اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مقالات ومتابعات إخبارية: الدكتور عبد العزيز الرنتيسي


Recommended Posts

بشائر النصر

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

على النقيض تماما مما يظنه البعض فإن الأمة تحقق في هذه الأيام انتصارات عظيمة أذهلت العدو، هذه الانتصارات لم تترجم إلى انتصارات عسكرية بعد، ولكنها المقدمة التي لابد منها لإحراز النصر العسكري الذي لا يعدو كونه الجولة الأخيرة المتبقية التي تتوج النصر الذي تم إحرازه فعلا على أرض المعركة، ورب سائل يتساءل أين هذا النصر الذي تتحدث عنه وفلسطين كل فلسطين ترزح تحت الاحتلال، والأقصى في قبضة الصهاينة، والشعب الفلسطيني يشيع الجنازات في كل صباح، والأمة تُضرب في أفغانستان، وتُحاصر في العراق، ومعظم أقطارها تقع تحت التهديد، يحدق بها الخطر من كل جانب.

وللإجابة على ذلك علينا ألا ننسى أن هزيمتنا العسكرية هي ثمرة طبيعية لهزيمتنا الفكرية، ولولا الغزو الفكري الذي مكن الغرب من صناعة عملاء من بني جلدتنا انبهروا بحضارته فكانوا أكثر من الأعداء إضرارا بأمتهم وحضارتهم، انهزموا فكريا فشعروا بضآلتهم أمام الحضارة الغربية وما ملكت من عناصر القوة، ثم ما لبثوا أن عكسوا مشاعرهم تلك على واقع الأمة، وغاب عن أذهانهم ما تملك أمتهم من حضارة وإمكانات وطاقات لو أنهم فجروها ووظفوها لصالح نهضة الأمة من جديد لانتشلوها من وهدتها، ولكنها أصبحت في نظرهم أمة عاجزة ضعيفة لا تقوى على النهوض، فأعطوا ولاءهم لأعدائها ليصبحوا معاول هدم في يد الغرب الحاقد، فكانوا عاملا رئيسيا من عوامل الهزيمة العسكرية التي نعيشها اليوم.

ويعرف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الغزو الفكري قائلا ( الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة. وهو أخطر من الغزو العسكري، لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية وسلوك المسارب الخفية في بادئ الأمر فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منها أن تكرهه. وهو داء عضال يفتك بالأمم ويذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمرا صعبا وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيرا ً )، وإن الناظر لواقع الأمة لا يراها تخرج قيد أنملة عن هذا التعريف، لأن الغزو الفكري قد خلق فينا شعوراً بالضعف وإحساساً بالتخلف، حتى فقدت الأمة ثقتها بنفسها وطاقاتها وقدراتها على المواجهة، وبدا همها الأول والأخير أن تتمكن من التأثير على نتائج الانتخابات لدى العدو، علها تسقط شارون أو تقصي بوش عن الحلبة السياسية، متجاهلة أن كل الصهاينة شارون وأن كل الأمريكان بوش، وناسية أو متناسية أن الذي يملك إخراجنا من واقع الهزيمة هو أن نغير نحن أنفسنا وإلا فسنبقى نلهث خلف السراب.

لقد أدرك العدو بعد خروجه منهزما من الحروب الصليبية أن القوة العسكرية لا يمكنها إلا أن تحقق نصرا محدودا بزمن، ولكن لتحقيق الغلبة الدائمة لابد من غزو العالم الإسلامي فكريا بعيدا عن استخدام الدبابات والطائرات وراجمات الصواريخ، فترك أعداؤنا الغزو الفضائي والغزو البري, وأحكموا قبضتهم على العالم الإسلامي بالغزو الفكري, فصرنا ننظر للغرب بأنه هو الأعلى وأنه هو الأكمل وأن ما عنده هو الأحسن، ونشعر في قرارة أنفسنا بالدونية والمهانة، ثم ما لبثنا أن سلمنا ديارنا، وأموالنا، وكرامتنا، بل ورقابنا للغرب، فأخذوا يعبثون بمقدراتنا، وينهبون خيراتنا، ويستخفون بعقولنا، ويجندون بعضنا لضرب رقاب بعضنا الآخر, وكل ذلك يجري على يد صنائع لهم من بني جلدتنا، استنكروا علينا أن نقف موقف عزة وكرامة، فحرّموا الحلال يوم حرّموا المقاومة، وأحلوا الحرام يوم أحلوا التنازل عن أرض المسلمين، وأخذ الغرب يرقب من بعيد هذه المعركة المحتدمة بين ضحايا غزوه الفكري وبين من تحصنوا بالإسلام فكانوا في منعة من الانهزام أمام الحضارة الغربية، ورفضوا بالتالي التسليم بالأمر الواقع, وأبوا إلا المواجهة، ولقد كانت الغلبة حتى عهد قريب لضحايا الغزو الفكري، مما أدى إلى استسلام الأمة وانهزامها أمام أعدائها، وأما اليوم فأستطيع القول أن الميزان بدأ يعتدل لصالح الوعي الإسلامي والصحوة الإسلامية التي باتت تمثل ضمير الأمة، مما جعل الشعوب تتحلل من واقع الهزيمة يوما بعد يوم، وكان الفضل في ذلك أولا لله سبحانه ثم للمجاهدين من أبناء الأمة في فلسطين ولبنان والفلبين والشيشان وكشمير وأفغانستان وكوسوفا والبوسنة والهرسك الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء، وأثبتوا أن الأمة قادرة على إحراز النصر في ميدان المواجهة إذا تمكنت من نفض غبار الهزيمة الفكرية.

ولقد أصاب الذهول أعداء هذه الأمة الذين جيشوا جيوشا جرارة من المبشرين والمستشرقين، وزودوهم بالمليارات من الدولارات، وأرقى ما توصلت له التكنولوجيا الحديثة من وسائل، ولكنهم صعقوا عندما رأوا أن الأمة بدأت تعود لأصالتها على يد المجاهدين الذين يفجرون أنفسهم في سبيل الله، إن خروج الأمة بهذه السرعة وبهذه القوة من واقع الهزيمة دفع بالصهاينة والغرب أن يلجأوا إلى استخدام القوة العسكرية من جديد وهذا أكبر دليل يقدمونه على فشلهم أو قل على هزيمتهم في معركة الفكر.

ومن هنا فإن انتصارنا على ضحايا الغزو الفكري الذين يسارعون في تحقيق ما يرضي العدو من شجب واستنكار لما يقوم به المجاهدون لهو الانتصار الحقيقي الذي سيقودنا لا محالة إلى النصر في المعركة العسكرية الفاصلة، وها نحن اليوم نلاحق فلول مرضى الغزو الفكري، فهم في انحسار دائم، حيث تنبهت الشعوب لحقيقة أمرهم، وهذه أول وأهم إرهاصات النصر العسكري القادم، فالنصر الفكري هو النصر الحقيقي الذي بدأت تطل بشائره.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 أسابيع...

لكي ينجح الحوار

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تجلس فيها كل من حركة المقاومة الإسلامية حماس والسلطة الفلسطينية على طاولة الحوار، وفي كل مرة كانت تتباين آراء المحللين حول محاور الحوار، وتختلف الآراء فيما يمكن أن ينتج عن هذا الحوار، وتمتد مسافة التوقعات بين التفاؤل المفرط والتشاؤم القاتل، وتغيب عن الأذهان لدى العديد من المراقبين والمحللين بل والمشفقين أن هناك عوامل هامة وأساسية لابد من توافرها كي يثمر الحوار، وحتى لا نخدع أنفسنا أو نمنيها بعيدا عن القراءة الصحيحة، وحتى لا نغرق أنفسنا بعبارات التفاؤل التي قد تفضي إذا لم يحقق الحوار – لا قدر الله - ما ذهبت إليه القلوب من أماني إلى إحباط ويأس شديدين، وشعور بمرارة الفشل.

وحتى لا يصبح الحوار حوارا للحوار، أو يصبح حوار طرشان، لابد من التعرف على عوامل النجاح حتى نعززها، وعلى عوامل الفشل حتى نتفادها، فإذا فعلنا ذلك فلا بأس أن نتفاءل بنجاح الحوار بإذن الله ، وإلا فعلينا أن ننتظر محطة أخرى من محطات الحوار القادمة لا محالة، فمصلحتنا الوطنية العليا تكمن في تعزيز لغة الحوار، فهي اللغة الوحيدة التي يجب أن تعتمد بين أبناء الوطن الواحد، والهم الواحد، والمصير الواحد، مع تجنبنا الاحتكام وإلى الأبد للغة السلاح واستعراض العضلات فيما بيننا.

ولكي ينجح الحوار ينبغي على أقطابه أن يأتوا بقلوب وعقول مفتوحة، ونية خالصة صادقة، وأن يكون كل طرف منهم على استعداد لتقبل الرأي الآخر إن ظهرت فيه المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، فإذا جاء كل طرف إلى الحوار بنية أن رأيه صواب يحتمل الخطأ، وأن رأي محاوره خطأ يحتمل الصواب عندها يصبح الحوار جادا وهادفا ومبدئيا ومثمرا، ولتحقيق ذلك لابد من التحلل المسبق من كافة القيود التي تحد من المرونة السياسية المطلوبة لدى المتحاورين، فلا يمكن للحوار أن يسمى حوارا إذا حضر أحد الطرفين إلى الحوار مصفدا بأغلال اتفاقات سابقة مع جهات معادية، مع التزامه الحديدي بكل ما جاء في تلك الاتفاقيات من بنود تنسف أي إمكانية للتوصل إلى وفاق وطني، لأنه عندها يكون هذا الطرف قد فقد هامش المرونة السياسية التي تمكنه من الخروج من دائرة التحجر السياسي.

ولكي ينجح الحوار ينبغي على وفدي الحوار ألا يخترقا في طرحهما حدود الثوابت الوطنية، وألا يقتربا من المحظور شرعا، فهناك حدود لما يمكن أن يقبل به الشرع الإسلامي خاصة في قضية حساسة كقضية فلسطين، حيث إن هذه القضية تمس كل مسلم في هذا الجيل وفي الأجيال القادمة إلى قيام الساعة.

ولكي ينجح الحوار لابد ألا يكون حوارا تكتيكيا يهدف إلى تحقيق أهداف محدودة آنية ضيقة لا تمت للمصلحة الوطنية العليا بصلة، بعيدا عن روح الحوار الجاد والهادف والبناء ، فإن فعلنا ذلك فلن يكون الهدف من الحوار عندئذ التوصل إلى قواسم مشتركة بقدر ما يكون الهدف هو حرق مرحلة، أو كسب وقت، أو التغطية على خطوة تنازلية ، أو خلق صورة سرابية وهمية تطغى على صورة الواقع التي تعكس عمق الهوة بين الجد والهزل، والحقيقة والوهم ، والاستراتيجي والتكتيك.

ولكي ينجح الحوار علينا أن نتجنب الإعلان عن محاور غير حيادية والتعامل معها على أنها أهم عناصر الحوار، كالقول بوقف العمليات الاستشهادية، فمثل هذه العناوين لا تعكس نية صادقة لإنجاح الحوار، ولا يهدف طرحها في الإعلام إلا إلى الإعلان المسبق عن فشل الحوار، والتمهيد لتحميل طرف مسئولية هذا الفشل دون الآخر، من هنا ينبغي أن تكون محاور الحوار أشمل من جزئيات غير حيادية، وأن تقوم على أقل تقدير على محورين كبيرين : المحور الأول متعلق بوحدة الصف الفلسطيني، وتقوية الجبهة الداخلية في خندق المواجهة مع عدو تنكر لكافة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، والمحور الثاني يهتم بإدارة الصراع مع هذا العدو الذي فاق في عدوانه كل أشكال الإرهاب والإجرام التي عرفتها البشرية وعانت منها على مر العصور، علينا أن نلتفت إلى الوراء لنرى إلى أي هوة سحيقة ألقت بنا الاتفاقيات المجحفة التي خلفتها لقاءات سرية هنا وهناك مع العدو، وعلينا أن ندرس بإخلاص السبل الكفيلة بإنقاذ شعبنا الفلسطيني من براثن تلك الاتفاقيات، علينا أن نبحث عن الأسباب التي أدت إلى تردي أوضاع الجبهة الداخلية وتشرذمها، وعن الأسباب التي خلقت الأجواء الملائمة لانتشار الفساد وترعرعه، ثم نضع الحلول الجذرية القادرة على القضاء المبرم على كل أشكال الفساد، مما سيكون له عظيم الأثر في تعزيز صمود شعبنا وقدرته على المواجهة.

ولكي ينجح الحوار يجب أن تتوقف فورا تلك الحملات التي بدأت تقوم بها السلطة ضد أبناء الحركة الإسلامية، أدناها اختطاف من الشوارع، وأقصاها إطلاق النار الحي على الشباب، مرورا بمداهمة البيوت قبيل الفجر، فأي نجاح هذا الذي ينتظره الحوار وقد تزامن مع هذه الحملات السيئة التي سخنت الأجواء في قطاع غزة إلى درجة الاشتباك المسلح، وأي نجاح يمكن أن يحققه الحوار وأجواء التوتر تخيم على قطاع غزة؟ ولا ندري ما سر هذه الحملة في هذا الوقت بالذات؟ فهل هي لإفشال الحوار؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل نفهم من ذلك أن هناك تيارا لدى السلطة لا يرغب بنجاح هذا الحوار؟ أم أن السلطة تريد من هذه الحملة أن تشكل ضغطا على وفد الحركة للحوار؟ أسئلة عديدة تحتاج إلى جواب، ولكن الحقيقة المرة تقول إن هذه الممارسات بقصد أو بغير قصد خلقت أجواء مفعمة بالتشاؤم من نتائج هذا الحوار، ولابد من وقف هذه الاستفزازات اليومية حتى تتهيأ الأجواء الصحية الملائمة لما يجري في القاهرة.

ولكي ينجح الحوار علينا أن ندرك أن هناك نقاط خلاف عميقة بين السلطة وحماس ، قد يتم التغلب على بعضها وفي ذلك إنجاز كبير، وقد تبقى هناك نقاط مختلف عليها، وهنا علينا أن ندرك أن بقاء بعض النقاط العالقة وإن كثرت لا يعني فشلا على الإطلاق ، ولكن وفي نفس الوقت علينا أن نعمل على التغلب على الأعراض الجانبية لهذا الخلاف ، ولا نترك له ذيولا وتداعيات ، فإن فعلنا ذلك نكون قد حققنا نجاحا هاما في هذا الحوار، وفتحنا باباً للأمل بأن المستقبل يحمل في طياته البشريات.

ولكي ينجح الحوار علينا أن ندرك أن حوار القاهرة عبارة عن حلقة في سلسلة كبيرة من الحوار المستمر والذي لم يتوقف بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، وأن هذا الحوار لن يكون الحلقة الأخيرة ، إنما هو حلقة هامة ستتبعها حلقات .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

حكومة يمينيّة و لكن عاجزة

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد أصبحت مقولة إن اليمين في الكيان الصهيوني قرين العنف و الإرهاب ، بينما اليسار قرين السلام و التسويات جزءاً من ثقافتنا التي يبدو لي أنه من الصعب علينا أن نتخلّص منها ، و إننا لنجد للأسف الشديد من بيننا رغم كل الوقائع التي تثبت بطلان هذه النظرية من ينظر لهذه المفاهيم التي تفتقر إلى المنطق و الموضوعية و العلم على أنها حقائق ثابتة ، ثم ينبري مرهقاً نفسه للتنظير لها .

و لكن متى كان اليسار حمائمياً ؟ و متى كان أقل دموية من اليمين ؟ ألم تكن الحكومة السابقة التي ارتكبت عشرات المذابح في الضفة الغربية و قطاع غزة منها على سبيل المثال لا الحصر مذبحة جنين و مذبحة حي الدرج في غزة حكومة ائتلاف تضم اليمين و اليسار في خندق الإرهاب .

إن أحداً لا ينكر أن اليمين الصهيوني المتطرف ارتكب أبشع المجازر ضد شعبنا الفلسطيني ، فهذا أمر لا يماري فيه أحد، و لا ينتطح فيه عنزان ، و لكن هل يختلف اليسار الصهيوني عن اليمين في هذا الجانب ؟ لقد كان بن غوريون مثلاً يستخدم مصطلح "التنظيف" لطرد الفلسطينيين من قراهم و القذف بهم إلى ما وراء الحدود ، و كان يلخّص أسلوب عمل الحركة الصهيونية و تفكير قادتها بقوله : "إن الوضع في فلسطين لا يمكن أن يسوّى إلا بالقوة العسكرية ، الحرب حرب، و بالتالي فإن عودة العرب إلى يافا ليست ظلماً ، و إنما خطيئة كبرى" .

و اختار بن غوريون قرية قبية لتكون أول تجربة "للوحدة 101" التي شكّلها و وضع على رأسها شارون ، حيث تحرّكت قوة عسكرية صهيونية تقدّر بنحو 600 جندي نحو القرية ، و طوّقتها و عزلتها عن سائر القرى العربية , و قد بدأ الهجوم بقصف مدفعي مركز و كثيف على مساكن القرية دون تمييز استمر حتى دخول قوات المشاة التي كانت تطلق النار في مختلف الاتجاهات ، و أخذت وحدات المهندسين العسكريين تضع شحنات متفجرة حول بعض منازل القرية و تفجيرها على رؤوس ساكنيها من المدنيين العزل ، و قد نجم عن هذه المجزرة تدمير 56 منزلاً و مسجد القرية و مدرستها و خزان المياه الذي يزوّدها بالمياه ، و استشهاد 67 من رجالها و أطفالها و نسائها ، بالإضافة إلى عددٍ كبير من الجرحى ، و قد نفّذت "الوحدة 101" عشرات العمليات ضد القرى العربية التي كانت مسرحا لمآسي دامية يندى لها جبين البشرية من فظاعة ما ارتكب من مذابح للأطفال و الشيوخ و النساء .

و رابين صاحب سياسة تكسير العظام في الانتفاضة الأولى ، ألم يرتكب أبشع المجازر التي أودت بحياة المئات من الفلسطينيين العزل دون ذنب ارتكبوه سوى أنهم كانوا يرفضون الاحتلال ؟!! .

و شمعون بيرز ألم يكن صاحب مذبحة قانا في حملته عناقيد الغضب ، تلك المذبحة التي أودت بحياة أكثر من مائة من الأبرياء من الأطفال و الشيوخ و النساء بحثوا عن أمنهم و سلامتهم في قاعدة تابعة للأمم المتحدة ، و لقد قالت الأمم المتحدة في حينه إن القصف كان متعمّداً ، ثم ألم يكن بيريز هو مهندس البرنامج النووي العسكري ؟ فهو الذي أنشأ مفاعل ديمونة النووي العسكري ، و الذي أنتج ترسانة نووية تحتوي على ما لا يقل عن مائتي رأس نووي تهدّد المنطقة بكاملها بالدمار و الخراب .

ثم ألم يكن اليسار الصهيوني هو الذي شارك في العدوان الثلاثي عام 1956 و ارتكب المجازر البشعة ضد المدنيين العزل الذين قتلوا بدم بارد عندما كان يرصّ جنود الاحتلال الشباب و الشيوخ على الجدران ثم يطلقون عليهم الرصاص كما جرى في مذبحة خان يونس ؟؟ و منهم من أطلق عليه الرصاص أمام زوجته و أولاده داخل بيته ، و هذا ما جرى أيضاً عندما اقتحم الصهاينة بزعامة اليسار الضفة الغربية و قطاع غزة عام 1967 و قاموا بالإضافة إلى المجازر التي ارتكبوها بإبعاد آلاف الفلسطينيين عن وطنهم بقوة السلاح .

ثم ألم يكن اليسار هو الذي أقام معظم المستوطنات في فلسطين ؟ ففي الفترة من 1967 إلى 1977 كانت الحكومات العمّالية قد أقامت 22 مستوطنة في الضفة ، و في القدس كانت أولى الخطط الاستيطانية المتعلّقة بالمدينة هي تلك التي وضعها يهودا تمير عام 1967 نائب المدير العام لوزارة الإسكان في ذلك الوقت .

هذا غيض من فيض ، و لو قارنا ما قام به اليسار من جرائم ضد الإنسانية في فلسطين لتضاءلت أمامها جرائم اليمين على كثرتها ، فلماذا نهوّل الأمر و نصوّر الحكومة اليمينية المتطرفة على أنها "بعبع" و من ثم نقول ويل للشعب الفلسطيني و مقاومته من حكومة شارون و نتنياهو و موفاز .

و إذا أضفنا لما ذكر أننا أمام حكومة ضعيفة جداً ، و مكبّلة بقيود ثقيلة كفيلة بأن تفقدها القدرة على المواجهة ، بل و تفقدها هامش المغامرة ، فهي حكومة يمينية على رأسها الليكود ذات قاعدة ضيقة ، و هي حكومة مؤقتة ، و لا ننسى أن الانتخابات على الأبواب ، فكلّ هذه العوامل مجتمعة تجعلها حكومة ضعيفة عاجزة تحسب ألف حساب لكل خطوة تخطوها ، فهي تدرك أن أي خطأ يمكن أن تقع فيه سيؤدّي إلى تراجع الليكود في صناديق الاقتراع ، تماماً كما حدث لحزب العمل بزعامة بيريز في الانتخابات التي تلت عناقيد الغضب .

و لو أن الضربات التي تلقاها شارون في الآونة الأخيرة على يد المقاومة الفلسطينية في ظلّ حكومته الضيقة قد جرت في ظل حكومة الوحدة مع العمل لارتكب من الحماقات غير المحسوبة ما لا يمكن أن يوصف ، لأن وزر الأخطاء عندها سيكون موزعاً على الحزبين الكبيرين العمل و الليكود ، أما الآن فهو وحده يتحمّل جريرة أخطائه ، و لذلك جاءت ردوده على العمليات ردود العاجز و لم تكن على مستوى التهويل الذي واكب تشكيل هذه الحكومة .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

. ما يسمى بالمجتمع الدولي !!! ... فقد هيبته

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

في كل مرة يوفّق فيها المقاوم الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه وشعبه وكرامته وحريته في تسديد ضربة للعدو المحتل للوطن تنطلق ألسنة الشجب الدولية بالتنديد والاتهام، بينما تقف ذات الألسنة خرساء أمام ما يقوم به الصهاينة من جرائم حرب ضد الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني المغتصب وطنه، والمدنّسة مقدساته، والمقتلع من أرضه، والمسلوبة حريته وكرامته .

فهذا موراتينوس الذي لم يفكّر ولو لمرة واحدة عيادة أطفال المسلمين الذين يذبحون في كل صباح على يد النازية الصهيونية في فلسطين، يعود جرحى العملية الأخيرة التي نفّذها المجاهدون في مدينة القدس، ثم يدلي بتصريحه قائلاً : "يجب أن يقول أحد للفلسطينيين، إنه لا يمكن الاستمرار على هذا النحو"، فلماذا غاب عن موراتينوس أن يوجّه هذا القول للمحتل الصهيوني، ألا يدرك موراتينوس أننا نعيش تحت الاحتلال ؟ وأننا نناضل من أجل حريتنا أم أنه العداء الصليبي الذي عشّش في قلب الغرب الحاقد ؟ .

و أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيقول : "إننا ندين بشكل مطلق هذا العمل (الإرهابي) الإجرامي، الذي يهدف إلى المساس بجهود السلام التي تبذل الآن"، ولم يفته أن يبعث بالتعازي الحارة إلى عائلات الضحايا وسلطات الاحتلال، باسم وزير الخارجية الفرنسي "دومينيك دي ـ فيلبان"، ومن حقّنا أن نتساءل لماذا لم يفكر هؤلاء ولو لمرة واحدة أن يتوجّهوا بالتعازي ولو (التعازي الباردة) لضحايا الإرهاب الصهيوني ؟ ولماذا لم يتجرأ أحدهم أن يطلق على الجرائم الصهيونية ما قاله في حق المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ؟ ألستم معي أنه العداء للإسلام ؟ ثم أين هو السلام الذي يتحدّثون عنه ونحن نشيّع في كل ساعة ضحية جديدة ؟!! .

و لم ينسَ كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة أن يندّد بأقسى العبارات الممكنة بالعملية الاستشهادية، ويقول في تصريح أدلى به متحدّث باسم مكتبه "بأنه يعتقد أن مثل هذا الاعتداء يستحق العقاب كلياً، وليس من شأنه إلا زيادة الحقد والريبة"، أرأيتم كيف يفهم عنان القانون الدولي ليصبح الذي يستحق العقوبة هو المجني عليه لا الجاني ؟ أرأيتم كيف يطوّع القانون الدولي ليخدم استمرار الاحتلال والعدوان طالما أن ذلك يرضي أمريكا ؟ أرأيتم كيف يبرّئ الاحتلال والعدوان الصهيوني من زيادة الحقد والريبة فيقصر ذلك على المقاومة المشروعة لشعبنا الفلسطيني؟.

و في كوبنهاغن، ندّد الاتحاد الأوروبي بشدة بالعملية واصفاً إياها "بالعمل الإرهابي الفظيع" معتبراً إياها "تشكّل محاولة جديدة متعمدة لضرب عملية السلام والمصالحة"، ألم تروا أن الاتحاد الأوروبي لم يسمع عن احتلال الضفة الغربية، وحصار الشعب الفلسطيني، ومئات القتلى الفلسطينيين، وعشرات الآلاف من الجرحى والمعوقين، وعشرات الآلاف من المعتقلين، وملايين المشردين، وأن صوت الجرافات رغم دويّ قعقعتها وهي تهدم البيوت وتهلك الزروع لم يصل إلى شحمة أذنيه، ولذلك لا زال يتحدّث عن السلام والمصالحة، فعن أي سلام يا ترى يتحدث ؟!!! .

فأين هم هؤلاء المندّدون من نص القرار رقم 2649 الصادر عن الجمعية العامة بتاريخ 30 تشرين الثاني 1970م والذي جاء فيه : "إن الجمعية العامة للأمم المتحدة لتؤكد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والمعترف بحقّها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأي وسيلة في متناولها .. وتعتبر أن الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها خلافاً لحق شعب تلك الأراضي في تقرير المصير، لا يمكن قبوله ويشكّل خرقاً فاحشاً للميثاق"، ومن نصوص القرارات العديدة من بعده ومنها القرار رقم 2787 الصادر عن الجمعية العامة في دورتها رقم 26 المنعقدة بتاريخ 6 كانون أول عام 1971م حيث أكّد القرار على حق الشعب الفلسطيني في الحرية والمساواة، وتقرير المصير، وشرعية نضاله من أجل استرداد تلك الحقوق والتحرر من الاستعمار والتسلط والاستعباد الأجنبي بكل وسائل النضال المتوفرة، وكذلك مما جاء في اتفاقية الرابعة جنيف والتي أقرّت في عام 1949م ما نصه : "إن من حقّ الشعوب المحتلة أن تقاوم المستعمر الغاصب بأي وسيلة متاحة بما فيها حرب المقاومة الشعبية، وحرب الاستنزاف، حتى تتحرّر وتنال استقلالها" ؟!! ..

أليس من حقّنا ونحن نطالع تلك النصوص أن نتساءل أين أقطاب ما يسمّى بالمجتمع الدولي من هذه النصوص التي تعطي الشعب الفلسطيني حقّ المقاومة بأي وسيلة طالما أنه يرزح تحت الاحتلال ؟ فلماذا لا يوجّه هذا المجتمع الدولي تنديده وتهديده واتهامه بالإرهاب للذين شكّلوا بممارساتهم خرقاً فاحشاً لميثاق الأمم المتحدة ؟ ألا ترون إذاّ أنه الانحياز الأعمى لا أقول لصالح الصهاينة ولكن ضد الأمة الإسلامية وقضاياها العادلة ؟!! .

و في ظلّ هذا الانحياز الفاضح يفقد التنديد والتهديد والتشهير قيمته، بل لا أبالغ إن قلت أنه سيتحوّل من إدانة إلى شهادة تقدير، وأستميح شاعرنا عذراً في أن أغيّر في نص بيته الشهير ليصبح :

و إذا أتتك إدانتي من ظالمٍ فهي الشهادة لي بأني عادل

فلا أشكّ لحظة أن الحركة الإسلامية لو حظيت بتقدير وإشادة أمريكا والغرب والصهاينة لأصبحت متهمة بالانحراف في نظر نفسها ونظر أنصارها، وإنه ليكفي الحركة الإسلامية المجاهدة في فلسطين شرفاً وفخراً أن الشعوب العربية والإسلامية تقف من خلفها تباركها وتساندها في وجه التنديد الغربي الصهيوني، فهذه هي شهادة التقدير التي تدفع الحركة إلى مزيد من المقاومة والجهاد، والتي يصبح في ظلّها التنديد المعادي للإسلام كأنه لم يكن.

لقد حاولت أمريكا أن تجعل من تنديدها واتهامها للحركة الإسلامية بالإرهاب إرهاباً للحركة حتى توقف مقاومتها للاحتلال، وترضى صاغرة بذلّ القيد لشعبنا الفلسطيني، ولكن أمريكا نسيت أن الحركة التي تقارع الاحتلال رغم اختلال ميزان القوة لصالحه دافعت في سبيل ذلك ثمناً باهظاً من دماء خيرة أبنائها، والحركة التي لم تنحنِِ أمام الدبابات والطائرات والصواريخ الأمريكية في يد الإرهاب الصهيوني، والحركة التي لا تعتمد في جهادها على الدعم المادي من أي نظام كان على وجه الأرض، والحركة التي تعرف غايتها وأهدافها جيداً ومستعدة للتضحية بأغلى ما تملك في سبيل تحقيقها، والحركة التي لا يسعى قادتها لتحقيق أهداف دنيوية ذاتية رخيصة، والحركة التي تعرف أصدقاءها وأعداءها جيداً، والحركة الربانية التي تعتمد أولاً وأخيراً على الله لا يمكن لأي قوة في الأرض أن ترهبها، أو تحرف مسيرتها، أو تصادر قرارها المستقل، أو تكرهها على التخلي عن ثوابتها، ومن هنا فقدَ المندّدون وعلى رأسهم أمريكا هيبتهم، فأصبح تنديدهم مادة خصبة للتندر والدعابة، ومدعاة للسخرية والاستخفاف، وحافزاً للتشبث بخيار المقاومة، وسبيلاً لمزيد من الوعي الإسلامي بحقيقة ما يسمى بالمجتمع الدولي .

إذاً فالخاسر الوحيد من السياسة الانتقائية المنحازة في توجيه أقسى عبارات الشجب والاستنكار هم المندّدون أنفسهم، الذين فقدوا مصداقيتهم فكشفوا بذلك عن حقيقة وجوههم وأهدافهم، فأضرّوا بسمعتهم وهم الذين طالما رفعوا شعارات كاذبة من الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، وأما الرابح الوحيد فهو خيار المقاومة الذي يتعزّز يوماً بعد يوم، والذي أساء وجه الصهاينة المحتلين، وأسقط هيبة المندّدين باسم ما يسمى بالمجتمع الدولي .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 1 شهر...

نريد الحوار... ولا نريد شعارات بلا مضمون

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

بات من المؤكد ونحن نمر في منعطف خطير أننا في أمس الحاجة إلى الصدق مع الذات، خاصة أننا ما فتئنا نطلق شعارات بمناسبة وغير مناسبة، ولكنها للأسف الشديد شعارات بلا مضمون، فقد تستر العناوين البراقة نوايا أقل ما يقال فيها أنها بعيدة كل البعد عن المضامين الحقيقية للشعارات المطروحة، وبينما تخطف الأبصار تلك العناوين، تعمل ماكينة التدمير على سحق المضامين، فأصبحنا ونحن في خضم المعركة مع العدو نخدع أنفسنا ونعتبر ذلك إبداعا سياسيا، بينما أصبحت مصداقية ما نطرح من شعارات في مهب الريح، والخطير في ذلك أن عدونا يستثمر كل ذلك لصالحه، لتصبح شعاراتنا الجوفاء وبالا علينا، ودمارا لمصالحنا الوطنية العليا.

فإذا رفعنا مثلا شعار الوحدة الوطنية ينصرف جل هدفنا إلى تجميل صورتنا أمام شعوبنا التي يسرها أن تسمع هذا الشعار، ولكنها تتمنى أن تراه واقعا ملموسا على الأرض، فعلى مدى عقود مديدة من الزمان ودولنا العربية تطرح هذا الشعار ولكنه لم يترجم ولو لمرة واحدة إلى وحدة حقيقية بعيدا عن الاستحواذ، والتذويب، والأنانية السياسية، وكم من مرة على صعيدنا الفلسطيني رفعنا هذا الشعار ودغدغنا به عواطف الجماهير المتعطشة لهذه الوحدة، ولكننا للأسف الشديد لم نر يوما خطوات عملية مخلصة من شأنها أن تقودنا إلى الوحدة الحقيقية التي ينشدها شعبنا، بل على النقيض من ذلك قد نرى على أرض الواقع من ممارساتنا ما يتناقض كليا مع شعار الوحدة الوطنية الذي نتغنى به.

وإذا تحدثنا عن الحوار فلم يعد لهذا المصطلح العظيم من مضمون، لأننا نفهم الحوار على أنه سلوك وطني وإسلامي يضع كافة القضايا التي تهم المتحاورين تحت المجهر بهدف التوصل لما هو أفضل لقضيتنا ولشعبنا، وأن يكون هناك استعداد مسبق لدى الأطراف المتحاورة أن تفتح أسماعها وأبصارها وأفئدتها للرأي الآخر، وأن يكون لديها استعداد للتخلي عن موقفها لصالح المصلحة العليا إذا تجلت في الرأي الآخر، بينما نرى مفهوما آخر للحوار يفرغه من مضمونه، فقد أصبح في عرف البعض أنهم وحدهم يحتكرون الصواب دون غيرهم، وأن على الآخرين أن يتخلوا عن قناعاتهم وإلا فالحوار يعتبر فاشلا قبل انعقاده، وعندها يجرد الحوار من معناه الجميل ليصبح ضغوطا وإلحاحا وتخجيلا، من طرف على طرف آخر كي يتخلى عن ثوابته التي يؤمن أن المصلحة الوطنية العليا تكمن في التشبث بها، فالحوار ليس وسيلة ضغط من أجل دفع هذا الطرف أو ذاك لتغيير محضنه الفكري أو الثقافي أو السياسي، وليس وسيلة من وسائل الترغيب والترهيب، ونجاح الحوار يكمن في قبول الطرف الآخر كما هو، ثم يجري البحث في التحول المطلوب كنتيجة للحوار، وليس كشرط مسبق لنجاح الحوار، فهناك من يقيد نجاح الحوار بتحقيق الهدف الذي حدده كنتيجة مسبقة للحوار، فإن تحقق كما يرجو يصبح في عرفه الحوار ناجحا، وأما إذا لم يتمكن من تحقيق ما يشتهي فلا يتردد في الإعلان عن فشل الحوار، ثم لا يلبث أن يحمل صاحب الرأي الآخر الذي لم يقترف ذنبا إلا أنه تشبث برأيه الذي اقتنع بصوابيته، وأبى أن يكون إمعة، مسئولية ذلك الفشل المزعوم.

والمتابع لحوار القاهرة يسمع عجبا، في كل يوم يطالعنا تصريح إعلامي جديد يقول بأن الحوار يجري في القاهرة من أجل وقف المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني، وهذا يعني أن نتيجة الحوار أصبحت معلنة قبل الشروع بالحوار، وكأن الهدف من الحوار هذه الجزئية الضيقة، بينما الحوار المطلوب كما نتمناه ويتمناه شعبنا ينبغي أن يدور حول قضايا كبيرة وهامة، حول الوضع السياسي، والوضع الاقتصادي، والحريات، والقضاء، ومواجهة الاحتلال وما يمارسه من إرهاب، وحول الوسائل التي من شأنها أن تعزز الوحدة الوطنية، وغير ذلك من العناوين الكبرى التي تخدم المصلحة الوطنية العليا، أما أن يصبح الحوار من أجل وقف المقاومة وسحق الانتفاضة فهذا أمر يشكل خطورة بالغة علينا جميعا وذلك للأسباب التالية:

أولا : إن تسليط الضوء على هذه الجزئية على أنها الهدف من الحوار قد يوحي للعالم أن الجانب الفلسطيني - المعتدى عليه والذي هو في حالة دفاع عن النفس - هو المسئول عن الأحداث التي تجري على أرض فلسطين وليس الاحتلال، وأنه هو المطالب بوقف عدوانه وليس الاحتلال، وهذا يعطي انطباعا بأن ما يقوم به الاحتلال من إرهاب إنما هو عبارة عن دفاع عن النفس كما يزعم الصهاينة والأمريكان، أو ردة فعل لما تقوم به المقاومة الفلسطينية من جهاد مشروع، مما يعفي الصهاينة من المسئولية عما يرتكبون من جرائم متمثلة في قتل متعمد للأطفال والنساء والشيوخ، وهدم للبيوت، وتجريف للأراضي الزراعية، واعتقال للآلاف من أبناء فلسطين، وتدمير للحياة بكل معنى كلمة التدمير، ويحملنا نحن المسئولية الكاملة عن كل ذلك.

ثانيا : مما لا شك فيه أن فشل الحوار يتمثل في عدم قدرة المتحاورين التوصل إلى اتفاق، فإذا أعلن طرف من أطراف الحوار أن هدفه من الحوار وقف المقاومة وهو يعلم مسبقا أن هذا الهدف لا يمكن الإجماع عليه، بل إن الغالبية الساحقة من شعبنا الفلسطيني لا تقبل به، عندئذ نكون قد حكمنا على الحوار مسبقا بالفشل، وللفشل تبعات واستحقاقات وآثار سلبية تنعكس على معنويات شعبنا الفلسطيني المجاهد، وعلى قدرته على مواصلة الطريق، وتؤدي إلى زعزعة ثقته بفصائله المجاهدة، كما سيكون له انعكاس سلبي وخطير على وحدة الصف الفلسطيني.

ثالثا : إن مجرد الإعلان المسبق من البعض على أن هدف الحوار هو وقف المقاومة يعد انتصارا حقيقيا لسياسة الإرهاب التي ينتهجها شارون، مما يغريه بمزيد من القتل والتخريب والدمار، وهذا ما حدث فعلا منذ انطلاقة الحوار، ففي كل يوم مجزرة جديدة، وفي كل يوم تدمير للمزيد من البيوت وتشريد للمواطنين، ومضاعفة لمعاناة الشعب الفلسطيني من خلال إحكام أشد للحصار، وكما أن الجدل الذي يدور أحيانا داخل الصف الصهيوني حول جدوى استخدام القوة الغاشمة ضد الفلسطينيين يعزز إصرارنا على مواصلة المقاومة، فإن هذا الجدل الذي يحدثه البعض حول جدوى المقاومة يعزز تصميم العصابات الصهيونية على مواصلة الإرهاب ضد شعبنا الفلسطيني.

رابعا : إن هذا الإعلان في حد ذاته سيفهم على أنه إعلان هزيمة، ومن شأنه أن يبث في روع أبناء شعبنا الضعف والوهن والهزيمة، ففي الوقت الذي يتبجح فيه الإرهاب الصهيوني من الأجدر بنا أن نحرض على القتال، وأن نرفع المعنويات لا أن نتفنن في تبرير الدعوة للهزيمة، خاصة أن العدو الصهيوني يعاني من ضرباتنا ولم تنجح وسائله على تنوعها في توفير الأمن الذي يبحث عنه.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 1 شهر...

في حوار شامل و صريح مع المركز الفلسطيني للإعلام

د. عبد العزيز الرنتيسي:

نتائج انتخابات العدو عكست حقيقة النفسية الصهيونية في حبّ القتل و تعزّز خيار الجهاد

عمليات القسام مرتبطة بوجود الاحتلال و تحصينات العدو الأمنية قد تؤخّرها لكنها لا توقفها

لا مفر من اختطاف جنود صهاينة للإفراج عن المعتقلين و كتائب القسام في أفضل حالاتها

اسمي ضمن 3 مليون فلسطيني على قائمة الاغتيال الصهيونية و حماس تطور وسائلها القتالية

لم يحدّد موعد جديد لحوار القاهرة و حماس مصممة على استمراره و لا مساومة على المقاومة

حماس تمثل ضمير الشعب الفلسطيني و شعبيتها عارمة تقدّرها صناديق الاقتراع الصادقة

التفاصيل:

http://palestine-info.info/arabic/hamas/he...war/rantesi.htm

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

سيبقى التخبط الشاروني سيد الموقف

حتى يذهب شارون

الواقع الفلسطيني في كل جزئياته يختلف عن أي واقع آخر، ففلسطين في بؤرة الاهتمام عند كل مسلم ، فهي قضية مقدسة لدى المسلمين، ولذا فأي قائد لا يمثل المسلمين كافة سيقف عاجزا أمام هذه القضية، وشعب فلسطين الذي أخرج من أرضه عنوة عام 1948 لا زال ينتظر العودة ، ولن يستطيع قائد فلسطيني أو غير فلسطيني أن يمرر حلا يحرم المبعد الفلسطيني من حق العودة ، وفلسطين شعبها شعب مرابط ، فهي أرض رباط إلى يوم القيامة، ولا تزال بها طائفة مؤمنة مجاهدة كما بشر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أعتقد أنه في استطاعة أي زعيم مهما بلغ من الدهاء أو الجبروت أن يتجاوز هذه الطائفة أو أن يقفز عن تطلعاتها التي هي تطلعات الأمة بأسرها، وفلسطين بها قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى المبارك ، وليس في مقدور أي زعيم حتى وإن توج من أمريكا أو شارون أن يفرط في القدس، وفلسطين المخضبة بدماء الصحابة لا يمكن لقائد أن يتجرأ على التنازل عنها ليدنسها الصهاينة من اليهود.

ولذا فقد باءت بالفشل كل المحاولات التي كان هدفها الأول والأخير صرف الفلسطينيين عن خيار المقاومة، وإقناعهم بالحلول التصفوية التي تقر للغاصبين بما اغتصبوا، وكان اقتحام الضفة الغربية بكاملها إحدى تلك المحاولات الفاشلة، فرغم الدمار الهائل واعتقال الآلاف واغتيال القيادات العليا والقيادات الميدانية العسكرية منها والسياسية إلا أن أحدا لم يستطع أن يقنع الشعب الفلسطيني بالتنازل عن حقوقهم المشروعة، ولم يتجرأ أحد أن يتجاوز الإرادة الفلسطينية، ومن حاول ذلك فقد لفظه الصف الوطني الفلسطيني.

ولقد وضعت أوراقا وخططا أمريكية مثل ورقة تينيت وخطة ميتشيل وكان آخرها خريطة الطريق، وكلها تهدف لتحقيق القضاء على المقاومة لصالح الاحتلال، ولكنها لم تر النور وبقيت على الرفوف أو في بطون الأدراج، ثم نفذت خططا عسكرية إرهابية صهيونية، ولكنها تحطمت جميعها أيضا على صخرة الإرادة الفلسطينية الصلبة.

ولم يكن حوار القاهرة بعيدا عن هذه المحاولات ولكن نتائج الحوار أيضا جاءت على غير ما تشتهي أمريكا والعصابات الصهيونية، حيث أن ستة فصائل فلسطينية تمثل الغالبية الساحقة في الشارع الفلسطيني كانت مع خيار المقاومة، وهذا الموقف للفصائل الفلسطينية جاء أيضا على غير ما ترغب عناصر هامة في السلطة عملت جهدها من أجل وقف الانتفاضة والمقاومة، وهذا بالتأكيد قد دفع تلك العناصر للالتقاء مع شارون في مفاوضات تقوم على قاعدة أمنية بحتة تهدف إلى وقف المقاومة وإجهاض الانتفاضة وذلك بعدما التقت مصالح الطرفين ، وما من شك أن أمريكا وأطراف أخرى تعمل جهدها لإنجاح هذه اللقاءات التي لا يخفى على المراقبين أنها ضد حماس أولا والفصائل الفلسطينية المقاومة ثانيا.

وتبدأ المفاوضات متزامنة مع حملة عسكرية صهيونية ، وحملة إعلامية يبثها الإعلام الفلسطيني الذي يمثل السلطة ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وضد أدوات المقاومة المختلفة ، مع إفساح مساحة واسعة للتركيز على معاناة الشعب الفلسطيني واعتبارها سلبيات خطيرة لمواصلة الجهاد والمقاومة، وبات واضحا أن اللقاءات الأمنية ترمي إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية، وذلك بتدمير بنيتها التحتية واغتيال عناصرها الفاعلة وهذه هي مهمة العدو الصهيوني، وبعزلها جماهيريا عن طريق تشويهها وتحريض الجماهير عليها وهذه هي مهمة الإعلام الفلسطيني الرسمي على قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة"، ولما كانت حماس تمثل عنوان المقاومة وعمودها الفقاري، لذلك كان المخطط في معظمه موجه ضد حماس .

ومما يثير الدهشة أن السلطة التي كانت تسابق الريح في التنديد بأي عملية تقوم بها المقاومة ضد العدو الصهيوني نراها تلتزم الصمت إزاء الجرائم الصهيونية، فمقتل ستة من كوادر كتائب عز الدين القسام لا يحتاج إلى بيان شجب واستنكار وإدانة من وجهة نظرها ، وهذا الموقف يعزز القول بأن السلطة على علم بالمخطط الصهيوني وأنها لا ترفضه خاصة أنها تصدر تعليمات واضحة لرجال الأمن بعدم التصدي للعدو الصهيوني عندما يقوم بعمليات اجتياح لقطاع غزة، ومع كل اجتياح يقوم به العدو الصهيوني نرى أن حماس تتصدر المواجهة بكل قوتها ومعها باقي الفصائل التي وقفت في حوار القاهرة مع خيار المقاومة، في الوقت الذي تنسحب فيه قوات الأمن الفلسطيني من مواقعها بعد أن تصدر لها الأوامر الصارمة بعدم إطلاق النار على العدو الصهيوني، بل يكلف أفرادها بتوفير الأمن على الحدود الفاصلة بين "غزة" وفلسطين المحتلة، وبالرغم من موقف السلطة هذا فإن العدو المجرم لم يرحم سيارة الأمن التي كانت تقوم بأعمال الدورية كما ذكر ذلك الأستاذ حسن الكاشف مساء الأربعاء 19/2/2003على شاشة تلفزيون "أبو ظبي"، فوجه صواريخه إليها وافتعل مجزرة في رجال الأمن الفلسطيني الذين لم تشفع لهم الأوامر الصادرة بعدم إطلاق النار على العدو، مع يقيني أن العديد من شباب الأمن يتحرقون شوقا للمقاومة وقد أخبرني بعضهم بذلك، كما أنه من المعلوم أن بعضهم لم يلتزم بالأوامر الصادرة إليه.

ومع بداية تنفيذ هذا المخطط تلوح بشائر الفشل الذريع، ففضلاً عن أن تصفية المقاومة أمر مستحيل فإن الضربات الموجهة للمقاومة أدت إلى التفاف الجماهير حولها، وفي نفس الوقت أدت إلى عزلة المفاوض الفلسطيني ، مما جعله يقف عاجزا عن القيام بمهمة تنفيذ المخطط وفق الرؤية الشارونية ، فلا يمكن لمن يتناقض مع إرادة الشعب أن ينصب قائداً للشعب، وإن نصبوه فلن يتمكن من تحقيق ما يتمناه شارون من وقف الانتفاضة والمقاومة، ومما لا شك فيه أن ذلك سيجعل شارون يعيد حساباته من جديد ليغدوا أسير اًلخوف على مستقبله السياسي خاصة إذا تصاعدت ضربات المقاومة الفلسطينية، والواقع يقول إنها ستتصاعد ، وأنه عندئذ سيجد نفسه أمام خيارات صعبة أقلها خطراً عليه القبول بشروط المقاومة الفلسطينية.

ولقد أثبتت الأيام أن الضربات التي توجه لحركة حماس تزيدها قوة ، وهذا أمر لا يخفى على المؤسسة العسكرية الصهيونية فأمامها تجربة طويلة تفننت خلالها في تسديد الضربات للحركة، إلا أن الحركة كانت تخرج من كل ضربة أقوى شكيمة وأصلب عوداً وأكثر إصراراً على مواصلة الجهاد ، ولذا كانت المؤسسة العسكرية الصهيونية ولا زالت تتمنى أن تقوم السلطة الفلسطينية بالتصدي للحركة الإسلامية، وقد يكون هذا الأمر ممكنا لو أن الشعب الفلسطيني لم يكفر بما يسمى بالعملية السلمية، ومن هنا فإن التخبط الشاروني سيبقى سيد الموقف حتى يذهب شارون.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

في ظل حكومة صهيونية يمينية .. هل ستهدأ حمى الاستسلام ؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

حتى لا يفهمني قراء هذا المقال خطأ وهم يقرءون عنوانه، أقول بأنني لا أفرق بين اليمين الصهيوني واليسار الصهيوني، فأنا ممن يؤمن بأن فلسطين بلد إسلامي، وأن أرضها وقف على المسلمين إلى يوم القيامة، وممن يؤمن بأن القدس مدينة إسلامية، وفيها مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا حق سياسيا كان أم دينيا لليهود في فلسطين أو القدس، وما ينبغي لمن يؤمن بذلك أن يصدق أن هناك ثمة فرق بين الليكود والعمل، فكلاهما يصر على اغتصاب فلسطين، وتدنيس القدس، بل وهدم الأقصى من أجل بناء الهيكل المزعوم، وإذا تساوى اليسار واليمين في ذلك فأي فروق بينهما يمكن أن نقيم لها وزنا، وإذا أضفنا لما سبق أن من القواسم المشتركة بين الحزبين تاريخ حافل بالإرهاب : القتل، والإبعاد، والاعتقال، وإهلاك الزرع، وتدمير البيوت، وهدم المساجد، وإذلال الشعب الفلسطيني، فماذا بقي لأولئك حتى يبتهلوا إلى الله أن ينصر اليسار على اليمين في مملكة الإرهاب العالمي؟!!

ولكن اختياري لهذا العنوان لأنني أردت أن أخاطب دعاة الاستسلام بما يزعمونه ويروجون له، خاصة أنهم ما فتئوا يهاجمون حماس بدعوى أن مقاومتها للاحتلال هي التي تسببت في فوز اليمين المتطرف، ومن وجهة نظرهم أيضا أن فوز اليمين يعني حدوث كارثة سياسية في المنطقة، حيث أنهم يطلقون على اليسار الصهيوني رغم ممارساته الإرهابية أنه معسكر السلام، والآن في ظل وجود معسكر الشر فماذا هم فاعلون؟؟ هل سينحازون إلى خيار المقاومة ويسلمون بأن فرص السلام قد ولت إلى غير رجعة؟ أم أنهم سيعتبرون أن فرص السلام لا زالت قائمة فيذكروننا بأن الذي وقع اتفاقية السلام مع مصر "الليكود" وليس "العمل" وأن الذي هدم مستوطنة "يميت" "شارون" وليس "متسناع"؟

من الواضح تماما أن دعاة الاستسلام قد عقدوا العزم على ألا يستسلموا لخيار المقاومة، وأن يجهدوا أنفسهم فيما لا طائل من ورائه وهو محاولة إقناعنا بأن "شارون" حمامة سلام ليس إلا، وأن الحكومة الصهيونية اليمينية التي شكلها هي في واقع الأمر حكومة سلام، وسيكثفون نداءاتهم لنا بوقف المقاومة حتى وإن واصل "شارون" ذبحه المنظم لأطفالنا، أو هدم البيوت على رؤوسنا، أو أصر على التنكر لحقوقنا المشروعة، ولكن يبقى السؤال المشروع لماذا يصرون على طريقهم ذلك رغم المعطيات السياسية الصهيونية الجديدة التي لا تحمل في جعبتها برنامجا سياسيا؟ وأي حجة يمكن أن تسعفهم خاصة أن الشعب لم يعد يؤمن بما يسمى "عملية السلام"؟

إن أقوى حجة يتذرعون بها هي أنه قد أصبح للمقاومة مردود سلبي على الشعب، فهناك بيوت هدمت ومخارط دمرت، وأرواح أزهقت، وهناك حصار وبطالة أرهقت كاهل الناس، وقائمة ما يطلقون عليها سلبيات المقاومة لديهم طويلة طويلة، ولكن هل هذا يعتبر اكتشافا جديدا لم يكونوا على بينة منه من قبل؟ بمعنى هل كانوا يعتقدون أننا سنضرب العدو ثم لا نصاب بأذى؟ فإن كان الأمر كذلك فلماذا قادوا الناس للمقاومة حتى أوردوهم المهالك في أيلول الأسود في الأردن؟ ولماذا كرروا التجربة في لبنان؟ أم أن تبعات المقاومة تصبح سلبيات إذا تمسك بخيار المقاومة غيرهم وعلى غير رغبة منهم؟ أم لأنهم أصبحوا دعاة سلام كما يزعمون ولذلك أصبحوا يرون المقاومة كتلة من السلبيات فقط؟ لماذا لم يقولوا أن الذي حققته المقاومة من دمار للعدو لم تحققه المقاومة من قبل والتي دفع الشعب بسببها ثمنا باهظا في بيروت وعمان؟ ولماذا لم يذكروا المواقف السياسية الخاطئة التي أثقلت كاهل الشعب الفلسطيني وأرهقته ومنها الموقف الغير متوازن من احتلال الكويت، ومنها نفق أوسلو المظلم، إن كانوا مشفقين على الشعب؟ وإن كانت معاناة الشعب الفلسطيني هي التي تؤرق مضاجعهم فلماذا يسكتون على الفساد الذي امتص دماء الشعب الفلسطيني؟ بل لماذا قبلوا لأنفسهم أن يقيموا قصورا في غزة ورام الله وأريحا وغيرها وجميعها من دماء المواطن الفلسطيني؟ ثم لماذا احتكروا كل شرايين التجارة؟ ومن أين لهم رؤوس الأموال مع أننا لم نعهد عليهم أنهم كانوا يوما من أصحاب الملايين؟ ولماذا جعلوا من احتكارهم ذاك سوطا يجلدون به ظهر الشعب الفلسطيني عبر الغلاء المتصاعد؟ أسئلة عديدة تجعل ذريعة الحرص على مصلحة الشعب أوهى من بيت العنكبوت، خاصة إذا علمنا أن القرآن يطالبنا أن نقدم الجهاد في سبيل الله على الأرواح والأموال ومنها البيوت، وينهانا أن نجعل من الخسارة في الأرواح والأموال سببا لتعطيل الجهاد في سبيل الله "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين"، وإني لأناشدهم أن يتدبروا معنى هذه الآية حتى يتوقفوا عن المطالبة بوقف المقاومة حرصا على مصلحة الشعب، فمصلحة الشعب في الدنيا والآخرة إنما تكون في الجهاد في سبيل الله وليس في تعطيله، ومصلحته العليا في اتباع القرآن وليس في تهميشه.

ولكني أرى رغم ذلك أنهم سيواصلون المطالبة بتعطيل الجهاد، وسيصرون على السير في النفق المسدود الذي هم فيه الآن وذلك لأسباب عدة ينبغي ألا نغفلها، فوجودهم في فلسطين إحدى ثمار قبولهم بالدخول في ذلك النفق، ومستقبلهم السياسي بل ومستقبل استثماراتهم الخاصة بات رهينة لاستمرارهم في السير فيه، كما أن التزاماتهم التي قطعوها على أنفسهم أمام الصهاينة وأمريكا وأوروبا والعرب لا زالت تلاحقهم، ثم الصراع الذي يدور في الخفاء يدفع البعض للسباق في سلم التنازلات، كما أن خشيتهم من تقدم الحركة الإسلامية في قلوب الشعب يعتبرونه للأسف الشديد ورقة لغير صالحهم رغم أن الحركة أكدت في السر والعلن أنها لا تنافسهم على السلطة، وقالت بأننا لا زلنا في مرحلة التحرر التي تسبق مرحلة بناء الدولة والتنافس على الكراسي.

على أية حال رغم أن عدونا تقوده حكومة صهيونية يمينية متطرفة فلا أظن ولا أعتقد أن حمى الاستسلام ستهدأ

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 1 شهر...

أمريكا تسفك دماء المسلمين من أجل مصالحها

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد زعمت أمريكا رغم كل أشكال الرفض العالمي لمزاعمها أنها إنما تعلن الحرب على العراق من أجل تحرير العراقيين، وحماية لهم وللعرب من أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق، ولما سئل "كولن باول" من قبل قسم الأخبار في شبكة أن.بي.سي. التلفزيونية في الحادي والعشرين من نوفمبر 2002 عن إمكانية حدوث مواجهة عسكرية مع العراق قال، "هذا أمر لا علاقة له بالنفط، هذا أمر له علاقة بطاغية، بدكتاتور يطور أسلحة دمار شامل لاستخدامها ضد سكان عرب" وفي بيان مشترك من الرئيس بوش ورئيس وزراء بريطانيا توني بلير حول العراق في الثامن من أبريل 2003 جاء ما يلي : " إن مستقبل العراق ملك للشعب العراقي، وسيتم تحرير العراق قريباً بعد سنين من الحكم الديكتاتوري، وسيقوم العراقيون لأول مرة منذ عقود باختيار حكومتهم الممثلة لهم بأنفسهم"، لكن الكاتبة "سامنتا باور" مؤلفة كتاب (مشكلة من الجحيم) قد تطرقت في كتابها إلى قضية خطيرة تكذب ما ذهب إليه بوش وباول، "حيث تحدثت عن الصمت الأميركي إزاء مذبحة "حلبجة"، بل وإلى الدعم الذي قدمه جورج بوش "الأب" إلى الحكومة العراقية حيث ضاعف "المساعدة" الاقتصادية من 500 مليون دولار إلى مليار دولار بعد المذبحة"، بينما كان النظام في العراق هو المتهم بارتكاب هذه المذبحة عبر استخدام الغازات السامة والتي أودت بحيات عشرات الآلاف من الأكراد العراقيين وغالبيتهم من المدنيين.

وكيف يمكننا نحن الفلسطينيين أن نصدق هذه المقاصد النبيلة للاحتلال الأمريكي ونحن نرى الكيان الصهيوني الذي يتمتع بكل أشكال الدعم من أمريكا يمتلك ترسانة هائلة من أسلحة الدمار الشامل، وهو لا يهدد المنطقة بأسرها فحسب، ولكنه يغتصب وطنا بكامله ويحتل أراض لدول عربية مستقلة، ويسعى إلى توسيع دائرة عدوانه بالتصريح أحينا والتلميح أحيانا أخرى، أي أن الكيان الصهيوني يهدد العرب الذين من أجل حمايتهم تقوم أمريكا الآن باحتلال وتدمير العراق، بينما أمريكا تغض الطرف عن الآلة العسكرية الصهيونية التي ترتكب في كل يوم مجزرة جديدة في فلسطين أمام بصر العالم وسمعه.

وكيف يمكن للعالم أن يصدق المزاعم الأمريكية بينما قامت أمريكا في القرن العشرين بتدمير "هيروشيما" و "ناجازاكي" بأسلحة الدمار الشامل مما أدى إلى إبادة مئات الآلاف من الأبرياء، وأما في زماننا هذا فقد دمرت أمريكا قرى، ومساجد، ومؤسسات في أفغانستان، فقتلت آلاف الأبرياء بأسلحة الدمار المحرمة دوليا، وقامت أمريكا أيضا بقصف مصنع الشفاء للأدوية في السودان، ولو فعلت ذلك دولة أخرى في العالم ضد أمريكا، أو ربيبتها، أو أذنابها لقامت الدنيا ولم تقعد ضد الإرهاب الذي يستهدف مؤسسات إنسانية مدنية، ولكن أمريكا تجيز لنفسها أن تقوم بذلك ضد دولة آمنة كل ذنبها أنها دولة إسلامية فقيرة، وأمريكا هي التي ذبحت الأطفال، والنساء، والشيوخ في العراق دون وازع من ضمير أو خلق، وتعمدت إظهار الأطفال في العراق على شاشات التلفزة وهم يخرجون من بيوتهم مذعورين يرفعون أيديهم بطريقة يشمئز منها كل من لديه ذرة من إنسانية، بينما كان الجنود الأمريكان يمتعون نواظرهم بهذه المشاهد التي هزت مشاعر المسلمين.

وكيف لنا أن نصدق أكاذيب الأمريكان ونحن نرى المحتلين منهم يطلقون العنان للصوص ينهبون، ويخربون، ويحرقون بغداد بطريقة أساءت للعرب الذين جاءت أمريكا لحمايتهم وتحريرهم، بينما افتعلت أمريكا هذه الفوضى العارمة في العراق، وأشرفت على تنفبذها، أو على أقل تقدير غضت الطرف عنها، فهي الوحيدة القادرة على فرض النظام بعد أن استولت على السلطة في العراق، وهدفها من هذه الفوضى تمثل في النقاط التالية :

- إظهار الشعب العراقي بأنه شعب متخلف مخرب لا يستحق هذا التعاطف الجماهيري الذي أبدته شعوبنا العربية، والإسلامية، وكذلك شعوب العالم أجمع إبان الغزو الأمريكي للعراق.

- لفت أنظار العالم عن جرائم أمريكا التي ارتكبتها في العراق ولا زالت وهي تفجر كل يوم مخازن للأسلحة في أماكن آهلة في السكان فتقتل وتجرح وتروع أبناء العراق، وصرف الأنظار أيضا عما بدأت تعد له من عملية نهب لثروات العراق القومية من النفط، وما أعدت من خطوات لبسط الهيمنة الأمريكية على المنطقة بأسرها، لتمكين اليهود من تنفيذ مخططاتهم القذرة في تصفية القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني من خلال فرض المؤامرة الكبرى على الشعب الفلسطيني المسماة "خارطة الطريق"، ولتمكين اليهود من إقامة مملكتهم التي يحلمون بها من النيل إلى الفرات، وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى .

- محاولة إقناع العالم أن هذه الفوضى تؤكد صحة ما ذهبت إليه أمريكا من أهداف نبيلة في احتلالها للعراق، فتقوم بتصوير إحدى الدبابات الأمريكية مع عدد من الشباب العراقي لا يزيد عن الثلاثين وهم يسقطون تمثال صدام، وتصوير عدد قليل آخر وهم يضربون صورة صدام بالنعال، ومجموعة أخرى تحرق صورته، وأعدادا من اللصوص المحترفين وهم ينهبون كل شيء تقع عليه أعينهم.

- وتهدف أيضا دمغ الإنسان العربي بالهمجية والتخلف مما يترك انطباعا سيئا عن العرب في العقلية الغربية بهدف احتقار العرب، مع أن الذي فرض على الأمة العربية بعض مظاهر التخلف هم الأمريكان عندما فرضوا على الأمة قيادات تسبح بحمدهم، ملفوظة من الشعوب، شغلتها كروشها وعروشها عن حاجات شعوبها، وأمريكا تقوم بتوفير الحماية لتلك القيادات والتمكين لها.

ولكننا رغم ما تناقلته وسائل الإعلام من فوضى صورت على أنها عارمة، إلا أن وسائل الإعلام سجلت من حيث لا تدري أن الغالبية الساحقة من شعب العراق التزمت بيوتها، وأظن أن هذه الغالبية باتت تشعر بالمرارة لاحتلال أمريكا للعراق، وغدا همها الأول طرد الغزاة الأمريكان وتطهير العراق من رجسهم.

ونحن من جانبنا لا ننكر أن النظام العراقي كان نظاما قمعيا، ولكن ما هو حال باقي الأنظمة في عالمنا العربي والتي لا زالت تتمتع بالدعم والتأييد والمباركة لكل ما تقوم به من قهر وكبت لشعوبها، بل إن أمريكا هي التي دفعت السلطة الفلسطينية لارتكاب أبشع صور القمع والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني عام 1996، وتعذيبهم بشتى الوسائل التي لا يمكن لشعبنا أن ينساها أبد الدهر، ومن العجيب أن أمريكا لا زالت تحرض السلطة في الضفة والقطاع على فتح المعتقلات، وكبت الحريات، وتكميم الأفواه، والتعاون الأمني مع اليهود من أجل ممارسة القتل ضد الأحرار الذين يسعون إلى تحقيق الحرية للشعب الفلسطيني.

فهل يعقل أن تسعى أمريكا لتحرير شعب العراق وهي التي تحرم الشعب الفلسطيني من نيل حريته؟!!!، أم أنه الضحك على الذقون، والاستخفاف بالعقول، لتحقيق مصالح أمريكية خالصة على حساب أمن، وحرية، ودماء، وثروات المسلمين في العراق؟!!!

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 2 أسابيع...

أغلى ما نملك بعد العقيدة الوطنُ

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد كثر الحديث بعد الموافقة على تشكيل الوزارة الجديدة برئاسة "أبو مازن" عن مصير المقاومة والانتفاضة، وعن إمكانية الاقتتال الداخلي، وانفراط عقد الوحدة الوطنية، وكثير من المتسائلين تأتي تساؤلاتهم من باب الخوف على مستقبل الشعب الفلسطيني في ظل تشكيل هذه الحكومة الجديدة، والحرص على مواصلة المسيرة الجهادية التي أنهكت العدو الصهيوني واستنزفته على كافة الصعد.

والتخوف والقلق من وجهة نظر الكثير من المتابعين لما يجري في فلسطين من تطورات له ما يبرره، فالحكومة الجديدة جاءت بناء على ضغوط أمريكية صهيونية وهذا لم يعد سرا ولا خافيا خاصة بعد المعركة التي دارت في رام الله والتي مورست فيها كافة أشكال الضغوط على الرئيس عرفات حتى يعتمد التشكيلة الجديدة للحكومة المرتقبة، والجانب الأمريكي والجانب الصهيوني يعلنان بوضوح أن الهدف المطلوب تحقيقه على يد هذه الحكومة هو وقف الانتفاضة والمقاومة، فقد قال بوش في لقاء مع شبكة "إن بي سي" التلفزيونية الأمريكية (قال أبو مازن علنا أنه ضد الإرهاب وأنه سيستعمل كل السلطات الضرورية من أجل التصدي للنشاطات الإرهابية التي حالت فعلا دون تقدم السلام) كما أن رئيس الوزراء "أبو مازن" أعلن مرارا أنه ضد ما سماه عسكرة الانتفاضة، ولقد نقل عن "شارون" قوله (أن الحكومة برئاستي ستبذل الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى السلام، شريطة أن يقف في الطرف الآخر شخص يوقف الإرهاب)، وفي اتصال من وزير خارجية الكيان الصهيوني "سلفان شالوم" مع "كولن باول" قال "شالوم" (هذا ويفترض بالحكومة الفلسطينية الجديدة أن تقاتل الإرهاب)، ويعني بالإرهاب طبعا المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني.

ومما يثير الدهشة أن الصهاينة يعلنون أنهم لن يعطوا الشعب الفلسطيني شيئا من حقوقه إذا ما أوقف المقاومة، مع أننا نقاوم من أجل نيل كامل حقوقنا غير منقوصة، ولا جديد في الموقف الصهيوني فالتاريخ الحديث خير شاهد على شدة التعنت الصهيوني رغم التنازلات المفجعة التي قامت بها السلطة الفلسطينية والتي كان من ضمنها ضرب الحركة الإسلامية، وزج عناصرها في السجون، وارتكاب مذبحة مسجد فلسطين، وتصفية الانتفاضة، وإجهاض العمليات الجهادية ضد الاحتلال، إلا أن المفاوضات بعد هذا الدمار الهائل الذي أحدثته السلطة برهنت على أن العدو لا يوجد في جيبه مكافئات سياسية لمن يستجيب لإملاءاته، فقد قال أكثر من مسؤول في السلطة الفلسطينية ومن بينهم "أبو مازن" نفسه والدكتور "نبيل شعث" أن ما عرض على الفلسطينيين في "كامب ديفيد" لا يمكن أن يقبل به أحد، مع أن العروض كانت تأتي من حزب العمل وليس من حزب الليكود الذي يعتبر ما عرض في "كامب ديفيد" خيانة وفقا لما قاله الدكتور "نبيل شعت".

ويكفي أن ننظر في وعود "شارون" السخية إذا ما قامت السلطة بإعلان الحرب على الشعب الفلسطيني ومقاومته وانتفاضته وذلك في قوله (إذا بذل أبو مازن مائة بالمائة جهدا للامتناع عن العنف، فإن الفلسطينيين سيرون قدرا أقل من الحواجز على الطرق، وسيتلقون تصاريح عمل أكثر، وسيكون أسهل عليهم التحرك)، وعندما سئل ما هي مائة بالمائة جهد؟ أجاب (إذا ما اعتقلوا، وحققوا، وقدموا إلى المحاكمة وحاكموا القتلة، إذا ما حلوا منظمات الإرهاب، وجمعوا السلاح غير القانوني ونقلوه إلى الأمريكيين، وأوقفوا التحريض).

من الواضح أن المطلوب هو القضاء على الوجود الفلسطيني بل وإشعال حرب أهلية ومقابل ذلك يعد "شارون" بتخفيف عدد الحواجز، والسماح لبعض الفلسطينيين بالحصول على عمل، وأي عمل فهناك إجماع من العمال الفلسطينيين أنه لم يعد إلا دربا من دروب الإذلال للشعب الفلسطيني، ولن تكون هناك مفاجئة على الإطلاق إذا ما قامت الحكومة الجديدة بتحقيق كل ما يريده "شارون" ثم فوجئت بطلب المزيد بدلا من تخفيف الحواجز، واعتبار ما بذل لم يصل إلى مائة بالمائة، كما فعل ذلك "شارون" من قبل في أكثر من مناسبة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر عندما تم التصويت في 14 ديسمبر 1998 من قبل أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، في أول زيارة للرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" لمدينة غزة على إقرار إلغاء البنود الداعية للقضاء على ما يسمى "بإسرائيل" من الميثاق الوطني الفلسطيني، وذلك بهدف تحريك تنفيذ اتفاق واي ريفر الذي توقف بسبب تبادل الاتهامات بعدم تنفيذ بنود الاتفاق، وفي اليوم التالي 15 ديسمبر، بعد اجتماع زاد عن الساعة ونصف الساعة مع "نتنياهو" في حضور "شارون" أعلن الرئيس الأمريكي فشلة في إقناع نتنياهو في تنفيذ باقي بنود اتفاق واي ريفر المتعطل، وهكذا يغلق المسرح على ميثاق حكم عليه بالإعدام مقابل لا شيء، وبدا "بل كلينتون" كطفل صغير يثير الشفقة لأنه لم يستطع الإيفاء بوعوده التي قطعها على نفسه للسلطة الفلسطينية، بسبب التعنت الصهيوني أو ربما بسبب التوافق الصهيو أمريكي، الله وحده أعلم.

لقد مرت السلطة بتجربة مريرة أدت إلى عزلتها في ضمائر الأحرار من أبناء هذا الشعب المرابط، وآن لها أن تدرك أن أغلى ما نملك بعد العقيدة هو الوطن، ودون الوطن كل شيء يهون، فدماؤنا، وأموالنا، وراحتنا، واستقرارنا فداء الوطن، وهذا يعني أننا لن نفرط في الوطن ولا في شبر منه، ولن يحول بيننا وبين المحافظة على الوطن شيء مهما توهم البعض أنه شيء عظيم.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...