الانتفاضة .. الصلب .. البخور !!

[Proud Muslim]

خاطر من خواطري في الانتفاضة المباركة ..

الانتفاضة .. الصلب .. البخور

بسم الله و الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله محمد بن عبد الله و على آله و صحبه و بعد ..

قد يبدو عنوان الموضوع غريبا , فسيسأل القاريء ما العلاقة بين الانتفاضة و الصلب و البخور ؟؟ و السطور التالية قد نوضح ما هي العلاقة بين الثلاثة ..

فلا يظن أحد أن المقال قد يكون وصفة دجل أو شعوذة!!

يقول الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )

لم تكن دوافع الانتفاضة بالنسبة للكثيرين خيرا , و لم يعتبر الكثيرون أن ما حدث يوم زيارة السفاح شارون للحرم المقدسي خيرا , و لا يسمي الكثيرون أن ما يحدث في الأراضي المحتلة من قتل و تعذيب و هدم و قصف خيرا , و الكثيرون يعتبرن كل ذلك شرا ..بل قد يكون شرا محضا .. و لكنه ليس كذلك .

فالشر و الخير نسبيين , فالحدث قد يكون خيرا لك , و لكنه في نفس الوقت شر لي ,و تتكون شبكة من الخير و الشر بالنسبة للناس , فكل ما يفعله الله أو ما كتبه للبشر خير و لكن نظرة الناس الى هذا الخير تختلف . فيختلف الناس في وصف الحدث بأنه خير أم شر .

لو لم تحدث تلك الاحداث التي أدت الى انطلاقة الشرارة الأولى لانتفاضة القدس المباركة , لما رأينا تلك النماذج الفريدة من المجاهدين , الذي اشتروا آخرتهم بدنياهم , و لولا تلك الأحداث لما ظهر تخاذل المتخاذلين , و تقاعس المنافقين , و عمالة الخائنين , و لولا تلك الأحداث ما سالت تلك الدماء الزكية , و وجدت تلك القدوات الحسنة للشباب المسلم , لم نكن لنرى مهندسين و مجاهدين يسقطون طائرة , و ما كنا لنرى مقاتلين شجعان يفجرون دبابة .. هل كانت كل تلك القيم لتظهر لولا تلك الأحداث ؟

و هنا تظهر العلاقة ..علاقة الشبه بين الصلب و الانتفاضة , ففي صناعة الصلب لابد من صهر الحديد الخام الطري , فهذا الحديد غير صالح للاستخدام الشاق و تحمل الصدمات , فلابد من صهره بنار ذات حرارة شديدة , نار لا يتحمل الانسان الوقوف أمامها لثوان معدودة , فينفي الحديد خبثه و يبدأ مرحلة التصلد , و يبدأ الصلب بالظهور , بل ان أفضل أنواع الصلب و أقواه هو ما يعرض للمعالجة الحرارية في خطوات لاحقة لتلك المرحلة الأولية , فكلما تعرض الصلب لساعات أطول داخل تلك الأفران المحرقة , كلما زادت صلابته , و قويت صلادته , و ازداد قدرة على تحمل الصدمة تلو الصدمة , فلا كلل و لا انهيار , كذلك كانت تلك الأحداث , فكلما اشتدت الأزمة , و لكما زاد التنكيل و التعذيب و القتل , اشتدت المقاومة ضراوة , و قوي ساعدها , و طالت يدها لتطول العدو في مكمنه , و دمرت أحصن دفاعاته , و ظهر الخبث , و هم العملاء الذين يظهرون يوما بعد اليوم , الذي باعوا أنفسهم لشياطين الانس و الجن , فكم ظهروا بمظهر المجاهدين , و كم ادعوا بأنهم أبناء الانتفاضة , و لبسوا ملابسنا و أكلوا طعامنا .. و لكن الله أظهرهم و نفتهم المقاومة كما ينفي الكير خبث الحديد .

و عود البخور أيضا له شأن عجيب , فلا يمكن أن تنعم برائحته طالما أنه لم يحترق , و كلما احترق و مر عليه الوقت ازداد طيبا , و كلما استمرت النار تحرقه و لا ينفذ سريعا , كلما تيقنا أنه نوع أصيل , لم يخالطه غش او مواد خارجية , فهل كنا سنشم تلك الرائحة الزكية بلا نار ؟؟

كذلك كانت هذه الأحداث , ما كنا لنرى أطفالا يحملون الحجارة بل و يستشهدون في سبيل الله و نصرة دينه و الذود عن أرض المسلمين , و ما كنا لنرى الدماء التي ريحها أطيب من رائحة المسك لولا تلك الطلقات الغادرة , و القذائف الحاقدة ..

هل كان السلم مع العدو يوما مظهرا للأبطال و بطولاتهم ؟

هل كان السلم مع العدو يوما كاشفا للخونة ؟

هل كان السلم مع العدو يوما محررا لأرض ؟

و لكن تلك الأحداث التي نحمد الله عليها , خيرا كانت ام شرا في أعيننا , كانت بلا شك هي المحك الحقيقي للشجاعة و البطولة و الفداء , ظهرت بها أسمى معاني الأمومة و الأخوة .. و ظهرت بها أعلى مراتب الشهادة ..

هل رأيتم كيف أن الصلب و البخور مجرد صور من صور الانتفاضة !!

هل رأيتم ما تفعل النار من شر .. و لكنه خير في لبه ..

فيا من تحسبون أنها مصيبة , و يا من تقولون انها كارثة , فهي ليس كذلك , و لكن الخير كل الخير فيها و لكننا قد نغفل عنه !!

يا كل أم استشهد ابنها و فلذة كبدها في تلك الانتفاضة .. يا كل أب فقد رضيعه في غارة .. يا كل زوجة فقدت حبيب عمرها ..

لا تحزنوا .. فوالله هو خير ان شاء الله .

أختم الكلام .. بقوله تعالى : (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) .

و الله من وراء القصد .