اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

فهمي هويدي يكتب: مفاجآت أسبوع ساخن


Recommended Posts

كتب المفكر الكبير فهمي هويدي مقالا جديدا حول القضايا الراهنة التي تشغل الأمة تم نشر في العديد من الصحف العربية، وموقع مصراوي يعيد نشرها لزواره الأعزاء.

مفاجآت أسبوع ساخن

شاء ربك أن ينقلب السحر علي الساحر‏‏ إذ ما أن أسدل الستار علي مشهد المحرقة في غزة حتي توالت المفاجآت التي ردت الروح للضحايا‏‏ وفضحت مخططات التآمر علي المقاومة‏.‏

(1)

بعدما انتهت يوم الاثنين قبل الماضي‏(3/3)‏ المرحلة الأولي من حملة الشتاء الساخن التي شنها الإسرائيليون علي غزة‏‏ كانت المفاجأة أن التعليقات والتحليلات التي نشرتها الصحف العبرية أعربت عن الشعور بخيبة الأمل لأن العملية لم تحقق هدفها‏‏ بالتالي فإنها كانت حفلا دمويا بأكثر مما كانت إنجازا عسكريا‏‏

وكان الدليل الماثل في أذهان الجميع أن إطلاق الصواريخ استمر بمعدل تراوح بين‏40‏ و‏50‏ صاروخا يوميا أثناء الحملة وبعدها‏‏ وهو ما دعا أحد الكتاب الإسرائيليين ـ امير تسورياـ إلي القول بأن العملية فشلت بكل المقاييس‏‏ وعلي حد تعبيره فإن القوات الإسرائيلية كما دخلت خرجت‏‏

أضاف في هذا الصدد قوله‏:‏ إن التجربة أثبتت أن الجيش الإسرائيلي الذي اعتاد علي القيام بضربات سريعة غير مستعد لخوض قتال طويل في المناطق المأهولة بالسكان‏.‏

في نفس اليوم الأربعاء‏3/5‏ قال بن كاسبيت في صحيفة معاريف ان المقاومة الفلسطينية عرفت كيف تتعامل مع السلاح الإسرائيلي‏‏ ومن ثم أصبحت قادرة علي استنزاف الجيش الإسرائيلي من خلال المناورة وإملاء قواعد اللعبة عليه‏.‏

الصحفي كوبي نيفالي تحدث عن فشل الجيش في تحقيق الأهداف الأربعة التي حددها وزير الحرب ايهود باراك والتي حصرها في إسكات صواريخ القسام‏‏ ووقف تهريب السلاح عبر محور فلاديلفيا‏‏ وإضعاف حكم حماس وإسقاطه‏‏ واستكمال فك الارتباط مع قطاع غزة‏‏ قال ان هذه كلها أهداف حيوية‏‏ لكن ثبت انه لا يمكن تحقيقها علي أرض الواقع‏‏ وهو يسخر من باراك قال ان فك الارتباط مع غزة لا يتم إلا بعملية بتر عميق تقطع قطاع غزة من قلب الكرة الأرضية‏‏ ثم تضعه في جزيرة تعبر قناة السويس نحو المحيط الهندي لغرسها في مكان بين الهند وتايلاند‏.‏

صحيفة يديعوت أحرونوت نقلت عن البروفيسور مناحيم كلاين من جامعة بار إيلان في تل أبيب انتقاده لغياب التفكير الاستراتيجي في حملة الجيش علي القطاع‏‏ وقوله إن إسرائيل تتصرف كعملاق أعمي يضرب بقوة دون هدف سياسي‏.‏

وكانت نتيجة ذلك أنها لم توقف إطلاق الصواريخ في حين أضعفت محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بشكل كبير‏‏ فضلا عن أنها أثبتت أنها لا تفهم الفلسطينيين‏‏ ايمانويل سيفان المهتمة بقضايا الاستشراف قالت في حوار بثته القناة العاشرة ان حسم مسألة الصواريخ عسكريا غير ممكن‏‏ وانه لا بديل عن التفاهم المباشر مع حركة حماس لإيقافها‏‏ وهذه الفكرة أيدها رئيس الشاباك السابق عامي ايلون‏‏ ويولي تامير وزيرة التعليم في الحكومة الحالية التي قالت ان الوضع في جنوب البلاد أصبح لا يطاق نتيجة استمرار إطلاق الصواريخ‏‏ الأمر الذي يبرز أهمية التفاهم والحوار المباشر مع حماس لإيقافها‏.‏

(2)‏

لأن حفلة الدم التي تمت في القطاع خلفت‏120‏ شهيدا فلسطينيا‏‏ وأصابت أكثر من‏350‏ جريحا‏‏ فقد كان الرد في القدس مفاجأة أخري خلفت‏7‏ قتلي إسرائيليين و‏35‏ جريحا‏.‏

ولم تكن عملية القدس هي التعبير الوحيد عن الثأر الفلسطيني لأنه في صبيحة اليوم الذي تمت فيه العملية‏(‏ الخميس‏3/6)‏ ومن أعماق بحر الدم الذي أغرقت فيه غزة خرجت مجموعة من شباب حركة الجهاد لتنصب كمينا لدورية إسرائيلية‏‏ أسفر عن قتل جندي وجرح ثلاثة‏‏ الأمر الذي أدي إلي تدخل الطيران الإسرائيلي واستخدامه الصواريخ التي قتلت المجاهدين الأربعة‏.‏

عملية القدس استأثرت بالاهتمام الأكبر لأسباب عدة‏.‏ منها انها وقعت في قلب إسرائيل وأن ضحاياها عددهم كبير نسبيا‏‏ ولأنها الأولي من نوعها منذ أربع سنوات ولأن منفذها علاء هاشم أبو دهيم‏(25‏ عاما‏)‏ استطاع ان يخترق عشرات الحواجز العسكرية بسلاحه وذخيرته‏‏ وأن يدخل إلي مقر المعهد الديني والعسكري مستفيدا من معلوماته التي حصلها منذ عمل سائقا بها‏.‏

العملية أحدثت صدمة في الدوائر السياسية والأمنية الإسرائيلية التي شغلت بالإجابة عن سؤالين هما‏:‏ ما هي الجهة التي وقفت وراء الفاعل وكيف وصل إلي هدفه‏(‏ معهد مركاز هراف‏).‏

حتي كتابة هذه السطور لم يتم تحديد الجهة التي تبنت العملية‏‏ وفي حين تضاربت الأنباء حول مسئولية حركة حماس عنها‏‏ فبعد إعلان ذلك‏‏ نفي الخبر المتحدث باسم جناحها العسكري‏ (كتائب القسام‏).‏

في وقت لاحق ذكر موقع صحيفة ها أرتس الالكتروني يوم الجمعة ‏3/7‏ ان الشبهات تدور حول دور لحزب الله اللبناني في العملية‏‏ وأشار تقريرها إلي أحد الفلسطينيين محمد شدا‏)‏ معتبرا انه قد يكون حلقة الوصل بين الحزب وبين منفذ العملية‏.‏

يوم الخميس‏3/6‏ بث موقع قناة الجزيرة نت تقريرا من غزة حول الدراسات الإسرائيلية التي أجريت حول خبرة الفدائيين الفلسطينيين في عملية التمويه والتخفي‏‏ التي مكنتهم من الوصول إلي أهدافهم‏‏ فبطل العملية الأخيرة تنكر في زي وهيأة طلاب المعهد الديني‏‏ ومنفذ عملية فندق بارك في مدينة نتانيا الشهيد عبد الباسط عودة ارتدي ملابس نسائية كاملة‏‏ من تلك التي تميز نساء المستوطنين‏.‏

والشهيد سعيد الحوتري الذي نفذ عملية الدولفيناريوم في تل أبيت ارتدي ملابس شباب الفرق الموسيقية‏‏ وحمل حزامه الناسف في داخل جيتار وهمي حمله علي كتفه‏.‏

وفي تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية حول الموضوع‏‏ ذكرت أن القسم الاجتماعي التابع للشرطة الإسرائيلية قام بتوزيع نشرة علي الإسرائيليين لتنبيههم إلي معالم الفدائي الذي يتعين ملاحظتها‏‏ ومنها أنه عادة ما يصبغ شعره باللون الأشقر‏‏ ويضع حلقا في أذنه‏‏ ويرتدي الزى العسكري‏‏ أو القبعة الدينية اليهودية وهو ما حدث في حالة هاشم أبو دهيم منفذ عملية القدس الأخيرة‏.‏

إنهم في إسرائيل يبذلون جهدهم لطرح مختلف الأسئلة التي تتعلق بالعمليات الاستشهادية‏‏ لكنهم لا يتطرقون إلي سؤال واحد هو‏:‏ لماذا يقدم عليها الفلسطينيون؟‏..‏ ويكتفون في ذلك بتسويق مقولة ساذجة وغبية‏‏ اختزلت دوافعهم في أنهم إرهابيون‏!.‏

(3)‏

في‏2007/6/19‏ كتبت مقالا تحت عنوان محاولة لفهم ماجري في غزة‏‏ طرحت في مستهله السؤال التالي‏:‏ هل الذي حدث في غزة انقلاب أم انه اجهاض لانقلاب؟ ومن خلاله عرضت لمجموعة من الوثائق والشهادات التي دلت علي أن الحوادث التي تلاحقت في القطاع‏‏ خصوصا ماتعلق منها بإشاعة الفلتان الأمني‏‏ لم تكن مصادفات أو تفاعلات وقتية‏‏ ولكن التدبير والتخطيط السابقين لها كانا واضحين‏‏ وقتذاك‏‏ قبل أكثر من ثمانية أشهر‏‏ تشكك البعض في معلومات المقال‏‏ استسهل البعض تصنيفها بحسبانها تعبيرا عن موقف أيديولوجي‏.‏

المفاجأة أطلقتها قبل أيام مجلة فانيتي فير الأمريكية الشهرية‏‏ التي نشرت في عدد إبريل تقريرا ضافيا أجاب بصراحة عن السؤال الذي ألقيته‏‏ ولأن كاتب التقرير ديفيد روز يتعذر اتهامه بالتعاطف الإيديولوجي‏‏ فربما كانت شهادته مبرأة من الشبهات‏‏ الأمر الذي يدعونا إلي تلخيصها في الظرف الراهن‏ لأنها تسلط أضواء قوية علي الجانب المسكوت عليه في الصراع الدائر علي أرض فلسطين‏.‏

من أبرز النقاط التي أوردها الكاتب في تقريره المثير الذي جاء في‏8000‏ كلمة مايلي‏:

إنه حصل علي وثائق تكشف عن وجود خطة سرية وافق عليها الرئيس بوش‏‏ وتولي تنفيذها كل من كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية ونائب مستشار الأمن القومي اليوت ابرامز لإثارة حرب أهلية فلسطينية‏‏ تؤدي إلي إفشال حكومة حركة المقاومة الإسلامية وإسقاطها‏.‏

إن الطرف الفلسطيني الذي تم التعويل عليه في تنفيذ الخطة هو محمد دحلان الذي تم تزويد جهاز الأمن الوقائي التابع له بأسلحة جديدة بناء علي طلب أمريكي‏‏ بحيث تتولي عناصر ذلك الجهاز - الذي طلبت واشنطن من أربع دول عربية تدريبهم لرفع كفاءتهم - إشاعة الفوضى في القطاع وتفجير الموقف الداخلي في مواجهة الحكومة‏.‏

وقد امتدح الرئيس بوش دحلان علنا في عام‏2003‏ قائلا‏:‏ إنه قائد جيد وصارم‏‏ وقال مسئولون أمريكيون سرا إن الرئيس وصف دحلان قائلا‏:‏ هذا رجلنا‏.‏

إن ديفيد وورمسير الذي كان كبير مستشاري نائب الرئيس ديك تشيني واستقال قبل أشهر اتهم إدارة بوش بالمشاركة في حرب قذرة من أجل تقديم انتصار لوضع فاسد كان قائما‏‏ وهو يؤكد أن حماس لم تكن لديها نية السيطرة علي غزة‏‏ حتي أجبرتها قيادة فتح علي ذلك‏‏ كما يؤكد أن ما جري لم يكن انقلابا من جانب حماس‏‏ و إنما كان انقلابا من حركة فتح تم إجهاضه قبل أن يحدث‏.‏

إن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بعثت بأكثر من رسالة وإنذار للرئيس محمود عباس تدعوه صراحة إلي إعطاء مهلة لحكومة حماس لتقبل بمباديء الرباعية الدولية‏‏ وإذا لم توافق علي ذلك خلال المهلة‏‏ فيجب أن تعلن حالة الطوارئ‏‏ وتشكل حكومة طوارئ تلتزم بموقف الرباعية‏‏ وبقية القصة معروفة بعد ذلك‏.‏

(4)‏

ماالذي تعنيه هذه المفاجآت المتلاحقة؟ إجابتي أنها تعني أن الصراع الذي انفجر عام ‏1948‏ لم ينته‏‏ ولا يزال مفتوحا علي كل الاحتمالات‏‏ وأن إسرائيل مستعدة لأن تذهب إلي أبعد مدي يخطر علي البال لكسر إرادة الفلسطينيين وتركيعهم‏‏ وفي الوقت ذاته فإنه يعني أيضا أن الإرادة الفلسطينية الحديدية مازالت عصية علي الانكسار‏‏ ومصرة علي التحدي‏‏ كما انها لن تعدم حيلة في نقل الوجع إلي إسرائيل‏.‏ وهذه الإرادة أكبر من حماس وفتح‏‏ وأكبر من القطاع والضفة‏‏ لأنها كامنة في ضمير كل فلسطيني‏.

أخيرا فإنها تعني أن الولايات المتحدة الأمريكية موجودة في قلب الصراع‏‏ وفي اصطفاف كامل مع الموقف الإسرائيلي‏‏ بالتالي فإن كل تدخل لها يظل محكوما بطبيعة تلك العلاقة‏‏ وكل مراهنة عليها أو حتي إحسان للظن بها هو خداع للنفس وتعلق بالسراب‏.‏

أدري أن هذا الكلام ليس جديدا‏‏ لكن المشكلة أن ذاكرتنا السياسية أصابها الوهن الذي أصاب أصحاب قدراتنا السياسية والعسكرية‏‏ لذلك من المهم أن نستعيده ونذكر به بين الحين والآخر‏‏ عل الذكري تنفع المؤمنين‏.

backqp2.jpg

الحفاظ على قفاك مسئوليتك الشخصية

رابط هذا التعليق
شارك

شكرا علي المقال وأستغرب من إعتبار البعض أن ماحدث فى غزه هو نصر للفلسطينيين والعرب !!!!

انت ما اخدش بالك و لا ايه :victory:

المقال بقول ان ما جدث مؤخرا في غزه هو هزيمه على المستوى الاستراتجي و النفسي لليهود

و بالتالي فهو نصر للطرف الاخر

backqp2.jpg

الحفاظ على قفاك مسئوليتك الشخصية

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...