manas بتاريخ: 9 مارس 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 مارس 2007 وُلد نجيب سرور في أول يونيو1932 الدقهلية ، مصر ) حزيران( في قرية إخطاب وكان لا يزال تلميذاً صغيراً ) عندما بدأ يقول شعراً نضالياً . ,فترك دراسة الحقوق و هو في سنتها النهائية والتحق بمعهد التمثيل برزت ميوله المسرحية في مطلع شبابه ( المعهد العالي للفنون المسرحية ) وحصل علي الدبلوم عام 1956 . وعند تخرّجه انضمّ إلي الذي كان تابعاً لمصلحة الفنون ، وكان مديرها القاص والروائي المعروف يحي حقي . اشترك في أعمال " المسرح الشعبي " بالتأليف والخراج والتمثيل . في أواخر عام 1958 سافر في بعثة إلي الاتحاد السوفيتي حيث درس الإخراج المسرحي . وفي عام 1963 انتقل إلي المجر وظلّ حتى العام 1964 ، عاد بعدها إلي الوطن ، حيث شهدت القاهرة فترة ازدهار إنتاج سرور المسرحي والشعري والنقدي ، فكان أحد أهم فرسان المسرح المصري المتميزين في فترة الازدهار المسرحي العربي المدهش خلال الستينات . خلال وجوده في موسكو تزوّج من طالبة الآداب السوفيتية ساشا كورساكوفا و له منها ولدان هما شهدي و فريد . وفى فتره السبعينات فصل من اكاديميه الفنون بدمنهور حيث كان يعمل مديرا لها . طورد وشرد وجاع وادخل مستشفى الامراض العقليه عده مرات. عاش نجيب سرور حياه مأساويه قبل وفاته فى 24 اكتوبر 1978 :WelEgTks: :partytime: : _ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
manas بتاريخ: 9 مارس 2007 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 مارس 2007 نجيب سرور..مأساة العقل د. أبو بكر يوسف " قل للمهرجين المجانين : لقد ضاعت ارزاق أهل الفكاهة و المجون.. ضاعت لأن أهل العقل انفسهم قد اصبحوا من المجانين. خلطوا فى تصرفاتهم وارتكبواالأعمال الشاذه ،فأضحكوا الناس جميعا" المهرج فى مسرحية "الملك لير" لشكسبير فى اواخر ديسمبر 1978، و كان نجيب سرور قد فارق الحياة منذ بضعة اشهر، وصلنى آخر دواوينه(رباعيات نجيب سرور) مرسلا الى مع رسول من القاهرة . وحينما قرأت كلمات الاهداء : "إلى ولدى و أخى و عزيزى أبو بكر يوسف.. نبضات من حبنا المشترك لمصر" داهمنى احساس طاغ بأنها رسالة بعث بها نجيب الى من العالم الآخر، حيث استقرت أخيرا روحه الحائرة المعذبة! كان الاحساس واقعيا الى درجة ارعبتنى. و لم استطع التخلص من وطأته الا بعد تحامل على النفس أعادنى الى توازنى الذى كدت افقده... و انهالت الذكريات" فى عام 1959، و كنا مجموعة صغيرة السن من مبعوثى "الجمهورية العربية المتحدة" ندرس فى كلية الآداب بجامعة موسكو، جاءنى زميلى السورى عدنان جاموس،و كان انضجنا خبرة و اكثرنا معرفة بشؤون الحياة و الأدب ، بعدد من مجلة "الآداب" البيروتية قائلا: هل قرأت هذه القصيدة؟ و للصراحة فقد كنت أرى هذه المجلة لأول مرة، إذ غادرت مصر الى موسكوعام 1958 بعد ان انهيت الدراسة الثانوية لتوى، و عمرى 18 سنة، و كانت قراءاتى خارج المنهج الدراسى لا تكاد تحيط بما يصدر من روايات و قصص، فلم يبقى للمجلات الأدبية وقت أو نقود. كانت القصيدة بعنوان "التراجيديا الانسانية" لشاعر لم اسمع عنه من قبل هو: نجيب سرور. و كان مطلعها لافتا و جاذبا: كانوا قالوا: إن الحب يطيل العمر .. حقا، حقا.. ان الحب يطيل العمر! حين نحس كأن العالم باقة زهر، حين نرق كبسمة فجر، حين نشف كما لو كنا من بلور، حين نقول كلاما مثل الشعر، حين يدق القلب كما عصفور، يوشك يهجر قفص الصدر، كى ينطلق يعانق كل الناس... كانت قصيدة مختلفة عن كل ما قرأت حتى ذلك الحين، و اثارت فى نفسى العديد من الأسئلة..سألت صديقى عن هذا الشاعر فقال انه مصرى، و هو هنا فى موسكو، فأبديت تشوقا للتعرف به. فوعدنى عدنان الغامض -الذى بدا لى آنذاك لغزا لا يفصح إلا عن قليل مما يعرف- بأخذى معه الى نجيب سرور فى المدينة الجامعية الالجديدة لجامعة موسكو على تلال لينين، و كنا نحن نسكن فى المدينة الجامعية القديمة على اطراف موسكو.. فى نفس المبنى الذى كان يسكن فيه قبلنا ببضع سنوات ميخائيل جورباتشوف عندما كان طالبا فى الجامعة. استقبلنا نجيب سرور بابتسامة عريضة كشفت عن فجوة وسط اسنانه العليا (علامة الشبق!)و كان حاجباه معقودين بتقطيبة طبيعية، و عيناه الضيقتان، الشديدتا الذكاء و المكر، تشعان بالمرح و الثقة بالنفس، و تنقل اليك احساسا بأن صاحبهما ينظر الى ما حوله و ما حوله نظرة فيها كثير من السخرية و المرارة الدفينة.و كان ثمة تناقض هائل بين هذا الوجه البشوش الممتلىء و الضاحك,و هاتين العينين بنظرتهما الثاقبةو الساخرة. لفتت نظرى فى ذلك اللقاء تفصيلة خارجية .فقد كان الحاكى يعمل طوال جلستنا، و نجيب يغير الاسطوانة بين الحين و الحين،و كانت كلها موسيقى كلاسيكية لموسيقيين لم اكن سمعت حتى بأسمائهم. و كنا قد تعودنا منذ صغرنا ان نسرع بإغلاق المذياع أو تحويل المحطة ما ان يعلن المذيع عن فاصل من الموسيقى الكلاسكية التى لم نكن نفهمها بنغماتها المشوشة التى لا تسير على ايقاع واحد بل تزعج آذاننا الشرقية بهذا التخبط بين الانغام صعودا و هبوطا, طولا و قصرا,و نحن نبحث فيها عبثا عن مستقر للايقاع المطرد المطرب! و أسارع فأقول اننى مدين لنجيب سرور بتعرفى على الموسيقى الكلاسيكية الروسية و الغربية و تذوقى لها. فمنذ ذلك اليوم طال وجوده فى موسكو, كان نجيب يعلمنى كيف أتذوق اللحن الغربى و يشرح لى مواضيع السمفونيات، و يلفت انتباهى الى هذه النغمة أو تلك. و الى خصائص الأسلوب الموسيقى لهذاالموسيقار أو ذاك. كان يفعل ذلك بتلقائية و حماسة و حب غير مصطنع للموسيقى جعلنى لا اشعر بأننى تلميذ فى حضرة معلم.و عندما سألته عن سبب تعلقه بالموسيقى الكلاسيكية قال إن المخرج -و كان نجيب سرور قد جاء فى بعثة حكومية لدراسة فن الاخراج المسرحى- ينبغى ان يكون. على اطلاع واسع بكافة الوان الثقافة و الفنون, لأن المسرح هو مجمع الفنون, و الجهل او قلة الدراية بأى لون منها يؤثر سلبا على قدرات المخرج الابداعية و على مستوى حرفيته. و منذ أن تعرفت بنجيب سرور أحست بأننى مشدود بهذه الشخصية الفذة كقطعة حديد الى مغناطيس قوى. كان فارق السن بيننا غير كبير, إذ كنت فى العشرين, و كان هو فى اواخر العشرينيات,و لكن الفارق فيما عدا ذلك كان هائلا. كان نجيب- بالنسبة الى على الأقل-كنزا لا يفنى من المعرفة, و شخصية متعددة المواهب الى درجة خارقة. فقد كان ممثلا, و شاعرا, و مخرجا, و ناقدا, و كاتبا.و كانت معرفته بالأدب العربى و الغربى واسعة. و لكثرة ما لاحظت فى اشعاره من استشهادات بالتاريخ و الأساطير المسيحية ظننته فن بداية تعارفنا مسيحيا, خاصة و ان الاسم (نجيب سرور) أقرب الى الاسماء المسيحية فى مصر. و تحرجت أن اسأله, و لكنه ملأأمامى ذات مرة استمارة إقامة فرأيت جواز سفره, و كان اسمه فيها: محمد نجيب محمد سرور هجرس! و فيما بعد لمست كيف كان يستلهم فى اشعاره التاريخ و الأساطير الفرعونية و الاغريقية و الشعبية المصرية و الفلكلورية العربية, إذ كانت الروافد الثقافية المختلفة تمثل لدى نجيب نهرا انسانيا عريضا يغترف من كيف يشاء . أما الانتماء الدينى فكان مسألة تركها وراء ظهره! و كان نجيب شخصية معقدة, و لكنها فى غاية الغنى و العمق, منطلقة و مرحة الى اقصى حد. كان لا يكف عن القاء النكت و القفشات الفورية، بنت الساعة. و حتى فى ذروة الجد و احتدام النقاش تفلت رغما عنه, فينفجر الحاضرون بالضحك, و ينفرط عقد التزمت و الجدية. و لم يفلح نجيب تعلم اللغة الروسية حسب القواعد, فكان يخلط خلطا شديدا بين حالات الاعراب الست فى اللغة الروسية, حتى اشاع انه اخترع حالة جديدة, سابعة, للاعراب, هى الحالة التى يتكلم بها! و لكنه كان دائم القراءة باللغة الروسية و دؤوبا -كتلميذ- فى استخراج معانى الكلمات الجديدة من القواميس, و كأنما كان ييريد أن يسبق الزمن ليطلع على الأدب الروسى بلغته الاصلية. و عندما يعجبه كتاب, سواء فى الادب أم فى الفلسفة أم فى التاريخ .. كان ينكب عليه و ينقطع له, فلا ينام احيانا عدة ايام و لا يأكل الا لماما,و لكنه لا يكف عن تناول الشاى و القهوة.و يظل فى هذه الحمأة, و هذا التوتر الذهنى و العصبى حتى يفرغ من قراءة الكتاب المكتوب بلغة لا يكاد يعرفها! و تلك كانت احدى خصال نجيب سرور التى عرفتها فيه فيما بعد. و كان نجيب سرور لا يكتب الشعر كثيرا. قصيدتين أو ثلاثة فى السنه.. و لكنه كان يعانى مخاض القصيدة بالأسابيع.. يكتب و يشطب و يمزق, و يشرد كثيرا, يدندن لنفسه بإيقاعات ما, و احيانا يصبح غير قادر على تحمل هذه الحالة النفسية وحده, فيبوح لى بمطلع القصيدة أو ببضعة أبيات منها,و كأنما ينفس عن زفرة جاش بها صدره. و لم يكن لنجيب سرور مثيل فى القاء الشعر..و شعره خاصة.و قد اجتمعت له ملكة الصوت الجهير العميق, المتوسط النبرة ما بين "الباص" و "التينور" مع القدرة على التحكم بمخارج الالفاظ التى اكتسبها عن دراسة فى المعهد العالى للفنون المسرحية بالقاهرة. و لم يكن يقرأ الشعر بل يمثله, مؤديا بصوته أدوار الشخصيات المختلفة إذا كانت القصيدة درامية, أو مختلف العواطف, اذا كانت القصيدة وجدانية. و حتى الأبيات العادية, التى ما كانت تحرك فيك أحاسيس قوية لو قرأتها بنفسك, كانت تنبض بالمشاعر الجياشة فى القاء نجيب سرور و بصوته المتفرد , و تهزك الى الاعماق. و قد عرفت شعراء عاديين لا يجيدون القاء شعرهم فيضيعون الكثير من جماله و يهدمون بصوتهم ما بنته قريحتهم... كنا نلتقى ثلاثتنا -نجيب و عدنان و أنا- فى مقهى من مقاهى موسكو, حيث يختلف الجو عن مثيله فى المقاهى الشرقية.فالمكان هنا مغلق دائما بسبب الجوالبارد و هو اقرب الى المطعم منه الى مقهى المشروبات الشرقي, و الرواد يأتون ليأكلوا و يشربوا و يرقصوا. أما نحن فكنا نختار طاولة فى احد الأركان, و ننفصل بها عن كل ما كان يحيط بنا من صخب الموسيقى و ضجة الأطباق و الملاعق, و شهقات الثمالى, و نظرات الشقراوات الداعية, و دقات احذية الراقصين المدوية. كان نجيب يقرألنا من اشعاره, و نحن نصغى اليه فاغرى الأفواه, و عندما يلقى قصيدة حزينة كقصيدة"أبى" (والد نجيب) الذى ضربه الاقطاعى امام ابنه(نجيب) كان صوته يتهدج, و تنساب الدموع على خديه, و ما ان ينهى القصيدة حتى نهب لعناقه و تقبيله و مواساته، و الدموع تسيل على خدودنا أيضا!... و كنا لا نغادر المكان الا بعد انفضاض جميع الرواد و جميع الكراسى و المفارش, و تقريبا بعد طردنا طردا و اطفاء اضواء الصالة, بينما نحن مندمجين مع اشعار نجيب سرور, غير عابئين بما يفعله خدم المقهىلإجبارنا على الانصراف. و فى ليالى الصيف القصيرة فى موسكو, إذ يحل الفجر فى الثانية صباحا و تشرق الشمس فى الرابعة, كنا نمضى متسكعين فى شوارع موسكو النظيفة و الخالية, و خاصة فى وسط المدينة و نجيب يواصل القاء اشعاره تحت تماثيل الشاعرين بوشكين و ماياكوفسكى و الأمير يورى دولجاروكى مؤسس موسكو.و نظل نضرب فى الشوارع حتى الساعة السادسة, موعد افتتاح محطات المترو, لنستقله فى اتجاهين متعاكسين: هو الى المدينة الجامعية الجديدة, و عدنان و انا الى المدينة القديمة... و سرعان ما اصبحت راوى اشعار نجيب سرور فى مجموعة الدارسين المصريين و السوريين فى موسكو. و رحت اقلده فى طريقة القائه المتميزة, و نجحت فى ذلك الى حد ما فقد لاحظت ان السامعين لا يعجبون بالأشعار فحسب, بل و بطريقة القائى لها.و شيئا فشيئا تجمعت حول نجيب سرور مجموعة من الطلبة الشباب المصرين و السوريين, فانتعش و ارتفعت معنوياته, و بدأيخرج من عزلته التى كان قد ضربها على نفسه عند مجيئه لموسكو, لاقتناعه-كما قال لىفيما بعد- بأن المبعوثين المصريين آنذاك(1959)كانوا منتقين بعناية من اجهزة المباحث بحيث لا يفلت منهم تقدمى واحد. أما هو فأفلت بأعجوبةلأنه وصل الى موسكو فى قمة الحملة المعادية للشيوعية فى "الجمهورية العربية المتحدة", و هى حملة صاحبت اقامة الوحدة بين مصر و سوريا و لعبت هذه الصدفة دورمأساويا فى حياة نجيب سرور فى موسكو. فما ان افصح نجيب سرور عن انتمائه للفكر الماركسى, و اشاع انه كان عضوا بأحد التنظيمات الشيوعية فى مصر(جماعة حد تو) حتى وجد نفسه محاصرا بشكوك و ريب قوية من قادة التنظيمات الشيوعية العربية فى موسكو, و خاصة تنظيم الحزب الشيوعى السورى الذى كان يقوده فى موسكو احد اعضاء اللجنة المركزية لحزب اللاجئين الى الاتحاد السوفييتى. و كان مبعث الريبة هو: كيف يتمكن شخص يقول انه شيوعى من المجىء الى موسكو فى هذه الفترة بالذات, و يفلت من اجهزة المباحث المصرية التى كانت فى اوج عنفوانها, بل و فوق ذلك يأتى طالبا فى بعثة حكومية! و فى محاولة منه لتبديد هذه الشكوك جنح نجيب الى التطرف، فلجأالى تشكيل مجموعة من "الديمقراطيين المصريين" لإصدار البيانات و اتخاذ المواقف المعادية للنظام الحاكم, و استغل ذات مرة فرصة انعقاد أحد المؤتمرات التضامنية مع الشعب الكوبى فى جامعة موسكو فقفز الى المنصة و استولى عليها , و اطلق بيانا ناريا ضد "النظام القمعى الديكتاتورى" فى مصر و سوريا.و بينما هدرت القاعة المملوءة عربا و اجانب بالتصفيق ظهر الحرج و الضيق على أوجه المسؤولينفى الجامعة, الذين وضعهم نجيب فى ورطة شديدة.و نجحوا اخيرا فى تنحيته عن المنصة و لكن بعد فوات الأوان! ففى اليوم التالى احتجت السفارة المصرية على جامعة موسكو, و فصل نجيب من البعثة(هو و ماهر عسل الذى ترجم له البيان و ألقاه بالروسية) و ألغى جوازا سفرهما, و طالبت السلطات المصرية المسؤولين السوفييت بترحيل نجيب سرور و ماهر عسل الى القاهرة فورا! بهذه الحركة نجح نجيب فى كسب ثقة الشيوعيين العرب فى موسكو فدافعوا عن بقائه فيها و تكللت مساعيهم لدى السلطات السوفييتية بالنجاح فظل نجيب فى موسكو, و لكنه نقل الى مدينة جامعية اخرىحتى لا يحتك بالمبعوثين المصريين الهائجين ضده. و بمرور الوقت ادرك نجيب انه ارتكب حماقه,و لم يعد يدرى ماذا يفعل بهذه المجموعة الصغيرة التى التصقت به. و اعترف لنا صراحة بأنه لا يفقه شيئا فى السياسة, و انه لا يريد ان يلحق بنا الضرر, و لذلك قرر تركنا و الانصراف الى الدراسة, و نصحنا ان نحذو حذوه. حتى ذلك الحين لم اكن قد ادركت مدى تعقد شخصية نجيب سرور فأزعجنى منه هذا السلوك الذى اعتبرته "غير رجولى", و لم استطع ان افهم سبب هذه الازمة التى داهمته فى الوقت الذى بدا و كأن اموره تسير الى الأفضل بعد تبدد سحب الشكوك فيه و انتصاره فى المواجهة مع السلطات المصرية و فشل الضغوط التى مورست ضده. و اخذ نجيب يبتعد عنا و يغرق فى الشرابو الديون. و فى هذه الفترة بدأيكتب قصيدة "العودة" التى اورد مقاطع منها فى ديوانه "لزوم ما يلزم" و هى قصيدة مغرقة فى اليأس و الضياع و الحنين الى الوطن: "يا مصر يا وطنى الحبيب! يا عش عصفور رمته الريح فى عش غريب, يا مرفأى آت انا آت.. و لو فى جسمى المهزول آلاف الجراح.. و كما ذهبت مع الرياح.. يوما اعود مع الرياح.. و متى تهب الريح؟ أو هبت.. فهل تأتى بما يهوى الشراع؟ ها انت تصبح فى الضياع.. فى اليأس.. شاة عاجزة.. ماذا لها ان سلت السكين غير المعجزة؟!.. " و هجر نجيب سرور المسرح الذى كان يدرس فيه تحت اشراف المخرج الكبير نيكولاى اخلوبوكوف متعللا بأن اخلوبوكوف مخرج شكلى يهوى المؤثرات الصوتيه والضوئية و لا يغوص فى اعماق النص المسرحى. و قد شاهدت بالفعل مسرحية "هاملت" من اخراج اخلوبوكوف فأصم اسماعنا دوى الطبول فى اوركسترا المسرح, و أغشت ابصارنا الأضواء الباهرة التى كان يسلطها على الصالة. و مع ذلك لم يكن هذا هو السبب الحقيقى الذى نفر نجيب من دراسة المسرح, و انما كانت الأزمة الحادة التى أخذت تتفاعل فى اعماقه, و التى لم استطع -رغم كل ما بذلت من جهدآنذاك- أن ادرك أسبابها و بواعثها.كنت لا ارى غير ظاهرها:الاغراق فى الشراب, اليأس المطبق, الاحباط المطلق. كل ما استطعت ان ادركه هو ان اغراقه فى الشراب كان الوسيلة التى لم يجد سواها للهروب من ازمته. و ذات مرة سألته مستنكرا-و كنت اجالسه فى احد المطاعم- : -لماذا يفرط فى الشراب الى هذا الحد، -فأجاب: لكى انسى! -قلت له: و ما الذى تريد ان تنساه؟ -فأجاب بروح دعابته الحاضرة دائما: و هل ترانى أذكر.! فى اواخر فترة وجوده فى موسكو، حوالى عام 1963 بدأ نجيب يكثر من الحديث عن النفوذ الصهيونى فى الاتحاد السوفييتى. و استنكرنا منه ذلك بشدة,إذ كنا نعيش فى "عصر الأممية ", و لم نصدق ان الاتحاد السوفييتى العظيم يمكن ان يكون خاضعا للنفوذ الصهيونى، و اعتبرنا -انا و زملائى- أن نجيب يغالى كعادته، و خاصة فى ظل تفاقم ازمته الشخصية.و بعد ذلك بسنوات أدركت مدى صواب ما يقال عن عين الفنان التى ترى ما وراء الظاهر و تغوص الى اعماق الاشياء, و تكشف لنا ما لا نراهمثل عينى زرقاء اليمامة! و أنا لا اريد هنا ان اقول أن نجيب سرور كان محقا تماما آنذاك, و لكنه رأى بوادر الظاهرة التى لم تتكشف لنا الا فيما بعد. ثم وقعت الحادثة التى وضعت نهاية لبقاء نجيب سرور فى موسكو... كان يسامر احد الاصدقاء اليمنيين فحدثت مشاحنه بينه و بين أحد الرواد الذى ظنهما يهينانه. و تدخل رجال الشرطة و حاولوا اقتياده بلَى ذراعيه.و كان نجيب قوى البنية فتخلص منهم بقوة اعتبروها مقاومة, فاجتمعوا عليه و اقتادوه الى مبنى الشرطة حيث اوسعوه ضربا. و قال لى نجيب و هو يروى هذه الواقعة: لقد بكيت آنذاك ليس من الألم بل على انهيار المثال و احسست انه لا فرق بين شرطة مصرية و مباحث مصرية, فكلها اجهزة قمع, و انما نحن الذين صدقنا الاوهام عن "انسانية الاشتراكية" و كعادته "نظر" نجيب لهذا الحدث و اختزل فيه كل جوانب الظاهرة! و سافر نجيب الى بودابست بدعوة من أحد اللاجئين السياسين المصريين هناك, حيث عمل فى القسم العربى بإذاعة بودابست, و التف حوله العرب و رحبوا به, و لكن سرعان ما عاودته ازمته التى لم يفلح تغيير المكان فى اطفاء جذوتها, و كان يتصل بى من هناك هاتفيا, مؤكدا على استفحال النفوذ الصهيونى لا فى القسم العربى فى الاذاعة فحسب بل و فى معظم اوجه الحياة السياسية و الثقافية و الاقتصادية فى المجر. و بالطبع أخذت ما قاله على محمل المبالغة المعهودة فيه... و ذات مرة اتصل بى منن بودابست, و كان ذلك فى ربيع عام 1964, و طلب من عاملة البدالة أن تكون المكالمة على حسابى، فوافقت مستغربا, و عندما تم الاتصال أخبرنى انه طلب ذلك لأنه لا يملك ثمن المكالمة, و قال بصوت متهدج أفجعتنى نبرته المتهالكة إنه جائع و لم يأكل منذ ايام, و سيذهب غدا الى السفارة المصرية "ليسلم نفسه" (كما قال) لأنه لم يعد يحتمل الزيف المحيط به و يريد ان يعود الى مصر ليموت فيها, مثل سنوحى! رجوته ان يهدأو لا يتسرع و سنحاول تدبير الأمر, و لكنه اصر قائلاانه لم يعد ثمة معنى للاستمرار فى لعبة الخداع, فالعالم كله لصوص و مخدوعون, و ما المذاهب الا أساليب يلجأ اليها اللصوص لتغطية سرقاتهم. و بهذه المناسبة فقد كتب نجيب سرور فى بودابست قصيدته الشهيرة "المسيح و اللصوص" حيث "اتهم" فيها المسيح بأنه السبب فى ظهور اللصوص الذين اخذوا يتاجرون باسمه, و باسمه يحكمون! و حين يحاول "مسيح نجيب سرور" أن يرد على الشاعر بأنه سيعود ليصحح الأوضاع يجادله الشاعر: -هل تصدقُ ما تقولٌ؟ -الأبُّ قال بأننى حتما أعودْ مَلِكاً على أرض البشرْ لتَسودَ فى الناس المسرةُ و السلامْ! -لو عدتَ.. منذاَ يعرفُكْ؟ -سأقول: جئتُ انا المسيحْ! -سيطالبونكَ بالدليلْ. -ستكونُ فى جيبى البطاقةُ و الجوازْ. -هذا قليل.. ما اسهلَ التزويرَ للأوراقِ فى عصرِ اللصوصْ. و لديهمُ (الخبراءُ) سوف يؤكدونْ أن الهويةَ زائفةْ! -لكنْ عليها الختمُ..ختمُ الأبّْ.. -يا بئسَ الدليلْ! سيؤكدُ الخبراءُ ان الختمَ برهانٌ على زيفِ الهوية! -سأريهمُ هذى الثقوبْ.. فى جبهتى -انظرْ- و فى الكفينِ, فى الرجلين.. جئتُ أنا المسيحْ! -سيقول لوقا: قالَ مرقصُ إنَّ متََّى قال يوحنَّا يقولْ: "فى البدء كانَ الأمرُ "إصلبْ و الآن صار الصلب أوجَبْ!" حتماً ستُصلبُ من جديد همْ فى انتظاركَ-كلُّ اتباعِكَ، قطعانُ اللصوص- همْ فى انتظاركَ بالصليبْ... ماذا؟ أتبكى؟ كلُّ شىءٍ مضحكٌ حتى الدموعْ! العصرُ يضحك من دموعك, من دموعى, عصرنا عصرُ اللصوصْ, بل أنتَ... حتى انت لصٌّ! لو لم تكن ما كان فى الأرض اللصوصْ! حتى أنا لصٌ.. ألم أخدع طويلا باللصوص؟! و نقول بين قوسين إن الأديب المصرى الكبير يوسف ادريس كتب فى نفس الفترة تقريبا مسرحية "المخططين" التى تتصدى ايضا لظاهرة استيلاء "جماعة المنتفعين" على الحكم, و منع اى محاولة لتصحيح الأوضاع حتى لو كانت من صاحب الفكرة نفسها! و هذا دليل انتشار ظاهرة عدم الثقة فى الأنظمة الحاكمة آنذاك و التى كانت تتشدق بالشعارات الديماغوجية عن الحرية و الديموقراطية و الاشتراكية فى غيبة تامة لهذه المثل. على ان نجيب سرور قد كتب فى نفس الفترة فى بودابست روايته الشعرية الرائعة "ياسين و بهية" التى حولها المخرج كرم مطاوع الى مسرحية قدمت على "مسرح الجيب" فى القاهرة عام 1965 بعد عودة نجيب سرور الى مصر. و تمثل هذه الرواية رؤية جديدة لقصة ياسين و بهية المعروفة فى الأدب الشعبى المصرى, إذ يجعل نجيب من بطلها مناضلا ضد الاقطاع و ثائرا على الظلم, و مضحيا بحياته فى سبيل تحرير الفلاحين، كاسبارتاكوس محرر العبيد. فكيف اجتمع فى نفس نجيب ذلك الضياع الخانق و اليأس المطلق مع هذا الايمان الحار بعدالة النضال من أجل الحرية و الثورة على الظلم و الاضطهاد؟ أهى اصداء مرارته القديمة من الاقطاع الذى أهان الوالد أمام ابنه الصغير؟.. أم هى روح الفلاح المصرى الكامنة فى اعماق نجيب سرور, و التى تتجاوز الايمان أو الكفر بالنظريات و المذاهب، لأن النظريات تقوم و تسقط, أما الارضية الفلاحية الضاربة فى عمق التاريخ المصرى لآلاف السنين, فتبقى هى الأساس الراسخ الذى ينفذ من اليأس و الضياع. و بالفعل فلو تجاوزنا عن الخط المتعرج و المتأزم لحياة نجيب سرور, فسنجد خطه الابداعى، ممثلا فى مسرحياته التالية ل"ياسين و بهية", "آه يا ليل يا قمر", قولوا لعين الشمس.." , هو خط نضال العامل المصرى و الجندى المصرى -بعد الفلاح فى ياسين و بهية- ضد الظلم الطبقى و الاستعمار الأجنبى. و لهذا فبوسعى أن اقول إن نجيب سرور, رغم كل شطحاته و تقلباته و ضياعه و أزماته, كان فنانا ملتزما بقضايا شعبه و وطنه على المستويين المصرى و العربى, حتى الرمق الأخير... و كم مرة طرحت على نفسى هذا السؤال: ما السبب فى الأزمة التى لازمت نجيب سرور طوال حياته القصيرة و كانت السبب فى رحيله المبكر؟ فى البداية ظننته الاضطهاد.. و لكن نجيب عاد الى مصر فلم يتعرض للملاحقه و السجن.. و كنت اظنه الظلم و حرمانه من فرصة تحقيق مواهبه.. و لكنه نشر دواوينه و مسرحياته، و مثل على المسرح و فى التليفزيون، و أخرج للمسرح و أخرجت له مسرحياته.. ربما لم ينل كل ما كان يريد.. و لكنه لم يحرم تماما... ثمة تفسير منطقى واحد لهذه الأزمة, لا أجد غيره.. إنه الصراع فى نفسية الشاعر بين الواقع المرفوض.. و المثال المستحيل.. انه مأساة العقل, الذى يحفر كالمثقاب فى طبقات الزبف و الأكاذيب ليصل الى الحقيقة, و لكنه للأسف يواصل الحفر حتى يخرج الى الجانب الآخر, محدثا ثغرة فى السد تتسع مع الزمن لتندفع منها المياه المخزونه مدمرة كل شىء!... الفنان شمعة تحترق.. لتضىء لنا الدرب الى الحقيقة, و الخير, و الجمال... و نجيب سرور فنان لم يدخر ضوءه, فاحترق سريعا كشهاب مرق فى سمائنا, و لكنه ترك فى نفسى, و فى نفوس الكثيرين غيرى, أثرا ساطعا لا ينسى.. لأنه أثر الموهبة المبدعة... -- أدباء عرب فى موسكو -- _ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
The Professor بتاريخ: 10 مارس 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 مارس 2007 جميل ان نسلط الضوء على مبدعي الدراما في مصر والذين لا يعرفهم كثير من الجيل الحالي ولكن اريد منك اخي العزيز ان تسلط الضوء قليلا على ظروف نجيب سرور الخاصة والتي دفعنه لكتابة قصيدته الأخيرة الشهيرة , وهل كان بكامل قواه العقلية حين كتبها؟ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
رمضان بتاريخ: 10 مارس 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 مارس 2007 اعتقد انه لم يكن بكامل قواه عندما كتب قصيدته الأخيرة ويمكن لو نظرنا اليها من منظور اخر نجد انها نتاج الظلم والقهر والظروف وفي بعض ابياتها تعبيرا حقيقا على الواقع لكن بأسلوب ( غير مهذب واباحي ) اما الجزء المتعلق بمصر فهو يسب مصر بشكل مهين جدا لا يقبله اي وطني . خرج الثعلب يوما في رداء الواعظين ومشى في الأرض يهذى ويسب الماكرين رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
se_ Elsyed بتاريخ: 10 مارس 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 مارس 2007 نقطة نظام الاخوة الأفاضل منذ سنوات قليلة أُثير موضوع هنا في المحاورات عن نجيب سرور وأخذ البعض في الشد والجذب مع البعض الأخر بخصوص الحكم عليه وهل هو مظلوم أم مقهور .. إلخ وفي الأخير تم إلغاء الموضوع بأكمله وإحالته إلى الأرشيف .. وذلك لسبب هام جداً وهو " إننا جميعاً مطالبون بالمحافظة على مجتمع المحاورات خالي من أي شيء يخدش الحياء أو يُساء فهمه " بمعنى إيه : يعني اللي لا أرضى إن أختي أو أمي أو زوجتي تقرأه .. يبقى لا أرضاه لأي زميلة في المحاورات مهما كانت الأسباب سواء بقى يقولك ده إبداع وليس على الفنان حرج زي الخزعبلات والإباحيات اللي بيعملها ساعات أحمد فؤاد نجم أو زي كثير من القصائد اللي يعاقب عليها القانون لنجيب سرور " وبالتالي أرجو من الإخوة المشاركين في هذا الموضوع تفادي إدراج اي قصيدة من قصائد نجيب سرور المثُيرة للجدل والتي تحتوي على تلك الالفاظ لإننا سنقوم بإغلاق الموضوع حينها بدون نقاش . الأحـــرار يؤمنون بمن معه الحق .. و العبيــد يؤمنون بمن معه القوة .. فلا تعجب من دفاع الأحرار عن الضحية دائماً .. و دفاع العبيد عن الجلاد دائماً رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
manas بتاريخ: 10 مارس 2007 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 مارس 2007 الكلام اللى اتقال دا كله جميل جدا . انا قبل ما اضيف الموضوع ده كنت خايف حد يشارك بقصيده (اميات) وبعدين الموضوع يتقفل .القصيده دى بغض النظر عن انه كتبها وهو فاقد لقواه العقليه او مش فاقد . تعتبر نقطه سوده فى تاريخ الشاعر العبقرى نجيب سرور . لدلك ارجو الساده الزملاء الامتناع بالحديث عن هده القصيده _ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
manas بتاريخ: 10 مارس 2007 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 مارس 2007 نجيب سرور أفكار جنونية فى دفتر «هملت» ! مهداة إلى : طلبة المعهد العالى للفنون المسرحية » يلقاك بالماء النمير الفتى وفى ضمير النفس نار تتقد« »يعطيك لفظاً ليناً مسه ومثل حد السيف ما يعتقد « ) أبوالعلاء المعرى ( * * * ملحوظة - التضمينات النثرية الواردة. هنا مأخوذة من نص-«هملت»-ترجمة الصديق الأستاذ الدكتور عبدالقادر القط. أيضاح تمهيدى : ظل المؤرخون والمحققون والدارسون يبحثون قروناً عن «دفتر» هملت الذى أشار إليه شكسبير فى المشهد الخامس من الفصل الأول حتى يمكن حل «لغز» هملت المحير والمعجز وحسم الخلافات المستمرة والمعارك الموسمية حوله .. وبعد جرد ومسح المكتبات العامة والخاصة وكذلك مكتبات الجامعات والأكاديميات والصالونات والأديرة فى جميع أنحاء العالم يئس الجميع من العثور على مخطوط الدفتر حتى ولو فى صورة منسوخة أو ممسوخة أو مشوهة أو مختصرة أو محرفة أو متحولة أو مطبوحة أو مصنوحة أو مدسوسة أو مزورة .. كما يحدث عادة وبطريقة منظمة ومدروسة لكنوز التراث الإنسانى المهدد دائماً بالطوارىء الخفية والدورية .. ورغم هذ تمكن كاتب هذه السطور بطريق الصدفة والحظ وبركة دعاء الوالدين من أن يعثر على نسخة موثوق بها من الدفتر المنشود .. أما لماذا يوثق بها فلأنها النسخة الوحيدة فى العالم من ناحية .. ومن ناحية أخرى فعلى من ينكرها أو يشك فيها أن يرجع بها على المرحوم شكسبير نفسه! ولهذا نورد الدفتر هنا بنصه «وبلا هوامش» ـ خاصة وقد انتشرت الدفاتر والهوامش فى عصرنا هذا الحجرى العاشر ـ ونرجو أن يجد فيه المؤرخون والمحققون والدارسون والطلبة ما يمكن أن يكون مفيداً .. *الفصل الأول : المشهد الخامس : هملت ـ دفترى : لابد أن أثبت فيه هذا : ( يكتب) »يستطيع المرء أن يبتسم ويبتسم .. ويكون نذلاً .. هكذا فى اعتقادى على الأقل يمكن أن يكون الحال فى الدنمارك! « من يتزوج أمى .. يصبح عمى .. تلك معادلة صعبة .. هذا حق .. وبلا شك .. لكن ما أسهلها فى الدانمرك فإذا كان العم تزوج أمى ، أصبح عمى أس اثنين بلغة الجبر! فهو العم أخا لأبى وبحكم الدم، وهو العم .. كزوج الأم ، فيها الواحد، معنا واحد . )واحد + واحد ـ واحد( باقى واحد. وهو أبى ؟؟ باقى؟ أين ؟ أين أبى وإذن عمى اثنان .. ( واحد + واحد ناقص .. ( لكن هذا الناقص زائد ، وإذن واحد، داخل واحد. عمى اثنان وواحد ، يعني عمى كل أبى ، أى كتابة .. فى الدانمارك كأى « حسابه«.. فيم إذن دوران الرأس، فى ساقية الفلسفة .. اللغو المكذوب ، وجع القلب من المكتوب وغير المكتوب ؟؟ ما من شىء فى الدانمارك، يحدث صدفة.. كل المنسوب إلى الصدف مدبر .. كى يبدو من فعل الصدفة .. يبقى أن المنسوب لغير الصدفة ، فى الدانمارك هو الصدفة، وإذن فهو مدبر.. كى لا يبدو صدفة .. وهو هنا المطلوب .. إثباته؟! * * * عمى أكل أبى، فأبى داخل عمى، يعنى عمى يلبس جلد أبى ، بالمقلوب.. يعنى أصبح شبهه، أصبح شبحه، أصبح يلعب دوره، فوق المسرح! وأبى يلبس عمى ، بالمقلوب، يعنى أصبح شبهه ، أصبح شبحه، أصبح يلعب دوره، فى الكالوس.. يا هملت قلب الناموس، فإذا الآب العم، وإذا العم الأب، سقطت فى الهاوية الأم، فهى تحب الأب فى العم، فمن « الشبح » إذن ؟! عمى؟ .. أبتى؟ .. أم كان « الشبح « اثنين معا ً، كالعرش عليه اثنان ؟ ألهذا قال الشيخ الموتور، الماسور بجوف التنور، والطالب ثأره! الشبح ـ لكن مهما تكن وسيلتك إلى هذه الغاية : فلا تلونن فكرك.. ولا تدع نفسك تدبر أى مكروه لأمك! ؟؟ ... ؟؟ ... ؟؟ حتى بعد خيانتها ؟؟ إن نغفر حتى للخونة، ممن يمكن أن نثأر..؟؟ أم أن الغفران على الشهداء.. كما الموت مقدر؟؟ يا أبنى أقسم أن أغفر... فالغفران خطيئة .. حين يكون الغدر براءة! أم يعلم هذا الشبح بأن الأم خانته لأن العم شبيهه، فالعذر هنا جد مخفف، وهو توافر حسن النية ؟ أم يعبث بى؟ أو ليس القائل من لحظات.. الشبح ـ آه يا هملت: .. لشد ما هوت! .. تتركنى أنا وقد كان حبى لها من ذاك المستوى.. أم يتحتم مهما كان الجرم، مما قد ترتكب الأم.. حتى السقطة فى هاوية خطيئة ، ألا نخطىء نحن ونسقط.. كى نجزيها بالمكروه ؟ .. آها أبتى؟! الشبح ـ دعها للسماء.. ولتلك الأشواك المستقرة فى صدرها.. تخزها وتوجعها! نادمة أمى والندم التطهير ، والتطهير، يتضمن معنى التكفير. الندم دليل براءة ، لا يندم من كان خئونا بالطبع ، لا تدميه الأشواك ، لا تخز الأشواك وتوجع، غير «المتورط» فى السقطة! من منا لم يسقط مرة..؟ من منا من غير خطيئة ، مرحى .. مرحى .. أمى الخاطئة بريئة .. مرحى يابله لأشباح! بلهاء كل الموتى .. بلهاء .. أم يخفى الشبح الحاقد عنى شيئاً ، شيئاً لا يعرفه إلا الموتى.. وخصوصاً من ماتوا قتلى؟! أو لم يلمح للأسوار الأبدية .. تلك المحجوبة عنا نحن الأحياء ، والمكشوفة فى الوجه الآخر للكون ؟ .. الشبح ـ لكن هذه الأسرار الأبدية: لا ينبغى أن تنكشف لأذنين من لحم ودم! أهناك إذن آذان ، من غير دم أو لحم ؟ فهناك إذن عينان وعقل للروح! ثمة أسرار لا تدركها إلا الروح ، ـ يالروحى النبيئة! فلماذا لا تدركها روحى ، وهى معى حياً أو ميت؟ أم أن الحى هو الميت والميت حى ؟! العالم يهفو لنبى!؟ أأبى حى؟ أأبى ميت؟ أم ماذا؟ .. يا وجع القلب! لو أملك أن أبدل كل الأسماء .. لأسمى كل الأشياء، وكأنى أخلقها خلقاً آخر، سميت الفلسفة .. النقمة، اللعنة .. لا حب الحكمة! أم أمى سقطت مغتصبة ، وبرغم الأنف، والأنف يمرغ فى الطين، فى المرحاض ، لكن يلجمها الخوف! والخوف دليل براءة! أعرف أمى ، أمى لا يمكن أن تسقط، خوفاً.. بل تسقط مسبية.. أو مكتوفة، أو مخطوفة، أو نائمة .. أو معمية، وأبتاه! أوشك أجزم أن السم، كان معدا لردى العم، ويعلمك أمى، لكن ـ وبحكم الشبه السابق إثباته ـ أخطأ للعم طريقه! مرحى .. مرحى .. حتى الأرواح تمارس فن الخبث حتى الشبح قناع! الشبح : لقد قيل للناس إن حية لدغتنى وأنا نائم فى بستان لى . وهكذا خدعت بقصة موتى الرائفة كل آذان الدنمرك خدعة بشعة لكن فلتعمل أيها الفتى النبيل أن الأفعوان الذى لدغ أباك فى حياته يلبس الآن تاجه! لنقل فرضاً.. قتل أبى بدلاً من عمى عرفت أمى لكن بعد فوات الوقت سقطت أمى فى فخ الصمت تكشف للدنمرك الخدعة؟! سوف يكون العم الحى شهيداً بطلاً .. ملكاً للدنمرك وتضيع حقوق ولى العهد! ليس يجوز لملك أن يغتال آخاه وإذا كان لملك أن يعتال أخاه فهو قمين أن يغتال الشعب! وابن الملك الغادر سوف يكون الملك الغادر بعد أبيه! الدنمرك تحب الغدر شرط يظل السر ببئر أما حين يفوح: يجاوز حد القصر فهى تكون مثالاً للطهر تغضب غضبة رجل واحد! بقى الفرض الثانى ـ وهو الصمت المفروض ـ فعلت أمى هذا ـ سقطت فى الهاوية بريئة ـ بالمنطق كيف يبرر حتى نتن خطيئة : ـ ثمة يا أبتاه خطيئة ـ لكن من منا لم يسقط! ـ الإنسان سقوط : ـ أو ليس الميلاد سقوط : ـ فى هاوية العالم ـ ولهذا تقلبنا القابلة المشئومة ـ تمسكنا من قدمينا زرع بصل ـ فنرى العالم معدولا ـ ونعود فنقف على القدمين ـ لنرى العالم مقلوباً : ـ أم نقلبنا البومة كى لا نعرف أن العالم يقف على رأسه؟ ـ سوف أسجل فى دفترى الأسود ـ يمكن أن تسقط أم ـ وتظل الأم! ـ وقبيح بالأبناء هوان الأم: ـ سمعاً .. سمعاً .. يا أبتاه : ـ فإلى نهر النسيان! ـ لا كى ننسى ما قلناه ـ لكن كى نصطاد من النهر ـ ما نحن نسيناه! ـ قال الملك وبعد التتويج: الملك : ـ اتخذنا زوجاً من كانت زوج أخى من قبل، وملكيتنا الآن، وشريكتنا على عرش هذه الدولة المتهيئة للحرب: ما كنت رأيت الشبح ولا كلمته ـ لن انسى هذى الملحوظة: ولكى أستيقن من أنى لن أنساها ـ سوف أسجلها فى الدفتر ـ بالقلم الأحمر ـ «ما كنت رأيت الشبح ولا كلمته» ـ لكن بالروح نبية : ـ ولقد جاء التتويج سريعاً ـ هذا مقبول .. ـ وبحكم العادة يحدث ـ فى الدنمرك وغير الدنمرك ـ : ـ لا شىء هنا يبدو للعقل غريباً : ـ لكن زواج الآخ من أرملة أخيه ـ أمر بأباه الله ـ فى الدنمرك : ـ ما يأباه لله ـ تأباه الدنمرك ـ مفروض هذا: ـ فلماذا لم تغضب غضبة رجل واحد .. ـ ضد زواج قد حرمه الدين؟! ـ أم أن الدنمرك ـ تضع الملك على عرش الله ـ والله على العرش الملكى ـ هذى نقطة : ـ تثبت أن الدنمرك ـ لا يعنيها ما يعنى الله! ـ محض نفاق .. ـ هذا دين الدنمرك ـ ويجوز الخوف، كما الجم أمى، فغدت فى القتل شريكه وغدت فى العرش شريكه وبقيت ولى العهد الجيم كل الناس! لكن زواجاً تم بهذى السرعة وزواجاً قد حرمه الدين يفشى الرغبة فى تغطية السر هذا فرض معقول! لكن السر؟! مازال بقاع البئر فلتهبط بالتدريج إلى القاع وبكل حذر .. الدولة متهيئة للحرب! هل يعقل أن زواجاً هو بالدين محرم تم بهذى السرعة كان ضرورة فرضتها الحرب المتهيئة لها الدنمرك ؟! والحرب .. لماذا ؟ قال الملك وبعد التتويج: الملك : ـ والآن ننتقل إلى ما تعلمون من أمر فور تنبراس : يبدو أنه لم يقدرنا حتى قدرنا أو لعله ظن أن موت أخينا الراحل قد حل عرى دولتنا وأوهى بأسمها فعاد إلى حلمه ذاك فى السيطرة وأرسل إلينا بما يسوءنا يطلب أن تسلم إليه تلك الأرض التى تنازل عنها أبوه، بعقود وثقها القانون لأخينا المقاتل الباسل! أوشك أن أصطاد الأشباح فى قاع البئر. الروح .. الروح نبية! فلماذا ظن الضعف بعمى بيننا كان يخاف أبى .. والحلم قديم فى السيطرة على جزء من أرض أجبر فيه علي التسليم ؟! ولماذا عاد عدو الدنمرك ليحلم وبهذى السرعة بل يتحدى عمى بيننا كان يخاف أبى؟! ولماذا ظن بأن الدنمرك . ضعفت .. وهنت ـ .. حلت ـ بعد أبى المقتول عراها؟! كان أبى كالصخرة فى وجه الحالم والحلم وانزاحت فى تيار السم الجارى فى مجرى الدم! لحساب الطامع فى الأرض .. عدو الدنمرك أم لحساب الطامع فى العرش .. العم .. أم لحساب الاثنين معا .. بطريق الصدفة والصدفة فى الدنمرك مدبرة كى تبدو صدفة؟! هل يمكن أن يغتال أبى لحساب عدو من « خارج »؟ عندئذ يغدو « الخارج » داخل و« الداخل » خارج فمن القاتل؟؟ ما الحرب إذن يا أبتاه ما الحرب سوى « التمثيل« مهلاً ... مهلاً أذكر أنى قلت« التمثيل« الملكة : ـ إذا كان كذلك فلماذا يبدو أمرك شاذاً على هذا النحو؟! أعرف « يبدو« أعرف ما تعنى الأقنعة .. الأزياء يا أماه! بين العرس وبين المأتم فى التمثيل »يبدو» أن المرء نفس المرء وهو »قناع» ـ يبدو «يا سيدتى» .. بل هو الحق . فلسب أعرف «يبدو» هذه وليس ردائى الحالك. يا أمى العزيزة : ولا ملابس الحداد المألوفة ولا زفراتى المصعدة أو النهر الدافق من عينى: أو الغم البادى على وجهى ولا كل ما يتخذ الحزن من صور وأشكال هى وحدها التى تنبىء بصدق مرى. هذه حقاً «تبدو» فهى أفعال يمكن أن يمثلها المرء لكن فى باطنى ما يعجز التمثيل أما هذه فليست إلا حليا ومظاهر للاسى! العالم مسرح وأنا لست ممثل تلك هى المأساة! روحى فى الحق نبية! قلت مراراً! والحرب هى «التمثيل» والتمثيل «الحرب» ليس أمامى غير الصمت! هيا نرجع خطوة كى نتقدم خطوة « ما كنت رأيت الشبح ولا كلمته » : ـ أبى .. يخيل إلى أنى أرى أبى! هوراشيو : ـ أين يا سيدى اللورد؟! كان رآه صديقى لكن لم يخبرنى بعد وسيخبرنى بعد قليل ـ فى عين عقلى يا سيدى! عين العقل .. وعين الروح روحى فى الحق نبية! ـ روح أبى فى السلاح . إن وراء ذلك أمراً، يخيل إلى أن فى الأمر شراً ! يا روحى اسكنى فسينهض العمل الخبيث على مشهد من الناس ولو غطته الأرض جميعاً! فى خطر يا أرض الدنمرك خطر تستشعره الأشباح أطياف الموتى فى خطر يا هملت خطر تستشعره الروح حين تكون نبية خطر يستشعره الشعب الملجم حين يكون على العرش .. الزانى .. قاتل ملك الدنمرك! وتجىء الحرب غطاء للسر وقناعاً يخفى وجه القاتل والقاتل يصبح مثل الغازى والغازى مثل القاتل وسواء فى التمثيل هزيمة يا أرواح الموتى .. أو نصر إن السر ببئر! هوراشيو : ـ والليل والنهار إن ذلك لغريب : هملت: مادامت غريباً فلنرحب به إن فى السماء والأرض يا هوراشيو أشياء لا يعلم بها علمك.. إن العصر لفى خسر يالها من نكاية لعينة أن أولد لأصلح ما فسد! *الفصل الثانى : المشهد الأول : أنا لا أحسن قول الشعر فى داخلى الشاعر ميت لكن شاعر يولد ميتاً من يولد شاعر كان علينا أن يولد فى أيدينا السيف نشهره في وجه الأم المطحونة من آلام مخاض فى وجه القابة الفاغرة الحجر كما المرحاض فى وجه الآباء الشهوات القاذفة بنا فى فرج القبر: فى وجه العالم موبوءاً بعداء الشعر! تنتظر نبيا يا خلى «يحمل سيفاً» ؟ ـ يا خلى مدام الشعر ـ قد أصبح فى عالمنا الزيف ـ من خوف السيف ـ يا خلى كيف يكون السيف ـ حتى لو حمل اسيف نبى؟؟ ـ يا خلى .. يا خلى .. كيف ؟؟ ـ «وهل أبيحت نساء القوم عن عرض .. للعرب إلا بأحكام النبوات؟؟ ـ إنى أنتظر نبياً لا يحمل شيئاً. ـ لا يحمل حتى الرأس على الكتفين ـ ما دامت تقطف : ـ لا يحملها فوق الكف ـ ما دامت تخطف تقصف : ـ لا يستشهد : ـ انتظر نبياً لا يحمل حتى كلمة! ـ فالكلمات على أكتاف الموتى ـ من أزمان لم تلق الرحلا ـ والسفر يلوح بغير نهاية : ـ انتظر نبياً لا ينتظر أحد ـ يأتى وبروح كما الطيف .. ويضحك ـ من فوق السحب .. ولا يبكى ـ بدموع السحب على العالم! ـ انتظر نبياً يتقن فن التمثيل .. التهريج ـ فن خيال الظل : ويقدم يوم التتويج .. دراما التتويج! ـ للملك المأبون وأروع العابه ـ كى يضحك كل تيوس العرش ـ من أنفسهم! ـ أنتظر نبياً يمسك مروحة من ريش نعام ـ من «خلف» الملك يمروح .. يستجدى الأنسام ـ كى يفهم سر المهنة ـ ببلاط السلطان ـ كى يصبح «خلف» السيف فلا يؤخذ غرة ـ والدولة متهيئة الحرب! ـ أنتظر نبياً يهوى فن التمثيل ـ فالتمثيل الحرب ـ والحرب التمثيل ـ أنتظر نبياً يا خلى، يتقلب فى كل الأدوار ـ فى دور الساحر والكاهن ـ فى دور الراقص والمنشد ـ فى دور القائد والتابع ـ فى دور الداعر والقديس ـ فى دور الشاعر والثائر ـ ومحب الحكمة والجاهل ـ والمتجاهل ـ كى يفهم كيف يموت الشعراء ـ ولماذا كانوا الشهداء ـ دوما إن حملوا الكلمة ـ أو حملوا يا خلى السيف ؟! ـ وأنا شاعر ـ وبحكم النص ! ووقعت أسيراً بين الأمراء ـ ما أدركت الأمراء ولا أدركت الشعراء ! ـ يا أوفيليا منذ اليوم أنا المجنون! ـ فالعصر لعين وخئون! ـ ما دامت أمى يا أوفيليا خانت ـ فالعالم : كل العالم خائن! ـ آه يا عزيزتى أوفيليا. أنى لا أحسن نظم الشعر : وتعوزني الصنعة لأعبر عن آلامى! .. لكن أباك هو « الكاهن» ، يبدو أن أباك يهودى ، يتخفى فى الزى الدنمركى ، فيه طباع الأفعى .. حتى صوته، فيه فحيح عبرى ، عندى ألف دليل ، لكن لن أستبق القول! أيكون أبوك مدبر هذى الصدفة ، قتل أبى .. وزواج العم بأمى ، والصمت المطبق فوق الدنمرك ، والحرب على الأبواب ؟! الشك .. الشك .. الشك، كنت كتبت لأوفيليا، من شعرى بضعة أسطر: « ـ شكى أن الأنجم نيران ، شكى أن الشمس بلا دوران ، شكى أن الحق كذب ، لكنى لا شك أحب! » لا .. أوفيليا .. يا بيضة أفعى، شكى حتى فى أنى أحببتك، شكى حتى فى الشك قواد فى الحق أبوك، نتن الرائحة « يبيع سمك» : ، فالشرفاء بعالمنا قلة، « قد تلد الشمس الدود بجثة كلب ميت. » وأنا كلب ميت، لكن أصلح للتقبيل .. وللتمثيل ، هاتى قبلة! يا أيتها الكلبة بنت الكلب ، لا .. فالنتن يفوح، من شفتيك .. نتن أبيك ، ماذا تلد الأفعى حبلى الشفتين سوى السم ، الكلمات المسمومة تولد ناقصة العمر ، أو زائدة العمر، قبل الشهر الأول أو بعد الشهر التاسع ، والحبل السرى بضم السين ، كالحبل السرى بكسر السين ، أما حبل الكلمات الطاهرة الذيل ، فيقص ليصبح بعد قصص ، يولد منذ المهد غصص ، هيا نختصر المشوار ونصنع جنسا ً، ونمارس باسم «الحب» التهجين! يمتحن جنونى يا أوفيليا بالمكر أبوك! ـ سأريه فنون السكر بكل جنون! ـ يسألنى ماذا تقرأ : ـ جاسوس فى قلب القلعة ـ يتقصى كل الكلمات! ـ يكفى أن يعرف أعداؤك ـ ماذا نقرأ ـ كى تؤخذ فى الليل بغرة ـ وأبوك أعد الخطة للأمر : ـ لم يبق سوى الأشباح ـ تتجول قبل الفجر ـ منذ اغتيل أبى بالسم ـ وسرى السم بكل النمرك! ـ لو أن الأشباح تموت .. ـ لانتحرت كل الأشباح: ـ واأبتاه: ـ «ألفاظ .. ألفاظ .. ألفاظ» : ـ إنى أقرأ ألفاظاً لا كلمات : ـ أما عنوان كتابى ـ فهو «الألفاظ الملفوظة»ـ من تأليف الموتى الملفوظين ـ من كل قبور العالم ـ روجع حقق لفظاً لفظاً ـ من خبراء قدامى فى تلفيظ الألفاظ ـ لكن ضاع المخطوط الأصلى ـ واأسفاه: ـ فابحث معنا .. ومع الشرطة : ـ يسألنى ما موضوع الألفاظ؟ نفس الموضوع : ـ طبعاً لم تفهم شيئاً: ـ أعنى أن الموضوع هو الألفاظ ـ الموضوع بها الموضوع : مثلا. مثلا ـ كل الأشياء المنتنة بكل الأشياء ـ يمكن أن توضع فى لفظ. «فضيحة» فإذا شئت الجمع نقول ـ «فضائح» : ـ وهنالك جمع مذكر ـ وهنالك جمع مؤنث ـ وهنالك جمع التكسري . التهجين ـ للاثنين معاً ـ ليس هنالك جمع «سالم» ـ فى الدنمرك! ـ ويسود الخطأ الشائع ـ من أن الذكر هنا لا يحبل ـ لكن ثمة فى الدنمرك تجارب ـ تجرى فى هذا الموضوع : ـ والأمل كبير فى رأى العلماء ـ بفنون الحمل ومنع الحمل : ـ هذا يعنى أن «القوم» نساء بالإمكان ـ وغداً يصبح أصل الإنسان ـ لا آدم .. بل حواء : ـ سيدتى.. أنت أب لأوفيليا ـ هيا نصنع حباً .. هيا ـ هيا نلد الأطفال من الإست! ـ والعصر السبت! ـ إنصرف الآن الثعبان : ـ دخل أثنان من الأعوان: ـ فلنلعب هذه المرة بالألغاز! ـ حالكما حال البسطاء: ـ فلماذا تأتى كلماتكما ـ فى زخرفة لباس المومس؟! ـ سجن يا أرض الدنمرك! روزنكراتس: ـ وإذن كل الدنيا سجن! هذا حق . المأبون يقول الحق : لكن حتى هذا يحدث ـ فى الدنمرك : ـ أن المأبونين يقولون الحق ـ من فرط النشوة أم رغماً عنهم؟ ـ أم كى يخفوا حقاً أبشع منه؟ ـ أم من باب الحوط الواجب للمستقبل ـ دول .. دول .. يا أيام : كان أبى ملكاً بالأمس ـ يحيا ملك الأمس! ـ عمى صار الملك اليوم ـ يحيا ملك اليوم! ـ وغداً يأتى ملك آخر ـ يحيا الملك الآخر ! ـ تعب القوم وبحث كل الأصوات ـ والزمن مخيف ! ـ لو لم تأتى الدولة بعد الدولة ـ لو لم تكن الجولة بعد الجولة ـ لأرتاح المابونون ودامت للعهر النشوة. ما قالوا أحياناً رغماً عنهم ـ شيئاً قد يبدو فيه الطهر : ـ أعرف «يبدو» : ولهذا «يبدو» أن القوم ـ «يبدون» لنا كالقديسين ـ لا مأبونين: هل يمكن أن يزنى الفكر ـ يا أوفيليا بالفكر؟ ـ يمكن جداً فى الدانمرك ـ ما من شىء فى الدنمرك محال ـ غير الطهر. ـ واأبتاه. ـ لتدوى فى أروقة القصر ـ ضوضاء العربدة ... السكر ـ لتغيظ الأطياف .. الأرواح .. الهائمة مع الفجر . ـ تلبس أردية الحرب ولا حرب ـ الشبح أسير الفجر .. الموت ـ كالإنسان أسير القيد .. الصمت. ـ صاح الديك ـ يا أبتى أم ما زالت فى الليل بقية؟ . يا نار جحيم جوالة. والملك العاهر ما زال يعربد ـ فى جنبات الماخور والمخدع ـ والموسيقى طلقات مدافع ـ فالدولة متهيئة للحرب ـ بطريقة أمى! ـ مرحى فلأكن القواد ـ بفراشك أمى .. والخادم ـ والبواب! ـ مولاتى .. هل يلزم شىء ـ لتمام المتعة والنشوة ـ وتمام الشهوة؟!. شكراً يا ولدى ـ عفواً أمى ـ إنى يا أمى بالباب ـ رهن أشارة ـ أو رهن مجرد آهة ـ من آهات العشق . ـ ويل للدنمرك من اليوم الآتى ـ ويل لللاطة محنىى الظهر! يأتى من بعدك ـيا خلى ـ من بعدى، من يحكى إنا لم نحن ، فى الليل اللوطى ظهورا ً، يأتى من يحكى، أنا كنا فى الزمن المأبون فحولاً ، فنكحنا حتى الغيلان ، كتأبط شراء! إنى انتظر نبياً لا ينظم شعرا ، كدخان يتصاعد من كف المحرقة.. المذبح ، يحمل آهات القربان ، انتظر نبيا لا يذبح ، لا يسجن .. لا يؤسر . لا يطرده الغربان من الأرض ، لا يلجأ للكهف .. المحبس .. والمعزل ، يا خلى إنا أشباح ، لا تلد الأشباح سوى الأشباح ، تقذفنا الأرحام ودون سلاح ، فى المعمعة .. فنقتل دون ثمن ، من ريش الحدآت الدموية ، نتخذ كفن! جيلد نستيرن: ـ ماذا تقول يا سيدى اللورد؟! ـ أى شىء لكن فى الموضوع! لست بشاعر . ـ لكنى أقسم أن أصنع شعراً من دود برازى ـ وأبارز حتى الدود! ـ فالجثة تبقى حية ـ حتى آخر نفس من آخر دودة! ـ يا أيتها الأشباح الموءودة ـ هل يسرى الدود ـ حتى فى الأرواح؟ ـ ما جدوى أن نختار الألفاظ جميلة ـ ما جدوى أن نزرع فى المرحاض خميلة ـ ما جدوى أن نشدو بالألحان خفيفة ـ والألحان ثقيلة ـ يا خلى والعهر فضيلة؟ ـ جوق التمثيل سيأتى بعد قليل. ـ فلننظر يا هوراشيو فى قائمة الأدوار ـ دور الملك الداعر ـ دور الملكة أمى ـ يا هاوية ليس لها من قاع .ـ دور كبير الوزراء القواد ـ دور أوفيليا بنت القواد كبير الوزراء القوادين . دور الأبواق الأعوان الغلمان ـ الخصيان المداحين المحترفين الأدياتية . ـ لا فرق لديهم بين العرس وبين المأتم ـ عاش .. ومات . ـ مات ... وعاش . ـ دور الحفار الساخر ـ دور الشبح المصهور بنار الغيظ ـ يبقى دور الشعب ـ من سيقوم بدور الشعب؟! ـ وهنا أكتب ملحوظة. ـ «التمثيل هنا ممنوع ـ ـ منعاً باتاً.» ـ المصيدة معدة ـ للفئران ـ ومعد فى «المصيدة» الطعم! ـ الدودة تجذب للشط الحوت ـ فإذا الحوت الدودة ـ والدودة حوت! ـ هم يخشون الكلمة ـ حين تكون السهم برحلة صيد ـ حين تكون الصقر بغير عصابة ـ لكن حين يدب الرعب ـ فى أوصال الكلمة ـ تصبح لفظاً أو كمية حبر ـ محض هواء نتن مر من الرئتين ـ عاد إلى الرئتين ـ آهة نشوى فوق سرير مفتوح الفخذين ـ والدنمرك سرير ـ وسرير كل العالم ـ كل يزنى بالعالم . ماذا فى وسع «الفروج» الدنمركى . لا تنتحروا . ـ فلينتحروا هم لا نحن! ـ مهما كان جحيم الحزن ـ لا تنتحروا فالمنتحر هو المهزوم. ـ «المصيدة» معدة . ـ لا تبنوا فوق الجثث المدنا ـ فالجثث تذوب تغوص لجوف الأرض ـ تصنع أبخرة .. نيراناً تصبح بركاناً .. طوفاناً ـ تعصف بالمدن الرازحة على الموتى ـ والبائلة على صفحات .. على كلمات ـ كتب الموتى البردية! ـ .. وسيضحك المهرج من تدغدغهم أيسر الفكاهة .. وستعبر اليسدة عن أفكارها كما تشاء وإلا تعثر الشعر المرسل! هل يمكن أن ينتحر الإنسان ، حتى بعد الموت ؟ منتحراً .. يأتى للدنيا، ينتحر .. لكى يذهب عنها، منتحراً .. هل تم خلاص ؟! هيا نقل الشعر.. رمزا .. من رمز .. فى رمز ، كى تحسب بين الشعراء ، لا نوصم دونهم بالعجز ، « الذئب يوشوش فى أنات القز ، والدودة تضحك من أفبيه البز ، تنين يشدو من قلب الأرز ، صبرا يا أرز على الأرز ، فالموز كما سرب إوز ، يطفو ويغوص على در اللوز ، والرومان .. الرمان .. قنابل ذرية ، لو رومانة! يا شجر اللبلاب الطارح كمثرى ، إنا أسرى ، إنا اسرى؟ » قلنا يا خلى الشعر . ـ فلنقل السجع المعروف عن الكهان ـ أو دعنا نقل النثر ـ أو دعنا من كل فنون القول ـ مادام النطق خيانة؟ هيا نسترجع قائمة الأدوار ـ من سيقوم بدور الموتى؟ ـ الموتى قاموا بالأدوار ـ قاموا .. ماتوا ـ والأشباه اليوم على المسرح؟ وهنا أكتب ملحوظة . ـ «التمثيل هنا ممنوع ـ منعاً باتاً» . ـ تمثيل الموتى تمثيل بالموتى ـ والويل لنا نحن الأحياء . لو عرف الموتى التمثيل لعاشوا ـ لكن واأسفاه؟ ـ أى الممثلين هم ؟ روزنكرانتز ـ أولئك الذين اعتدت أن تسر كثيراً بتمثيلهم فرقة التراجيديا فى المدينة. وما الذى دفعهم للرحيل؟ ومقامهم خير لهم ربحاً وشهرة ؟ روزنكرانتز ـ أظن أن كسادهم يعود إلى ما ظهر أخيراً من بدعة. ـ ألم يزالوا موضع التقدير كما كانوا حين كنت فى المدينة؟ أمازال الناس يقبلون عليهم ؟ روزنكرانتز ـ لا يا سيدى اللورد .. لم يعودوا كذلك ؟ كم يتغير هذا العالم: ـ ثمة شىء يحدث للمسرح ـ وإذن ثمة شىء يحدث للدنمرك : ـ أو بالعكس ـ فالدنمرك المسرح : ـ والملهاة هى المأساة ـ والمأساة هى الملهاة : ـ كيف نضم الإثنين معاً ـ فى اسم واحد؟ ـ الملساة؟ ـ المأهاة؟ ـ هذى تسمية مقبولة ـ لكن ليست معقولة: ـ وهو المطلوب اليوم ـ لجميع الأسماء! ـ والفارس لا يستخدم سيفه ـ إلا حين تبين حدود الأسماء ـ ويبين الفارق بين الأشياء ـ فإذا رفع السيف الأعمى ـ حين تكون الأشياء عماء ـ كان السيف من السياف براء ـ حتى لو كان السياف نبيا ـ يا خلى يا من تنتظر نبيا يحمل سيفا ـ «السيف والرمح قد أودى زمانهما، فهل لكفك فى عود ومضراب؟!» يبقى من قائمة الادوار ـ دور «العاشق» : ـ أوصيكم بعدى بالعشق، ـ والعشق مدى التاريخ مصارع : ـ والموت وراء العشاق : ـ العاشق لا ينتظر جزاء ـ فجزاء العاشق أن يذبح فى الجزية ـ والمذبوح العاشق يكره ـ ذابح عشق أو عاشق ذبح : ـ لست أسيغ بطبعى هذا الدور ـ وهنا كتب ملحوظة : «التمثيل هنا أيضاً ممنوع» ـ أما «المضحك » فأنا أعشق دوره : ـ فهو نبى ـ أنتظر نبيا يلعب دور المضحك ـ حتى يضحك كل الأدوار! ـ «فإن تعش تبصر الباكين قد ضحكوا ـ والضاحكين لفرط الجهل باكينا» ـ لكن شرط يكون المضحك ـ فى الدنمرك المبكى ـ أو بالعكس ـ « والتمثيل هنا تمثيل بالتمثيل ـ أما « السيدة» الملكة ـ فى التمثيل ـ الشاعرة بأن الذنب عظيم ـ إن صحت أقوال الشبح الهائم ـ بين الفجر الفاجر والذعر ـ فلسوف تقول الشعر المرسل : ـ مثل الشعر المرسل فوق الكتفين ـ يسقط فوق الظهر إلى القدمين ـ يكنس من خلف الملكة ـ ما قد يسقط من دنس الفخذين : ـ و«المصيدة» معدة ـ من تأليفى ـ والإخراج ـ مثل الفتح على الخراج : ـ وهمو يخشون المسرح ـ يخشون الشاعر حين يكون ـ شاعر مسرح : ـ أما حين يكون (..) : ـ فالشاعر فاكهة الموسم : ـ ولهذا ندر الشعر درامياً ـ ندر الشعر نبياً فى الدنمرك : ـ ولهذا أهوى دور المضحك! روزنكرانز ـ .. لكن هناك يا سيدى عشا من الأطفال. صقور صغيرة تصيح فيعلو صوتها فى الجدل على صوت الآخرين وينالون أعظم استحسان. هؤلاء هم البدعة فى هذه الأيام: وإنهم ليملأون بصياحهم «المسارح العامة»، هكذا يسمونها حتى أصبح كثير من حملة السيوف يخشون حملة ريس لاوز، ولا يجرؤون أن يذهبوا إليها!. ـ ماذا؟ أهم أطفال؟ ومن يدير شئونهم؟ ومن ينفق عليهم؟ وهل يواصلون المهنة بعد أن يصبحوا عاجزين عن الغناء؟ وإذا غدواهم أنفسهم ممثلين كباراً .. وهو المرجح إذا لم يجدوا وسيلة للعيش خيراً من هذا.. ألن يشكون من ظلم الكتاب حين يضطرونهم الآن إلى التنكر لمستقبلهم؟! روزنكرانتز ـ لقد جرت أحداث كثيرة بين الجانبين: لم يتورع الناس أنفسهم عن حفزهما إلى مزيد من الخصام. وأنى حين كانت المسرحية تعدم من يدفع ثمنها ما لم ينته الشاعر والممثل فيها إلى تبادل الضرب والسب. فليكن الأطفال صقوراً ـ مادامت كل صقور العالم ـ تتخاطف كل الأطفال ـ لا تغريد اليوم ولكن أمر ـ والأمر الصمت : ـ فالصوت يجر إلى الفرخ الموت : ـ ليست بدعة : ـ من يحمل سيفاً يخشى من يحمل ريشة ـ من جنح أوزة ـ قد يكتب بالريشة كلمة ـ تكسر سيفاً ـ لكن فى صمت ـ كى لا يسمع حتى صوت القلم على القرطاس : ـ لكن أخشى ما أخشاه ـ أن يصبح أطفال اليوم صقور للاطفال : ـ ويل للدنمرك من اليوم الآتى ـ ويل .. ويل للشعراء: ـ يا أبواب جهنم : ـ التمثيل هنا ممنوع ـ بالنص وبالإخراج ـ وبإجماع الفرقة : ـ وبرغم جميع حروف الجر الخطافية ـ للسجن أو المشنقة أو الخازوق ـ أو للصلب كما الحلاج على شاطىء نهر الدم: ـ «والصلال التى يخاف أذاها .. ـ شرها فى الرؤوس والأذناب»: ـ ذنب الأفعى ناب ـ ناب الأفعى هو «بولونياس» ـ وهو كبير الوزراء : ـ سوف أريك جنون جنونى .. فأر القصر : ـ فالمصيدة معدة ـ للفئران ـ والدنمرك المسرح: ـ زرعوا الفرقة ـ بين الفنانين بأية فِرقة ـ بين الشاعر والفنان ـ حتى بين الشعراء ـ فإذا الإنسان عدو لأخيه الإنسان ـ فى الدنمرك الدولة ـ صارت غاية ـ يأكل أفيَّها الأقوى لحم الأصلح : ـ ثم تجىء الحرب المسرح ـ بعد الحرب: ـ ثم يقوم المسرح ـ من فوق الأطلال ـ جوق الندابين معد ـ من أعوام «قبل الحرب» : ـ تبقى الفرق الجوالة ـ والجولون من الشعراء ـ والجوالون الآفاق ـ بحثاً عن مأوى .. عن لقمة : ـ والطرد .. الطرد ـ والهجرة والتهجير ـ مطرود من كل العالم ـ من يطرد من أرض الدنمرك! ـ إنى مجنون حين تهب الريح من الشمال والشمال الغربى، أما حين تهب من الجنون، فإنى أميز بين الفأس والمنشار: هذى أيضاً ملحوظة لكن ملحوظة من يكتم غيظه من ذيلين لفأر واحد هو »بولونياس« جاءا كى يمتحنا عقله كثرت فى القصر الفيران! فرق التمثيل الملكية. وانحط المسرح .. لا غرو! فلأكتب أن المسرح يمكن فى الدنمرك أن ينحط إلى أعلى: بولونيوس: ـ لقد حضر إلينا الممثلون يا سيدى اللورد! ـ كفى .. كفى : بولونيوس : ـ على شرفى! إذن فقد جاء كل ممثل على حمار! الشرف حمارك بولونياس والتمثيل كذلك لا يحسن فن التمثيل حمار هل يحسن أن يصنع فرقاً للتمثيل فى القصر أو الدنمرك هذا جائز لكن سوف يبين الفرق للعين الصقرية بين حمار التمثيل وتمثيل حمار فانظر من أنت! واأبتاه! سابول على شرف بولونياس وسيأتى ليشم البولة بغريزة أى حمار يا شعراء الورق « السولوفان« والدنتيللا. والشمبانيا قد تبدو كلمة « بولة« تعبيراً غير مثقف.. يعنى مقرف ؟! بل ليس يليق بهملت كأمير .. فضلاً عن شاعر لكن من قال بأنى لا أتبول بل زفعل ماهو افذر والإنسان قذارة تمشى فوق الأرض على قدمين وأنا إنسان إنسان ..! أكتب فى دفترى الخاص ما يخطر لى فى بال! يا دفترى الخاص لن يقرأك سواى إلا فأر من فئران القصر يسعى خلفى .. يقرض ما أقرض من شعر ينبش فى أفكارى .. فى أفكارى .. فى أشعارى يبحث فيها عما يدعى بالإسقاط بولونيوس. أنت حمار فى التمثيل ، لكن أنت « مثقف « ، فيما « يبدو« ! بولونيوس: ـ إنهم خيرة الممثلين فى العالم سواء فى المأساة أم الملهاة، أم المسرحية التاريخية، أم الريفية، أم الدينية الهزلية، أم التاريخية أم المأساوية الهزلية الدينية التاريخية، ما روعى فيه وحدة المكان وما انطلق فيه الشاعر بلا قيد! ملحوظة : جاهل ـ بالتأليف وبالإخراج وبالتمثيل ـ كيف بحق جهنم ـ يبقى المرء حماراً .. وهو مثقف ـ يعرف مثل كبير الوزراء ـ هذا كله : ـ ما أكثرها الأنواع الأجناس الألوان ـ فى فن المسرح . ـ لكن الموضوع هو الموضوع ـ واللغز يظل اللغز ـ المسرح أيضاً يجنح للدوران ـ مثل الأرض ـ وشروط المسرح مستوفاة ـ وفق أرسطو ـ فمكان اللعب الدنمرك الرسمية ـ الملكية. ـ والفعل هو «التهويد» ـ ويهودى فأر القصر بولونياس ـ بعد طويل تحرياتى ـ فيما كتب بغير قيود ـ من أشعار أو كتب مقيد ـ لا تندهشوا ـ فاليكم فى الجدل دليلى ـ مفتاح اللغز. بولونياس . - .. إنهم وحدهم من يصلح للتقليدى والحر . هملت - أى «يفتاح» ياقاضى إسرائيل أى كنز كان لديك بولونياس . بولونياس . - وأى كنز كان لديه ياسيدى اللورد ؟ هملت - بنت حسناء .. واحد لا غير .. كان يحبها حباً جماً . بولونياس . - ( لنفسه ) مازال فى أبنتى . هملت - ألست على حق يايفتاح العجوز ؟ . بولونياس . - لا تدعنى يفتاح ياسيدى اللورد فاِزن لى بنتا أحبها حباً جماً . هذا لغزى - لغز العم .. الأم . - لغز السم - لغز الشبح الهائم فى نيران الغيظ .- لغز كبير الوزراء . - لغز أوفيليا . - لغز الحرب على الأبواب - قبل الحرب وبعد الحرب . - لغز الغازى الطامع فى أرض الدنمرك - لغز الدنمرك لملكية - لغز الشعب الصامت . هذا لغز الألغاز - فى مأساتى أو ملهانى - وسيكتب نقاد العالم ـ ليردد من خلفهم الخصيان ـ من نقاد الدنمرك المنكوبة - بالجوقات وبالأبواق - أطنانا من كتب التفسير - حتى عن كيف يبول أمير - إلا عن هذا اللغز - لغز كبير الوزراء اليفتاحى .- فهنا سيسود الصمت . - أو فالموت . - فاختر بينهما يامن تأتى بعدى - تقرأ هذا الدفتر - دون هوامش . - واختر بينهما ياخلى الطيب - يامن تنتظر نبياً يحمل سيفاً - إنى انتظر نبيا يفهم سر المهنة - وخصوصا فى فن المسرح - يفتاح القاضى يلبس وجه كبير الوزراء - ويجوس بأروقة القصر - وبحكم المهنة يغزو الدنمرك من الداخل - والحرب على الأبواب تجذب عيون النيران الى الخارج - السوس الدائب يقهر قلعة . - مادام كبير الوزراء ممثل - فالملك رئيس فريق التمثيل - والدنمرك الساحة للفرق اليفتاحية - والتهويد .. التهويد .. - هل تعرف أمى أو لا تعرف - ملعوب التتويج .. التقليد .. التشبيه ؟ ما سر رضوخك ياأمى ؟ - الخوف .. أم التدبير .. أم التمويه ؟ - أم أن الملكة تشبه أمى ؟ - يا أيتها الأشباح المصهورة فى نارجهنم - إسرائيل هى الدنمرك .- كل العالم إسرائيل . - فليبدأ منذ الآن التمثيل . - والمصيدة معدة . - «قلدتنى الفتيا فقلدنى غدا .. تاجا باعفائى من التتويج - حتى الآن .. - مازال الفتيان يقومون بأدوار الفتيات .- فتقاليد الدنمرك الملعونة - صارمة فى التمثيل وعاهرة فى الواقع .- كان الأولى لو قام الفتيات بأدوار الفتيان - فالفتيات أقل أنوثة .- فى الدنمرك .- هذى أحدى حسنات كبير الوزراء ـ ألقاضى يفتاح . ـ التهويد ... التأنيث .. التذكير .. التخنيث ـ الطاعون اللوطية ـ تمهيداً للحرب المتأهبة لها الدولة ـ فلنسمع قطعة ـ نمتحن بها الفرقة ـ ليست فرقتنا الجوالة ـ المطرودة من كل مدينة ـ من بين الفرق الرسمية ـ هذى ملحوظة . ـ - هيا . دعونا نتذوق شيئاً من فنكم . هيا .. قطعة مليئة بالانفعال . الممثل الأول ـ أية قطعة ياسيدى اللورد ؟ - لقد ألقيت أمامى قطعة ذات مرة . لكنها لم تمثل قط أو مثلت مرة واحدة . فلتسمعنى نفس القطعة . ـ لكن مهلا .. مهلا هملت . ـ أكتب فى دفترك الأسود ـ ولماذا أطلب نفس القطعة ـ وهنا بالذات الآن ـ ولدى الفرقة ما بجراب الحاوى ؟ محض سؤال . ـ لكن أذ كر أن القطعة ـ كانت لحناً من فرجيل ـ فى الأنيادة ـ عن طروادة . ـ عن طروادة ! ـ ليست صدفة ! ـ «يفتاح » بكل مدينة سقطت أو توشك أن تسقط . ـ .. قطعة فيها بعينها أحببتها أكثر من غيرها ، حديث إيناس إلى ديدو وخاصة ذلك الجزء الذى يشير فيه إلى مصرع بريام . تصلح هذه القطعة يايفتاح ـ يا بولونياس ـ تصلح نعيا للدنمرك . ـ يفتاح هو البغل الخشبى .. ـ ولكن فى «مكياج » حصان . لا يمكن أن يصبح يفتاح كبيرا ً للوزراء ـ إلا فى الدنمرك العبرانية ـ والوحش بجوف البغل القابع فى جوف حصان ـ ينقض على طروادة فى الليل الأسود ـ بسلاح كالنية أسود . ـ فليرجع من شاء زيادة للانيادة ـ فتش عن «يفتاح» .. القاضى . ـ فى كل ملاحم هذا العالم .ـ من حوريس إلى طرزان ـ ولشيتا القردة منى ألف تحية ـ .. سأطلب اليه أن يلقى البقية بعد .. وأنت ياسيدى الكريم أرجو أن نهئ للممثلين مقاماً طيباً .. أتسمع .. لكى تكرم وفادتهم أنهم خلاصة تاريخ العصر ! ألمصيدة معدة : ـ لكن أول شرط للتمثيل ـ ألا يبدو هذى المرة تمثيلا ـ كى لا يدرك يفتاح الثعلب ـ أن الهرة تحت الملعب . ـ هل نتحدى الموت ـ أم نستسلم ؟ ـ الأحياء هم الجبناء ـ حين اختاروا العيش .. أم الشهداء ـ حين اختاروا الموت بعيداً عن هذا العالم ؟ ياخشبتى المقطوعة من شجر الصفصاف ـ ثقل الحمل على أكتافِى ـ من يصلينى بالله عليك ؟ ـ يا أوفيليا اليفتاحية ـ يا أبنة يفتاح القاضى . ما يخرج من بيض أوزة ـ غير إوزة ـ تحسن فن العوم ؟ ـ ماذا يخرج من بيض الأفعى ـ غير الأفعى ـ تحسن نفث السم ؟ ـ لكن يحدث فى الدنمرك ـ شئ آخر ـ تخرج من يفتاح أوفيليا ـ قرد ينجب حية ـ تنجب بوما ـ ويقولون الحب !ـ «حب إيه اللى أنت جاى تقول عليه » ـ ويقولون الشعر ـ «شعر أيه .... دا الكلام اللى فى عنيك ـ خلى أحلى كلام يغير » ـ أطنان كلام فى الحب ـ هيا فالعب مع أوفيليا ـ لعبة حاو أمسك حيه ـ يا أجمل أقبح حورية ماذا فى وكر الصدر ـ غير الغدر الكامن غير العهر ؟ ـ «ردوا السلام ولا السلام دا غالى » ـ «ردوا السلام ومانطلعوش فى العالى». ـ .. لابد أن أجد دليلا أكثر إرتباطاً من هذا ، والمسرحية هى التى ستكشف عن ضمير الملك .. * * * » لو قيل لم يبق سوى ساعة أملت ما تعجز عنه سنة « -أبو العلاء المعرى- *الفصل الثالث: *المشهد الأول - لقد سمعت ما يكفى عن زيف وجوهكن . منحكن الله وجها واحد فصنعتن لكن وجها آخر . هزة تأود ولثغة ، وتسمين مخلوقات الله بأسماء من وضعكن وتعتذرن عن الخلاعة بالجهل . أقنعة كل المسرح ـ أقنعة كل الدنمرك ـ فى عهد كبير الوزراء ـ يفتاح القاضى . ـ فلننظر فى الأسفار العبرية ـ ماذا بعد «التكوين » سوى الأسفار الملكية ؟ ـ أهنالك سفر خاص بالدنمرك ؟ ـ ما من شك ـ أنا يا خلى لا أعنى الحرفية ـ ما الأحرف .. ماكل الأسماء ـ غير إشارات رمزية ـ هزات تأود ـ لثغات ـ تبديل الأسماء بأسماء ـ تبديل حروف ـ والناس حروف ـ والأدوار حروف ـ وبديل اللاعب لاعب ـ وبديل الميت حى ـ « لايكاد الفتى يجهز إلا عن بديل له مستناب » ـ « إن الذين على ظهر الثرى وطئوا .. يشابهون أناسا تحته دفنوا » ـ أنا لست بمزمار يعزف من شاء ما شاء عليه ـ لى ثقبان ككل الناس ـ ثقب أبصق منه على العالم ـ والآخر «أفعل » منه على العالم ـ لكن ثمة بين الناس أناس ـ تفعل بهما الأشياء الأخرى ـ مما لا يذكر علنا فى الدنمرك اليفتاحية ـ فالدنمرك ثقوب ـ والكل يرى منها الكل ـ لكن يلتمس لكل الناس الأعذار ـ كل الجدران زجاجية .. ـ هذى حسنة ـ أخرى من حسنات القاضى يفتاح ـ لا تقذف بيت الاخر بالأحجار ويكف العار بأن يصبح عار ـ حين يكون العار شعار ـ الدنمرك ـ ثم يسود الصمت ـ لو كان بيدى الأمر لكان شعارى ـ مأيون من يصبح ملكا أو شاعر ـ فى مملكة دمى يفتاح ـ فهو أوزة ـ ذبحت قبل العرس وقبل التتويج ـ كان يولونياس فى الجامعة يجيد التمثيل ـ فيما قال ـ فلقد مثل يوليوس قيصر ـ وهو اليوم يقوم بدور القاتل لا المقتول ـ يبدو أن المسرح حلم ـ يصدق لكن بالمعكوس ! أوفيليا : آه .. بالهذا العقل النبيل المضيع لسان أمير وبصر عالم وسيف جندى ! *المشهد الثانى أوفيليا : إنك تصلح أن تقوم بدور الجوقة ياسيدى اللورد . - إستطيع أن أدير الحوار بينك وبين حبيبك لورايتكما تتدليان كالدمى فى مسرح العرائس ! * * * هذا لغزك يايفتاح ـ الدنمرك دمى ـ لكن فرق بين الدمية فوق الخشبة ـ والمشنوق على باب المسرح ـ أو فى الكالوس ـ ألحبل هنا كالحبل هناك لكن العرض ـ غير العرض ـ أعلى الباب أذن أم خلف الباب الملهاة ـ إنى أكره أن أصف اللعبة بالمأساة ـ وا أبتاه ـ أوزوريس ؟؟ يا أوفيليا اليفتاحيةـ إنى ألعب دور المنشد ـ وأنا ألعب دور الجوقة ـ أو بالعكس ـ ولهذا يبدو أنى ألعب كل الأدوار ـ لكن لست بدمية ـ فى مملكة دمى يفتاح أبيك ـ ملك التمثيل أبوك ـ أم ملك الدنمرك ـ التمثيل هو التزيف ـ والتزييف هو التمثيل ـ الان فقط أدركت صموتك ياأمى ـ لكن صمت المسبية لا يغفر المسبية ـ الذنب على رأسك أمى تاج من وحل ـ من تحتك مستنقع وحل ـ من حولك وحل فى وحل ـ فتظنين الأرض مرايا ـ وهى خطايا ـ يا بلقيس ـ ليس العرش بعرشك لكن شبه لك ـ لا يخدعك الزخرف لا تغترى بالزينات ـ القيد بقلبك لكن بيديك أساور ـ وبرجليك الأحجال سلاسل ـ مرحى ... مرحى ـ هل ثمة فى الدنمرك رجال ـ وأنا أيضا لست سوى ثرثار ـ ما الثرثرة سوى تبذير هواء ـ بين شهيق بين زفير ـ كالكلمات السوداء على الورق الأسود ـ وبحبر أسود ـ والطاعون هو الموت الأسود ـ هل ثمة موت أبيض ؟ ـ بالتأكيد ـ وهو الكلمات البيضاء على الورق الأبيض ـ وبحبرأبيض هل ثمة حبر أبيض ـ بالتأكيد ـ الحبر الأبيض لبن العصفور ـ «ساعة أوريانت ما أحلاها ـ ساعة أوريانت لساها ـ أوريانت» ـ ياشعر الإعلانات ـ أمى تدعونى كى أذهب . - وأنت ياقلبى لا تخرج عن طبيعتك ، لا تدع روح نيرون تلج البتة هذا الصدر لأكن قاسيا لأشاذا .. .... وسيكتب كل النقاد اليفتاحيين ـ ماشاءوا عن لقياى بأمى ـ ليضيفوا للقائمة السوداء أميراً شاذا ـ بعد الملك أوديبوس ـ ما حدث هنا فى الدنمرك ـ حدث بأثينة ـ حدث بطيبة ـ فتش عن يفتاح ـ فتش عن يفتاح ـ وترزياس الكاهن ـ يلعب نفس الدور ولكن ـ باسم بولونياس ـ لنتقدم خطوة ـ لم أقتل عمى ـ حين رأيته ـ وأنا أقصد غرفة أمى ؟ ـ كان يصلى ؟ ـ الصلوات لأمثاله ـ كاستحمام اللوطى ـ لم أقتله لأن الداء ـ فى الدنمرك الملكية ـ صادت مصيدتى فيران ـ ملكا .. حاشية .. أعوانا ـ لكن لم تصد الطاعون ـ ولهذا لم أقتل عمى ـ ماجدوى قتل ملك ـ ماجدوى قتل جميع ملوك الأسفار ـ مادام السفر وراء السفر ـ فى غرفة أمى : ـ أجهزت علي بولونياس ـ هل ثم سبيل يا أماه لقتل البولونياسية؟ ـ الفرس أراها .. والفرسية ـ لست أراها ـ والداء عضال ـ والشبح أنى يستعجلنى الثارـ والقتل بليل الطاعون عبث ـ ياخلى تنظر نبيا ؟ ـ يحمل سيفا ؟ـ الدنمرك تغوص إلى قاع الغمر ـ والطوفان الثانى هو مايشفى الصدر ـ من نيران الغيظ الطافى ـ فوق أكف المستنقع ـ ماذا يجدى السيف ؟ـ يقتل فى الدنمرك الزائف ـ لكن ليس يمس الزيف ! * * * - .. إنك تعلم ياخلى الأوفى أن الدولة هذى تنهار .. كانت من قبل زيوس يحكمها واليوم عليها يحكم طاووس مفتون .. هوراشيو : كنت تستطيع أن تحافظ على القافية .. *المشهد الثالث : - .. لا .. إنقبض أيها السيف ....... وأعلم أن لك فرصة أبشع . *المشهد الرابع : - أى أمى .. بالله لا تمنحى روحك هذا البلسم المهدئ فتظنى أن جريمتك ليست إلا حديث جنونى .. ظنك هذا لن يزيد أن يزيل قشرة عن هذا الموضوع المقروح .. بينما القيح العفن ينخر فيه وتسرى عدواه خفية ، إلى كل ما بداخله ! *الفصل الرابع : *المشهد الثانى : - .. كيف يستجوبنى إسفنجة ؟ .. وأى جواب يتحتم على ابن ملك أن يجيب ؟ روزنكر انتز : أترانى إسفنجة ياسيدى اللورد؟ - نعم ياسيد ى تمتص رضا الملك وهباته وسلطاته لكن مثلك من الإتباع يؤدى للملك أجل خدمة أخر الأمر . يبقيهم فى شدقة كما يفعل القرد بالجوزة جاعلا أول مايلتقم آخر ما يزدرد فإذا احتاج إلى ماقد جمعته فما هى إلى أن يعتصرك أيها الاسفنجة حتى تعود جافا كما كنت .. * * * *المشهد الثالث : يستدعينى الملك بإسفنجة ـ كى يبعث بى للقتل العاجل ـ فى إحدى السفن الإسفنجية ـ ماذا يمسك بالإسفنج ـ فى قاع البحر فلا يطفو للسطح ؟ـ الحيتان ؟ـ الحيتان بهذا العصر ـ تسبح فى رمل الشطآن ـ كيف يكون البحر ؟ ـ هذى آية آيات العصر ـ الدفتر .. والهامش ـ ياسفن الموت خذينى ـ وخذى أمثالى لجهنم ـ إنا لا نخشى الموت لأنا لم نولد بعد ـ أو أنا لا نولد أبدا ـ أو نولد والسفن معدة ـ سفن الأسفنج ـ سفن المسبيين ـ من الزنج ـ والمرفأ ياخلى اللحد ـ ياخلى قد بان السر ـ «بان على حبة من أول مابان » ! *المشهد الرابع : فورتنبراس : إذهب أيها القائد فأبلغ تحياتى ملك الدنمرك ، قل له إن فورتنبراس بعد إذنه يطلب لجيشه ماوعد من سلامة العبور خلال مملكته ! * * * « يامة القمر ع الباب ـ نور قناديله ـ يأمة أرد الباب ـ ولا أناديله » ـ جيش الأعداء على الأبواب ـ والملك « القادم » يرسل للملك العم ـ ملتمس الذئب من الأغنام ـ مات يولونياس ـ لكن البولونياسية ـ أدت فى الصمت مهمتها ـ صنعت شعبا داخل شعب ـ فهنا ياخلى شعبان ـ ماذا يصنع فى البحر السيف ـ أيشق البحر إلى بحرين ؟ ـ فليعبر جيش الأعداء ـ من رحم الأرض المسبية ما جدوى قتل الملك إذن ـ ماجدوى قتل جميع الفيران ـ والطاعون كما الشيطان ـ لا يقتله السيف ؟ ـ لم يثر الشعب لقتل يولونياس ـ فهنا شعب من إسفنج ـ رهن إشارة ـ كى يشعلها فتنه ـ وهنا شعب صامت ـ يعلم أن نهاية كل العالم قطنة ـ فهو صبور ـ والأعداء على الأبواب ـ ينتظرون الإذن ـ يا أبنى ما يفعل هاملت ـ والإرث خراب وخرائب ـ والوطواط اليوم يبيض ـ بينا الطير تلد ـ يا أبتى لا أصلح ملكا ـ فأنا شاعر ـ هذا مالن يذكره النقاد ـ فيما يذكر عنى ـ إنى افهم حتى فى التمثيل ـ لكن لست أجيده ـ فأنا لست أحب أكون ظ إلا هملت ـ ألعصفور الشادى لا الوطواط ـ ماذا فى وسع العصفور ـ الأرض شباك وحبائل .. - أوة .. لتصطبغ أفكارى بالدم منذ اليوم وإلا فلا غناء فيها ! *المشهد السادس : غضب الشعب لمقتل بولونياس ـ أى الشعبين غضب ـ ويقود الشعب الغاضب من بين الشعبين ـ إبن بولونياس ـ هذا يفتاحى ـ من طهرك يايفتاح ـ فلماذا عاد ابن الثعبان القرد التمساح ـ سرا .. للدنمرك ـ كى يشعلها ناراً ؟ ـ هذا دأب اليفتاحية ـ ألفتنة والحرب الأهلية ـ إن فشلت فى سلب السلطة ـ سرا بطريق التصفية السمية ـ والتشبيه ـ أو طرد الشعب الملجم من أرضه ـ بالتدريج ـ فى بطء سلحفاة لكن فى حسم الخنجر ـ ولهذا كثر المرتزقة ـ واتخذ الملك لنفسه ـ حراسا من كل الغرباء ـ المرتزقة تلبس وجه الشعب قناعا ـ تهتف بابن بولنياس ـ ملكا للدنمرك ـ أين ولى العهد ـ ومن الملك إذن ـ عمى أم يفتاح ؟ ـ ياللبيعة ـ باسم الشعب ـ بايع شعب الدنمرك «القاصر» ـ ملكا من أولاد الأفعى ـ « بفكر فى اللى فاكرنى ـ ويهرب م اللى شارينى وادورع اللى بايعنى » ـ مرحى ـ أين ولى العهد ؟ ـ لاعهد لأحد بل لا أحد لعهد ـ قد خان الكل فمن يشترى منى ـ عرشا بل ملكا للعالم ـ بالشرط الفاسخ سلفا للعقد ـ أن ليس يخون ؟ ـ ألملك صنيعة بولونياس ـ دمية عرش ـ لا يفشى هذا مثل خنوعةـ ... كالجارية أمام الإبن ـ بل جرأة هذا الأبن على الملك الدمية ـ والشعب «المرتزق» وراءه ـ تفشى سر المأساة الملهاة البولونياسية ـ أما الحرب على الأبواب ـ فهى أصول اللعبة ـ حتى يعلن يا أبتاه ـ تسليم الدنمرك ـ كان أبى كالصخرة ـ جرفت فى سيل من سم ـ عمى .. الملك الغازى ـ والغازى عمى ـ إستان إثنان ـ فى سروال واحد ـ من يتزوج أمى ـ يصبح عمى ـ «بطلواده ... واسمعوده » ـ من يتصور ـ لكن يحدث حتى اللامتصور ـ فى الدنمرك ـ من يتصور ياهوراشيو ـ الملك سيدفع تعويضاَ للابن ـ عن قتل أبيه ـ ماذا يدفع ؟ ـ الملك .. حياته .. ـ ما يملك لو كانت له .. ـ فى قتل بولونياس يد ؟ ـ هذا ليس لسان الحال ـ لو لم يك بولونياس ـ ملكا غير متوج ؟ ـ وضع التاج على رأس الملك الدمية ـ بعد الملك المقتول ـ فلسان الحال يقول ـ إن الإبن عليم بخبايا اللعبة ـ وبأن اللعبة تمت ـ والملك الفعلى المستتر وراء الملك الشرعى ـ يحتاج إلى أن يصطنع رعية ـ بمضى فى اللعبة حتى يستلب الشرعية ـ يلبس ثوب الدنمركية ـ ولهذا كان ولى العهد الفعلى ـ إبن بولونياس ـ «ولو علمتم بداء الذئب من سغب ... إذن لسا محتمو بالشاه للذئب » ـ أكلك منين يابطة » ـ وا أبتاه ـ ماذا عسك يقال اليوم ؟ـ قد أصبحت كما «الشماعة ـ «تحمل قاذورات «القوم» ـ تحمل كل ذنوب العالم ـ من للموتى بمحامى ـ فى محكمة التفتيش عن الموتى ؟ ـ الدنمرك تجيد الضرب ـ فى موتاها ؟ـ ليس هنالك فرق ـ بين المتباكين عليك ـ فى الدنمرك ومن يلعنك جهاراً ـ فهى العملة ذات الوجهين ـ وهى اللعبة نفس اللعبة فى الحالتين ـ أكل لحوم الموتى ـ فلماذا أعجز حتى عن أن أبكى ؟ـ لو أنى فوق المسرح أبكيت العالم ـ لكن من غير دموع ـ فأنا لا أصلح كممثل ـ من هذا الصنف التمساحى اليفتاحى ـ صنف الخونة والمرتزقة ـ لاأصلح «ندابة» مأتم ـ فأنا فى هذا المأتم ـ الناعى والمنعى ـ وأنا التاكل ـ «لاتظلموا الموتى وإن طال المدى .. ـ إنى أخاف عليكمو أن تلتقوا .... »ـ إنا نحن الأموات بنى الأموات ـ لسنا من هذا العالم ـ ما الأعمار لنا إلا لحظات أنا نأتى كى نرحل ـ سأريكم آية هذا العصر ـ سأريكم كيف يموت الشاعر ـ وهو يصر يقول الشعر ـ سأريكم كيف يقول الشاعر ـ وهو يصر يموت ـ سأريكم كيف تكون الكلمات ـ أنفاسا والأنفاس الكلمات ـ تتردد حتى فى جوف القيد ـ أن كنا نحن الشعراء ـ ياخلى قل لى من هم ؟ ـ أو كان القوم الشعراء ـ ياخلى قل لى من نحن ؟ ـ يارحلة سفن الاسفنج ـ «من يشترى الباذنجان ؟» ـ مستفعلن مفعولات ـ آها باخلى هوراشيو» ! * * * »... ثم احضر أنت على عجل كأنك تفر من الموت إن لدى من الكلمات ما أود أن أسر بها فى أذنك وما يمكن أن ينعقد لها لسانك ومع ذلك فهى أعجز من أن تعبر عما فى الأمر من خطورة .. « ! *الفصل الخامس : *المشهد الأول : - ألا يشعر هذا الرجل أدنى شعور نحو عمله حتى يغنى وهو يحفر قبراً ؟ لكأنى كنت بمسرح ـ فى مشهد حفر القبر لأوفيلياـ فلقد كان الحفار ـ يلقى بالجمجمة بعيداً كى القمها الدور .. ـ ماذا لو سجلت جميع الأدوار ـ فى دفترى الأسود ؟؟ ـ كيف لهذا الدفتر ذى الأوراق المعدودة ـ أن يحوى كل الدنمرك ؟ ـ لكن الحوت الميت ـ تأكله دودة ـ فلنرجع لجماجمنا ـ «جمجمة ذات لسان .. «هذا يعنى الكلمة ـ ولسان كان يغنى ـ أم كان لسان سياسى ماكر؟ ـ أم رجل من حاشية الملك اللبلابية؟ ـ هذى جمجمة أخرى ـ لمحام كان خبيث الحيلة ـ فى التخريج أو التأويل ـ أو مالك أرض عملاق ـ ضم الى الارض السندات ـ المال .. المال ـ الزيف .. الحيلة ـ والبيع شراء ـ أنياب البولونياسية ـ قال الحفار بأنى مجنون ـ وبأن جنونى من جهة الدنمرك ـ حمداً لله ـ حب الوطن جنون ـ حين يكون العقل خيانة ـ مهلا .. مهلا ـ أتكون العلة فى الداخل ـ بين الشعبين المتشحين ـ بوشاح واحد ـ فأكون جنيت عليك ـ من حيث أردت نجاتك من فخ بولونياس ـ وفتحت أمام الغازى الباب ـ القبر أحب إلى ـ وا أبتاه ـ ليكن ماشئت ! - كم ينقضى على المرء هنا قبل أن يتعفن ؟! *المشهد الثانى : * * * * - حين وجدت شباك الأشرار من حول على هذا النحو بدأ ذهنى على الفور يضع المسرحية قبل أن أمهد له بمقدمتها ! »يدخل الأتباع لينضدوا الأرائك حاملين المساند للمشاهدين ثم يتلوهم حملة الأبواق والطبول والملك والملكة ورجال البلاط وأوزربك ولورد آخر . كحكمين .... يحملان السيوف والخناجر ويضعانها على مائدة بجوار الحائط ثم يدخل فى النهاية ليارتيس فى ثياب المبارزة « ....... هملت : ... أهذه السيوف جميعا ذات طول »واحد ؟ يفاجئ هاملت ويجرحه جرحا خفيفا . يثور هاملت ويلتحم معه وفى أثناء الالتحام يتبادلان سيفيهما « هملت : .. إذن فافعل فعلك أيها السم »يطعن الملك« الجميع . خيانة .. خيانة .. هملت : وأنتم يا من شحبت وجوهكم وأرتعدت فرائصكم لهذه المأساة وأنتم إلا نظاره أو ممثلون صامتون لما حدث . لو كان لدى من الوقت ما يكفى .. لولا الموت .. هذا السجان الذى يأتى تماما فى وقته ......... لتحدثت إليكم .. لكن لينفذ القضاء ... * * * * هوراشيو يكتب فى دفتر هاملت . لم تقتل عمك ياخلى ـ إلا حين تجرعت الأم السم فى كأس خباها العم ـ بجراب مبارزة «حبية » ـ ومع إبن بولونياس ـ أفكانت تلك الكأس ـ رمزاً للحرب الأهلية ـ حلم الأعداء ـ والآن وقد سقطت أمك ـ فى بئر اللؤلؤ والسم ـ لم يصبح ثمة ما تخشاه ـ ياخلى من بحر الدم ـ فيما لو أنت قتلت الملك الذئب ؟ ـ وابن بولونياس ـ يدرى أولا يدرى بالخطة ـ ليس يهم ـ يفتاح القاضى قتل ابنته الحسناء ـ ثمنا للنصر ـ فلماذا لا يقتل أبنه ـ هوبولونياس ؟ ـ ياللغدر .. ـ ومتى كان ليفتاح القاضى أولاد ؟ ـ لا ينجب إلا «...» ـ والأغوات ـ ولهذا يكره كل « ذكور» العالم ـ فيبيع صنوف الإحباطات ـ والإجهاضات ـ ياللغدر.. هملت ـ .. ياللغدر .. أغلقوا الأبواب خيانة .. فتشوا عنها .. قد نعثر فى القصر عليها ـ ياخلى أو فى الدنمرك ـ أو فى جزر مجهولة ـ لم يطرقها إلا إنسان واحد ـ ناج بالأعجوبة من غضبة بحر ـ لكن ستظل هناك خيانة ـ فلسوف يكون الناجى الأوحد ـ من نسل القاضى يفتاح ـ ولسوف يصيد الطير ـ ويجز النخل .. يجز رؤوس الأشجار ـ وسينحر ما قد يلقى من أحياء ـ وأخيرا .. سوف يخون ـ حتى فى نفسه ـ قد يسأم وحشته فى المنفى المذبح ـ أولا يبقى شئ يذبح ـ ولهذا قد يذبح نفسه ـ هذا عصر القاضى يفتاح الفاتح والمفتوح ـ ألفتح المقلوب هو الحتف ! هملت ـ هوراشيو .. أى اسم مجرح سأخلف ورائى لو بقيت الأمور مجهولة على هذا النحو .. - إسمك ليس مجرح ـ إسمك جرح فى قلب الشعب ـ لكن الجارح ياخلى ـ أن تبقى الأشياء المعروفة ـ من تاريخ قبل التاريخ بتاريخ ـ ولهذى الدرجة مجهولة ـ وتظل تراق دماء الشهداء ـ والعالم مثل رضيع لا يخطو ـ من ألف الحرف لباء ـ أو يمكن أن تجمع كل البشرية ـ بجميع الأعصر حتى الحجرية ـ فى السر .. على ألا يبقى غير الصمت ؟ ـ إنطق ياهملت .. قل شيئاً قبل الموت : هملت ـ وفى هذه الحياة القاسية تجرع أنفاسك فى ألم لكى تروى قصتى .. إنطق ياخلى .. قل شيئا .. ـ ها أنت تموت فقل شيئاً .. لن تخسر شيئاً لو قلت : ـ هملت ـ .. إن ماحدا بى ... لم يبق إلا الصمت ... ماقال الشئ .. ومات . فات الوقت . ولكل منا وقت سوف يفوت . حين يموت : »صوت موسيقى عسكرية من بعيد ... يسمع صوت طلقة : يخرج أوزريك « أوزريك ـ ماهذه الضجة التى كأنها ضجة الحرب ؟ .. ألحرب ضجيج . للتغطية على التدبير المحكم . «لهم حيل فى حربهم ما أهتدت لها .. جديس ولا سلمت بها الملك جرهم . »هاقد دخل الغازى القلعة . والسرداب الباب . والباب السرداب . أبواق وطبول. * * * يدخل الأمير فورتنبراس والسفراء الإنجليز وآخرون ». فورتنبراس : أين هذا المشهد؟ ـ وماذا تريد أن تشهد إن كنت تبحث عن مشهد أليم أو عجيب فهناك ما تبحث عنه. فورنتبراس : يا لها من كومة جثت تنم عن مذبحة وتقتيل! * * * عهدا قلبيا يا هملت .. فى عصر ليس له قلب يحفظ عهدا .. أن أصنع معجزة العصر .. فأقص على الدنيا قصة أنبل مخلوق .. العالم يعرف أن النبلاء .. منكوبين بكل بلاء .. يا كرب ـ بلاء .. أعنى ليس بقصتك جديد .. فالقصة نفس القصة .. والغصة نفس الغصة .. نتجرع أنفاس الألم المكتوم .. ونمضى مغتاظين .. أملا فى أن يأتى فارس .. مثل المارد يخترق الأسوار .. أسوار الصمت الملجم .. لكن المارد محبوس فى القمقم .. »وعيد تخرج الارام منه وتكره نية الغنم الذئاب« ـ فأمروا أن ترفع هذه الأجساد فوق منصة عالية يراها الناس .. ولأقص على الذين لا يعلمون خبر هذه الوقائع ولسوف تسمعون بأفعال من الشهوة والدم والشذوذ والأحكام العاجلة والمذابح العارضة والموت المرسوم بالغدر والقهر . وغاية القول : نوايا الشر وقد انقلبت على رؤوس مدبريها .. كل هذا أستطيع أن أقصه بالحق. * * * فوق العرش الخاوى قد تم التدبير .. والمذبحة ختام للملهاة .. لكن ثم تقاليد ملكية .. منذ القتل الأول دوما مرعية .. القاتل يمشى بجناز المقتول .. فورتنبراس : أما أنا فإنى أرحب فى أسى بما وهبنى القدر. وإنى لا أذكر أن لى بعض الحقوق فى هذه المملكة تدعونى أن أنتهز هذه الفرصة المواتية ! لكن كن فى القتل .. فمة نبل .. شيع قتلاك كما لو كانوا أحبابك .. يمشون إلى القبر بأرجلهم قدامك .. وبمحض الرغبة فى أن تدفنهم بيديك .. أكرمهم .. أكرم مثواهم .. وترحم بالدمع عليهم .. وأهل فوق مقابرهم أطنان الورد .. ولتعزف بجنازتهم لحن وداع .. أو حتى أغنية عن وشك لقاء .. »ها أقابله بكره .. وبعد بكره« »وبعد بعده ها أقول له بكره« أغلق فوقهم التابوت .. وأردم بالجاروف عليهم .. وأصمد فوق العرش لقد تم التدبير .! * * * فورتنبراس : ليحمل هملت إلى المنصة، كما يحمل الجندى .. أربعة من الضباط فقد كان خليقاً لو أتيحت له الفرصة أن يكون ملكاً جليلاً .. وفى جنازته فليعزف الجنود موسيقاهم ولتنطق بتكريمه طقوس الحرب. ارفعوا الجثث فهذا مشهد يليق بميدان معركة ولكنه هنا يبدو فى غير موضعه. هيا .. مروا الجنود أن يطلقوا المدافع. »يحمل الجنود الجثث، وتعزف الموسيقى الجنائزية على طلقات المدافع«. »يا أم دفر لحاك الله والدة .. منك الاضاعة والتفريط والسرف لو أنك العرس أوقعت الطلاق بها لكنك الأم هل لى عنك منصرف؟ « *قبل نزول الستار : .. لكن ماذا سوف تقول يا هوارشيو للدانمرك؟ .. من أين ستبدأ قصة هملت .. وهنا شعبان .. ولكل فى القول لسان .. فبأى لسان نتكلم؟ .. ها أنت تجر إلى الصمت.. هوراشيو أين العهد القلبى؟ .. ما خان إذن من لزم الصمت.. فلزوم الصمت كثيراً ما يعنى العجز عن القول . لا إيثار الأمن .. ما جدوى الاستشهاد .. إن كان الفارس والمنتحر سواء .. فى عصر اليفتاحية؟ .. من أين ستبدأ هوراشيو؟ .. ـ من يفتاح القاضى .. ـ لن يفهم أحد شيئاً .. ـ سأظل أكرر « فتش عن يفتاح».. حتى يمسك أحد بعدى بالمفتاح .. مفتاح الهيكل .. والمحفل .. والماخور .. والمذبح .. واللوح المسطور .. والمستور .. ويدك الحجر على الحية .. ـ لن يفهم أحد شيئاً .. ألا أن نتجرع كأس السم، قبل الحكم وبعد الحكم، يا أيتها الأفعى من آخر سقراط .. فالزم ياهوراشيو الصمت .. لا جدوى فى هذا العصر من الكلمات .. ـ بل سأقص القصة .. سيداتى .. »ليس مثلى يخبر الناس عن آبائهم قتلوا وينسى القتالا« آنساتى «مهجتى ضد يحاربنى أنا منى كيف أحترس؟» سادتى . » السح الدح أمبوه الواد طالع لأبوه، شيل الواد م الأرض الموت علينا فرض« _ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
أبو حميد بتاريخ: 10 مارس 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 مارس 2007 (معدل) مقتطفات من "لزوم ما يلزم" فى ألفاظك إعرف نفسك ! الألفاظ لها ميزان . ثمة لفظ قد يكسبك العالم لكن .. تخسر نفسك ! ثمة لفظ قد يفقدك العالم لكن .. تكسب نفسك ! ذِنْ الفاظك تعرف نفسك .. تنفى من المنفى ، وتبدأ من جديد ، هذا مصيرك يا شريد ، أن تطرق الأبواب من باب لباب ، فتردك الأعتاب للأرض الخراب .. كلبا يضيع مع الكلاب ! يا ساكنى الواحات اني ظامىء قطع الصحارى في هجير الشمس هل من كوز ماء ؟ الأرض ضنت والسماء ، والناس والأصحاب .. بخل ؟ .. أم ترى الكل ظماء ؟ أنا عرفنا بدءها هذى الصحارى ، أين من يفتى بأن لها انتهاء ! وتصيخ للمذياع مشدود العروق ، ما آخر الأخبار ؟ تنبش في الضجيج ولا خبر ، الصبر يا عباد شمس .. قد غطت الشمس الغيوم ، فاضمم ضلوعك وانتظر يوما ستنقشع الغيوم . والخبز يا كيخوت مر .. خبز المنافى ، مثلما العلقم مر لو كسرة من خبز مصر ! والماء يا كيخوت مر .. ماء المنافى .. مثل ماء البحر لايشفى غليلاً بل يزيد من الغليل ، لو قطرة من نيل مصر ! حتى الهوا كأنه السم الزعاف ، لو نسمة تأتيك من أنفاس مصر ! يا قريتى ، ياظلة الصفصاف ، يا برج الحمام .. في سطح بيتى ، عاد للبرج الحمام .. مع المغيب ولم أعد ! وفتاك يا أحلى صبية .. يا مصر ، عاد إليك محمر الخدود ، قطع الصحارى لاهثا في القيظ مد اليك من دلتاه أحنى ساعدين ، فخذيه للصدر الحنون على السرير السندسى ، أرخى عليه جدائل الصفصاف ، ما أحلى اللقاء ! فالقحط إِنْ طال الفراق والجدب أن طال الفراق والموت والظلمات أن طال الفراق . تم تعديل 10 مارس 2007 بواسطة أبو حميد مفيش حياة إلا عند غيرك تعيش في خيره ويعيش في خيرك "فؤاد حداد" رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
manas بتاريخ: 11 مارس 2007 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 مارس 2007 الحـــذاء أنـا ابن الشـــقاء ربيب ( الزريبــة و المصطبــة) وفى قـريتى كلهم أشـــقياء وفى قـريتى (عمدة) كالاله يحيط بأعناقنــا كالقــدر بأرزاقنـــا بما تحتنــا من حقول حبــالي يـلدن الحيــاة وذاك المســاء أتانـا الخفيـر و نـادى أبي بأمر الالـه ! .. ولبى أبي وأبهجانى أن يقــال الالـه تنـازل حتى ليدعـو أبى ! تبعت خطــاه بخطو الأوز فخورا أتيــه من الكبريــاء أليس كليم الالــه أبي كموسى .. وان لم يجئـه الخفــير وان لم يكن مثــله بالنبي وما الفرق ؟ .. لا فرق عند الصبى ! وبينــا أسير وألقى الصغار أقول " اسمعو ا .. أبى يا عيــال دعــاه الالــه " ! وتنطـق أعينهم بالحســد وقصر هنــالك فوق العيون ذهبنـا اليه - يقولون .. فى مأتم شــيدوه و من دم آبائنا والجدود وأشــلائهم فموت يطــوف بـكل الرءوس وذعر يخيم فــوق المقــل وخيــل تدوس على الزاحفــين وتزرع أرجلهــا فى الجثت وجداتنــا فى ليـالى الشــتاء تحدثننا عن ســنين عجــاف عن اللآكلين لحـوم الكلاب ولحم الحمير .. ولحم القطط عن الوائـــدين هناك العيــال من اليــأس .. و الكفر والمســغية " ويوسف أين ؟ " .. ومات الرجاء وضــل الدعــاء طريق الســماء و قــام هنــالك قصر الالــه يــكاد ينــام على قـريتي - ويــكتم كالطود أنفاســها ذهبنــا اليــه فلما وصــلنا .. أردت الدخول فمد الخفــير يدا من حـديد وألصقنى عند باب الرواق وقفت أزف أبى بالنظــر فألقـى الســـلام ولم يأخذ الجالسـون الســلام ! ! رأيت .. أأنسى ؟ رأيت الاله يقوم فيخلع ذاك الحـذاء وينهــال كالســيل فوق أبى ! ! أهـــذا .. أبى ؟ وكم كنت أختــال بين الصغــار بأن أبى فــارع " كالملك " ! أيغدو ليعنى بهــذا القصر ؟ ! وكم كنت أخشــاه فى حبيـه وأخشى اذا قـام أن أقعـدا وأخشى اذا نـام أن أهمســا وأمى تصب على قدميــه بابريقهــا وتمســح رجليــه عند المســاء وتلثم كفيــه من حبهــا وتنفض نعليــه فى صمتهــا وتخشى علــيه نســيم الربيــع ! أهـــذا .. أبى ؟ ونحن العيــال .. لنا عــادة .. نقول اذا أعجزتنا الأمور " أبى يستطيع ! " فيصعد للنخـلة العـاليـة ويخـدش بالظفر وجــه السـما ويغلب بالكف عزم الأســد ويصنع ما شــاء من معجزات ! أهـــذا .. أبى يســام كأن لم يكن بالرجــل وعـدت أســير على أضــلعي على أدمعى .. وأبث الجــدر " لمـاذا .. لمـاذا ؟ " أهلت الســؤال على أميــه وأمطرت فى حجرهــا دمعيــه ولكنهــا اجهشــت باكـيه " لمـاذا أبى ؟ " و كان أبى صــامتا فى ذهول بعــلق عينيــه بالزاويـة وجـدى الضــرير قعيـد الحصــير تحسسنى و تولى الجـواب : " بنى .. كذا يفعل الأغنيــاء بكل القرى " ! كــرهت الالــه .. وأصبح كل اله لدى بغيض الصعر تعلمت من بومهــا ثــورتي ورحت أســير مع القـافلة على دربهــا المدلهم الطــويل لنلفـى الصــباح لنلقـى الصــباح ! نشرت بمجلة " الرسالة الجديدة " عدد أغسطس سنة 1956 _ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
manas بتاريخ: 11 مارس 2007 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 11 مارس 2007 نوجا .. نوجا مهداه الى الصديق حلمى راغب المحامي " نوجا .. نوجا .. أحلى نوجا .. " أتبيع الحلوى يا ولدي من غيرك كان ليأكلها لولا مهزلة فى بلدى .. ؟ ! " نوجا .. نوجا .. أحلى نوجا .. " فى نصـف الليـل تغنيهـا عريانـا فى برد الليـل أنا مثلك لم أعرف يوما أفراح الطفل و عرفت الأحزان المرة و رضعت العلقم من مهـدي لم أعرف ما طعم الحلوى .. " نوجا .. نوجا .. أحلى نوجا .. " أحلى نوجا ؟ ! كلها يا ولدى .. ملعون من يأكلهـا .. غـيرك أنت .. و لتقطع كف تخطفهـا مثل الحـدأة .. يا كتـكوتى .. من ثغرك أنت .. يا مثـل الورد البري يا أطهر من أى نبى يا أحلى من أحلى نوجا يا كبدى .. أتبيع النوجا ؟ " نوجا .. نوجا .. أحلى نوجا .. " ما كان بعيدا أن أصبح مثلك أنت فأنادى " نوجا .. يانوجا .. " ما يمنع أن يصبح ولدى يوما أنت فينادى " نوجا .. يانوجا " قلهـا للعـالم يا طفلي قلها للقرن العشرين ! .. فليبنوا من فوق الموتى أهرام المـال و ليلقوا للفقر الضــارى بالأطفال ليبيعوا للنـاس النوجا فى نصف الليل " نوجا .. نوجا .. أحلى نوجا .. " _ رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان