قاطعوا الإستفتاء المسلوق

[د. السيد عمر سليم]

:wub: قاطعوا الإستفتاء المسلوق !

يعلم العالم أن حسنى مبارك عجوز يعيش فى عجلة من أمره ، وهذا هو حال معظم العواجيز فى العادة. ويقول المقربين منه أنه يملأ يومه بأكثر مما يحتمل خوفا من أن يكون ذلك آخر أيامه، وذلك شان بعض المسنين الذين عاشوا حياتهم داخل إطار أكبر من أحلامهم وطموحاتهم. كل ذلك قد يكون مقبولا إذا انعكست آثاره على العجوز وحده ، لكن عجوزنا يختلف تماما.

عجوزنا إستخدمه إبنه وبقية النظام هذه المرة لتمرير حزمة ضخمة من القوانين تؤثر على 79 مليون وربما أكثر من البشر. ولو كان ذلك التأثير متوازنا لكان من الصعب مهاجمته أو حتى إنتقاده ، لكن مسخ 34 مادة من مواد دستورنا لتقنين طموحات ونزوات النظام ، وحتى جرائمه ضد شعبنا ، هو الشيئ الذى يجب مجابهته بكل حزم وقوة.

إن أهم ما يريده النظام الآن هو أن يخلف جمال أباه على عرش مصر ، ويحل طرطور صغير محل طرطور كبير ، وبالتالى فإن الحال يبقى تقريبا على ماهو عليه. ولأن حسنى فى عجلة من أمره لإن يتم ذلك فى حياته فهو مستعد للتوقيع على أى مستند يحقق ذلك- ولذلك فقد قرر أن يكون الإستفتاء يوم الإثنين 26 مارس ،أى بعد خمسة أيام من استلامه لموافقة مجلس النظام على "التعديلات".

خمسة أيام هى كل المدة التى "منحها" العجوز للشعب ليقرر كيف سيصوت. هل السبب فى ذلك أن بلطجية النظام قرروا نتيجة الإستفتاء مسبقا وعليه فإن خمسة أيام أو حتى شهور لا معنى لها ولا قيمة بالنسبة لنتيجة الإستفتاء الشكلى. أم أن "قيادات" النظام تخشى أن يموت حسنى فجأة ويدخلون فى متاهات قد لا يحمد عقباها وخصوصا إذا تدخل الجيش أو بعض مراكز القوى المنتظرة فى حقول الذرة. وربما أن الحرارة الناتجة عن تلاحم الشارع المصرى مع الإخوان والإسلاميين قد بدأت تلسع قفا النظام فقررالإسراع فى كسر البوتقة التى تحتوى تلك العناصر.

لكن إذا نظرنا للموضوع فى ظل المتغيرات العالمية فسنجد أن النظام المصرى المهمش من كل هب ودب خارج مصر فى حاجة إلى جراحة تجميلية يزيل بها الكرمشة والتجاعيد التى تملأ واجهته ليبدوا شابا عصريا على غرار زعيم المحافظين البريطانى دافيد كاميرون وشلته. كما أن النظام يريد أن يحصل على أى عضمة من اسياده الحاليين فى واشنطن ولندن قبل أن تغرب شمسهم تماما بتقديمه عربون ولاء تام فى صورة تبنى الديمقراطية والمواطنة وتقييد الإسلام بعد أن أصبحت "الحرب على الإرهاب" أضحوكة العالم مثلها كمثل "أسلحة الدمار الشامل".

أما إذا نظرنا إلى الظروف الإقليمية فالصورة أكثر فزاعة مما يستوجب الإسراع فى "الإنقلاب " أو التغيير الذاتى للنظام وإلا فسيكون مصيره كمصير النظام العراقى واللبنانى بطريقة مختلفة. فالنظام قد فقد كل "روابطه" لدرجة أن دولا كالسعودية والسودان وسوريا وحتى ليبيا واليمن قد أخذت زمام المبادرة ووضعت مصر على الرف "إلى حين إشعار آخر".

خمسة أيام لا تكفى لمناقشة "تعديلات" أو "تغييرات" جذرية فى 34 مادة من مواد أى دستور حتى لو كان دستور تمبكتو. لكن لإن النظام يحتقر الشعب ويعتبره عبدا عليه أن يمتثل لأوامر اسياده , وأنه جاهل لا يعرف الفرق بين الدستور والكستور ، فقد جعلوا الرئيس يعلن عن موعد قريب لا يكفى لأن تسلق فيه 34 بيضة – إلا على "بوتاجاز" من بتوع زينهم.

كنت أتعشم أن يتعقل طباخوا النظام قليلا ويعرفوا أن هناك فرقا كبيرا بين سلق البيض وطبخ الدستور. طيب إعطوا الناس فرصة خمس أسابيع عشان بس الحكاية تبقى مبلوعة شوية! لكن ليه؟ هو من إمتى عمل الفاجر حساب لأى حد؟. حد يصدق إن مصر من الدول القليلة فى العالم التى لا تسمح لمواطنيها فى الخارج بالتصويت؟ يعنى أنا صوت فى الإنتخابات البريطانية بينما كنت أعمل فى أفريقيا ولكنى لا أستطيع التصويت فى الإنتخابات المصرية- ده كلام! صحيح اللى إختشوا ماتوا!

إذن ليس أمامنا نحن المصريين بالخارج إلا الإحتجاج العلنى على الفعل الفاضح الذى ستغتصب به إرادة شعب مصر يوم الإثنين 26 مارس 2007. أما شعبنا داخل مصر فليس أمامه إلا خيار واحد يفرض به إرادته ويصون كرامته وعزته – هذا الخيار هو مقاطعة الإستفتاء المسلوق.

د. السيد عمر سليم

http://www.freewebs.com/alaabbara

23 مارس 2007