اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

ذكريات تذهب....وتعود


angel

Recommended Posts

هكذا هى ...شابة ...حالمة...عاشقة...رقيقة،بالرغم من أن خطوط العمر ارتسمت على وجههاالشفاف...هى أستاذة جامعية بكلية الحقوق،ولديها ولدان يقيمان خارج البلاد حيث إنهم تخرجوا من كلية حاسبات ومعلومات، ويعملان فى إحدى الشركات العالمية فى مجال الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات(آى تى)،وهى الآن تعيش بمفردها بعد وفاة زوجها الحبيب ..نعم فهو حبها الأول ،وكان أستاذها بالكلية...

وجدت نفسها فى يوم ما تنظر إلى المرآة ،وكأنها لم ترى نفسها منذ فترة طويلة بالرغم من إنها تنظر إليها يوميا..لكن يبدو أن هذه المرة نظرة تأملية للعمر،فعندما لاحظت بعض الخطوط الواضحة على وجهها ورقبتها داعبت نفسها قائله"أيتها المرآة يبدو إنك بلغت سن الشيخوخة ولكننى لا أستطيع الإستغناء عنك فأنت رفيقتى منذ قدومى عش الزوجية"...ابتسمت لمزاحها مع رفيقتها ،فإذا إبتسامتها بروحها العذبة تضفى على وجهها الرقيق رونق جمالى مثير وكأنها فتاة فى العشرين من عمرها...تذكرت فى هذه اللحظة أول مرة نظرت إلى نفسها فى هذه المرآة ،عندما تزوجت بزوجها وقال لها "أنت أجمل بكثير عن هذه الموجودة فى المرآة "كان دائما يداعبها والآن هى تداعب نفسها وتتذكره...حقا تفتقده بشده.

انقطع التيار الكهربائى فشعرت ببعض الخوف... فذهبت لتجلس فى شرفتها على ضوء القمرحتى يمر الوقت ولا تشعر بالوحدة القاتلة فى الظلام الدامس..نظرت إلى القمر وكأن السحر الذى ينبعث من ضوئه أخذها إلى طفولتها وهى فى التاسعة من عمرها ،عندما انقطعت الكهرباء فى شهر رمضان المبارك ،وهى كانت بالخارج مع أولاد الجيران لتلعب بالفوانيس..وكيف إنهم لم يخافوا ولم يسارعوا فى العودة إلى منازلهم ،بل فضلوا أن يكونوا عونا للناس فى إرشادهم الطريق...كيف كانت الناس أيضا تداعبهم وتمازحهم وتقدم لهم بعض الحلوى والتسالى وكأنه نوع من الشكر مقابل تقديم المساعدة لهم...

الوقت يمر.... وهى تغرق بين حين وآخر فىبحر الذكريات...كأن اليوم يوم استرجاع الذكريات...تنفست الصعداء متجهة بعيونها الحالمة إلى السماء ..إنها تحاول أن ترسم أشكالا مختلفة من النجوم المتناثرة..تارة ترسم مجموعة من الأشخاص يتحاورون ويتناقشون فى شىء ما،وهى بينهم تتحدث بأسلوبها الرقيق ...الساحر...الناضج ...كانت ترى نفسها النجم القطبى...تبسمت ..إنها تحب أن تمزح مع نفسها دائما حتى لا تنساها...لازالت تحلق عيونها الجميلة فى السماء بين النجوم وسحرها...وهاهى تلعب مع النجوم تارة أخرى فتصنع مجموعة من الأشكال الهندسية المتراكبة.... وفى هذا الحين تذكرت النجوم التى كانا يحصلان عليها أولادها فى تعليمهما الأولى ..هنا عرفت لما يكون تقدير المتفوق بإهدائه النجوم ،ربما لأنها مستنيرة وموجودة دائما تتزين بها السماء ،هكذا المتفوق ينبغى أن يكون ظاهرا ..شعلة لا تنطفأ..

فى لحظة من التفكير الصامت ...سألت نفسها بعض الأسئلة ...لماذا لم يأتى أولادى للعيش معى؟لماذا تركونى وحيدة هكذا؟إننى احتاج لوجودهم بجانبى...إننى اشتاق إليهم ...ألم ..وحدة..فراق..شوق ..حنين..لقاء....هكذا هى الحياه وينبغى أن اتقبلها كما هى...تنهدت قليلا ،وكأنها تلتمس من الله الصبر والشجاعة ....ابتسمت حتى لا تستسلم للشجن قائله"عندما تأتى الكهرباء سأكتب خطابات لأولادى وسأذهب غدا لإرسالها عن طريق البريد"فهى تحب أن تكتب رسائلها الشخصية بخط يديها، ووجهة نظرها فى ذلك أن الأيدى تستطيع أن ترسم الصورة الحقيقية للمشاعر والاحاسيس ،فهى لا تريد أن ترسل ما بداخلها عبر البريد الإلكترونى ...ربما لأنها تريد أيضا أن تكون رسائلها مميزة،تحمل روحها العذبة التى تتضح من خط يديها...

أمسكت بالساعة الموجودة حول معصم يدها اليسرى ،وهى تحاول جاهدة أن ترى الوقت على هذا الضوء الخافت(ضوء القمر)...لكنها نسيت فكرة معرفة الزمن وتذكرت فقط اللحظة التى قدمت لها هذه الساعة،لقد كانت أول هدية لها من زوجها بل من ذاك الشخص الذى كان يشعرها بأنها إنسانة تحب الحياه لأنه موجودا فيها...تذكرت عندما قبل يديها لأول مرة....كيف كان يذكرها بخجلها ويقلدها فى حركاتها الطفولية التى تتسم بشقاوة الصبيان مع رقة البنات....آه...كم كانت سعيدة يوم زواجهما ،كانت فرحة كالفراشة التى تطير من بستان إلى آخربكل تحرر وإنسيابية خلابة...

كان زوجها يحبها كثيرا..حنون..طيب القلب ..يحب مداعبتها والحديث معها...هاهى تبتسم عندما جاء أمامها مشهد دخولها إلى مطبخ الزوجية لأول مرة لتصنع بعض المأكولات..كيف كانت خجولة من شخصها عندما احترقت هذه المأكولات التى بالتأكيد كانت ستكون لذيذة لولا احتراقها(هذا رأيها)الذى ضحك عليه زوجها عند سماعه ...فقالت وعلى وجهها بعض الخجل "إننى أطهو جيدا هذه المأكولات فى فرن وبوتاجاز والدتى"...تذكرت ابتسامته وحركة يديه على وجهها وكأنه يطمأنها بأن ليس هناك أى مشكلة ،وأخذ يمازحها كعادته قائلا"إذا سوف تفرح حماتى كثيرا لأنها ستأخذ البوتاجاز والفرن الجديد وربما كل ما هو جديد ونأخذ نحن القديم"ضحكا سويا كثيرا ...الغريب إنها عندما عادت من هذه الذكرى إلى الوقت الحالى وجدت نفسها تضحك فعلا وكأنها عاشت هذا المشهد من جديد...

الطقس بارداقليلا ...القمر يتحرك ببطء ملحوظ وكأنه يودعها...سمعت من بعض المارة أن الكهرباء بها تصليحات وربما ستأتى مع الصباح...وضعت وجهها بين كفيها وكأنها ترح نفسها قليلا من مطاردة الذكريات لها...واستغرقت فى النوم على هذا الوضع،واستيقظت بعد ذلك على تغاريد العصافير....عندما أدركت ما هى فيه...تأملت الكون قائله"سبحان الله.... بالليل القمر والنجوم...والآن الشمس والنور فى سماء واحدة.....حقا لكل شىء رونق وسحر خاص يميزه عن غيره ...ليلةأمس كانت مليئة بسرد الذكريات ...والآن أصبح أمس ذكرى من الذكريات ...وما أقوله حاليا سيصبح ذكرى بعد القليل من الوقت ....تأتى ذكرى وتذهب ذكرى،والإنسان فى حد ذاته ذكرى....

رابط هذا التعليق
شارك

مرحبا بك يا angel .

كم انت رقيقة ..واقعية... حالمة ..دقيقة فى رسم الصورة .

اعجبنى فى حكايتك شئ ...ربما لا يلتفت له آخرون ..

غالبية البشر عند افتقادهم للأحباء ..( الراحلين ) ...يشعرون بالحزن ويشعرون بالاسى ...يتذكرون ويبكون ..

لكن فى حكايتك ...كانت الذكرى الحلوة ..( رغم ابتعاد الحبيب ) لها مذاق حلو ايضا .....تتذكرين ....تضحكين ..

جميل جدا الربط بين انقطاع النور فى الطفولة وانقطاعه فى ( مرحلة الشباب الثانى ) ...فى الحالتين شعرت صاحبة الحكاية بالخوف ...لكنه خوف يختلف عن خوف !!!..

اعجبتنى حكايتك ..

اعجبتنى طريقتك فى سرد الخواطر ....

وانا احب الحكايات ...واحب الغوص فى اعماق الحكايات ...

وايضا .......احب الكتابة بخط يدى ....اضع بهذا بعض من احساسى داخل الحروف ...

مرحبا بك معنا فى هذاالمكان المتميز ....

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)

[النساء : 93]

رابط هذا التعليق
شارك

ذكريات لها عبير خاص.. كتبت بأسلوب جذاب.. تحمل ارقى واصفى المشاعر... سلمت اناملك..........

تم تعديل بواسطة شهد
رابط هذا التعليق
شارك

الاخت angel

قصتك رائعة واسلوبك جميل وسردك للاحداث بين الماضى والحاضر فى منتهى الروعة

لقد عشنا معك القصة لانها لمست وتر حساس فى حياتنا هى الزكريات وباحساسك المرهف فى القصة صحيتى فينا تلك الزكريات

سلمت يداك امانى

39078574.gif

الصداقة كنز لا يفنى لازم نحافظ عليه

رابط هذا التعليق
شارك

أختي أنجيل

كثيرا ما أقول إن من القص لشعرا

وحقا تبدو قصتك وكأنها شعر رقيق

أرى من بين الثنايا موهبة رائعة وإشراقة مضيئة

وعقل متأمل واعي لكل ما يحيط به

أتمنى لك التوفيق والنجاح وتكرار المحاولة

أرسين

105724557.jpg

ألام على هواك وليس عدلا ................ إذا أحببت مثلك أن ألاما

رابط هذا التعليق
شارك

شهد ...أشكرك كثيرا على كلامك الرقيق

أمانى...دائما ما تأخذنا الذكريات فى بحورها دون أن ندرى....أشكرك جدا على تعليقك وأسلوبك الجميل..

أرسين....اشكرك على مشاركتك الغالية وحسك المرهف..

رابط هذا التعليق
شارك

ما ساقول هو قليل واكن ما رأيته كثير

... ،فعندما لاحظت بعض الخطوط الواضحة على وجهها ورقبتها داعبت نفسها قائله"أيتها المرآة يبدو إنك بلغت سن الشيخوخة ولكننى لا أستطيع الإستغناء عنك فأنت رفيقتى منذ قدومى عش الزوجية"...ابتسمت لمزاحها مع رفيقتها ،فإذا إبتسامتها بروحها العذبة تضفى على وجهها الرقيق رونق جمالى مثير وكأنها فتاة فى العشرين من عمرها...

الوقت يمر.... وهى تغرق بين حين وآخر في بحر الذكريات...كأن اليوم يوم استرجاع الذكريات...

...تبسمت ..إنها تحب أن تمزح مع نفسها دائما حتى لا تنساها...

... وفى هذا الحين تذكرت النجوم التى كانا يحصلان عليها أولادها فى تعليمهما الأولى ..هنا عرفت لما يكون تقدير المتفوق بإهدائه النجوم ،ربما لأنها مستنيرة وموجودة دائما تتزين بها السماء ،هكذا المتفوق ينبغى أن يكون ظاهرا ..شعلة لا تنطفأ..

...ربما لأنها تريد أيضا أن تكون رسائلها مميزة،تحمل روحها العذبة التى تتضح من خط يديها...

...تذكرت عندما قبل يديها لأول مرة....كيف كان يذكرها بخجلها ويقلدها فى حركاتها الطفولية التى تتسم بشقاوة الصبيان مع رقة البنات....

...القمر يتحرك ببطء ملحوظ وكأنه يودعها...

...وما أقوله حاليا سيصبح ذكرى بعد القليل من الوقت ....

ما أجمل قطعة الكريستال التي نخاف من لمسها كي لا تنكسر

ما أجملك أيتها الأنثى

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...