أسامة الكباريتي بتاريخ: 10 مارس 2008 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 10 مارس 2008 ما لم يأت به "جيفعاتي" تُسْتَدْعَى السياسة لتحقيقه رشيد ثابت خرج الصهاينة من أطراف جباليا سريعًا وتمخضت عمليةٌ كانت آمالها كبيرة بحجم القضاء على القدرة الصاروخية لحماس - تمخضت عن فأر ميت معلق برقبة أولمرت وباراك. لا بل تمخضت عن اتساع نطاق عمليات القسام إلى عسقلان وبدأت مدينة "أسدود" استعداداتها لتكون التالية أو لتكون الهدف "ما بعد عسقلان" كما قالت صحيفة عبرية. دعكم من طابور "إسرائيل" الخامس في إعلام البترودولار؛ فالصهاينة يقرِّون الآن أنهم فشلوا وأن قواتهم واجهت جيشًا لم تواجه مثله من قبل؛ وأن معظم من قتلوا من الفلسطينيين كانوا من المدنيين وأن معظم الخلايا الفلسطينية التي ضُرِبَتْ كانت أهداف "صدفة". أما جنود "جيفعاتي" الأشاوس فقد طلبوا الانسحاب بعد ساعات من دخولهم وسارعت قيادتهم للموافقة متعلمة من درس جنوب لبنان في رفض المكابرة حين تكون معنويات الجنود في الأرض. شهد الصهاينة لجنودنا بالمقابل بقوة الشكيمة والشراسة وحتى "رويترز" وزعت تقريرًا يقول "أن الوازع الديني لدى مقاتلي حماس أقوى من مناشدات الأهل". أما حماس نفسها فقد قاست بوسائلها في متابعة الرأي العام ارتفاعًا في شعبيتها في العالم الإسلامي والضفة والقدس وغزة (من الإشارات الطريفة لتعاظم تأييد حماس والمقاومة في غزة بشكل عام أن وحدات المرابطين الذين ينتشرون في أطراف القطاع سجلت تحسنًا نوعيًّا فيما يقدم لهم تطوعًا من طعام وحلويات من الأهالي القاطنين قرب مناطق الرباط). ثم جاءت عمليتا تفجير الجيب الصهيوني واقتحام الأكاديمية الدينية العسكرية للمستوطنين في القدس الغربية المحتلة لتهز ثقة الصهاينة بأنفسهم أكثر وحتى لتغير في قناعات رعاتهم. عملية القدس أثبتت للأمريكان أن لا فائدة من استمرار محاولة تقويض وجود حماس في غزة بمعزل عن الصورة الأشمل؛ إذ أن ضرب "إسرائيل" في قلبها – بل في البطين الأيسر منه! – يؤكد أن المقاومة الإسلامية قادرة على إلهام آيات الصمود والتصدي بشكل عابر للحدود والخرائط (بصرف النظر عن عدم تبني العملية رسميًّا بعدُ من حماس ورغم كثرة الإشارات التي تقرن العملية بها). هذا الأمر دفع "رايس" للإعراب عن "تأييد بلادها للمباحثات التي بدأتها مصر مع زعماء في قطاع غزة من حركتي حماس والجهاد الإسلامي" لبحث قضايا التهدئة والمعبر. لكن يجب أن نفهم هنا أنه ليس هناك من شك في تصميم "إسرائيل" وأمريكا على محاربة حماس وأن المقصود هو فقط التراجع عن محاولة تدمير حكم حماس إلى التفكير في تحجيمه وإرغامه على الخضوع لشروط الصهاينة. "تشيكو منشيه" المراسل السياسي للقناة الصهيونية العاشرة بين ذلك حين لفت "إلى أن تراجع إسرائيل عن هدفها في إسقاط حماس لا يعني بحال من الأحوال التوقف عن العمليات العسكرية المحدودة في قلب القطاع". ويكمل المعلق العسكري في القناة "ألون بن ديفيد" شرح الموقف فيقول أن "العمليات العسكرية تهدف إلى جباية ثمن كبير من حماس يساعد على موافقتها على تهدئة بدون مقابل". أي أن الصهاينة يريدون استمرار العمليات على غرار عملية جباليا لكن من أجل تحقيق أهداف أكثر معقولية هذه المرة؛ ويحتاجون لإنجاح هذه الأهداف "المعقولة" إلى جهدٍ سياسيٍّ كبيرٍ لن يقتصر عليهم وعلى أمريكا. فمن سيكون شريكهم في هذا الجهد يا ترى؟ إن نظرةً سريعةً لمواقف الأطراف المعنية تكشف عن طبيعة "كتائب الدعم السياسي" التي خفت لدعم لواء "جيفعاتي"...وربما سبقته في التمهيد لزحفه! سلطة محمية المقاطعة المدد السياسي القادم للصهاينة من المنطقة السوداء في رام الله كان سابقًا على معركة جبل الكاشف. فتصريح محمود عباس عن وجود القاعدة في غزة كان بمثابة الضوء الأخضر لشن الحملة الصهيونية الوحشية. ولا تَسَلْ بعد هذا عن تصريحات المالكي وغير ذلك من الكلام الذي لم يقل "أبو رغال" مثله وهو يُخَذِّل الأعراب عن نصرة الكعبة في وجه سيده أبرهة. فوق ذلك كشفت صحيفة السبيل الأردنية عن رسالة وجهها محمد دحلان لكوادر فتح في غزة تحذرهم وتنهاهم عن الاشتراك في "حرب حماس مع (إسرائيل)". الرسالة لم تكشف عن جديد في أخلاق دحلان بقدر ما كشفت عن تمتعه بموقع قيادي حاسم في فتح بخلاف كل ما يقال عن ترتيباتٍ للخلاص منه. ولا زال التخبط سمةَ موقف سلطة المقاطعة أثناء وبعد حرب جباليا الأخيرة؛ فعباس يساوي دائمًا في كل تصريحاته بين وقف صواريخ المقاومة ووقف عمليات الاحتلال مع تحيز أشد وواضح ضد الأولى! وإن كانت الظروف دفعته لإعلان تعليق المفاوضات مع الصهاينة بعد سفك آلاف الليترات من دمائنا فهو سيعود للمفاوضات بعد ثلاثة أيام من تاريخ كتابة هذا المقال وسيلحس تعهداته بأن لا عودة للعملية السياسية قبل التهدئة (هناك اجتماع ثلاثي صهيوني أمريكي فلسطيني سيعقد يوم الخميس المقبل وعملية السلام التي هي بسبعة آلاف روح نجت مرة أخرى و"الحلوان" على صائب عريقات!) وهو هكذا لا يكتفي بالسكوت على المجازر وعدم التصرف بمسؤولية حيال ذبح أبناء شعبه فيسارع لاحتضان قتلتهم بكل مهانة قبل أن يجف الدم وقبل أن تجف مآقي أسر الضحايا من الدمع - بل هو يتصنع الصمم إزاء الإعلان بين يدي اللقاء الجديد عن استئناف الاستيطان في القدس! عباس يشعر بالضعف السياسي ولذلك هو حريص على أن يبقى في الصورة بأي ثمن: فيصرح أنه "يدعم" محادثات التهدئة مع حماس برعاية مصر" – لا أعرف ما هي قيمة هذا التصريح غير أن يقول الرجل "نحن هنا"! – ويعرف أن "شركاءه" يفقدون الثقة به أكثر وأكثر. لا شك أنه سمع "رفيف دروكير" من القناة الصهيونية العاشرة ينقل عن مصادر حكومية "أن أحدًا في "إسرائيل" لم يعد يطرح بجدية فكرة الاعتماد على محمود عباس" وكيف أن "إسرائيل" تدرك أن محمود عباس موجود في الضفة بفضل تغطية الجيش الذي إذا انسحب فستنهار سلطة المقاطعة أمام اكتساح حماس في غضون ساعات – وعلى حد تعبير "جاد شماني" قائد المنطقة الوسطى في الكيان! إزاء هذا الضعف العباسي لا أستغرب النبأ الذي نقلته "هآرتس" عن "تطوع" مسؤولين أمنيين فلسطينيين لخدمة الجهد الصهيوني في التحقيقات بعملية القدس. الجماعة يبحثون عن دور...أي دور بأي ثمن! النظام الرسمي العربي كنا استعرضنا سابقًا كيف يعمل إعلام "كامب ديفيد" كأنه جناح في وحدة التوجيه المعنوي في "يتساهل". للأسف كان هذا أقل جوانب التورط العربي في التغطية السياسية على الهجوم الصهيوني. أحد الدبلوماسيين العرب كشف لمصادر صحافية أن أركانًا مهمة من النظام الرسمي العربي كانت على علمٍ بعملية جباليا وبأهدافها وصمتت بانتظار تحقق المهمة بسرعة و"دون إزعاج" وحسب شعار أولمرت: "دعوا الجيش ينتصر"! حماس بالمقابل أحست بذلك من خلال عدم ورود أية اتصالات "للتعاطف" و"الدعم الكلامي" الفارغ أول أيام الحملة؛ وكيف أن هذه الاتصالات انهالت لاحقا حين بدأ الصهاينة يبحثون عن غطاءٍ للفرار! كانت أجندة الاتصالات كلها تتمحور حول "وقف الصواريخ"! "أوقفوا الصواريخ والكل جاهز للضغط على "إسرائيل" لتنسحب من أمريكا إلى بان كي مون"...قال أحدهم! وحتى من لا زال بعضُ "طيبي القلوب" يأمل فيهم خيرًا كانت مواقفهم باهتة وخانعة بشكل مريع؛ فلم تزد على التباكي الاستعراضي غير المقنع تجاه المجزرة أو التهديد بسحب الممسحة التي داسها الصهاينة مرارًا وتكرارًا؛ والتي تعرف في أوساط أخرى "بالمبادرة العربية"! هذا قبل وأثناء المعركة؛ أما بعد المعركة فتحاول مصر الرسمية من خلال الأنباء عن "بناء جدار حدودي" بين الرفحين إلى الضغط على حماس ودفعها لقبول التهدئة بشروط أقل "تعنتا". ويقع في هذا السياق كلام رئيس برلمان مصر "المنتخب" عن أن تهريب السلاح إلى القطاع يعمل ضد "الأمن القومي المصري" وضد مصلحة مصر. كيف؟ الله أعلم! وهناك موقف إسلامي رسمي يتيم لا يصلح لأن نفرده في عنوان مستقل لأنه أولاً واحدٌ وحيد ولأنه ثانيًا لا يختلف عن سابقاته من مواقف الفلسطينيين والعرب المتأمركين. أقول هذا وكلي حزن وخيبة أمل من موقف "أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي" الذي كنت أحسب أنه على شيء؛ فتبين أنه شرب ماءهم وصار منهم. لماذا يدين "أكمل الدين إحسان أوغلو" الهجوم على أكاديمية لاهوتية حربية خرجت كل قادة حزب "المفدال" وعتاة مجرمي الحرب من المستوطنين في الضفة؟ التعزية للصهاينة من "أكمل الدين"؟! في هذه الأثناء لا زالت حماس جاهزة لتشرح للصهاينة وللمقاطعة وللعالم العربي والإسلامي في شقه الرسمي ولأمريكا ولكل سكان الكوكب أنها لن تخضع سواءٌ كان الهجوم عليها بجيفعاتي أو بكتائب الإسناد السياسي للمشروع الصهيوني. لن تكون هناك تهدئة تكون يد حماس فيها السفلى؛ وإن احتاج الصهاينة والمالكي وأبو الغيط إلى جولة جديدة يُرَقُّون فيها معارفهم عن قدرة حماس على الاستمرار درجة أخرى فحماس مستعدة وغزة رغم تكسر النصال على النصال مستعدة لإظهار قوة شكيمتها. وهذا هو معنى آخر ما صدر عن حماس بهذا الخصوص حين قال موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة: "من العبث الحديث عن "تهدئة" غير شاملة ومتبادلة ومتزامنة". يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا حسبنا الله ونعم الوكيل رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان