اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

إيقاف المشروعات الحيوية حرصاً علي السياحة.. خيانة وإفلاس


تيتو

Recommended Posts

إيقاف المشروعات الحيوية حرصاً علي السياحة.. خيانة وإفلاس

بقلم جمال البنا ٦/٦/٢٠٠٧

هذه الظاهرة الفاضحة (لأنها والله فضيحة.. وأي فضيحة) التي تتمثل في إيقاف المشروعات الحيوية، والجادة «عشان خاطر عيون السياحة»، لا يمكن أن تصدق، ولا يمكن أن نفهم كيف أن رجالاً علي أعلي المستويات ائتمنهم الشعب لتحقيق مصالحه، والنهضة بأوضاعه ومجابهة تحديات الواقع، فضلاً عن المستقبل القريب، يمارسون كأسلوب مقرر البيع، كأنما لا يعلمون من الاقتصاد إلا البيع، أما الزرع، أما البناء، أما المصانع، أما المستشفيات، أما المدارس، أما المعامل، فهذا شيء لا يهم!

المهم أن توضع في يد الحكومة المليارات: بنك الإسكندرية ١٦ ملياراً، شبكة الاتصالات الثالثة ١٦ ملياراً، أرض العلمين بالساحل الشمالي ١٦ ملياراً، أرض مدن القاهرة الجديدة ١٧ ملياراً، أين تذهب هذه المليارات؟

هل أنفقنا كل هذه المليارات لنجعل من شرم الشيخ جنة، ولنجعلها ملتقي كل ملوك وأمراء، وسماسرة وأفاقين، ورجال أعمال، هي -للنصب والاحتيال أقرب- إن الشيء الذي يقدم عذراً أو مبرراً هو تشجيع السياحة، وإقامة مدن من الأبراج كالتي في الإمارات أو غيرها، وجعل أراضي العلمين تنافس بيفرلي هيلز ولاس فيجاس.

سأضرب ثلاثة أمثلة ضحي فيها بمشروعات حيوية وجادة وتحقق أعلي درجة من المصالح العليا للبلاد، ومع هذا أهدرت، وأوقفت حرصاً علي «السياحة».

المثل الأول: إيقافنا مشروع «الضبعة» مع أنه أملنا في أن نجد بديلاً للطاقة عندما ينفد القليل الباقي من البترول، وقد أكد كل الخبراء والفنيين أن التضحية به هي -عملياً- تضحية بمستقبلنا في طاقة نووية، والسبب الحقيقي في استبعاد «الضبعة» هو مشروع سيدي عبدالرحمن والسياحة.

الثاني: إيقاف الجسر بين مصر والسعودية الذي يحقق تواصلاً بين أكبر بلدين، والذي يمكن أن يحل مشكلة الحجاج، والذي يكون مثل «قناة السويس»، ينقل إلي السعودية صادرات مصر وحجاجها.

وكيف يعقل أن توافق السعودية وترفض مصر وهي المستفيدة الكبري والأولي منه، ومصالحها أضعاف مصالح السعودية؟

لماذا تعطل هذا المشروع وتسبب في أزمة دبلوماسية بيننا وبين السعودية؟

جاء في جريدة «الدستور» يوم الجمعة ٢٥/٥ أن زهير جرانة وزير السياحة الدبلوماسي حاول تهدئة السعوديين بعد إلغاء مشروع الجسر وجاء في الخبر: سعي محمد زهير جرانة وزير السياحة إلي احتواء أزمة مكتومة في العلاقات المصرية السعودية عبر إطلاق تصريحات صحفية أكد خلالها أن حكومته لا ترفض بشكل قاطع ونهائي فكرة إقامة جسر عبر البحر الأحمر مع السعودية، معتبراً أن الرفض يقتصر علي إقامة الجسر في منطقة سياحية، خاصة شرم الشيخ التي يقضي فيها الرئيس حسني مبارك إجازاته.

كلام جرانة هو أول اعتراف رسمي بأن معارضة الرئيس لمشروع الجسر استندت إلي مبررات أمنية ومعلومات قال منسق عام المشروع لاحقاً إنها مضللة.

قبل أسبوع من كلام جرانة الذي تلا عودته من السعودية فاجأنا الرئيس بإعلانه القاطع رفض تمرير مشروع الجسر وقال «إن ما أثير مؤخراً عن قرب وضع حجر الأساس لمشروع الجسر مجرد شائعة، وإنه لن يسمح به لكونه يهدد أمن مصر، لأن من شأن الجسر الإضرار بالسياحة والهدوء والأمن في مدينة شرم الشيخ».

أريد أن أذكر المسؤولين أن في مصر شيئاً آخر غير شرم الشيخ أهم وأفضل ألف مرة من شرم الشيخ، هو «الصعيد الجواني» الذي بني أبناؤه في القديم الأهرام والكرنك، والذين بنوا في الحديث السد العالي وعمارات القاهرة، وهو يعاني اليوم من نقص المياه الصالحة، والصرف، والكهرباء، والمستشفيات، والمدارس...إلخ.

أفليست العناية بحياة الملايين من المصريين من أبناء الصعيد، وتحقيق قدر من الحياة الكريمة لهم أولي وأجدي من إنفاق المليارات علي شرم الشيخ حتي يتمتع أثرياء العالم ورجال الأعمال والسماسرة والسياح.

والمثل الثالث: بيع أكثر من ألف فدان من أراضي المدن الجديدة في صفقة تفخر بها الحكومة، وكان الأليق بها أن تخجل، وإن كان لابد أن يخجل كل واحد يبيع أرضه، ولغير المصريين أيضاً، لقد تحدثنا في عدد سابق، ثم كان أول ضحية لها هو الدكتور علي نجم المصرفي الوطني الكبير الذي ذهب إلي التليفزيون ليعلن رفضه القاطع لبيع تراب مصر، ولكن قلبه لم يتحمل الصدمة فوقف، وكانت الوفاة.

وتحت عنوان «سمسار أراض» كتب الأستاذ فاروق جويدة في عموده «هوامش حرة» في جريدة الأهرام ٢٥/٥ يقول: «ألم يفكر أحد في مخاطر بيع هذه المساحات الكبيرة من الأراضي لغير المصريين، وما هو السر في تدفق كل هذه البلايين لشراء الأراضي المصرية؟

إن أسرع المشروعات الصناعية بيعاً هي تلك التي تقع علي مساحات كبيرة من الأراضي، وقد اشتري رجال الأعمال المصانع وفككوها وطردوا عمالها وباعوها أرضاً خالية لمشروعات عقارية، كما حدث في شركة الزيوت وشركات أخري كثيرة دفعت في شراء المصانع مبالغ هزيلة وباعتها كأراض بأرقام خيالية، إن هناك قصصاً كثيرة عن أياد خفية وراء صفقات بيع الأراضي في الفترة الأخيرة».

أقول للمسؤولين الذين ارتهنوا حاضر مصر ومستقبلها، وأوقفوا المشاريع الجادة الحيوية حرصاً علي السياحة، إنكم لا تملكون من أمر السياحة شيئاً، إنها تتوقف علي إرادة أصحابها، وفي العالم مئات وألوف الأماكن والمدن والشواطئ التي تصلح للسياحة والتي تفضل مصر في المعاملة والأمن، والمنافسة شديدة، ولا تستطيع مصر لأسباب عديدة أن تنتصر فيها كما لا يمكن أن تنتصر في مونديال كروي،

إن كل مشروعات السياحة يمكن -بكلمة واحدة- أن تتوقف إذا ساءت علاقاتنا مع الدول التي يأتي منها السياح أو إذا زادت شدة وزارة الداخلية في سياستها المستفزة في الاعتقالات والتعذيب حتي يحدث انفجار ما، من أين تأمنون ألا يفجر أحد أبناء سيناء الذين فعلت بهم السلطة الأفاعيل وانتهكت كرامتهم وكرامة نسائهم وشيوخهم أنفسهم في وسط المدينة المدللة شرم الشيخ فيأتي عليها وعلي سائحيها أو أن يحدث حريق في فندق يودي بحياة المئات من السياح الأجانب؟

إن السياحة مثل «الائتمان» في البنوك -إذا حدثت أي شائعة- فإن هذا يعني إفلاس البنك، وما أكثر ما يمكن أن يخترع من شائعات للإساءة إلي السياحة من إسرائيل، أو من الدول السياحية الأخري.

إنكم تبنون علي «شرف جرف هاو»، وتوقفون المشروعات الجادة التي تبني الاقتصاد الوطني، ثم ما هي قيمة ما تدره السياحة من ملايين أو حتي مليارات؟ إن معظمها يذهب إلي أصحاب شركات الفنادق والسياحة، وكل كبار العاملين فيها أجانب، وما يوضع في أيديهم من أموال لا يستثمر في مصر وإنما يرسل إلي الخارج، أما مصر فلا ينالها إلا فتات.

وبالإضافة، فإنها تدخل حدودنا الألوف من الإسرائيليين والأجانب الذين يتعرفون علي الأوضاع، أو يدعون للعمالة لإسرائيل، أو يسعون في إشاعة التحلل.

في أعقاب الحرب العالمية الأولي أقامت إنجلترا وفرنسا سوراً صحياً وقائياً حول الاتحاد السوفيتي حتي يمنع تسرب الشيوعية منها وعزلها عن العالم في الوقت نفسه، وكان هذا السور نعمة علي الاتحاد السوفيتي لأنه حماها من تدخلات الآخرين وكلهم أعداء ومنع عنها الواردات الأجنبية، فأجبرها علي أن تعتمد علي نفسها، وأن تعكف علي وضع جذور الصناعة والزراعة وكل شيء دون أن يمدوا أيديهم للآخر، ويكون للآخر دخل أو قول.

قد يكون الانفتاح حسناً، ولكن عندما يتحول إلي انبطاح، فلا يعني إلا التبعية الذليلة.

ختام الكلام

للسيدة وزيرة القوي العاملة: هناك شيء اسمه كرامة.. أليس له قيمة عندك، إنك كسيدة كان يجب أن تحمي بنات جنسك من النخاسة والعار، وكوزيرة للقوي العاملة أن تبحثي عن حلول غير تقليدية يمكن بها للألوف المؤلفة من النساء المشاركة في الإنتاج، هذه الحلول توجد لو أعمل موظفو الوزارة عقولهم بدلاً من الجلوس علي مكاتبهم، واصرفي النظر عن صفقة العار والنخاسة.

659953360.jpg
رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...