اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

هويدي يطالب بالإعتذار للشعب الفلسطيني


Recommended Posts

في المقال التالي إجابات عن اسئلة كثيرة و توضيح لمواقف نراها جميعا حولنا يكتبها فهمي هويدي لا استطيع الا ان اقول جزاه الله خير الجزاء و تقبل منه جهاده.

اعتذار إلى الشعب الفلسطيني

فهمي هويدي

صحيفة الخليج الإماراتية

لا أعرف ما إذا كان أحد قد أجرى تقييماً لتداعيات عبور فلسطينيي غزة للحدود المصرية أم لا، لكن الذي أعرفه أن الأصداء الإعلامية على الأقل جعلتنا مدينين بتقديم اعتذار إلى الشعب الفلسطيني.

(1)

يوم السبت الماضي (1/3) قتل "الإسرائيليون" 54 فلسطينياً في غزة. وخلال الأيام الثلاثة السابقة قتلوا 35 آخرين. وخلال الأشهر السابقة لم تتوقف عمليات القتل اليومية، التي كان نائب وزير الدفاع "الإسرائيلي" صريحاً حين وصفها ب"المحرقة"، في استعارة دقيقة لما فعله النازيون باليهود. ليس هذا العام استثنائياً بطبيعة الحال، لأن اليوم الفلسطيني ظل مصبوغاً بلون الدم منذ أكثر من قرن من الزمان. فمنذ الهجرة الصهيونية الأولى التي تمت عام 1882م والفلسطينيون يقاومون بعناد لا مثيل له احتلال بلدهم ويصدون زحف الغزاة الجدد على أرضهم.

هذه المقاومة العتيدة يسجلها الدكتور أحمد الريماوي في كتابه "المسار التاريخي للنضال الوطني الفلسطيني"، فيتحدث عن تصدي الفلاحين الفلسطينيين في عام 1886 للغزاة الذين طردوهم من بلدة الخضيرة، لكي يقيموا مستوطنة "بتاح تكفا" (معناها الأمل) واستمر المسلسل الدامي إلى نهاية الحكم العثماني، وطوال سنوات الانتداب البريطاني الذي استمر ثلاثين عاماً من (1917 إلى 1948) وهي سنوات التمكين للمشروع الصهيوني انطلاقاً من وعد بلفور، انتهت بإعلان الدولة العبرية التي تحتفل هذا العام بالذكرى الستين لتأسيسها.

منذ أكثر من مائة عام وأرض فلسطين مخضبة بدم أبنائها الذي ظل يسيل مع استمرار حلقات "المحرقة": الصدامات والانتفاضات والثورات والعمليات الفدائية والاستشهادية، والغارات التي كانت المذابح الأخيرة إحدى حلقاتها.

لا يوجد حصر للضحايا الذين سقطوا في المواجهات التي سبقت عام 1948، رغم أن الوقائع مذكورة في مختلف المراجع التي أرّخت لتلك المرحلة. لكن التقديرات التي يطمأن إليها غطت المرحلة التي أعقبت تأسيس الدولة العبرية. والدكتور سلمان أبو ستة رئيس هيئة أرض فلسطين (مقرها لندن) من أبرز الذين تابعوا هذا الملف. وفي "دليل حق العودة" الذي أصدره ذكر أن العصابات "الإسرائيلية" في غاراتها على الفلسطينيين عام 1948 ارتكبت 35 مذبحة كبيرة وأكثر من 100 حادثة قتل جماعي. مما أدى إلى طرد أهالي 530 مدينة وقرية، بالإضافة إلى 662 ضيعة وقرية صغيرة. وأهالي هذه المدن والقرى هم اللاجئون الفلسطينيون اليوم. الذين يقدر عددهم بستة ملايين و100 ألف نسمة (إحصاء عام 2003) وهؤلاء يمثلون ثلثي الشعب الفلسطيني البالغ عدده تسعة ملايين نسمة، طبقاً لإحصاء ذلك العام.

في تقدير الدكتور أبو ستة أنه بالإضافة إلى الذين شردوا وطردوا من ديارهم، فإن حوالي مليون فلسطيني على الأقل أصابهم الاحتلال "الإسرائيلي" إصابة مباشرة، وهم مجموع الذين قتلوا وجرحوا واعتقلوا. وفي حرب عام 48 وحدها قتل 12 ألف فلسطيني، ووضع 25 ألفاً في معسكرات الاعتقال (مجموع المصريين الذين قتلوا في تلك الحرب 1191 فرداً من بينهم 200 متطوع، كما يذكر اللواء دكتور إبراهيم شكيب في كتابه عن حرب 48) أما في الوقت الراهن ففي السجون "الإسرائيلية" 11 ألف معتقل، وتشير البيانات "الإسرائيلية" إلى أن40% من الشبان الفلسطينيين في الضفة وغزة تعرضوا للاعتقال.

ولا ينبغي الاستهانة برقم المليون فلسطيني الذين طالتهم آلة الحرب والقمع "الإسرائيلية"، لأنهم بالنسبة لعدد السكان، يعادلون 7 ملايين مصري أو 30 مليون أمريكي.

(2)

خلال القرن المنصرم تعرض الفلسطينيون لثاني أكبر عملية إبادة في التاريخ الإنساني. الأولى كان ضحيتها الأمم والشعوب الهندية في القارة الأمريكية، التي تشير المراجع التاريخية إلى أن عددهم في بداية القرن السادس عشر كان 112 مليون نسمة، لم يبق منهم في بداية القرن العشرين سوى ربع مليون فقط. وخلال القرون الأربعة استطاع المهاجرون البيض القادمون من انجلترا واستوطنوا تلك البلاد الشاسعة إبادة 400 شعب وقبيلة وأمة. وقاموا لأول مرة في التاريخ باستبدال شعب بشعب آخر، وإحلال ثقافة محل ثقافة أخرى، على النحو الذي يسجله مفصلاً وموثقاً كتاب الباحث الفلسطيني منير العكش "أمريكا والإبادات الجماعية".

المثير والمدهش في الكتاب ليس فقط أنه حافل بالشهادات المروعة التي تروي كيفية تنفيذ تلك الجريمة البشعة. ولكن أن الصورة التي رسمها تبدو وكأنها الأصل والنموذج الذي طبقته "إسرائيل" على أرض فلسطين.

لقد كانت القارة الأمريكية بالنسبة للمهاجرين الإنجليز هي أرض الميعاد، وهو نفس ما تذرعت به "إسرائيل". ومن البداية اعتبروا أنفسهم عبرانيين، حتى إن العبرية واللاتينية وليس الانجليزية - كانت لغة التعليم في جامعة هارفرد عند تأسيسها في عام 1936. وشريعة موسى كانت القانون الذي أرادوا تبنيه. كما أن العبرية كانت اللغة الرسمية لأبناء المستوطنات الثلاث عشرة التي أقامها الغزاة البيض على ساحل الأطلنطي. وهؤلاء المستوطنون هم نواة جيش الإبادة الذي لم يتوقف عن استئصال أصحاب الأرض بكل الوسائل التي طبقت لاحقاً على أرض فلسطين، من القتل والطرد والحصار والتجويع، إلى تسميم المياه والماشية وتدمير الزراعات وإحراق المحاصيل. (يذكر المؤلف أنه في إحدى الغارات أتلف المستوطنون الإنجليز كمية من الذرة كافية لإطعام 4000 إنسان لمدة سنة كاملة).

من مفارقات الأقدار وسخرياتها أن "اتفاقيات السلام" التي بلغ عددها 120 اتفاقية كانت الكمائن التي نصبها المستوطنون الإنجليز لتخدير الشعوب والقبائل الهندية قبل الانقضاض عليها واستئصالها. وتبلغ تلك المفارقات ذروتها حين نعرف أن ما تبقى الآن من تلك الأمم الهندية العظيمة لم يزد على كيان يقول الأمريكيون إنه "الممثل الشرعي" (!) للقبائل المعترف بها، وهو يحمل اسم مكتب الشؤون الهندية، ويعتبره المؤلف أشبه بالسلطة الوطنية الهندية. ويفاجئنا بأن تلك السلطة فرع تابع لوزارة الداخلية الأمريكية.

هذا التشابه المذهل بين التجربتين الهندية والفلسطينية حاضر في وعي النشطاء من سلالة الشعوب التي أبيدت، ولا يفعلون الآن أكثر من البكاء على الأطلال ومحاولة تجميع ما تبقى من ثقافتهم التي أبيدت. وقد نقل المؤلف عن أحدهم واسمه مايكل هولي إيجل من بقايا شعب سو، قوله: إن تاريخنا مكتوب بالحبر الأبيض.. وما تعرضنا له هو واحدة من الإبادات الكثيرة التي سيواجهها الفلسطينيون (لأن) جلادنا المقدس واحد.

(3)

هذا الاستنتاج ليس دقيقاً فالمقدمات إذا ما تشابهت أو تطابقت، إلا أن المآلات اختلفت. ذلك أن الشعوب الهندية انكسرت وتحولت إلى أثر بعد عين، في حين أن الشعب الفلسطيني لا يزال يدهشنا بصموده ومقاومته وإصراره على رفض الانكسار والتسليم. ومن ثم استحق أن يطلق عليه "شعب الجبارين" وهو الوصف الذي لم يكف أبو عمار عن ترديده بين الحين والآخر.

يزيد من تقديرنا لصمود ونضال الشعب الفلسطيني أن معركته اعقد وأكثر شراسة من معركة الهنود الحمر. على الأقل فالهنود كانوا يواجهون قوة محلية تمثلت في ميليشيات المستوطنين الإنجليز. أما الفلسطينيون فإبادتهم وإذلالهم اشتركت فيه مع "إسرائيل" قوى دولية نافذة وإقليمية متواطئة، وقوى محلية مهزومة. إن شئت فقل إن الهنود واجهوا بصدورهم العارية عدواً واحداً على جبهة واحدة، أما الفلسطينيون فإنهم ما برحوا يتلقون السهام في صدورهم وظهورهم، وكتب عليهم أن يواجهوا التحدي على جبهات متعددة، في حين انحازت أغلبيتهم إلى المقاومة واعتصمت جماهيرهم بالصمود.

طوال مراحل نضالهم ظلت فصائل المقاومة متمسكة بحق العودة وتحرير أرضهم من الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. وهي العناوين التي رفعها ياسر عرفات عام 1969، والتي انحاز إليها في مفاوضته، وبسببها حوصر وقتل. وهي ذاتها العناوين التي استمرت في رفعها كتائب المقاومة الأخرى وفي مقدمتها حماس والجهاد وكتائب الناصر صلاح الدين، وبسببها حوصرت غزة وتتواصل عمليات القتل والتصفية فيها يوماً بعد يوم.

(4)

هذا السجل المشرف الذي تمتلئ صفحاته بآيات التضحية والفداء وبالإصرار الخرافي على المقاومة والصمود، سقط من ذاكرة البعض في مصر في أعقاب ما جرى على الحدود. فقد استنكر هؤلاء الانفجار الشعبي الذي عبر عنه الصامدون الصابرون في غزة بعبورهم للحدود ومحاولة توفير احتياجاتهم الحياتية من سيناء، اعتبره أولئك البعض غزواً ومؤامرة وتهديداً لأمن مصر وتعطيلاً للتنمية فيها، وتلاعباً بالمصير المصري من قبل قيادات حماس. وإلى جانب التنديد والتحريض والتخويف ذهب آخرون إلى حد إهانة الفلسطينيين وتجريحهم، حين وصفوهم بأنهم معتدون ومتسللون أضمروا الخراب، وأنهم بلاء كتب على مصر أن تتحمله. وهذا الكلام ورد في تعليقات كتّاب كبار، وردده بعض الصغار، الأمر الذي بدا جارحاً لكرامة الفلسطينيين ومسيئاً إلى نضالهم وصمودهم. وهو ما يستوجب اعتذاراً علنياً يزيل أثر الإهانة من ناحية، ويمسح عن وجه مصر الأوحال والتشوهات التي لحقت به من جراء إطلاق ذلك الكلام من ناحية أخرى.

ما يثير الانتباه أن الأصوات التي تبنت ذلك الموقف المندد بالفلسطينيين ونضالهم، هي ذاتها التي دأبت على الازدراء بمقومات الانتماء المصري بشقيه العربي والإسلامي. وهي ذاتها التي تبنت دعوات الاستسلام والاستتباع والانكفاء على الذات. هي أصوات معسكر الهزيمة الذي فقد الثقة في نفسه وأمته، وتنكر لتاريخه وهويته، لذلك لعلى لا أبالغ إذ قلت إن هؤلاء لا يكرهون الفلسطينيين وحدهم ولكنهم يكرهون جلودهم وأمتهم كلها.

لقد قال نابليون ذات مرة إن الأمة التي لا تحترم تاريخها سوف تتعلم عاجلاً أو آجلاً كيف تحترم تاريخ أمة أخرى. لذلك فإن ظهور اللوبي "الإسرائيلي" أو الأمريكي في هذه الأجواء لا يبدو أمراً مستغرباً. لذا لزم التنويه.

أبو العبد الفلسطيني

رابط هذا التعليق
شارك

=============================================================================

الأخ الفاضل

وما بيدنا الآن سوى الإعتذار

سواء علمنا أو لم نعلم سواء اهتممنا أو لم نهتم

سواء أتهمنا بالتشاؤم أو حتى التفاؤل فإن الجميع اليوم يقف على نهاية الطريق

فالخيانة لها رائحتها الخاصة فلا داعي للجهد أو الإهتزاز اللحظي فالتاريخ والجغرافيا لا يتغيران ولا يستطيع من احد أن يطمثهما

مهما حاول ...

فالحقائق وإن إستترت أو أخفاها من يملكوها فسنبصرها عاجلا أم آجلا والتاريخ لن يرحم ولن يبرر من خان او تواطأ

وصدام أو الأضحية التي قدمها المستعمر لمن تجري في دمائهم نفس رائحة الخيانة والحقد كقريان متعة في يوم عيدنا

يبقى دليل باقي لمن يعتقد للحظة أنه في أمان أو أنه لن تطاله تلك النيران المشتعلة على حدوده ...

وأن فم المستعمر المفتوح تجاهنا قد ظهر على وجوه الحكام والسلاطين الذين لن يقفوا حائلا بينه وبيننا لأنهم بكل

بساطة يحملون نفس الجينات التي قتلت صدام , ألا وهي " عدم الشرعية " ..

عباس يقول : "إن السلطة الفلسطينية وإسرائيل تقفان معا في وجه عدو مشترك"

وجعجع يرحب : "بقدوم المدمرة الأمريكية إلى سواحل لبنان ويشكر واشنطن"

وهذا مقال أيضا لفهمي هويدي ربما يدعم من يريد ان يفهم ويرى مصيره المحتوم عندما تأتي اللحظة التي يختار فيها أو يختار من حوله قراره الشرعي ...,

محاولة لفهم ما جري في غزة

كما تدين تدان وفي النهاية " الـدّيان لا يموت "

تم تعديل بواسطة Doofy

255374574.jpgوَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ[/227576612.jpg

--------------------

رابط هذا التعليق
شارك

ليتني سجلت مصطلح "الصهاينة العرب" باسمي فها هم الكتاب الشرفاء يستخدمون مترادفات له لوصف "الظاهرة" المهينة التي نراها في مجتمعاتنا العربية المسلمة و لا اري لهم غرضا الا الخوف مثلي من جيل متصهين كاره لامته و ثوابتها.

و إليكم مقالات الأستاذ محمود سلطان أعزه الله بخصوص مذابح غزة

مذابح غزة

محمود سلطان : بتاريخ 1 - 3 - 2008

بعض كتابنا يأخذون على الغرب صمته إزاء المذابح الإسرائيلية في غزة! ولم يشر لا من قريب أو من بعيد لحالة "الخرس" التي أصابت من بيدهم قرارات "الحل والعقد" في العالمين العربي والإسلامي والجاليات العربية والمسلمة في العالم كله!

القضية الفلسطينية في "الأصل" مازالت ملفا إسلاميا يتجاوز التصنيف الدارج للعالم، وتقسيمه وفق معايير العرق والجغرافيا، ففلسطين ذنبها في رقبة كل مسلم عربيا كان أم أعجميا.

أمس الأول، هدد نائب وزير الدفاع الإسرائيلي "ماتان فلنائي" بتنفيذ محرقة "هولوكوست" في قطاع غزة‏!

الكلمة النازية، لم يمتعض لها وجه أي مسئول غربي ولا عربي ولا مسلم، ولا أية جماعة مدنية في مجال حقوق الإنسان ومناهضة العنصرية والنازية، الكل بلع لسانه مادام قائلها هو مسئول إسرائيلي.. فإسرائيل باتت في الأدبيات السياسية المعاصرة هي المرجعية التي تحدد المعايير الأخلاقية للعمليات الحربية ومفرداتها وفحوى ومضمون مصطلحاتها، حتى باتت كلمة "هولوكست" تعني "نزهة"عسكرية وترفيها للجنود الصهاينة لاصطياد "الأطفال" الفلسطينيين في قطاع غزة!

مراسل وكالة الأنباء البريطانية في فلسطين أخذته الدهشة كل مأخذ، وقال:"إنه من النادر استخدام تعبير محرقة في إسرائيل خارج الإطار التاريخي للمحارق النازية في الحرب العالمية الثانية‏".

والأكثر دهشة أن استخدام الكلمة لم يثر ضجة إلا في إسرائيل فقط، وحاول المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية "آرييه ميكيل " التخفيف من وقع الكلمة فقال

إن "فلنائي" لم يقصد من تصريحاته كلمة محرقة‏,‏ ولكنه أراد القول إن سكان غزة سيتعرضون لكارثة أو مصيبة إذا استمر إطلاق الصواريخ‏!

المجازر الإسرائيلية في غزة هي بالفعل "محرقة" يرتكبها نازيون حقيقيون، بطريقة لا تخلو من هوس وجنون واستخفاف بأرواح حتى الرضع من هذا الشعب البائس والمسكين، ومع ذلك فإن الجميع مشغول بنفسه أو بعرشه أو بجيوبه أو بحساباته في البنوك أو بشكله ومنظره "الحلو" على الفضائيات!

ما يثير الفزع حقا أن الدم الفلسطيني خاصة، والمسلم إجمالا، بات رخيصا جدا ولا ثمن له، ليس فقط في تقدير أعداء العالم الإسلامي التقليديين، وإنما أيضا في نظر النخبة السياسية، التي باتت متبلدة إلى حد كبير، ولا يتحرك لها جفن إلا إذا تعرضت فقط مصالحها العائلية والخاصة جدا والضيقة للتهديد!

مأساة الشعب الفلسطيني لا تصنعها فقط الآلة العسكرية الإسرائيلية، والدعم الأمريكي غير المحدود لها، ولكن أيضا بتواطؤ "عربي ـ مسلم" يكاد يبلغ مبلغ التورط بالتضامن والتستر على الجاني الحقيقي وتبرير إجرامه ونازيته المتوحشة.

التواطؤ الإعلامي على المحرقة

محمود سلطان : بتاريخ 2 - 3 - 2008

لماذا يعاقب فلسطينيو قطاع غزة؟!.. ولماذا توزع عليهم "الأكفان" بدلا من كراتين الدواء والطعام؟! هذا هو السؤال الذي يتغافل عنه مثقفو الفضائيات الجدد، وصحف القوى المالية الجديدة التي انتفخت جيوبها وكروشها بمال البنوك المنهوبة، أو بأموال التجارة مع العدو الصهيوني!

هذه الوجوه "المستنسخة" والتي تطل علينا عبر الفضائيات وصحف "الوكيل" المصري لـ"المنتج " الإسرائيلي، لا تكف عن "التقيؤ" بكلمات يخيل إلى المتابع وكأنها كتبت من مصدر واحد، ووزعت عليهم ليحفظوها عن ظهر قلب، ثم يتقيأوها على المشاهدين والرأي العام المصري!

إنها مقدمة واحدة، تبدأ بـ" إدانة" خجولة لـ"محرقة" غزة، ثم تنتهي بـ"التهكم" على صواريخ المقاومة " الفشنك" والتي تكون بردا وسلاما على الكيان الصهيوني، ولتنقلب على الفلسطينيين وكأنها "يوم القيامة"!

لا تكاد تشعر بالصدق في كلامهم، بل يشتم منها رائحة "الشماتة" فيما حاق بفلسطينيي غزة من مصائب وكوارث "جزاء وفاقا" لاختيارهم حماس في انتخابات يناير 2006، ولسكوتهم عليها ـ حتى الآن ـ بعد تطهير القطاع في يونيو 2007 من القوى المتصهينة داخل حركة فتح وسلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس!

وليس غريبا أن نجد ذات الأسماء والوجوه التي قادت حملة التحريض على الفلسطينيين عقب دخولهم العريش ورفح المصرية، طلبا للنجاة من الموت جوعا ومرضا ، واتهمتهم بـ "اللصوصية" و" النصب" و بـ"انتهاك السيادة المصرية"، هي ذاتها التي تقدم الآن وبلا خجل أو حياء "الغطاء الإعلامي" للمذابح الإسرائيلية وكأنها إدارة ملحقة بـ"الإعلام العسكري" الصهيوني، وتبرر صمت الأنظمة واستخذاءها، وتقديمها باعتبار أن جهودها في التسوية مع إسرائيل مثلها مثل الأخيرة "ضحية" استفزازات صواريخ "القسام" التي "تستفز" ولا "تضر"!

والحال أن الأموال الملوثة إما بالطائفية أو بالتطبيع ، والتي بدأت تُستثمر في وسائل الإعلام المصرية منذ سقوط بغداد عام 2003، وتزامن نضج هذا الاستثمار إعلاميا مع التواجد العسكري الأمريكي المباشر في المنطقة، قد بات جزءا من لعبة إدارة المصالح الدولية والإقليمية في المنطقة، وعلى رأسها مهمة حشد رأي عام معارض للمقاومة باعتبارها "إرهابا" ، وإن كانت ثمة صعوبات موضوعية لتقديمها على هذا النحو، فإنه لا مانع من التنظير بشأن تصويرها على أنها "معوق" للسلام وللنهضة والتطور الاقتصادي والاستقرار والأمن في المنطقة.

واعتقد أن الأزمة الفلسطينية والملف العراقي الآن يعتبران محكا لفرز القوى الوطنية المصرية، ولتمحيص المواقف وإضاءة المساحات المظلمة في المشهد الإعلامي المصري، والتي قد تفضي بمضي الوقت وبتكرار التجارب وتواتر المواقف بشأنها، إلى تحديد وتصنيف الخنادق على خريطة المواجهة مع هذه الهجمة التتارية المعاصرة، على وجه قد يكون قريبا من الدقة.

محرقة غزة 3

محمود سلطان : بتاريخ 3 - 3 - 2008

لم تستضف القنوات الفضائية الإخبارية الكبرى في العالم باحثا أو مفكرا أو صحفيا أو سياسيا أمريكيا، إلا نجده يبدى حماسه للعمليات العسكرية الأمريكية في العراق ويتجنب أن يدينها بشكل أو بآخر ، رغم قناعته بعدم شرعية وأخلاقية الحرب والمآسي التي خلفتها على الجانب العراقي والأمريكي أيضا، بل يحاول تبرير الحرب ودحض أية "دعاية" يرى أنها تنال من عزيمة الجنود على الجبهات، بل إن ثمة توافق وطني أمريكي على أنه لا يجوز انتقاد "الجيش" وأبناء الأمريكيين يقاتلون خارج البلاد .. ونعيد التذكير هنا بأن "البنتاجون" أمر ـ فأطيع ـ بطرد صحفي كبير في حجم " جيرالدو ريفيرا" مراسل "فوكس نيوز" الأمريكية من عمله، بسبب تغطيته للحرب على العراق بشكل رأى الجيش الأمريكي أنه يضر بمصالحه في بغداد، ولا ننسى أن شبكة "إن بي سي" التليفزيونية الأمريكية طردت مراسلها الشهير " بيتر ارنيت" لمجرد تصريح له للتليفزيون العراقي عبر فيه عن رأيه بأن الحرب الأمريكية في العراق قد فشلت!.

هذه هي أمريكا "الديمقراطية" التي "تقدس" الحريات عامة و"حرية الرأي" تحديدا ، بل وتقاتل خارج الولايات المتحدة تحت راية "الدفاع" عن "الديمقراطية" و" حقوق الإنسان".. تريد حشد الرأي العام الأمريكي ووسائل إعلامه كرها أو طوعا خلف قواته المقاتلة، بغض النظر عن شرعية أو أخلاقية الحرب من أساسها .

في مصر الآن .. الإعلام الممول من أموال التطبيع مع العدو الصهيوني لا يكترث لا بأمن قومي مصري ولا عربي، مشغول بسداد "الفواتير" بتثبيط معنويات المقاتلين في فلسطين اليوم، والتهكم على "بنادقهم" البدائية قياسا بترسانة الأسلحة التي يملكها العدو والتي تعمل بالليزر وباللمس وبالريموت وبالكمبيوترات، ويقارن بـ"شماتة" بين "ضآلة" الخسائر من القتلى والهلكى والإصابات بين صفوف العدو والعشرات من الشهداء في الجانب الفلسطيني، يكاد يقولها صراحة: "لا فائدة من المقاومة"، يكاد يعلنها: "المقاومة عبث"!

الإعلام العربي الملحق ـ بالباطن ـ بـ"الإعلام العسكري" المتصهين لا ينقل إلا صور المأساة ، ليس بدوافع "إنسانية" لفضح العدو ووحشيته وحيوانيته، ولكن من قبيل "تخويف" الجبهة الداخلية الفلسطينية وتفكيكها وإضعافها وإشاعة روح الفزع والخوف من "الذبح" أو"الحرق" ، وصوغ رأي عام عربي وإسلامي خارجها رافض لـ"المقاومة" ، باعتبارها "السبب" الأساسي لمأساة الشعب الفلسطيني، وتبرئة الكيان الصهيوني بل تقديمه ضمنيا باعتباره "ضحية" صواريخ حماس "الفشنك"!

في المقابل تجاهل الإعلام المولود في "حضانات" التطبيع عمليات المقاومة البطولية على الأرض ، والتي أجهضت الهجوم البري الإسرائيلي والاعتراف صراحة بفشله.. لقد انسحبت إسرائيل من القطاع ليس "خوفا" من عيون النظام العربي "الحمراء" و لا مجاملة لعيونه" الخضراء" الحليوة، ولكن لشراسة المقاومة.. صحيح أن التضحيات كانت كبيرة، وهذا ما استقرت عليه سنن حركات التحرر عبر التاريخ الإنساني كله .. غير أن المقاومة انتصرت في النهاية وحررت "غزة" مرة ثانية من الصهاينة في مارس 2008 بعد تحريرها من عملائهم في يونيو 2007 .

الإعلام "المُسمن" بـ "هرمونات" التطبيع تجاهل المواجهات على الأرض، وركز فقط على حرق القطاع من الجو، لشيء في نفوسهم "المستأجرة" للقوى المعادية للمشاريع المقاومة والجهادية في كل أرض مسلمة أبت أن تستذلها نعال المارينز..

"قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر" صدق الله العظيم

أبو العبد الفلسطيني

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...