اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

المطران عط الله حنا: شيخ دعاني للإسلام في استنبول


Recommended Posts

المطران عط الله حنا: شيخ دعاني للإسلام في استنبول

6716274021.jpg

تاريخ النشر : Monday, 03 December 2007

استنبول-دنيا الوطن- شاكر الجوهري

في نهاية هذا الحوار، شعرت أنني أحرجت المطران عطا الله حنا، بسؤالي اياه عن تراجعه عن المشاركة في مهرجان انتخابي لمرشح مسلم في الإنتخابات الأردنية الأخيرة.

المطران لم ينف بداية موافقته على المشاركة في المهرجان الذي اقامه المرشح نجاتي الشخشير، وقال إنه لم يتراجع تحت ضغوط مورست عليه من قبل المرشح طارق خوري. لكنه عاد ونفى أن يكون قد وافق على المشاركة في مهرجان الشخشير ابتداء..!

الأمر الآخر الذي استشعر المطران أنه قد أحرج فيه هو الحديث عن دور المفكرين الأرثوذكس في انبلاج فكرة القومية العربية أواخر العهد العثماني، مع أنه دور معروف ومعترف به. وفي ذات السياق امتنع المطران عن التحدث عن معاناة المفكرين القوميين الأوائل، بمن فيهم الأرثوذكس والإضطهاد الذي تعرضوا له على أيدي ولاة العثمانيين، خاصة جمال باشا السفاح، الذي أعدم قادة الفكر القومي العربي، بمن فيهم مسيحيون.

قال المطران إنه يريد أن ينظر إلى تركيا الحديثة، رافضا التعليق على وجود اسلاميين عرب يريدون النظر إلى دور تركيا القديمة..!

المطران المناضل الآتي من القدس، كشف في هذا الحوار الذي اجريناه معه على هامش مشاركته في ملتقى القدس الدولي، الذي انعقد في استنبول في الفترة بين 15 ـ 17 تشرين ثاني/نوفمبر، عن أن رجل دين مسلم (شيخ) قد دعا له بالهداية في استنبول، ودعاه إلى اعتناق الإسلام..!

أما صلب الحوار فقد دار حول قضايا أكثر أهمية قال فيها المطران عطا الله حنا أن البطرك ثيوفلوس، الذي خلف البطرك السابق، ينتظره مصير ارينيوس إن تنازل عن أملاك الكنيسة الأرثوذكسية لاسرائيل. وأكد أنه يرفض معاملة الرهبان العرب في الكنيسة الأرثوذكسية في القدس كرهبان درجة عاشرة، وطالب بدور للرهبان العرب في قيادة الكنيسة.

وأبدى المطران قناعته من فشل لقاء أنا بوليس بسبب الإنحياز الأميركي لاسرائيل، واصفا الولايات المتحدة بأنها هي الخصم والحكم.

وكشف المطران عن أنه طالب مؤسسة القدس، في لقاء جمعه مع الدكتور محمد أكرم العدلوني أمين عام المؤسسة، الذي التقاه في استنبول بتمويل مشروع اسكاني مسيحي في القدس، مبينا أن اسرائيل تريد تفريغ المدينة من المسيحيين، بهدف التخلص من البعد المسيحي للقضية الفلسطينية.

هنا نص الحوار:

• كيف تنظر إلى الأوضاع الراهنة في فلسطين..؟

ـ شكر لك على هذا اللقاء، وأشكر الله أننا نلتقي في مدينة استنبول..المدينة التاريخية العريقة لكي نتداول في قضية هامة، ألا وهي قضية القدس التي هي موجودة في قلب كل انسان مسلما كان أم مسيحيا. ولذا، لقاءنا هو عرس مقدسي بامتياز في هذه المدينة التاريخية. حقيقة أن الأوضاع الفلسطينية هي أوضاع معروفة للجميع. معاناتنا هي من الإحتلال الذي يسعى لطمس معالم هذا الوطن، وهذه المدينة المقدسة. لذلك، نحن نتمنى أن يخرج ملتقى القدس الدولي الهام بقرارت عملية. نحن نعرف أن هناك اعلانا هاما وكبيرا سيصدر، وهو اعلان استنبول، ونتمنى أن لا يكتفي الملتقى بإصدار مثل هذا الإعلان.. ونتمنى أن تكون هناك أمور عملية يتبناها الملتقون من أجل القدس ومن أجل مصلحة الشعب الفلسطيني، وإنهاء الإحتلال عن ارضنا ومقدساتنا.

ثيوفلوس وارينيوس

• نريد قبل الإنتقال للخارطة الداخلية الإسرائيلية أن نتحدث عن الخارطة الأرثوذكسية..؟وما الذي حدث في الفترة الواقعة بين تنحية البطريرك السابق وتولي البطريرك الحالي لمهامه الكنسية، وكيف انعكس هذا على املاك الكنيسة..؟

ـ أنت تعلم أن هناك أزمة عميقة ألمت بكنيستنا الأرثوذكسية قبل ثلاثة أعوام بسبب ما أسمي في حينه بصفقة باب الخليل. وهذه الصفقة أدت إلى عزل البطريرك ارينيوس الأول، وانتخاب بطريك جديد هو البطريرك ثيوفلوس. وهناك جهود حثيثة تبذل من قبل أطراف عدة بهدف العمل على الحفاظ على الأوقاف والعقارات الأرثوذكسية في القدس.

لا يخفى عليك أن هناك ابتزازات وضغوطات يتعرض لها البطريرك الجديد من قبل اسرائيل. نحن ندرك جسامة هذه الضغوطات، لكننا نقول في نفس الوقت لغبطة البطريرك ثيوفلوس إننا عك ما دمت صامدا، ومحافظا على العقارات والأوقاف الأرثوذكسية.

• وهل تراه كذلك..؟

ـ حتى هذه الساعة، هو لم ينل الإعتراف الإسرائيلي باختياره بطريركا.

• وهذه من بين الضغوط التي تمارس عليه..؟

ـ وقد أعلن البطريرك رسميا قبل فترة من الوقت أن اسرائيل طلبت منه رسميا أن يقدم تنازلات في العقارات والأوقاف، وما إلى ذلك كي يعترفوا به، وأنه رفض ذلك. هذا موقف ايجابي لا يمكن أن نتجاهله لغبطته.

نتحن نتمنى أن يبقى صامدا حتى النهاية. نحن لسنا في حاجة للإعتراف الإسرائيلي. نحن لسنا في حاجة لاعتراف دولة الإحتلال به بطركا. شرعيته يكتسبها من الشعب، من أبناء الرعية، من استقامته ومن حرصه على الأوقاف والممتلكات الأرثوذكسية. ونحن نقول لغبطته إن هذه المرحلة مطلوب فيها منه أن يسعى لإبطال كل الصفقات التي أبرمت في الماضي، وهذا ممكن..أن يسعى لإبطال كل الصفقات التي ابرمت خلال السنوات الماضية، وأن لا يتنازل عن أي عقارات لأن أي تنازل عن عقارات لصالح الإحتلال سيؤدي إلى أزمة جديدة ستكون نتيجتها كما حدث مع ارينيوس.

• في أي منحى تريدونه أن يسعى..؟ هل تعنون المنحى القضائي..؟

ـ هنالك المنحى القضائي، وهنالك المنحى السياسي. وقد كان غبطة البطريرك في الولايات المتحدة قبل أيام، حيث التقى مع الكثير من الشخصيات هناك، وهو موجود في القدس. نحن حقيقة لا نعرف ما هي الخطوات التي يفكر البطريرك في القيام بها. ولكن نحن شرطنا لكي نقف إلى جانبه، وأن نسانده هو أن يحافظ على الأوقاف والعقارات في مدينة القدس وفي خارج القدس..أن يحافظ على الرعية، وعلى الحضور المسيحي، وأن يكون انسانا فعالا في كل هذه الأمور.

ارينيوس متورط

• دعنا نعود خطوة للوراء. فيما يتعلق بالبطريرك السابق ايرينيوس الأول. لقد اطلعت على ملف القضية التي حركت من قبله أمام القضاء الأردني، وهو يتضمن جميع الوثائق المتعلقة بقضية تنحيته..

ـ آسف..أنا لا أريد التحدث عن موضوع البطريركية. أريد التحدث فقط عن موضوع الملتقى..

• أرجو أن تستمع للسؤال، إن شئت أجبت، وإن شئت امتنعت عن الإجابة..

السؤال كما يلي: أيهما أفضل لمصلحة الكنيسة وأملاك الكنيسة، أن يتابع الأمر قضائيا من قبل البطريرك السابق، أم من قبل البطريرك الجديد..؟

ـ البطريرك السابق تم عزله..

• السؤال يفترض أنه في حالة لو لم يتم عزله..؟

كان البطريرك السابق قد حرك قضية ابطال لعمليات البيع التي تمت من وراء ظهره ودون علمه، خاصة وأنه لم يوقع على عمليات البيع..؟

ـ أنا أتحدث الآن عن الواقع. هنالك بطركا جديدا تم انتخابه، وهذا البطريرك الجديد هو الذي يجب أن يؤدي وأن يقوم بهذه المهام. لا يمكن أن أتحدث عن ارينيوس، لأنه بطريرك سابق لا يمكنه أن يقوم بأي اجراء.

• لا أريد أن احرجك.

ـ المسألة ليست مسألة احراج..المسألة أن هناك بطريرك جديد، يجب أن نتعاطى معه. البطريرك الجديد إذا ما حافظ على العقارات والأوقاف الأرثوذكسية، نحن معه. أما إن لم يحافظ عليها، فموقفنا منه لن يكون مختلفا عن موقفنا من ارينيوس.

• استخلص من هذا الكلام أن عزل البطريرك السابق من وجهة نظرك كان قانونيا..؟

ـ عزل البطريرك السابق كان قانونيا وشرعيا، والبطريرك السابق لا يمكن تبرئته. وشخصيا أعتقد أن عهده كان عهدا حافلا بالفساد. البعض يقول أنه كان بريئا من الفساد الذي وقع في عهده، وأنا أريد أن أقول أنك إذا كنت مديرا لمدرسة، ولا تعلم ما يحدث في مدرستك، فهذا يعني أنك لست صالحا لأن تكون مديرا لهذه المدرسة. وجود اناس فاسدين في تلك الحقبة، في ظل البطريرك ارينيوس يدل على أن هذا الرجل غير مؤهل لقيادة الكنيسة. وأنا لست من اولئك الذين يعتقدون أنه كان بريئا من صفقة باب الخليل.

أنا لست من الذين يعتقدون ذلك. وأريد أن اسألك: هل عندك ما يضمن أنه لا توجد صفقات سرية تمت في عهده..؟هل عندك ما يضمن أن الصفقة التي اريد لها أن تتم في باب الخليل لم تكن بمعرفته..؟

الذين يدافعون عن ارينيوس يقولون أنه كان ضحية. وأنا أشكك بهذه المقولات. أنا لا أعتقد أنه كان ضحية. أنا أرى أنه يتحمل مسؤولية كبيرة عما حدث..أعتقد أنه متورط بشكل مباشر في هذه القضايا كونه كان بطريركا، حتى وإن لم يكن موقعا..حتى وإن لم يكن الشخص الذي وقع..من وقع على تلك الصفقة كان معه توكيل من ارينيوس.

فلننظر الآن إلى العهد الجديد. عندنا بطريرك جديد. هذا البطريرك الجديد يتعرض للإبتزازات، والضغوطات الإسرائيلية. وأنا شخصيا قلت له بصراحة نحن لن نسير معك هكذا دون أن نكون نعرف إلى أين نحن سائرون. نحن نريد اجتثاث الفساد، والإهتمام بمسألة العقارات، والإهتمام باستعادتها. أنا اقترحت أن تكون هناك لجنة مشكلة من عدد من المحامين والمختصين لدراسة كيفية استعادة العقارات.

أنا لدي تحفظات شديدة جدا على الآلية الإدارية والهيكلية الإدارية للبطريركية. وأنا من اؤلئك تالذين دفعوا ثمنا غاليا لمواقفهم. لقد عوقبت واتخذت اجراءات ضدي، وبالتالي أنا حريص كل الحرص على أن يتم التعامل مع هذا البطريرك بمنتهى المسؤولية، ويجب أن يكون هناك موقف اردني، وموقف فلسطيني، وتنسيق بين الموقفين والجانبين. يجب أن تكون الطائفة موحدة لكي يسمع صوتنا، ولكي يتم استيعاب هذا الصوت، ولكي يتم العمل بما ننادي به، وما نتمناه.

تعريب الكنيسة

• أيضا يجب، وهذا ما تقوله أنت على ما أعتقد، يجب أن يتم تعريب الكنيسة الأرثوذكسية، لأن أهل مكة أدرى بشعابها..؟وأهل القدس وأهل الممتلكات أدرى بممتلكاتهم، وأكثر حرصا عليها من سواهم..؟

ـ الكنيسة الأرثوذكسية هي كنيسة ترتبط بالأرض العربية وبالشعب العربي..

• وبالفكر القومي العربي..

ـ نعم، وبالفكر القومي العربي..وهي كنيسة أعتقد أنها لها تاريخ لم ينقطع طوال ألفي عام. هذه كنيسة لها جذور، ولكن بما أننا نتحدث عن مدينة القدس، وعن المقدسات في مدينة القدس، فهنالك أيضا البعد الروحي. لم تكن المسيحية في يوم من الأيام مقصورة فقط على المسيحيين العرب، أو حتى الإسلام لم يكن في يوم من الأيام مقصورا على المسلمين العرب. كان هنالك امتداد عالمي للمسيحية في العالم، كما كان هناك امتداد اسلامي، لكن القدس نحن نعتبرها عاصمتنا الروحية، وعاصمتنا الوطنية. ولكن لا يمكنني أن أتجاهل مكانة القدس بالنسبة للمسيحية العالمية، أو بالنسبة للإسلام العالمي. ومن هذا المنطلق يوجد في مدينة القدس أديرة وكنائس فيها الكثر من الرهبان من قوميات متعددة.. هنالك من هم من اليونان، وهنالك من هم من روسيا، ومن هم من ايطاليا، ومن هم من كل الدول..هنالك تعددية لقوميات هؤلاء الرهبان.

بالنسبة لنا تعريب الكنيسة لا يعني أننا نلغي الآخر. الأجانب عندما يسمعون كلمة التعريب يشعرون وكـأنه الغاء لوجودهم وحضورهم ودورهم. نحن لا نريد أن نلغي لا دور اليوناني، ولا دور الروسي، ولا دور الإيطالي، ولا دور أي من رجال الدين الموجودين عندنا، ولكن لا نريد أيضا أن يلغى دورنا..لا نريد أن نهمش..لا نريد أن نستهدف، وأن يتم تهميش دورنا في هذه الكنيسة.

وبالتالي أنا أحترم كل الرهبان الذين يأتون إلى القدس من مختلف القوميات، وأتمنى منهم أن يعرفوا أولا تقاليدنا وعاداتنا ولغتنا، ومصالحنا. وفي نفس الوقت نتمنى منهم أيضا أن لا يعاملوننا وكأننا رهبان من الدرجة العاشرة، أو غير ذلك. نحن نريد أن نعامل بشكل متساو في هذه الكنيسة، أن نعطى حقوقنا كاملة. نحن نريد أن نؤدي واجباتنا اتجاه كنيستنا، واتجاه رعيتنا، ولكن في نفس الوقت نريد أن يكون لنا دورنا، ولا نقبل أن يهمش هذا الدور من قبل أي كان. نحن عرب مئة بالمئة، وارثوذكس مئة بالمئة، نفتخر بانتمائنا الروحي، والقومي، ونحن جزء من الأمة العربية، كما يحق لليوناني أن يفتخر بأنه يوناني، ويحق للروسي أن يفتخر أنه روسي..يحق لي أنا أيضا كعربي ارثوذكسي أن أفتخر بانتمائي العربي، وأن أحترم الآخرين.

فكرة القومية بالنسبة لنا لم تكن في يوم من الأيام فكرة عنصرية، وإنما هي فكرة منفتحة على الآخر.. فكرة الحوار مع الآخر. العنصرية هي فكرة صهيونية، أما بالنسبة لنا القومية هي شيئ حضاري انساني بامتياز.

تركيا الحديثة

• حين نقول أنكم كنتم أول من روج للقومية العربية، فقد كان ذلك في مواجهة الإتحاديين (حزب الإتحاد والترقي التركي) في الدولة العثمانية. ما شعورك الآن، وأنت في استنبول..حيث كانت الأستانة عاصمة الدولة العثمانية..؟

لقد سبقتم المسلمين في تقديم الشهداء على مذبح الدعوة للقومية العربية في مواجه سياسة التتريك العثمانية..وما زلنا نذكر حتى الآن باعتزا وفخر شهداء ايار على يد السفاح جمال باشا..!

ـ أولا نحن لا نصنف شهداءنا بناء على انتماءاتهم الطائفية. الشهيد العربي، أو الشهيد الفلسطيني هو شهيد، سواء كان مسلما أو مسيحيا. ونحن نعرف التاريخ. ولكن لا يجوز لنا أن نجعل من هذا التاريخ عائقا أمام تقدمنا للأمام. نحن ننظر إلى تركيا الحديثة ونريد لها أن..

• لكن بعض المسلمين ينظر إلى تركيا القديمة لا إلى تركيا الحديثة..!

ـ تركيا اليوم نريدها أن تكون عاملة على دعم الشعب الفلسطيني، نريدها أن تكون دولة عاملة على عودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. نحن لا نريد أن نتغنى بالتاريخ ونتجاهل الواقع.

التاريخ فيه الكثير من الآلام، وفيه الكثير من النماذج السلبية، وفيه الكثير من الدماء التي سفكت، والأبرياء الذين قتلوا. اليوم أنا أقدر عاليا أن استنبول تستضيف هذا الملتقى. كان بإمكانها أن تذعن للضغوطات الإسرائيلية وغير الإسرائيلية، وأن تمنع انعقاد هذا الملتقى. نحن حقيقة نقدر الموقف التركي الذي لم يرضخ لهذه الضغوطات، وتم عقد الملتقى، وأتت كل هذه الوفود من كل حدب وصوب، كي تجتمع من أجل القدس، وقضيتها العادلة..هذا موقف ايجابي نسجله لتركيا، ونتمنى من تركيا أن تتخذ في المستقبل مواقف أخرى مشابهة في دعم قضية القدس وقضية الشعب الفلسطيني.

الفشل ينتظر أنا بولس

• لنتحول إلى الوضع الداخلي الإسرائيلي..كيف تنظر إلى المعادلة الإسرائيلية الآن، مما يمكن أن يقدم في لقاء أنا بوليس..؟

ـ أنا لست خبيرا في المعادلة الإسرائيلية الداخلية. ما أعرفه وأعلمه هو أن اسرائيل لا تريد السلام، أو على الأقل أنها إذا ما تحدثت عن السلام، تحدثت عن السلام وفق المفهوم الإسرائيلي..إنها تريد سلاما استسلاميا..تريد سلاما لا يعيد الحقوق إلى العرب والفلسطينيين..سلام لا يعيد القدس.

نحن بالنسبة لنا إذا تحدثنا عن السلام فإن ما نقصده من كلمة السلام هو غير ما تقصده اسرائيل. السلام عندنا هو أن تعود القدس، هو حق اللاجئين بالعودة، هو اطلاق الأسرى والمعتقلين من سجون الإحتلال..هو كل هذه الثوابت الوطنية التي ينادي بها الفلسطينيون. وبالتالي نحن بالنسبة لنا لا نثق بإسرائيل اطلاقا..لا نثق بما تقوله اسرائيل، ونحن متأكدون من أن لقاء أنا بوليس الذي سيعقد سيكون فاشلا، لسبب بسيط هو أن الجهة الداعية لهذا الملتقى منحازة لإسرائيل.

كيف يمكن لجهة منحازة كليا لإسرائيل أن تحقق حلا عادلا..؟

أظن أن المؤتمرات التي عقدت سابقا لم تحقق ما كانت تريده اميركا أو ما كانت تريده اسرائيل، وذلك بسبب انعدام النزاهة والحيادية. أنت إذا ما أردت أن تكون وسيطا بين جهة معينة وجهة أخرى، على الأقل يجب أن تكون حياديا، واميركا ليست كذلك، وهي تقول جهارا نهارا أنها تدعم اسرائيل، وتريد الخير لها.

فليريدوا الخير لإسرائيل، ولكن عليهم أن ينظروا أيضا إلى الفلسطينيين لأن هؤلاء هم شعب أيضا..هم بشر، خلقهم الله، وهم كذلك يحق لهم أن يعيشوا في دولة..يحق لهم أن يتمكنوا من العيش في كرامة وحرية واستقلال.

هل يعقل أن تكون الجهة الداعية منحازة لطرف ضد الطرف الآخر..؟ كيف يمكن للقاء أن ينجح في ظل هذا الإنحياز..؟

• اميركا هي الخصم والحكم..!ونحن (النظام العربي) الذين قبلنا بها حكما، وهي التي نصبت من نفسها خصما لنا.

ـ نحن لسنا من قبل بهذا..

تهجير المسيحيين من القدس

• "نحن" هنا لا تعني أنا وأنت سيادة المطران..

حين نتحدث أيضا عن المضايقات التي يتعرض لها المقادسة، فإننا نقف بالتأكيد أمام اخوتنا المسيحيين الذين يتعرضون للمضايقات والإغراءات في نفس الآن. مضايقات داخل القدس، واغراءات ليهاجروا إلى خارج القدس. كيف نواجه هذه الهجرة، وهي هجرة فلسطينية إلى خارج فلسطين..؟

ـ سأكون واضحا معك إلى أقصى درجات الوضوح.

اسرائيل لا تريد لأي فلسطيني أن يبقى في القدس، وهي تسعى بكل قوة، وبكل الوسائل إلى ترحيل الفلسطينيين، ولكن بنوع خاص المسيحيون من القدس. إنها تريد تفريغ القدس من المسيحيين لأنه يزعجها أن يكون هناك بعد مسيحي للقضية الفلسطينية. البارحة (أجري هذا الحوار في اليوم الثاني من أيام انعقاد ملتقى القدس الدولي 16/11/2007) كنت متحدثا في الجلسة الإفتتاحية، واليوم حرض بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية علي شخصيا بسبب مشاركتي في الملتقى. لم يعطوا أي أهمية لكل من تحدث، لكنهم علقوا على مشاركة رجل دين مسيحي. يزعجهم جدا أن يكون هناك بعد مسيحي للقضية الفلسطينية، لأن لهذا البعد المسيحي امتداد في اوروبا، وفي اميركا، وكل مكان.

يريدون أن يكون هناك بعدا دينيا اسلاميا في هذا الصراع، لكنهم لا يريدون بعدا دينيا مسيحيا. لا يريدون أن يكون هذا الصراع عربيا صهيونيا، وعندما أقول عربيا أقصد بذلك المسلمين والمسيحيين معا. ولا يريدون أن يكون هناك بعدا مسيحيا للقضية الفلسطينية..لا يريدون أن يكون هناك مسيحيون فلسطينيون، ولا مقدسات مسيحية فلسطينية.. القدس هي العاصمة الروحية للمسيحية، علما أن المسيحية نبعت من فلسطين. نحن لم نستورد الإنجيل من اميركا ولا من واشنطن أو لندن..ولا حتى من روما، أو من القسطنطينية..المسيح من فلسطين انطلق، ورسالته من فلسطين كانت، ومنها انطلقت إلى مشارق الأرض ومغاربها.

وبالتالي البعد المسيحي يزعج الإحتلال، ولا يريد أن يكون هناك موقفا وطنيا مسيحيا داعما للشعب الفلسطيني.

مشروع اسكاني مسيحي

• مشاركتك في هذا الملتقى كيف ستنعكس على نتائجه ووثائقه اضافة لما تفضلت..؟

ـ إذا ما كانت نتائج الملتقى ستكون مقتصرة على الوثائق، فهذه كارثة. نحن لم نأت إلى هنا من أجل وثائق، أو اصدار بيان، أو أن نسجل مواقف. نحن أتينا إلى هنا من أجل أن يكون هناك عمل ما..نشاط ما..قرارت عملية لنصرة القدس والدفاع عن القدس، وما إلى ذلك.

أعتقد أن هذا الملتقى، لكي يكون نجاحه كبيرا، ويصل إلى الحد الذي نتمناه، يجب أن لا يكون مقصورا على الكلام. الكل يعرف أن القدس فلسطينية وعربية واسلامية مسيحية..لا أظن أن هناك من يقول عكس هذا الكلام. ولكن لا يكفي أن نقول هذا الكلام، وأن نكرر قوله، وأن نجتر هذا الكلام في كل المؤتمرات وكل الندوات وكل الملتقيات..

القدس الآن لا تحتاج إلى بيانات، ولا إلى كلمات، ولا إلى أشعار، ولا إلى أن نتغنى بعروبتها واسلاميتها..القدس تريد منا عملا على الأرض. أنا أعتقد أن نجاح هذا الملتقى يجب أن يكون في دعم المؤسسات المقدسية، في دعم المقدسيين، في دعم المقدسات..

• الإسلامية والمسيحية سواء بسواء..

ـ بالطبع أنا أتحدث عن المقدسات الإسلامية والمسيحية.

على سبيل المثال أنا اليوم عقدت اجتماعا مع مدير مؤسسة القدس الدكتور محمد أكرم العدلوني، بحضور ممثل عن الطائفة الرثوذكسية في القدس وهو الأستاذ نبيل مشحور، رئيس النادي الأرثوذكسي، وعرضنا على المؤسسة أن تتبنى مشروعا اسكانيا للمسيحيين في القدس، سيشرف عليه النادي الأرثوذكسي. عندنا الأرض والتصاريح والخرائط وكل ما يلزم، لكننا ينقصنا التمويل اللازم.

• وإلى ماذا توصلتم..؟

ـ قلت له إذا ما أردتم صمود المقدسيين المسلمين والمسيحيين فتفضلوا ادعموا هذا المشروع.

• بم رد..؟

ـ وعد بدراسة المشروع بكل جدية، وإنشاء الله نسمع اخبارا سارة.

أؤكد على أهمية هذا المشروع، وأنا أناشد مؤسسة القدس من خلالكم أن تتبنى هذا المشروع الحيوي، الذي نريد أن نقيمه في منطقة حساسة في القدس، والذي إذا ما تم تنفيذه سيشكل خطوة هامة جدا في مسألة الحفاظ على عروبة القدس.

المفكرون القوميون الأرثوذكس

• وماذا عن الوحدة الوطنية داخل القدس ذاتها ما بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني..؟

ـ الوحدة الوطنية موجودة، وأنت تعلم أن ثقافتنا الفلسطينية غير طائفية..هي ثقافة فيها تنوع ثقافي وديني. في الأمس صافحني أحد الشيوخ دون سابق معرفة، وقال لي يا سيادة المطران أريد أن أهنئك على خطابك في جلسة الإفتتاح، وأتمنى عليك أن تعتنق الإسلام، وأن يهديك الله إلى الإسلام..!فقلت له الله يهديك أنت أيضا لكي تدرك أن المسيحية التي امثلها هي مسيحية مشرقية أصيلة، عمرها ألفا عام في مدينة القدس، وعندما أتى الخليفة العادل عمر بن الخطاب، استقبله الأرثوذكس، يتقدمهم البطريرك سفرونيوس.

أنا أود أن أقول لهذا الشيخ، ولغيره، بأننا مسيحيون مئة بالمئة، ومتمسكون بهويتنا المسيحية الأرثوذكسية المشرقية. إن مشاركتنا في هذا الملتقى لأننا نحب القدس، ولأننا حريصون عليها. نحن مسيحيون مئة بالمئة، لا بس في هويتنا المسيحية، ونحن عرب فلسطينيون مئة بالمئة. وأنا أتمنى على هذا الشيخ ومن غيره، أن يدركوا أن المسيحيين ليسوا غرباء في هذ الأرض..هم اصيلون لهم تاريخ لم ينقطع منذ ألفي عام. ,انا أستغرب حقيقة موقفا من هذا النوع..يبدوا أن هذا الشيخ لم ير في حياته رجل دين مسيحي، أو لم يستمع في حياته لرجل دين مسيحي، أو لربما يظن أن المسيحية يمثلها جورج بوش أو غيره..!نحن لا نتبنى ما يقوله جورج بوش، ونحن نعارض ما يقوله..نحن كنيسة مسيحية عربية أصيلة.

• والعرب يفخرون بأن المفكرين القوميين العرب الأوائل كانوا من الأرثوذكس..

ـ ليتك لا تنشر هذه..

ملتقى المثقفين العرب

• لماذا..؟هذا هو الواقع، وهو معروف للقاصي والداني.

اعتذرت مؤخرا عن المشاركة في ملتقى المثقفين العرب الذي انعقد في دمشق مؤخرا، لماذا..؟

ـ أولا يسعدني جدا، بل يشرفني أن اشارك في هذه اللقاءات، لكن اجراءات الإحتلال الإسرائيلي تمنعنا من دخول الأراضي السورية واللبنانية. هناك منع من قبل سلطات الإحتلال. إذا دخلت إلى سوريا أو لبنان يسحب جواز سفري لدى عودتي، أمنع من الخروج إلى خارج الوطن لمدة خمسة أو ستة أعوام. في آخر مرة زرت فيها سوريا عام 1999، منعت بعد عودتي للبلاد مباشرة، وفرضت علي الإقامة الجبرية، وسحب جواز سفري.

نحن نكن لسوريا وشعبها وقائدها، وكذلك للبنان كل المحبة والتقدير، وهذا هو امتدادنا الإستراتيجي القومي. نحن نعتز بسوريا ومواقفها، لكن ولأسباب تتعلق بوجودنا داخل القدس، والأراضي المحتلة، نمنع من دخول سوريا بسبب اجراءات الإحتلال.

الإنتخابات الأردنية

• أنت قلت في رسالة الإعتذار التي قرأت علينا أن الإحتلال منعك من المجيئ والمشاركة في ملتقى المثقفين العرب في دمشق، ولكن ماذا عن زيارتك للأردن التي أعلن أنك ستقوم بها، وأنك ستلقي كلمة في افتتاح المقر الإنتخابي لمرشح في الإنتخابات البرلمانية، ثم اعتذرت عن عدم الحضور، وقد أثير لبس حول هذه القضية..؟

ـ أنا لم آت حقيقة لسبب بسيط..

• وهو..؟

ـ هو أنني لا أريد أن أتدخل في القضية الإنتخابية في الأردن..هناك مرشحون كثر..هناك مرشحون من تيارات متعددة ومن جهات متعددة، وكلهم يدعوننا، ويريدون أن نكون موجودين. إذا نحن لبينا دعوة معينة، سنكون مضطرين بعد ذلك لأن نلبي دعوات أخرى.

أنا أخذت موقفا متساويا من كل المرشحين، احترمهم جميعا، وفي النهاية، من سينجح هو من سيفوز في الإنتخابات..وبالتالي أنا لم أرد أن أقحم نفسي في الإنتخابات، وفي الحملة الإنتخابية..ليس المطلوب منا أن نقحم انفسنا في الحملات الإنتخابية لمرشحين، أو لبعض المرشحين، ونحن نحترم الجميع ونقدر الجميع، ونتمنى للجميع الخير.

• ربما ما أثار اللبس هو أنك وافقت ابتداء على تلبية الدعوة، ثم اعترض أحد المرشحين الآخرين..

ـ لم يعترض أحد..

• اسمحلي أن أكمل السؤال..

علمنا أن المرشح الذي اعترض على حضورك هو المرشح طارق خوري..

ـ غير صحيح هذا الكلام..

• ثم جاء الدكتور عودة قواس، وألقى كلمة في خيمة المرشح الآخر، مع أنه ينافسه..

ـ ردي على هذا هو أنني لا يمكنني أن البي أي دعوة لحضور مهرجان انتخابي لسبب بسيط يتلخص في أننا نعتقد أن دورنا ليس دور الإنحياز لأي مرشح. كل المرشحين هم اخوتنا، وهم ابناءنا وأحبتنا. وانا اتخذت هذا القرار بمحض ارادتي، لم يضغط علي أحد..حتى طارق نفسه دعاني إلى مؤتمر وإلى مهرجان ورفضت، وغيره دعاني أيضا ولم أذهب..

• لكنك وافقت في البداية على تلبية دعوة المرشح نجاتي الشخشير..؟

ـ لم أوافق..

• اعلن أنك أنك ستكون من بين المتحدثين في مهرجانه الإنتخابي..؟

ـ أنا لم أوافق على المشاركة في أي لقاء انتخابي في الأردن. وعلى كل حال أنا لا أريد أن أقحم نفسي في قضايا انتخابية داخلية اردنية. من سيفوز سنتمنى له النجاح وسنتعامل معه. أما أن نذهب ونقول أننا نبايع فلان ضد فلان..

• ليس بالضرورة ضد فلان..

ـ أعتقد أن هذا ليس هو الدور الذي يمكن أن أقوم به..

• في المهرجان الإنتخابي للدكتور عودة قواس، شارك الأستاذ صالح العرموطي، نقيب المحامين بكلمة حماسية، وهو الإسلامي التوجهات، وطالب الحضور بانتخاب الدكتور قواس المسيحي، وقد أسعد ذلك الجميع، لأنه يدلل على تراص الصفوف بين مختلف مكونات الشعب، وعلم أن فكرة دعوتك للتحدث في مهرجان الشخشير انبثقت في ذلك الحين، ليكون هناك رجل دين مسيحي يتحدث في مهرجان انتخابي لمرشح مسلم..كان المقصود أن تكون هناك خطوة باتجاه التوحيد بدلا من التفريق..

ـ يمكننا أن نقوم بخطوات توحيدية ولكن ليس في اطار الحملات الإنتخابية.

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...