المرحومة دوللي !!!

[kokowawa1979]

قرأت هذا المقال في جريدة خليجية وتعجبت لما فيه من حرية قد يكون مبالغا فيها واردت أن تطلعوا عليه واقرءوا مابين السطور لتروا أن دوللي

تتشابه مع نعاج هذه الأيام !!!

هل يتذكر العالم النعجة دوللي؟ هل أحد منا يمكن أن ينسى دوللي؟ دوللي -يا سادة يا كرام- كانت نعجة، ولكنها لم تكن كباقي النعاج، دوللي نعجة شغلت الناس وملأت الدنيا، وأقامتها وأقعدتها، وكان ميلادها ثورة في العلوم والهندسة الوراثية·

تسارعت وكالات الأنباء والإعلام المسموع والمقروء والمرئي للتسابق لتصويرها، ومراقبتها ومتابعة أدق تفاصيل حياتها، بل وجهدت الصحافة الصفراء والفضائحية في كافة أنحاء العالم لمعرفة علاقاتها الغرامية والتزاوجية مع الخراف إن وجدت·

دوللي كانت نعجة مستنسخة، وحين استنسخت تسابق العلماء في مجالات علم الجينات والهندسة الوراثية، لشرح كيفية خلق دوللي عن طريق الاستنساخ، وانبرى العلماء يشرحون، والفقهاء يطلقون الفتاوى حول مشروعية الاستنساخ للحيوان، والاستنساخ البشري· وبالطبع فإن من استنسخ دوللي لم يكن ينتظر فتوى لاستنساخها، ومن تعامل مع دوللي لم يكن يأبه كثيرا للجوانب الأخلاقية والدينية لعملية الاستنساخ تلك·

وراحت دوللي تعيش حياتها غير آبهة بما تقوله وسائل الإعلام عنها، ولم تكترث لتنظير العلماء ولا لفتاوى الفقهاء، وكانت دوللي متعجبة لهذا العالم الذي طوّقها بكاميراته وفلاشاته ومانشيتاته وتنظيراته ونظرياته وفتاويه·

دوللي -يا سادة ياكرام- لم تكن تعرف سبب وجودها، ولم تكن تعرف سبب اهتمام العالم بها، لا تدري ما الفرق بين الاستنساخ والولادة الطبيعية، ولم تمارس يوما من الحياة غير ما خبرته·

مرضت دوللي قبل أيام، فهرع لعلاجها أمهر الأطباء، وتحلّق حولها أشهر العلماء والبياطرة، وحاولوا انقاذها، استعملوا أحدث العقاقير الطبية، وجاءوا بأحدث المعدات العصرية، ولكن- هيهات! فلقد اشتد المرض عليها، وانتشرت في جسدها المستنسخ الالتهابات التي أصابتها، فأسلمت الروح لخالقها، وماتت دوللي!

ترحّمت على دوللي، وتساءلت: هل كانت دوللي فريدة حقا؟ هل كانت هي النعجة الوحيدة المستنسخة؟ ألا يوجد في هذا العالم من يتشابه كثيرا مع دوللي؟ ملايين من البشر في عالمنا يعيشون استنساخا، يحملون الصفات الجسمانية والعقلية نفسها التي حملها من سبقهم من الأجيال، وهم تماما مثل دوللي لا يعرفون سببا لوجودهم، ولا يكترثون كثيرا لما يجري حولهم، تراهم مثل النعاج تقاد، ولا يعرفون إلى أين، إلى المسلخ أم إلى المذبح أم إلى المرعى؟ يمارسون الثغاء أحيانا كمصدر للعيش والرزق، ويمتهنون البلاهة والغباء، يصادقون الحمق، ويصاحبون التخلف، أعداء للعقل، ومناوئون للتفكير، إنهم بنو البشر المستنسخة من قبل بني البشر، بَيد أن استنساخهم أسهل بكثير من عملية استنساخ المرحومة دوللي، معادلة بسيطة لتحصل على أحد هؤلاء، لا تتطلب الكثير من الجهد البدني ولا الشحذ الذهني، وهم منتشرون بيننا في كل مكان في العالم·

الفرق بين هؤلاء المستنسخين وبين المرحومة دوللي، أن دوللي ماتت، وانقرضت، ولم يكن لها خلفه، ولا وريث يحيي ذكرها ويحمل اسمها، ولكن هؤلاء يستنسخون بعضهم بعضا ويتكاثرون كالجراد، ويعيشون التكرار الممل، ولا يخجلون من أن دوللي كانت أحسن وأفضل حالا منهم، فالعالم يتذكر دوللي، ولكن هؤلاء يأتون فيتكاثرون ويذهبون ولا أحد يشعر بأهمية وجودهم من عدمه·

رحم الله النعجة دوللي·

د· سعد بن طفلة العجمي

وفي انتظار تعليقاتكم !