Sherief AbdelWahab بتاريخ: 6 ديسمبر 2007 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 6 ديسمبر 2007 عندما توليت منصب رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية في منتصف التسعينيات، كان من أهم الظواهر التي لفتت انتباهي مسألة تراجع لغة الشارع المصري، وتقلص مفرداتها اللغوية المنتقاة بعناية من اللغة العربية الفصيحة، وميل الجمهور العام إلي هجر الإنتاج الفني من المسرح بشكل خاص والأغاني الناطقة بالفصحي، ولاحظت وقتها أن لغة الشارع بدأ وجودها يظهر بقوة علي صفحات وبين سطور الأعمال الفنية المقدمة إلي رقابة المصنفات الفنية للحصول علي تراخيص الإنتاج والعرض. وكأنما بدأ سيل عارم لاكتساح العامية الجديدة للغة الكتابة للأعمال الفنية فهي الأسهل استخداماً وفهماً وانتشاراً وجماهيرية بالطبع، لكن قانون الرقابة وقواعد الإبداع الفني -ليس في مصر وحدها لكن في العالم أجمع- لا تبيح، بل لا يجب، رفض عمل، لأن لغته ليست فصيحة كما لا يجوز حتي رفضه، لأن لغته الفصحي ضعيفة فهي تعبر عن مستوي صانعه، وستتولي آليات السوق تحديد مستوي الإقبال الجماهيري عليه، وكنت أري وقتها -ومازلت- أن لغة الفن والإعلام والأدب هي التي يجب أن تقود لغة الشارع المصري لا أن تنتقل لغة الشارع إلي هذه المجالات فتهبط بها، ذلك أن اللسان يتعود كما تتعود العين علي النظر إلي الجميل أو القبيح، وكما تتعود الأذن سماع الصوت الصاخب أو الهادئ. ثم مرت سنوات قليلة تأكدت معها مستجدات تكنولوجية في مجال الاتصال وعلي رأسها الإنترنت والفضائيات التليفزيونية، خاصة الغنائية منها التي أفسحت المجال لكل التراكيب اللغوية المتردية والمشوهة التي أصبحت تتردد بسهولة علي ألسنة الصغار والشباب، علي اعتبار أنها اللغة الحقيقية ولا شيء سواها. وواكب ذلك مناهج تعليمية وكتب مدرسية لتدريس اللغة العربية مازالت تحتفظ بمحتواها العتيق وطريقتها القديمة في تدريس اللغة ربما منذ قرون مضت، تلهب عقول التلاميذ بعشرات القواعد للنحو والصرف لا يستوعبها بسهولة عقل شيخ معمم، فما بالنا بأطفال أو شباب صغار في المراحل المدرسية، ذلك علي الرغم من أن ما لا يزيد علي عشرين في المائة فقط من منهج النحو والصرف، الذي يتم تدريسه بالمدارس يكفي - حسب تقرير المتخصصين - لأن يجيد التلاميذ القراءة والكتابة باللغة العربية الفصحي بسهولة ويسر، ثم من أراد منهم أن يتخصص في اللغة في المرحلة الجامعية أو ما بعدها، فإن له كل قواعد النحو والصرف يمكنه أن يجول ويصول بينها كما يشاء، فهناك فرق بين الدراسة والتدريس وبين المعرفة والتخصص. وإذا استمر الحال علي ما هو عليه، فإن الهوة تزداد كل يوم بين الطلبة واللغة، وبين الناس واللغة، ويمكننا أن نتابع كلمة مقروءة أو مرتجلة لشخصية حكومية أو عامة، حتي نلحظ بسهولة ما تحمله من أخطاء لغوية متكررة، وكأن إجادة الحديث أو الكتابة بلغة عربية صحيحة أمر عويص لا يقدر عليه أحد، وإذا كان هذا هو الناتج الحقيقي لنظام تعليمي لم ينجح في تدريس وتعليم اللغة العربية بشكل ميسر، فلنجرب إعادة تدريسه بطريقة سهلة محببة فربما تغير الحال. يحدث كل ذلك أيضاً في الوقت نفسه الذي تزاحم فيه اللغات الأجنبية في مدارسنا اللغة العربية، ويسبق تدريسها للأطفال تدريس اللغة الأم، وشتان ما بين المنهجين، وطرق التدريس ووسائل الإيضاح وشكل الكتاب المدرسي، ثم تنشأ في الكليات أقسام جديدة يتلقي جانب من طلابها مناهجهم باللغات الأجنبية، مما يخلق تمييزاً لغوياً وطبقياً بين أبناء الكلية الواحدة، وبما يدعم كراهية العلم واللغة في الوقت نفسه. في الشوارع تعلو لافتات المحال بالحروف الأجنبية، وكذلك إعلانات البضائع والخدمات، ويتردد وجودها علي شاشات القنوات التليفزيونية، وتنتشر موضة الحديث والكتابة بالعامية في الإذاعة والتليفزيون والصحافة، وهي المؤسسات التي تحيط بالمواطن المصري وتتغلغل في حياته، وهكذا تزيح العامية اللغة الفصحي من طريقها بخطي وئيدة لكنها واثقة. ليت عامية الشارع المصري الآن هي عامية العباقرة بيرم التونسي وصلاح جاهين وفؤاد حداد وجمال بخيت التي تحمل ذكاء لغة العقل ودفء القلب ورقة وذوق وخفة ظل أولاد البلد، لكنها عامية غليظة اللفظ والمعني ثقيلة الوقع علي اللسان والأذن، والخوف أن تنتشر وتسيطر ويستقر وجودها في الشارع، ونفقد مع السنوات ملمحاً من أجمل الملامح التي تميزنا. http://almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=85119 خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان