Hassan بتاريخ: 7 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 يناير 2003 عن صحيفة معاريف الاسرائيلية -------------------- في ظل التوتر المتنامي في العلاقات بين الدولتين: مقالات اسامة الباز المدافعة عن اسرائيل والمنددة بالحملة اللاسامية ضدها في مصر تهدف لارضاء واشنطن 2003/01/06 شمعون بيريس كان سيقول ان هذا شرق اوسط جديد. أما في السياق العسكري فيمكن القول ان هذا حدث سخن الجبهة كلها، أما رجال القانون فكانوا سيطلقون عليه اسم سابقة. الامر يتعلق هنا بثلاث مقالات صحافية نشرها المستشار السياسي للرئيس حسني مبارك، الدكتور اسامة الباز، التي جاءت علي القدس في اطار مفاجأة كبيرة لدرجة انه بدا وكأن كاتبها هو وطني اسرائيلي. أحد الشخصيات المقربة جدا للرئيس المصري قام بطريقة معللة وتفصيلية لم تتم صياغتها أبدا بهذه الصورة علي يد القاهرة الرسمية، بسحب البساط من تحت أقدام الهجمة الأكثر عنصرية ضد اسرائيل في العالم العربي. الباز أوضح لقارئيه ان ليس كل الاسرائيليين موحدين في آرائهم، كما تحدث عن مغزي الكارثة بالنسبة لليهود، وقال ان القيادة الاسرائيلية ليست من لون واحد، وحذر من الانجرار وراء نظريات التآمر التي يتهم بها اليهود. المقالات الثلاث نشرت في صحيفة (الاهرام) واسعة الانتشار في مصر وخارجها. هذه المقالات هي عمل مقنع يستند الي الحقائق ودحض الأقاويل والأخطاء المتجذرة، أكبر الشارحين والمحللين الاسرائيليين لم يكن ليفعل ذلك بصورة أفضل ـ تندروا في القدس........ ....................... جاكي خوجي (معاريف) 5/1/2003 ----------------------- لم استطع ان اجد مقالات أسامة الباز فى الاهرام خاصة و انة لا توجد خاصية البحث :? ماذا قال مستشار الرئيس و راسم سياسة مصر لتمتدحة صحيفة اسرائيلية بهذا الشكل. قال الله تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) سورة الأنفال (60) رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Mohammad Abouzied بتاريخ: 7 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 يناير 2003 http://www.albayan.co.ae/albayan/2000/12/10/ola/22.htm http://www.albayan.co.ae/albayan/2001/01/23/sya/30.htm هم دول الي لقيتهم عن اسامة الباز لكن انشاء الله سوف ابحث اكثر يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
ragab2 بتاريخ: 7 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 يناير 2003 فعلا الجيش الاسرائيلى جيش مغرور ومكابر ومفترى بما فيهم قادة اسرائيل لأنهم خريجى هذا الجيش الدموى مصر أكبر من نظام الحكم الفردى الديكتاتورى الإستبدادى الذى فرضه علينا عسكر حركة يوليو فى الخمسينات وصار نظاما لحكم مصر برنامج الرئيس الإنتخابى لإسكان فقراء الشباب .. سرقه مسؤولون وزارة الإسكان مع المقاولين ..! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
mooh2005 بتاريخ: 8 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 8 يناير 2003 موقع الاهرام فيه امكانية البحث ولكن بشرط ان تدخل على النمرة المجانية للانترنت الخاصة بهم 07770505 اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنى رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
elbana بتاريخ: 8 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 8 يناير 2003 تلك هي المقالة الأولى بتاريخ 23/12/2002م . -------------------- الحقيقة والأسطورة في معــاداة السـامية والبروتـوكولات والاضطهاد النازي والهولوكوست( المحرقة) بقلم: د. أسامة الباز **شهد تاريخ المجتمعات الأوروبية في القرون الثلاثة الماضية ظواهر وأحداثا معينة أفرزت مفاهيم بالغة الخصوصية, يتعذر علي غير الأوروبيين أن يفهموها فهما صحيحا ويدركوا مضمونها العقلي والاجتماعي والأخلاقي, وأبعادها ونتائجها في هذا السياق التاريخي الذي لايعبر إلا عن الروح الأوروبية في حقبة زمنية محددة. ولأن شعوب الأمة العربية ومنطقة الشرق الأوسط كانت بعيدة تماما عن هذه الأحداث, ليس من ناحية المكان وحسب, وإنما أيضا من ناحية رؤيتها لطبائع البشر وظروفهم الاجتماعية والنفسية, فإنها لم تدرك حتي اليوم حقيقة تلك الأحداث وجوهرها, بل إنها وجدت صعبا عليها أن تحيط بالمناخ الذي كان سائدا في المجتمع الأوروبي في تلك الحقبة الزمنية التي شهدت عدة ثورات وعمليات تحول قلقة بقدر ما شهدت من مظاهر التقدم والإبداع, غير انها ـ أي القارة الأوروبية ـ شهدت عدة ممارسات يسيطر عليها التعصب الأعمي والشعور الكاذب غير المبرر بالتفوق علي الغير, وهو شعور قام في بعض الأحيان علي إحساس طاغ بأن غيرهم هو بالضرورة متخلف وغير متمدن, لمجرد أنه مختلف عن الأوروبيين, وانعكس كل هذا في الظاهرة الاستعمارية الإمبريالية, كل هذا في الوقت الذي كان فيه الأوروبيون يفاخرون فيه بثورة الاستنارةenlightenment وعصر النهضة, والإنجازات الفلسفية والفكرية والعملية التي حققت للإنسان قدرا هائلا من التقدم العلمي الذي كان نتاجا لعقل متميز متفوق. وكان من الملامح المميزة لتلك الحالة الأوروبية النظرة لليهود ـ جامعات وأفرادا ـ نظرة تعال وشك وارتياب, لمجرد أنهم مختلفون عن غيرهم في الديانة والشكل والطباع, مما أدي إلي انتشار الممارسات المعادية لديهم, التي قصد بها ترويعهم وإيجاد المبرر لاضطهادهم, إلي حد وصل إلي محاولة تصفيتهم والقضاء عليهم, وانتشرت تلك الظاهرة في كثير من انحاء القارة الأوروبية شرقا وغربا, فنجد أن روسيا القيصرية شهدت هجمات جماعية علي الجماعات اليهودية, أطلق عليها اسم البوجروم, ووقعت تلك الهجمات في وقت مقارب لما كان يحدث في وسط القارة الأوروبية وبلغ ذروته في الحقبة النازية في ألمانيا والدول التي احتلتها في شرق وغرب القارة, وهي أحداث سوف نتعرض لها فيما بعد, في حين أن باقي القارات كانت بعيدا عن تلك الأفكار والممارسات الظلامية الهمجية غير الإنسانية, وبعبارة أخري فإن أوروبا جمعت في تلك الفترة بين التقدم المادي والعلمي والصناعي والحضاري وبين الكثير من صور التخلف والتردي المعنوي والأخلاقي, دون أن يتنبه الأوروبيون إلي وجوب القضاء علي هذا التناقض المشين أو علي الأقل تضييق دائرته. وفي ذروة هذه الأحداث ـ في عام1879 بالتحديد ـ أصدر الصحفي الألماني اليهودي فيلهيلم مار كتابا بعنوان انتصار اليهودية علي الألمانية من منظور غير ديني, استخدم فيه لأول مرة تعبير معاداة الساميةantisemitism وكان مدلول هذا التعبير حسبما استخدمه المؤلف هو الشعور المعادي لليهود بالذات, دون غيرهم من الشعوب أو الجماعات غير اليهودية التي تندرج في عداد الجنس السامي من الناحية العلمية, كالعرب وغيرهم من الجماعات البشرية التي عاشت في الشرق. ولكي نفهم مدلول هذا التعبير, يجب أن نتذكر أن الكتاب المشار إليه صدر بعد المضاربات التي أعقبت الحرب الفرنسية ـ البروسية(1871) التي أدت إلي إفلاس كثير من الأثرياء الألمان, الذي ألقوا باللوم علي اليهود واعتبروهم مسئولين عن هذا الإفلاس, ولم تكن هذه التطورات مقصورة علي بروسيا( وهي منطقة ألمانية) وفرنسا وحدها, بل انها انتثرت في كثير من الأحيان في شرق ووسط أوروبا, حتي تصور البعض أنها ظاهرة عامة, وهكذا ذاعت النظريات والمفاهيم التي حاولت أن تجد تفسيرا لهذا السقوط, حتي إذا كان تفسيرا عنصريا لايستند إلي أساس علمي أو أخلاقي. وإلي جانب هذا تنبه بعض المفكرين الأوروبيين إلي التمييز بين معاداة اليهودية ومعاداة السامية, فالأولي تمثل عداء دينيا محضا للعقيدة اليهودية ذاتها لأن اليهود لم يؤمنوا بالسيد المسيح بل إنهم مسئولون عن إيذائه وصلبه, أما الثانية فكانت حركة ضد الجماعات ذات سمات وطبائع وسلوكيات معينة لاترتبط مباشرة بالمعتقدات الدينية, أي أن التعبير استخدم للدلالة علي معاداة الشعب ذاته كجماعة بشريةvolk بالألمانية أوfolk بالانجليزية, أي أنه أصبح يستخدم للتعبير عن العداء لليهود بوصفهم عرقا أو جنسا, وبعبارة أخري فإن هذا التعبير يشير إلي عداء علماني وليس دينيا أو عقائديا, ونتيجة لهذا المعني, كانت معاداة اليهودية تزول إذا تحول اليهودي إلي المسيحية, أما معاداة السامية فتظل تطارد الشخص بصرف النظر عن ديانته, طالما أنها مسألة عرقية عنصرية. {{{ ولما كانت معاداة السامية مفهوما علمانيا غير دائم علي أساس الانتماء للديانة اليهودية, فكان طبيعيا أن يبحث أنصارها عن أسانيد معينة ليثبتوا بها نظريتهم ورؤيتهم, وكان من تلك الأسانيد التي شاع استخدامها بروتوكولات حكماء صهيون, ورواية فطيرة الدم وما إلي ذلك, وظلوا يرددون تلك الروايات ويروجون لها في مجتمعات مختلفة رغم أنه لم تثبت صحتها, غير أن شيوعها أثار علي اليهود الكراهية والبغضاء بمقولة إنهم اناس أشرار متآمرون ومخادعون, مما ولد عند شعوب أخري الخوف من اليهود والرغبة في الانتقام منهم والحد من شرورهم. أما البروتوكولات المزعومة ـ وعددها24 بروتوكولا دونت في صورتها الأولي في مائة وعشر صفحات ـ فقد نسبت زورا إلي كبار حاخامات اليهود الذين قيل إنهم حرروا هذه البروتوكولات عام1897, ليسجلوا فيها مشروعهم التآمري, الذي يهدف إلي اقامة إمبراطورية عالمية تخضع لسلطان اليهود وتديرها حكومة عالمية, ويزعم أصحاب هذه الأكذوبة أن ممثلين للماسونيين الأحرار والليبراليين والعلمانيين والملحدين والاشتراكيين تآمروا مع هؤلاء الحاخامات لتمكينهم من تحقيق السيطرة علي العالم. ونشر الكتيب الذي يحتوي علي تلك البروتوكولات المزعومة لأول مرة عام1905, كملحق لكتاب ألفه رجل روسي كان يعمل في بلاط القيصر اسمه سيرجي نيلوس, الذي ادعي أنه تسلم المخطوط من صديق له ادعي انه حصل عليها من سيدة تدعي مدام ك التي ادعت بدورها أنها سرقتها من أحد أقطاب الماسونية في فرنسا, غير أن نيلوس نفسه أخبر أحد النبلاء الروس بأن هذه السيدة حصلت علي المخطوط من رئيس البوليس السري الروسي في فرنسا, وأن هذا الأخير سرقها من أرشيف ماسوني, ثم انتقلت هذه البروتوكولات المزعومة إلي غرب أوروبا عام1919 بواسطة بعض المهاجرين الروس. {{{ وهناك الكثير من الأدلة والقرائن التي تثبت أن هذه البروتوكولات مزورة, فأولا من غير المعقول أو المنطقي أن يلتقي عدة أفراد من أقلية صغيرة لكي يخططوا للسيطرة علي العالم, ثم يسجلوا هذه المؤامرة في كتيب من105 صفحات, لابد أن يفتضح أمره عاجلا أم آجلا ويكشف المؤامرة المزعومة, وثانيا فقد ظهر كتاب في عام1864 ألفه موريس جولي يسخر فيه من نابليون الثالث تحت عنوان: حوار في الجحيم بين مكيافيللي ومونتسكييه أو السياسة في القرن التاسع عشر, وقد اكتشف بعض الخبراء المدققين كثيرا من أوجه الشبه بين الكتاب والبروتوكولات, وفضلا عن هذا فمن الغريب أن تؤلف مجموعة من كبار الحاخامات اليهودية وثيقة كهذه دون أن يكتبوا فيها كلمة واحدة بالعبرية المستخدمة في التوراة والتلمود أو باللغة اليديشية التي يستخدمها يهود أوروبا( الاشكنازيم) والتي تصدر بها صحف عديدة في أوروبا والأمريكتين حتي اليوم, ويضاف إلي هذا أيضا أن الأحوال القلقة التي كانت سائدة في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر وفي القرن الذي تلاه والربع الأول من القرن العشرين شهدت الكثير من الهزات السياسية والثورات, وكان أهمها الثورة الفرنسية( التي وقعت في عام1789) وبعدها ثورة البلاشفة عام1917, وكانت القوي المحافظة التي تمسك بزمام الحكم في أوروبا شرقا وغربا تخشي من عواقب هذه الثورات والقلاقل, فلجأت إلي كثير من الأساليب لوقف عجلة التدهور في أوضاعها, وربما كانت هذه البروتوكولات من الأساليب التي استخدمتها لإظهار أن ما يحدث في أوروبا بل في العالم أجمع هو مؤامرة نسجت خيوطها الأقلية اليهودية في أوروبا. كذلك فإن من يطالع هذه البروتوكولات المزيفة سوف يكتشف للوهلة الأولي أن مؤلفيها يتطوعون بوصف اليهود ـ أي وصف أنفسهم ـ بأحقر الصفات وأدناها, فيقولون في البروتوكول الأول مايلي: من خلال الصحافة اكتسبنا نفوذنا, وبقينا نحن وراء الستار, وبفضل الصحافة كدسنا الذهب, ولم نكترث لأن ذلك تسبب في أنهار من الدم, ويصعب علي أي عاقل أن يصدق أن كبار رجال الدين ـ أي دين ـ يتطوعون بإلصاق هذه التهم بأنفسهم وبشعبهم وتسجيلها ـ تاريخيا ـ علي أنفسهم وعلي اخوانهم في الدين. وأخيرا, فإن من يطالع تلك البروتوكولات بعناية وتدقيق لن يصعب عليه اكتشاف حقيقتين مهمتين: الأولي:أن معظم الموضوعات التي تشير إليها تلك البروتوكولات كانت موضوعات روسية بحتة فقد تضمنت دفاعا عن الاستبداد المطلق, وعما يسمي الأرستقراطية الطبيعية الوراثية كما حوت هجوما شرسا علي الليبرالية والاشتراكية, وكل هذا يبين أن كاتب هذه الأوراق المزيفة كان روسيا في مفاهيمه واهتماماته, وأنه كان يعبر عن رؤية الطبقة الحاكمة الروسية في الفترة الأخيرة لحكمها. والثانية: أن البروتوكولات تجعل اليهود مسئولين عن الشئ ونقيضه في وقت معا, فهم مسئولون عن الخير والشر.. عن الثورة والثورة المضادة, وعن الرأسمالية والاشتراكية, وعلي سبيل المثال, نجد أن البروتوكول السادس يقول إن علي الجماعات اليهودية أن تعمل علي تخريب الصناعة ورفع أجور العمال, حتي تعم حالة من الفوضي, وواضح أن هذه التهم هي انعكاس للواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي كان سائدا في أوروبا في هذه المرحلة التي انتشرت فيها قيم العلمانية والنفعية, وهكذا تم الجمع بين الرأسمالية والاشتراكية علي أساس أنهما معا من اختراع اليهود. وإلي جانب كل هذا, علينا أن نأخذ بعين الاعتبار إلي أن هتلر قد استخدم هذه البروتوكولات المزعومة لتحريض الشعب الألماني علي اليهود والادعاء أنهم يتآمرون عليه ويخربون الاقتصاد الألماني ويعملون علي تقويض كيان الدولة بالتآمر مع جهات خارجية, لأنهم لا يدينون للدولة التي يعيشون فيها بالولاء, كل هذا لكي يصل إلي مبتغاه, الذي تلخص في تطهير ألمانيا والدول التي احتلتها من اليهود, مما أدي إلي إبادة عدد كبير من يهود أوروبا وتصفيتهم جسديا. أما حكاية فطيرة الدم التي مازال البعض يستخدمونها حتي اليوم, فقد قامت في صورتها الأولي علي اتهام اليهود بأنهم درجوا علي قتل شخص مسيحي ـ حبذا لو كان طفلا ـ في عيد الفصح سخرية واستهزاء بالسيد المسيح في مناسبة صلبه, ونظرا لأن عيد الفصح المسيحي وعيد بيسع اليهودي قريبان, فقد تطورت الرواية إلي الزعم بأن اليهود يستخدمون دماء ضحيتهم في شعائرهم وأعيادهم الدينية, خاصة في عيد الفصح اليهودي, وقيل في هذه الروايات المبنية علي الخرافة إن اليهود يصبون دماء ضحاياهم علي عجين الخبز غير المخمر( الماتزوه) ومن المعروف أن هذا الخبز أوالفطير غير المخمر يصنع في عيد الفصح اليهودي تمجيدا لما قام به اليهود الذين غادروا مصر بقيادة سيدنا موسي عليه السلام هربا من بطش فرعون ورجاله, ونظرا لأن رحلة الخروجexodus من مصر كانت تتطلب زادا كثيرا عماده الخبز, فقد أمر موسي أتباعه بأن يعدوا الخبز قبيل بدء الرحيل مباشرة, وهو ما استدعي ألا يتم تخمير الخبز, وتطورت الأسطورة فيما بعد إلي أن اليهود يقدمون ضحايا بشرية إلي ربهم, أو أنهم يستخدمون دماء هؤلاء الضحايا في صنع الأدوية أو علاج الجروح الناجمة عن عملية الختان أو لتنشيط القدرة الجنسية. وكان الترويج لتلك التهمة يأتي عند اختفاء أي طفل مسيحي, فيكفي أن يذكر أي شخص أنه شاهد هذا الطفل يسير بجوار الحي اليهودي, وسرعان ما يتجه الناس إلي اتهام بعض اليهود المقيمين في هذا الحي بقتل الصبي وتصفية دمه لاستخدامه في تقديم القرابين أو للعلاج, وكانت عقوبة تلك التهمة عادة في منتهي القسوة, وغالبا كانت تؤدي إلي شنق المتهم, ولم يقل أحد أن حادثة من هذا القبيل قد وقعت في بلد إسلامي, إلا في حادثة قيل إنها وقعت في دمشق عام1840, حيث اتهم يهود دمشق بقتل أحد الرهبان الفرنسسكان( الأب توما) وخادمه المسلم ابراهيم عمارة بعد أن تم اختطافهما, وزعمت الرواية الملفقة أن الخاطفين كانوا من اليهود, وأنهم قاموا بتصفية دمائهما لاستخدامه في صنع الماتزوه, غير أن أحدا لم يستطع أن يقدم دليلا كافيا علي هذه الواقعة, ومن المفيد في هذا السياق أن نأخذ بعين الاعتبار أن توجيه تلك التهمة إلي اليهود قد شاع في الأوقات التي اتهمت فيه جماعات أو شخصيات يهودية في الغرب بالقضاء علي بعض رجال الأعمال عن طريق إقراضهم بفوائد ربوية, وقيل عندئذ ان المرابين اليهود قد مصوا دماء هؤلاء الصناع أو التجار والزراع المساكين وتحولت عملية مص الدماء هذه إلي أسطورة الفطيرة المزعومة لكي تترسخ الصورة السلبية الرائجة في مجتمعات كثيرة عن اليهود الذين يتركز نشاطهم في الإقراض الربوي. {{{ وإذا انتقلنا إلي الحركة النازية, فسوف نجد أن بعض الكتاب والمعلقين المحدثين وبعض هؤلاء الذين انخرطوا في نشاط جماعات سياسية تنسب نفسها إلي الاسلام في الوطن العربي يبدون أحيانا تعاطفا فجا مع النازية ويدافعون عنها وعن أعمالها, ناسين أنه ليس هناك علي الإطلاق ما يربط بين النازية والعرب أو المسلمين, وأن فلسفة النازية تقوم علي رؤية عنصرية عرقية متعصبة, تستند إلي تفوق الجنس الآري علي ماعداه, وتعطي نفسها الحق في إبادة الآخرين, عن طريق اللجوء إلي الحل النهائي للقضاء علي اليهود بتصفيتهم جسديا علي نحو منهجي منظم وصارم, ولم يكن اليهود هم الفئة الوحيدة التي لقيت هذه المعاملة الوحشية, بل خضع لها الغجر والسلافيون والعجزة والمعوقون والمتسولون. وقد جعل هتلر هذا الجانب من نظريته التي شرحها في كتابه كفاحي عنصرا أساسيا, وركيزة يعتمد عليها في دعوته للقضاء علي كل الفئات التي تعترض طريق الجنس الآري( الذي يقف الشعب الألماني علي أعلي درجاته نقاء وعبقرية), وفي سعيه لتأليب رجال الصناعة وأصحاب الشركات الكبري علي اليهود الذين لا عمل لهم سوي تخريب الاقتصاد الألماني وإضعاف الرايخ الثالث, إما بالسيطرة علي حركة تداول المال والإقراض, أو الولاء لجهات أجنبية ونشر الأفكار الماركسية الشيوعية, عن طريق الانحلال الخلقي. وإذا كان أحد مفتونا بهلتر لقدرته الخطابية وسطوته الغوغائية علي الجماهير, أو لأنه كان معاديا لبريطانيا التي كانت تستعمر مصر وكثيرا من البلدان العربية, فلينظر إلي مافعله بالشعب الذي أصبح أسيرا لقيادته الدكتاتورية إلي درجة تأليهه وعبادته, فقد جلب علي هذا الشعب هزيمة عسكرية منكرة حيث فرض آراءه وأفكاره العقيمة علي القادة العسكريين ذو الخبرة والتجربة, وقام بإعدام من أبدي رأيا سلبيا في خطط الفيورر( كما كانوا يسمونه) التي كان يضعها ولا يقبل فيها مناقشة من أحد, فقام بإرسال الجيوش الألمانية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا في وقت واحد, لدرجة أن جيوشه أصبحت غير قادرة علي الصمود في معارك دائرة علي جميع الجبهات, ثم إنه تسبب في تقسيم ألمانيا بعد هزيمتها إلي أربع مناطق احتلال تسيطر عليها دول الحلفاء( أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا), كما تمت محاكمة جميع أعوانه ـ بعد انتحاره ـ أمام محكمة نورينبرج ـ وترتب علي هذا الوضع فيما بعد تقسيم ألمانيا إلي ألمانيا الديمقراطية( الشرقية الخاضعة للنفوذ السوفيتي المباشر) وألمانيا الفيدرالية( الواقعة تحت نفوذ الغرب), وفرض علي ألمانيا تغيير نظام التعليم والمناهج الدراسية تغييرا شاملا ودفع تعويضات ضخمة عقابا لها علي عدوانها علي الشعوب الأوروبية وعلي الشعب اليهودي وقبلت ألمانيا أن تقدم تعويضات سخية لإسرائيل رغم أنها لم يكن لها وجود وقت وقوع جرائم هتلر, ولم تكن تربطها أدني صلة بمن تم تعذيبهم وسحقهم, وبذلك يكون هتلر قد تسبب في خسائر جسيمة عاني منها الشعب الألماني معاناة بالغة, ولم يتم توحيدها إلا بعد سقوط النظام الحاكم في الاتحاد السوفيتي وتفكك منظومة الدول الاشتراكية, وبعبارة أخري ظل الشعب الألماني يدفع ثمن سياسات هتلر وممارساته مدة تجاوزت أربعين عاما, ويكفي أن نذكر في هذا الصدد أن المستشار الألماني شرودر أعلن منذ أيام أن حكومته قررت تقديم مجموعات من صواريخ باتريوت التي تصنعها طبقا لاتفاق عقدته مع أمريكا, كما أنها تدرس بكل جدية إمكانية تقديم مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل, ومن الجدير بالملاحظة أن شرودر ذكر بعد اجتماع مع الرئيس الإسرائيلي كاتساف في برلين أن بلاده ملتزمة بمساعدة إسرائيل انطلاقا من مسئولية ألمانيا تاريخيا وأخلاقيا. وكان من أبشع الوسائل التي استخدمها هتلر لتصفية الجماعات اليهودية في ألمانيا وفي جميع الدول التي احتلتها جيوشه! معسكرات الاعتقال الجماعي التي استخدمت فيها وسائل عدة للقضاء علي اليهود في مرحلة ما, وأطلق عليها بعد ذلك اسم الهولوكوست أي المحرقة, التي كانت واحدة من الوسائل التي اقترحها هتلر علي أنصاره ومعاونيه للتخلص من اليهود, ومنها التجويع والإجبار علي الدخول غير مسلحين في قتال غير متكافئ اطلاقا مع جنود النازي والتهجير الاستيطاني الاجباري إلي دول أخري( في شرق أوروبا) وكان أوضح مثال لهذا التهجير الاجباري, الذي تم بمقتضاه تهجير اليهود الألمان الذين ينحدرون من أصول بولندية إلي بولندا, وعندما أغلقت بولندا الحدود في وجه هؤلاء المهجرين بغير رضاهم وإرادتهم, تم وضع اليهود ـ مع غيرهم من الجماعات غير المرغوب فيها مثل الغجر وهؤلاء الذين ينحدرون من أصول سلافية ـ في معسكرات أطلق عليها بعد ذلك وصفconcentrationcamps, وكان أشهر تلك المعسكرات علي الاطلاق هو معسكر أوشفيتس ـ بيركناو ـ ويختلف المؤرخون في تحديد الوسائل التي استخدمت لتصفية اليهود والجماعات الأخري غير المرغوب فيها, وشكك بعض هؤلاء المؤرخين في أن ألمانيا النازية استخدمت غازا ساما للقضاء علي اليهود جماعيا, وتلك تفاصيل لاتعنينا, كما أننا لايجوز أن نتوقف عند العدد الدقيق لليهود الذين لاقوا حتفهم في هذه المعسكرات, فمن المؤكد أن هذا العدد بلغ عدة ملايين, بدليل أن تعداد اليهود في بولندا وألمانيا وروسيا وهولندا وفرنسا قد انخفض انخفاضا ملموسا تحت الاحتلال النازي, كما أن عدد السكان اليهود في مدينة كييف عاصمة أوكرانيا قد انخفض من نصف مليون نسمة عام1940 إلي ربع مليون فقط بعد احتلال الألمان لها ببضعة أشهر, وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بتعرض الجماعات اليهودية لممارسات ترتب عليها قتل أعداد كبيرة منهم جماعيا دون أن توجه اليهم تهم معينة, أي أنهم كانوا هدفا لعمليات تصفية أودت بحياة أعداد هائلة, ومازال بعض اليهود الذين هربوا من ديارهم فرارا من الحكم النازي أحياء يتذكرون جيدا الأهوال التي عانوا منها وهم أطفال وصبية صغار, ولا يقلل من بشاعة هذه الجريمة التي كانت أبعد ما تكون عن الانسانية والعدالة أن تكون شعوب وجماعات أخري غير اليهود قد تعرضت لممارسات مشابهة, فمن الموكد أن القوات النازية أعدمت عدة ملايين من الروس المحاربين وغيرهم. {{{ وبالإضافة إلي كل هذا فقد سجلت بعض وقائع تلك المحرقة في أفلام سينمائية في وقت لم تكن فيه السينما قد تطورت إلي حد الخدع السينمائية والفبركة التي أصبحت شائعة هذه الأيام باستخدام أجهزة الكمبيوتر ووسائل محاكاة الواقعsimulators, بحيث إنه لا يمكن القول إن مسألة الإبادة الجماعية لليهود كانت أكذوبة. وصحيح أن بعض الكتاب الأوروبيين وغيرهم قد شككوا في صحة أرقام اليهود الذي تمت إبادتهم علي أيدي الفرق النازية, غير أن هذا لا يهمنا في قليل أو كثير, فالمهم هو المبدأ وليس الحجم الحقيقي للكارثة, كما أن بعض الكتاب اليهود ـ مثل نورمان فينكلستين ـ قد ذكر في كتابه صناعة الهلوكوست الذي نشر في عام2000 أن منظمات صهيونية هي التي جنت أكبر قدر من الاستفادة بالتعويضات التي دفعتها ألمانيا تكفيرا عن جرائم النازية, وذلك علي حساب ضحايا المحرقة ومن عانوا من هلاك ذويهم في تلك المعركة البربرية, ومنهم والدة المؤلف المذكور. المهم أنه منذ ذلك الحين, ذاع استخدام تعبير معاداة السامية في الدوائر الأوروبية بمعني معاداة اليهود وحدهم كأفراد وجماعات وشعب, ولم يكن أولئك الساسة الذين استخدموا هذا التعبير أو الاصطلاح يقصدون به المعني العلمي المستمد من علم الأجناس والدراسات الإثنية وأصل الإنسان, الذي يفيد أن العرب وغيرهم ممن هم من سلالة سيدنا إبراهيم عليه السلام يندرجون تحت هذا المسمي, وإنما كانوا يقصدون بمعاداة السامية, معاداة اليهود وحدهم كجماعات أو فئات عرفتها الشعوب الأوروبية, ومن هنا جاء استخدام لتعابير مثل الشخصية اليهودية والأخلاقيات اليهودية والثقافة اليهودية والشعب اليهودي. ويبدو أن هذا التفكير يستند أساسا إلي افتراضين خاطئين: الأول: أن اليهود جميعا سواء, يشتركون في سمات واحدة, سواء بيولوجيا وجسمانيا أو أخلاقيات واحدة, ويقبلون علي مهن معينة, كالتجارة وإدارة المال وإقراضه بفوائد ربوية, بصرف النظر عن اختلاف البلاد والمجتمعات التي نشأوا فيها أوانتسبوا إليها والوسط الاجتماعي الذي ينتمون إليه, وبدهي أن هذا الطرح فاسد وغير سليم, فالقول إن اليهودي الأمريكي أوالأوروبي مطابق تماما لليهودي الشرقي القادم من الحبشة( الفلاشا) أو الهند( بني إسرائيل) هو قول تنفيه الحقائق العلمية, وأي دراسة موضوعية تظهر أن اليهود يتأثرون كغيرهم بالبيئة التي يعيشون فيها. الثاني: أن هؤلاء اليهود يختلفون تماماعن باقي البشر, إما عرقيا أوسلوكيا أوثقافيا, ومن ثم فيجب أن ينظر إليهم نظرة مختلفة, وبالتحديد يجب أن يعتبروا أغيارا أوآخرين ليسوا من نفس الأصل الجنسي أو العرقي أوالثقافي لغيرهم من البشر, وتبعا لهذا التفكير يمكن أن يصبح اليهود ـ وهم أقلية ضئيلة لاتتعدي ثمانية عشر مليونا من البشر ـ محلا لنظريات عنصرية عدائية تؤدي إلي كراهيتهم واضطهادهم, طالما أنه يسهل فرزهم وتصنيفهم كجماعة مختلفة جذريا عن الجماعات التي يعيشون فيها, وذلك لأن كثيرا من الناس قد جبلوا علي أن الغير لايمكن أن يكونوا مثلهم في السمات والأخلاقيات والسلوكيات, ومن هؤلاء المفكرين يهود وقعوا في خطأ وضع اليهود جميعا في سلة واحدة والاعتقاد أنهم جميعا سواء, كما أنهم مختلفون تماما عمن عداهم, مثل موسي هيس ومارتن بوبر وتيودور هيرتسل نفسه, حيث استخدم الأخير تعبيرات مثل الجنس اليهودي والعرق اليهودي, كما أنه أشار أكثر من مرة إلي التشابه الذي وجده بين يهود فيينا ويهود باريس. ويستطيع من يرغب في التعمق في فهم هذه الظاهرة أن يرجع إلي البحث العلمي الرصين الذي نشره الأستاذ الجامعي المدقق الدكتور عبدالوهاب المسيري بعنوان موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية, وهو مرجع قيم أراه لازما لكل مكتبة أو دار عربية. إذن يتضح من كل ما تقدم أن ظاهرة معاداة السامية أو اليهودية بالمعني المستخدم في الفكر المعاصر كانت نتاجا أوروبيا خالصا, وتعبيرا عن واقع نفسي واجتماعي وتاريخي كان قائما في فترة زمنية معينة, وإن كان نطاقها قد اتسع أحيانا في القرن العشرين ليشمل مناطق تقع خارج القارة الأوروبية, ولكن بدرجة أقل من التعصب والتطرف. ونحاول في مقال الغد الإجابة علي التساؤل: هل كان العرب أو المسلمون معادين للسامية أو اليهود بالمعني الذي أشرنا إليه في أي حقبة من تاريخهم القديم أوالحديث؟. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
elbana بتاريخ: 8 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 8 يناير 2003 وتلك هي الثانية بتاريخ 24/12/2002م . --------- الحقيقة والأسطورة في معــاداة السـامية والبروتـوكولات والاضطهاد النازي والهولوكوست( المحرقة) ـ 2 بقلم: د. أسامة الباز كما ذكرنا في مقال الأمس, فلم يكن غير اليهود وحدهم هم الذين وقعوا في هذا الخطأ, بل إن بعض اليهود الذين اعتنقوا الصهيونية قد أسهموا في هذا اللبس أو الخلط غير العلمي, حين افترضوا أن هناك عرقا يهوديا مستقلا ومختلفا عن الأعراق الأخري, وبذلك سلموا بأن أساس الهوية اليهودية jewishidentity أو الشخصية اليهودية هو الانتماء العرقي ولم أقصد بما ذكرته في الفقرات السابقة أن أورد بحثا علميا أو نظريا مجردا, وإنما حرصت علي أن أفعل هذا لكي أتوصل إلي إجابة أرجو أن تكون صحيحة للسؤال التالي: هل كان العرب أو المسلمون معادين للسامية أو اليهود بالمعني الذي أشرنا إليه في أي حقبة من تاريخهم القديم أوالحديث؟. وأعتقد أن أي باحث منصف سوف يتجه إلي الإجابه عن هذا السؤال بالنفي, أولا لأن العرب يؤمنون بأنهم ـ شأنهم في هذا شأن اليهود ـ من سلالة سيدنا إبراهيم عليه السلام, إذن فهم أبناء عمومة وليسوا غرباء أو مختلفين, طالما أنهم يتفقون في الأصل العرقي والثقافي, وعلي هذا فلا يمكن أن ينظر العرب لليهود نظرة عداء أو كراهية أو دونية, طالما أنهم من سلالة واحدة وأصل مشترك, فلا يمكن أن يكون الإنسان معاديا لمن كان يشترك معه إلي أصل أونسب واحد, لأنه اذا فعل هذا يكون معاديا لنفسه. وتدل المؤشرات والأبحاث العلمية علي أن العرب لم ينظروا ـ طوال تاريخهم ـ للأغيار أو الآخرين من منطلق المفاضلة بين الأجناس والأعراق, أو علي أساس إثني أو عنصري حسب الاصطلاح المعاصر, وإنما كل التفاخر والتفاضل مبني علي أساس قبلي بحت, فقريش كانت تحتل موقع القمة عدة قرون بين القبائل التي عاشت في الجزيرة العربية, وفضلا عن هذا فلم يكن اليهود الذين يعيشون مع العرب في شبه الجزيرة مختلفين أو متميزين عن العرب, لا في السمات الشكلية الجسدية كتكوين الرأس ولون البشرة وشكل العين والأنف والشعر, ولا في مناطق السكن, ولم يعرف التاريخ العربي نظام الجيتو أو حارة اليهود كما أطلق عليها في أوروبا, ولم يمارس اليهود الذين عاشوا في شبه الجزيرة العربية مهنا أو حرفا غير تلك التي مارسها سائر سكان تلك المنطقة من القارة الآسيوية, ولا رصدت أي فوارق اخلاقية أو سلوكية بين الطرفين. وعندما ظهرت حركة القومية العربية في العصر الحديث, فإنها لم تكن معادية لليهود علي الاطلاق لأنها لم تقم علي أساس عرقي أو إثني, وإنما قامت علي أساس اشتراك الشعوب العربية في التاريخ والثقافة والمصلحة الواحدة, ودعت إلي توحيد صفوفهم وتعبئة قواهم البشرية والمادية للذود عن أمنهم ومصالحهم الحيوية, والخلاص من العدو المستعمر واسترداد الحرية والكرامة, حتي تتمكن الأمة العربية من أداء دورها الحضاري الذي يتناسب مع رصيدها الثقافي والحضاري وحماية أمنها الجماعي وحقها في التقدم, وبعبارة أخري, فقد كان الآخر أو الغير هنا هو المستعمر الأجنبي الذي سعي إلي السيطرة علي شعوب الأمة العربية الواحدة وامتهان كرامتها ونهب مواردها, وليس أي جماعة دينية أو عرقية. وليس أدل علي هذا من أنه عندما تعرض العرب للحروب الصليبية التي شنتها نخب سياسية أو دينية في القارة الأوروبية علي شعوب تنتسب إلي الأمة العربية, وقف المسيحيون العرب مع سائر إخوتهم ومواطنيهم العرب ضد هذه الحروب وقاوموها, وذلك لأنهم أدركوا أنها لم تقم بهدف التبشير أو الدعوة للمسيحية, وإنما نبعت من رغبة نخب أوروبية في السيطرة علي المنطقة العربية ابتداء بالسيطرة علي بيت المقدس. وإذا انتقلنا من نظرة العرب لليهود إلي نظرة الإسلام إليهم, فسوف نجد أن القرآن الكريم قد كرم جميع أنبياء بني إسرائيل, وقام علي الاعتراف باليهودية والمسيحية, وعلي أن الاسلام جاء مكملا وخاتما للرسالات السابقة وليس ناسخا أو مناقضا لها, فقد قال تعالي في سورة المائدة,: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصبئون والنصري من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون, وقال تعالي في سورة الأعراف: ومن قوم موسي أمة يهدون بالحق وبه يعدلون, وقال تعالي في سورة الجاثية: ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي العالمين, وقال تعالي في سورة المائدة: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلوة وأتيتم الزكوة وآمنتم برسلي وعزرتموهم واقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل. وتندرج تلك الكيفية التي حدثنا بها كتاب الله المنزل عن اليهود أو بني إسرائيل في إطار النظرة الشاملة التي وضعها القرآن للعلاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان: يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير. وإذا نظرنا إلي السنة النبوية المطهرة, فسوف نجد أن سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم قال: ليس منا من دعا إلي عصبية, وقال أيضا: من آذي ذميا فقد آذاني ومن أذاني فقد أذي الله, وجاءت السنة الفعلية متفقة تماما مع السنة القولية, فقد روي عن جابر عن عبدالله أنه قال: مرت جنازة, فقام لها رسول الله صلي الله عليه وسلم وقمنا معه, فقلنا يارسول الله إنها يهودية, فقال إن الموت فزع, فإذا رأيتم الجنازة فقوموا, وثابت في التراث أن النبي أبرم معاهدة مع اليهود جاء فيها أن المسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم ولحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة, وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين, وأن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم, ومضت المعاهدة للنص علي نصرة المظلوم وحماية الجار ورعاية الحقوق الخاصة والعامة, واتفق الطرفان ـ المسلمون واليهود ـ علي الدفاع عن يثرب( المدينة) إذا ما هاجمها عدو, ونصت علي حرية الخروج من المدينة لمن يبتغي تركها, والبقاء فيها لمن يحفظ حرمتها. كل هذه أدلة قاطعة علي سماحة الإسلام وعدله, ومساواته بين أهل الكتاب, وحثه المسلمين علي التعايش مع غيرهم في أمن وسلام, ونهيه عن إيذاء من لم يرتكب منهم إثما. وتطبيقا لهذا, تعايش المسلمون واليهود والمسيحيون في الدولة الإسلامية منذ بدايتها, واستمرت هذه الروح سائدة في ظل الخلافة, أي تحت حكم الخلفاء الراشدين وفي عهد الدولتين الأموية والعباسية, وسادت أيضا في جميع أنحاء الدولة الاندلسية التي استمرت أكثر من سبعة قرون, وعندما سقطت تلك الدولة عام1492 في عهد فرناندو وأيزابيلا, تعرض المسلمون واليهود معا للاضطهاد, ولقوا نفس المصير لأنهم كانوا نسيجا واحدا. وفي التاريخ الحديث, نجد أنه عندما بدأ الغزو الألماني لفرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية, شعر اليهود في فرنسا والبلدان المجاورة بالخطر الداهم عليهم, فهاموا علي وجوههم يبحثون عن ملجأ يأويهم, وكان البلد الوحيد الذي مد لهم يد الغوث والعون هو المملكة المغربية في عهد الملك الراحل محمد الخامس. ولعل من المناسب أن نطرح السؤال المهم التالي: تري هل بقيت روح الاخاء والمودة قائمة بين العرب والمسلمين من جانب واليهود بعد قيام دولة إسرائيل في نهاية الأربعينيات؟ ومن الأمانة أن نقرر أن هذه الروح قد تأثرت سلبيا إلي حد ما لأسباب عديدة: أولا: إن الأسلوب الذي اتبعه مؤسسو إسرائيل مع الشعب العربي في فلسطين اتسم بالكثير من القسوة والغلظة, وتعرض هذا الشعب لكثير من المآسي والمظالم, وعومل كما لو كان غريبا في أرضه وليس من حقه البقاء فيها, إذ طرد كثيرون من أبنائه من بيوتهم وأرضهم وجردوا من ممتلكاتهم لكي يفسحوا المجال للقادمين الجدد من أوروبا وغيرها, وأعتقد أن هذا السلوك لم يكن راجعا فقط الي إصرار المؤسسين الأوائل علي إقامة الدولة اليهودية بأي ثمن مهما تحمل الآخرون من تضحيات, وإنما أيضا لأن عددا كبيرا من هؤلاء المؤسسين لم يكونوا من أبناء فلسطين, وإنما كانوا وافدين من أوروبا ـ وبخاصة أوروبا الشرقية ـ وكانوا يجهلون كل شيء عن العرب والفلسطينيين بالذات, إضافة الي أنهم حملوا معهم قدرا هائلا من الحقد علي الآخرين والقسوة في التعامل معهم, بعد التجربة المريرة التي مروا بها علي يد النازي. ثانيا: إن اسرائيل ـ ومعها الحركة الصهيونية في الخارج ـ كانت تستخدم لفظي اليهودي والإسرائيلي باعتبارهما مرادفين, ولم تحرص علي التفرقة بينهما, وبذلك تولد قدر من اللبس في أذهان بعض العرب عما إذا كان الصراع الذي نشب في فلسطين واتسع نطاقه فيما بعد ليمتد لبعض الأقطار العربية الأخري هو صراع بين العرب وإسرائيل أم أنه نزاع وشقاق بين العرب واليهود. ثالثا: إن بعض الأحزاب اليمينية في إسرائيل انزلقت إلي طرح شعارات توسعية خطيرة لاتساعد علي الاستقرار والتعايش في المنطقة, مثل شعارات أرتيس يسرائيل أي أرض إسرائيل التي تضم كل الأراضي الفلسطينية و إسرائيل الكبري من النيل الي الفرات, مما أثار قلق وسخط الشعوب العربية, علي أساس أن المروجين لهذه الشعارات التوسعية كانوا ينسبونها الي نصوص توراتية أو لاعتبارات تاريخية بغير حق. رابعا: إن اسرائيل درجت بعد قيامها علي التفرقة بين مواطنيها اليهود والعرب, وجعلت العرب ـ ماعدا الدروز منهم ـ مستبعدين من الخدمة العسكرية ومن بعض المزايا المدنية, بل إن هناك من يقول إن المجتمع السياسي في إسرائيل يفرق بين الأشكنازيم( اليهود الغربيين الذين ينحدرون من أصول أوروبية) والسفارديم الذي ينحدرون من أصول شرقية, وقد ذكر هذا مؤخرا وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعيزر كتفسير لعدم تحمس بعض قيادات حزب العمل الذين ينحدرون من أوروبا لاختياره زعيما للحزب.باعتبار أنه وافد من البصرة في العراق. خامسا: أن قادة إسرائيل لايكفون عن الحديث عن ضرورة الحفاظ علي الهوية اليهودية للدولة والتأكيد علي الأغلبية الساحقة والتركيبة الإثنية, وهو مايباعد بينهم وبين العرب, ويعطي انطباعا بأن هناك نوعامن العنصرية في نظرتهم للآخرين, وتبدو هذه الظاهرة في أوضح صورها عندما يعترض الساسة في إسرائيل علي عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم في إسرائيل, ويرون أن مجرد التفكير في هذه العودة ـ بأي أرقام ـ سوف يشكل تهديدا لطبيعة الشعب الإسرائيلي وهويته اليهودية, في الوقت الذي يعملون فيه علي استقدام ملايين من اليهود الذين يعيشون حاليا في أمن وطمأنينة في أرض الشتات. سادسا: إن بعض الحركات السياسية التي تتمسح في الدين من الجانبين الإسرائيلي والعربي لاتتردد في استخدام الدين و الهوية الدينية للحث علي رفض الطرف الآخر وإيهام الشعوب بأن النزاع هو في حقيقته صراع بين اليهود والعرب, بل إن بعض الزعماء والشخصيات البارزة في هذه الحركات لايتورعون عن إصدار التصريحات العدائية ضد عقيدة الطرف الآخر ذاتها, وينزلقون إلي التهكم عليها والسخرية منها, غافلين عن حقيقة أن مثل هذه التصرفات تعمل علي تشويه طبيعة الصراع في جوهره وصورته, ويؤدي هذا إلي تصور خاطئ مفاده أن الصراع هو في الواقع صراع بين اليهودية والإسلام, وإلي الاعتقاد بأن الصراع هو صراع وجود, أي إما هذا الطرف أو ذاك, لأنهما نقيضان لايلتقيان, ومن أمثلة تلك التصريحات والمواقف: أ ـ في الجانب الإسرائيلي: 1) نجد أن زعيما روحيا لحزب ديني يضم اليهود الشرقيين( عوفاديا يوسف) يدلي بتصريحات عدائية للغاية ضد العرب, ففي موعظة دينية ألقاها في10 أبريل2001 بمناسبة عيد الفصح اليهودي( بيسع), صرح بأنه لايجوز التعامل مع العرب بتسامح أو رحمة, فليس هناك من أسلوب للتعامل معهم سوي ضربهم بصواريخ تقضي عليهم, فهم أشرار وشياطين, وسوف يقضي الله عليهم كالحشرات التي تمتص الدماء, ودعا يوسف الي الإكثار من ترديد دعاء لله أن يصب غضبه علي غير اليهود, وزعم هذا الحاخام الشرقي أن العرب يناصبون إسرائيل العداء ويحاولون تدميرها منذ مائة عام, ونسي أن إسرائيل لم تقم إلا عام1948. 2) وفي نفس الاتجاه صرح الوزير الإسرائيلي نسيم دهان الذي ينتمي لنفس الحزب في23 سبتمبر2002 بأن المصلين المسلمين في المسجد الأقصي هم ثعالب ارتفعوا درجة, فأصبحوا أفاعي وعقارب, والغريب أنه لم يتردد في الإدلاء بهذه التصريحات الشيطانية الهوجاء برغم أنه كان يخطب في افتتاح متحف أقيم علي بعد200 متر من المسجد الأقصي. 3) أما وزير البنية الأساسية ايفي إيتام فقد اقترح في ديسمبر الحالي أن تقام الدولة الفلسطينية في سيناء. 4) كذلك فإن إفيجدور ليبرمان الممثل لحزب يسرائيل بيتنو أي إسرائيل هي بيتنا في الكينيست في6 فبراير2001 بأنه يجب إطلاق الصواريخ علي السد العالي في مصر وعلي المواقع المهمة في إيران وإشعال النار في بيروت. 5) وإلي جانب كل هذه التصريحات المسفة التي تفوح منها رائحة التعصب والعنصرية, فإن بعض الإسرائيليين لايزالون يحلمون بأرض إسرائيل الكبري, ويختلف تعريف هذه الدولة( إسرائيل الكبري) من فئة إلي أخري, فالبعض يقولون إنها يجب أن تشمل أرض فلسطين التاريخية, أي أن تضم الضفة الغربية كلها, ويشط الخيال بآخرين ـ وإن كانوا قلة صغيرة ـ فيقولون إن الدولة اليهودية يجب أن تمتد من نهر مصر العظـيم إلي الفرات. 6) وكان الأجدر بهؤلاء الإسرائيليين المتطرفين والمتعصبين أن يأخذوا بعين الاعتبار وهم يتخذون هذا الموقف بأن إقامة دولة إسرائيل الذي جاء كحل للمشكلة اليهودية في أوروبا ـ قد ألحق ضررا بالغا بالفلسطينيين الذين كانوا يمثلون معظم سكان تلك الأرض ويملكون المساحة الأكبر من إقليمها عندما أقيمت الدولة في مايو1948, وأن الشعب الفلسطيني قد عاني من الظلم الكثير, ومع ذلك منذ زعم المؤسسون الأوائل لإسرائيل أن الفلسطينيين الذين هاجروا أثناء قيام الدولة اليهودية قد فعلوا ذلك استجابة للنداءات التي كانت توجه لهم من الزعماء العرب, حتي يفسحوا المجال للقوات العربية المظفرة للقضاء علي الصهاينة, وبعد ذلك يعودون إلي ديارهم سالمين, وتلك أكذوبة كبيرة أترك الرد عليها إلي حاخام يهودي مرموق في لوس أنجيلوس بولاية كاليفورنيا اسمه مايكل ليرنر, الذي ذكر في28 ابريل2002 أن الأبحاث التي أجرتها مراكز الأبحاث الإسرائيلية نفسها أثبتت أن مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين تركوا أرضهم فعلوا ذلك إما بسبب الإكراه الذي مارسته عليهم القوات التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي, وإما هربا من الفظائع التي ارتكبتها عصابات يمينية إسرائيلية إرهابية. 7) وتقتضي الموضوعية أن نذكر أن فكرة إسرائيل الكبري ليست مبدأ يعتنقه كل الاسرائيليين, ناهيك عن اليهود خارج إسرائيل, ولم يعد هناك من يؤمن بها سوي أقلية محدودة, سواء داخل إسرائيل أو خارجها, ففي إسرائيل نفسها تظهر استطلاعات الرأي التي تجري في الأشهر الماضية وحتي الآن أي في ذروة تصاعد أعمال العنف ـ أن نحو70% من الشعب الإسرائيلي يؤيدون قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة, وإقامة سور فاصل بين هذه الدولة وإسرائيل, وإن كانت نسبة يعتد بها تصر علي اقتطاع جزء من أرض الضفة الغربية وضمه لإسرئيل. 8) ولا يجوز أن ننسي أن بعض الجنود الإسرائيليين ذوي الضمائر الحية/ ولا يقل عددهم عن200 جندي/ رفضوا أن يؤدوا الخدمة في الأراضي الفلسطينية ولم يترددوا في قبول الجزاءات التي فرضت عليهم نتيجة اتخاذ هذا الموقف, وكمثال رائع علي هذا, نجد أن ضابط الاحتياط ديفيد زونشاين كتب مقالا في الواشنطن بوست الصادرة في11 مايو2002 قال فيه إنه وجد نفسه مضطرا لمخالفة الأوامر التي صدرت إليه بشن هجمات علي الفلسطينيين لأنه وجد أن الأعمال التي تكلف بها وحدته لا تخدم أمن بلاده, وإنما تخدم احتلال أراضي الغير, وهو يؤمن بأن استمرار احتلال أرض الغير هو موقف يؤدي إلي تعريض مستقبل الدولة اليهودية للخطر وبذلك فإنه يكون مناقضا للفكرة الصهيونية ذاتها, وانتهي من حديثه قائلا: إن علينا أن نختار بين الأرض والشرعية, وبين الاحتلال والديمقراطية. ب- وفي الجانب الآخر: 1) نجد أن هناك من لايزالون يرفضون التعايش مع الدولة الأخري ويعارضونه, وينسي المنادون بهذا الرأي ــ أويتناسون ــ أن تحويل هذا الشعار إلي واقع هو من المستحيلات, ليس فقط لأن من الهزل أن يفكر أحد الطرفين في إلحاق هزيمة ساحقة بالآخر, بل لأن مثل هذا الحل يعني القضاء علي شعب بأكمله وقمع إرادته بالقوة المسلحة وبأعمال يصنفها المجتمع الدولي بأنها أعمال إرهابية تأباها عقائدنا الدينية ومعاييرنا الاخلاقية, ولا شك أن العناصر الرافضة في كل طرف تقدم المبرر لرفض الطرف الآخر, وبذلك تضعف الأصوات المنادية بالتسامح والتعايش جنبا إلي جنب, لأن الوضع يصبح ــ في ظل هذا الموقف مشابها لما يسميه أساتذة علم السياسة المعادلة الصفرية أوZero-sumgame 2) وأعتقد أنه ليس من مصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الشقيق أن يردد بعضنا شعارات تحمل معني التهديد لليهود, كأن يقال: خيبر.. خيبر يايهود.. جيش محمد سوف يعود, فلم يكن جيش الإسلام في عهد الرسول والخلفاء الراشدين ومن تولوا المسئولية بعدهم يهدد اليهود أو يروع الآمنين, وإنما كان يرد العدوان ويمنع الضرر ويحمي أرض المسلمين وحقوقهم, كما أن الإسلام لم يمنعنا من التآخي مع من يبادلوننا الرغبة في العيش في سلام وأمان, فالسلام هو الأصل في العلاقة بين الدول والشعوب طبقا للمباديء الأساسية في الإسلام, أما الحروب فلا تشن إلا للدفاع عن حقوق ورفع الأذي عن المسلمين وعقيدتهم, وعقيدتنا تنهانا عن العدوان والبغي, وتأمرنا بالتآخي مع الآخرين مادامت توافرت لديهم نفس الرغبة الصادقة الثابتة. سابعا: إن بعض المنظمات اليهودية والصهيونية في الخارج ـ وبالذات في أمريكا وأوروبا تسهم في تعميق هذه الفجوة بين العرب واليهود عن وعي أو بغير وعي في تشويه صورة الصراع, بحث تهتز وتتحول من نزاع سياسي وأمني بين العرب وإسرائيل إلي صراع عميق الجذور متعدد الجوانب بين العرب واليهود, ويتحقق هذا الخلط عندما تنزلق هذه المنظمات اليهودية إلي مهاجمة الدول العربية والإسلامية, وتنجر إلي أنشطة معادية للإسلام, وتحجم عن نقد السياسات الإسرائيلية المتطرفة, وتدافع عنها بالحق والباطل, وكل هذا يؤدي إلي اهتزاز مفهوم التفرقة بين اليهود وإسرائيل وليس معني هذا أن جميع المنظمات والشخصيات اليهودية في الخارج تقع في هذا الخطأ, فكثير منها يحافظ علي مسافة بينه وبين إسرائيل, وبعضها لا يتردد في نقد سياستها وممارستها علانية, وقد أسعدني في الأيام الأخيرة أن أقرأ مقالا كتبه المثقف الأمريكي ريتشارد كوهين في الواشنطن بوست الصادرة في3 ديسمبر الحالي وهاجم فيه من يتقولون علي الإسلام في بلاده, وفند مزاعمهم التي تقوم علي أن الإسلام يحض علي العنف والكراهية والإرهاب, وذكر أن من الإسفاف أن يتجني داعية مسيحي مشهور علي النبي محمد ويتهمه بأنه كان إرهابيا, وأن من الهزل يقول آخر إن ما يريد المسلمون أن يفعلوه باليهود أبشع وأقسي مما فعله هتلر, ولكي يدحض كوهين هذا الزعم, استشهد أنه طوال فترة الدولة الإسلامية/ في وقت ازدهارها وامتدادها من اسبانيا إلي بغداد, يسجل التاريخ بأن مسلمي تلك الدولة عاملوا اليهود بكثير من التسامح والمودة, وكانت معاملتهم لهم أفضل من معاملة المسيحيين. ونبه كوهين القراء إلي أن وجوب التفرقة بين الأقوال والأفعال التي تصدر من بعض المتطرفين الذين ينسبون أنفسهم إلي الإسلام, لأن مايرتكبونه بعيد تماما عن روح الإسلام الصحيح, وباختصار, فقد كان كوهين بليغا وصادقا وهو يتصدي لهذه الأكاذيب بالدحض والتفنيد. فهل يكون مقبولا بعد هذا أن يقول أحد إن هذا المثقف كتب ما كتبه كجزء من مؤامرة صهيونية أو يهودية أو أنه كان يقصد أن يسيء إلي الإسلام والمسلمين؟! وكان يمكن أن نفهم وقوع هؤلاء الكتاب والاعلاميين العرب في خطأ مهاجمة اليهود ووضعهم جميعا في سلة واحدة, واستخدام العبارات الجارحة والتراث الأوروبي السلبي وما أفرزه من أساطير مثل البروتوكولات وفطيرة الدم ووصف اليهود بأنهم أبناء القردة والخنازير, كان يمكن أن نفهم هذا ـ رغم وضوح خطئه ومجافاته للحقيقة ـ اذا لم تكن قضيتنا مبنية علي أسانيد قوية أو لم تكن مطالبنا عادلة, ولكن الواقع يفيد أن الموقف العربي له أسسه القوية وأسانيده الدامغة, وليس في حاجة الي هذه الاشارات المستعارة من تراث يتناقض مع عقيدتنا ومبادئنا وتاريخنا, فلماذا إذن لانضع قضيتنا في سياقها المنطقي السليم وإطارها الاخلاقي الرفيع؟ إن علي كل منا أن يدرك أنه يرتكب خطأ في حق قضايا ومصالح أمته عندما ينزلق الي الاساءة الي اليهود ككل, سواء أكانوا عرقا أم جنسا أم شعبا, وبذلك يعطي صورة عن نفسه مؤداها أنه يعبر عن توجهات عنصرية لا إنسانية عفي عليها الزمن. إن كثيرا من تلك السياسات والمواقف الإسرائيلية هي بطبيعتها قابلة للدحض والنقض لأنها لا تأخذ في حسابها علي الإطلاق أن الأسلوب الذي قامت به إسرائيل قد سبب كارثة إنسانية للشعب الفلسطيني الذي اقتلع من جذوره وأبعد عن أرضه وفرض علي أعداد غفيرة من أبنائه أن يعيشوا كلاجئين, فضلا عن أن كثيرا من الحكومات الإسرائيلية اتبعت سياسات لاتخدم السلام, ولاتتفق مع ما سبق أن وقعت عليه إسرائيل من اتفاقيات, ولذلك فإن الناقد لها لايكون في حاجة إلي استعارة تلك الأطروحات والادعاءات المعادية للسامية لكي يكشف الأضرار التي سوف تنجم حتما عن هذه السياسات, بل يكفي أن يتصدي لها الناقد بموضوعية وبالحجة المقنعة, لأن معظمها يترك الكثير للتمني, وليس هذا الناقد في حاجة إلي اللجوء إلي تلك المفاهيم التي تحيط بها الشبهات لدعم موقفه. وربماجاز ـ لتلخيص الموضوع وتبسيطة ـ إلي ذهن القارئ أن نطرح السؤالين التاليين: الأول: نفرض أن الدولة اليهودية أقيمت في أرض أخري غير فلسطين وبرضاء سكان هذه الأرض, فهل كانت شعوب الأمتين العربية والإسلامية تعترض علي قيام هذه الدولة وتدخل معها في صراع حاد؟ والثاني: نفرض أن الجماعة البشرية التي أقامت دولة غير عربية في أرض فلسطين لم تكن جماعة يهودية, وإذا كانت مسيحية أو بوذية أو حتي إسلامية غير عربية, فما هو الموقف الذي كان يمكن ان يتخذه الشعب الفلسطيني وسائر الشعوب العربية من تلك الدولة, هل كان المنتظر أن يرحب بإقامة تلك الدولة الأجنبية علي جزء من أرضه. ومن البديهي أن الإجابة علي هذين السؤالين ستكون بالنفي, ومعني هذا أن الصراع لم ينشأ بسبب يهودية مؤسسي اسرائيل سواء كانت تلك اليهودية دينية أو عرقية أو اثنية, وإنما نشأ لاسباب تتعلق بما رآه العرب تهديدا لإقليم كان جزءا من كيانهم القومي واقتطاعه وتسليمه لجماعات وافدة لحل مشكلة لم يسهم العرب في صنعها من قريب أو بعيد, ولم يرتكبوا جريرة أو خطأ في حق الجماعة التي اقتطعت هذا الكيان ليكون ملجأ وملاذا لها في الحاضر والمستقبل. فالموقف العربي إذن نشأ بعيدا عن أن يكون صراعا بين العرب المسلمين والمسيحيين من جانب واليهودية من جانب آخر, وإنما كان ـ ويجب أن يظل ـ صراعا حول الحقوق والمصالح الوطنية والقومية. *** بعد تلك المقدمة الطويلة التي وجدتها ضرورية ولازمة لتوضيح الصورة بأبعادها وجوانبها المختلفة, أجد من المناسب أن أتوجه بتوصيات أطرحها علي أشقائي العرب والمسلمين, ثم علي إسرائيل وأنصارها في الخارج, وأخيرا علي المنظمات والتجمعات اليهودية في الخارج سواء أكانوا علي صلة عضوية أو تنظيمية بإسرائيل أم لا ؟!, وهو ما سنتناوله في مقال الغد. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
elbana بتاريخ: 8 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 8 يناير 2003 وها هي الثالثةونشرت في 25/12/2002م . --------------------- الحقيقة والأسطورة في معــاداة السـامية والبروتـوكولات والاضطهاد النازي والهولوكوست( المحرقة)3 بقلم: د. أسامة الباز التوصيات بعد تلك المقدمة الطويلة التي تناولتها في المقالين السابقين,والتي وجدتها ضرورية ولازمة لتوضيح الصورة بأبعادها وجوانبها المختلفة, أجد من المناسب أن أتوجه بتوصيات أطرحها علي أشقائي العرب والمسلمين, ثم علي إسرائيل وأنصارها في الخارج, وأخيرا علي المنظمات والتجمعات اليهودية في الخارج سواء أكانوا علي صلة عضوية أو تنظيمية بإسرائيل أم لا. أولا: التوصيات للعرب والمسلمين: 1 ـ أن نحافظ علي الرؤية الصحيحة لطبيعة العلاقة بيننا وبين اليهود, حسب الموروث العربي الصحيح علي مر القرون, وحسبما حدثنا به الله تعالي في كتابه الحكيم, يستوي في هذا العربي المسلم والعربي المسيحي, وهي رؤية تتلخص في أننا لانعرف العنصرية أو العصبية, فنحن واليهود ننحدر من نسل سيدنا إبراهيم عليه السلام, وبهذا فهم أبناء عمومة وليسوا أعداء, الا أولئك الذين اعتدوا علينا. وطبقا لهذه الرؤية, علينا أن ننظر إلي اليهود كسائر الجماعات البشرية لا أكثر ولا أقل, فمنهم الصالح والطالح, والطيب والخبيث, الودود والحقود, المعتدل والمتطرف, الساعي للسلام والرافض له لهوي في نفسه. ومن الخطأ إذن أن ننزلق إلي التعميم, فنقول: إن كل اليهود أشرار أو أخيار, وإن انتماءهم لليهودية يلصق بهم تهما معينة, أو يفرض عليهم سلوكا يختلف عن سلوك البشر. 2 ـ وعلينا أن ندرك أنه ليس كل يهودي صهيونيا أو إسرائيليا, وأن نتذكر أن من أوائل من هاجموا إسرائيل أو علي الأقل حافظوا علي مسافة تفصل بينهم وبينها الكاتب الأمريكي اليهودي للينتال, الذي كتب ثلاثة كتب في منتصف القرن الماضي, أولها بعنوان: علم إسرائيلي ليس علمي وكان ثانيها الوجه الآخر للعملة الذي شرح فيه موقف العرب من الصراع وفند به الحجج التي يقدمها الإسرائيليون ومن يؤيدونهم لتشوية الموقف العربي من إسرائيل. وأما الكتاب الثالث فكان بعنوان: هكذا ضيعنا الشرق الأوسط, وغيره كثيرون, كان منهم الحاخام الأمريكي الراحل المربيرجر, وفي الوقت الحاضر نجد مفكرين مثل نوم( ناعوم) تشومسكيوهنري سيجمان وأنتوني لويس لايكفون عن كتابة المقالات التي يتعاطفون فيها مع العرب وينتقدون إسرائيل, ويخطئ بعض منتقديهم خطأ بالغا حين يتهمونهم بأنهم يهود يكرهون أنفسهم ويتبرأون من الانتماء لليهودية, لأن هؤلاء المفكرين وأمثالهم يمثلون اليهودية في أبهي صورها, وهي الصورة التي تقوم علي العدل وترفض الظلم والجور, ويستنكرون سياسات اسرائيل المعادية للعرب, ويثبتون بهذا أنهم أشخاص أسوياء ذو ضمائر حية وأخلاقيات رفيعة. 3 ـ ومن الحقائق الثابتة أن هتلر وزبانيته كانوا يفرضون علي يهود المانيا وسائر الدول التي تعرضت للغزو الألماني أن يرسموا نجمة داود السداسية هذه علي ملابسهم الخارجية وعلي مساكنهم, حتي يسهل جمعهم وإرسالهم إلي معسكرات الاعتقال في ساعات معدودة, ولذلك فإن هذه النجمة ـ رغم أنها قد استخدمت في تصميم علم إسرائيل ـ إذا استعملت في غير هذا الموضع تثير في نفس اليهود ذكريات أليمة وتمثل أقصي درجات القهر والارهاب والعنصرية, ولذلك فانه يحسن ان نتجنب استخدام هذه النجمة عندما نريد ان نشير الي اسرائيل ونهاجم سياستها والمسئولين فيها, فلسنا مضطرين ابدا الي استعارة هذه المفاهيم السقيمة من حضارة أخري. 4 ـ وبالاضافة الي تجنب التعميم وعدم وصم الكل بجريرة البعض, علينا ألا ننزلق الي التفسير التآمري عندما يتعلق الأمر بحكمنا علي اليهود, فلا يجوز ان نتهم هؤلاء الكتاب والمفكرين بأنهم يهزأون بنا أو يضللوننا أو يلعبون الدور المنوط بهم ممن يوزعون الأدوار ويكلفون كل يهودي باتخاذ موقف معين لخداع العرب وغيرهم, فالتاريخ لايمكن تفسيره أو اختزاله بسلسلة من المؤامرات, وإنما هو ظاهرة لها قوانينها وأحكامها التي لايستطيع أحد ان يعترض طريقها أو يسيطر عليها كبر أو صغر. 5 ـ ومن المهم أيضا في هذا الصدد ألا نلجأ الي استخدام بروتوكولات حكماء صهيون المزعومة, فهي كما قدمنا نتاج الأحداث الأوروبية والتعصب الأوروبي في مرحلة معينة, وألا نسمح لخيالنا بالانجرار الي تصديق أسطورة قيام اليهود بصنع فطائرهم بدماء غيرهم, فتلك رواية خيالية سقيمة, لم تثبت تاريخيا علي الاطلاق, وهي متعذرة تماما من الناحية العملية. 6 ـ وعلينا أيضا ان نلتفت جيدا الي الظواهر الايجابية الطيبة في الانتماء لليهودية, ومنها مثلا ان كبير حاخامات بريطانيا( جوناثان ساكس) أدلي بحديث الي صحيفة الجارديان الصادرة في27 أغسطس2002 انتقد فيه سياسة اسرائيل بشدة, واتهمها بأنها تنتهج سياسة مأساوية تتناقض جذريا مع القيم اليهودية الحقة, مضيفا أن النزاع الدائر حاليا مع الفلسطينيين سوف يسفر عن افساد جوهر الثقافة الاسرائيلية. وأعرب عن سخطه وشعوره بالغثيان عندما رأي جنودا اسرائيليين ينظرون بابتسام وتهكم لجثمان فلسطيني قتلوه 7 ـ ومن المهم أيضا ألانشير الي هتلر والنازية كما لو كنا متعاطفين معهما بأي درجة, لأن الجرائم التي ارتكباها كانت أفعالا منكرة, تتنافي مع ديننا ومبادئنا ومع المنطق السليم, لأنها كانت تنطلق من نظريات عنصرية لا انسانية ولاعلاقة لنا بها, واذا كان بعض العرب قد أبدوا اعجابهم بألمانيا النازية في أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها, فقد كان هذا الموقف راجعا أساسا لقاعدة أن عدو عدوي صديقي أو حليفي, وأن ألمانيا كانت تحارب فرنسا وبريطانيا اللتين كانتا القوتين المستعمرتين في البلاد العربية في المشرق والمغرب. 8 ـ وعلينا كذلك ألا نسيء استخدام أو تفسير نصوص قرآنية, فنصف اليهود بأنهم أبناء القردة والخنازير, لأن الواضح ان إشارة القرآن الكريم لواقعة المسخ هذه في أكثر من موضع لاتعني أبدا ان كل بني اسرائيل أواليهود قد تعرضوا لهذا العقاب, وإنما نزل هذا العقاب علي جماعة بعينها خالفت أحكام السبت أو الشبات في الشريعة اليهودية, التي حرمت علي اليهود العمل والحركة واستخدام الآلات في يوم السبت, وكل التفاسير تسلم بأن هذا العقاب لم ينزل علي اليهود جميعا, وأن اليهود الذين نصحوا مخالفي هذه الأحكام ووبخوهم, وحتي هؤلاء الذين اكتفوا بالوقوف منها موقف اللامبالاة, كل هؤلاء لم ينزل بهم العقاب الالهي لأنهم لم يرتكبوا إثما, والله يعدل ولا يبطش. ثم إننا لسنا متيقنين من أن هذا المسخ كان ماديا وجسديا أم أن استخدام هذا التعبير كان علي سبيل المجاز والتشبيه, ويميل عدد كبير من المفسرين والشراح الي ان الجماعة التي فرض الله عليها هذه العقوبة قد ماتت بعد أيام معدودة من المسخ, ومعني هذا ان اليهود المعاصرين لم ينحدروا من نسلهم. ومن الأحكام الثابتة في الفقه الاسلامي ان الجريمة أو الخطيئة لا تورث من جيل إلي اخر, وقد قال الله تعالي في أكثر من موضع في كتابه الكريم ولا تزر وازرة وزر أخري( في سورة الأنعام وفاطر والزمر والنجم), كما أنه سبحانه وتعالي يقول إن كل امرئ بما كسب رهين( سورة الطور) وأن كل نفس بما كسبت رهينة( سورة المدثر) وكل هذه النصوص تنهانا عن أخذ الكل بجريمة البعض, وهو مبدأ مهم سارت عليه جميع الشرائع والقوانين التي سنت في المجتمعات التي حققت أي درجة من درجات التقدم. ويجب علينا ان نتذكر ان الله تعالي وجه اللوم والتوبيخ لغير اليهود ايضا, وأنزل العقاب علي العرب الذين حاربوا الرسول وعرضوه هو وأصحابه الكرام ومن اتبعوا طريقه لكثير من صور الايذاء والاضطهاد. 9ـ وعلينا ـ قبل كل هذا ـ ان نفرق بين اليهودي والاسرائيلي ـ فليس كل يهودي صهيونيا أو اسرائيليا, وتلك حقيقة ثابتة من وقائع أشرنا الي بعضها في مواضع عديدة. وحتي عندما نتحدث عن الاسرائيليين, فإننا لايجوز ان نعمم أو نظن ان كل الاسرائيليين سواء, فلا يصح ان نضع شالوميت ألوني ورابين وبيريز ووايزمان وشلومو بن عامي وبن اليعازر وبراك وافراهام بورج وأممنون شاحاك ورامون وبيلين وساريد ويائيل دياين ومتسناع وسافير ودان ميريدور ويوسي كاتس ونوفيك في خندق واحد مع جيئولا كوهين ومائير كاهانا وجولدشتين وييجال عامير وشاؤول موفاز وأفيجدور ليبرمان وعفوديا يوسف وناتان شرانسكي وآفي إيتام, لأن العجز عن التفرقة بين أولئك وهؤلاء يعني أحد أمرين: إما أننا فقدنا القدرة علي رؤية الأمور علي حقيقتها, وإما ان التعصب أعمانا عن التمييز بين عناصر توجد بينها اختلافات متعددة بتعدد ألوان الطيف, إذن يجب علينا ان نعتبر المعتدلين من الاسرائيليين شركاء ورفاقا لنا علي طريق السلام, بنفس المعيار الذي ننظر به للمتطرفين كخطر داهم يهدد الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة, ويحول دون التعايش والتفاعل الخلاق بين العرب واسرائيل. 10 ـ كذلك فعلينا ألا ننظر الي كل العناصر أو الجماعات اليهودية خارج اسرائيل ـ بما فيها الولايات المتحدة ـ علي أنها متحيزة لاسرائيل علي طول الخط أو معادية للعرب, فكل ماهناك هو أنها تكون ميالة عادة للتعاطف مع اسرائيل بهدف تعزيز أمن وسلامة اليهود في كل مكان, وذلك لسببين أساسيين: الأول: أن اليهود في العالم كله يشكلون أقلية صغيرة لايتجاوز عددها أربعة عشر مليون نسمة, في كوكب يعد سكانه بالبلايين, وهذا ثابت من بحث أجراه أخيرا معهد التخطيط لسياسات الشعب اليهودي التابع للوكالة اليهودية ونشرته صحيفة يديعوت آحرونوت الصادرة في3 ديسمبر الحالي, ويتضح منه ان عدد السكان اليهود في أمريكا يتناقص بسبب عاملين, الأول انخفاض معدل الانجاب لكل زوجين,والثاني: تزايد نسبة الزيجات المختلطة بين اليهود وغيرهم من أبناء الأجيال الجديدة. والثاني: أن تجربة يهود أوروبا المريرة أثناء حكم النازي جعلت اليهود جميعا ـ من شهد منهم التجربة ومن لم يرها ـ يخشون من أي موجات أو أنشطة معادية لليهود, لأن تلك الممارسات يمكن أن تؤدي إن هي تفاقمت إلي إبادة عدد آخر منهم, وتلك مأساة هي أبعد ماتكون عن تفكير العرب والمسلمين ونظرتهم, وهي تشكل موقفا يتنافي مع أبسط عقائدنا ومبادئنا وقواعدنا الأخلاقية, ولايغيب عن أذهاننا أنه إذا اضطهدت جماعة بشرية جزافا تحت ذريعة. فلن يتوقف الأمر عند اضطهاد تلك الجماعة, والمسألة هي مسألة مبدأ, فإذا ساد الطغيان والجبروت ضد جماعة بشرية معينة, فسرعان ما تطبق هذه السياسة في وقت لاحق ضد الجماعات الأخري دون تمييز, وهو مايهدد كيان الإنسان في كل مكان. ثانيا:: التوصيات لإسرائيل وأنصارها في الخارج: 1 ـ أن تقبل إسرائيل علي الفور إعادة تعريفها, بحيث تصبح دولة لكل مواطنيها بدلا من النص علي أنها دولة يهودية وديمقراطية, وذلك استجابة لمطالب زعماء الأحزاب العربية في إسرائيل للجنة الانتخابات المركزية. 2 ـ أن تكف إسرائيل عن ترديد مقولة إن العرب يريدون إلقاءها في البحر, خاصة بعد القرارات المتعاقبة التي صدرت عن مؤتمرات القمة العربية, ابتداء من مؤتمر قمة فاس عام1982, الذي نصت قراراته علي وجوب العمل ـ بكل الوسائل ـ من أجل تحقيق السلام القائم علي العدل في منطقة الشرق الأوسط, ومؤتمر قمة القاهرة في1996 الذي قرر فيه القادة العرب أن السلام هدف استراتيجي, ومؤتمر قمة بيروت عام2001 الذي أقر مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز. 3 ـ كذلك علي إسرائيل أن تكف تماما عن أي نشط استيطاني, سواء اتخذ صورة إقامة مستوطنات جديدة أو توسيع المستوطنات القائمة, وهو ما يتطلب تغيير السياسة التي يتبعها ويصر عليها رئيس الوزراء شارون, الذي صرح منذ ثلاثة أيام بعد لقائه مع السيناتور الأمريكي جوزيف ليبرمان بأنه أوضح للرئيس الأمريكي بوش أن إسرائيل تقوم بالأنشطة الاستيطانية في أرض تعتبر مهدا للشعب اليهودي. 4 ـ أن يكفوا عن مهاجمة العرب والمسلمين بمناسبة وبغير مناسبة, فمن الإسفاف أن تقول الحكومة الإسرائيلية الحالية إنها تحارب الارهاب الإسلامي, فليس هناك مايمكن أن يصدق عليه هذا الوصف, فالإرهاب هو الإرهاب, لاينتمي إلي دين أو عقيدة أو توجه سياسي أو ثقافي, واسرائيل نفسها تدرك أنها ترتكب جرائم ضد الشعب الفلسطيني تدخل في عداد الأعمال الارهابية, مثل اغتيال أفراد فلسطينيين في الأراضي الفلسطينية بواسطة أجهزة اسرائيلية رسمية, وقتل أفراد من أسرهم وهم نيام, واطلاق الصواريخ من الطائرات علي المنازل, وهدم المباني علي رأس سكانها من الأطفال والشيوخ والنساء, واطلاق النار عشوائيا علي المارة في الشوارع, فهل تقبل اسرائيل وأنصارها أن يطلق أحد علي هذه الأعمال وصف الإرهاب اليهودي. 5 ـ ألا يتصرفوا كما لو كانوا يحاربون المصالح العربية والإسلامية ويسعون إلي الإضرار بها بمناسبة وبغير مناسبة, وإنما عليهم ان يتحلوا بالموضوعية وضبط النفس, وأن يبتعدوا عن ممارسة الوقيعة بين الأقطار العربية والدول الأخري. وعن سعيهم إلي تحريض دول معينة ـ خاصة الدول الغربية ـ ضد الدول العربية ومصالحها. 6 ـ أن يكفوا عن اتهام كل من ينتقد إسرائيل بأنه معاد للسامية, لأن هذا الاستخدام المشتط للتعبير يجعل الغير غير قادرين علي التفرقة بين معاداة السامية ومعارضة السياسات والممارسات الإسرائيلية, بل إنه يجعل البعض غير مبالين ولامكترثين عندما يتهمون بمعاداة السامية. 7 ـ ويجب كذلك أن تقلع إسرائيل عن سياساتها وممارساتها الطائشة غير الانسانية ضد الفلسطينيين لأن سياسة البطش وترويع الشعب الفلسطيني وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية وحظر التجوال ومنع سيارات الإسعاف من التحرك, كل هذا يجعل كثيرا من العرب وغيرهم ناقمين علي إسرائيل علي طول الخط, فاقدين لأي أمل في استعداد إسرائيل للدخول في سلام حقيقي مع العرب. 8 ـ كذلك فإن علي إسرائيل أن تتخذ الخطوات التالية دون إبطاء: أ ـ أن تدرك جيدا أن الشعوب العربية محقة تماما عندما تسعي إلي إنهاء احتلال إسرائيل لأي شبر من أرضها, وتلك قضية مبدأ, حسب أحكام القانون الدولي, والقواعد الأخلاقية, وأن تأخذ في اعتبارها دائما أن يهود أوروبا حلوا مشكلتهم مع حكوماتهم ومع النظريات التي ظهرت في المجتمعات الأوروبية ضد اليهود, حقق يهود أوروبا هذا علي حساب العرب الذين لم يرتكبوا ذنبا ضد اليهود أو غيرهم, بل إنهم عاشوا معهم في أمن وسلام وإخاء,فلا يسوغ والحالة هذه أن يعاملوا أي شعب عربي معاملة غير إنسانية مثلما يحدث هذه الأيام في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ب ـ أن تسلم بأن شرعية قيام إسرائيل لايمكن أن تكتمل إذا ظلت رافضة لقيام الدولة الفلسطينية, ساعية إلي التهرب من التزاماتها القانونية والاخلاقية, والحيلولة دون قيام تلك الدولة العربية علي أرض عمرها الشعب الفلسطيني آلاف السنين وارتبط بها طوال وجوده دون انقطاع, وإذا كانت إسرائيل تتوق حقا إلي تأكيد وتثبيت شرعية قيامها, فعليها أن تبرهن جديا علي موافقتها علي قيام الدولة الفلسطينية المستقلة, ويستلزم هذا الدخول جديا في مفاوضات سلام حقيقي علي المسارين الفلسطيني والسوري دون ابطاء والانسحاب من جانب واحد من الشريط الذي تحتله في منطقة شبعا. وأعتقد أن من المفيد لإسرائيل ولليهود خارجها أن يدركوا جيدا أن السياسات والممارسات غير الإنسانية التي تتبعها إسرائيل ضد الفلسطينيين قد ولدت موجة جديدة من العداء لليهود في العديد من الدول الأوروبية وغيرها, وقد ظهر هذا من المناقشات التي دارت في المؤتمر الذي عقد في بروكسل منذ أيام تحت رعاية المركز الحاخامي لأوروباRabbinicalCenterOfEurope, وقد أشار الحاخام روجيه كوكيرمان الممثل السياسي لمنظمة اليهود الفرنسيين إلي هذا صراحة. وفي الشهر الماضي, عقد مؤتمر في براج حضرته شخصيات قيادية يهودية في أربعين دولة, وقد عني الحاخام روجيه كوكيرمان الممثل السياسي لليهود الفرنسيين بأن يذكر أن الوضع السائد في الشرق الأوسط حاليا كانت له انعكاساته علي النقد والهجوم الذي تعرض له اليهود خارج إسرائيل, وتزايد الحوادث التي تعبر عن شعور معاد للسامية. جـ ـ أن تستبعد من حكوماتها هؤلاء الذين يعلنون اعتناقهم لمباديء ومفاهيم عنصرية مثل وصف العرب بالأفاعي والحشرات, أو مطالبتهم بترحيل العرب سواء أكانوا من سكان الأراضي الفلسطينية أو كانوا مواطنين بإسرائيل نفسها, وهو مايطلق عليه تعبير الترانسفير لأن هذا المفهوم لايختلف كثيرا عن مفهوم التطهير العرقي. د ـ إصدار إعلان رسمي يودع لدي الأمانة العامة للأمم المتحدة يفيد أنها ليست لها مطالب توسعية في الأراضي العربية الحاضر والمستقبل, وأنها لن تستمر في المطالبة بأن يكون لها تفوق عسكري علي العرب مجتمعين, لأن استمرارها في المطالبة بذلك يبرر شكوك العرب ـ شعوبا وحكومات ـ في نيات إسرائيل. هـ ـ موافقة إسرائيل علي اقتراح الرئيس مبارك الخاص بإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الأسلحة النووية, ولكي تبرهن إسرائيل جديتها وصدقها في هذا الموقف, فإن عليها أن تقبل الدخول في مفاوضات جادة مع الطرف العربي بهدف الاتفاق علي ترتيبات تصفية برنامجها النووي العسكري خلال فترة زمنية معقولة, ضمن برنامج لإخلاء المنطقة من باقي أسلحة الدمار الشامل, ويمكن ان تتم المفاوضات حول هذه النقاط في إطار التوصل إلي سلام مع السلطة الفلسطينية وسوريا, والانسحاب من الأرض التي تحتلها في جنوب لبنان. وختاما, أود أن أذكر أن من المصلحة أن ينظر الطرفان للوضع نظرة مستقبلية تتجاوز رواسب الماضي وآلام الحاضر, ولاتنطلق من نظريات الصراع المستمرة وثقافة اليأس والعدمية, بل نتطلع الي مستقبل أفضل, يعيش فيه الطرفان في أمن وسلام وطمأنينة, بدلا من الاستمرار في إزهاق الأرواح وسفك الدماء وإهدار فرص التنمية في الوقت الذي يتحرك فيه الآخرون نحو الرخاء والتقدم بمعدلات لم تشهدها الإنسانية من قبل. رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان