تيتو بتاريخ: 18 مايو 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2007 أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . خلق اليوم هو خلق " الإيثار " ، وفي الحقيقة من العجيب أن نجد أخلاقا إسلامية اندثرت ولم تعد معروفة مع أن الإسلام أمر بها، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء بها وفعلها وتخلق بها، لدرجة أنني عندما أقول للشباب الآن (الإيثار) يقولون : وماذا يعني الإيثار ؟ والعجيب أيضاً أنه إذا أردت أن تبحث عن مرادف لكلمة (الإيثار) في أي لغة أخرى مثل الإنجليزية مثلاً لن تجد لها معنى وكذلك في الفرنسية، وليس الإيثار فقط ولكن أخلاق الإسلامية عديدة مثل (الحياء) ترجمته بالإنجليزية (Shy) وهذه الكلمة تعني الخجل ولا تعطي معنى (الحياء) أبداً – كما قلنا في درس الحياء - ، وكذلك (التواضع) تترجم إلى Humble وهذه الكلمة تعني الخنوع وليس التواضع أبداً ، وكذلك (الإيثار) . - يا خسارة يا شبابنا ، قيمنا من أين نأخذها ؟ ليس من قيمنا الإسلامية الثرية ولكننا نلهث وراء الغرب، ويا ليتنا نأخذ من الغرب التكنولوجيا والحضارة وعلم الإدارة، ولكننا أخذنا مجرد التقليد الأعمى، ويا ليت أمتنا متقدمة ومتحضرة ونأخذ البقايا من الغرب، لكن أمتنا ضعيفة ومتأخرة وما زال عندها مشكلة وبدلاً من أن يتفرغ لحلها الشباب ذهب ليقلد الغرب في الملبس والمأكل وسماع الأغاني العربية ، لكن أخلاقنا الإسلامية لا، لا أربد أن آخذ منها ، فأين ستجد الإيثار ؟ لن تجده إلا في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم ، في وسط رجال آمنوا بالإسلام وعاشوا للإسلام . إذن تعالوا لنعرف " الإيثار " وما هو ،،، - معنى الإيثار: أن تفضل أخاك على نفسك، شيء من حظوظ الدنيا تتركه لأخيك فيستمتع هو به وتفقده أنت. عندما نقول فلان آثر فلاناً – أي قدمه على نفسه، أي فضله عل نفسه في حظوظ الدنيا رغبة " في حظوظ الآخرة " . نماذج في الإيثار:- في ليلة من ليالي الشتاء القارص في المدينة والنبي يشعر ببرد قارص جاءته امرأة من أنصار المدينة وقد نسجت له بردة من القطيفة ففرح بها النبي ولبسها ، فخرج بها النبي صلى الله عليه وسلم (في أول لبسة) – مثلما تشتري بذلة جديدة وتخرج بها لأول مرة – فنظر له أحد الصحابة من الأنصار وقال له ما أحلى هذه العباءة ! ألبسنيها يا رسول الله ، - إذا كنت مكان النبي ماذا تفعل ؟ قال له النبي : نعم وخلعها له في الحال – صلى الله عليه وسلم – أرأيتم الإيثار ، فاحتدوا بالصحابة على هذا الأنصاري وقالوا له كان النبي في احتياج لها ، فقال لهم : وأنا أحوج منه إليها فقد أردت أن أجعلها في كفني حين أموت . جاء أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتحت مكة وخبير و كثرت الغنائم وقد كان ذلك بعد 23 عام هي فترة بعثة النبي كانت أكثرها والنبي والصحابة في حالة شدة وفقر فقد كان صلى الله عليه وسلم يربط حجرين على بطنه من شدة الجوع فبعد أن من الله عليهم بكل هذه الفتوحات، كان نصيب النبي من الغنائم، عدد أغنام ما بين جبلين، تخيل هذه الكمية تصبح مع فقير عاش كثيراً في الفقر، ولكن النبي كان يريد الآخرة . - جاءه أعرابي ونظر لهذه الغنائم فقال له النبي : أتعجبك ؟ قال : نعم ، قال له النبي : هي لك ، فقال له : يا محمد ، أتَصدقني القول ؟ قال : نعم خذها إن شئت – هل تتخيل من الممكن أن تؤثر إلى أي مدى ؟ - فقام الرجل وجرى إلى الغنم وهو يلتفت حوله، وأخذها كلها وعاد بها إلى قومه وقال لهم : أسلموا فقد جئتكم من عند خير الناس، إن محمد يعطي عطاء من لا يخشى الفقر أبداً. يقول الراوي: ما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدً شيء يملكه، أي لم يمنع الرسول عن أخذ أي شيء يطلبه من النبي ….. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله إني مجتهد – أي ليس معي ما آكل – فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض زوجاته هل عندكم من شيء ؟ فكلما بعث إلى واحدة ، أرسلت له قائلة لا والذي بعثك بالحق ما عندنا إلا الماء ، فقام النبي ونادى في أصحابه من يضيف هذا الرجل ؟ فقام رجل من الأنصار وقال : أنا يا رسول الله ، وأخذه وأسرع إلى زوجته سألها : هل عندك طعام ؟ فقالت : لا إلا قوت صبياني – أي بقايا أكل لا تكفي إلا أولادهم - فقال لها علليهم بشيء – أي أنسيهم الأكل – وإذا أرادوا العشاء أنيميهم، حتى يأتي الضيف فضعي الطعام وأطفئي السراج – أي النور- حتى يشعروا أننا نأكل فيأكل هو - أترون الإيثار – إننا الآن ممكن يكون هناك شابين أو ثلاثة مسافرين سوياً وكل منهم يخبأ طعامه في جيبه، ولا يضعون الطعام سوياً يأكلون سوياً كما كان يفعل الأشاعرة ويخبرنا عنهم النبي . فجاء الضيف للأنصاري :- بعد أن نام الأطفال –جلس الضيف وأطفؤا الأنوار ليشعروه أنهم يأكلون وأكل الضيف حتى شبع ، وجاءت صلاة الفجر وذهبوا ليصلوا فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم : لقد عجب الله تعالى من صنيعكما بضيفكما الليلة – أي رضي عن صنيعكما – فأنزل الله تبارك وتعالى قوله " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " . خصاصة أي تعب – جوع – فقر – احتياج - هو لا يجد شيء ويؤثر أخيه ، إنه خلق غائب بيننا ولا نسمع عنه. هل فكرت أن تؤثر أخيك ببدلة اشتريتها جديداً ؟ لابد وأن يكون شعارنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " . هذا هو شعار الإيثار. لا يكتمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك. إيثار الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: وهو ليس إيثار أموال إما إيثار أرواح. - هذا هو " أبو دجانة " في غزوة أحد والسهام تصوب ناحية الرسول صلى الله عليه وسلم من كل مكان ، فيأتي أبو دجانة ويؤثر النبي على نفسه و يحتضن النبي ليقديه من السهام . - يقول أبو بكر نظرت إلى ظهر أبو دجانة فإذا هو كالقنفذ من كثرة السهام مجروح وما زال يؤثر النبي صلى الله عليه وسلم ، أين إيثارنا نحن لرسول الله بحفظ سنته ؟ - وهذا هو طلحة بن عبيد الله يأتي للنبي يوم أحد ويقول له : " اخفض رأسك يا رسول الله ، نحري دون نحرك يا رسول الله – أي رقبتي دون رقبتك يا رسول الله – ويقذَف النبي صلى الله عليه وسلم بسهم فيمنعه طلحة بيده ويخترق السهم يده ، وتشل هذه اليد الكريمة . - يقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد ويقول " من يمنعهم عني وله الجنة؟ فقد كان الكفار يتكالبون عليه يريدون قتله. فيأتي عشرة من شباب الانصار (من 18، 19 سنة) ويموت الأول ثم الثاني ثم الثالث ، وكان آخرهم "يزيد بن السكن " ومات على قدم رسول الله وهو يدافع عنه فيرفع النبي رأسه إلى السماء ويقول اللهم إني أشهدك أن يزيد بن السكن قد وفى. دائماً نسمع عن الإيثار بأن يقوم به فرد ، لكن أن تقوم به بلد بأكملها لم نسمع ، وقد كانت المدينة هي هذه البلد ، وكانوا هم الأنصار، لقد كان إيثارهم شيء خيالي لايصدق. عندما خرج المهاجرون من مكة لا يملكون شيئا كل واحد بما يلبسه فقط ، وقد كانوا أغنياء ، وكانوا تجاراً ، أما أهل المدينة فهم زراع ، وكان المهاجرين لا يستطيعون العمل بالزراعة .. وأتى المهاجرون، منهم من أتى على قدمه. لكن ما حصل كان فوق الخيال يقول الصحابة أن ما من مهاجر دخل المدينة، إلا بالقرعة من كثرة تكالب الأنصار على من يأتي من المهاجرين. كل منهم يريد أن يضيفه هو، فكانوا يدخلون بالقرعة. - ونحن الآن ، تكون الأم قد كبرت في السن وتريد من يرعاها ويكون هناك زوجة الابن، وزوج الابنة، وبناتها وكل منهم لا يريد أن يضيفها ويرسلها للآخر أنظر للأنصار وكانوا ضعفاء وفقراء، ونحن بيوتنا على أكمل وجه وزوجة الابن لا تتحمل والدة زوجها . من إيثار الأنصار للمهاجرين سيدنا سعد بن الربيع (أنصاري) نزل عليه سيدنا (عبد الرحمن بن عوف) من المهاجرين ، قال له يا أخي : هذه أموالي أجمعها لك – جمعها كلها من السوق – أقسمها بيني وبينك هذا نصفي وهذا نصفك ، وهذه هي الأراضي التي أمتلكها أقسمها بيني وبينك ، وهذا هو بيتي ، وإني متزوج بامرأتين آتي لك بهما حتى ترى أيها تحب لأطلقها لك وتتزوجها بعد أن تفي عدتها– لكن انظروا للإيثار إلى أي درجة وصل؟ لكن عبد الرحمن بن عوف كان لديه ذوق ولم يستغل الفرصة وقال له جزاك الله خيراً ، أين السوق؟ كل هجرة حدثت في التاريخ كانت بالدماء، هجرة الأوروبيين إلى أمريكا – وكلنا شاهدنا أفلام الهنود الحمر – كم من الدماء ؟ وكم من الهنود الحمر قتلوا لكي تكون أمريكا للأوروبيين ؟ لكن أعظم هجرة في التاريخ كانت كلها حب، كلها إيثار لأنها كانت هجرة المهاجرين إلى المدينة، وانظر إلى استقبال الأنصار لهم تخيل كل أنصاري كان يقاسم المهاجر في بيته ، وأمواله ، وملابسه وملابس زوجته تقاسمها فيها زوجة المهاجر ، وكذلك ملابس الأولاد ، من يتخيل أنه يقاسم بيته مع أحد ، ويا ترى كانت مساحة بيوت الأنصار 200 ، 300 م أم كانت صغيرة ، وكيف فعل ذلك ولم يخف من زوجته ، وكيف أن زوجته قبلت ؟ ذلك لأن الإيثار يجعل البركة تعم ، ويجعل رضا الله يوسع من رزقك ، لكن ما دمت لديك الأثرة – وهي عكس الإيثار - أن تؤثر نفسك على الغير ، لن تشعر بالبركة . اقتح دولاب ملابسك وانظر إليه ستجد ملابس منذ 3 سنوات وملابس لا ترتدينها، لماذا لا تخرجينها؟ وأنا لا أقول لك الجديد ؟ فما بالك بالنبي الذي يتصدق بالجديد ؟ والذي يقاسم بيته ؟ مَثل صعب، أليس كذلك ؟ لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر وصحابته إلى المدينة ذهب إلى الأنصار وقال لهم عن المهاجرين: إخوانكم تركوا الأموال والأولاد وجاءوكم، لا يعرفون الزراعة، فهلا قاسمتموهم ؟ فقالوا: نعم يا رسول الله ، نقسم الأموال بيننا وبينهم بالسوية – والرسول كان يقصد مساعدتهم فقط – فقال لهم النبي أو غير ذلك ؟ - ممكن تقدموا لهم شيء آخر – فقالوا له وماذا بعد يا رسول الله ؟ فال تقاسمونهم الثمر – لأنهم لن يستطيعوا التصرف بالأموال أو الخروج من المدينة لأنها محاصرة فقالوا : نعم يا رسول الله ، بمَ يا رسول الله ، فقال : بأن لكم الجنة. - أرأيت ثواب الإيثار – فكان الأنصاري يعمل طوال العام وعندما يثمر الزرع يأخذ التمر ويذهب به إلى المهاجر قبل أن يذهب إلى بيته . - لم يجلس ليختار الأفضل له ثم يذهب له بالباقي، وأنت تتصدق بأسوأ النقود في جيبك والتي لا تحتاجها. يذهب بالتمر كله لأخيه ويقول له : اختر ما تشاء ، وإني سأتركك ساعة حتى تتخير ما شئت – حتى لا يحرجه – ثم يعود فيكون المهاجر قد اختار الثمر الغير جيد ويظلوا يتشاجرون ، كل منهما لا يوافق أن يأخذ الآخر غير الجيد . - فلما فتحت خيبر وكثر المال قال النبي للأنصار : جزاكم الله خيراً قد وفيتم بالشروط ، فقالوا للنبي يا رسول الله : استرطت شرطاً واشترطنا شرطاً ، وها نحن قد وفينا وإنا لنا عندك الجنة ، قال : لكم بما وفيتم . - أترى ثواب الإيثار؟ اخرج ما عندك وكلما أخرجت زادت نفسك سخاءاً، وكلما أخرجت صفيت نفسك من الحقد والحسد. إنها علاقة عجيبة بين الإيثار وبين سلامة الصدر، بين الإيثار ورحمة الناس، بين الإيثار وترك الكبر وترك الغل تريد أن تنقي صدرك تعلم الإيثار. - حتى أنه عندما جاء مال كثير من البحرين ، فقال النبي هذه للأنصار وحدهم – يكفيهم ما أعطوا وبذلوا – فجاء الأنصار وقالوا : لا يا رسول الله لا نأخذها حتى تقسمها بيننا وبين إخواننا المهاجرين فجاء المهاجرون قالوا لا يا رسول الله ، إخواننا نشك أنهم ذهبوا بالأجر كله ، فقال لهم النبي ، لا : ما دعوتم لهم ، أي طالما تدعون لهم ستأخذون أنتم أيضا الأجر . ما هذا المجتمع؟، أي مدينة فاضلة يتحدثون عنها الآن ؟ إنها هذه وهى ليست صعبة التحقيق إذا عاد الإيمان وأخلاق الإسلام وكانت الجنة هي الغاية . لا يكون الإيثار في الأموال فقط كما قلنا ، ولكن في الأرواح أيضا. عكرمة بن أبي جهل حارب النبي 22 سنة ثم أسلم وحسن إسلامه ومات شهيدا، ابن أبي جهل مات شهيدا وبسبب الإيثار، عكرمة كان من ضمن الجرحى في معركة اليرموك، وقد وضع الجرحى جميعهم في مكان ما حتى تنتهي المعركة كلما جرح جندي وضعوه هناك. وكان ابن عم عكرمة في الساقة، أي ممن يسقون الجرحى، فيقول: بحثت عن عكرمة فوجدته في الجرحى يئن، يكاد يموت وبجواره عشرة من المسلمين، فأخذت أجري نحوه لأسقيه وإذا هو يتناول القرية ليشرب سمع صوت أخيه يقول : أنا عطشان فقال: لا والله لا أشرب حتى يشرب أخي، فذهبت الى الثاني وهو يشرب سمع أخوه يقول آه فقال : لا والله لا أشرب ، وذهبت الى الرابع هو الخامس و .... حتى وصلت الى العاشر فقال : لا والله : لا أشرب حتى يشرب عكرمة ، فعدت الى عكرمة ، فإذا به مات شهيدا ، .. آثر على نفسه وهو يموت ،وهو جريح ونحن نبخل بالقليل من المال، نبخل بالملابس، نبخل بالعلم تخاف أن تعطى معلومة لزميلك فيتفوق عليك. - إيثار عبد الله بن عمر ، إيثار نتعجب له ، عبد الله بن عمر كانت تعجبه الآية : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " فكان يخرج الصدقة مما يحب . وذات مرة تنبه إلى أن ناقته تعجبه فنذل من عليها ووقف إلى جوارها في عرض الطريق حتى وجد عجوز فقيراً ، فقال : اركب يا رجل فهي لك أتته مرة سمكه هدية وكان يحب السمك حباً شديداً ، فأتت إليه امرأته بسمكة مشوية ، ففرح بها ثم طرق الباب مسكين، فقال لها : أعطيه السمكة فقالت : عندنا في البيت خبز وشعير ولحم . قال : وماذا أفعل بقول الله : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ؟ أعطه السمكة . وبعد أن أعطتها للرجل قالت له : اتبيع إلى السمكة بدرهم ؟ فقال الفقير : نعم . فأعطته الدرهم وأخذت السمكة ثم وضعتها أمام ابن عمر ، ففرح وعندما هم بأكلها طرق الباب نفس الرجل وقال أعطوني شيئا ، فقال لها بن عمر : أعطيه السمكة . فقالت : يا بن عمر فعلتها مرة . قال : إن الله قالها مرات ولم يقلها مرة . " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " ، فخرجت للرجل بالسمكة وقالت له : ابتاع منك السمكة ؟ فوافق فقالت له : أقسمت عليك ألا تعود مرة ثالثة وأخذت السمكة واعطتها لابن عمر . - سيدنا عمر بن الخطاب لحظة موته، عندما ضربه أبو لؤلؤه المجوسي وسقط في دمائه وعلم إنه الموت، قال لابنه : عبد الله بن عمر يا عبد الله : اذهب الى أم المؤمنين : عائشة وقل لها : عمر بن الخطاب ولا تقل أمير المؤمنين فلم أعد عليكم أميرا – عمر بن الخطاب يستأذنك أن يدفن مع صاحبيه (الرسول وأبو بكر) في حجرة عائشة ، فقالت عائشة : كنت أريد هذا المكان لنفسي، ولأوثنرن به عمر . - هل الإيثار في الدفن وحتى بعد الموت؟ تخيل كانت ستدفن بجوار زوجها وأبيها وهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، أي مدفن وأي مكان شريف ، ولكن السيدة العظيمة تركت أفضل مكان ورضيت أن تدفن بالبقيع ، إيثارا منها لعمر رضي الله عنه . - أبو هريرة يحكى لنا : كنت أجوع حتى أصرع من شدة الجوع ، ويقولون مجنون ووالله ما أنا بمجنون إنما هو الجوع ، فكنت أجلس بجوار منبر النبي صلى الله عليه وسلم يمر بي الرجل من المسلمين استقرأه أيات الإنفاق – لعله يعطينى شيئا– فقال : فمربي أبو بكر وقرأها علي ومر، لم يدرك ما أريد ، ومر على عمر بن الخطاب. فمر النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر الي فعرف حالي ، فبتسم وقال : يا أبا هر : الحق بي ، فدخل بيته واستأذن ، وقال لزوجته هل عندنا شيء؟ فقالت : جرة لبن تكفي رجلا أو اثنين فقط ، فنظر أبو هريرة للبن بشوق فأراد النبي أن يعلمه الإيثار ، فقال له : يا أبا هريرة : اذهب وائتنى بأهل الصفة . وأهل الصفة من فقراء المسلمين لا يجدون ما يطعمونه مثل أبو هريرة ، وهم حوالي مائة – فيقول : فاهتمت نفسي، وقال لرسول الله : وأين هذه الجرة من أهل الصفة ؟ أيكفيهم هذا؟ فيقول : فخرجت مهموما ولكنه كان لابد لي من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذهبت وأتيت بهم ، فنظر إلي الرسول مبتسما وقال : يا ابا هريرة اسقهم – إنه يعلمه ويعلمنا معه – فيقول : أخذت الجرة وبدأت أمر عليهم حتى شربوا منها جميعا. والنبي ينظر إلي ويبتسم. فقال لي النبي : يا أبا هريرة لم يبق سوى أنا وأنت ، قلت له : صدقت يا رسول الله ، فقال لي : اشرب يا أبا هريرة – النبي يؤثرهم جميعا على نفسه ثم يؤثر أبا هريرة واللبن يكفى كل هذا العدد لنتعلم خلق الإيثار وأنه يبارك في الشيء يقول أبو هريرة، فشربت ثم أعطيتها له ، فقال : اشرب يا أبا هريرة فشربت وشربت وشربت كلما قال لي ، حتى قلت له : لا والله لا أحد له مسلكا ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وشرب الفضلة صلى الله عليه وسلم شرب ما بقى من ذلك كله . - أخرجوا الشح من بيوتتكم، ومن جيوبكم ترزقوا سخاء النفس وتذوقوا حلاوة الإيثار ، لذة غريبة كلما أعطيت كأنك أنت الذي أخذت. - الآن : تكون جالسا على مائدة الطعام أنت وأمك وتقول في نفسك ياليتها لا تأخذ هذه اللقمة ، كيف ذلك ؟ إذا كنت لن تؤثر مع أبيك وأمك ، ماذا ستفعل مع من في الشارع ؟ إذا كنت في الأتوبيس ومتعب جدا كيف ستؤثر أخيك وتجلسه مكانك ؟ أين الإيثار في الصغيرة والكبيرة ؟ - ينظر لإيثار النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق كان يعلم جيش بأكمله هذا الخلق العظيم ، جاء " جابر بن عبد الله " يوم الخندق ، قال يا رسول الله : عندنا في البيت دجاجة وبقية شعير فاقدم يا رسول الله وكل معي ، فنظر إليه النبي وقال : وحدي ؟ لقد كان الصحابة ومعهم رسول الله متعبين جدا من الحفر لمدة 15 يوم وكانوا يربطون على بطونهم من شدة الجوع – فقال له جابر بن عبد الله : ومعك رجل أو اثنين . فوقف النبي على تل وقال : يا معشر المهاجرين ، يا معشر الأنصار : غداؤنا اليوم عند جابر بن عبد الله. يقول جابر: فتسللت وجريت إلى البيت أقول لزوجتي: رسول الله قادم ومعه الجيش ! فقالت – المرأة المسلمة المؤمنة - أو أخبرت رسول الله بالطعام ؟ فقال : نعم ، قالت : فالله ورسوله أعلم ، ويقف النبي ويقول لجابر : أنت بوابنا اليوم ، وقال النبي بتكسير الخبز ويدخل جابر عليه عشرة عشرة يطعمهم ويخرجوا.. - أرأيت متى ظهرت معجزة النبي وحلت البركة؟ عندما حدث هذا الحدث ليعلمهم الإيثار وتحل البركة مع أنهم كانوا جوعى منذ مدة فطعم الجيش كله، يقول بن عبد الله ، كلما دخلت مجموعة قلت إنها آخرمجموعة ولن تأكل التي تليها ، ولكنهم كانوا يخرجون وقد امتلأت البطون، يخللون أسنانهم ، ثم دخل جابر في النهاية فقال له النبي : يا جابر بارك الله لك ولأهل بيتك في طعامك ، فدخلت فإذا بالطعام كما هو إلا قطعة من الدجاجة . - صلى الله علي نبينا معلم الإيثار، ويا خسارة على أمة ضاع فيها الإيثار. - سيدنا جعفر بن أبي طالب مات يوم مؤتة وترك ثلاثة أطفال والصحابة ضعفاء فقراء، ووقف النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يكفل أولاد جعفر ؟ يقول الراوي : فخرج ثلاثة من الصحابة يتشاجرون : أنا يا رسول الله ، بل أنا يا رسول الله ... يقول الراوي: والثلاثة أفقر من بعضهم البعض – ويريدون أن يأخذوا 3 أولاد أيتام، ونحن الآن إذا مات لأحد أخيه أراد أن يتخلص من ابنه اليتيم، ويلقى به على الأخ الأخر، ويضيع الولد. لكن جعفر بن أبي طالب كان لديه خلق الإيثار ولذلك أراد الله أن يبارك له في أولاده ويتربوا جيدا، حتى أن النبي سماه:أبو المساكين. - لن يستشعر المجتمع الطمأنينة ولا الأمان ولا الاستقرار إلا إذا اتبع خلق الإيثار، وتخيل معي ما يحدث الآن في المجتمع: الرجل يعمل عمره كله ليلا ونهارا ليجمع الأموال ويمكن المرأة أيضا ولكن لماذا ؟ حتى يضمنوا لأولادهم المستقبل الجيد ويتركوا لهم ما يكفيهم لماذا ؟ لأنهم يعلمون أنهم إذا ماتوا ستشرد الأولاد ، من الذي سيتكفل بهم ؟ سيضيعون ، فالدنيا كلها ذئاب ، لكن بالله عليك لو المجتمع لديه خلق الإيثار، المجتمع كل سيعلم ويطمئن إلى أنه إذا مات الأب أو الأم سيجد من يتكفل بأولاده بل وسيتشاجرون على من يأخذه مثلما حدث مع أولاد جعفر بن أبي طالب لذلك خلق الإيثار مهم. - يقول الإمام الغزالي في الإحياء : الإيثار على ثلاثة منازل : الأولى : أن تنزل أخوك من نفسك منزلة الخادم فتطعمه وتعطيه مما يبقى منك – ألا يحدث أن تتعامل مع أخيك كالخادم بعدما تنتهي أنت وتأخذ ما يكفيك تعطيه – وهذا إيثار . الثانية: أن تنزله منزلة نفسك فكما تأخذ تعطيه. والثالثة: أن تنزله فوق نفسك، فتفضل حاجتهم على حاجتك. - أولاده سيدخلون المدارس ولا يجدون ملابس، قبل أن تشترى لأولادك تشترى له - هذه هي منازل الإيثار الثلاثة أختر لنفسك منها. - أعظم الإيثار في هذه الدنيا : أن تؤثر مرضاة الله على مرضاة الناس، وأن تؤثر رضا الله على رضا من سواه وأن تؤثر رضا الله على هوى نفسك " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ، مرضاة الله أولى. عندما نعيش لأنفسنا فقط نعيش حياة قصيرة ، نولد صغار ونموت صغارا ، لكن عندما نعيش من أجل غيرنا نعيش كبارا وحياتنا تمتد بامتداد البشرية ، وهذا كلام حقيقي إذا عشت لغيرك وليس لنفسك فقط ستجد سعادتك في بسمة غيرك ، وفرصتك في فرصة غيرك، وستجد السعادة الكاملة عندما تجد من يدعو الله لك ويقول يا رب ارضى عنه كما أرضاني، لذة عجيبة, جربها ستجدها أعظم من اللذة التي كنت ستشعر بها إذا حصلت على الفائدة والمنفعة بمفردك . أختم بكلمة قالها رجل صالح وهو يموت:" يا بنيتي لم أعد أفزع من الموت ولو جاء اللحظة. لقد أخذت من الحياة كثيرا، أقصد أعطيت كثيرا هل فهمتها ؟ - أحيانا يا بنيتي يصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء لأنها عند المؤمن لهما مدلول واحد، في كل مرة أعطيت فيها أخذت فيها، بل أخذت أكثر مما أعطيت . تعالوا لنجرب هذا الخلق يا شباب ، وأرجوا من الله تعالى أن ينفعنا به. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان