اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

اللغة الجديدة.. أخطار ومتع


KANE

Recommended Posts

قرت هذا المقال والحقيقة انه مقلق

فأحببت أن تشاركوني الرأي فيه

للغة الجديدة.. أخطار ومتع

انتقلت من الشارع ودهاليز الإنترنت إلى الروايات

القاهرة: إيهاب الحضري

تحبها أم لا تحبها، هي لغة بدأت تطل برأسها من عالم الأدب، وتفرض نفسها على القراء. لغة تجمع بين التراكيب العامية، واختصارات جمل «الشات» الانترنتية، والألفاظ المنحوتة، والمصطلحات الأجنبية المعربة. لغة لا تستبعد العبارات المستخدمة من قبل الفئات المهمشة، او الحلقات الضيقة والطبقات السفلية. بمعنى آخر، صارت اللغة الأدبية مفتوحة أبوابها للوافد والجديد والهامشي، تحتضنه كما لو انها لم تفعل ذلك أبداً، من قبل...

بلغة صادمة تختلف مع السائد إلى درجة التباين، رسمت روايات عديدة صدرت في الآونة الأخيرة ملامح مختلفة لعالم يحيط بنا، قد نراه ونتجاهله، وربما يكون هناك من لا يشعر بوجوده أساسا. عالم اجتذب مبدعين عديدين عبر عقود مضت، لكنهم تناولوه بلغتهم ولم يحاولوا أن ينقلوه كما هو، انقاذا للقارئ من صدمة متوقعة، لكن اختلاف المفاهيم جعل الصدمة الناتجة عن غرابة الألفاظ، التي تصل أحيانا إلى درجة الفجاجة، هي التي تلفت الانتباه وتثير الإعجاب بعمل ما.

لم يقتصر الأمر على محاكاة لغة الفئات المهمشة التي عبر عنها حمدي أبو جليل في روايته «لصوص متقاعدون» قبل سنوات، ثم محمد الفخراني في روايته «فاصل للدهشة» قبل أسابيع، بل امتد إلى عالم الانترنت الذي دخلت لغته المختزلة ضمن سياق رواية «بمناسبة الحياة» لياسر عبد الحافظ، جنبا إلى جنب مع اللغة الخاصة بفئات مجتمعية متدنية أو متمردة. وقبل ذلك كان أحمد العايدي قد جمع في روايته «أن تكون عباس العبد» بين تلك المفردات المنحوتة ولغة الميكروباص والروشنة. على أن جرأة اللغة ساهمت فقط في إضفاء جاذبية على الأعمال التي مزجت بين المفردات وعالمها بشكل روائي. أما الروائيون الذين انشغلوا بالبعد التسجيلي الذي يستمد من الغرائبية اللغوية مادة للتفرد فلم تنل أعمالهم نفس الدرجة من الاحتفاء. إنها تجربة مغايرة، تحمل ملامح تميزها كأعمال مجددة، لكن الإغراق في تفاصيل سريعة التبدل يجعل بعض هذه الأعمال مهددا بخطر عدم الفهم بعد سنوات، فهل ستحتاج هذه الروايات، بعد سنوات قليلة، إلى مترجمين يتولون إعادة ترجمة بعد مقاطعها أو مفرداتها إلى العربية لكي تتمكن أجيال لاحقة من فهمها؟!!!

جمال الغيطاني: يكتبون ما نخشى التفكير فيه

* يرى الروائي جمال الغيطاني أننا في فترة تتكون خلالها مصطلحات جديدة، مستلهمة مما هو مستخدم في الشارع والميكروباص، لكنها لغة ذات طبيعة خاصة: «تتشكل بسرعة وتختفي بسرعة أيضا، والسبب أن الأنماط التقليدية للغة لم تعد كافية. هناك شباب يكتبون بلغة لم يكن أحدنا يملك حتى جرأة التفكير فيها، لكن الزمن أصبح له مفرداته التي ستتواجد، شئنا أم أبينا». لا يخلو الأمر من إيجابيات، حسبما يؤكد الغيطاني: «إنها مفردات تجعل الكاتب أكثر قدرة على التعبير عن الواقع». لكن الحديث عن السلبيات، يحتاج إلى إسهاب أكبر: «هناك خطر حقيقي في استخدام هذه اللغة، ورغم أن الفصحى أصبحت معزولة عن الواقع لدرجة أنني أواجه أحيانا صعوبات في فهم بعض المصطلحات المتداولة حاليا، إلا أن المشكلة تتمثل في أن لغة الشارع تتغير بسرعة كبيرة، مما سيجعل لغة هذه الروايات غير مفهومة بعد أعوام، وسيضطر أحمد العايدي مثلا، في روايته «أن تكون عباس العبد» لعمل هوامش، كي تظل تعبيراته مفهومة بعد أن تحل محلها مصطلحات أخرى، فالعامية تتغير بسرعة كبيرة».

هل هو اتجاه يثبت أسس وجوده أم أنها مجرد محاولات فردية؟ سؤال يرد عليه جمال الغيطاني بقوله: «كل ما أستطيع أن أقوله حتى الآن إنني معجب بالمغامرة وأشجع عليها، يمكن أن تتنامى لتسفر عن شيء له قيمة، وقد تختفي كالفقاعة، الذي سيحسم ذلك هو تقبل القارئ، والحركة النقدية، ولا بد أن يمضي الاثنان معا لأن هناك كتبا (غير روائية) حققت اعلى مبيعات دون أن يعني ذلك أنها تحتوي مضمونا ادبيا راقيا. الذي يحدد جودة المضمون هو النقد، ولسوء الحظ لا يوجد لدينا نقد. فهناك ناقدان أو ثلاثة أو أكثر قليلا لكن عدد النقاد عموما غير كاف لصناعة حركة نقدية». لكن جمال الغيطاني لا ينفي أن أصحاب هذا الاتجاه أصبحوا يمثلون تيارا تدعمه شبكة الانترنت في أحوال كثيرة، ويضيف: «نحن نخدع أنفسنا عندما نصادر عملا ما، هناك منطقة غير خاضعة لأي رقابة هي الإنترنت. وأحمد العايدي، مثلا، قادم من هذه المنطقة تحديدا. على الانترنت أدب لا يتعامل معه أحد، لمجرد أنه ليس مكتوبا على ورق. في المدونات تجد كتابة مختلفة لكن أحدا لا يهتم بها». قبل أسابيع تحفظ جمال الغيطاني في افتتاحية «أخبار الأدب» على استخدام إحدى القنوات الخاصة للعامية، بصورة مبالغ فيها، لدرجة أنها وصلت إلى نشرات الأخبار. والاتجاه الذي نتحدث عنه يدعم مصطلحات ومفردات غير فصيحة، وربما تكون عامية غير عادية أيضا. إنها تنحت مصطلحات مغايرة، ألا يمثل ذلك خطرا على اللغة بدوره؟ سؤال يريد عليه قائلا: «انها ظاهرة خطيرة بالفعل، لكن المشكلة أكبر مما يفعله الأدب باللغة، لأن تأثيره يظل محدودا. المشكلة تتمثل في استخدام اللغة كقيمة اجتماعية يترتب عليها وضع اجتماعي معين. فخريج المدارس الأجنبية صار صاحب فرصة أوسع في العمل، لأن اللغة الأجنبية أصبحت أكثر دعما للإنسان في مجتمعه العربي، وظهرت طبقة جديدة جذورها غير مرتبطة بالواقع. ومعظمنا يذكر الخبر الذي نشرته الصحف عن الزوجة التي طلبت الخلع لأن زوجها يتحدث العربية في المنزل. هذه هي الخطورة الحقيقية على اللغة العربية، لا ما يفعله الأدباء، وهذه المشكلة ستبلغ ذروتها خلال عشرين عاما إذا لم ننتبه إليها. سيظهر جيل يقرأ القرآن بدون أن يعرف معناه وسيحتاج إلى ترجمة معانيه مثله في ذلك مثل مسلمي تركيا. ليست المشكلة الحقيقية في اللغة الجديدة التي يكتب بها الشباب، لكن مشكلات اللغة العربية أكبر من ذلك، وإذا كانت ثمة سلبيات في هذا الأسلوب الكتابي فهي سلبيات تعود في الأساس على الكتاب الذين سيفاجأون بعد أعوام بأن اللغة المستخدمة ليست مفهومة وهو ما يهدد كتاباتهم. فهذه اللغة تتبدل بسرعة لكنها أيضا تجربة مهمة تحتاج التركيز عليها».

إبراهيم عبد المجيد: لغة جديدة أم لغات؟

* التجربة لفتت الانتباه إذن، لكن هل هي تجارب متنوعة تندرج تحت رؤية عامة ؟ أم أنها تجارب متناثرة لكل منها اسسها المغايرة وليس هناك رابط بينها إلا الصدفة التي جعلت توقيت ظهورها متقاربا؟ هل نحن بالفعل أمام لغة جديدة أم أمام جيل يستخدم مفردات سبقه الشارع في نحتها وكذلك الوسائط الحديثة؟ طوفان من الأسئلة يواجهه الروائي إبراهيم عبد المجيد بجملة حاسمة في البداية: «لدي تحفظ على مصطلح اللغة الجديدة، لأنه يوحي بنشأة تيار بينما الحقيقة أنه لا يوجد تيار يمكن أن يحتكر هذا المصطلح حتى الآن»، يبدأ عبد المجيد بعد هذا الحكم القاطع إصدار حيثياته، فيقول: «ليس هناك تيار سائد يكرس للغة بعينها، فهناك كتاب جدد ولكل منهم أسلوبه، لغة العايدي مثلا ليست هي نفسها لغة محمد الفخراني أو صفاء النجار وهم متقاربون في العمر. أصبح العالم الآن متداخلا مع وسائط أكثر حداثة، وصارت الميديا تشكل جانبا كبيرا من تعامل الناس العاديين. ومن الطبيعي أن يظهر كتاب صغار السن من وسط هؤلاء فيكتبون باللغة المتداولة بينهم. هذا ليس معناه ان لغة أدبية جديدة تتشكل لكنه يكون نتاج هذه التكوينة، من هنا أقول إنها ليست تيارا لأنها ليست سمة لكل أبناء الجيل كما أنها لم تطغ على التيارات الموجودة بالفعل». ويرى إبراهيم عبد المجيد أن من يكتبون بهذه اللغة كتاب أتوا من فئات ثقافية مختلفة، وأعمار متباينة لكنهم: «ليسوا كثيرين، غير أنني أتوقع أن يتكاثر عددهم، اللغة عندهم في معظمها لغة ميديا، عندما تدخل غرف الشات في الإنترنت تفاجأ بلغة مختلفة، من يتعامل معه باستمرار سيتأثر بهذه اللغة ويكتبها تماما مثل من يحب التراث فيكتب بلغته القوية، وهناك من تكون ثقافته اجنبية فيكتب بطريقة ثالثة. إذن من يتعامل عبر الإنترنت ويزور «المولات» باستمرار سيستعمل لغة مختلفة وهذا طبيعي، واعتقد ان لغتهم ليس بها افتراء على اللغة العادية، لكنها تمنحها جماليات اخرى، لذلك انا لست ضدها». هل يتعامل عبد المجيد مع الأعمال التي تستخدم في انساقها هذه المفردات من باب الفضول؟ وهل يمكن لكاتب من جيل مختلف أن يتفاعل معها، أم أنه سيشعر بالغربة وسط متغيرات لغوية تعبر عن اخرى اجتماعية قد لا يكون معايشا لها؟ سؤال يرد عليه عبد المجيد مؤكدا أنه شعر بالتفاعل مع معظم الروايات التي تنتمي لهذه النوعية: «لا أكمل كتابا إلا إذا احببته وقد اكملت الكثير منها، انها اعمال مختلفة عن جيلي والجيل السابق»، وماذا عن الإحساس بالدهشة؟ عبد المجيد لا يشعر بالدهشة : «لا أصاب بالدهشة لأني منفتح على اللغة، لهذا لا تدهشني اللغة غالبا اما الذي يصيبني بالدهشة عادة فهو المضمون. اللغة أمر عليها باعتبارها انتاجا معاصرا». انفتاح عبد المجيد على اللغة يجعله يرى أن اللعب عليها إبداعيا أمر مهم، ويوضح: «النحت على مستوى المفردات والصور مهم، كما أن جماليات اللغة التي تتمثل في جانب منها بالصياغة النحوية ليست مقدسة فيما يتعلق بالتقديم والتأخير مثلا، وفي رواياتي أكسر الترتيب اللغوي العادي، غير أن هذا لا يعني التلاعب في القواعد ونصب الفاعل ورفع المفعول به».

محمود عكاشة: الأدب يحتضن المتغيرات

* الدكتور محمود عكاشة، مدرس علم اللغة بجامعة الإسكندرية، لا يعترض على ما يحدث، رغم ان تحفظات اللغويين عادة ما تظهر في مثل هذه الظروف، لكن الضرورة هي التي تؤدي إلى ذلك: «هناك بعض أصوات الخطاب اليومي لا يمكن التعبير عنها بالفصحى، كما أن هناك ألفاظا حديثة لا يوجد لها مقابل عربي، فحدثت لها عملية تطويع واصبحت في بعض الأحوال تخضع لقواعد اللغة العربية في تصريفها، مثل «موبايل» و«سينما» و«كومبيوتر» وكل ما يتعلق به من الفاظ وأفعال تم استحداثها، ومن الصعب أن نمنع استخدامها على مستوى التعامل اليومي وكذلك على مستوى الأدب». ويرى عكاشة أن منع لفظ ما أو مجموعة تركيبات من الاستعمال لن يكون ممكنا، ويشير الى أن التعامل الأمثل هو احتواء هذه المفردات والتركيبات اللغوية في النص الأدبي، لأن هذا يثري اللغة.

ويوضح أن القرآن استوعب الألفاظ الأعجمية وتعامل معها وفق قواعد اللغة العربية، ويضيف: «أنا مع التجديد دون ابتذال، فلا يجب أن تؤدي هذه الحالة إلى انحدار أدبي، على المستوى اللغوي. انا احترم تعامل نجيب محفوظ مع اللغة، لقد قدم نموذجا لكيفية احتواء العمل الأدبي للغة المحيطة دون ان يهبط إليها». ويرى عكاشة ان الكتاب أنفسهم يجب أن ينتبهوا لذلك لأن سرعة تغير هذه المفردات ونحت تراكيب جديدة تجعل كتاباتهم مهددة بخطر عدم الفهم: «الجبرتي مثلا كان يكتب ألفاظا بالعامية الدارجة التي سادت في عهد محمد علي، الآن حاول قراءتها، لن تفهم الكثير منها لأنها كانت تعبر عن الحياة اليومية وقتها. يحدث هذا رغم أن المسافة الزمنية لم تتجاوز مائتي عام، وهو ما يعني أن الجاذبية التي تجعل عددا من الكتاب يقبل على هذه المفردات ستتلاشى بعد فترة وتبقى اللغة في حاجة لمن يترجمها لقراء مستقبليين».

http://www.asharqalawsat.com/details.asp?s...amp;issue=10389

"نحن شعب ينتحر -بمزاجه- إنتحاراً جماعياً ببطء كين

~~~~~

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "انها ستكون سنون خداعات .. يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذب فيها الصادق .. ويصدق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة .. قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة

~~~~~

فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا (42){النساء}

رابط هذا التعليق
شارك

وبما أن الشئ بالشئ يُذكر فهذه مقالة قديمة نوعا ما ل د/ احمد خالد توفيق

رِوِش طحــن

منذ البداية لا أنكر أنني وقعت في غرام كتيب صغير كتبه الصحفي الشاب ياسر حماية ، ووجدت فيه حلاً لا بأس به لتفسير الكثير من التعبيرات التي استغلقت على فهمي من تعبيرات شباب اليوم. صحيح أنه كتيب مليء بالأخطاء المطبعية، وصحيح أنه يحتاج إلى إعادة تبويب تجعله أقرب إلى القواميس منه إلى الدعابة. لكن هذا لاينسينا حقيقة أن أول من حاول رصد الظاهرة هو واحد من داخلها وليس من الأكاديميين ذوي الياقات العالية خارجها

ذات مرة كنت جالسًا في القطار أصغي لشاب يكلم صاحبه، فلو كانت المحادثة باللغة السنسكريتية لفهمت أكثر.. لا أنكر أن أكثر هذه التعبيرات يمكن فهمه من سياق الكلام وتعبيرات الوجه، لكن بعضها عسير فعلاً

كل لغة تتطور مع الوقت، وأية مقارنة بين لغة المنفلوطي ولغة صنع الله إبراهيم تريك الفارق الهائل.. قارن بين لغة شكسبير ولغة جون جريشام مثلاً.. وحتى القواميس الإنجليزية الرصينة صارت تحوي قدراً لا بأس به من العامية وربما الشتائم

أذكر المعركة الأدبية النارية بين العقاد وميخائيل نعيمة حول لفظة تحمم التي قال الأول إنه لا وجود لها في اللغة العربية، بينما أصر ميخائيل نعيمة على أنها لفظة مفهومة لأي شخص، فلماذا نسمح لشاعر من البادية ـ والكلام لـ نعيمة ـ أن يخترع لفظة لا وجود لها، مثلما اخترع امرؤ القيس لفظة تتفل لأنها تناسب القافية والوزن وأعلن أن معناها ثعلب من الآن فصاعداً، بينما نمنع شاعراً آخر من ابتكار لفظة مثل تحمم؟

*******

حتى على مستوى المحادثة، يسهل أن تجد فارقًا شاسعًا بين لغة أفلام الماضي وأفلام اليوم.. لم يعد أحد يحيي الآخر بـ سعيدة مبارك أو يصف الجو بأنه طقس في غاية البداعة.. هذه لغة تناسب الماضي الجميل حينما كان شوقي بك يذهب مع حبيبته إلى النيل ليركبا فلوكة و تعال من فضلك خدنا..وكان المراكبي مهذبًا يرد بصوت ملائكي: دي ستنا وإنت سيدنا ؛ فلم يطلب سعرًا فلكيًا ولم يخرج مطواة قرن غزال ويغتصب الفتاة أمام شوقي بك

تتنازعني هنا كراهيتي ـ التي لا حيلة لي فيها ـ لهذه اللغة الجديدة التي يدور 80% منها حول معنى الاستهتار وعدم الاكتراث وأن الأمر لا يستحق. لغة فيها تحد غريب وقدر لا بأس به من الوقاحة، فأنا ما زلت مصراً على أن لفظة بيئة هي لفظة: بيئة فعلاً. وماذا عن لفظ: موزّة.. التي تعني فتاة جميلة؟.. هناك قدر من الوقاحة والاستهتار بالأنثى كأنها شيء يؤكل لا أكثر، والغريب أن الفتيات يقبلن هذه اللفظة باعتبارها مجاملة رقيقة

*******

يتنازعني هذا المقت مع إيماني بأن على جيلي ألا يفرض تحفظاته على الجيل الجديد.. لقد حورب سيد درويش عند ظهوره باعتباره شاباً لا يحترم أساطين الغناء، وحورب عبد الحليم حافظ.. واليوم يُحارب المطربون الشباب لأنهم ليسوا عبد الحليم حافظ.. كان آباؤنا يزغرون لنا حين نستعمل لفظ سكّة ـ بفتح السين ـ بمعنى الشيء التافه، واليوم لا يفهم الأب ما يقوله أولاده حتى يوبخهم عليه.. هذه هي القصة دائماً إلى يوم الدين. الشباب يبدو غريباً جامحاً بالنسبة للكهول، والكهول يبدون ماموثات متحجرة عاجزة عن التغير بالنسبة للشباب، وأحمد عدوية صار تراثاً كلاسياً راقياً بالنسبة إلى شعبولا

*******

أعتقد أن النقلة الأولى الكبرى في لغة الشباب المصري كانت في السبعينات مع مسرحية مدرسة المشاغبين التي ولدت مصطلحات جديدة، بل وطريقة جديدة تماماً في المزاح. قبلها كان الناس يضحكون من أسماء مثل السناكحلي ومن كوميديا الموقف مولييرية الطابع ومن سلاح التكرار الذي تكلم عنه برجسون كثيرًا.. التكرار.. التكرار.. وحتى يصفق المشاهدون فتلتهب أكفهم. جاءت مدرسة المشاغبين بأسلوب خاص جدًا من الدعابة؛ ولمدة عشرين عامًا ظل طلبة المدارس يكررون دعاباتها التي لا تخلو من وقاحة واستهتار

النقلة الثانية هي في التسعينات

هنا يتعرض شبابنا لضغط يفوق بمراحل سُنة التغيير التي تكلمنا عنها.. الظروف القاسية التي يواجهونها، وعلامات الاستفهام التي تملأ المستقبل، ولدت فيهم تحدياً قد يتجاوز ما هو مطلوب أو صحي. إن لغتهم قد اتسعت لتحتوي عوالم الميكروباص والكمبيوتر ومترو الأنفاق والإنترنت

*******

المعلومات كثيرة جدًا.. الوجوه كثيرة جدًا ...لا سبيل لاستيعاب هذا كله إلا بالسطحية والمزيد من السطحية.. كل شيء يجب أن يتم بسرعة وبلا تعمق.. وهذا يظهر بوضوح في اللغة قبل أي شيء آخر

لقد تنبأ أندي وارهول – الفنان المجنون غريب الأطوار - بأنه في عام 2000 ستكون فرصة كل إنسان للشهرة ربع ساعة لا أكثر ..يمكن أن نقول إن نبوءته تحققت.. ويمكن أن نضيف إلى الشهرة أن كل معلومة.. كل رأي.. كل انفعال.. فرصته في البقاء ليختمر ربع ساعة لا أكثر

أتذكر الموقف الطريف الذي حكاه د. جلال أمين عندما كان في الولايات المتحدة وضل طريقه بسيارته.. كانت هناك لافتات كثيرة جدًا تدل على كل شيء وهذه اللافتات جعلت الأمور تختلط عليه.. وهنا خطرت له فكرة غريبة: إنه كان بحاجة بالضبط إلى كم أقل من المعلومات كي يتخذ قراره !.. هذه عبارة جريئة جدًا لا يجسر على قولها إلا من هو في وزن جلال أمين.. بالفعل كم المعلومات المتدفقة على الشاب عبر الفضائيات والإنترنت وآلاف الصحف يجعله في حيرة حقيقية.. لا وقت لتكوين رأي أو استيعاب أي شيء.. في الماضي كان هناك فيلم أجنبي واحد يعرض أسبوعيًا في برنامج نادي السينما، وكنا نرتب يومنا كله من أجل ساعة العرض هذه، ونلتهم عشاءنا أمام الشاشة.. ثم يعرض الفيلم فتستوعب كل حرف منه.. يتسرب إلى كل خلية من خلاياك.. أما اليوم فمن النادر أن تستكمل الفيلم إلى منتصفه قبل أن تقلب القناة بحثًا عن متعة أسهل

*******

هناك موضة جديدة أطلق عليها اسم الروشنة الدينية هي أغان دينية ملحنة بإيقاع عصري.. وترى الفيديو كليب في التلفزيون، فترى مجموعة من الشباب المتأنق أناقة الحراسات الخاصة يقف متخشبًا كأنه يحرس موكب إبراهيم بيه، وهو يردد أسماء الله الحسنى.. سرعان ما تدرك أنه لم يتسرب إلى أرواحهم مما يقولون إلا النغمات.. فقط يحركون شفاههم.. هذه أغان تم تصميمها ببراعة لسد حاجة الأفراح وذلك النشاط المصري الوليد: حفلات افتتاح المحلات الجديدة.. في مرة أخرى راقبت شابًا يرقص في ميوعة وانتشاء على أغنية شعبان عبد الرحيم فائقة الشهرة أنا بأكره إسرائيل، فساءلت نفسي: هل يعي أية كلمة من الكلمات التي يرقص على لحنها؟.. هل يفهم؟.. هل يهمه أن يكره إسرائيل أو يهيم بها حبًا؟

إنها السطحية في كل شيء

*******

إن لغة الروشنة طحن تعبر عن هذا كله.. وسوف تجد من يرصدها بشكل أكاديمي يومًا ما، أما في المرحلة الحالية فإنني أشكر ذلك الشاب المتحمس ياسر حماية الذي قرر جمعها في كتيب حتى لا تضيع. وذلك تحسبًا لليوم الذي يتكلم فيه أبناؤه فلا يفهم حرفًا مما يقولون. يومها تبدو عبارة مثل كله في الأمبلايظ عتيقة لها ذات رنين طقس في غاية البداعة في مسامعنا

تم تعديل بواسطة KANE

"نحن شعب ينتحر -بمزاجه- إنتحاراً جماعياً ببطء كين

~~~~~

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "انها ستكون سنون خداعات .. يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذب فيها الصادق .. ويصدق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة .. قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم فى أمر العامة

~~~~~

فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (41) يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا (42){النساء}

رابط هذا التعليق
شارك

شخصيا لاحظت التغير الذي بدأ يظهر على لغتنا العربية لكني لم أستاء منه صراحة.

فاللغة هي الطريقة التي يعبر بها الشخص عما يدور في نفسه و يعتريه من أفكار و مشاعر

و هي ليست آثر يجب المحافظة على وضعه الراهن قدر المستطاع

فلا نحن مازلنا نقول مكرا مفرا مقبلا مدبرا كجلمود صخر حطه السيل من علي

و نقول

آذَنَتْنَا بِبَينِهَا أَسْماءُ... رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ

بَعْدَ عَهْدٍ لَنَا بِبُرْقَة ِ شَمّاءَ... فَأَدْنَى دِيارِها الخَلْصاءُ

و لا ظلت أسماءنا قطبة بن أوس بن محصن بن جرول

التطور يحدث لكل اللغات و في كل العصور و راجع اللغة الانجليزي في كتابات شكسبير و في الروايات الحالية

لا نحن سننفعل و نستجيب للغة العتيقة و لا بعد مائة عامة أولادنا سيشعرون و يطربون لما يطربنا

شخصيا أرى تطور اللغة هو نتيجة طبيعية لتطور و تبسيط الحياة

أيام المنفلوطي و نجيب محفوظ و هيكل و احسان عبد القدوس لم يكن هناك انترنت و موبايل و شات و مدونات

فهل هذه مشكلتنا ام مشكلتهم ؟؟؟

رابط هذا التعليق
شارك

أعجبنى جدّا مقال "أحمد خالد توفيق" ..

و هذا الرجل رغم أنّه يكتب للشباب و للفئه العمريه المعنيه باللغه الجديده إلاّ أنّه لم يستخدم مفردات هذه اللغه و رغم هذا تلقى أعماله قبولا و انتشارا واسعا فى أوسطا الشباب !!

شخصيا أكره اللغه الجديده .. و من قبيل المصادفه المبهجه أنّى حين قرأت مقدّمة الموضوع جاءت على بالى رواية "أحمد العايدى" المسمّاه "أن تكون عبّاس العبد" بوصفها الروايه الوحيده التى قرأتها -ولم أكملها- التى تنتمى لغتها لهذا النوع من اللغه

و كنت قد اندهشت بشدّه من إعجاب أحد أصدقائى الشديد بها و حماسه الشديد لها لدرجة منحى نسخه منها لقراءتها .. و حين بدأت فعلا فى القراءه شعرت أن ما تقدّمه لى الروايه هو مشاركة مجموعه من الشباب فى جلستهم على القهوه و الاستماع لكل ما تجود به ألسنتهم من ألفاظ و عقولهم من أفكار لم تمثّل بالنسبة لى أى عنصر جذب !! ربّما لأنّى لا أحفل بالأدب التسجيلى الذى ينقل ما يدور على الألسنه كما هو دون أن يقدّم لى فكره ما و ربّما كانت الفكره موجوده بالروايه و عدم إكمالى لها حرمنى من معرفة ذلك

لكنّى لم أجد بالروايه الشهيره جدّا أى إبداع ولم ترق لى ربّما لانتمائى -وقت قراءتها- لمرحله متأخّره فى عمر الشباب الذى تتناوله هذه الروايه ..

"أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونٌَ"

صدق الله العظيم

-----------------------------------

قال الصمت:

الحقائق الأكيده لا تحتاج إلى البلاغه

الحصان العائد بعد مصرع فارسه

يقول لنا كل شئ

دون أن يقول أى شئ

tiptoe.gif

مريد البرغوثى

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...