اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

نفاقيات محمد حسنين هيكل


freefreer

Recommended Posts

في محاضرة بالجامعة الأميركية بالقاهرة وفيما يلي نص المحاضرة:

حضرات السيدات والسادة:

انني سعيد اذ اجد نفسي الليلة وسط هذه الصحبة الكريمة المهتمة بالشأن العام، والحريصة على متابعة الحوار فيه.

وسعيد أيضاً انني اتكلم في هذه القاعة التي سمعت على مدار تاريخها صوت الحوار مفتوحاً دون قيد.

وسعيد أخيراً ان ذلك يجري في رحاب هذه الجامعة التي قامت ومازالت تقوم بدور تعليمي وتنويري اضاف إلى العقل العربي ومازال يضيف.

وحديثي الليلة حول موضوع حسبته لازما ـ وغرضي منه القاء نظرة فاحصة ومتأملة على احوال مصر قبل نهاية هذه السنة بالذات ـ فتلك كما قيل وتكرر بالحاح طوال شهورها ـ ذكرى مرور نصف قرن على ثورة سنة 1952 ـ وقيمة أي مناسبة من هذا المستوى انها تذكير بما جرى بالأمس، وتفكير فيما يجرى اليوم، واستشراف لشكل غد مأمول ومرتجى.

وربما تفضل البعض ولاحظ انني على شدة ما اقتربت من ثورة يوليو ومن قائدها ـ تباعدت عامداً عن مناسبة الذكرى ولم اشارك بفعل او بقول في احتفالاتها ـ لسببين: اولهما ذاتي ـ والثاني موضوعي.

ـ السبب الذاتي ـ ان ذلك الاحتفال بالطريقة التي جرى بها كان هوائيا ـ صاخبا ـ ومسرحياً.

وفيما بدا لي فقد كان الاحتفال الذي امتد عاماً بأكمله «كما قيل» ـ مناسبات لا اظن ان ايا منها ترك علامة، او استنهض همة، او رسم خطا يوميء إلى افق او يدل على طريق.

ـ والسبب الموضوعي ـ ان الاحتفال جرى محاولة للتوفيق والتزويق، خلطت السياق وتعسفت مع المراحل، حتى بلغت حداً شديد الوطأة ـ ليس على التاريخ فحسب، وانما على العقل وعلى الوعي، وبالتالي على المستقبل، وعلى الضرورات التي تستدعي النظر إليه ودراسته والاستعداد لرحلته.

ولقد كان يمكن لمناسبة الذكرى ان تضع امام الشعب والأمة خريطة تكشف وترشد، لكنها لسوء الحظ وضعت امامه البوم صور لا منطق فيه ولا معنى.

كانت الصور لأربعة رجال رتُبت مواقعهم متصلة ببعضها، متتالية واحدة بعد الاخرى. وفي وضع الصور ايحاء بأن الجميع عائلة متماسكة، وعصر ممتد، وسياق متسق، وبالتالي فهم في الهوية رؤية واحدة، وفي المرجعية سند واحد، ثم انهم في النتيجة شرعية متصلة، وظني ان ذلك غير صحيح.

ولست هنا في مجال اصدار حكم اختار به او انحاز ـ مع ان ذلك انساني! ـ وانما مطلبي الآن مجرد الملاحظة، والتحديد، والتمييز، لأنه في القواعد الاساسية للحساب لا يجمع غير المتشابه!

وحقيقة الأمر ـ بدون مقارنة او مفاضلة او تقييم، اننا امام أربع صور حول كل واحدة منها اطار يحدد ويفصل، والألبوم من أوله لآخره ناطق بأن تلك الخمسين سنة لم تكن عمراً تدفق طبيعياً مرحلة بعد مرحلة، وانما هي بكل الشواهد ـ عصور متعددة ـ اختلفت ـ وتناقضت ـ وفي بعض الاحيان تصادمت.

وترتبت على هذه الاحوال نتائج: أبرزها، تباين رؤى للهوية وتباين نظر إلى المرجعية، وبالتالي تباين أسس في الشرعية. وقد تكون تلك طبيعة ظروف تبدلت ـ او طبيعة نفوس تغيرت في وطن خرج طبق مقولة عالم الاجتماع الاشهر «ماكس فيبر» من مرحلة الاطار الأبوي التقليدي للشرعية ـ الى شرعية مرحلة الانتقال وفيها دور الرجل الواحد سواء كان ذلك الرجل زعيما شعبيا، او خلفاً له من اقرانه، او من جهاز الدولة المسئول عن تسيير الأمور ـ «وذلك تقدير «فرانسيس فوكوياما» وهو عالم اجتماع آخر معاصر»، مع العلم «وتلك مرة أخرى عودة إلى «ماكس فيبر» ـ ان كلا من المرحلتين التقليدية الأبوية، ومرحلة الرجل الواحد وما بعدها تمهد للنموذج الأرقى من الشرعية وهو الشرعية الدستورية القانونية.

وقد كان ذلك هو الهدف الذي كافح الشعب المصري ـ وغيره من شعوب الأمة العربية لبلوغه ومازالوا ـ مؤمنين انه حق الوطن وكرامته ودرس التاريخ وعبرته، وكان هناك شكل لهذا النموذج من الشرعية قبل الثورة ـ لكن نتائج التجربة تكشف انه ظل استعارة للمظهر دون الجوهر لأن الشرعية الدستورية والقانونية تتأتى وتترسخ نتيجة تطور اقتصادي وسياسي وثقافي يتجلى معه نوع من النمو المجتمعي يعطي للشعوب والأمم فرصة للحوار تتكافأ فيه المواقع، ومن ثم تتوازن المصالح وتتوافق الأهداف، وللانصاف فإنه في بلدان مستعمرة او محتلة، وهو ما كان عليه الحال في كل البلدان العربية إلى بداية الخمسينيات من القرن العشرين، فإن الكلام عن الشرعية الدستورية القانونية يجيء حلماً متخطياً للواقع، لأن الاستعمار والاحتلال الأجنبي كلاهما مانع من الشرعية، والممكن الوحيد في مثل تلك الظروف هو ملء الفراغ بنوع من نصوص القانون تفرضه القوة الغالبة. وحكم الحياة في مواجهته ظهور نوع من مشروعية المقاومة يعبر عن اصرار يتحدى الواقع المفروض ويجاهد للانتصار عليه.

ومن قبل الثورة ـ وبعدها ـ وحتى الآن، فليس من باب التجاوز ان يُقال ان ما عاشه العالم العربي ظل محصوراً في نوعين ـ او اطارين من الشرعية ينتظران ثالثهما طبق مقولة «ماكس فيبر»!

ـ عرف العالم العربي تجربة الشرعية الأبوية التقليدية ـ قبلية أو عائلية ـ وهي مازالت حاكمة حتى الآن في بعض اوطان الأمة، تسمى نفسها ملكيات أو سلطنات أو مشيخات أو أوصافاً من هذا القبيل.

ـ وعرف العالم العربي تجربة شرعية الانتقال يبرز فيها دور الرجل الواحد زعيماً شعبياً، او خلفاً له نادته الظروف من اقرانه أو من غيرهم.

ـ وفي التجربة المصرية ـ وربما في غيرها ـ فإن تكرار دور الرجل الواحد أربع مرات لا يعني وجود وحدة في النسب ـ او اتصال للسياق ـ او مصدر مستمر لذات الشرعية!

ـ 1 ـ

كان اللواء «محمد نجيب» أول هؤلاء الرجال الأربعة ـ في التجربة المصرية ـ وكان يمثل شرعية التغيير من الملكية الى الجمهورية، ومواصفاته انه الرجل الذي لقي اجماع ضباط الجيش في انتخابات ناديهم «آخر ديسمبر 1951»، وكانت تمهد له طلعة تقابل الناس بقسمات رجل ناضج، متهلل بابتسامة تحمل رسالة طمأنينة تبشر بأن التغيير الذي هبت رياحه فجر 23 يوليو 1952 ـ آمن ومعقول.

وفي ظروف ذلك التغيير فإن الرجل قام بدوره كاملا ـ على ان المشكلة التي واجهته في النهاية ان اعتبارات التغيير وملابساته ـ كانت مختلفة عن دواعي التغيير واحكامه. وفيما بين هذا الاختلاف ـ بين قدوم التغيير، وبين ضغط مطالبه ـ وقع مأزق الصورة الأولى، وكذلك رُفعت من مكانها دون فرصة لها تحدد هوية ـ او تؤكد مرجعية ـ أو تؤسس شرعية.

ـ 2 ـ

وكان «جمال عبدالناصر» هو الرجل الذي يمثل دواعي التغيير ومطالبه، ومعه يصح القول بأن الشرعية الثورية ليوليو بدأت.

وأرجح التقدير ان الشرعية الثورية ليوليو لم تكن نظرية معروفة أو خطة متكاملة ولعلها كانت اقرب إلى تغيير متجدد عن المشروع الوطني القومي الذي ينادي مصر في عصور نهضتها ـ وقد ناداها اكثر من مرة عبر القرون وحتى قبل ان تتحدد بوضوح تلك المعالم السياسية المتفق عليها لكيان وطني او رابطة قومية ـ او شريعة حقوق أساسية يحكمها دستور وقانون وغير ذلك من القيم التي طرحتها وعمقتها الثورات الكبرى في التاريخ الانساني.

وفي تعبيرها المتجدد ـ وفي زمانها ـ فإن الشرعية الثورية ليوليو حاولت التوصيف والتحديد، وهنا فإنها امام قضية الهوية عرضت نفسها ـ كما هي طبيعة أي حياة إنسانية ـ في عدد من الملامح متعددة ومنسجمة في نفس الوقت: ـ ملمح هوية مصري ـ يتصور وطناً يحقق استقلاله، ويخطط لتنمية شاملة توفر أرضية لتقدم يواكب العصر، ولعدل اجتماعي تتكافأ فيه الفرص بقدر ما يتسع نطاق العمل الوطني.

ـ وملمح هوية قومي ـ يتصور انتماءه إلى أمة تفاعلت في محيطها عوامل الجغرافيا المتصلة، والتاريخ المتواصل، ومعهما عوامل الثقافة المستندة إلى لغة واحدة ـ إلى جانب تأثير التشريع المعتمد لأكثر من اربعة عشر قرناً على مصدر رئيسي تمثله سلطة خلافة متماسكة ـ او مبعثرة ـ في شظايا تسمى نفسها دولاً أو امارات أو حتى خديويات!

ـ وملمح هوية انساني مستقل مفتوح لتعاون حر تتسع دوائره عربية ـ إسلامية ـ آسيوية ـ وأفريقية. وهذا التعاون حريص في كافة الأحوال ان يكون استقلاله موصولاً بميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.

وهنا كانت مرجعية يوليو استطراداً منطقياً لهذه الملامح المتعددة والمنسجمة لهويتها:

ـ فهذه المرجعية على التراب الوطني كفاح لبلوغ الاستقلال ينهي بقايا الاحتلال العسكري والسيطرة الامبراطورية ويصفي مواقع الاستغلال الاجنبي اقتصادية ومالية.

ـ وهذه المرجعية في العمل الداخلي خطط للتنمية «أساسها التصنيع والتعليم» ـ وجهدا في تحقيق العدل الاجتماعي «يقوم في الزراعة على إعادة توزيع الأرض وتدعيم الملكية بالتعاون، وفي الصناعة على الملكية العامة كما كان الحال في معظم بلدان العالم المتقدم، بالذات في أوروبا ـ بعد الحرب العالمية الثانية» ـ ويتزامل مع التنمية الشاملة طموح إلى المشاركة السياسية يبحث عن وسائل تمكن منها.

ـ وهذه المرجعية في المجال القومي دعوة إلى وحدة الهدف ووحدة العمل ووحدة الأمن، باعتقاد ان حق الأمة أكبر من سلطة أي نظام يحكم في وطن من اوطانها.

ـ وهذه المرجعية في المجال الخارجي يد ممدودة إلى العالم القريب والبعيد «من تأسيس حركة التحرر الآسيوي الافريقي في باندونج والقاهرة، إلى تأسيس تجمع الدول غير المنحازة في بلجراد ودلهي والقاهرة، إلى تأسيس منظمة الوحدة الافريقية من الدار البيضاء وأديس أبابا إلى القاهرة»، وذلك طريق طويل ومضن في طلب السلام مع العدل، يصاحبه استعداد في أي وقت لحمل السلاح ورد للعدوان.

ومن هذه الملامح ـ تشكلت هوية يوليو ـ وتحددت مرجعيتها ـ وتأسست شرعيتها.

لكن شرعية يوليو واجهت مأزقها الأكبر سنة 1967 ـ لأن ما وقع في يونيو من تلك السنة ـ ومع الاعتراف بضلوع قوى خارجية كبرى في تدبيره وتنفيذه ـ أدى إلى شرخ خطير، بحكم ان اي نظام لا يستطيع حماية ترابه الوطني، مُهدد في مبرر وجوده، وانكشاف شرعيته.

وكان يمكن لشرخ سنة 1967 ان يتحول إلى كسر، لولا ان جماهير الشعب المصري وجماهير الأمة العربية خرجت يومي 9 و10 يونيو تفرض إرادة المقاومة فرضاً، وتصر على مواصلة القتال، على ان ذلك الخروج لم يكن شفاء، وانما كان معالجة موقوتة ـ تمنح لحساب مهمة محددة، هي مهمة إزالة آثار العدوان، وبعدها يكون لكل حادث حديث ـ كما يقال!

وكانت الأمة فيما تصرفت به اصيلة وحكيمة.

وعلى نحو صادق مع النفس فإنه لا يصح لأحد نسيان ان شرعية يوليو اصبحت يوم 5 يونيو 1967 ـ ثم ان هذه الشرعية جرى تجبير شرخها للتمكين من مهمة مؤقتة، ولمدة محددة.

وكان «جمال عبدالناصر» نفسه أول من فهم الحقيقة واستوعب معناها وتصرف وفق املائها ـ سواء حين أعلن قراره بالتنحي مساء 9 يونيو، أو حين عاد عنه ظهر 10 يونيو تحت ضغوط شعبية مصرية وعربية وعالمية. واظن انني الطرف الذي يستطيع ان يؤدي القسم ويتكلم بيقين، فقد كنت شاهداً وحيداً حاضراً عاش مع «جمال عبدالناصر» داخل غرفة مكتبه طول نهار 9 ينويو، وكل صباح 10 يونيو، ورأى بنفسه وتابع ـ واكثر من ذلك ـ كانت لديه فرصة ـ وشرف ـ ان يساعد في صياغة ثلاث وثائق رئيسية عبرت عن الحقيقة ودرسها ـ وهذه الوثائق الثلاثة هي: خطاب التنحي مساء 9 يونيو ـ والرسالة إلى مجلس الأمة بالعودة عنه ظهر 10 يونيو 1967 ـ وفيما بعد تعزيزاً وتوثيقاً للحقيقة ودرسها: بيان 30 مارس 1968، وفي هذه الوثائق الثلاث ونصوصها مشهورة، تحدث «جمال عبدالناصر» عما جرى بأمانة وتحمل مسئوليته بشرف ـ وقبل مقتضياتها مقتنعاً.

وفي خطابه إلى مجلس الأمة ظهر 10 يونيو 1967، فإن «جمال عبدالناصر» قال بالحرف: «انني مقتنع بالأسباب التي بنيت عليها قرارى «بالتنحي عن السلطة، وفي نفس الوقت فإن صوت الجماهير بالنسبة لي امر لا يُرد، ولذلك فقد استقر رأيي على ان اظل في موقعي حتى تنتهي الفترة التي نتمكن فيها جميعاً من إزالة آثار العدوان، على ان يعود الأمر بعد هذه الفترة إلى الشعب».

كان ذلك ما قاله، واعرف بيقين انه كان صادقاً فيه، بل أزعم انني اعرف كيف كان ترتيبه لما بعد إزالة آثار العدوان، وباختصار ـ على الأقل في هذه المناسبة ـ فقد كان مصمماً على أنه ـ بعد تحقيق هذا الهدف «ومعه استكمال بناء السد العالي رغم ضغوط حرب الاستنزاف» لابد ان تقوم في مصر شرعية من نوع مختلف، وكان حسابه ان الشعب بموقفه في تحمل المسئولية والقبول بتبعات استمرار المقاومة، اثبت ان طاقته تجاوزت شرعية الثورة، وشرعية قيادتها معا. ومع انه اعتبر ذلك في جزء منه نجاحاً يحسب لها ـ فإنه في نفس اللحظة ادرك ان دوره قارب نهايته، وان عليه بعد إزالة آثار العدوان ان ينسحب من الصورة، تاركاً الأمة والتاريخ معاً لحركة التقدم الطبيعي ـ وتاركاً سجله الكامل لأجيال قادمة تحقق فيه وتدقق وتوازن وتحكم على تجربته في مجملها ـ مبدا وتنفيذاً، فكراً وفعلاً، آفاقاً وعصراً.

ـ 3 ـ

وعندما جاء «أنور السادات» على طريق «عبدالناصر» «كما قال بنفسه» ـ فإنه ظل يواصل العمل داخل تلك الشرعية المؤقتة المرهونة بمهمة محددة هي إزالة آثار العدوان، وقد تحمل «انور السادات» مسئوليته في ظروف بالغة الصعوبة والحرج.

وكانت شرعية يوليو ـ ما بقى من اصلها او ما اضيف اليها مؤقتا ـ قاعدته ظهر يوم 6 أكتوبر 1973 حين اصدر قرار الحرب، وعندما تحقق ذلك العبور للجسور، وتمكنت الجيوش العربية لمصر وسوريا ـ يدعمها تحالف عربي ودولي واسع ـ من احراز ذلك النجاح المشهود بعد ظهر يوم 6 اكتوبر، فإن شرعية يوليو ـ ما بقى من الاصل وما اضيف إليه ـ ادت مهمتها، بشهادة ما رآه وزير خارجية الولايات المتحدة «هنري كيسنجر» وقدره وسجلته على لسانه محاضر محادثاته السرية مع قادة إسرائيل «وهذه المحاضر منشورة بنصوصها ضمن وثائق زمنها» ـ وفيها قوله لقادة إسرائيل وبينهم «جولدا مائير» و«موشى ديان» و«ييجال آللون» «ان العرب احرزوا نصراً استراتيجياً يعطيهم حقا ان يطلبوا وان يحصلوا على انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من كل الأرض العربية المحتلة بعد 4 يونيو سنة 1967، كما انه ليس امام إسرائيل غير ترتيب نفسها على هذه الحقيقة والانصياع لحكمها».

والشاهد انه من طبيعة الاشياء والبشر ان كل رجل لا يكفيه ان يكون تكملة لصفحة، وانما طموحه الإنساني ان يبدأ من رأس صفحة، فاذا كان معه انجاز على مستوى اكتوبر 1973، اذن فإن الرئيس السادات كانت لديه بالفعل امكانية ـ واهلية ـ فتح صفحة من اولها ـ على شرعية جديدة.

وقد مضى الرئيس السادات يؤسس لهذه الشرعية الجديدة، برؤية مختلفة للهوية، ومصدر مغاير للمرجعية.

ـ كانت الهوية في رؤيته مصرية.

ـ وكانت المرجعية في تقديره توجها إلى نوع من الرأسمالية عرف باسم الانفتاح.

ـ وجاءت بعد ذلك ـ وهو منطق الاشياء ـ نقلة في الساحة السياسية الداخلية من تنظيم واحد لما سمى تحالف قوى الشعب العامل ـ إلى انشاء ثلاثة منابر مختلفة سميت يميناً ويساراً ووسطاً.

ـ وفي نفس الوقت كانت مرجعية السياسة الخارجية للشرعية الجديدة ـ ما رآه الرئيس «السادات» صحبة مع المتقدمين عن طريق علاقة خاصة بالولايات المتحدة الأميركية ـ تتبعها امكانية صلح مع إسرائيل، يبدأ منفرداً اذا اقتضى الأمر، ويلحق به الآخرون حين يريدون ـ أو حين يقدرون!

وهنا كان مأزق شرعية أكتوبر، لأن ما وصلت اليه في رؤية الهوية وفي سند المرجعية لم يكن متسقاً مع الواقع في «شرعية أكتوبر» ـ وأوله ان الرئيس السادات توصل إلى قرار الحرب بعد أكثر من ثلاث سنوات في رئاسته ـ وعندما يئس من اقناع الولايات المتحدة الأميركية بالمساعدة على بلوغ حل عادل لأزمة الشرق الأوسط ـ ولم يحقق مطلبه رغم كل ما حاول بسبب الانحياز الأميركي لإسرائيل ـ وحين وصل الرجل الى لحظة الحسم فإنه تحمل مسئولية الحرب، وكذلك جاء قراره الشجاع بقبول المخاطرة.

ثم حدث ان الرئيس السادات، وعند توقف اطلاق النار، اعتبر ان 99% من أوراق حل أزمة الشرق الأوسط في يد الولايات المتحدة الأميركية، وبدا ذلك للوهلة الأولى مفاجئاً، فإذا أضيف اليه ان حرب اكتوبر كانت عملاً مشتركاً مع سوريا، وتحالفاً عربياً أوسع، ثم انها كانت بالكامل سلاحاً سوفييتياً، فقد وقع تناقض بين النتائج والمقدمات!

وزاد على ذلك في شأن المرجعية تناقض آخر، مؤداه ان القطاع العام المصري (وهو قاعدة التنمية التي قام بها الشعب المصري في ذلك الوقت)، كان الركيزة الاقتصادية التي تحملت تكاليف وأعباء انجاز اكتوبر، لكنه عندما جاءت شرعية اكتوبر تعيد حساب مرجعيتها، فإن الذين مشوا بشجاعة على جسور العبور في اكتوبر لم يكونوا هم الذين نالوا جوائز النصر.

ثم كان ان شرعية اكتوبر أصابها، بدورها، شرخ خطير يومي 18 و19 يناير 1977، فيما عُرف ب«مظاهرات الطعام»، ذلك انه حين يعجز أي نظام عن اقناع شعبه بوسائل السياسة، وهو صاحب المبادرة فيها، وبوسائل الاعلام، وهي رهن اشارته، وبوسائل البوليس، وهي تصدع بأمره، ثم يضطر لاستدعاء القوات المسلحة في مواجهة جماهير تطالب بحقها في الخبز بعد تضحياتها بالدم، فإن شرعية هذا النظام تصاب بضربة شديدة، والراجح ان الرئيس السادات، رغم انه أطلق على المظاهرات وصف «انتفاضة حرامية»، كان يملك من الذكاء ما جعله يستشعر الحقيقة في ضميره وان أنكرها على لسانه، وقد فكر بكل جهده في ترميم شرعية عهده، وتوصل الى انه يستطيع بوعد السلام أن يستعيد حلم الرخاء، وكان ذلك في الغالب دافعه الى مبادرته الشهيرة بزيارة القدس بعد ثمانية أشهر من السنة نفسها 1977، وأمله ان هذا الاختراق الصاروخي كفيل بأن يكسر آخر حاجز بينه وبين أميركا المتقدمة، بما يضعه في حساباتها وسياساتها على قدم المساواة مع اسرائيل.

ومن سوء الحظ ان الذين لم يتركوا للرئيس السادات غير خيار الحرب، تركوه وحيداً، في خيار السلام، وكذلك استحكم المأزق.

ومن المفارقات المحزنة ان ذكرى تأسيس شرعية اكتوبر، أصبحت سنة 1981، يومها الأخير.

ومع ذلك فإن أحداث ذلك الخريف الغاضب من زمن أنور السادات بما فيها تلك النهاية الحزينة لحياته ولشرعية اكتوبر، لا يصح أن تكون وحدها حساب تاريخه، فقصة كل رجل كتاب كامل وليست فصلاً واحداً من كتاب، حتى وان كان ذلك الفصل ذروة المأساة.

الصورة الرابعة

كانت الصورة الرابعة لرجل آخر شاء تقديم نفسه بطريقة لا تلحقه بما قبله، وعندما سئل كان حرصه على التذكير باسمه، كاملاً، ثلاثياً (محمد حسني مبارك)، لكي ينبه مبكراً إلى انه ليس خلفاً لسلف من يوليو أو من أكتوبر. وكان ذلك الحرص من جانبه، تأكيداً مضافاً لمنطق ان مرحلة الانتقال تنسب شرعية الرجل الواحد الى قيمة منجزاته. والحاصل ان تلك الصورة الرابعة في مرحلة الرجل الواحد بدأت واستمرت وعدا وعهداً بالتقدم نحو الشرعية الدستورية والقانونية.

وربما ان التطورات والمتغيرات في الوطن وفي العالم وفي الاقليم عوقت وعطلت، وتسببت في تأخير يمكن فهم بعض دواعيه.

ـ بين الدواعي ان الصورة الرابعة انتقلت الى موقع الصدارة من خلال عاصفة نار ودم تسبب فيها صدام بين النظام وبين عناصر تعصب ديني مقاتل يتصور على أحسن الفروض ان من حقه أن يسوق الناس الى الفردوس بتصويب السلاح الى صدورهم أو ظهورهم!

ـ بين الدواعي ان ذلك الانتقال جرى في أجواء دولية ملبدة بضباب آخر معارك الحرب الباردة، وهي المعركة التي وصفها رونالد ريغان الرئيس الأميركي بالمعركة ضد امبراطورية الشر، (كان الشر أيامها سوفييتياً والآن أصبح الشر عربياً أو اسلامياً!).

ـ بين الدواعي أيضاً ان الاقليم راح يشهد أحوال وأهوال حروب أهلية في لبنان، والسودان، واليمن، والجزائر، إلى جانب حربين شاملتين في منطقة الخليج العربي بدأتا باقتتال داخلي بين الأطراف المباشرين ثم حلت النهاية طوق حصار على الجميع فرضته قوى كبرى.

وهكذا فإن كثيرين من ذوي الرشد ساورهم ظن ان الصورة الرابعة تلزمها فسحة وقت: ـ من ناحية لأنه في أوقات الاضطراب يكون البطء أسلم من الاندفاع، ويكون احتمال ضياع فرصة ـ أكثر أماناً من تحمل مخاطرة.

ـ ومن ناحية ثانية لأنه تبدى لكثيرين ان الصورة الرابعة في حاجة الى وقت تظهر فيه توجهاتها، لأن خلفية تلك الصورة كانت من الأصل بعيدة عن ألوان السياسة ـ وتلك في ظروفها حكم قانون.

وهكذا بدا «الانتظار» أدعى للسلامة، لكن ما حدث بعد ذلك هو ان «الانتظار» تحول من سد فجوة الى طبيعة سياسية، كل شيء فيها مؤجل وأي تغيير عليها لا داعي له، فإذا اشتدت المطالبات وزادت الضغوط فإن المسموح به يجيء حلاً وسطاً يكرس الانتظار أكثر مما يسمح بالانطلاق.

ومثل ذلك وقع حتى في القضايا الكبرى.

ـ بمعنى ان الهوية بدت في عديد من الأحيان ملتبسة، فلا هي وطنية تلزم حدودها، ولا هي قومية تحمل مسئوليتها.

ـ ثم ان المرجعية ترددت في خياراتها الاجتماعية، فلا هي مرجعية التنمية الشاملة ولا هي مرجعية المبادرة الفردية، (وللانصاف فقد كانت هناك محاولة للخروج من هذه الحيرة بجهد واضح في مشروعات البنية الأساسية على انتظار أن يجيء فصل الخطاب، وأخيراً جاء الترياق بالوصفة الجاهزة لصندوق النقد الدولي».

ـ والشيء نفسه تكرر حيال مرجعية السياسة الخارجية، بمعنى ان 99% من أوراق الحل في أزمة الشرق الأوسط ومستقبله بقيت في يد الولايات المتحدة، لكن ذلك صاحبه شعور بالحرج من واقع تزايد انحياز الولايات المتحدة لاسرائيل.

وفي موقف الانتظار الذي طال، تداخلت الثوابت والمتغيرات. ونسي البعض ان الثوابت هي التي ترسي قواعد الاستراتيجية العليا للدولة، وان المتغيرات ترسم السياسات الآتية لها، وإذا أصبحت الثوابت متغيرات وأصبحت المتغيرات ثوابت، فقد غامت الرؤى وغابت المصالح الحيوية للأمة. ومع مثل هذا الخلط في المعايير يصبح السلام، وليس الزمن، مطلباً استراتيجياً، وتصبح مائدة المفاوضات، وليس نتائجها، غاية في حد ذاتها!

على ان هذا التداخل والخلط زاد مقداره بسبب طواريء تزاحمت وأحاطت بالشأن المصري.

ـ الطاريء الأول: انه نتيجة اعتبارات مختلفة، ان ادارة الموارد الاستراتيجية المصرية في المنطقة تناقص تأثيرها على نحو يستدعي القلق، فمصر تبدو طالبة أكثر منها مطلوبة، قاصدة أكثر منها مقصودة، وذلك لا يريح، وهنا فإن تغطية نقص الفعل بزيادة الكلام لا يحل مشكلة، لأن الأدوار لا تقاس بما يدعيه طرف عن نفسه وانما تقاس بما يعترف به الآخرون!

ـ والطاريء الثاني: ان هناك قضية قديمة جديدة، ممزوجة بمياه النيل، عادت تفرض نفسها بالحاح متجدد يضاف الى قيمتها الأصلية، وتلك هي علاقة مصر بالسودان، وهذه قضية تعرضت لأساليب متعددة في التعامل معها، وبصرف النظر عن التفاصيل، فإن التطورات في السودان تستدعي نظراً أكثر تركيزاً وأوسع فهماً.

ـ والطاريء الثالث: ان هناك صمتاً يبدو ثقيلاً، إزاء خطر زادت وطأته ملاصقاً للحدود الوطنية، ينادي بأنه ليس في مقدور مصر، بالتزامها القومي أو بدونه، أن تقبل على جوارها تفوقاً في المجالات: العسكرية والعلمية والتكنولوجية، تختل به موازين القوة على هذا النحو، فذلك وضع لم تعرفه مصر من قبل على طول تاريخها، وإذا كانت تحتاج الى درس فيه (رغم ان جوارها اسرائيل حادث مستجد) فعليها مراجعة تجارب التاريخ مما كان في أوروبا (بين فرنسا وألمانيا)، وفي آسيا (بين الصين واليابان)، وقريباً منها في البحر الأبيض (بين تركيا واليونان)، ثم تقرر، دون عصبية لا تقفز فوق الواقع ولا تخضع له، ان فجوة القوة على حدودها يستحيل قبولها أمراً مسلماً به، وان تلك الاستحالة، وليس غيرها، هي تحدي القرن الجديد.

ـ والطاريء الرابع: ان اسرائيل بما تقوم به في المنطقة وعلى نطاقها المباشر أو الأوسع، لم تعد بعيدة عن ذلك الحلم الذي تصوره مؤسس دولتها دافيد بن جوريون، وهو حلم يسعى الى حصر مصر وراء حدودها، مع اطلاق يد اسرائيل في مشرق العالم العربي، ومن سوء الحظ ان مشاهد هذا الحلم المجنون تتوالى على خط الحدود المصرية ذاته، واصلة الى قطاع غزة، نافذة الى قرية رفح المقسومة الى نصفين بين مصر وفلسطين، ثم لا يستدعي ذلك وقفة لازمة، بالضمير على الأقل.

ـ والطاريء الخامس: انه جرى عدوان متوحش على حُرمة المال العام، وفاحش على أمانة النظام المصرفي، وهذا العدوان المزدوج أهدر الحقوق واستباح القيم، وألحق أشد الضرر بالاقتصاد الوطني، فضلاً عن تأثيره على الضامن الأخلاقي والقانوني لهذا الاقتصاد الوطني ولغيره من شئون المجتمع.

ـ والطاريء السادس: ان هناك بينات تشير الى ان الدور الثقافي المصري يتراجع، وذلك مثير للشجن، فقد كان لمصر دائماً، حتى بغير العنصر السياسي وأدائه، اسهام ثقافي خلاق وملهم لم تشحب أنواره، ومن الحق أن أضيف ان مكتبة الاسكندرية الجديدة تستطيع أن تكون شعاعاً في سماء رمادية عندما تقدر طاقة الفنار على اختراق كتلة المعمار.

ـ والطاريء السابع: ان ذلك تزامن في التوقيت مع قضية خلافة تنتظر الحسم، لأن رئاسة الجمهورية الحالية قاربت مدتها الدستورية بعد أربع فترات تناسخت، بدأت في 14 اكتوبر 1981 وتتصل بإذن الله الى 14 اكتوبر 2005، ولم يعد ممكناً لهذه الفترات بحكم الطبيعة أن تزيد، ومعنى ذلك ان الغد أحد احتمالين: إما صورة خامسة تتكرر بها الصور على نحو ما، أو انه، إذا صدق الوعد والعهد، باب مفتوح لتطور صحي تستقيم به الأمور وتستقر الحقوق.

وكل تلك طواريء جادة لا تعالج بلصق الصور، ولا بصخب الاحتفالات.

وفي محصلة ذلك ومغزاه ان مصر الآن ـ وليس غداً، في حاجة الى رؤية للهوية أمينة، والى سند في المرجعية أصيل، والى شرعية تؤسس لزمن، يستحيل قبوله امتداداً متكرراً لشرعية الرجل الواحد، أو لدعاوى حزب يعتبر نفسه ديمقراطياً بدليل تزاحم الأجنحة داخله، ويشاهد تجمعات تظهر على هامشه، تحاول اثبات وجودها، دون وسيلة لإبراز ذلك إلا نشر صحف يومية أو اسبوعية!

ومن المحقق ان الوقت حان، وزيادة، للانتقال الى الدرجة الأعلى في مراحل الشرعية، أي الشرعية الدستورية والقانونية. لأن مصر بكل ما حققت، تجاوزت، وينبغي لها أن تتجاوز، مرحلة الشرعية الأبوية التقليدية (وفق مقولة فيبر)، ثم انها اجتازت كذلك شرعية مرحلة الانتقال وفيها دور الرجل الواحد، وقد جمعت في تلك المرحلة ألبوم صور يكفيه ما فيه، ولا يحتاج يقيناً إلى خامسة، خصوصاً إذا لم يكن لهذه الخامسة ما يستدعيها من مطالب ثورة، أو حتمية حرب، أو مفاجأة اغتيال.

وفي تلخيص مختصر فإن ما جئت لأقول اليوم، ينحصر في نقطتين:

ـ نقطة تتعلق بما كان، مؤداها ان تلك الخمسين سنة لم تكن هوية واحدة أو مرجعية واحدة، أو شرعية واحدة، وانما كانت عدداً من التجارب أعطت كلاً منها ما عندها بقدر ما استطاعت في حدود تفسيرها للتاريخ وللعصر، وقد يمكن القول بأن تلك التجارب عملت وأضافت، وتلك قيمة التجربة.

ـ ونقطة ثانية تتعلق بما هو كائن، ملخصها ان الغد لا يقدر، ولا يملك ان ينتظر صورة خامسة تزيد على ألبوم الصور السابقة، لأن تحديات زمان جديد لا تحتمل استراتيجية الانتظار وسياسة التأجيل.

والآن فإن المشاركة في حوار، والتوصل جماعة الى قرار، هو القضية الأعظم التي تستحق أن نقصد إليها ونلتقي حولها في السنوات الثلاث من فترة الرئاسة الحالية، مسلمين انها قضية لا يحق لأحد، حكماً أو حزباً، أن يدعي فيها بوصاية أو باحتكار!

وربما ان الوقت قد حان للاتفاق على عدد من الشواهد لم يعد ممكنا ولا جائزاً انكارها:

أولها: ان مجرد التواجد في الحكم ليس كافياً في حد ذاته لاضفاء الشرعية على أي تنظيم أو نظام.

ثانياً: ان القعود الحذر طوال الوقت يتحول الى حالة من الجمود، تهدد مطلب التجدد سواء في الأفكار أو في السياسات أو في حركة تتابع الأجيال، دون اقرار بأن الاستقرار يتحقق بالتواصل مع الزمن وليس بتجبيس كل شيء على حاله وكل رجل في وظيفته! ثالثاً: ان مرجعيات مصر في الداخل والخارج غير واضحة، وعلى الأقل فإنها ليست مسنودة بقواعد مرئية يمكن قياسها وحسابها، ومن ثم التعامل معها بأمان.

رابعاً: ان هناك تناقضاً في الأداء الرسمي بين زهو الكلمة وتواضع الفعل، وهذا التناقض أنتج فجوة مصداقية أوصلت الى احباط شبه عام.

وخامساً: ان أوضاع الاقليم وأوضاع العالم تواجه مصر بما لم يعد في مقدورها تأجيله أو تحويل النظر عنه أو الادعاء في شأنه سواء أمام النفس أو أمام جماهير تجد نفسها باحثة في فضاء الآخرين لتعويض فراغ تحسه حولها.

وكل تلك أسباب تستوجب حواراً جاداً، واسعاً، عميقاً، صافياً، شفافاً خلال السنوات الثلاث الباقية من مدة الرئاسة الحالية، حتى يستطيع الوطن أن يرسم خريطة متجددة لحياته، في اطار موضعه وموقعه، متناسبة مع أزمنة متغيرة تحركها أشواق للرقي غير محدودة.

وتتداعى في هذا السياق ملاحظة جاء موضعها، وذلك ان همساً شاع أخيراً حول اقتراح بتوريث السلطة في مصر.

ومن الحق والانصاف ان يسجل بأمانة، واعترافاً بالفضل، ان المعنيين بهذا الموضوع مباشرة، أبدوا فيه رأياً قاطعاً ومسئولاً.

فقد عرض رئيس الجمهورية في كلمات لا تحتمل التأويل، ونبرة حزم لا يظهر عليها تردد ـ نقطتين:

ـ الأولى: ان مصر بلد يختلف عن غيره من البلدان، فلا هو وطن طائفة أو قبيلة أو عشيرة أو عائلة تلح عليها فكرة توريث السلطة لسبب أو لآخر.

ـ والثانية: ان النظام الجمهوري بطبيعته وفلسفته لا يعرف توريث السلطة، أياً كانت الحجج.

زاد على ذلك ان الوريث الذي تردد اسمه في حديث الخلافة أبدى هو الآخر في هذه المسألة رأياً واضحاً وبيناً، قائلاً بأجلى عبارة انه لم يفكر ولا يفكر في أي منصب تنفيذي.

وذلك كلام يليق بالثلاثة: النظام ـ والرئيس ـ والابن ـ (والوطن بالطبع قبل الثلاثة).

وبالرغم مما سلف فإنه في مناسبة انعقاد المؤتمر الأخير للحزب الحاكم، عاد اللغط مرة أخرى حول ذات الموضوع.

ومع انني أعرف ان معظم اللغط السياسي في مصر منفلت، فإنه، قد يكون مناسباً ومن باب التحوط، أن يستبعد الكل ما قاله الأب، صريحاً، وما نفاه الابن، قاطعاً.

وأضيف للحق ان كل ما أسمعه عن الابن المعني بالأمر يثني عليه ويشهد له، إلا ان المحاذير في مثل هذا الموضوع ظاهرة، وفيها ما يعكس على المستقبل ظلالاً، لا هي تنفعه ولا هو يحتاجها.

والحقيقة ان التاريخ لا يتواصل ولا يتقدم بالتلكؤ أو التزيد، وانما يتقدم التاريخ ويتجدد بمقدار ما تستطيع الأمم والشعوب أن تحدد من رؤاها وطموحاتها، وبمقدار ما توظف من مواردها ووسائلها، وبمقدار ما تحشد من فكرها وارادتها، وبمقدار ما تستوعب من حقائق وأدوات عصرها، وبمقدار ما يتوافر لها على طول الطريق من استنارة وعزم في ادارة شئون حياتها موصولة بزمانها وعالمها.

وهنا تزيد الحاجة الى المشاركة في الحوار والقرار.

وإذا كان لأحد أن يعرض في هذا الأمر اجتهاداً، فلعلي أتجاسر واقترح أن يكون المنطلق، مشروع تصور مستقبلي تطرحه رئاسة الدولة، ويكون من حوله مدار الحوار ومجاله، حتى يتوصل الى هدفه في فسحة وقت تكفيه:

ـ مشروعاً يقدم تصوراً لشكل وخطوط واجراءات الانتقال المقبل بأكبر قدر ممكن من التحديد والتفصيل حتى لا يفاجأ أحد بأن المواقيت حلت على حين غفلة، وان الضرورات حينئذ تبيح المحظورات!

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 45
  • البداية
  • اخر رد

أكثر المشاركين في هذا الموضوع

أكثر المشاركين في هذا الموضوع

لا شك ن السيد محمد حسنين هيكل .. هو أحد الذين يدينون للنفاق بالفضل العظيم ..

فبفضل اسلوبة النفاقى الفريد .. و روحة المتسلقة الأنتهازية .. استطاع التقرب من عبد الناصر .. ولا أستبعد أنه استطاع السيطرة عليه ذهنيا ..

استطاع أن يكون الرجل الثانى ( أو الأول! ) طوال عهد عبد الناصر .. ملازما له كظله ..

و عندما مات عبد الناصر .. حاول لعب نفس الدور مع السادات - رحمة الله عليه - و لكن السادات كان أدهى من عبد الناصر بمراحل .. فكان أن طردة شر طردة من مملكتة التى ابتناها لنفسه و القى به بعيدا عن مملكتة و بعيدا عن السلطة .. و لم ينساها له هيكل ..

الرجل يعتبر خبرة فريدة فى النفاق .. فلقد كرس حياته للنفاق .. وظل يجتهد فى نفاقة .. حتى بلغ و الحق يقال شأنا كبيرا فى هذا المجال .. و صر من كبار المنافقين ..

و أصبح له أتباع و تلاميذ .. و أنصاف و أرباع تلاميذ .. مثل مصطفى بكرى .. أسامة أنور عكاشة .. و حتى حولنا لا نعدم الأبتلاء أحيانا بمن يحاولون التقلد بأستاذ النفاق العظيم ..

هذه دعواى .. و بقى عليا الأثبت .. فألى الأثباتات ..

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

أخى فرى

لعلك تعلم أن هيكل يلعب فى الوقت الضائع وهى حلاوة السلطة

واذا كان لديه تصور لانتقال السلطة كان أولى به تقديمها للملهم

الذى كبس على رؤوسنا ثمانية عشر عاما ومعه هيكل يبارك استبداده وطغيانه

أم أن السلطة حلوة لملهمه ووحشة لغيره

تحياتى

مصر أكبر من نظام الحكم الفردى الديكتاتورى الإستبدادى

الذى فرضه علينا عسكر حركة يوليو فى الخمسينات

وصار نظاما لحكم مصر

برنامج الرئيس الإنتخابى لإسكان فقراء الشباب ..

سرقه مسؤولون وزارة الإسكان مع المقاولين ..!

رابط هذا التعليق
شارك

عموما ياشباب

لازم نسمي الاشياء بمسمياتها الحالية

مثلا الرشوة اصبحت اكرامية

الواسطة اصبحت تسليك شغل

النفوذ اصبحت تطبيق السياسة العامة

واصبح المنافق يسمي هذه الايام المجامل ولما يأخذ وضعه يبقى ملاك

اما عن الصحفي فهي مرتبة عالية جدا في النفاق بس في شكل عمل رسمي يقره القانون ولا يعاقب عليه

واصبح اسلوب هيكل حاليا هو الطريق الوحيد للوصول

وأصبحت كلمة بصراحة هي عين الكذب نفسه

يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة

رابط هذا التعليق
شارك

كل قائد وله منافقيه وكل زمن وله أرجوزاته الباشكاتبه في أكبر الصحف والجرائد ، يعني الظاهرة الهيكلية اذا صح التعبير مش عجيبة ولا غريبة ولا الوحيدة ولا الأولى ولا الأخيرة ، وكل وقت وله هيكله.

إن خوفت ماتقولشي وإن قولت ما تخافشي
رابط هذا التعليق
شارك

هيكل

ومن الحق والانصاف ان يسجل بأمانة، واعترافاً بالفضل، ان المعنيين بهذا الموضوع مباشرة، أبدوا فيه رأياً قاطعاً ومسئولاً.  

فقد عرض رئيس الجمهورية في كلمات لا تحتمل التأويل، ونبرة حزم لا يظهر عليها تردد ـ نقطتين:  

ـ الأولى: ان مصر بلد يختلف عن غيره من البلدان، فلا هو وطن طائفة أو قبيلة أو عشيرة أو عائلة تلح عليها فكرة توريث السلطة لسبب أو لآخر.  

ـ والثانية: ان النظام الجمهوري بطبيعته وفلسفته لا يعرف توريث السلطة، أياً كانت الحجج.  

زاد على ذلك ان الوريث الذي تردد اسمه في حديث الخلافة أبدى هو الآخر في هذه المسألة رأياً واضحاً وبيناً، قائلاً بأجلى عبارة انه لم يفكر ولا يفكر في أي منصب تنفيذي.  

وذلك كلام يليق بالثلاثة: النظام ـ والرئيس ـ والابن ـ (والوطن بالطبع قبل الثلاثة).  

وبالرغم مما سلف فإنه في مناسبة انعقاد المؤتمر الأخير للحزب الحاكم، عاد اللغط مرة أخرى حول ذات الموضوع.  

الأستاذ هيكل يردد أقوال الأب والابن

ولولا تصريحهم سابقا هذا ما جرأ على فتح هذا الموضوع

مصر أكبر من نظام الحكم الفردى الديكتاتورى الإستبدادى

الذى فرضه علينا عسكر حركة يوليو فى الخمسينات

وصار نظاما لحكم مصر

برنامج الرئيس الإنتخابى لإسكان فقراء الشباب ..

سرقه مسؤولون وزارة الإسكان مع المقاولين ..!

رابط هذا التعليق
شارك

طيب أنا راجل طيب وبأصدق الكلام ... طيب يفهمنا الأستاذ هيكل .. ماهي أسباب تنطيق الأخ جمال بسياسة الخطوة خطوة والنفس الطويل ؟؟

طيب ما معنى تولية مسؤلية أقل ما يقال عنها أنها كبيرة جدا في الحزب الحاكم ؟؟

طيب مامعنى حضورة لأجتماعات مجلس الوزراء وعلى أول مائدة الأجتماعات ؟؟

لما هو مش ناوي يبقى بيسلي وقت الفراغ مثلا ولا أيه الحكاية ؟؟

ماهو لو اللي بيتكلم ولامؤاخذه مجنون ولا منافق يكون اللي بيستمع عاقل

ياأستاذ هيكل حاول تفهم أن عصر توجيه الشعب بطريقة ياللي مابتفهموش أنتهى ... وحاول تفهم أنك لو عملت حتى بهلوان مش حترجع اللي راح

وعلى فكرة جمال ده مش جمال بتاعك ده جمال تاني

وعلى رأي الست ... قول للزمان أرجع يازمان ...

:roll: :roll: :roll: :roll: :roll: :roll: :roll:

القسوة أن ألقاك غريبا ... في وطن ناء عن وطنك

والأقسى غربة أنفاس ... بين الخلان وفي أهلك

رابط هذا التعليق
شارك

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

شكرا لأخوتى .. رجب و محمد أبو زيد .. نعم هيكل يلعب فى الوقت الضائع .. هذا بلا شك .. و دعونا ننطلق فى التعليق على النفاقيات .. و التى اسميتها .. نفاقيات هيكل .. لأنها ذكرتنى برباعيات الخيام .. فلا ينقصها سوى أن يقوم أحد الملحنين بتلحينها .. ثم تأتى المرحومة أم كلثوم لتغنيها بصوتها العبقرى .. كما غنت من قبل .. "ثوار مع البطل اللى جابة القدر .. رفعنا راسنا لفوق لما ظهر"

تمنطق الرجل دور الأستاذ الكبير .. ووقف كما يقف الأساتذة العظام .. ليلقوا بالدروس على التلاميذ النجباء ..

و قدم لنا عرضا بهلوانيا راقصا لأساليب اللعب على الألفاظ و المسميات .. و التلاعب بالجمل و المعانى .. و استخدام الألفاظ الغامضة و الجمل الغريبة .. و صياغة العبارات بطريقة تسمح بتفسيرها بمئة طريقة .. حتى لا تتعارض مع ما قاله من قبل .. و لتكون صالحة لأعادة التشكيل فيما بعد .. حسب الظروف و المصالح ..

و كما يفعل القادة العظام .. أخذ يوهمنا بأنه يلقى لنا دروس الحاضر و الماضى .. و يوهمنا نه يرسم لنا طريق المستقبل .. وهو فى الحقيقة لا يصنع شيئا من كل هذا الوهم .. و حقيقة الأمر أنه حول الحصة كلها الى اعلان عن ذاته .. و دفاع عن اعماله .. و تلميع لصورته .. و كأنة يقول .. ها أنذا .. قمر 14 أهوه ..

لم يصل لعلمى .. أن هيكل سبق له انتقاد السيد مبارك .. و مع هذا فان هذه الحصة .. كانت حافلة بالنقد للسيد الرئيس .. و الغريب .. و أغرب مافى الموضوع أن يختار هذا .. ليحدث فى الجامعة الأمريكية .. و كأنه يحتمى بها .. حتى اذا ما حصل له مكروه .. يقال انه أضير بسبب خطبته فى الجامعة الأمريكية ..

أشار السيد هيكل الى أسماء خمسة من الأشخاص .. اللواء محمد نجيب – جمال عبد الناصر – أنور السادات – محمد حسنى مبارك – و أخيرا "جمال مبارك" و الذى تعمد عدم النطق بإسمه صراحة .. و لكن أشار الية اشارة غير مباشرة عدة مرات .. فى اصرار على عدم النطق باسمه .. فلماذا ؟

و أرجئ الأجابة الى ما بعد .. من قبيل التشويق ..

كيف بدأ الخطاب ..

وسعيد أيضاً انني اتكلم في هذه القاعة التي سمعت على مدار تاريخها صوت الحوار مفتوحاً دون قيد. 

 

وسعيد أخيراً ان ذلك يجري في رحاب هذه الجامعة التي قامت ومازالت تقوم بدور تعليمي وتنويري اضاف إلى العقل العربي ومازال يضيف.   

لم يشر السيد هيكل .. الى أن هذه الجامعة أغلقت السنين الطوال .. لا لشيئ .. الا لأن اسمها الجامعة الأمريكية .. و علقت عليها يافطة .. لا أذكر فحواها .. المهم شتيمة فى أمريكا ..

و ان هذه هى كانت الطريقة البلهاء للزعيم الخالد فى التعامل مع الأحداث .. و الذى يدافع عنه فى هذا المقال .. حتى لا يقع فى التناقض .. بين حدوث هذا الأغلاق فى عهده ..و اشادته بهذا العهد .. ووقوفة الآن للأشادة بلجامعة الأمريكية ..

وحديثي الليلة حول موضوع حسبته لازما ـ وغرضي منه القاء نظرة فاحصة ومتأملة على احوال مصر

الرجل يريد أن يقيم مصر .. يتفحصها و يتأملها .. كأى قائد قديم و متمرس .. يتفقد أحولها .. و يراجع مسيرتها .. يشوفها ماشية ازاى ؟ .. ثم يقدم لنا رؤيته هذه لندرسها .. و نستوعب دروسها ..

قبل نهاية هذه السنة بالذات ـ فتلك كما قيل وتكرر بالحاح طوال شهورها ـ ذكرى مرور نصف قرن على ثورة سنة 1952 ـ

قبل نهاية هذه السنة بالذات .. ؟ .. لأنها الذكرى الخمسون لقيام الثورة .. ااااه .. بدأنا تشغيل المباخر .. و القاء البخور .. و حلقة الذكر حتشتغل ..

وقيمة أي مناسبة من هذا المستوى انها تذكير بما جرى بالأمس، وتفكير فيما يجرى اليوم، واستشراف لشكل غد مأمول ومرتجى. 

أول دفعة بخور .. فى عيد الثورة .. لازم نقعد نتأمل .. ماذا حدث بالأمس .. و ما الذى يحصل اليوم .. و ماذا سنفعل غدا .. ؟

وربما تفضل البعض ولاحظ انني على شدة ما اقتربت من ثورة يوليو ومن قائدها ـ تباعدت عامداً عن مناسبة الذكرى ولم اشارك بفعل او بقول في احتفالاتها ـ لسببين: اولهما ذاتي ـ والثاني موضوعي. 

طبعا .. هيكل أولى الناس بالأحتفال بثورة يوليو .. بإعتبار شدة قربه منها ( الثورة ) .. و كمان من قائدها ( عبد الناصر ) .. فإاذا لم يحتفل .. فلابد أن يلحظة الناس و يتسألون .. و هاهو يلقى بقنبلة اخرى أشد .. و هى أنه انما فعل هذا ( عامدا ) .. يا خفى الألطاف .. يا ترى ايه سبب المصيبة دى ؟ .. أما لماذا .. فلسببين .. أحدهما ذاتى .. و الآخر موضوعى ..

ـ السبب الذاتي ـ ان ذلك الاحتفال بالطريقة التي جرى بها كان هوائيا ـ صاخبا ـ ومسرحياً. 

السبب الذاتى .. يعنى سبب داخلى .. شخصى .. خاص به هو ذاتيا .. فى الأول ظنيت ان (الذاتى) ضمير يشير الى الثورة .. البلد .. مصر .. أتارى معالية يقصد ذاته هو شخصيا .. الأسباب الشخصية التى جعلته يمتنع عن الأحتفال بالعيد الخمسين للثورة ..

السيد هيكل ينتقد طريقة الدولة الى اتبعتها فى الأحتفال .. كل ما حصل لم يعجبة ..!! تخيلوا .. !! .. أما لماذا ..؟ فلأنه أى الأحتفال كان (هوائيا) .. و اللى جدع يعرف يعنى ايه ؟ .. و أغلب الظن انه يقصد على الطاير .. أو ربما غير متعمق مثلا .. سطحى مثلا ..

ثم أردف (صاخبا) .. و هذه مفهومة .. يعنى دوشة على الفاضى .. (و مسرحيا) .. أى ( مفتعل ) ..

و أقتصر السيد هيكل على هذه التعبيرات الثلاثة الغامضة .. و أرجوا أنكم توافقونى على انها غامضة ..

و لم يبين لنا السيد هيكل الطريقة التى كان يجب الأحتفال بها ..

و ما لزوم الغموض هنا ؟؟ .. لزومة أن الأسباب التى دفعت السيد هيكل للأحتجاب .. لا يستطيع أن يذكرها .. فالعجلة دارت بعيدا عنه .. و ليس هو الذى يقحم نفسه .. و يعرض نفسة للقبول أو الرفض ..

فشخص فى مكانته التى يتصورها .. لابد ربما أن يسعى اليه الناس راجين نصحه و ارشادة فى الطريقة المثلى للأحتفال بالثورة .. فإن لم يحدث هذا .. فهو مدعاة لأنتقاد الموضوع كله ..

و مع هذا .. الا يعتبر هذا الكلام الذى يقوله فى الجامعة الأمريكية .. احتفالا بالثورة فى عيدها الخمسين ..

ثم .. عندما قرر السيد هيكل الأمتناع عن الأشتراك فى الأحتفالات .. هل كان يعلم مقدما بأن الأحتفالات ستكون (هوائية – صاخبة – و مسرحية ) ..

أم هو نوع من رش البخور من جهة اخرى .. عندما يقرر أن ما تم من احتفال ضخمة .. لم يكن لائقا من وجهة نظر سيادته بجلال الذكرى العطرة .. للثورة الرشيده ..

وفيما بدا لي فقد كان الاحتفال الذي امتد عاماً بأكمله «كما قيل» ـ مناسبات لا اظن ان ايا منها ترك علامة، او استنهض همة، او رسم خطا يوميء إلى افق او يدل على طريق. 

يشكك السيد هيكل فيما ( قيل ) أن الأحتفالات تمتد عاما بأكملة .. و لعلة فى الجملة التالية طرح تصورة للصورة المثلى التى كان يجب أن يكون عليها الأحتفال ..

اذ قال بأن لأحتفالات .. كانت مناسبات لا يظن أن أيا منها ( ترك علامة ) – ( أو استنهض همة ) – ( رسم خطا يومئ الى افق ) – ( يدل على طريق ) ..

ما زال الغموض قائما يا سيدى .. فلا نعلم و لم تقل لنا كيف تكون الأحتفالات بحيث تترك علامة و تستنهض همة و ترسم خطا يومئ الى أفق .. أو يدل على طريق ..

صح النوم يا أخ .. أنت لسة عايش فى الدور ؟ .. ما خلص من زماااااااااااان .. الدور بتاع الأدعاء بأن الشغب غبى و مغفل و جاهل و أمى و بليد و فاشل .. و بحاجة للقائد و المعلم المرشد الأمام الذى يستنهض همته من البلادة و الكسل .. و يرسم له الطريق الذى يجب ان يسير فيه .. كأننا فى متاهة و تايهين .. انتهى من زمان .. و هؤلاء واراهم التراب .. أم لعل السيد هيكل يعتبر أن خطابه هذا يندرج تحت هذا المضمون فى التعليم و الأرشاد و إغاثة الملهوف .. و ارشاد الحيران .. .. قول يا بهلول قول ..

ـ والسبب الموضوعي ـ ان الاحتفال جرى محاولة للتوفيق والتزويق، خلطت السياق وتعسفت مع المراحل، حتى بلغت حداً شديد الوطأة ـ ليس على التاريخ فحسب، وانما على العقل وعلى الوعي، وبالتالي على المستقبل، وعلى الضرورات التي تستدعي النظر إليه ودراسته والاستعداد لرحلته. 

توفيق – تزويق – خلط فى السياق – تعسف فى المراحل ( شديدة .. شديدة صحيح .. ) .. بلغت حدا شديد الوطأة على التاريخ و العقل و الوعى .. ( خلى بالك ) .. و بالتالى على المستقبل .. و على الضرورات التى تستتدعى النظر اليه ( أى المستقبل ؟ ) .. و دراسته ( ممم .. المستقبل برضة .. و الا انا فاهم غلط من الأول ) .. و الأستعداد لرحلته ( ه صح يبقى بيتكلم عن المستقبل .. طيب هو المستقبل بيدرس ؟؟؟ ) ..

هذه الجملة .. لم استطع تفصيصها .. هى حته واحدة زى كيلو اللحمة كدة .. و خلى بالك .. لو لعبت فيها .. جايز تبوظ منك .. أو تفرقع فى وشك .. و أنا مش مسؤول ..

مين فاهم ؟ .. فاكرين عادل امام لما قال ( احنا المنطلق بتاعنا فى تطفيش الست دى لازم ينبع من انفعال غير منعكس فى الألتزام بقضايا معاصرة .. الى هى دراع مرسى .. و ماحدش يسألنى لأنى مش فهم ولا كلمة من الكلام اللى نا قلته ) ..

لا ملامة عليك .. اذا وجدت بلهاء يفتحوا لك القاعات .. و يترصوا علشان يسمعوك .. فلا ملامة عليك لو عكيت ..

المهم .. هذا الكلام حيتفهم ( شوية ) قدام ..

ولقد كان يمكن لمناسبة الذكرى ان تضع امام الشعب والأمة خريطة تكشف وترشد، 

تاااااانى .. يكشف و يرشد .. هى الغاز يابنى و لا متاهات .. ولا كهنوت لا توجد اسرارة الا مع كهنة المعبد .. حملة المفاتيح و الأسرار .. و لا هو .. أعادة و اطناب زى الأغانى ..

، لكنها لسوء الحظ وضعت امامه البوم صور لا منطق فيه ولا معنى. 

 

 

كانت الصور لأربعة رجال رتُبت مواقعهم متصلة ببعضها، متتالية واحدة بعد الاخرى. وفي وضع الصور ايحاء بأن الجميع عائلة متماسكة، وعصر ممتد، وسياق متسق، وبالتالي فهم في الهوية رؤية واحدة، وفي المرجعية سند واحد، ثم انهم في النتيجة شرعية متصلة، وظني ان ذلك غير صحيح. 

اااااه .. عرفنا بقى ايه هو الخلط فى السياق .. احنا جبنا البوم صور .. فيه أربع صور .. و عرضناهم ورا بعض فى تسلسل يوحى ( و العياذ بالله ) .. بأنهم عائلة واحدة ( عئلة الثورة ) .. و عصر ممتد .. الخ الخ

مما يعطى ايحاءا ( و العياذ بالله ) .. بأنهم لهم نفس الهوية و الرؤية و المرجعية و السند .. و انهم فى الشرعية متساوون ..

و ينتهى الى انكار كل هذا ..

مرة اخرى .. عاد لأستخدام الأبهام و الغموض ..

( فى الهوية رؤية واحدة ) .. هوية الرؤية .. ولا رؤية الهوية .. ؟؟ عارفين أظن يقصد ان تم اظهارهم فى رؤية تراهم هوية واحدة ..

( فى المرجعية سند واحد ) .. برضه !!!!! .. هل المرجعية غير السند ؟ .. يعنى فى مرجعيتهم يستندون الى نفس الشيئ .. لأ العفو .. استغفر الله العظيم .. و هو دة معقول .. ؟؟ على العموم الكلام سيتضح أكثر قدام ..

( و فى النتيجة شرعية واحدة ) .. أوباااااا .. !! شديدة .. نتيجة ايه بقى ؟؟؟؟؟؟ ( نتيجة المعطيات الماضية .. فلاهم هوية واحدة .. ولا مرجعية واحدة .. و بالتالى .. فلا يمكن القول بأن شرعيتهم واحدة ...........؟؟؟؟؟؟؟؟ ) ..

** هذا هو ما أغضب السيد هيكل باشا .. و جعله يحجم عن المشاركة فى الأحتفالات .. و يستشيط غيظا .. ان السادة الرؤساء يعرضون و كأنهم امتداد لعبد الناصر .. و شرعيتهم هى بنفس جودة و اصالة شرعيته .. و هذا فى نظرة غير حقيقى .. زى كدة ما فيه قماشة صوف انجليزى و قماشة دمور .. و تيجى انت تقول الأثنين زى بعض .. لازم بياع الصوف الأنجليزى يولع نار ..

طبعا فى السكة كدة .. أدخل علينا السيد هيكل طلسمين من طلاسم الكهنوت .. و الحقيقة مش عارف جابهم منين ..

الشرعية – المرجعية ..

و لنا وقفة معهما .. فالى ذلك الحين ..ابقوا معنا إن شئتم و تفضلتم ..

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

شكرا لكل من تفضل بالتعليق .. حيث انى عندما بدت الكتابة .. كان هناك تعليق الأخوة رجب و محمد فقط .. و بعد اضافة التعليق .. و جدت تعليقات من الأخوة و الأخوات و طنى و دارون و ست أمينة .. فشكرا للجميع ..

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

ايه بقى حكاية الشرعية ..

قبل التتطرق للشرعية .. و جب أن نتحدث عن القانون .. و هو القواعد لتى توضح التصرفات الخطأ و التصرفات الصحيحة .. و لذا يقال تصرف قانونى .. أى مطابق للقانون .. و موافق و غير متعارض معه

الشرعية مشتقة من الشرع .. و هو الدين .. فهو أعلى من القانون .. و التصرف يكون شرعيا .. اذا كان موافقا للشرع .. و اخواننا الثوريين .. لا يستطيعون القول بأن تصرفاتهم قانونية .. لأنهم يخرجون على القانون صراحة .. بل و يعطلون الدستور .. أبو القوانين كلها .. فعندما يتقلد الشخص الحكم بالقوة .. فلا يستطيع ان يدعى أن تصرفة قانونى أو دستورى .. و يلجأون الى هذه الصفة .. الشرعية .. لبيان أن تصرفهم و ان لم يكن مستندا الى قانون فهو يستند لما هو أعلى من القانون .. و هم بهذا ايضا يضفون هالة من القدسية على تصرفاتهم ..

و لو سأل شخص ما .. ما هى الشرعية التى يحكمنا بها مبارك .. لكان الرد الفورى .. نجاحه فى الأستفتاء الأخير .. و هو ما ينص عليه الدستور .. اى قانونيا ..

السيد هيكل يستخدم هذا اللفظ و لكن بمعنى مغاير تماما .. بدليل .. أنه يقول ن شرعية نجيب .. غير شرعية ناصر .. غير شرعية السادات .. غير شرعية مبارك !!!! .. فما هى الشرعيات المختلفة هذه ؟ .. ماذا يقصد كاهن الناصرية بذلك .. ( حلو اللقب دة .. صح؟ ) ..

المرجعية .. كأن تقول بالرجوع الى القانون .. أو بالرجوع الى القران و السنة و اراء الفقهاء .. تبين أن كذا كذا ..

فالمرجعية .. تتشابه كثيرا مع الشرعية .. .. فلماذا نحتاج الى الى استخدام لفظين مختلفين .. هل هو اسهاب و اطناب .. كلا طبعا .. بدليل قوله ..

وبالتالي فهم في الهوية رؤية واحدة، وفي المرجعية سند واحد، ثم انهم في النتيجة شرعية متصلة، وظني ان ذلك غير صحيح. 

فكما ترون فانة يعتبر أن الشرعية هى نتيجة للمرجعية .. فهما ليسا شيئا واحدا ..

على كل حال هذا الأسلوب الهلامى المغلف بالمصطلحات المجعلصة الغامضة .. هو أسلوب شهير لدى اخواننا من اليساريين و ما شابههم من الناصريين و البعثيين و القوميين .. الخ الخ .. و هو مشروح فى موضوع .. شيوعى – اشتراكى – يسارى .. هل هناك فرق ؟

و هذا الأسلوب يشبه ( سيم ) الذى تستخدمه فئات مهنية مختلفة حتى لا يفهمهم الآخرون .. و سمة تمييز كلامهم .. لأسباب سبق الأشارة اليها .. منها اشعار العامة أمثالنا .. بالحديث الغير مفهوم .. أنه حديث ثقافى أعلى من مستوانا العلمى .. و لا ينتابنى أدنى عجب .. عندما اشاهد الأفلام الغير مفهومة ايضا ليوسف شاهين .. فهو ناصرى أيضا .. و غالبا يسارى النزعة .. فهى سمة لهم كما أوضحت ..

فهل حديث كاهن الناصرية .. مثقف فعلا ؟؟؟ .. سنرى ..

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

An essay related to that

حول محاضرة هيكل في الجامعة الأمريكية بشأن (نظام الحكم في مصر):

هل يقدم الرئيس وابنه تنازلاتٍ لشعبٍ لا يطالب بها؟

هويدا طهہ

افتتحت الجامعة الأمريكية موسمها الثقافي بندوة استضافت فيها الصحافي المخضرم محمد حسنين هيكل، الذي قرأ محاضرة مكتوبة مسبقا بعنوان (المستقبل.. الآن)، واستقبل بعد قراءتها تصفيقا حادا تلته عدة اسئلة للحاضرين رأينا (بعضها) علي شاشة قناة دريم الفضائية!وكالعادة ينتظر الكثيرون ما يقوله هيكل ـ أكثر من غيره ـ عن الأحداث الجارية، وداعي انتظار (كلمة) هيكل يكمن في اسباب تتعلق بشخص الرجل وتاريخه، وهو بدوره يعلق علي ذلك دوما بقوله قل كلمتك وامض .

وربما توقع الكثيرون أن تتعلق محاضرة هيكل بالوضع في الشرق الأوسط أو الحرب المزمعة أمريكيا علي العراق أو دور مصر المثير لكثير من الجدل في القضايا الإقليمية الشائكة، ولم يكن متوقعا أن يتحدث هيكل حول (وضع نظام الحكم في مصر). إذ أنه وعلي مدي ما يقارب ربع قرن من الزمان لم نلمس منه إلا حذرا في الاقتراب من هذه (الدائرة المحرمة)، ولم نلمس منه إلا إشارات مبهمة تجاه مؤسسة الرئاسة وتحديدا تجاه الرئيس مبارك، لكنه فاجئ العديد من المتابعين بتحليله حول (شرعية الحكم) في مصر علي مدي نصف القرن الماضي.وأياً كان مدي الاختلاف مع (الجورنالجي العجوز) أو الاتفاق معه، فقد أعطي في تحليله مساحات متقاربة لما سماه (صور الرجال الأربعة)، بدءاً من محمد نجيب أول رئيس لمصر الجمهورية، وحتي الرئيس مبارك (الذي يتربع علي عرش الجمهورية منذ قرابة ربع قرن!)، وذلك في محاضرته المقروءة التي بدا الترقب علي وجوه المتابعين لها واضحا، سواء المتواجدين بالقاعة وقت الندوة أو هؤلاء المتابعين لها عبر شاشة قناة دريم..إذ ليس من المستغرب أن يحلل أي كاتب أو متابع مهما كانت مكانته (مدي شرعية) حكم الرجال الثلاثة الأوائل الذين حكموا الجمهورية سابقا، فالكتب وشهادات المعاصرين قالت الكثير.لكن (المس) بالرئيس الحالي هو الشيء الذي يخشاه الكثيرون أو علي الأقل يترددون بشأنه، بمن فيهم هيكل الذي عودنا أن يقترب بحذر من (مؤسسة الرئيس) طوال تلك السنين، وعندما قرر هيكل أن يقارب تلك المؤسسة فاجئنا مرة أخري بدلوه حول شرعية حكم الرئيس الحالي وحول ما سماه (شائعة) توريث الحكم في مصر! (البعض يقول أنها لم تعد (شائعة) وانما تجاوزتها الأحداث بوتيرة متسارعة في الأشهر السابقة إلي أن أصبحت ـ مسألة حاضرة ـ في مصر). إلا أن هيكل وفي سياق تحليله للمرحلة، طالب بضرورة أن تحل في مصر (شرعية دائمة) للحكم تتجاوز مرحلة (شرعية الانتقال) التي اتسمت بها مراحل (الرجل الأوحد) في العهود السابقة، والتي لا تناسب المستقبل الآتي، شرعية تقوم علي أساس تغيير الدستور الحالي وضمان انتقال السلطة بطريقة ديمقراطية حقيقية، إلي آخر هذا الطرح الذي ـ يقينا ـ يرحب به الناس، سواء من النخب المهتمة بالشأن العام أو حتي المواطنين العاديين بدرجة أو بأخري.لكن الملاحظ حقيقة والذي قد يتطلب نقاشا حوله هو (آليات ذلك الحل) الذي طرحه هيكل للخروج من أزمة شرعية الحكم في مصر ومحاولة رسم المستقبل الذي قال أنه (يبدأ الآن)، وفي ذلك هناك عدة ملاحظات:

الملاحظة الأولي: في معرض مطالبة هيكل بطرح (مشروع التغيير) فاجئنا الرجل بأن المطالب بأن يتقدم بطرح هذا المشروع للشعب هو (مؤسسة الرئاسة)! قائلا أنه ينبغي أن تتقدم الرئاسة ـ وقبل مرور السنوات الثلاث المتبقية في فترة حكم مبارك ـ بمشروع ديمقراطي لتغيير الدستور وتقنين آليات ديمقراطية دائمة تؤسس لنظام الحكم في مصر مستقبلا، وهو ما دفع أحد الشباب المتواجدين بالقاعة إلي سؤال هيكل هل يتقدم النظام بمشروع تكون نتيجته تنازله عن السلطة طوعا؟واذا ما لم يحدث فما هي البدائل؟ ومرة أخري فاجئنا هيكل بقوله أولا لابد ان تتقدم به الرئاسة لأنها تعرف كل الحقائق التي لا نعرفها نحن! وثانيا لا توجد بدائل لأن عهد الثورات انتهي ولم يعد مقبولا .هذا هو إذن ما يجعل طرح هيكل في هذا الوقت بالذات أقرب إلي الغموض وإثارة التساؤلات أكثر من كونه (كلمة هيكل الأخيرة) كما يحلو للبعض وصفها، وعلي درب هيكل في تحليل الحاضر والمستقبل قد يعّن للبعض نبش تاريخ الأمم للبحث عن قيصر أو سلطان أو ملك أو ديكتاتور جمهوري فاجأ شعبه بيقظة مفاجئة، جعلته يدرك بعد سنوات طوال من الانفراد بالسلطة والنفوذ ومقادير الناس أنه آن الأوان لتقديم (تنازل) للعوام! كي يقرروا من هو الأحق بالولاية عليهم أو ما هو الأسلوب الذي يرضيهم للتأسيس لنظام يرونه عادلا!إلا إذا تعلق الأمر بتنازلٍ لأجل (ولي العهد)! وهذا هو المثال الذي يقدمه التاريخ، عندنا وعند أمم مجاورة! والتساؤل ليس فقط حول طرح هيكل بشأن (جهة) تقديم المشروع، بل حول توقيت المطالبة به، إذ يحق لنا أن نتساءل: أولا لماذا ـ الآن ـ تجرأ هيكل علي تلك الملامسة القريبة للغاية لنظام الرئيس مبارك؟وثانيا لماذا تبنت قناة دريم عرض تلك المحاضرة التي يمكن وصفها بأنها محاضرة (تمهيدية) !وهي القناة التي يشاع في مصر أنها (قناة أحمد بهجت بفلوس علاء!)، هل يتعلق الأمر مثلا بما يمكن وصفه (سيناريو مختلف) للقصة السورية؟!ورابعا قال هيكل في سياق محاضرته أن الرئيس وكذلك ابنه بادرا بنفي (شائعة) محاولة توريث الحكم الجمهوري! ـ رغم ما سمعه (أي هيكل) من ثناء علي الإبن ـ !هل يذكرنا ذلك بقصة جحا حين أراد (بيع حماره المريض) عندما قال (للزبون) أنه سيبيعه كل بضاعته إلا (هذا) لأنه أقوي وأغلي ما لديه!

الملاحظة الثانية: محمد حسنين هيكل الذي قضينا العمر ـ وما زلنا ـ نفتش بلهفة عما يكتبه ويقوله ويشير إليه، ذلك (الجورنالجي) ـ كما يحب وصف نفسه ـ المحنك الذي قضي أغلب سنين عمره قريبا من دوائر السياسة المصرية والدولية، هو شخصية ثرية للغاية يتمتع بأسلوب فريد ـ وجميل ـ في طرح الأفكار والرؤي وربطها بماضيها البعيد ومستقبلها الأبعد، (وهو أيضا الصحافي الثري المتفهم لقيمة السيجار!) قال أكثر من مرة أن (مستقبله وراءه)، وهو ما يفهم منه ألا مصلحة تخصه فيما يطرح، والحقيقة أنه كذلك بالفعل في كثير من أطروحاته، لكن مطالبته الرئاسة ـ دون غيرها ـ من نخب هذا الشعب البائس تجعلنا نتساءل (هل هو تساؤل مشروع بشأن رجل بحجم هيكل؟) عن (علاقته) الشخصية بالنظام، فمعلومات من مثل مصاهرته لشخصيات قريبة جدا بل هي جزء من النظام، وعلاقته بدوائر السياسة المصرية والعالمية ومنها الأمريكية، ومعلومات عن ابنه الاكبر كرئيس لمجلس ادارة شركة هيرمس المثيرة للجدل، كلها تثير التساؤل عن علاقة الرجل بدوائر المال والأعمال (المختلطة الآن بالسياسة علي نحو غير مسبوق) في مصر، وهو الذي لم يقل في أي وقت من الأوقات أنه رجل (ثوري) مثلا أو مناضل أو ما شابه! إضافة إلي حديثه عن (تنازل غير محدد) مطلوب في مؤسسة الرئاسة، كل ذلك يدفع المواطنين العاديين من الشغوفين بالاستماع إليه إلي البحث عن (رأيه) الحقيقي بشأن وطبيعة ذلك التنازل المنتظر بعد السنوات الثلاث المتبقية في الولاية الرابعة من حكم الرئيس!وهي ملاحظة لا تمس قيمة الرجل الصحافية والادبية وغيرها، فهيكل من أكثر الشخصيات في مصر إثارة لجدل ممزوج ـ بلا شك ـ بالإعجاب و..الحيرة!

الملاحظة الثالثة:وهي تخص نخبنا السياسية والثقافية والحزبية وغيرها، والتي وإن كان اليأس منها بلغ بالناس مداه إلا أنه ورغم أن رموزها شاخوا أو دجنوا أو اعتزلو (الأمر) برمته! فإن الأمر يتعلق هنا بسؤال عما يمكن أن يدلوا به إذا لم تتقدم مؤسسة الرئاسة بتنازل للشعب (سواء التنازل الذي قال به هيكل أو التنازل الذي حلمنا به وهو يقرأ محاضرته!)، لم يحدث تاريخيا أن تحرك شعب بأكمله وكامله ضد ظلم واقع عليه، وانما كان هناك دائما (كتلة حرجة) من الناس، إذا تحركت أو (حركت) فإن تغييرا ما يقع، ومن تلك الكتلة الحرجة ـ شباب في أغلبها ـ من هو مثل ذلك الشاب الذي سأل هيكل (وماذا عن البدائل؟)، ماذا إذن عن (مؤتمر وطني) ـ في قلب القاهرة بالطبع وليس في أي عاصمة أخري حتي لو تحت العين الحمرا للبوليس ـ يبحث عن حل (يمنع) النظام من استمراره في هذا الركود الخطر، وليس فقط (يطالب) الرئاسة بتنازل تفرضه ضرورات التغيير العالمي وليس المصري فقط؟ ماذا عن (إئتلاف حزبي ونقابي) وغيرها من المؤسسات المصرية التي تدرك نخبها بالضرورة مأزق مصر الحالي ـ ائتلاف ولو مؤقت ـ ضد ما سماه هيكل (أسلوب الزهو بكلمات ليس وراءها فعل) ؟باختصار ماذا عن (التقاط) الخيط من هيكل لإخراجه من قاعة في الجامعة الأمريكية إلي شوارع القاهرة؟! إن الحل الذي طرحه هيكل ـ مهما اختلف البعض معه أو اتفق ـ كان بلا شك حجرا كبيرا، ألقي في مياه ليست راكدة فقط وانما اشرفت ان تصبح او اصبحت بالفعل مياها آسنة في حاجة إلي تكرير أو تطهير أو ربما استبدال! وقيمة الحل المطروح أنه يضع مصر والمصريين ـ بنخبهم وكتلتهم الحرجة ـ أمام الواجهة الحقيقية للمأزق المصري، وهي تلك القابعة هناك.. في مؤسسة الرئاسة!

http://www.alquds.co.uk/alquds/display.asp...0/10-30/s14.htm

رابط هذا التعليق
شارك

ايه بقى حكاية الشرعية .. 

قبل التتطرق للشرعية .. و جب أن نتحدث عن القانون .. و هو القواعد لتى توضح التصرفات الخطأ و التصرفات الصحيحة .. و لذا يقال تصرف قانونى .. أى مطابق للقانون .. و موافق و غير متعارض معه 

الشرعية مشتقة من الشرع .. و هو الدين .. فهو أعلى من القانون .. و التصرف يكون شرعيا .. اذا كان موافقا للشرع ..

أعتقد أن تعبير الشرعية هنا مختلف .. فهو ترجمة للكلمة الإنجليزية Validity ، والمقصود بها هنا هي صحة وجوده في السلطة .. أو صلاحية وجوده في السلطة ..

لست لغوياً .. ولكن هذه معلومة أعرفها .. إذا كانت خطأ فأرجو تصحيحها لي

أما عما ذكر في أن ما قاله هيكل يعد نفاقاً .. فرأيي مخالف تماماً ..

ورأيي كما قد ذكرت في مكان آخر .. أنها رسالة .. بأن هناك تعديلاً سوف يطرح قريباً .. في الدستور .. خاصة بشأن أسلوب وطريقة إختيار رئيس الجمهورية .. على الأقل القادم ..

في القصص الرومانسية القديمة .. يكتب المحب رسالة حب .. ويضعها في زجاجة .. ويرمي الزجاجة في البحر .. لا يهم من سيقرأها .. لا يهم هل ستصل إلي حبيبته أم لا .. بل كل المهم .. أنه يحبها ..
وتاني .. تاني .. تاني ..
بنحبك يامصر .. ...

 

1191_194557_1263789736.jpg


‎"إعلم أنك إذا أنزلت نفسك دون المنزلة التي تستحقها ، لن يرفعك الناس إليها ، بل أغلب الظن أنهم يدفعونك عما هو دونها أيضا ويزحزحونك إلى ماهو وراءها لأن التزاحم على طيبات الحياة شديد"

(من أقوال المازني في كتب حصاد الهشيم)
 

رابط هذا التعليق
شارك

بشان مطالبة هيكل الرئاسة بالمبادرة بالتقدم بخطة للانتقال من السلطة الحالية الي المستقبلية :

فماذا نتوقع مثلا ، هل يطالب الشعب بالخروج في مظاهرات

ام يطالب احزاب ميتة ( لم تنطق مجرد النطق او تدلي بدلوها في هذا الموضوع الخطير )

ام يطالب بمجلس النفاق المسمي بمجلس الشعب

ام يطالب الصحافة ، والتي كانت شرح الاحزاب

ام يطلب من الحاكم العالمي للعالم ( امريكا )

من المنطقي ان يوجة رسالتة للرئاسة ، للمبادرة بذلك

ومن المنطقي او من المفروض ان نري فصائل المثقفين المرتعدين ، حينما تجد شخص فتح ذلك الموضوع بغض النظر عن اهدافة من ذلك الاعلان ، ان تجد شجاعة في الكلام

ولكن ما نجدة انها مازالت خائفة مرتعدة ، وبعضهم كالاستاذ عبد العظيم رمضان ، هاجم هيكل واتهمة باتهامات ماضوية ( نسبة الي ماضية ) معيرا اياة بمواقفة الماضية ايام الزعيم جمال عبد الناصر

نتفق ان الكاتب كان لة موقف سلبي ايام عبد الناصر

ولكنة الان يطرح موضوع نريد طرحة علي العامة ، ونريد غيرة من الكتاب والمثقفين ان يكون شجاعا ، ويرفض فكرة توريث الحكم

لما لا نناقش تلك الفكرة ، لما نجعلها محاكمة الرجل ، مشككين في نيتة ، لتكن نيتة سئية ولكن طرحة ايجابي لقضيتنا .

رابط هذا التعليق
شارك

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

نستأنف حديث هيكل ..

ولست هنا في مجال اصدار حكم اختار به او انحاز ـ مع ان ذلك انساني! ـ وانما مطلبي الآن مجرد الملاحظة، والتحديد، والتمييز، لأنه في القواعد الاساسية للحساب لا يجمع غير المتشابه!

وحقيقة الأمر ـ بدون مقارنة او مفاضلة او تقييم، اننا امام أربع صور حول كل واحدة منها اطار يحدد ويفصل، والألبوم من أوله لآخره ناطق بأن تلك الخمسين سنة لم تكن عمراً تدفق طبيعياً مرحلة بعد مرحلة، وانما هي بكل الشواهد ـ عصور متعددة ـ اختلفت ـ وتناقضت ـ وفي بعض الاحيان تصادمت.

يقول هيكل "قواعد الحساب لا تجمع الغير متشابه .." فلا يجمع مثلا بطيخ على عنب ..

و يعود فيؤكد ان عصور و عهود الرؤساء فى الحقيقة اختلفت و تناقضت بل و تصادمت ..

"ماكس فيبر" و "فرانسيس فوكوياما" يقول أنهما عالما إجتماع .. و ضرورة الأسماء هنا لزوم الفخامة .. و الأدعاء بالكلام العلمى .. و هو و بوضوح يقتبس من كلامهما و يخلط بينهما ..

يقول انه ترتب على اختلاف عصور الرؤساء .. اختلاف الهوية و المرجعية و بالتالى اسس الشرعية ( إنشاء) ..

و عد و ارجع كل هذا الى انه (قد) يكون نتيجة ظروف متغيرة أو (نفوس تبدلت) ..

هه الظروف المتغيرة و النفوس المتبدلة حدثت فى وطن ( خرج من مرحلة الأطار الأبوى التقليدى للشرعية .. ) اذن اصبح الشرعية لها هوية و مرجعية و اطار ابوى .. ( الى شرعية مرحلة الأنتقال .. و فيها دور الرجل الواحد .. و هما مرحلتين تمهدان الى لنموذج أرقى من الشرعية .. و هى الشرية الدستورية و القانونية ) .. اااه .. فاكرين كلامى عن الشرعية ..

طيب مراحل تطور المجتمعات أسرة - قبيله – عشيرة .. الخ الخ .. خدناها يمكن فى ابتدائى ولا تحتاج الأستشهاد بكبار العلماء .. و أظن ان مصر تخطت هذا الدور يمكن من الألاف من السنين .. و فى 52 .. كان هناك دستور و برلمان و تداول سلطة ؟؟؟ فم معنا غض النظر عن كل هذا .. لماذا لابد ان نبدأ من البداية ؟؟؟؟؟؟

و هو يقر و يعترف ان الشرعية الدستورية .. أرقى و أهم ..

شوفوا دس السم فى العسل ..

يعنى الشعوب لازم تتطور أولا .. قبل الشرعية الدستورية .. و هو مبدأ استعمارى .. يروج له مدى الوطنية .. و الغرض من هذه العبارة هنا .. تبرير لما فعلة عبد الناصر .. من الغاء لجميع أنواع الديمقراطية و الدستور و الأحزب فى البلد ..

و بكل أسف .. فأن هذا النوع من غسيل المخ قد تسرب لدينا فى المنتدى .. و ان كان و الحق يقال نال استهجان الجميع ..

السيد هيكل يقول الدول المستعمرة و نحن لم نكن مستعمرين ولا محتلين .. كنا تحت الأنتداب فقط .. انما الدولة و ملكها و دستورها ووزرائها و كل شيئ موجود و تداول السلطة ايضا .. و المهزلة و العار أن نتمتع بحريتنا و دستورنا و تداولنا للسلطة فى ظل الأحتلال الذى يصفه هيكل .. و نحرم منه فى ظلال الحكم الذى يدعى الوطنية ..

الشرعية الدستورية هنا تتخطى الواقع .. لأن الأحتلال مانع للشرعية .. طيب الأحتلال خرج .. ما لزوم الديكتاتورية .. الله مش لما الشعب ينضج ..

و عاد هيكل ليستعرض الصور الأربعة .. أو الزعماء الأربعة .. و يؤكد أنهم ليسوا شرعية متصلة .. فالى هناك ..

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

ورأيي كما قد ذكرت في مكان آخر .. أنها رسالة .. بأن هناك تعديلاً سوف يطرح قريباً .. في الدستور .. خاصة بشأن أسلوب وطريقة إختيار رئيس الجمهورية .. على الأقل القادم ..

كلام معقول جدا جدا .. و انا فكرت هكذا ايضا .. قد تكون هناك صفقة فى الكواليس هذه بدايتها .. و قد تكون أيضا نهايتها انتخاب جمال مبارك .. بالدستور الجديد لمعدل و بالأنتخابات الحرة النزيهة .. بس تحليلى هذا على أساس أن هيكل جزء من الصفقة ..

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

لا أعتقد أن في الأمر صفقة .. دخل هيكل ليحصل على نصيبه منها ..

الأمر في تقديري ببساطة .. أن كل الوجوه الموجودة الآن لا تصلح لمثل هذا الدور ..

فلا أرى أن سمير رجب .. أو ابراهيم نافع .. او ابراهيم سعده .. أو أي شخص آخر من المتاحين الآن على قمة الصحافة والإعلام يصلح لأن يبلغ مثل تلك الرسالة .. أو القيام بهذا الدور .. فجميع الموجودين والمتاحين الآن ليست لديهم أية مصداقية .. ولا شهرة لدى الناس مثل هيكل ..

إذن لا بد من البحث عمن يصلح .. يتحدث بلباقة .. وطلاقة .. وله جاذبيته الخاصة .. ولكلماته المتأنقة الرنانة صدى .. وشجن .. وذكريات في قلوب المصريين .. وقد مر ثلاثون عاماً قد يكونوا الناس نسوا هيكل عبد الناصر ...

إذن فهو هيكل .. الذي يصلح لمثل ذلك الدور .. ولا بأس في ذلك على الإطلاق ..

وإذا كان لهيكل نصيب من ذلك .. فنصيبه .. هو الأضواء من جديد .. والأستاذية .. واللمعان والبريق .. المصاحب للشهرة ..

هذا رأيي .. والله الموفق ...

في القصص الرومانسية القديمة .. يكتب المحب رسالة حب .. ويضعها في زجاجة .. ويرمي الزجاجة في البحر .. لا يهم من سيقرأها .. لا يهم هل ستصل إلي حبيبته أم لا .. بل كل المهم .. أنه يحبها ..
وتاني .. تاني .. تاني ..
بنحبك يامصر .. ...

 

1191_194557_1263789736.jpg


‎"إعلم أنك إذا أنزلت نفسك دون المنزلة التي تستحقها ، لن يرفعك الناس إليها ، بل أغلب الظن أنهم يدفعونك عما هو دونها أيضا ويزحزحونك إلى ماهو وراءها لأن التزاحم على طيبات الحياة شديد"

(من أقوال المازني في كتب حصاد الهشيم)
 

رابط هذا التعليق
شارك

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

نستأنف حديث هيكل .. و هو يستعرض الزعماء الأربعة .. و اسمحولى هنا .. فى الأختصار قليلا .. و القفز بين السطور .. فقد كان الغرض الأول هو .. شرح الأسلوب الكهنوتى فى شرح الأحداث بطريقة تزيدها غموضا و ابهاما .. و لعلنا هنا نريد أن نصل .. لما يريدة السيد هيكل من وراء هذا الخطاب ..

يشير هيكل الى "اللواء" .. و ليس "الرئيس" .. محمد نجيب .. خالعا علية مصطلحا كهنوتيا .. اسمة "يمثل شرعية التغيير من الملكية الى الجمهورية" ولا أعلم كيف يمثل انسان شرعية !!!!

و صفه بأن الظباط وضعو فيه ثقتهم .. لديه قسمات رجل ناضج – و ابتسامة مطمئنة .. و هنا تعارض كبير بين اكتساب ثقة الظبط ووصفة بأنه (شكل ملائم) .. فهو يعطية الشرعية باليمين و يسحبها بالشمال .. الا اذا كان الظباط المصريين .. بلهاء .. اختاروا رئيسا لهم بناء على "منظرة" و ليس على "شخصيته و خبرته" .. يجرد هيكل اارئيس نجيب من كونه انسانا جديرا .. لصالح (القادم و مساعده .. عبد الناصر – هيكل ) .. و يقول انه يمثل الشرعية و فى النهاية يدعى انه رحل قبل أن يؤسس شرعية .. و يقول ان الرجل أدى دورة كاملا .. و لم يحدد اذا كان هذا الدور رسمه القدر أم عبد الناصر ..

أمام اسباب الرحيل فهذه اشكالية عالجها بجملة كهنوتية يستحيل أن يفهمها أحد .. (اعتبارات التغيير وملابساته ـ كانت مختلفة عن دواعي التغيير واحكامه. وفيما بين هذا الاختلاف ـ بين قدوم التغيير، وبين ضغط مطالبه ـ وقع مأزق الصورة الأولى)

اذ أن المعروف أن الدولة كانت محكومة بمجلس قيادة الثورة .. و ليس بمحمد نجيب فقط .. فهل المأزق كان مأزق المجلس كله .. أم مأزق محمد نجيب فقط ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

جمال عبد الناصر :

عبد الناصر "كان يمثل دواعى التغيير !!!" .. و هنا يؤكد ن شرعية يوليو بدأت .. فما هى هذه الشرعية .. و ما مرجعيتها .. أذا استعرنا المصطلحات الكهنوتية لكاهن الناصرية .. ..

يضع عبد الناصر على طريقة أم كلثوم "أفمن عصر مينا الى عصر عمرو .. و من عصر عمرو الى عصر جمال" .. فى اطار حتمية تاريخية .. و نداء القدر .. الخ الخ ..

و الحقيقة .. يلى ذلك فاصل طويييييييل جدا .. يتحدث عن ملامح الثورة فى عهد عبد الناصر .. فيقول ان كل لها ملامح مصرية و قومية و عالمية .. الى أخر الكلام الأنشائى الذى اصبح يصيبنا الغثيان من سماعة .. و قضى على الأحتلال .. و دعم التعليم والتصنيع ووضع اسس مش عارف ايه .. و لكن أنهاها بجملة خطيرة فعلا ..

هذا كلام فى منتهى الخطورة .. لأنه و لأول مرة عرف الشرعية التى وجع دماغنا بها .. و بعد رغى و متاهات لا أول لها ولا اخر .. فوجئنا بالبيه المثقف .. الذى يقف موقف المدرس و المعلم يؤكد بمنهى الصفاقة .. أن الشعارات تؤسس شرعية !!!!!!!! .. فى عرف من ؟؟؟؟ .. القانون و لغيناه .. فهل فى عرف الدين .. أن لو شخص قال يا جماعة أنا سوف أعمل كذا و كذا .. يصبح من حقه شرعا .. أن يمسك بزمام شعب بالقوة ؟؟؟؟

قفز السيد هيكل فوق حرب 56 .. و توقف عند حرب 67 .. و استل لناصر مبررا .. " ومع الاعتراف بضلوع قوى خارجية كبرى في تدبيره وتنفيذه " .. و كأن القوى الكبرى هى حاربت ناصر فقط و تصلح مبررا له .. فى الوقت الذى لا تصلح فيه مبررا لا لمن سبقوة .. ولا لمن تلوة .. و يخفف وصف 67 بأنة شرخ .. كان ممكن يتحول الى كسر لو خرج ناصر من الصورة .. و لكنه عاد .. ( توجد تناقضات كثيرة .. أقفز عليها قفزا ) .. و يقول ان الشرخ فى الشرعية تجبر بخروج الجماهير .. و هى شرعية "مؤقته" لحين "ازالة أثار العدوان" .. و ان هذا كان قرارا لعبد الناصر و يؤكد هيكل أنه كان شاهدا علية .. بالأنسحاب من الصورة .. لماذا ..

" حسابه ان الشعب بموقفه(فى مظاهرات 9 – 10) في تحمل المسئولية والقبول بتبعات استمرار المقاومة، اثبت ان طاقته تجاوزت شرعية الثورة، وشرعية قيادتها معا "

و أضيف من عندى .. بأنه لولا هذا التصرف من قبل الشعب (حسب قول هيكل) .. فما كان لعبد الناصر أن يدرك أن الشعب قد نضج .. وتجاوزت طاقاته مش عارف ايه .. و استحق (جائزة) .. هى شكل اخر من الشرعية ..

و لكن القدر لم يمهلة – أى عبد الناصر – فمات و جاء السادات ..

السادات ..

فى تركيبة بهلوانية .. قال هيكل ان الشرعية الذى ظلت موجودة هى شرعية يوليو .. مضافا اليها .. شرعية السادات .. و انها التى حققت نصر أكتوبر .. و انتهت حين إذ شرعية يوليو (عبد الناصر) .. و بالتلى فهو غير مسؤول عما تلى ذلك .. و يستمر فى فاصل نقدى طويل جدا .. يحاسب السادات حسابا .. لم يحاسبة لعبد الناصر .. و تطرق فيه للأنفتاح و عملية السلام ..

و المؤسف هنا .. ان السيد هيكل يؤسس الشرعية .. تارة على الشعارات .. و تارة على نصر أكتوبر .. و كأن القاعدة .. أن من يقدم خدمة أو عمل مهم أو حتى بطولى .. فأن هذا يؤسس له حقا فى امتطاء هذه البلد .. فى تصوير مقزز .. للأسف استمعنا له كثيرا جدا .. و أذكر أن حسين الشافعى فى شهادته على العصر .. يستنكر اقالة السادات له قائلا .. "يمشينى ليه ؟ .. أنا صاحب بيت " .. بكل أسف و بكل ألم .. كل الشواهد .. ان الظباط ينظرون لنا كأننا شيئ وجدوه على قارعة الطريق .. يتناقلوه فيما بينهم .. و يلهون به كيفما شاؤا .. ولا يقلل نقدى هذا من السيد الرئيس محمد أنور السادات .. رحمة الله عليه ..

حسنى مبارك ..

استل السيد هيكل على لسان مبارك تعبيرا فسرة بأنه دليل على أن شرعيته تختلف عمن سبقوة .. و انه وعد بالتقدم نحو الشرعية الدستورية ..و تلك لم تتحقق و تأخرت لأسباب .. انتهاء الرئاسة السابقة بأسلوب رهابى – نهاية الحرب الباردة !!! –الحروب الأهلية فى أجزاء من الوطن العربى .. فكان من الأرشد الأنتظار و التمهل .. لتلك الأسباب .. و لحين ظهور ملامح مبارك السياسية ..

( أرجو ملاحظة أن العبارات الكهنوتية تقلصت فى هذه المرحلة من خطاب هيكل .. لأنه لم يعد فى حاجة للتقافز بين الجمل .. لقلب الأسود أبيضا و العكس ) ..

يقول هيكل أن الأنتظار طال .. و تحول من إجراء مؤقت الى طبيعة نظام .. فتأخر تحديد الهوية ما اذا كانت وطنية أم قومية – التنمية شمولية أم فردية – السياسة الخارجية بقاء اوراق اللعبة مع أمريكا – و اختلطت الأمور و زاد من خلطها طوارئ هى .. :

تناقص الموارد – مشاكل السودان – تتتنامى قدرات اسرئيل و اتساع الفجوة معها عسكريا وعلميا و تكنولوجيا - اقتراب الصراع الفلسطينى الأسرائيلى من الحدود المصرية ووصوله الى غزة – الفساد المستشرى و تأثيرة الأقتصادى – تراجع الدور الثقافى المصرى .......

الطارئ الأخير كان خلافة مبارك الغير محسومة .. و خاصة ان ولايته على وشك الأنتهاء فى 14 أكتوبر 2005 و لا يمكن لها بحكم الطبيعة ان تتمدد أكثر من ذلك .. و هنا يبقى أحد احتمالين ..

1 – صورة خامسة (حكم فردى خامس ) 2 – باب مفتوح لتطور صحى تستقيم به الأمور و تستقر به الحقوق

و يؤكد هيكل الى حاجة البلد لسند أصيل .. فلم يعد حكم الرجل الواحد مقبولا .. و زاد بنقد الحزب الوطنى

و يؤكد ثانية و يطالب هيكل بشرعية جديدة تتجاوز الشرعية الأبوية و شرعية الرجل الواحد .. شرعية أعلى من ذلك قائلا انه لم يعد هناك ما يستلزم الحكم الفردى لا لسبب ثورى و لا لحرب ولا لأغتيال رئيس

ثم يلخص خطابه .. أن تاريخ الثورة لم يكن شرعية واحدة – لا مجال لحكم فردى جديد .. و هذا يجب أن يحسم بالحوار ..على أن يضم الحوار و التوصل الى قرار الجميع .. جميع الأحزاب ..

عرض هيكل لبعض الشواهد التى يتمنى ان يوافقه الحضور عليها :

1 – مجرد التواجد فى الحكم لا يضفى شرعية ..

2 – الأستقرار و الحذر لا يجب ان يمنع التغيير

3 – مرجعية مصر غير واضحة

4- الكلام عن الأنجازات جميل و لا يتناسب مع تواضع الأنجازات مما سبب الأحباط العام

5 – المتغيرات الأقليمية و العالمية ليست على مستوى طموح المواطن المصرى

كل هذا يستدعى الحوار الجاد لرسم خريطة المستقبل .. و هذا يستدعى همس شاع ياقتراح توريث الحكم.. و سجل أن مبارك نفاه بشدة – و أن الوريث المقترح نفسة أنكر رغيته فى ذلك .. و أثنى هيكل على هذا الموقف منهما ..

و يستدرك هيكا أن مؤتمر الحزب الأخير أعاد هذا اللغط .. و يعبر هيكل عن انه رغم علمه بحبنا لترديد الأشاعات فإنه يفضل استبعاد نفى مبارك و ابنه لموضوع التوريث .. مؤكدا ان موقفه هذا ليس لعيب فى الأبن .. و لكن للأخطار المحتمله لو تم هذا التوريث كبيرة .. و ليس جمال مبارك فى حاجة لها

ثم يقترح هيكل .. ان تطرح الرئاسة مشروع للحوار .. يتناول شكل و خطوط و اجراءات الأنتقال المقبل بشكل مفصل تماما .. قبل أن يسبق السيف العذل .. و نضطر الى حكم فردى اخر ( يفترض وفاة مبارك فجأة أو بحدث هام )

هذا كان خطاب هيكل .. و لى ملاحظات و تعليقات ..

اخوانى و حبايبى و حتة من قلبى .. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

إذن لا بد من البحث عمن يصلح ....... إذن فهو هيكل .. الذي يصلح لمثل ذلك الدور ..

عزيزى سيد .. تتحدث و كأن أحدا دفع هيكل لهذا الدور .. ؟؟؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم .. إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا .. صدق الله العظيم ( النساء – 145 )
رابط هذا التعليق
شارك

عزيزى سيد .. تتحدث و كأن أحدا دفع هيكل لهذا الدور .. ؟؟؟؟؟ 

بصراحة .. عندي شك .. يرقى لدرجة اليقين في ذلك ..

فمن يتابع ماقاله هيكل خلال هذا العام .. سواء على قناة دريم .. أو في الجامعةالأمريكية مؤخراً .. قد يستشف أن هناك رسالة موجهة في كل تلك الحوارات ..

مثال آخر .. مع بعض الفارق ..

كان لحمدي قنديل في برنامجه رئيس التحرير .. صدى لدى بعض الناس .. في فترة من الفترات .. ولكنه قد خفق علىمستوى السياسة الداخلية .. بعد أن أصبح يتحدث فقط عن الانتفاضة .. وأيضاً يمكننا أن نقول أن هناك ضوءاً أخضر يعطى له أو لبعض الأشخاص الآخرين ليتحدثوا كما يرغبون وفي الموضوع الذي يختارونه ..

ولكن الحديث بهذا الشكل .. وبتلك الصيغة

وإذا كان لأحد أن يعرض في هذا الأمر اجتهاداً، فلعلي أتجاسر واقترح أن يكون المنطلق، مشروع تصور مستقبلي تطرحه رئاسة الدولة، ويكون من حوله مدار الحوار ومجاله، حتى يتوصل الى هدفه في فسحة وقت تكفيه

أعتقد أن هذه رسالة موجهة .. وليس كلام بموجب ضوء أخضر .. أو نوعاً من أنواع النفاق ..

هذا رأيي الشخصي .. والله أعلم ..

في القصص الرومانسية القديمة .. يكتب المحب رسالة حب .. ويضعها في زجاجة .. ويرمي الزجاجة في البحر .. لا يهم من سيقرأها .. لا يهم هل ستصل إلي حبيبته أم لا .. بل كل المهم .. أنه يحبها ..
وتاني .. تاني .. تاني ..
بنحبك يامصر .. ...

 

1191_194557_1263789736.jpg


‎"إعلم أنك إذا أنزلت نفسك دون المنزلة التي تستحقها ، لن يرفعك الناس إليها ، بل أغلب الظن أنهم يدفعونك عما هو دونها أيضا ويزحزحونك إلى ماهو وراءها لأن التزاحم على طيبات الحياة شديد"

(من أقوال المازني في كتب حصاد الهشيم)
 

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة

×
×
  • أضف...