارة عرفات الفريدة إلي بلدة القرداحة (مسقط رأس الأسد) صيف 1996، حيث حمل في جعبته مقترحات إسرائيلية لاستئناف التفاوض، وتقصد أن يضم الوفد الفلسطيني الوجوه التي يمكن أن ترضي دمشق (فاروق القدومي وزهدي النشاشيبي)... بل منذ عام 1964، أي منذ انطلاقة فتح والعمليات الفدائية الأبكر. وثمة إغراء دائم، ليس بعيداً عن إغواء وضع وقائع الماضي في سياقات الحاضر، أن يعيد المرء استذكار واقعتين حاسمتين في تاريخ هذه العلاقة. في سنة 1964 قامت مفرزة تابعة للمخابرات العسكرية السورية باعتقال ياسر عرفات، بتهمة التحضير لأعمال تخريبية ، وذلك بعد تفتيش صندوق سيارته والعثور فيها علي أصابع ديناميت. وقد أطلق سراحه بعد ساعات، لكن الحادثة بدت غريبة لأن عرفات كان ينقل الديناميت بعلم وتسهيل القيادة السورية، وسبق له أن حصل علي موافقة رسمية بنقل أسلحة مختلفة إلي معسكرات تدريب فتح في سورية. وكان اللواء أحمد سويداني، رئيس الأركان آنذاك، هو الذي نقل ذلك إلي عرفات شخصياً، بعد مفاوضات بين الرجلين كانت قد بدأت مطلع ربيع ذلك العام. ولقد تبين فيما بعد أن الآمر الحقيقي لمذكرة الاعتقال كان الرجل القوي في الجيش، وصاحب النفوذ الواسع في مختلف أجهزة الاستخبارات، وقائد القوي الجوية، اللواء حافظ سليمان الأسد! كان اللواء سويداني يمثل طموح حزب البعث الحاكم في احتكار القضية الفلسطينية سياسياً وعقائدياً، ولهذا أقنع القيادة بالسماح لـ فتح بحرية التدريب علي الأراضي السورية. في المقابل، كان الأسد يمثل مطامحه الشخصية في السيطرة علي مقاليد الأمور والتمهيد لاستلام السلطة، ولهذا فقد ذكر عرفات بأنه صاحب القرار الأقوي، وأنه هو المرجعية العليا التي يتوجب علي فتح أن تعود إليها. وتلك الحادثة سوف تسجل بدء تاريخ طويل من العداء بين عرفات وخصمه العربي الأكثر شراسة، حافظ الأسد. الأخير ظل مصراً علي تحويل جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، و فتح بصفة خاصة، إلي ورقة في جيبه ولصالح خططه التكتيكية والاستراتيجية علي حد سواء. والأول ظل مصراً علي ضرورة بقاء البندقية الفلسطينية، والقرار الفلسطيني تالياً، في حال من الاستقلال التام عن مختلف الأنظمة العربية، وعن صراعاتها الداخلية أو الإقليمية. وهذا ما جعل الواقعة الثانية مجرد تتمة منطقية للواقعة الأولي. ففي 24 حزيران 1983 قرر الأسد طرد عرفات من العاصمة السورية بوصفه شخصاً غير مرغوب به، وجري تأخير موعد إقلاع طائرة الخطوط التونسية المعتادة لكي يستقلها عرفات وحفنة من مرافقيه، مطروداً رسمياً. ويروي ألان هارت، في كتابه عرفات ، أن جورج حبش كان آخر الفلسطينيين الذين ودعوا عرفات في مطار دمشق، وأنه احتضنه قائلاً: يا الله يا أبو عمار! إذا كنتَ أنت تغادر الشام هكذا، فكيف سأغادرها أنا؟ ربما في كفن ! لكن إحياء سلطة الرئاسة الفلسطينية، وليس تكفينها علي أي نحو، هو الذي جعل محمود عباس يزور دمشق قبل أيام، ساعياً كذلك إلي بيع الزيارة إلي الولايات المتحدة وإسرائيل، أو المساومة عليها مع بعض الأطراف العربية مثل مصر والأردن والسعودية وقطر، ثم إعادة تسويق دور ما للرئاسة في ما يخص الحوارات الأعرض نطاقاً مع طهران ودمشق. والمشهد المسرحي الذي جري قبيل انعقاد اللقاء الفاشل، بين امتناع عباس ومشعل كل علي طريقته، ووساطات وليد المعلم (وليس بشار الأسد شخصياً... لاحظوا هذه التفصيل الطريف!)، كان مجرد تدريب علي المشهد المسرحي الأهم الذي سيُنفذ في زمن قصير لاحق: اجتماع رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، علي أكبر لاريجاني، مع الفصائل الفلسطينية المقيمة في سورية، وهندسة سلسلة من الإيحاءات المدروسة التي كانت ترسل إشارتين: أن طهران طرف أول، قبل دمشق أحياناً، في ما يخص الفصائل الفلسطينية الإسلامية علي الأقــل؛ وثانياً، أن طهران طرف أول، قبل دمشق حتماً، في أي ترتيبات ذات طابع عريض يشمل قوي إقليمية عربية وغير عربية، من غزة إلي بيروت إلي بغداد إلي الرياض، وتنخرط فيه واشنطن وتل أبيب علي أي نحو. وبين قبلة أولمرت الإسخريوطية وقبلة بشار الأسد الأخوية (التي اقترنت، مع ذلك، بتقطيبة صارمة تدل علي أن الذي بين الرئيسين ليس أخوياً تماماً بل هو إلي ما صنع الحداد أقرب!)، كان عباس يدرك أن المشهد لم ينقلب إلي معطيات ملموسة تنتشل الرئاسة الفلسطينية من حال الانحطاط، وكان النقيض هو الذي جري ويجري: تعويم حماس أكثر فأكثر في ناظر الشارع الفلسطيني والإسلامي عموماً، وتعويم محمد دحلان بوصفه بارون فتح الأمني ـ العسكرتاري وبارومتر الرضا أو السخط في رئاسة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي! وبالطبع: أن العبرة في طهران، عبر بوابة غزة... قبل دمشق! القدس العربي يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا حسبنا الله ونعم الوكيل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان