البصل

[وطنية]

من الكنانة / تسمحيلي بـ «البصلة» دي؟

خيري فايد: حدثني صديقي احمد المسيدي مهنئا بعيد الاضحى المبارك، وسائلا عن صحتي واحوالي، وعن اخبار الكويت واهلها والمقيمين فيها، فشكرت له اهتمامه، وطمأنته إننا بخير والحمد لله، وان الامور هادئة وآمنة ومستقرة.

ولمّا هممت ان انهي المحادثة اشفاقا عليه من تكلفتها المادية، إذ كان هو من طلبني عبر هاتفه النقال، قال تمهل فإن لي عندك رجاء آمل ان تحققه.

قلت: ان مثلك يأمر ولا يرجو، اطلب ما شئت وستجدني ان شاء الله من المستجيبين.

رد بصوت خفيض: والله ان الخجل يكاد يمنعني الطلب، و«الكسوف» يوشك ان يحرمني الكلام.

بنبرة حادة قلت: جرى ايه يا احمد، «ما تتكلم يا اخي» «انت من امتي وش كسوف».

تلعثم، ثم تردد، ثم قال: الطلب ليس هيّنا كما تتوهم او تتصور، بل سيحملك عناء ويكلفك جهدا اظنك غير قادر على مثله، فأنا اعرفك ضعيف الساعدين، قليل البنيان.

بسخرية قلت: ما تكلمنيش بالنحوي يا بني آدم، قول عاوز ايه، واطلب ما تريد، وانا تحت امرك.

عاد صديقي احمد المسيدي الى تردده، ثم الى صمته، حتى بلغ الامر حد ان قلت له:

«حتتكلم ولّا اقفل في وشك السكة؟».

بصعوبة قال: يا سيدي يا ريت تبعت لي تلاتة اربعة كيلو بصل؟

بدهشة سألته: بصل؟

بسرعة اجاب: ايوه بصل

بدهشة اكبر قلت: اشمعنى بصل يا احمد هو موصوف لك بصل الكويت ولّا إيه؟

قال: ابدا - ابدا ... المسألة ان البصل شحيح في السوق، والحصول عليه اصبح امرا بعيد المنال، إذ لا يتمكن من شرائه سوى الموسرين.

بلاش هزار يا احمد ... هكذا قلت.

رد بسرعة: لا والله الوضع زي ما بقولك كده، كيلو البصل وصل سعره خمسة جنيه، دا لو لقيناه في السوق.

زادت دهشتي فسألت محدثي: ودا من ايه يا احمد؟

رد باقتضاب: منه لله الدكتور نظيف رئيس الحكومة، شعللها نار، وولّع الاسعار، حتى اصبح امتلاك «البصل» عنوانا على الغنى والثراء.

وزاد: تصدق يا خيري يا اخويه ان الناس يتفاخرون الآن بأكل البصل!

فسألته: كيف؟

اجاب: إذا اكل احدهم بصلا، راح يدنو من المحيطين به ليشموا رائحة فمه، وليعلموا بالتالي انه من غير الطبقة الوسطى ولا ينتمي الى فئة المعدمين.

واستطرد احمد المسيدي يقول: تخيّل ان من يأكل بصلا الان يتعمد ان «يتكرع» بصوت مسموع امام الوجهاء والمترفين، ليدلل على انه ليس اقل منهم وجاهة، او اصغر قدرا!

قلت بأسى: سأرسل اليك خمسة ستة كيلو بصل كل شهر، فعلك تصبح بذلك من الكبراء المعدودين.

«تكرع» احمد المسيدي، ثم قال: ربنا يقدرنا على رد جمايلك، وينصرك على مين يعاديك...

وقبل ان ينهي دعاءه وثناءه بادرته بقولي:

لكني اسمعك «تتكرع» فأنى لك هذا؟

اجاب على الفور: ذلك يحدث بفعل «بصلة» اهدانيها زميلنا الاستاذ مصطفى مفتش التموين، بعدما نجح في الحصول على كيلو ونص بصل اخضر اثناء جولة قام بها ومرافقوه على الاسواق والمتاجر لضبط من يبيعونه في السوق السوداء.

وقبل ان ينهي مكالمته انشد صديقي احمد المسيدي يقول:

البصل ... البصل ... البصل

احمر ودمه خفيف

البصل ... البصل ... البصل

على فين واخدنا «نظيف»

قوم هات لي حبة بصل

واديني نص رغيف

آكل واقول ربنا

يسامحك يا عم نظيف

يحكى أنّ وزيرا دُعي الى حفل ساهر احيته احدى الفنانات المشهورات، وبعد الوصلة الاولى انهال عليها الحضور بباقات البصل رضا بما قدمت، وعرفانا بجهودها في ادخال البهجة والسرور الى نفوس الحاضرين.

وفجأة قام الوزير من مقعده متوجها نحو الفنانة المشهورة، فمدت يمينها اليه متوهمة انه قادم لمراقصتها، لكنه مد يديه الاثنتين الى شمالها قائلا:

تسمحيلي بـ «البصلة» دي؟

منقول .......

[mesryforever]

معقوله الكلام ده