اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

غروب واحتضار


ahmadabdin

Recommended Posts

قد تثير تلك التأملات بعض الكآبه في نفوس قارئها الا ان عزائى فيها انها تفتح افاق الفكر الانسانى لمزيد من تأمل ايات الله في الكون

" سنريهم أياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق " صدق الله العظيم

احمد عابدين

بسم الله الرحمن الرحيم

{ غــروب واحتضار }

إن أصدق لحظة وأبدع مشهد يمكن أن يعبر عن احد قوانين الحياة الثابتة التي تحكم حياة الإنسان على كوكبه لهو مشهد مغيب الشمس وسيرها البطيء نحو مرقدها وهى لحظة فنائها بعظمتها وجبروتها وضيائها وحرارتها في أحشاء البحر في سكون وصمت واستسلام فبعد أن كان لهيبها يحرق الأجساد في ساعات القيظ وتهرب الكائنات وتلوذ منها بظلال الأشجار وقد يلقى السائر في الصحراء من نارها حتفه, فبعد ذلك الظهور السافر الطاغي الذي يبرز قوة الحياة وعنفوانها ما تلبث تلك الطاقة الثائرة المتفجرة أن تتضاءل وتضعف رويداً رويداً ساعة مغيب الشمس حين تستعد للذهاب خلف الجبال وخلف البحار تتوارى عن أعيننا في صمت وهدوء وخشوع لتفسح المشهد لقدوم زائر الأرض الأخير, "ليلها" الذي يحمل في عباءته ابن الشمس الوليد "قمرها" الذي رضع من ضيائها واكتسب من نورها بصيصاً خافتاً يُضيء في ليل حالك ليُكمل به الرسالة الدائمة لبقاء واستمرار النور على الأرض وليحمل هذا الزائر المهيب في عباءته أنجُماً ينثرها حول الوليد ويزين بها هامته الرفيعة.

إن مشهد الشمس وهى تغيب لهو أبرز رمز للطبيعة إلى تستقبل الشتاء والنورالذى يخبو والزهرة التي تذبل والشمعة المتقدة التي تخفت وفورة الشباب التي تهدأ وتشيخ وحرارة العواطف التي تفتر وتنطفىء000والإنسان الذي يحتضر.

إن تلك اللحظة تحمل في طياتها رسالة للإنسان المتأمل ليرى ويعي ويقرأ سطوراً مُضيئة من كتاب الحياة سطرتها يد الجميل ليقرب للإنسان فكرة الموت وكيف انه قانون الحياة الدائم الذي يسرى على جميع الكائنات فلا باقي في هذا الوجود إلا وجهه الكريم.

ورغم أن الموت قانون الهي لا دخل لإرادة الإنسان فيه يجب أن نسلم له, إلا أن الإنسان لا يستطيع ان يقاوم حزنه لفراق ورحيل إنسان شعر تجاهه بمعنى الإخوة في الإنسانية تماماً كمثل حزنه لرحيل الشمس منبع الضياء والنور للإنسانية فتترك ورائها ظلاماً وكآبة خرساء فُيمثل مشهد رحيلها الصامت -الممتلى بالإشارات والمعاني- احتضار ومغيب, والسلوى في هذا المغيب أنها عندما تغيب عن أعيننا المجردة فإنها لا تفنى وتموت وإنما تشرق في عالم آخر وعلى بقعة أخرى من بقاع أرضنا فتترك لنا ليل فيه بعض منها وتشرق بالضياء لقوم آخرين أخوة لنا في الإنسانية إنها تغيب خلف البحار والجبال وتترك لنا ظلاما موحشا لا يؤنسه غير قبس من نورها وبعض من ضيائها هو قمرها الوليد وتذهب عنا لتكمل نشر رسالة النور والدفء على كوكبنا هكذا قال لنا قرآننا منذ قرون وصدقته الحقائق العلمية الحديثة.

عجباً000 أليس الإنسان كذلك عندما يموت ويذهب من عالمنا فتشرق روحه في عالم آخر بعيد عنا لا ندركه بأبصارنا ولكن كل شيء حولنا يخبر عنه ويدعو إليه ويترك لنا هذا الإنسان بعضاً منه من ذكرياتنا معه ومن أعماله أو ابنائه0000

أليس هو كالشمس عندما يحتضر وما احتضاره إلا استعداد وتهيئه للرحيل والظهور في عالم آخر ليكمل باقي رسالته الازليه لإبراز معنى إنسانيته ؟؟!!.

احمد إبراهيم عابدين

ديسمبر 2006

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 26
      السلام عليكم يحكى ان رجلا اعد مصيدة لأحد القرود عن طريق قطع جوزة هند من الجهة الضيقة وعمل سنون من الجهة الأخرى بحيث لا يستطيع من يدخل يده فيها ان يخرجها ثم قام بتثبيتها على آنية طعام لذيذ ونام الرجل ، وجاء القرد عندما اشتم رائحة الطعام الشهى ومد يده فى الوعاء وملأها من الطعام ولكن يده علقت بها ولم يستطع القرد ان يخرجها فأخذ يصرخ حتى استيقظ الرجل وأمسك به. كلنا هذا القرد حضارتنا الحديثة حضارة قرد المصيدة التى علقت يده فى مصيدة البترول الفارق الوحيد ان مصيدة جوزة الهند لم تتح فرصة للقرد كى يفر م
    • 15
      لحظة غروب ظل يرمق الغروب ... و هو يتلمس بأحاسيسه ذلك الشعور بالشجن ... هناك أشياء يصعب أن نصفها ... و هناك مشاعر تجعلنا نتساءل عمن نكون ... أشياء مثل الغروب .. مثل رائحة الريحان فى الشرفة ... مثل ابتسامات الأطفال ... ظل يتأمل الغروب .. و يسرح فى فيض ذكرياته .. ينظر الى الأفق الأحمر .. و يتساءل ببراءة الطفل فى داخله عن كيف تكون الدنيا اذا كانت السماء حمراء اللون ... أو كان اليوم كله غروب ... يفتقدها .. يفتقدها بشدة ... و يعلم بداخله أن الدنيا لم تعطه الوجبة الوحيدة التى اشتهاها بحق .. ترى ك
×
×
  • أضف...