الصاوى بتاريخ: 25 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 25 يناير 2003 الحسد والمنافسة اعلم أن الحسد خلق ذميم مع إضراره بالبدن وفساده للدين ، حتى لقد أمر الله بالاستعاذة من شره ، فقال تعالى : { ومن شر حاسد إذا حسد } وناهيك بحال ذلك شرا . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { دب إليكم داء الأمم قبلكم البغضاء والحسد هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بأمر إذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم } . فأخبر صلى الله عليه وسلم بحال الحسد وأن التحابب ينفيه وأن السلام يبعث على التحابب ، فصار السلام إذا نافيا للحسد . وقد جاء كتاب الله تعالى بما يوافق هذا القول وقال الله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } قال مجاهد : معناه ادفع بالسلام إساءة المسيء . وقال الشاعر : قد يلبث الناس حينا ليس بينهم ود فيزرعه التسليم واللطف وقال بعض السلف : الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء ، يعني حسد إبليس لآدم عليه السلام وأول ذنب عصي الله به في الأرض ، يعني حسد ابن آدم لأخيه حتى قتله . وقال بعض الحكماء : من رضي بقضاء الله تعالى لم يسخطه أحد ، ومن قنع بعطائه لم يدخله حسد . وقال بعض البلغاء : الناس حاسد ومحسود ، ولكل نعمة حسود . وقال بعض الأدباء : ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحسود نفس دائم ، وهم لازم ، وقلب هائم . فأخذه بعض الشعراء فقال : إن الحسود الظلوم في كرب يخاله من يراه مظلوما ذا نفس دائم على نفس يظهر منها ما كان مكتوما ولو لم يكن من ذم الحسد إلا أنه خلق دنيء يتوجه نحو الأكفاء والأقارب ، ويختص بالمخالط والمصاحب ، لكانت النزاهة عنه كرما ، والسلامة منه مغنما . فكيف وهو بالنفس مضر ، وعلى الهم مصر ، حتى ربما أفضى بصاحبه إلى التلف من غير نكاية في عدو ولا إضرار بمحسود . وقد قال معاوية رضي الله عنه : ليس في خصال الشر أعدل من الحسد ، يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود . وقال بعض الحكماء : يكفيك من الحاسد أنه يغتم في وقت سرورك . وقيل في منثور الحكم : عقوبة الحاسد من نفسه . وقال الأصمعي : قلت لأعرابي : ما أطول عمرك ، قال : تركت الحسد فبقيت . وقال رجل لشريح القاضي : إني لأحسدك على ما أرى من صبرك على الخصوم ، ووقوفك على غامض الحكم . فقال : ما نفعك الله بذلك ولا ضرني . وقال عبد الله بن المعتز رحمه الله تعالى : اصبر على كيد الحسو د فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله وحقيقة الحسد شدة الأسى على الخيرات تكون للناس الأفاضل وهو غير المنافسة ، وربما غلط قوم فظنوا أن المنافسة في الخير هي الحسد ، وليس الأمر على ما ظنوا ؛ لأن المنافسة طلب التشبه بالأفاضل من غير إدخال ضرر عليهم . والحسد مصروف إلى الضرر ؛ لأن غايته أن يعدم الأفاضل فضلهم ، من غير أن يصير الفضل له ، فهذا الفرق بين المنافسة والحسد . فالمنافسة إذا فضيلة ؛ لأنها داعية إلى اكتساب الفضائل والاقتداء بأخيار الأفاضل . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { المؤمن يغبط والمنافق يحسد } . وقال الشاعر : نافس على الخيرات أهل العلا فإنما الدنيا أحاديث كل امرئ في شأنه كادح فوارث منهم وموروث واعلم أن دواعي الحسد ثلاثة : أحدهما : أن يكون في الحاسد شح بالفضائل ، وبخل بالنعم وليست إليه فيمنع منها ، ولا بيده فيدفع عنها ؛ لأنها مواهب قد منحها الله من شاء فيسخط على الله عز وجل في قضائه ، ويحسد على ما منح من عطائه ، وإن كانت نعم الله عز وجل عنده أكثر ، ومنحه عليه أظهر . وهذا النوع من الحسد أعمها وأخبثها إذ ليس لصاحبه راحة ، ولا لرضاه غاية ، فإن اقترن بشر وقدرة كان بورا وانتقاما ، وإن صادف عجزا ومهانة كان كمدا وسقاما . وقد قال عبد الحميد : الحسود من الهم كساقي السم ، فإن سرى سمه زال عنه غمه . واعلم أن بحسب فضل الإنسان وظهور النعمة عليه يكون حسد الناس له . فإن كثر فضله كثر حساده ، وإن قل قلوا ؛ لأن ظهور الفضل يثير الحسد ، وحدوث النعمة يضاعف الكمد . ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { استعينوا على قضاء الحوائج بسترها فإن كل ذي نعمة محسود } . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما كانت نعمة الله على أحد إلا وجد لها حاسدا ، فلو كان الرجل أقوم من القدح لما عدم غامزا . وقد قال الشاعر : إن يحسدوني فإني غير لائمهم قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا فدام لي ولهم ما بي وما بهم ومات أكثرنا غيظا بما يجد وربما كان الحسد منبها على فضل المحسود ونقص الحسود ، كما قال أبو تمام الطائي : وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف طيب عرف العود لولا التخوف للعواقب لم يزل للحاسد النعمى على المحسود فأما ما يستعمله من كان غالبا عليه الحسد ، وكان طبعه إليه مائلا لينفي عنه ويكفاه ويسلم من ضرره وعداوته ، فأمور هي له حسم إن صادفها عزم . فمنها : اتباع الدين في اجتنابه ، والرجوع إلى الله عز وجل في آدابه ، فيقهر نفسه على مذموم خلقها ، وينقلها عن لئيم طبعها . وإن كان نقل الطباع عسرا لك بالرياضة والتدريج يسهل منها ما استصعب ، ويحبب منها ما أتعب وإن تقدم قول القائل : من ربه خلقه كيف يخلي خلقه ، غير أنه إذا عانى تهذيب نفسه تظاهر بالتخلق دون الخلق ، ثم بالعادة يصير كالخلق . قال أبو تمام الطائي : فلم أجد الأخلاق إلا تخلقا ولم أجد الأفضال إلا تفضلا ومنها : العقل الذي يستقبح به من نتائج الحسد ما لا يرضيه ، ويستنكف من هجنة مساويه ، فيذلل نفسه أنفة ، ويقهرها حمية ، فتذعن لرشدها ، وتجيب إلى صلاحها . وهذا إنما يصح لذي النفس الأبية ، والهمة العلية ، وإن كان ذو الهمة يجل عن دناءة الحسد . وقد قال الشاعر : أبي له نفسان نفس زكية ونفس إذا ما خافت الظلم تشمس ومنها : أن يستدفع ضرره ، ويتوقى أثره ، ويعلم أن مكانته في نفسه أبلغ ومن الحسد أبعد ، فيستعمل الحزم في دفع ما كده وأكمده ليكون أطيب نفسا وأهنأ عيشا . وقد قيل : العجب لغفلة الحساد عن سلامة الأجساد . وقد قال الشاعر : بصير بأعقاب الأمور كأنما يرى بصواب الرأي ما هو واقع ومنها : ما يرى من نفور الناس عنه وبعدهم منه فيخافهم إما على نفسه من عداوة ، أو على عرضه من ملامة ، فيتألفهم بمعالجة نفسه ويراهم إن صلحوا أجدى نفعا وأخلص ودا . وقال ابن العميد رحمه الله تعالى : داوي جوى بجوى وليس بحازم من يستكف النار بالحلفاء وقال المؤمل بن أميل : لا تحسبوني غنيا عن مودتكم إني إليكم وإن أيسرت مفتقر ومنها : أن يساعد القضاء ويستسلم للمقدور ، ولا يرى أن يغالب قضاء الله فيرجع مغلوبا ، ولا أن يعارضه في أمره فيرد محروما مسلوبا . وقد قال أزدشير بن بابك : إذا لم يساعدنا القضاء ساعدناه . وقال محمود الوراق : قدر الله كائن حين يقضي وروده قد مضى فيك علمه وانتهى ما يريده فأرد ما يكون إن لم يكن ما تريده فإن أظفرته السعادة بأحد هذه الأسباب ، وهدته المراشد إلى استعمال الصواب ، سلم من سقامه ، وخلص من غرامه ، واستبدل بالنقص فضلا واعتاض من الذم حمدا . ولمن استنزل نفسه عن مذمة فصرفها عن لائمة هو أظهر حزما وأقوى عزما ممن كفته النفس جهادها ، وأعطته قيادها . ولذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : خياركم كل مفتن تواب . وإن صدته الشهوة عن مراشده ، وأضله الحرمان عن مقاصده ، فانقاد للطبع اللئيم ، وغلب عليه الخلق الذميم ، حتى ظهر حسده واشتد كمده ، فقد باء بأربع مذام : إحداهن : حسرات الحسد وسقام الجسد ، ثم لا يجد لحسرته انتهاء ، ولا يؤمل لسقامه شفاء . وقال ابن المعتز : الحسد داء الجسد . والثانية : انخفاض المنزلة وانحطاط المرتبة لانحراف الناس عنه ، ونفورهم منه وقد قيل في منثور الحكم : الحسود لا يسود . والثالثة : مقت الناس له حتى لا يجد فيهم محبا ، وعداوتهم له حتى لا يرى فيهم وليا ، فيصير بالعداوة مأثورا ، وبالمقت مزجورا . ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { شر الناس من يبغض الناس ويبغضوه } . والرابعة : إسخاط الله تعالى في معارضته ، واجتناء الأوزار في مخالفته ، إذ ليس يرى قضاء الله عدلا ، ولا لنعمه من الناس أهلا . ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب } . وقال عبد الله بن المعتز : الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له ، بخيل بما لا يملكه ، طالب ما لا يجده . وإذا بلي الإنسان بمن هذه حاله من حساد النعم وأعداء الفضل استعاذ بالله من شره ، وتوقى مصارع كيده ، وتحرز من غوائل حسده ، وأبعد عن ملابسته . وإدنائه لعضل دائه ، وإعواز دوائه . فقد قيل : حاسد النعمة لا يرضيه إلا زوالها . وقال بعض الحكماء : من ضر بطبعه فلا تأنس بقربه ، فإن قلب الأعيان صعب المرام . وقال عبد الحميد : أسد تقاربه خير من حسود تراقبه . وقال محمود الوراق : أعطيت كل الناس من نفسي الرضى إلا الحسود فإنه أعياني ما إن لي ذنبا إليه علمته إلا تظاهر نعمة الرحمن وأبى فما يرضيه إلا ذلتي وذهاب أموالي وقطع لساني وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ثلاثة لا يسلم أحد منهن : الطيرة وسوء الظن ، والحسد . فإذا تطيرت فلا ترجع ، وإذا ظننت فلا تتحقق ، وإذا حسدت فلا تبغ } . جامع الفقه الإسلامى لا يمكن أن يحيا المجتمع المسلم إلا بالنصيحة والتواصي، المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، هذه رابطة المؤمنين ، نعمل فيما اتفقنا عليه، ولينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه، ولا نقر بدعة ولكننا ننصح إخواننا في أخطائهم وينصحوننا في أخطائنا حتى نكون مجتمعاً رائداً يحبه الله. انضم الى مجموعة وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الصاوى بتاريخ: 26 يناير 2003 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 26 يناير 2003 الحاسد فيه ثماني آفات: الأولى: إفساد الطاعة: اذ رُوي عن أبي هريرة عن النبي قال: إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والعشب الجاف· الثانية: الإفضاء الى فعل المعاصي: إذ الحاسد لا يخلو من الغيبة والكذب والسب والشماتة عادة وفي الحديث "لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا"· والثالثة: حرمان الشفاعة: قال عليه السلام "ليس مني ذو حسد ولا ذو نميمة ولا ذو كهانة ولا أنا منه، ثم تلا عليه السلام قوله تعالى: ومن شر حاسد إذا حسد· الرابعة: دخول النار· وسبب ذلك ان الحسد يدعو الى القيام بأعمال يحرمها الله· الخامسة: الافضاء الى الإضرار بالغير فلذا أمر الله تعالى بالاستعاذة من شر الحاسد· كما أمر بالاستعاذة من شر الشيطان الرحيم ومن شر حاسد إذ ا حسد· وقال عليه السلام: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود"· السادسة: التعب والهم من غير فائدة بل مع وزر ومعصية، قال ابن السماك: لم أرَ ظالماً أشبه بالمظلوم من الحاسد: تعب دائم وعقل هائم وغم لازم· السابعة: عمى القلب حتى لا يكاد يفهم حكماً من أحكام الله تعالى لأن الحسد يعمي القلب قال سفيان: لا تكن حاسداً تكن سريع الفهم· الثامنة: الحرمان والخذلان ولا يكاد يظفر بمراده وينصر الله عدوه عليه ولذا قيل: "الحسود لا يسود"· الشيخ محمد شريف سكر لا يمكن أن يحيا المجتمع المسلم إلا بالنصيحة والتواصي، المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، هذه رابطة المؤمنين ، نعمل فيما اتفقنا عليه، ولينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه، ولا نقر بدعة ولكننا ننصح إخواننا في أخطائهم وينصحوننا في أخطائنا حتى نكون مجتمعاً رائداً يحبه الله. انضم الى مجموعة وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Proud Muslim بتاريخ: 27 يناير 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 27 يناير 2003 جزاك الله خيرا أخونا العزيز الصاوي . زادك الله علما نافعا . ذو العقل يشقى في النعيم بعقله.. واخو الجهالة في الشقاوة ينعم هذه مدونتي: Fathy رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Cleo بتاريخ: 15 ديسمبر 2004 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 15 ديسمبر 2004 آفة العصر... وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ المائدة - 51 مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ الأحزاب - 23 رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان