اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

ورأيته يمشي علي الماء


Recommended Posts

ورأيته يمشي علي الماء.. (قصة قصيرة )

ــــــــــــ

كانت الشمس قد فرغت لتوها من سكب شواظ لهيبها علي رؤوس العباد متسللة من بين فروع الأشجار ، ثمة رجل هرم يحمل علي كتفيه عبء سنين خلت استظل بظل شجرة قرب البحر، والبحر ساجٍ في غيه ممتداً بزرقته حتي آخر المدي ..

بدا الرجل منهكاً يرتاح ، مد رجليه وفرد ذراعيه من خلفه يستند عليهما ، سارحاً بخياله في فضاء سخي ..

وجهه المشوب بحمرة الظهيرة يتوزع في صوفية رائقة يتأمل طيوراً بحرية تروح وتجئ وبين البحر كأنما يعد أمواجه ..

الأشجار مثل مردة عماليق تقف بالمرصاد لهجوم البحر المعتاد في مثل هذه الأونة ..

حييته ، فرد التحية بالقيام من جلسته فأعدته لجلسته وأنا أربت علي كتفه ، صعد نظرته إلي وجهي يتملي منه وقال :

ـ عرفتك ..

انتبهت قليلاً ، فوجئت به يذكر أعمامي وأخوالي وأنا مرهف السمع تماماً حتي جاء علي ذكر اسم أبي :

ـ كان صديقي ..

فرت من عيني دمعة سحقتها بظاهر كفي قبل أن يلحظها ، وراح يذكرني بذكريات معه :

ـ كنا لا نفترق ..

وأشار بسبابتيه يلصقهما ببعضما البعض :

ـ كان ذلك من قرابة ربع قرن ..

أومأت برأسي موافقاً ، قال :

ـ إذن أنا مثل أبيك ، هل أوصيك بوصية ؟

وافقته دون شعور وحار أمري ، عاجلني مباغتاً :

ـ إذا مت ، ادفنني بجوار البحر ..

وأشار إلي كثبان رملية صنعتها رياح الشتاء الماضي ، ثم سعل بشدة فارتابت نفسي :

ـ الآن امض إلي حال سبيلك ..

ومضيت لا ألوي علي شئ سوي وعد باللقاء ، عند منحني الطريق رفع ذراعيه لأعلي مودعاً :

ـ أراك قريباً ..

التهم العمل كثيراً من الأيام المتواصلة حتي بلغت عاماً كاملاً أو يزيد :

ـ تعال ..

وجدته أمامي ينادي :

ـ هل نسيتني ؟

لم أرد وانحنيت علي وردة ملقاة علي الأرض قبل أن تدهسها الأقدام ، نظر إليها :

ـ يبدو أنها كانت لعاشقين مرا من هنا ليلة أمس ، هلم نبلغ مكاننا ..

اصطبغ سقف المكان بزرقة لا متناهية ،سماء خالية من الغيوم ، لكن البرد القارس كان يحوم من حول المكان :

ـ هل تصدق ؟ بلغني موت ولدي في عرض البحر ..

وأشار إلي جهة الشمال ، وانهمرت دموعه مثل شلال ولم ينطق إلا بعد قليل :

ـ كان في رحلة العودة إلي الوطن كانت عروسه تنتظر يوم الزفاف ..

واستند بذراع نحيلة بانت عروقها من عند طرف قميصه الداكن اللون علي شجرة زنزلخت عتيقة :

ـ ساذهب للبحث عنه ..

تركني أرقبه وراح يغذ الخطي متمهلاً فوق الرمال الناعمة ، حاولت اللحاق به ، أمسكت به نزع يدي من ذراعه :

ـ دعني ..

وتركني ، وأنا أناديه فلا هو رد علي ولا التفت نحوي فظننته سوف يعود ، وردد الفضاء الرحيب صدي ندائي ..

ولج بقدميه في ماء البحر ، وبين المويجات الأولي راح يلوح بذراعه :

ـ وداعاً يابني ..

قالها وهو يمضي بخطو واثق ، وأنا أرقبه ، رأيته يمشى فوق الماء دون أن تبتل ملابسه أو يغرق ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد عبده العباسي

بورسعيد / مصر

رابط هذا التعليق
شارك

ياماشي فوق الموج ولا خفت يوم البلل

فيك العقول احتارت وداويت كتير العلل

مع لغز مشغول بالمرارة وشهده بكانا

هو الي راح واتنسى ممكن يكون الامل

عمرو عريبه

تم تعديل بواسطة City of angels

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 6 شهور...

كلامك رائع وانا في اللغة ضائع

احببت التعليق بما يليق

لكن لغتي غاينها اسلوب ركيك

احييك على الموضوع اللذيذ

من اخوك الاصطة بقشيش

غُلغِلت كلماتي وخُرِّسَ صوتي وقُصِف قلمي

دَمِعت عيناي وبكت حروفي وحَزن قلبي

تبللت أوراقي وتراكمت صفحاتي وزيد همي

انهمر سؤالي ومُلئت خزائنهم وعُلِق طلبي

خواطر بقشيشية

رابط هذا التعليق
شارك

الأخ العزيز بقشيش

أنت شخص لطيف ولديك ذوق رفيع

أنا أحييك بالتأكيد

لكن اسمح لي أن أطلعك علي معني " الأصطة "

وهي تكتب الأسطي وأصلها " الأستاذ" وأنت أستاذ ..

لك تحياتي ..

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      شاهد هذا الفيديو لسلحفاة تدعى تورنيب وهي "ترقص" بينما تستحم في حوض أسماك تينيسي بأمريكا. View the full article
    • 0
      دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- سمع كثيرون عن وادي "غراند كانيون" في أمريكا، ولكن هل سبق أن زرت موقعاً شبيهاً له في الشرق الأوسط، وبالتحديد في دولة الإمارات العربية المتحدة؟ ربما تشعر بالذهول للوهلة الأولى (شاهد الفيديو أعلاه)، كما حدث مع المصور أبو بشار محمد كيبيريا، الذي راوده الفضول حول وادي الحلو، وهو يقع في وادي الحجر بين كلباء والشارقة. وبحسب وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات، يوصف وادي الحلو بأنه "غراند كانيون الإمارات"، على غرار الوادي العظيم... View the full artic
    • 2
      جميعنا تحت إنطباع أن إثيوبيا تقيم سد النهضة  علشان هما غلابة و عاوزين يولدوا كهربا  ما سبق كان إستهلالا لابد منه بعد محاولة إغتيال الرئيس مبارك في إثيوبيا سنة ١٩٩٥  قامت حكوماتنا من وقتها بإلغاء ما يسمى ب إثيوبيا من الخريطة - طبعا مجازا - و بدلا من أن مصر صاحبة أكبر خبرة في بناء الخزانات و السدود على نهر النيل  بدلا من أن تتصدر للمساعدة و التعاون في بناء سد النهضة  تجاهلنا الأمر تماما قرأت من أيام تحقيقا في مجلة صباح الخير أكرر صباح الخير أن إثيوبيا رفضت و تهربت من التوقيع على الإ
    • 42
      كلمات نطق بها كل الاعلامين المصريين تقريبا  (اللي مش عاجبه البلد يمشي)  (اللي مش عاجبه البلد يغور)  (مدام مش عاجباك يا أخي قاعد فيها ليه)   هم حاولوا يمشوا معرفوش , حاولوا يغوروا ملحقوش  وبعد ما غرق الشباب سيرتهم بقت فريسة لشامت جبان او لتاجر مستغل      
    • 57
×
×
  • أضف...