اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

مظاهرة "سلمية" في الحي "الهادئ"!-قصة قصيرة


Sherief AbdelWahab

Recommended Posts

أعلم أن القصة لن تعجب الكثيرين من المتحمسين للمظاهرات...لكن تخيلوا لو أن الأمر حدث في حي هادئ كهذا الذي افترضته للقصة...هل كان الوضع ليختلف كثيرا؟...هل ينظر الشارع بشكل مختلف للأمر كله؟

من أهم ميزات-وعيوب-الحي الهادئ الذي أقطنه أنه "هادئ" أكثر من اللازم!...بالكاد يعرف أهله بعضهم بعضا...و لأنه حي راقي...فلا تجد فيه بطبيعة الحال ما نجده في أي حي شعبي من تكاتف و ترابط أو حتى مظاهر احتفال برمضان أو بعيد أو بفوز النادي المفضل!

شيء واحد كسر هدوء هذا الحي المغرور...أنه نما إلى علم أهله أن مظاهرة "سلمية" ستمر بشارعه خلال ساعات...

هنالك اجتمع "كبارات" الحي من مثقفين و أصحاب محلات و باعة في أقرب "قهوة" -تبعد عن الحي حوالي كيلومتر و بعض الكيلومتر!- و الغرض بالطبع هو مناقشة "التطورات" التي ستقلب هدوء حيهم الهادئ إلى ساحة من المشاكل...

ووسط جدل عنيف عن المظاهرات و جدواها من عدمه...اتفق أصحاب المحلات بالإجماع-خصوصا من يبيعون منتجات أمريكية على الإغلاق كلية هذا اليوم...

------

يوم المظاهرة...حراسة أمنية مشددة...وعدد كبير من الطلاب و الشباب و الشيوخ...منهم الملتحين...ومنهم من يحمل صورة للزعيم الراحل "الملهم"...و الكل يهتف في حماس منقطع النظير هتافات حامية...

و لفت نظر أحدهم محلا يبيع منتجات أمريكية...مغلق طبقا لاتفاق الأمس...و إذا بالجميع يحطمون المكان و يشعلون النار أمامه...وفي السيارات المجاورة ...وكاميرات الفضائيات تصور...ووجدت إحدى المذيعات التي تتحدث بلكنة غير مصرية نفسها ستسحق وسط الزحام...فتسللت هي و مصوروها إلى عمارة ما...وبعد جهد جهيد و مفاوضات مع صاحب العمارة...وافق هذا الأخير على طلوع طاقم القناة إلى سطح العمارة فقط للتصوير!

ووجد طاقم القناة لذة غير عادية في تصوير منظر السيارات المحطمة...إلا أن هناك مشهدا رفض الطاقم تصويره...بحجة ثقل الدم!

اقتحم المظاهرة أتوبيس خال إلا من شاب في أوائل العشرينيات...صرخ بأعلى صوته فسكت الجمع كله...قال:

-دة بقى أتوبيس فاضي...اللي عايز يروح يتطوع يركب...مستنيين إيه؟ ولا هو فض مجالس و خلاص؟...

إنتو ياللي شايلين صور و يفط؟...اشمعنى ما بتلموش نفسيكم برابطة المعلم كدة بالصلاة على النبي و تتظاهروا ضد البطالة...ضد الجهل..ضد التخلف اللي كابس على أنفاسنا و أنفاسكم؟...لاهي البلد دي مش بلدكم و لا إيه؟...ماتردوا ياولاد الـ(.....)!

وهنالك هجم البكوات المتظاهرون على الشاب و الأتوبيس و هجم الأمن على الجميع!...

---------------------

نسيت أن أقول أن كل الشبابيك و "البلكونات" كانت مغلقة على غير العادة و على غير المتوقع...طبقا لأوامر مشددة من الأمن و أصحاب العمارات...قليلون هم من تابعوا المشاهد المثيرة من فوق سطوح العمارات...من بينهم طاقم القناة الذي وقف يتغامز على الشاب الذي أجمع الجميع على ضربه...بينما وقف أطفال السيدة الفقيرة التي تسكن السطح يثنون على الشاب "الجدع" الذي تحدى المتظاهرين و الأمن!

---------------------

و...انتهت المظاهرة!

أصبحت شوارع الحي الهادئ"شوارع"!...يغطيها الزجاج المكسور ...ملأها أصحاب السيارات و المحلات التي تحطمت سياراتهم و محلاتهم ...تعلو وجوههم علامات الحسرة و الحزن الشديدتين...صابين جام غضبهم على السياسة و المظاهرات و الأمن و الكل كليلة...أبرزهم صاحب المكتبة الصغيرة الذي قال بصوت تخنقه دموع الإحباط:

-الواد بتاع الأتوبيس كان بيتكلم صح؟...كلهم ولاد(.....)!

بينما كان ابنه طفل الاعدادية ينادي على إخوته و جيرانه من أقرانه:

-إلحقوا...مظاهرة الصبح جاية ع الدش!

و تجمعوا كلهم أمام محل بيع الأجهزة الكهربائية...الذي تعرض فاترينته تليفزيونا 25 بوصة...يشغل صاحبه فيه القنوات الاخبارية العربية ليل نهار...ووقفوا يشاهدون المظاهرة كما لو كانوا يشاهدون فيلما مسليا...

هرول في الوقت نفسه رجل عجوز يصرخ:

-محدش شاف "سعيد"؟

رد عليه صاحب محل الخردوات:

-المظاهرة كانت زحمة و معرفناش نشوف حد...يكونش ابنك من العيال اياهم؟

رد العجوز بصوت تبلله الدموع:

-سياسة ايه و كلام فاضي ايه...دا ابني اللي طلعت بيه م الدنيا...واد في تانية اعدادي كنت باعته يجيب لي الدوا...كنت قلتله ما تنزلش يابني..ركب دماغه ونزل و لسة مارجعش...

وقال الجمع في صوت شبه واحد:لاحول و لا قوة إلا بالله...

و تجمع الناس حول العجوز المريض...وسألوه عن أوصاف الطفل التائه...وسألوا كل أطفال الإعدادية في الشارع عن الطفل التائه...و اقترحوا عليه السؤال في قسم البوليس...طبعا بطريقة هادئة و غير مباشرة بحيث يتحملها العجوز الطيب...إلا أن محاولات الالتفاف على الطلب الصعب لم تنجح...وذهب مع اثنين من أصحاب المحلات تجاه قسم الشرطة...بعد أن "عزمه" أحدهم على كوب من الليمون المثلج يهدئ له أعصابه!

أهذا كان الحي الهادئ الممل حتى يوم الأمس؟

المنصورة 19 مارس 2003

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

جميل يا شريف ، محاولة للفت النظر إلى الجهود المشتتة ، في حين يمكن أن نركز أكثر على مشكلات تأكلنا من الداخل بصورة أقسى . بينما كان ضياع الطفل الصغير إشارة جميلة إلى ما يمكن أن نخسره وما يمكن أن يصيب الأبرياء من أضرار .

ولعله كانت هناك بعض المباشرة في تناول الفكرة ، ولكن هذا في حد ذاته أضفى على القصة نوعاً من البساطة .

جميلة والجميل فيها شجاعة التناول .

رابط هذا التعليق
شارك

شكرا لك يا عزيزي البنا...بيد أني أوضح للمرة الألف أن ما يربطني بالأستاذ العزيز هشام عبد الوهاب هو تشابه في الأسماء فقط!

:oops:

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

ولايهمك يا باااشاااا! :lol: :lol: :lol:

نأتي للملاحظات:

كنت محقا عندما قلت أن العرض كان مباشرا...وهو ما أعترف أنه نقطة ضعف سببها قلة الخبرة القصصية...وهو عيب أعد بتلافيه مع الوقت...

مشهد الأوتوبيس الخالي:أعترف أيضا أنه مأخوذ عن واقعة حقيقية حدثت مع المظاهرات التي واكبت انتفاضة الأقصى الثانية...رواها لي أحد الأصدقاء في الجامعة...

أجدد لك الشكر على رأيك الصريح...وفي انتظار رأي الزملاء و الزميلات... :oops:

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

جميلة وواقعية مباشرة

وانا اعشق هذا الأسلوب

واجمل ما فيها انك جمعت شتات كذا فئ عمرية

وكذا شخصية في نفس الأطار

ولم نشعر بالتشتت

جميييييييلة جدا يا استاذ شريف

:)

وانا من البلد ديييييييييييي

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...