اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

المتناقضات‏...‏في أداء الاقتصاد !!


molham

Recommended Posts

تقرير هام اصدرة مركز الدراسات الاستراتيجية بالاهرام ونشر اليوم بجريدة الاهرام

التقرير السنوي‏:

‏ الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية‏ 2002

المتناقضات‏...‏في أداء الاقتصاد وفي سياسة الأجور والرواتب في مصر

بقلم : أحمد السيد النجار

صدر منذ أيام‏,‏ عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام‏,‏ التقرير السنوي الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية‏2002‏ الذي تناول التطورات الاقتصادية التي جرت خلال عام‏2002‏ ومسار تطورها المحتمل خلال عام‏2003,‏ كما تناول القضايا الاقتصادية الاستراتيجية المهمة في الوقت الراهن والمؤثرة في المستقبل علي الأصعدة الدولية والعربية والمصرية‏,‏ وقد تضمن القسم المصري في تقرير هذا العام خمس دراسات‏,‏ منها واحدة تناولت التطورات الجارية في الاقتصاد المصري‏,‏ وأربع دراسات تناولت قضايا متنوعة‏.‏

تتناول الدراسة الأولي ضمن الدراسات الخمس للجزء المصري في التقرير السنوي الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية‏2002‏ دراسة حول‏'‏ الاقتصاد المصري‏..‏تراجع في الأداء واستمرار التناقض في البيانات الرسمية‏,‏ وقد تناولت الدراسة بيان الحكومة والتناقضات بينه وبين العديد من البيانات الرسمية الأخري‏.‏ وتشير الدراسة إلي أن بيان الحكومة ذكر أنه قد تم استصلاح‏1.05‏ مليون فدان خلال السنوات الثلاث الماضية‏,‏ وهو أمر مستحيل قطعيا حيث بلغ إجمإلي الأراضي التي تم استصلاحها نحو‏40.7‏ ألف فدان في العلم المإلي‏1999/1998‏ قبل أن تدخل مصر في أزمتها الاقتصادية بعد ذلك‏.‏ وكان متوسط المساحة المستصلحة قد بلغ نحو‏85.2‏ ألف فدان سنويا خلال الفترة من عام‏1952‏ إلي عام‏1967.‏ وقد تراجع هذا المتوسط إلي‏70.5‏ ألف فدان سنويا خلال الفترة من العام المالي‏1972/1971‏ إلي العام المإلي‏1995/1994‏

وتدني أكثر بعد ذلك ليبلغ‏57‏ و‏24.5‏ و‏27.9‏ ألف فدان

في الأعوام المالية

‏1998/1997,1997/1996,1996/1995‏

علي التوإلي وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر‏.‏

أي أن متوسط المعدل السنوي لاستصلاح الأراضي لم يتجاوز‏37.5‏ ألف فدان خلال الفترة من العام المإلي‏1996/1995‏ إلي العام المإلي‏1999/1998,‏ وبالتإلي فإن القول باستصلاح أكثر من مليون فدان خلال ثلاث سنوات هو أمر خارج المنطق وضد كل البيانات الرسمية الخاصة بتطور حركة استصلاح الأراضي في مصر‏.‏

وتتناول الدراسة ما ذكره بيان الحكومة من أنه تمت السيطرة علي عجز الموازنة العامة للدولة في حدود‏4.2%‏ من الناتج المحلي الإجمإلي مشيرة إلي أن البيانات الحكومية ذاتها تنفي ذلك حيث تشير النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن وزارة التجارة الخارجية المصرية‏(‏ نوفمبر‏2002)‏ إلي أن إجمإلي عجز الموازنة العامة في مصر قد ارتفع إلي‏5.8%‏ من الناتج المحلي الإجمإلي المصري في العام المإلي‏2002,2001‏ مقارنة بعجز نسبته‏1%,2.9%,3.9%,5,6%‏ من الناتج المحلي الإجمإلي في الأعوام المالية‏

2001/2000,2000/1999,1999/1998,1998/1997‏ علي التوالي‏.‏ أي أن الذي حدث هو تزايد العجز في الموازنة العامة للدولة وليس السيطرة عليه‏,‏ هذا التزايد الذي حدث بشكل خاص في الأعوام المالية الثلاثة الأخيرة كما هو واضح من البيانات الرسمية المذكورة آنفا‏.‏

وبشأن ما ذكره بيان الحكومة من أن الاستثمارات الأجنبية التي تدفقت علي مصر قد بلغت‏2723‏ مليون دولار بخلاف الاستثمارات في الهيئة العامة لسوق المال‏,‏ تشير الدراسة إلي أنه يتناقض تماما مع البيانات الرسمية ومع بيانات تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية‏(‏ اليونكتاد‏)‏ فبيانات البنك المركزي المصري‏,‏ وبيانات وزارة التجارة الخارجية تشير إلي أن إجمإلي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلي مصر بلغت نحو‏1691.2‏ مليون دولار في العام المإلي‏2000/1999‏ وهي تتضمن‏826‏ مليون دولار قيمة بيع شركتي أسمنت أسيوط وأسمنت العامرية‏.‏ وتشير البيانات نفسها إلي أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تدفقت لمصر قد تراجعت إلي‏510.1‏ مليون دولار في العام المإلي‏2000/2001‏ ثم ارتفعت بشكل محدود إلي‏532‏ مليون دولار في العام المإلي‏2002/2001‏ فمن أين أتي بيان الحكومة برقم الـ‏2723‏ مليون دولار الذي يشير إلي أن قيمة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد بلغته؟‏!‏

أما ما ذكره بيان الحكومة حول وفاء الحكومة بالتزامها بالاقتراض سنويا أقل مما نسدده من ديوننا القديمة حتي تنخفض الديون الخارجية لمصر تدريجيا‏,‏ فإن الدراسة تشير إلي أنه يتناقض أيضا مع البيانات الرسمية التي تشير إلي أن الدين الخارجي لمصر قد ارتفع من‏26.56‏ مليار دولار في نهاية العام المإلي‏2001/2000‏ أي في يونيو‏2001‏ إلي‏28.67‏ مليار دولار في نهاية العام المإلي‏2002/2001‏ أي في نهاية يونيو‏2002.‏ أي أن الديون الخارجية المصرية قد زادت بمقدار‏2.11‏ مليار دولار‏,‏ أي بنسبة‏7.9%‏ خلال العام المإلي‏2002/2001‏ وهذا يعني بوضوح أن الحكومة لم تف بالتزامها الذي قطعته في هذا الصدد‏.‏

وتتناول الدراسة أيضا ما أشار إليه بيان الحكومة من تخصيص مليون فدان للزراعات التصديرية مؤكدة أن خطورة هذا التخصيص تكمن في أنه امتداد للسياسة التي نفذت في السنوات الأخيرة بتخصيص مساحات لزراعات البطاطس والخضر المخصصة للتصدير لبلدان الاتحاد الأوروبي‏,‏ حيث تتم مراعاة الاعتبارات البيئية والصحية‏,‏ ولا تستخدم المبيدات الضارة أو منشطات النمو ذات الآثار المدمرة صحيا‏,‏ بينما تترك باقي المساحات الزراعية دون رقابة من الدولة علي استخدام المبيدات ومنشطات النمو الضارة صحيا وبيئيا‏.‏ وللعلم فإنه طالما بقي هذا الفصل بين الإنتاج للسوق المحلية بدون مراعاة الاعتبارات الصحية والبيئية والإنتاج للأسواق الخارجية بشكل يراعي تلك الاعتبارات‏,‏ فإننا لن نتحول أبدا إلي قوة تصديرية كبيرة للسلع الزراعية أو الصناعية ببساطة لأن السوق الزاخرة بالسلع غير المطابقة للشروط الصحية والبيئية يمكن أن يتسرب منها للخارج ما يضر بسمعة كل الصادرات المصرية‏,‏ هذا فضلا عن أن احترام الإنسان المصري وحقه في الحصول علي سلع مطابقة للمواصفات هو أمر أساسي لتحقيق أي تنمية شاملة في مصر‏.‏

وتنتقل الدراسة بعد ذلك لتناول المؤشرات الرئيسية المعبرة عن أداء الاقتصاد المصري‏.‏ وتشير إلي أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمإلي قد تراجع باطراد منذ العام المإلي‏2000/1999‏ عندما بلغ‏5.9%‏ وحتي العام المإلي‏2002/2001‏ عندما بلغ هذا المعدل وفقا للبيانات الحكومية المصرية نحو‏3.2%‏ وتتناول الدراسة الوضع الراهن في قطاعي السياحة والنفط والآثار المتوقعة عليهما في حالة قيام الولايات المتحدة بشن عدوان استعماري ضد العراق‏.‏ وتشير الدراسة إلي أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلي أن هذا المعدل بلغ‏2%‏ فقط في العام‏2002.‏

وتتناول الدراسة معدل التضخم وتحذر من أنه مهدد بالانفجار بسبب تداعيات ومضاعفات تراجع الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي بما سيكون وبالا علي الفقراء ومتوسطي الدخل بما لذلك من تأثيرات علي الاستقرار الاجتماعي‏.‏

وتتعرض الدراسة بشكل موجز للتطورات الجارية في بيانات التشغيل والبطالة في مصر‏,‏ مشيرة إلي غياب الحقائق وعدم تحقق الوعود بشأن التشغيل ومكافحة البطالة‏.‏ وهذا العرض الموجز لوضع البطالة مرتبط بوجود دراسة مفصلة حول بطالة الشباب والمتعلمين في التقرير نفسه‏.‏

وتتعرض الدراسة لوضع الادخار والاستثمار في مصر وصعوبة تحقيق تطور اقتصادي حقيقي في ظل المعدلات المتدنية للغاية للادخار والاستثمار في مصر‏.‏ كما تتناول الدراسة وضع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر وأسباب عدم حدوث تدفقات كبيرة للاستثمارات الأجنبية إلي مصر رغم الإجراءات المالية والنقدية التي اتخذتها الحكومة المصرية لجذب تلك الاستثمارات‏.‏

كما تتناول الدراسة الميزان التجاري السلعي والخدمي لمصر‏.‏ وتتعرض الدراسة للديون الخارجية والمحلية‏.‏

وتقدم الدراسة تقييما نقديا لمؤتمر شرم الشيخ للدول المانحة والذي عقد في أوائل عام‏2002,‏ وأعلنت خلاله الدول المانحة عن استعدادها لتقديم قروض كبيرة لمصر بشروط اقتصادية‏-‏اجتماعية متنوعة لكن ذلك الإعلان لم يصل لحد الالتزام القانوني لتلك الدول بتقديم المساعدات المذكورة‏,‏ بما جعل ذلك المؤتمر أقرب إلي إعلان نوايا‏.‏ كما تناولت الدراسة المساعدات الأمريكية لمصر والجدل بشأنها‏.‏

واختتمت هذه الدراسة بتناول وضع البورصة المصرية مشيرة إلي أنه رغم محاولات النهوض في البورصة المصرية عام‏2002‏ فإن ما تعرض له صغار ومتوسط و المستثمرين فيها من عمليات تحايل أضاعت جزءا مهما من مدخرات عدد كبير منهم تجعل عودة هؤلاء المستثمرين للبورصة أمرا صعبا في الأجل القصير علي الأقل لحين ثبوت فعالية التشريعات الجديدة في حماية الأقليات وفي مكافحة التحايل في البورصة‏.‏ كما أن هروب بعض كبار رجال الأعمال بعد نهب أموال البنوك وبعد أن خانوا ثقة حملة الأسهم الذين اشتروا أسهم شركاتهم قد أوجب حالة من ضعف الثقة وعدم اليقين في البورصة المصرية وهي حالة من الصعب أن تتقدم البورصة في ظلها باعتبارها مؤسسة قائمة علي الحسابات المستقبلية التي تتطلب توافر الثقة واليقين بشأن هذا المستقبل‏.‏

وتشير الدراسة إلي أن تصاعد مخاطر قيام الولايات المتحدة بغزو استعماري للعراق ووضع حكومة عميلة لها في بغداد تنفذ أهدافها في سوق النفط من خلال زيادة الإنتاج العراقي والحلول محل السعودية كمنتج مرجح للنفط وتخفيض الأسعار أصبح عاملا مثيرا للمخاوف بالنسبة للاقتصاد المصري وللبورصة المصرية أيضا‏,‏ حيث ستتأثر إيرادات مصر من تصدير النفط سلبيا‏,‏ وسيتعرض قطاع السياحة والقطاعات المرتبطة به من طيران وفنادق ومطاعم وصناعات صغيرة تعمل في مجال صنع التذكارات السياحية لأزمة ركود جديدة وقد يعود جانب من العمالة المصرية في الخليج‏,‏ وكل ذلك سيؤثر سلبيا علي المؤشرات الرئيسية المعبرة عن حالة الاقتصاد المصري إجمالا والشركات المصرية بصورة خاصة‏.‏ كما أن الشركات التي تقوم بالتصدير للعراق في الوقت الراهن ستتأثر سلبيا علي نحو خاص من أي عدوان أمريكي ضد العراق خاصة إذا تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق أهدافها الاستعمارية من هذا العدوان‏.‏ فضلا عن أن إقدام الولايات المتحدة علي غزو العراق خارج أي إطار للشرعية الدولية يثير مخاوف كل دول المنطقة من قيام واشنطن بأعمال عدوانية مشابهة ضدها في ظل هوس الهيمنة الذي يسيطر علي الإدارة الأمريكية اليمينية المتطرفة‏.‏ وكل هذا يبث المخاوف في أسواق الأوراق المالية سواء في مصر‏,‏ أو في الدول العربية‏.‏

القرآن الكريم و السنة النبوية هما الحقيقة المطلقة فى حياتنا وكل شئ غيرهما قابل للاختلاف والجدال .

رابط هذا التعليق
شارك

أما الدراسة الثانية في القسم المصري من تقرير‏'‏ الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية‏2002‏ فإنها بعنوان‏:‏ الرواتب والأجور في مصر‏..‏حوافز للإنتاج أم أساس للفساد‏'‏ وتبدأ هذه الدراسة بتناول فلسفة الأجور والرواتب مشيرة إلي أنها تقوم نظريا علي قاعدة الدفع مقابل العمل مع اعطاء حوافز للاجادة والإنتاجية المرتفعة والابتكار‏,‏ مع التسليم مبدئيا بأن يكون أجر عمل واحد كافيا لحياة كريمة وأن يكون الأجر أو الراتب عن عمل معين موحدا إذا تساوت المؤهلات العلمية و سنوات الخبرة بحيث تكون سوق العمل موحدة‏,‏

وأن يكون الراتب الشامل للموظف القائد أعلي من الراتب الشامل للموظف التابع حتي يكون نظام الرواتب والأجور متسقا‏.‏ وتؤكد الدراسة أنه إذا طبقت هذه الفلسفة في الواقع العملي من خلال القوانين واللوائح ومن خلال مراقبة تطبيقها بشكل كفء وصارم من أجهزة الدولة ومن العاملين أنفسهم‏,‏ فإن الأجور و الرواتب تصبح بالفعل عاملا محفزا علي زيادة الانتاج وتحسينه و علي الابتكار في العمل‏.‏ وتشير الدراسة إلي أنه إذا حدث خلل في التطبيق العملي لفلسفة الأجور أيا كان سببه فان المعادلة برمتها تختل‏.‏ فمثلا عندما يصبح أجر عمل واحد غير كاف لحياة كريمة‏,‏

فان العامل أو الموظف يبدأ في البحث عن مصادر دخل اضافية سواء كانت غير مشروعة مثل الرشوة أو التلاعب والتحايل للحصول علي المزيد من أموال المؤسسة التي يعمل بها أو للسطو علي بعض ممتلكاتها أو ممتلكات الدولة التي تديرها أو أنه لا يفعل أي شيء وينحدر اجتماعيا بما لذلك من آثاره النفسية والاقتصادية السلبية و المدمرة في بعض الأحيان للعامل أو الموظف أو لأسرته أو حتي يتحول إلي شخص معاد للمجتمع عموما أيا كان الغطاء النفسي أو الإيديولوجي لهذا العداء‏.‏

وعلي سبيل المثال أيضا فإنه عندما يكون هناك فساد في منح حوافز الإجادة و الابتكار بحيث تذهب إلي أهل الثقة والحظوة بدلا من العاملين المجتهدين والمبتكرين فعلا فإن ذلك يثبط همم العاملين المجتهدين و يوجد مناخا غير موات للإجادة وزيادة الإنتاج والابتكار ويؤدي إلي تراجع المؤسسة عموما‏.‏

وتشير الدراسة إلي أن اعتماد فلسفة الأجور في أغلب دول العالم علي الدفع مقابل العمل والإنتاج سواء بالنسبة للعاملين في الحكومة وقطاعها العام أو للعاملين في القطاع الخاص يجعل من الأجور محركا للعمل والإنتاج وزيادة الإنتاجية والابتكار‏.‏ وتعتبر أجور العاملين في القطاع الحكومي والعام أعلي من نظيرتها في القطاع الخاص في الكثير من البلدان‏,‏ فدولة مثل اليابان تمنح العاملين بالحكومة مميزات مالية أفضل من القطاع الخاص لأنها تريد أن يكون موظف الحكومة بعيدا عن أي متاعب أو مؤثرات مالية تجعله متحيزا عند اتخاذ قراره وتحميه من طلب الرشوة‏.‏

كما تلجأ فرنسا إلي وضع شرائح للدخول تتناسب مع المؤهلات العلمية وسنوات الخبرة والتخرج لكل شخص‏,‏ بغض النظر عن عمله بالحكومة أو القطاع الخاص‏.‏ فهي تجبر الجميع علي الالتزام بهذه القواعد‏.‏ ورغم أن القطاع الخاص يحاول التهرب منها بتشغيل العمالة غير الشرعية لدفع أجور أقل مما تحدده الدولة إلا أن نسبة التهرب ضئيلة إذا ما قورنت بحجم العمالة في الدولة‏.‏ وتفرض غرامات فادحة علي أصحاب العمل الذين لا يلتزمون بهذه القواعد حتي تحافظ الدولة من منطلق مسئوليتها الاجتماعية علي ألا تنخفض الأجور الدنيا لكل فرد حسب مستواه العلمي وسنوات عمره عن المستوي الذي حددته الدولة‏.‏ وبالمقابل تمنح الدولة تسهيلات لرجال الأعمال وأصحاب العمل لتشجيعهم علي تشغيل كافة الأعمار والتخصصات‏.‏

كما توجد ضمانات اجتماعية موازية في إنجلترا والولايات المتحدة معقل الرأسمالية والسوق الحرة‏.‏ وتهدف هذه السياسة إلي منع انهيار السلم الاجتماعي ومكافحة الفساد والحفاظ علي مكانة الدولة وهيكلها الإداري‏.‏

وبالنظر إلي الخبرات الدولية في قضية الأجور والرواتب‏,‏ وبالنظر إلي أن المرتبات والأجور وتوابعها في مصر قد ابتعدت كثيرا عن قاعدة الدفع مقابل العمل والإنتاج والإنجاز والابتكار‏,‏ فإنه كان من الطبيعي أن تظهر تناقضات فريدة في نظام الأجور والرواتب المختل جوهريا في مصر‏,‏ فلا يعقل مثلا أن يكون الحد الأقصي لمرتب محافظ البنك المركزي‏60‏ ألف جنيه سنويا بينما يمكنه أن يحصل عند تركه منصبه علي هذا المبلغ من بنك تابع للدولة من البنوك المساهمة خلال‏15‏ يوما بقوة القانون واللوائح‏.‏ كما يحصل رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعي علي‏3.2‏ مليون جنيه مكافآت سنوية‏,‏ بينما رئيسه في العمل وهو وزير الزراعة بدرجة نائب رئيس وزراء منذ‏21‏ عاما يحصل علي‏10‏ آلاف جنيه شهريا‏.‏ وبينما رئيس البنك المتهم حاليا يحصل علي هذه الأموال بطريقة شرعية طبقا للوائح البنك التابع لوزارة الزراعة نجد أقرانه من حملة المؤهلات العليا لعام‏1983,‏ لم يعثروا حتي الآن علي فرصة عمل‏,‏ ومن يعمل معه منهم في نفس البنك لا يتعدي دخله مبلغ‏1000‏ جنيه شهريا‏.‏ كما أن الراتب الشامل متضمنا الحوافز والمكافآت والأرباح والبدلات المختلفة لموظفي الأجهزة الإعلامية التي توجد بها إعلانات‏(‏ التلفزيون والإذاعة والصحف‏)‏ تبلغ عشرات أضعاف رواتبهم الأساسية‏,‏ وتبلغ عشرات أضعاف الراتب الرسمي للوزير نفسه‏.‏

وعلي سبيل المثال كان رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون قد اكتشف في شهر أغسطس عام‏2002‏ أن المكافآت والحوافز لبعض الموظفين في التلفزيون قد بلغت‏80‏ ألف جنيه شهريا مما دفعه إلي إصدار تعليمات بألا تزيد مكافآت رؤساء القطاعات في اتحاد الإذاعة والتلفزيون علي‏8‏ آلاف جنيه شهريا مع تطبيق ذلك بأثر رجعي من شهر مايو من العام نفسه‏.‏ وهذه الواقعة تؤكد علي أن نظام الأجور والرواتب لا يتمتع بأي اتساق لأن الراتب الذي كان كبار الموظفين في التليفزيون يحصلون عليه يبلغ عشرات أضعاف مرتب وزير الإعلام‏.‏

وتشير الدراسة إلي أن الرواتب والأجور في العديد من الهيئات الاقتصادية أصبحت أعلي كثيرا من المرتبات والأجور للموظفين والعمال الحكوميين المناظرين في الحكومة وقطاعها العام بما أوجد تمايزا غير مبرر ينسف قاعدة العدالة في تحديد الأجور التي تقوم علي تساوي الأجر في الحكومة علي الأقل بالنسبة لمن يؤدون نفس العمل مهما تكن الوزارة أو الهيئة التي يعملون فيها‏.‏ والحقيقة أن هذه التمايزات توجد أحقادا اجتماعية وتبرر للموظفين والعمال الذين يحصلون علي أجور ورواتب منخفضة أن يقوموا بالتحايل في أعمالهم بحيث لا يعملون بجدية لتوفير جهودهم للعمل في وظائف إضافية لزيادة دخولهم‏.‏

وهذه التناقضات في مجملها تحتاج لإعادة النظر في نظام الأجور والرواتب في مصر حتي يحقق الهدف منه وهو حفز الإنتاج والابتكار ورفع إنتاجية العمالة المصرية‏,‏ وبالتإلي رفع القدرة التنافسية لما تنتجه من سلع وخدمات بما يعني ضمنا رفع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري عموما في بيئة اقتصادية دولية مشتعلة بالمنافسة الاقتصادية بين مختلف بلدان العالم‏.‏

وتشير الدراسة إلي أن هناك بعض المبادئ العامة التي لابد لها أن تحكم عملية إصلاح نظام الرواتب والأجور في مصر التي يمكن إيجازها علي النحو التالي‏:‏

‏1‏ـ لابد أن تكون فلسفة الدفع مقابل العمل والابتكار هي القاعدة التي تتحدد الأجور والرواتب بناء عليها‏.‏ كما أن الأجر أو الراتب الذي يحصل عليه الموظف أو العامل الذي حصل علي مؤهل معين ولديه سنوات خبرة محددة عن عمل محدد في الحكومة والقطاع العام لابد أن يكون واحدا أو متقاربا علي الأقل لإرساء قاعدة العدالة ووحدة سوق العمل في مصر كما هو الحال في البلدان الرأسمالية الصناعية المتقدمة‏.‏ علي أن يكون معلوما أن تعليم وتدريب ومهارة العامل أو الموظف ليست هي المحدد الرئيسي لعمله ولإنتاجيته رغم أهميتها حيث إن كفاءة وصرامة النظام الإداري الذي يضمن قيام العامل بالعمل بشكل جدي ومنتج خلال ساعات عمله وحداثة الآلات وأساليب العمل ومدي كثافة رأس المال أو العمل في أي منشأة تعد محددات مهمة للغاية لإنتاجية العامل أو الموظف هذا فضلا عن أن مشاركة العامل أو الموظف في معرفة ما يدور بمؤسسته وفي مراقبة أدائها الإنتاجي والمإلي يوجدان جوا من المسئولية من قبل العاملين في هذه المؤسسة تجاه مؤسستهم بشكل يسهم في تحسين الإنتاجية‏.‏

‏2‏ـ من الضروري لأي نظام للرواتب والأجور أن يقوم علي أساس أن الأجر الأساسي هو مصدر دخل الموظف‏,‏ وبالتإلي لابد أن يكفي لحياة كريمة للموظف ومن يعولهم‏.‏ وهذا يعني أنه من الضروري تعديل رواتب العاملين بالدولة خاصة القطاع الحكومي لأن محدودية راتب الموظف أو أجر العامل يؤدي إلي طلب الرشوة أو ضعف الإنتاجية وتعطيل العمل ومصالح المواطنين علي الأقل‏.‏ كذلك فإنه من الضروري أن يوضع سقف لكل أشكال الحوافز والمكافآت والأرباح والبدلات بحيث لا تتجاوز في مجملها وعلي مدار العام قيمة المرتب الأساسي خلال العام‏,‏ وهذا الأمر ضروري حتي تكون هناك شفافية في نظام الرواتب والأجور في مصر مع مراقبة صرف كل ما يزيد علي الراتب الأساسي من خلال الأجهزة الرقابية ومن خلال العاملين أنفسهم‏.‏ وهذا الأمر ضروري للغاية للحد من الأبواب الخلفية التي تتيح لبعض كبار موظفي الحكومة والقطاع العام والهيئات الاقتصادية وأصحاب الحظوة لديهم أن يحصلوا علي دخول ضخمة تتجاوز أضعاف وربما عشرات أضعاف دخول أقرانهم في الوظائف العامة‏.‏ وأيضا حتي لا يتحول المرتب الأساسي للموظف العام إلي دخل هامشي يدفع من يعتمدون عليه إلي درك الفقر والعوز‏.‏ باختصار لابد من إعادة الاعتبا

ر للراتب الأساسي باعتباره الدخل الأساسي للموظف العام الذي يمكنه الاعتماد عليه في تحقيق حياة كريمة له ولمن يعولهم‏.‏

‏3‏ـ لابد أن يكون هناك اتساق في نظام الرواتب والأجور فليس من المعقول أن يكون المرتب شاملا المكافآت والحوافز والأرباح لموظف عام أعلي من رئيسه في العمل أو الوزير الذي تعتبر مؤسسته تابعة له‏.‏ فالأصل هنا هو أن الدولة نيابة عن الأمة قد كلفت الوزير بإدارة وزارة كاملة بكل ما يتبعها من مؤسسات ومسئوليات‏,‏ وبالتإلي فإن الراتب الذي يتلقاه هذا الوزير لابد أن يكون أعلي من الراتب الشامل لأي موظف يتبع هذه الوزارة لأن الموظف المكلف من قبل الوزير أو حتي من قبل أحد وكلائه هو في النهاية مسئول عن قطاع صغير أو كبير من الوزارة التي يقودها الوزير‏,‏ ولا يجوز في أي نظام متسق للرواتب والأجور أن يكون راتب الموظف التابع أعلي من راتب الموظف القائد‏.‏ وفي الحالات التي يحدث فيها ذلك كما هو الحال في مصر‏,‏ فإن ذلك يوجد مبررا موضوعيا للفساد‏.‏

‏4‏ـ من الضروري أن تصنف اللجان الخاصة علي أنها ضمن عمل الموظف العام‏,‏ وأن يتم عقدها في أوقات العمل لإغلاق باب رديء لتحايل بعض كبار موظفي الدولة لاستنزاف المال العام في مكافآت عن أعمال هي من صميم مهام وظائفهم‏.‏

‏5‏ـ منح العمال الحق في ممارسة كل أشكال الاحتجاج السلمي وعلي رأسها الإضراب وتفعيل دور النقابات العمالية في مواجهة المشاكل التي تواجههم خاصة أن قانون العمل الجديد يمنح حقوقا واسعة لأصحاب العمل منها حق الاستغناء والتصفية الكلية والجزئية للمنشآت ويسهل إجراءات الفصل التعسفي للعمالة دون تمكين العمال من الحصول علي كامل حقوقهم المادية من أصحاب الأعمال‏.‏

‏6‏ـ دعم دور الأجهزة الرقابية في تتبع وعلاج مظاهر القصور والتسيب في الأجهزة الإدارية ومواجهة مظاهر إهدار المال العام والتربح وتقوية أساليب التقييم والمتابعة‏,‏ وعدم التراخي في تطبيق مبدأ الثواب والعقاب وتحسين بيئة العمل داخل الجهاز الإداري للدولة مع تغيير معايير الرقابة التي تعتمد علي اللوائح النمطية إلي رقابة تهتم بمؤشرات الأداء ونتائج العمل علي أن تكون الأجهزة الرقابية تابعة للسلطة التشريعية وليس للسلطة التنفيذية لأنه لا يعقل أن تقوم أجهزة تابعة للسلطة التنفيذية‏,‏ بمراقبة الفساد الذي من المفترض أن الذي يتورط فيه هو البعض ممن ينتمون للسلطة التنفيذية‏.‏

‏7‏ـ نقل تبعية الإدارات القانونية بالمصالح الحكومية إلي وزارة العدل لكي تكون بمنأي عن هيمنة الجهات التابعة لها ومنحها استقلالا كاملا في ممارسة اختصاصاتها وتضيق نطاق الخدمات التي تتطلب في إنجازها المواجهة الشخصية بين المواطن والموظف الحكومي وتسهيل الإجراءات البيروقراطية إلي أقصي حد كآلية لمنع الفساد والرشوة بين موظفي الدولة مقابل تسهيلهم للإجراءات البيروقراطية المعقدة‏.‏

http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=FI...E1.HTM&DID=7697

القرآن الكريم و السنة النبوية هما الحقيقة المطلقة فى حياتنا وكل شئ غيرهما قابل للاختلاف والجدال .

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...