اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

رسالة من سجن نيويورك المركزي‏


متسائل

Recommended Posts

خارج دائرة الضوء للاعب حدود إن تخطاها وقع‏..‏ وللمنتخب الكوري تقدير خاص‏..‏ ورسالة من سجن نيويورك المركزي‏!‏ بقلم : إبراهيــم حجــازي

..........................

..........................

الأستاذ الفاضل‏:‏ إبراهيم حجازي

تابعت كل كتاباتك واجتهاداتك واقتراحاتك المتزامنة مع الأحداث الدامية التي تجري فوق أرض فلسطين الحبيبة خلال الأسابيع الماضية‏..‏ واتفق معك قلبا وقالبا في ضرورة توظيف طاقات الجهاد المتأججة لدي شبابنا العربي توظيفا منظما واعيا ليخدم جميع قضايانا سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وعبر عدة محاور جادة رئيسية مع عدم استبعاد الجهاد الأكبر من أذهاننا لأنه علي حد قولك قادم يوما ما لامحالة‏.‏ وأود هنا أن أنقل لك تجربتي الشخصة لعلها تفيد‏:‏

أنا يا سيدي مسجون في سجن نيويورك المركزي منذ الرابع من يناير الماضي بتهمة الاشتباه‏..‏ فبعد أن داهم رجال الـ‏F.B.I‏ بيتي في نيويورك بناء علي مكالمة تليفونية من أحد الجيران يشكو فيها من وجود عرب في البناية وبعد التفتيش الدقيق في أوراقي عثروا علي جواز سفر مصري منتهي الصلاحية منذ‏6‏ سنوات ولكن يوجد فيه اختلاف في حرف واحد في الاسم العائلي عنه في الجواز المصري الصالح‏..‏ حرف واحد وضعني تحت طائلة قانون الاشتباه أو قانون الطوارئ الجديد‏.‏

وربما أكون قد أخطأت في احتفاظي بجواز السفر المنتهي الصلاحية خاصة في تلك الأجواء المسممة التي نعيشها في كل بقاع الأرض والتي تقول إن كل عربي ومسلم إرهابي حتي يثبت عكس ذلك‏!‏

وأنا راض بقضاء الله وقدره وأنتظر يوم الإفراج عني أو قضاء مدة حكم معقولة حتي أعود إلي مصر الحبيبة علي متن أول طائرة وعمار يامصر‏..‏

ولن أشكو من معاناتي في السجن والأربع عشرة مرة التي عرضت فيها علي المحكمة ولا المحامي الخاص الذي وجدته أشد عنصرية وتعنتا من النيابة ولن أشكو من رجال الـ‏F.B.I‏ الذين استدعوني حتي الآن أكثر من‏3‏ مرات للاستجواب وتدور كل أسئلتهم وتحقيقاتهم حول الحصول علي معلومات عن أي شخص في أي مكان ينتمي إلي حزب الله وحماس والجهاد‏!.‏ أو أي شخص أو جماعة قامت بتحويل مساعدات مالية أو عينية إلي إحدي تلك الجماعات‏..‏ حتي أنني تصورت في لحظة ما أنني أواجه الموساد الإسرائيلي وليس الشرطة الأمريكية‏!‏

ولكنني سأتوقف أمام تجربة جديدة علي تماما‏..‏ إذ أنني محاط من خمسين سجينا في نفس الطابق وأغلبهم من الأمريكان واستقبلوني في البداية بما أنني عربي ومسلم فلابد أن أكون من طرف الأستاذ أسامة بن لادن‏!.‏ ونظرا لأنني كنت أقضي طوال الوقت في الزنزانة مابين الصلاة وقراءة القرآن الكريم خاصة بعدما وصل إلي يدي المصحف الشريف ثم بعض أعداد الأهرام الدولي من خلال زيارات صديقي الوحيد أبو سامي وكانت دائما تحيطني نظرات الشك والريبة ولم أدع أي فرصة لأي منهم للدخول في مهاترات أو مشاكسات لأي سبب وتحت أي ظروف‏.‏

ومنذ أسابيع عديدة وأنا علي نفس الحال وصباح ذات يوم فوجئت بمن يصرخ علي باب زنزانتي ويقول أنت ياعربي يامسلم إلي متي هذا الإرهاب؟‏.‏ وفي يده جريدة الديلي نيوز الأمريكية وعناوين رئيسية وصور تحكي عن البطلة الفلسطينية ذات السبعة عشر عاما التي فجرت نفسها داخل إسرائيل‏.‏

ووجدت نفسي فجأة وبدون سابق إنذار أمام عدد كبير من المساجين الذين أتوا علي صياح أخينا المكلوم ولم أجد مفرا من المواجهة‏..‏ خاصة أنني أصلا في حالة اختناق حاد مما أنا فيه ومن الأحداث التي تجري في فلسطين والتي كانت تزيد من عذاباتي ومعاناتي داخل جدران السجن‏.‏

وتمالكت أعصابي وقلت لهم‏:‏ سنتناقش بهدوء‏..‏ من منكم يعرف أصل القصة هناك في الشرق الأوسط؟‏.‏

صاح أولهم‏:‏ أنتم العرب لاتريدون الشعب الإسرائيلي هناك وتريدون الأرض؟

قلت‏:‏ وهل تعلم حضرتك وهل تعلمون كلكم أن الأرض أصلا عربية وإسرائيل هي زرع شيطاني ولاحق لها ولا أرض هناك؟‏.‏

قال أحدهم‏:‏ كيف هذا وإسرائيل دولة قائمة منذ عشرات السنين وأنتم تريدون إبادتها‏.‏

قلت‏:‏ إسرائيل هناك منذ عشرات السنين وبالتحديد منذ أربعة وخمسين عاما بالاحتلال والاستعمار زرعها الإنجليز ثم رعاها وكبرها ودللها الأمريكان‏..‏ وامتدت أذرعها الأخطبوطية إلي مصر وسوريا ولبنان والأردن ولو كان لديهم وقت لامتدوا إلي العراق وتركيا والسودان وجنوب أفريقيا ولكن الحمد لله في أكتوبر‏1973‏ استأصلنا بعض أذرع الأخطبوط الصهيوني وهو الآن يضع أذرعه علي الجزء الأكبر من فلسطين وأجزاء من سوريا ولبنان‏.‏

قال أحدهم‏:‏ ولم الإرهاب؟‏.‏ سألتهم أنا‏:‏ وما هو الإرهاب أصلا؟‏.‏

قال آخر‏:‏ الإرهاب هو ترويع وقتل وخطف المدنيين وتفجير المنشآت والطائرات والسفارات حتي يفرض طرف سطوته علي الطرف الآخر‏.‏

قلت‏:‏ إذن إسرائيل وأمريكا علي لائحة الدول الإرهابية‏!.‏

قال باستغراب شديد‏:‏ كيف هذا وأحداث الحادي عشر من سبتمبر لم تهدأ نارها بعد؟‏.‏

قلت‏:‏ هجوم سبتمبر المؤسف لم تتحدد ملامح مدبريه ومنفذيه بعد ولاتوجد أدلة دامغة علي مسئولية أي جهة بعد ولاندري حتي هذه اللحظة هل هي جماعة بن لادن أو عباقرة الـ‏C.I.A‏ أو جهابذة الصهاينة ودعنا نتكلم عن حقائق ثابتة ووقائع لاتحتمل الشك وأذكر منها قيام الإسرائيليين بتطويق مخيمات اللاجئين الفلسطينيين العزل في دير ياسين وقانا وصابرا وشاتيلا وإبادة الآلاف من الشيوخ والنساء والأطفال وتدمير كل شيء حي أليس هذا إرهابا؟‏.‏

عندما يسقط أطفال العراق يوميا من الجوع والمرض جزاء الحصار المفروض عليهم لأكثر من اثني عشر عاما أليس هذا إرهابا؟‏.‏

وعندما تقوم أمريكا بالهجوم الشامل العسكري علي دولة ضعيفة صغيرة مثل نيكاراجوا في الثمانينات لمجرد اختلاف في وجهات النظر وتبيد الآلاف من شعبها ثم يتم حصارها لسنوات عدة أليس هذا إرهابا؟‏.‏ وعندما تقوم الطائرات الإسرائيلية بمهاجمة وتدمير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في تونس في وضح النهار ألا تسمون هذا إرهابا؟‏.‏

وعندما يغتال الموساد الإسرائيلي العالم المصري الدكتور‏'‏ يحيي المشد‏'‏ في غرفته بأحد فنادق باريس لمجرد أنه أشرف علي تنفيذ المفاعل النووي العراقي أليس هذا إرهابا؟‏.‏

وعندما تطارد إسرائيل وجهازها الإرهابي المسمي بالموساد بعض الشخصيات الفلسطينية والعربية في شوارع وبنايات الأردن وسوريا علنا في وضح النهار أليس هذا إرهابا؟‏.‏

وتمنيت في تلك اللحظة لو كان لدي سجل بالأرقام والحقائق والصور عن أعمال الإسرائيليين وتاريخهم الأسود مع الإرهاب طوال الأربعة والخمسين عاما الماضية منذ أن ابتلينا بهم‏.‏

ولكنني أكملت‏:‏ هل مانذكره الآن من أحداث وأفعال مشينة يتفق مع كيان دولة وحكومة وشعب أم أننا نتكلم عن عصابة منظمة؟‏.‏

ولمعلوماتكم لولا أن أمريكا تقف خلف إسرائيل بكل ماتملك من تكنولوجيا وترسانة أسلحة ودولارات ونفوذ سياسي من النوع الثقيل منذ أمد طويل لكنا نحن العرب أكلنا إسرائيل بأسناننا من زمان‏!.‏ ياسادة لاتصدقوا وسائل إعلامكم خاصة التليفزيون‏..‏ إذ أنه يقدم لكم مايريد في وجبات مخلوطة بالكذب ويقدمونها لكم في الـ‏'‏ بابرونات‏'‏ حتي ترضعوها قبل النوم مع درجات حرارة الجو غدا وأسعار البورصة وأخبار مباريات البيسبول وبالهنا والشفا‏..‏

سألني أحدهم في استغراب‏:‏ ماهو الإرهاب إذن؟‏.‏

قلت‏:‏ الإرهاب أول بنوده هو أن تضرب وتجري أو تضرب وتقبض ولكن أن تضرب وتقف وتكون أنت أول طابور الضحايا فهذا دفاع عن حق مغتصب وإيمان بقضية وإعلان رفض الاستسلام للأمر الواقع ولكن بصوت عال‏..‏ وشجاعة لايستطيع أحد منكم لو احتلت أرضه وقتل أهله وشعبه أن يقدم عليها أو يفكر فيها‏..‏ وأنتم لاتدرون حجم الوحشية والدمار والمعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون علي مر السنين‏..‏ وعرضت عليهم بعض ما لدي من صور باكية في‏'‏ الأهرام الدولي‏'‏ وبدأوا ينسحبون من أمامي واحدا تلو الآخر حتي اقتصرت المجموعة علي‏9‏ أفراد فقط‏..‏ تكلمنا وشرح كل منا وجهة نظره بموضوعية وهدوء شديدين ومن يومها ونحن نجتمع في كل فرصة لنتناقش وتطرقنا إلي موضوعات عدة وإن كان أهمها استفسارات عن الدين الإسلامي‏..‏ إلي أن جاءني‏'‏ الأهرام الدولي‏'‏ يحمل أحداث مخيم جنين الرهيبة وعرضتها عليهم وقلبي يعتصر دما من وحشيتها وقسوتها وكان هذا أكبر دليل علي أن الصهاينة والأمريكان وجهان لعملة واحدة وأنهما كحكومات ورؤساء وباء هذا العصر‏..‏ ولأختصر عليك استطاع أحدهم أن يجعل زوجته تأتي له بالمصحف الشريف المترجم للإنجليزية في إحدي الزيارات‏..‏ وبعدها بعدة أيام نطق اثنان من التسعة ب

الشهادتين علي يدي والحمد لله وقد أطلقت علي أحدهما اسم مصطفي والآخر علي ونقوم بالصلاة جماعة‏5‏ مرات في اليوم بعد أن رفع الأذان وجلجل اسم الله في جنبات السجن هل تصدق هذا؟‏.‏

أخي الفاضل إبراهيم‏.‏

إنه الحوار‏..‏ الحوار‏..‏ الحوار عندما يكون صادقا قائما علي أساس وحق فإنه يصل إلي القلوب والعقول خاصة تلك التي لديها استعداد للتفاهم والتي تحمل جزءا من ضمير إنساني‏.‏

وقال الله تعالي في سورة آل عمران آية‏103'‏ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا‏'.‏

وأنا بالرغم من إمكاناتي المتواضعة وبالرغم من تجربتي التعسة خلف جدران السجن ولأول مرة في حياتي إلا أنني أشعر بالرضا والفخر‏..‏ الرضا بما استطعت إنجازه وإن كان ضئيلا والفخر بأنني مسلم ومصري وعربي ولو كره الكارهون‏.‏

وأتمني أن تجمعنا الأيام في لقاء قريب في مصر بإذن الله‏.‏

أخوك في الله والوطن

أبو أحمد‏'‏ مؤقتا‏'‏

‏22‏ مايو‏2002‏

انتهت الرسالة ولا أظنها في حاجة مني لتوضيح أو شرح ولاتقبل منا خلافا أو اختلافا‏..‏ وهي تحمل رسالة صريحة‏..‏ بالحوار يمكن أن نصنع المعجزات‏..‏ وهل هناك أسوأ من أن تكون مسجونا علي تهمة أنت لاتعرفها وفي ظل مناخ عدائي مسموم فيه أصبحت الجنسية وصمة والدين تهمة والكل يتعامل معك علي أنك خطيئة ولست متهما لم تثبت إدانته‏..‏ ووسط هذا الجو الموحش وداخل السجن‏..‏ تتمكن بالحوار من أن تقنع من كانوا مقتنعين بالعكس تماما‏..‏ تقنعهم بعدالة قضيتنا وسمو ديننا‏..‏ الإسلام‏!‏

شكرا لك يا أخي مجازفتك بإرسال هذه الرسالة‏,‏ لأجل أن تثبت لنا عمليا قيمة الحوار وضرورة الحوار مع الشعب الأمريكي‏.‏

شكرا لك ياسيدي علي رسالتك التي أوضحت لنا تماما‏..‏ مردود الحوار‏!‏

وشكرا لكم ياحضرات‏..‏ إن اقتنعتم بأن الحوار هو الأسلوب الأول إن لم يكن الوحيد للإقناع‏..‏ وعندما يعرف الشعب الأمريكي الحقيقة‏..‏ حقيقة أن الذي يقوم به الفلسطينيون دفاع عن وطن وليس إرهابا‏!‏

وعندما يقتنع الشعب الأمريكي بحقوقنا وعدالة قضيتنامن خلال الحوار‏..‏

‏...‏ وقتها لا البيت الأبيض ولا حتي الأخضر بإمكانه أن ينحاز للصهاينة في قرار‏!.‏

وللحديث بقية مادام في العمر بقية‏!

{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }

رابط هذا التعليق
شارك

لقد كنت اظن ان زمن المعجزات قد انتهى و لكنكم اثبتوا لى العكس بنشركم هذة القصة, نعم انا مع الحوار و ليس المعجزات, كما ان ليس لدى فيل!! :( اذا كانت مثل هذة المعجزات  هى التى سوف تصلح حالنا, لكنا قد اصبحنا من سكان كوكب القمر و ليس كما نحن الأن من سكان كوكب زحل, على العموم انا اعتراضى ليس على القصة فكل حر يصدق او لا يصدق ما اتت بها, انما اعتراضى على الوسائل التى نتبعها ظنا منا انها الأمثل لاصلاح حالنا و هى كما اعتقد بعيدة كل البعد عن واقعنا هذا, على العموم اذا كانت هذة القصة حقيقية, فكل املى ان يعين العلى ذلك المسكين و يتم الأفراج عنة قريبا .... و شكرا

... أن واحدة من آساليب النُظم الديكتاتورية هى :

liberte_dexpression-28365515.jpg

وهى بكل أسف كانت ومازالت مٌنتشرة ومُستخدمة في بلدنا الحبيب وعلى كافة المستويات بلا إستثناء !

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...