اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

نشوة الشارد


سامح الاسواني

Recommended Posts

انطلقت عشرات الابواق في اذن ذلك الشارد الذي قطع الشارع فجأة ، انتبه الي تلك الشتائم التي اخرجته من الشرود . ابتسم و هو يتأمل نفسه تحت عجلات السيارات و الدم الساخن يلطخ وجهه قبل ان يتحول الي سائل لزج . نازعته رغبة ملحة كي يحك وجهه ، ثم سرعان ما اختفت الابتسامة و عاد الشرود ، كانت الشمس في ذلك الحين قد عزمت على ان تصب علي رأسه جل لهيبها ، لكنه لم يكترث ، وعلى وجه ادق لم يكن يشعر انه يسير في وضح النهار من الاساس ، الاوقات تتساوى حين يحل الذهول ، الليل و النهار سواء .

الي تلك المدينة التي قررت ان تصير صوبة زجاجية ضخمة يلطخها النفط من كل مكان قرر ان يرحل ، فيما ترك وراءه طفلة صغيرة و محبوبة و نهر لا يزال نابضا بالبهجة و شوارع و مقاهٍ و باعة و ضجيج و عوادم سيارات و صياح باعة صغار للمناديل و صوت ( طرقعة القواشيط ) على طاولات النرد و طيورا لا تعرف قيودا في السماء و مشاجرات في زحمة الباصات و عائلة مستكينة في قارب تحولت الي بناية غير ايلة للسقوط و (.. ، ..، ..، .. ،........)

ترك كل هذا و سافر بعد ان جاع الوطن ، و جاع فيه .

ثمة عشرات من الابواق تنطلق الان ، كان الصوت هذه المرة قريبا جدا ، لم يعد قادرا على احتماله .. سد اذنيه و انحنى مثل جنين ، ثمة صيحات كثيرة لا يعرف مصدرها ، صرير عجلات ، نداءات للباعة نهر صاف يعبر من فوقه و يباركه ، طفلة رقيقة تمنحه وردة تشبه وجنتيها ثم تذهب ، رؤساء ببذات عسكرية و اخرون بطرابيش ، كنيسة تدق اجراسها و اذان يحلق في السماء ، ثم صمت كل شئ

ابتسم وهو يتحسس ذلك السائل اللزج على وجهه ثم واصل طريقه

رابط هذا التعليق
شارك

===========================================================================

انطلقت عشرات الابواق في اذن ذلك الشارد الذي قطع الشارع فجأة ، انتبه الي تلك الشتائم التي اخرجته من الشرود . ابتسم و هو يتأمل نفسه تحت عجلات السيارات و الدم الساخن يلطخ وجهه قبل ان يتحول الي سائل لزج . نازعته رغبة ملحة كي يحك وجهه ، ثم سرعان ما اختفت الابتسامة و عاد الشرود ، كانت الشمس في ذلك الحين قد عزمت على ان تصب علي رأسه جل لهيبها ، لكنه لم يكترث ، وعلى وجه ادق لم يكن يشعر انه يسير في وضح النهار من الاساس ، الاوقات تتساوى حين يحل الذهول ، الليل و النهار سواء .

ربما تقصد هنا مدينة النسيان ...

حيث الذهول ترادفه مادة تسجن نفوس الناس طوال بحثهم عنها في رحلة وقودها دماء تسيل في شرود وحيرة...

الي تلك المدينة التي قررت ان تصير صوبة زجاجية ضخمة يلطخها النفط من كل مكان قرر ان يرحل ، فيما ترك وراءه طفلة صغيرة و محبوبة و نهر لا يزال نابضا بالبهجة و شوارع و مقاهٍ و باعة و ضجيج و عوادم سيارات و صياح باعة صغار للمناديل و صوت ( طرقعة القواشيط ) على طاولات النرد و طيورا لا تعرف قيودا في السماء و مشاجرات في زحمة الباصات و عائلة مستكينة في قارب تحولت الي بناية غير ايلة للسقوط و (.. ، ..، ..، .. ،........)

ترك كل هذا و سافر بعد ان جاع الوطن ، و جاع فيه ..

كما جعلتنا نقف على ابواب جنة طرد منها اهلها دون ذنب سوى انهم تركوا اعز ما يملكون على وجه الأرض في احضان نهر

سحابه يعاني وعورة الطريق إلى الوطن..

ثمة عشرات من الابواق تنطلق الان ، كان الصوت هذه المرة قريبا جدا ، لم يعد قادرا على احتماله .. سد اذنيه و انحنى مثل جنين ، ثمة صيحات كثيرة لا يعرف مصدرها ، صرير عجلات ، نداءات للباعة نهر صاف يعبر من فوقه و يباركه ، طفلة رقيقة تمنحه وردة تشبه وجنتيها ثم تذهب ، رؤساء ببذات عسكرية و اخرون بطرابيش ، كنيسة تدق اجراسها و اذان يحلق في السماء ، ثم صمت كل شئ

ابتسم وهو يتحسس ذلك السائل اللزج على وجهه ثم واصل طريقه

الآذان والأجراس هداية للنفس واطمئنانٌ للحلم ...

الأخ الفاضل سامح الاسواني

اسلوب رائع يذكرني بقلم قدير غائب عن ساحاتنا ارى فيك خطوطه بشدة

فكان هذا انطباعي واعجابي بأسلوبك المميز

وبإنتظار المزيد دائما.........

دمت بخير

تم تعديل بواسطة Doofy

255374574.jpgوَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ[/227576612.jpg

--------------------

رابط هذا التعليق
شارك

اسلوب رائع يذكرني بقلم قدير غائب عن ساحاتنا ارى فيك خطوطه بشدة

فكان هذا انطباعي واعجابي بأسلوبك المميز

لا يسعني غير ان اشكر اطرائك هذا ، و لو اني لا استحق هذا الثناء كنت فقط اود التواصل ، اشكرك مرة اخرى DOOFY و اشكر ايضا اشاراتك المهمة حول النص التي اضاءت لى بعض ما خفي عن نفسي

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 14
      نشوة دونما سبب منطقي اليوم تخللت قلبي سعادة لا حدود لها ، هل هو جديد سكن قلبي أم هو قديم عاد إلى الحياة؟ ، أمتلكت الدنيا بين أضلعي ؛ فصرت أنا الآمر الناهي ، صارت النجوم من حولي أنا تدور ، خطواتي تطوي الأرض من تحتي طيا ، استحالت معاناتي اليومية متع أسعى إليها .. أنتظر الأتوبيس أكثر من ساعة و لم ألعن الدنيا بمن عليها ، أقف في الأتوبيس أتدحرج بين كراسيه المتهالكة و كأني أمتطي أرجوحة تداعبني بها يد أمي الحانية .. تواجهني وجوه عابسة فأبادلها الإبتسام .. العمل الشاق صار ممتع ، الأوراق البيضاء تبدو لي
×
×
  • أضف...