اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الخوف !!


nora

Recommended Posts

الخوف فى القرآن

وقد ورد الخوف في القرآن على وجوه منها..

القتل والهزيمة : ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف))، (( ولنبلونكم بشيء من الخوف )).

الحرب والقتال: (( فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد)) إذا انجلت الحرب ،(( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت)).

العلم والدراية : ((فمن خاف من موصٍ جنفاً)) أي علم ، ((إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله )) أي يعلما، ((وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى)) أي علمتم.

النّقْص: ((أو يأخذهم على تخوّف)).

الرعب والخشية من العذاب والعقوبة : (( يدعون ربهم خوفاً)).

قال ابن قدامة: (( اعلم بأن الخوف سوط الله يسوق الله به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل لينالوا بهما رتبة القرب من الله عزوجل، والخوف سراج القلوب به يبصر ما فيه من الخير والشر))..

وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله عزوجل فإنك إذا خفته هربت إليه ، فالخائف هارب من ربه إلى ربه فأين المفر..؟!!!، وما فارق الخوف قلباً إلا خربه فإذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات فيها وطرد الدنيا عنها..

فكم أطلق الخوف من سجين في لذته كانت قد استحكمت عليه سكرته وكم فك من أسير للهوى ضاعت فيه همته وكم أيقظ من غافل التحف بلحاف شهوته وكم عاق لوالديه رده الخوف عن معصيته، وكم من فاجر في لهوه قد أيقظه الخوف من رقدته، وكم من عابدٍ لله قد بكى من خشيته وكم من منيب إلى الله قطع الخوف مهجته وكم من مسافر إلى الله رافقه الخوف في رحلته وكم من محبٍّ لله ارتوت الأرض من دمعته، فلله ما أعظم الخوف لمن عرف عظيم منزلته..

والخوف ليس مقصوداً لذاته ، ليس المقصود أن نخاف لأجل أن نخاف بل نخاف ليكون الخوف وسيلة تصلح أحوالنا.

لو كان الخوف مقصوداً لذاته لما ذهب عن أهل الجنة!!، لكن لما كان دخول أهل الجنة الجنّة مهياً القضية وما هو مطلوب منهم وليس فيها عمل ولا اجتهاد في العبادات ومقاومة للهوى والشهوات كان الخوف من أهلها ذاهب (( لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)).

ومن خاف اليوم أمِنَ غداً.. ومن أمِن اليوم خاف غداً.

والخوف يتعلق بالأفعال ، والمحبة تتعلق بالذات والصفات، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم ولا يلحقهم فيها خوف.

قال ابن رجب : (( والله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ونصب الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال )).

لذلك كرر الله سبحانه وتعالى ذكر النار وما أعده الله فيها لأعدائه من العذاب والنكال وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال إلى غير ذلك مما فيه من العظائم والأهوال ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه وامتثال والمسارعة إلى ما يأمر به ويحبه ويرضاه واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه، فمن تأمل الكتاب الكريم وأدار فكره فيه وجد ذلك العجب العجاب وكذلك السنة الصحيحة المفسّرة للقرآن وكذلك سير السلف الصالح أهل العلم والإيمان من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، من تأملها علم أحوال القوم وما كانوا عليه من الخوف والخشية والإخبات وأن ذلك هو الذي رقاهم إلى تلك الأحوال الشريفة والمقامات الساميات من شدة الاجتهاد في الطاعة والكف عن المحرمات ودقائق الأعمال المكروهات فضلاً عن المحرمات..

القرآن الذي استهدف أولاً وأساساً تزكية النفوس وشفاء الصدور كما يقول تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}([1][1]). {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ}([2][2]).

والقرآن الذي جاء لبناء الشخصية الإنسانية المتكاملة القويمة على وجه الأرض، هل عالج مشكلة الخوف، وهي من التوجهات والميول الرئيسية في نفس الإنسان.. ومن العوامل القوية التأثير على شخصيته وسلوكه؟! أم تجاهلها وأعرض عنها؟!.

بالتأكيد ما كان يمكن للقرآن الحكيم أن يغفل عن هذه المشكلة ويتجاوزها، وهو يسعى لتزكية نفس الإنسان وتوجيه سلوكه..

إن أزمة العلوم الإنسانية على وجه العموم وعلم النفس على وجه الخصوص، هي أنه لا يزال بعيداً كل البعد عن جوهر الذات النفسية للإنسان، ومن ثم يأتي غالباً بأخطاء في التحليل النفسي، والغاية القصوى لعلم النفس، هو الوصول إلى مستوى يمكنه من الإحاطة بالنفس إحاطة متكاملة، لتوفير العلاج المناسب، وهذا ما لم يتحقق إلى الآن. بل ولازال علم النفس يعترف بقصوره عن الإحاطة بكل الحالات... والدليل على ذلك، فشله في توحيد النظرية حول المشكلة النفسية الواحدة...

ومادام من ضرورة اعتقادنا بالله، أنه خالق الإنسان، ومدرك لكل ما يعتريه من حالات.. فهو الوحيد القادر على الكشف عن حقيقة النفس الإنسانية، والقرآن هو كلام الله. وبيننا والكشف عن حقيقة النفس الإنسانية، اعتماد طريقة الاستقراء، فقد تمكننا من تشكيل منهج قرآني، يوفر كل القواعد والأسس لدراسة النفس الإنسانية، دراسة حقيقية توفر النتائج والعلاجات الحقيقية.

تحدث القرآن عن مشكلة الخوف في آيات ومجالات عديدة، لو تفرغ لها باحث علمي متخصص، لاستطاع أن يستنبط منها رؤية علمية سليمة.. ومنهجاً تربوياً متكاملاً..

وخلال جولة من التدبر في مجموعة من الآيات القرآنية، التي تتحدث عن الخوف، تبينت لي الملامح التالية، لنظرة القرآن الحكيم حول هذه المشكلة..

تبلغ الآيات التي تتحدث عن الخوف بلفظة الخوف ومشتقاتها (134) آية في مختلف الشؤون والمجالات... أما التي جاءت بلفظة (الخشية) فحوالي (48) آية..

وهناك آيات عديدة تتحدث عن هذه المشكلة، في جذورها أو أعراضها ومظاهرها، وسائر ما يتعلق.

ومن المهم جداً أن ننتبه إلى أن القرآن الحكيم تشكل آياته توجيهاً متكاملاً للإنسان، وعلاجاً لمشاكله النفسية.. فالحقائق الكونية، والعقائد المبدئية، والأحكام والآداب، كلها تلعب دوراً متكاملاً ومتفاعلاً في تزكية نفس الإنسان وعلاج مشاكلها. ذلك أن معتقدات الإنسان وأفكاره التي يؤمن بها.. لها دخل كبير في صياغة نفسيته.. كما أن لنوعية القوانين التي يخضع لها والآداب التي يمارسها تأثير بالغ في توجهاته النفسية..

من هنا نجد أن حديث القرآن الحكيم عن مشكلة الخوف لا يأتي منفصلاً عن سائر جوانب الهدى الإلهي.. بل يجيء تارة ضمن التأكيد على حقيقة كونية.. أو التركيز على قانون اجتماعي، أو في استعراض لحدث تاريخي تربوي.. وتلك هي طبيعة النهج القرآني العظيم..

733540902_l.gif

717a4sn.gif

رابط هذا التعليق
شارك

ماذا يعني الخوف من الله؟

ولكن كيف وماذا يعني الخوف من الله؟

هل هو مجرد إزعاج للنفس بالمخاوف والآلام؟ أو تعقيد النفس وإشغالها بالقلق؟

كلا..

إن الخوف من الله منهج وسلوك..

1ـ انه يعني الالتزام بحدود الله وقوانينه، والفرار من المعاصي والذنوب والاعتداءات على الآخرين..

إن الخوف من الله هو الذي منع هابيل ابن آدم من البدء بالاعتداء، وقتل أخيه قابيل.. بينما تجرأ قابيل فارتكب أول جريمة قتل في تاريخ البشر، لأن قلبه كان خالياً من خشية الله، يقول سبحانه وتعالى:

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ ! لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}([1]).

والخوف من عذاب الآخرة هو الذي يعصم المؤمن من المعصية والانحراف..

{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ! مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}([2]).

2ـ والخوف من الله ومن الآخرة يعني الاندفاع والإقبال على العمل الصالح الذي يرضي الله، ويسعد المؤمن في يوم القيامة، ويجنبه العذاب والشقاء..

{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ! إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا ! إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا..}([3]).

3ـ وأخيراً فالخوف من الله يعني احتضان القيم الإلهية، والعمل على نشرها وتطبيقها، والاستهانة بكل قوة أو خطر يقف في طريق ذلك.. فالرساليون المخلصون الذين يجسدون حقيقة الخوف من الله في أجلى صوره ومظاهره، حينما يتحملون مسؤولية الرسالة، ويعملون من أجل الحق والحرية والتقدم..

يقول تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}([4]).

الخوف: امتحان

إن الله سبحانه وتعالى يعلم أن الخوف سيكون حاجزاً أمام الكثيرين عن تحمل مسؤولياتهم الإنسانية والإلهية.

يعلم أن الخوف هو منزلق أكثرية البشر، ودافعهم إلى المذلة والخنوع والاستسلام..

فلماذا أودع هذا الميل، وزرع هذه المشكلة في نفس الإنسان؟

الجواب:

بالإضافة إلى أن لهذا الميل النفسي (الخوف) أبعاداً إيجابية تكلمنا عنها في فصل آخر.. فإنه في بعده السلبي يرتبط بفلسفة خلق الإنسان ووجوده في هذه الحياة..

فالحياة قاعة امتحان، ومسرح ابتلاء لإرادة الإنسان وسلوكه، يقول تعالى:

{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}([5]).

لذلك يجب أن يعلم الإنسان حينما يواجه خطراً وصعوبة ومشقة، في سبيل دينه وكرامته، انه أمام امتحان وابتلاء، إن لم يتقمص الشجاعة والإقدام، ويتجاوز حاجز الخوف، فسيكون فاشلاً في ذلك الامتحان.. وماذا يعني الفشل في الامتحان الإلهي؟ انه الخزي والعذاب وسخط الله سبحانه وتعالى.

يؤكد القرآن على هذه الحقيقة قائلاً:

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ ! الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ! أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ}([6]).

إن الشجاعة والصمود ليست فضيلة كمالية.. وإنما هي واجب إلهي.. والجبناء الذين يسقطون ويتهاوون عند حاجز الخوف، لا ينالهم عار الدنيا فقط، وإنما هم معرضون لنار الآخرة.. بينما يبشر الله الصابرين أمام الأخطار والمشاكل، بسبب رؤيتهم الإلهية للحياة، التي تتلخص في عبارة (( إنا لله وإنا إليه راجعون ))، هؤلاء الصابرون عليهم صلوات الله ورحمته وهم المهتدون..

والشجاع المؤمن الذي يتجاوز حاجز الخوف، تغمره لذة أعذب من لذة الانتصار، إنها لذة النجاح في الامتحان الإلهي، واستحقاق الأوسمة العظيمة، التي تحدثت عنها الآيات الكريمة.. وسام الصلاة والرحمة والهداية.

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) سورة المائدة27ـ28.

([2]) سورة الأنعام 15ـ16.

([3]) سورة الإنسان 128.

([4]) سورة الأحزاب 39.

([5]) سورة الملك2.

([6]) سورة البقرة 155ـ157.

733540902_l.gif

717a4sn.gif

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

الخوف منازل ودرجات ..

القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم فإن زاد على ذلك، بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والكف عن دقائق الكروهات (يعني فعل المستحبات وترك المكروه والشبهة)، كان ذلك خوفاً محموداً فإن تزايد الخوف بحيث أدّى إلى مرض أو موت أو همٍّ لازم أو قعود عن العمل بحيث يقطع السعي عن اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل لم يكن خوفاً محموداً.

بعض الناس من شدة خوفهم من العذاب والنار يصابون باليأس والاحباط والقعود عن العمل ويقولون لا فائدة!!..، ليس هذا هو المطلوب ..، وهذه الزيادة مذمومة..

الخوف المطلوب: الذي يحمل على فعل المستحبات وفعل الواجبات قبلها وعلى ترك الشبهات والمكروهات وترك المحرمات قبلها وهناك خوف ضعيف أقل من هذا ، لا يؤدي إلى ترك المحرمات كلها أو فعل الواجبات كلها فهو خوف ناقص..

ذكر البخاري في قوله : (باب الخوف من الله عز وجل ).

قال ابن حجر: هو من المقامات العليّة وهو من لوازم الإيمان ،

قال الله تعالى : ((وخافونِ إن كنتم مؤمنين))

(( فلا تخشوهم واخشونِ))

((إنما يخشى الله من عباده العلماء))،

و حديث (( أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية ))،

وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشية ممن دونه وقد وصف الله الملائكة بقوله : (( يخافون ربهم من فوقهم ))،

والأنبياء بقوله : (( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله )) ،

وإنما كان خوف المقربين أشد لأنهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم فيراعون تلك المنزلة ولأن الواجب لله منه الشكر على المنزلة فيضاعف بالنسبة لعلو تلك المنزلة..

فالعبد إن كان مستقيماً فمن أي شيء يخاف؟!!، فخوفه من سوء العاقبة لقوله تعالى : (( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه)) أى يحول بين قلب الإنسان المؤمن و الكفر و يحول بين الإنسان الطائع و المعصية، وكذلك يخاف من نقصان الدرجة..

وإن كان مائلاً منحرفاً وعاصياً فخوفه من سوء فعله و ينفعه ذلك مع الندم والإقلاع..

متى ينفع الخوف؟

ينفع مع الندم والإقلاع، فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية والتصديق بالوعيد أو أن يحرم التوبة أو لا يكون ممن شاء الله أن لا يغفر له.

ماحكم الخوف من الله؟

الخوف من الله واجب، وهو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد كم قال ابن القيم، إذاً يجب الخوف من الله ومن لا يخف فهو آثم.

قال ابن الوزير: (( أنا الأمان فلا سبيل إليه ، وهو شعار الصالحين)).

أدلة وجوب الخوف

1- ((إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)) ، قال ابن سعدي –رحمه الله- : (( وفي هذه الآية وجوب الخوف من الله وحده وأنه من لوازم الإيمان فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفهم من الله)).

2- (( وإياي فارهبون)) ، والأمر يقتضي الوجوب.

3- (( فلا تخشوا الناس واخشون)) ، قال ابن سعدي: أمر الله بخشية الله التي هي رأس كل خير فمن لم يخشَ الله لم ينكفّ عن معصته ولم يمتثل أمره)).

4- إن الله امتدح أهل الخوف ، فقال: (( الذين هم من خشية ربهم مشفقون..))((أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)).

عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : ((سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (( الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة)) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال : لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم)).

((أولئك الذين يسارعون في الخيرات)) قال الحسن: عملوا لله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم ..

إن المؤمن جمع إحساناً وخشية، وإن المنافق جمع إساءة وأمناً..!

5- والتخويف من عذاب الله أحد مهمات الرسل (( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين)) والإنذار هو الإعلام بالشيء الذي يخيف ، فالإنذار في لغة العرب كما قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: الإنذار إخبار فيه تخويف كما أن التبشير إخبار فيه سرور.

وقد وصف الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه نذير في مواضع كثيرة..

- جمع قومه على الصفا وقال إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد (أنا النذير العريان)، وقد كان العرب إذا رأى أحدهم جيشاً يغير على قبيلته قد اقترب وهو في الخارج ولا تدري قبيلته جاء يركض ويخلع ثيابه وهو يصرخ حتى يبين لهم هول المصيبة التي ستنزل بهم وفداحة الخطر ، وهذه أشد أنواع النذارات عند العرب.

- (وقل إني أنا النذير المبين).

- (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين).

- كان من أوائل أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإنذار (يا أيها المدثر قم فأنذر)، خوف الناس عذاب الله جهنم ، بأس الله وانتقامه..، قال القرطبي: خوف أهل مكة وحذرهم العذاب إن لم يسلموا.

وقد وصف الله العذاب في كتابه في عدة مواضع لتحقيق الخوف في نفوس عباده ليتقوه ، كما قال تعالى: ((لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادِ فاتقون)).

قال ابن كثير: ( يخوف الله عباده) إنما يقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوّف به عباده. قال : لينزجروا عن المحارم والمآثم.(يا عبادِ فاتقون) أي اخشوا بأسي وسطوتي وعذابي ونقمتي.

وبين سبحانه أن مايرسله من الآيات لتصديق الأنبياء عليهم السلام كناقة صالح إنما يرسله من أجل التخويف(( وآتينا ثموداً ناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)).

كذلك الآيات الكونية كالخسوف والكسوف وغيرها.

وكذلك قال الله في البرق والرعد: ((هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب الثقال)).

733540902_l.gif

717a4sn.gif

رابط هذا التعليق
شارك

الخوف هو أحد كفتى الميزان فى قلب المؤمن

وهما : الخوف و الرجاء

الخوف من غضب الله و عقابه

و الرجاء فى رحمة الله و عفوه

وهاتان الكفتان لابد و أن تتزنان سويا فإذا اختلت إحداهما اختل ميزان الإيمان و العمل

هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

رابط هذا التعليق
شارك

من فوائد الخوف

1-أن الله جعله شرطاً لحصول الإيمان ( فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين). قال ابن جرير: لا تخافوا أيها المؤمنين المشركين ولا يعظمن عليكم أمرهم ولا ترهبوا جمعهم مع طاعتكم إياي فأطعتموني واتبعتم أمري وإني متكلف لكم بالنصر والظفر ولكن خافوني واتقوني أن تعصوني أن تخالفوا أمري فتهلكوا إن كنتم مؤمنين فالله عزوجل أولى أن يخاف منه من الكفار والمشركين.

2-ابتلى الله الصحابة رضي الله عنهم بابتلاء عظيم ليظهر الذي لا يخاف من الذي يخاف في الصيد (( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم)). ليختبرنكم الله أيها المؤمنون ببعض الصيد في حال الإحرام كي يعلم أهل طاعة الله والإيمان به المنتهون إلى حدوده وأمره ونهيه، يختبر ليظهر من الذي يخاف الله والذي لا يخافه (( ليعلم الله من يخافه بالغيب))، يعني يبتليهم بالصيد يغشاهم في رحالهم، يتمكنون من أخذه بالأيدي والرماح سراً وجهراً ومحرم عليهم الصيد في الإحرام لتظهر طاعة من يطيع منهم في سره وجهره ومن لا يطيع ، أما الصحابة فنجحوا في ذلك ، وأما اليهود ففشلوا عندما حرم الله عليهم الصيد يوم السبت فاستحلوا محارم الله بأدنى الحيل، فنصبوا الشباك يوم الجمعة وسحبوها يوم الحد، فلم يخافوا الله فهلكوا. فالمرء قد يتعرض أحياناً لمعصية أو شهوة والوقوع فيها يسير جداً وقد تكون الفضيحة مأمونة (( ليعلم الله من يخافه بالغيب))،وكما في قصة يوسف وامرأة العزيز، هنا يكون الاختبار والبلاء.

3-الخوف من الله عبادة قامت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت نفسه عن المحرمات والمحظورات لأنه يخاف رب الأرض والسموات (( ققل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين)). فهو يخشى عذاب الله ولا يتعد حدوده.

4-الخوف من الله من صفات أولي الألباب (( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب* الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)).الخوف من الله يدل على أن صاحبه صاحب عقل ، من أولي الألباب أي راجح العقل يعرف الشيء الذي يخوّف حقاً.

ثمرات الخوف من الله

أ- في الدنيا ..

1-من أسباب التمكين في الأرض، وزيادة الإيمان والطمأنينة لأنك إذا حصل لك الموعود وثقت أكثر ، قال عز وجل : (( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكنكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)) ، إذاً الخوف من الله يؤدي إلى التمكين في الأرض والانتصار على الأعداء وأن يهلك الله عدوهم ويخزيهم ويورث المؤمنين أرضهم وديارهم.

2-يبعث على العمل الصالح والإخلاص فيه وعدم طلب المقابل في الدنيا فلا ينقص الأجر في الآخرة (( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً* إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً))، (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال*رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار)) ، أي تضطرب وتتقلب وهذا هو الذي دفعهم للعمل ، يريدون النجاة ويحذرون الهلاك ويخافون أن يأتوا وكتبهم بشمالهم.

ب - في الآخرة..

1-يجعل الإنسان في ظل العرش يوم القيامة، (( ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله))، ظاهر الحديث أنه يقولها بلسانه ليزجر المرأة عن فعلها وليذكر نفسه ويصر على موقفه ولا يتراجع بعد إعلان المبادئ، ((ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه))، الخشية الموجبة لدمع العين تؤدي إلى أن النار لا تمس العين يوم القيامة.

2-من أسباب المغفرة، شاهد ذلك الحديث: رجل كان فيمن قبلنا عنده جهل عظيم ورزقه الله مالاً فقال لبنيه لما حضره الموت: أي أب كنت لكم؟قالوا: خير أب ، قال: فإني لم أعمل خيراً قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف ، ففعلوا وما أسهل أن يعيده الله كما كان، قال : ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته..‍!!، فعذره الله بجهله وشفع له خوفه من ربه وإلا فالذي ينكر البعث كافر.

3- يؤدي إلى الجنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة)) أي الذي يخاف من إغارة العدو وقت السحر يسير من أول الليل(أدلج) فبلغ المنزل والمأمن والمطلب، وهذا مثل ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم لسالك الآخرة فإن الشيطان على طريقه والنفس الأمارة بالسوء والأماني الكاذبة وأعوان إبليس ، فإن تيقظ في مسيره وأخلص النية في عمله أمن من الشيطان وكيده ومن قطع الطريق عليه، هذه سلعة الله التي من دخلها كان من الآمنين.

4- يرفع الخوف عن الخائف يوم القيامة: (( وعزتي وجلالي، وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين، إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة)).

5-سبب للنجاة من كل سوء، (( ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلانية)) فهذه الخشية هي التي تحفظ العبد وتنجيه من كل سوء لأنه قال ووعد الله لا يخلف وهذا رسوله (منجيات) وعمّم تشمل الدنيا والآخرة.

6-يصبح الإنسان ممدوحاً مثني عليه ويكفيه فخراً أن يدخل في أصحاب الأسماء والألقاب الشريفة (( المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والصائمين والصائمات والقانتين والقانتات والذاكرين والذاكرات والحافظين فروجهم والحافظات)) ألفاظ شريفة كانوا يسعون لحيازتها (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)).

733540902_l.gif

717a4sn.gif

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...