حكا ية قضية

[عبدالله عكاشه]

كنت فى اول عهدى بتبنى قضايا العمال حين حضر الى (عم ابراهيم مهران) العامل بشركة الحراريات التى تم تصفيتها واغلاقها الان، كان رجلا بسيط الحال تظهر عليه علامات الصلاح والالتزام الدينى ، يبلغ من العمر حينذاك

(51) عام جلس امامى والحزن يصرخ من تجاعيد وجه التى حفرها الفقر وسوت تقاسيمها الحاجة، اطرق (عم ابراهيم )الى الارض ثم قال : " والله فى مشكلة عندى يا بيه والناس اشارو عليا اجى لحضرتك بس يابنى المشكلة الاكبر ان انا معنديش استطاعة ادفع اتعاب ولو تقدر يابنى تجيبلى حقى من الشركة خد منه اللى انت تقول عليه"

قلت: لعم (ابراهيم)" خير يا حج انا متاخرش عليك بس ايه الموضوع"

بدء عم ابراهيم فى سزد حكايته التى تخلص فى انه قد تم فصله من الشركه لانه غفير وفى بكرة سلك حرارى تقدر ب(500)جنيه وجدوها عجز فى المخزن وانه فى امين مخزن يسال عنها وهو بقسمه لا يعلم حتى شكلها ولا بتستخدم فى ايه.

وان كل اللى تم انه يوم 26يناير 1997 لما وصل الى عمله، استدعاه المدير وقاله: انت شفة امين المخزن خارج ببكرة سلك يا عم ابراهيم . فرد عليه : امتى يا سعادة المدير ؟ قاله: فى اى يوم ، فقال عم ابراهيم: انا بشتغل الصبح يا بيه ومشفتش حد خارج بحاجه فى ورديتى الا باذن واللى بيطلع عليه الامن مش انا، فقال المدير : ماشى خلاص يا عم ابراهيم، والساعة (11) قبل الظهر جه الى الشركة امين شرطة واخد عم ابراهيم وراح بيه على النيابه واخلت النيابة سبيل عم ابراهيم وارسلت استدعى لعدد من الموظفين بالشركة لاستجوابهم عن الواقعة، وعلى هذا الاساس تم فصل عم ابراهيم فقط .

تحققت من صحة كلام عم ابراهيم باطلاعى على المحضر وسؤل مجموعة من موظفى هذه الشركة كانو يترددون على مكتبى فى قضايا اخرى، وقمت برفع دعوى لعم ابراهيم لبطال قرار الفصل وعودته الى عمله وصرف مستحقاته وبصفه مستعجلة صرف نصف راتبه لحين الفصل فى الدعوى على اعتبار كونه موقوف عن العمل لحين انتهاء النيابة من تحقيق اتهامها.

رفضت المحكمة الشق المستعجل واحالة الدعوى لخبير بعد حوالى سنتين ولم تنتهى النيابه خلالها من التحقيق بسبب خروج معظم المطلوبين من الشركة معاش مبكر ووفات بعض منهم ، وظل الحال على ما هو عليه

تم تغير الخبير (7) مرات لعجزه عن تنفيذ الماموريه التى قضت بها المحكمة فى حكمها التمهيدى وذلك لعدم عثور اى منهم على اى مستندات او شهود عاصرو الواقعة لدخول الشركة فى مرحلة التصفية.

وفى عام (2004) قضت المحكمة برفض الدعوى لعجز المدعى عن اثبات دعواه، استئنفنا هذا الحكم وتمكنا فى الاستئناف من تقديم شهادة من نيابة حلوان تفيد حفظ المحضر لعدم ثبوت الاتهام وعدم اهميته اذ ان قيمة المال المختلس لم تجاوز (500)جنيه وتم حجز الدعو للحكم يوم 29 ابريل (2007).

كان (عم ابراهيم ) ياتى الى مكتبى من حين لاخر ليسال ايه الاخبار ، كنت اخبره بما تم واسال عن حاله فيقول :

"انا بشتغل فى طائفة المعمار بشيل المونة على كتفى لانى عندى اربع اولاد لازم اعلمهم واكلهم ومليش غير ربنا وحضرتك واسعار كل شئ ارتفعت وحسبى الله ونعم الوكيل" .

كان وجدانى يثور فى كل مره ارى فيها (عم ابراهيم) لانى كنت اعلم انه رجل مسن وقد ظلم ، فلديه اربع اولاد فى مراحل مختلفه من التعليم البت الاكبر فى اولاده طالبه بكلية الاداب ، والتى تليها فى كلية العلوم ، اما ابنه الوحيد ففى المرحلة الاعداديه ،واخر العنقود تلميذه فى الابتدائية ، وعملة الشاق هذا ليس ثابت بل على فترات

حسب الظروف ، وماذا تفعل يومية شيال مع بنا (25او30)جنيه وممكن (10)ايام فى الشهر او (15)يوم منه والباقى يطلع من الصبح يقعد على مقهى العمال وميحصلش نصيب عشان مزاحمة الشباب له.

المهم لانى اطلت عليكم انا افتقدت ( عم ابراهيم ) من ينلير 2007 لم ياتى كعادتة للسؤال وانا مش ها دارى عليكم ماحولتش ارسل اليه لانى عارف ان مفيش جديد فى قضيته حتى لما تم حجزها للحكم قلت لنفسى لو جاء ساخبره بهذا الخبر وان مجاش يبقى الخبر احلى بعد ما نكسب هذه القضيه.

وفى الموعد المحدد للحكم ( كسبنا القضيه) بالغاء قرار الفصل واعادة (المرحوم ابراهيم مهران) الى عملة بالشركة التى (لم يصبح لها وجود الان) وصرف مستحقاته بها (مرتبه الاساسى عن المدة من تاريخ رفع الدعوى وحتى اليوم. بواقع 196جنيه فى 124 شهر يعنى 24304جنيه (اربعه وعشرون الف ثلثمائة واربعة جنيه).

يوم 4 مايو 2007 حصلت على صورة من الحكم وعدت الى مكتبى وارسلت الى عم ابراهيم فجاءنى امس ابنتيه وزوجته مرتدين السواد وقبل ما افرحهم بالخبر توجست فى نفسى خيفة على عم ابراهيم ولكن دفعنى الخوف الى سوالهم فين عم ابراهيم بكت زوجته وقالت لى ابنته الكبرى الله يرحمه .

الله يرحمه وصى اولادة انه مش عايز من الحكومه حاجة فى الدنيا وان ربنا هو العادل يوم الحساب والمحاكمةفى الاخرة وصمم الاولاد على ترك حق ابيهم فقررت ان انفذ وصية عم ابراهيم واثقل ميزانه به عند الله .

ول املك الا ان اقول : اذا خان الامير وكاتباه وقاضى الارض داهن فى القضاء

فويل ثم ويل ثم ويل لقاضى الارض من قاضى السماء

ولكن هل موقفى هذا صحيح ام لا

[فــيــروز]

لا حول ولا قوة الا بالله ..

يرحمه الله رحمة واسعه و يجازيه خير الجزاء عن صبره الجميل ..

[Abdulaziz Omar]

قصة تبكي القلوب يااخي الكريم

للاسف يوجد الاف مثل عم ايراهيم

يقتلهم بطئ اجراءات التقاضي وضياع الحقوق في بلد لايرحم مسنا ولا عاجزا

لك الله يا مصر