الجريمة الكبرى...بقلم: حافظ البرغوثي

[sad14]

بقلم: حافظ البرغوثي

استغرب اللهفة الدولية على تحريك العملية التفاوضية الآن، واستغرب أيضا دعاة المقاومة الذين يرفعونها كشعار للتغطية على أهداف أخرى، ولعل بعض القراء سألوا العبد الفقير لله عن مقصده من القول، في مقالة أمس عن انه لا مقاومة بعد اليوم ولا مفاوضات بعد اليوم، فقلت أن الجواب بسيط، فهل تسمع عن مقاومة منذ فترة؟ وأين وكيف؟ وهل تسمع عن مفاوضات؟ وأين وكيف؟

إن الجريمة الكبرى التي ارتكبت بحق القضية الفلسطينية هي أن الأحداث الأخيرة سدت أي أفق سياسي حقيقي وان تم فتحه الآن فهو لن يؤدي إلى أية تسوية بل سيذهب إليه الفلسطينيون صاغرين عاجزين لتلقي الاملاءات وليس لنيل حقوقهم، أما على صعيد المقاومة فقد حذرنا مرارا من انه منذ اللحظة الأولى التي رفع فيها الأخ السلاح على أخيه فانه يكون قد أطلق رصاصة الرحمة على روح المقاومة، وأحبط النفوس وترك للاحتلال حرية القتل والعربدة في أية بقعة وأي مكان وزمان دون لوم من احد.

لا أتصور أن تحريك العملية التفاوضية سينتج شيئا بل هو مجرد ذر للرماد في العيون وجعجعة بلا طحن، لأن المهزوم على أرضه ومن داخله لا ينجز شيئا ولا يجرؤ على المطالبة بأي شيء، وحتى المكابرون دعاة المقاومة والويل والثبور في هذه اللحظة المريضة يعلمون أنهم اضعف من أن ينفذوا شعارهم لأن الرد عليهم سيكون مدمرا وشاملا، ولهذا اكتفوا بالكلام دون فعل، ولئن كنا حذرنا مرارا من أن الفصائل وحمى الاستقطاب التي ألمت بها ستؤدي إلى انهيار القضية فلأننا كنا ندرك مسبقا أن شق الشعب هو اخطر ما يواجه القضية منذ بدايتها حتى الآن، ففي السابق كان أي انشقاق داخلي يقتصر على عناصر فصائلية وكان الشعب بعيدا عن ذلك ولهذا انتهت كل الانشقاقات بسرعة لأن الشعب كان سباقا إلى وأدها ونسيانها، أما الآن فالوضع مختلف لأننا مررنا بسنوات من الاستقطاب والتعصب الفصائلي أدت إلى دفع العامة إلى اتون الانشقاق والاصطفاف مع هذا أو ذاك وهذه لعمري الجريمة الكبرى تتحملها الفصائل بنسب متفاوتة وستحاسب عليها وقادتها بنسب متفاوتة لأن من يجرم بحق الشعب يجب أن يدفع، ولا يهمنا أن نقول قولتنا هذه في وجه كل من ساهم في هذه الجريمة لأن شعبنا أهم من إرضاء قادة الفصائل وقضيتنا أهم من كل هؤلاء فمن يمتلك ضميرا حيا استنتج أن القضية وشعبها لم يعودا في أيد أمينة. من يمتلك ضميرا لا بد وان يصرخ في قرارة نفسه كفى يا.....