Sherief AbdelWahab بتاريخ: 7 مارس 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 7 مارس 2003 ارتسمت علامات الحزن و الوجوم على المسنين الأربعة الجالسين على قهوة "المعاشات"...لقد رحل"السيد الوزير"! و "السيد الوزير"...ليس وزيرا أصلا...إنه "السيد عبد الرزاق عطا الله الوزير"...هكذا اسمه...زميلهم في المصلحة الحكومية التي كانوا يعملون فيها معا قبل خمسة و أربعين عاما... جاء "الوزير" من بلدته بكفر الشيخ منقولا إلى المصلحة بالقاهرة...حيث تعرف عليهم...عاش و مات وحيدا...توفي معظم أقاربه في حياته...و هاجر القليل الباقي إلى استراليا...حتى أنه لم يتزوج طيلة سنوات حياته السبعين...كل حياته كانت أصدقاءه و زملاءه في المصلحة من بقي على قيد الحياة و من لم يبق... جلس المسنون الأربعة يتذكرون مواقف و مناقب زميلهم الراحل... قال "عبد القادر"...أكبرهم سنا: -قطع فينا السيد الوزير...و الله كان راجل طيب ...أنا كنت أول واحد قابله لما اتنقل من كفر الشيخ للقاهرة...كان ساعتها لسة في أول الطريق...على الدرجة التاسعة...اشتغل معايا في الأرشيف خمستاشر سنة...راجل مؤدب و في حاله وماشي جنب الحيط...اللي بيتقال له بينفذه بالحرف الواحد... كان عاجبه إنه يختصر اسمه لـ"السيد الوزير"...قيمة و سيمة...كتير عمل له الإسم دا مشاكل...وكتير خلص له حاجات... بعد العمر الطويل دا كله فيه حاجات معرفهاش عنه...مثلا ليه ماتجوزش لحد ما مات؟ قاطعه"لبيب": -أفكركم ليه...كان المدير بتاعنا عنده بنت كان خايف لا القطر يفوتها...حاولت أنا و إنت و "مغاوري" زميلنا الله يرحمه نقنع في السيد الوزير يكمل نص دينه...قلناله البيه المدير حالف ليرقيه و يرقينا لو عصر على نفسه ليمونة و اتجوزها...بيني و بينكم فكر...وراح اتقدم...قعد معاها و مع أبوها و أمها ساعة و لا زيادة...ودب خناقة لرب السما...كنا ح نروح في داهية بسببه...بس ربنا ستر...و اتنقل المدير لمطروح! ومن ساعتها و هو رامي الحكاية دي برا راسه... و عقب "شلبي": -هوة أصلا كان ماشي جنب الحيط...مالفش و لا دار زي شباب اليومين دول... و استطرد ضاحكا: -و كل ما افتكر "جمالات" زميلتنا-الله يرحمها-أضحك...كانت مموتة نفسها عليه يا حبة عيني...وهوة و لا سائل فيها...بتبعتله جوابات و بتسقطها على مكتبه...يشوفها من هنا و يرميها من هنا...لحد ما حصل المحظور و شافته وهو بيرمي جواب من اللي كانت باعتاهم...وقفت ثانية و لا اتنين و ذهول الدنيا على وشها...وسابت المكتب و خادت في وشها...طلبت تتنقل...ما اتنقلتش...رجعت المكتب و خادت الموضوع بهدوء لحد ما اتجوزت و سافرت مع جوزها... أما "حلمي" ...فسرد بعضا من ذكرياته... -هوة بالمناسبة اللي عرفنا ع القهوة دي...و اللي قال لنا كمان إن الناس بيسموها قهوة المعاشات...كان دايما بيعزمنا ع الشاي و القهوة لما بتبقى الحالة "مضروبة" معانا...بس أنا اللي علمته لعب الطاولة...لحد ما غلبنا كلنا...كان صاحب واجب إلى أبعد حد...أي فرح أو عزاء لأي حد مننا كان بييجي...ماكانش بيتأخر عن حد فينا في أي حاجة...حتى لغاية ما طلع ع المعاش... أطلق زفرة في تأثر: -ساعات باحس إنه كتاب مفتوح...عارفين عنه كل حاجة...حياته كلها قدامنا و حياتنا كلها قدامه...حتى لما كل واحد فينا اتجوز و خلف...و ساعات كتير باحس إن فيه حاجات مخبيها علينا...زي السكر اللي كان عنده...ما كانش بيشتكي من حاجة لما كان بيقعد معانا...حتى لما بتحصل له حاجات تفور الدم... نظر "عبد الهادي" إلى الشارع المطلة عليه القهوة وقت أن كان "القهوجي" يضع أكواب القهوة...و قال: -أول مرة أعرف إن العمر قصير بالشكل دة... ضحك الثلاثة الباقون...و قال "حلمي" ضاحكا: -حرام عليك...دة أصغر واحد فينا احنا الأربعة فوق الستين بزمان...ح ناخد زمننا و زمن غيرنا؟ ورد "عبد الهادي": -بالعكس...أكبر مثال كان السيد الوزير...كان نفسه يعمل حاجات كتير...أبسط حاجة كان نفسه يرجع بلده في كفر الشيخ و يبني له حتة بيت في الفدان الورث بتاعه...كمان كان نفسه يحج...بيبقى العمر قصير لما ما يكفيش أحلامك تتحقق فيه ...مش مسألة سنين...طولة العمر الصح هي إن أحلامنا تتحقق حتى ولو ما عشناش قد اللي عاشه الوزير الله يرحمه... فكروا في عمل عزاء لصديقهم الراحل...لكنهم تذكروا أنه وحيد...عدد من يعرفونه و لا زالوا على قيد الحياة قليل...و عدد الزملاء الحاليين في المصلحة الذين عاصروه أقل...لقد أحيل على المعاش قبل عشر سنوات...فكروا بتعليق ورقة عند باب المصلحة...وأخرى على باب المسجد القريب من بيته...ربما يتذكر أحد "السيد الوزير"...الذي عاش و مات وحيدا كالكثيرين.."جنب الحيط"! المنصورة 7 مارس 2003 ما رأيكم ؟ خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
elbana بتاريخ: 8 مارس 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 8 مارس 2003 تلك هي الإشكالية ، كلمة (جنب الحيط) ، أن نعيش ونموت دون أن نقوم بشيئ يذكر ، جميل جداً تعبير : (بيبقى العمر قصير لما ما يكفيش أحلامك تتحقق فيه ...مش مسألة سنين...طولة العمر الصح هي إن أحلامنا تتحقق حتى ولو ما عشناش قد اللي عاشه الوزير الله يرحمه...) هذا التعبير في نظري يلخص ما تريد قوله يا أستاذ شريف ، كم كان السيد الوزير طيباً ودوداً و(صاحب واجب) ومع ذلك لم يحقق أي من أحلامه ، رغم أنه عاش عمراً طويلاًَ بحساب السنين ، ولكنه قصير إذا ما قورن بما أراد هو تحقيقه ولم يستطع ، حتى السكر أخفى أمره عن زملائه ، ورحل غريباً دون أصدقاء . هكذا حال الكثيرين . قصة جميلة بدون مجاملة ، هادئة وقاسية في نفس الوقت ، كالماء البارد جداً ، فهي في نظري محاولة أيضاً لإيقاظ ذوي الأحلام وقرع أجراس الخطر لهم ، أن أفيقوا وأعلنوا عن أنفسكم وبادروا حتى لا يضيع العمر هباءً . حلوة يا شريف ، وأجمل ما فيها إنها اتحكت كلها على لسان أبطالها بأسلوب بسيط وجميل . رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Sherief AbdelWahab بتاريخ: 8 مارس 2003 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 8 مارس 2003 ألف شكر يا أستاذ البنا على نقدك لقصصي...فهو -إيجابيا كان أو سلبيا-يضيء معالم الطريق لمبتدئ مثلي...و أتمنى أن يقرأها أكبر عدد ممكن من أعضاء منتدانا المحبوب... خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
elbana بتاريخ: 9 مارس 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 مارس 2003 كلنا مبتدئين ياعم شريف ، أنا زيك برضه مبتدئ ، وبأحاول لما غيري يعمل عمل فني أتكلم عن شغله بدون مجاملة ، وده كان اتفاق علمهولي واحد من أصدقائي اللي بيعملوا في مجال الفنون الجميلة ، اتفقنا على إن مافيش حد يجامل التاني في الرأي علشان تكون الاستفادة كبيرة ، وعلشان كده أنا عايز أعقد معاك نفس الاتفاق ، تقول رأيك فيما أكتب بلا مجاملة ، وأنا بالمثل حتى يصبح كل منا مرآة للآخر يرى فيها عيوبه قبل محاسنه ، إيه رأيك؟ وبطل بقى حكاية مبتدئ دي علشان انت شكلك كده محترف ومرقد لنا :lol: :lol: :lol: رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Sherief AbdelWahab بتاريخ: 9 مارس 2003 كاتب الموضوع تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 مارس 2003 أنا شخصيا ما باجاملش لما بادي رأي في مسألة...وعموما ح أجدد التزامي بالاتفاق معي يا أستاذ البنا :) خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
إبن مصر بتاريخ: 9 مارس 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 9 مارس 2003 تكرر اعجابى بطريقه كتابتك يا شريف وخصوصا فى هذه القصه فقد ظهر تمكنك من اليات كتابه قصتك من استغلال جيد للكلمات والرسم بالكلنات لمشاعر مفردات قصتك وكذلك وضع رأيك الخاص ورؤيتك من خلال حوارات شخوص كل قصه من قصصك حتى الان بل واللعب بالالفاظ بطريقه موحيه للاسقاط المقصود به الاسماء كما فى ذكر الوزير بجد استمتعت بالقصه . ابن مصر إن ربا كفاك بالأمس ما كان.... يكفيك فى الغد ما سوف يكون رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان