اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

خريف أخير لصياد عجوز " قصة قصيرة "


Recommended Posts

خريف أخير لصياد عجوز

قصة قصيرة

=-=-=-=-=-=

كان باب الميناء مغلقاً ..

ارتسم العجب علي وجه "الحوت "وجعل يسأل نفسه :ـ

ـ تري ماذا حدث ؟

ثانية دق عليه بكل ما أوتي به من قوة ، لم ينفتح ، نظر إلي المزلاج ، وجد الصدأ عليه ، عادت الدهشة تأخذه ، شئ مباغت ساوره :

ـ باب الميناء مغلق !! هذا لم يحدث إلا في زمن الحرب ، تري ماذا يحدث الآن ؟

عاد يجرجر خطوه في تثاقل وهو يمط شفته السفلي ويرفع حاجبيه ، تحسس قبضته التي أرهقها الدق ..

ببقايا بصر كليل راح ينظر من بين فتحات السور الحديدي ، نادي علي أشباح تراءت له ، راها تروح وتجئ لكنها لا تسمع له نداء ، لا أحد يرد ، كأنهم أصيبوا جميعاً بالصمم ، قال في نفسه :

ـ هل نسوا الحوت جميعاً ..

وزفر من صدره زفرة حارة حمل الفضاء المتسع صداها ورددها الأفق الممتد ..

** ** **

كل المدينة تعرف الحوت ، الناس والشوارع والحواري والأزقة ، كثيراً ما قطعها رائحاً وغادياً ، وهو يرافع عقيرته منادياً علي بضاعته من الأسماك :

ـ الجمبري ، السردين ، والهليلي ، واللوت ، والمرجان ، أبو كرش ..

تخرج من شرفات البيوت رؤوس النساء ،

فيرسلن الأطفال أو يأتين إليه ، عرض وطلب ، دفع بعد فصال ، ضحكات متبادلة وكلمات لها وقع طيب في النفس ، ثمة علاقة حميمة تربط بين الطرفين ..الكل يحييه إذا أقبل أو أدبر ..

الآن ..

يشعر الحوت بمرارة في حلقه تكاد أن تقتله ، هل أصيبت هذه العلاقة بشئ من التقلص والضمور ؟

انتهي به السير عند القاعدة الجرانيتية لتمثال " دي لسبس " ، جلس وهو يتنهد وتذكر يوم أن شارك أبناء المدينة ـ كان يومئذ شاباً ـ في إسقاط التمثال من علي قاعدته ، أيام عدوان 1956 م .

جلس الحوت يرقب البحر والميناء ، والنوارس ، السفن ، القوارب ، الشمندورات ، الأمواج ..

أخرج من جيب صديريه علبة الدخان " كرافن A " الصفيح ، سحب منها ورقة بفرة ، حشاها بالدخان ، لمس طرفها بلسانه ، أحكم إغلاقها ثم أشعلها بعود من الثقاب ، وأخذ يدندن :

الناس لها حب واحد وأنا ليه في البلد خمسة

آدي حب بحري البلد ، وآدي حب قِبليها

وآدي حب شرق البلد ، وآدي حب غربيها

وحب وسط البلد ، أحسن أتوه فيهــــا ..

تجاوب صوته مع مقدم صباح يوم خريفي ، تهادت شمسه في دلال مطلة من وراء " البر التاني 1" ، تبدو الأوناش الضخمة في ورش هيئة القناة ببورفؤاد مثل حيوانات خرافية معلقة رؤوسها في الهواء ، تستعد لأن تنشب مخالبها للإنقضاض علي فرائسها ..

أسند الحوت ظهره إلي قاعدة التمثال ثم تنهد وهو يمج دخان سيجارته الكثيف ، ووضع كفه لتنغرز فيها شعيرات ذقنه الناتئة مدببة كالأبر ، وحانت منه إلتفاتة جهة قارب بخاري يشق وجه الماء وكأنه مقبل نحوه ، تهلل وجهه في أول الأمر ، لكن القارب سرعان ما أنحرف وغاب بين السفن الراسية ..

عاد يردد :

ـ باب الميناء مغلق ، شئ لا يصدقه عقل ..

رددها مرة أخري ، سرعان ما أغلق فمه خشية أن يظن به أحد سوءاً ، تحسس ذقنه ، ترامي لأذنيه صوت عبده السروجي يغني :

ـ غريب الدار..

كان بائع الترمس يدفع عربته الخشبية علي مهل لا يشغل باله شئ ، ويبتسم ..

أنصت الحوت للأغنية في إهتمام شديد ، ثم حرك شفتيه بالغناء وجعل يهز رأسه ، لم يزعجه سوي صوت لملمة احدي السفن الراسية لمرساتها الضخمة من قاع الماء فأحدث في نفسه شيئاً ، ودار بعينيه في أنحاء المكان ، ثم قال محدثاً نفسه :

ـ يبدو أن النهاية قد اقتربت يا حوت ، وأن ساعة الوداع قد أزفت ، هيييه ، حسن الختام ، فهل يكون الخريف آخر مواسمك يا حوت ؟..

انزلق ببطء من جلسته علي القاعدة الجرانيتة لتمثال " سبس1" كان مثل طفل يلهو ، وسار بخطي وئيدة وثمة حشرجة في ضاق بها حلقه ، بصق " البلغم "في منديله الأبيض وتخلص منه ، وتنحنح ثم كور قبضته أمام فمه ..

لا شئ يفصله الآن عن الميناء سوي هذا السور الحديدي الأصم الذي لا يسمع له شكوي أويشعر بأنينه ، هذا مصنع الثلج ، وتلك محطة تموين الجاز ، وذاك هو الجامع البسيط ، ثم دكان السحراوي وشادر السويركي ، وفي النهاية قهوة الدميري ..

بينما يمتد رصيف الميناء الذي ترسو عنده مراكب الصيد وتقلع ، هذا الرصيف الذي التهم سنوات عمره كوجبة يومية ، وهذه الأمواج التي ترتطم في " التكاية 2" قوية حتي تخور وتهمد قواها مستسلمة ، وتلك الرائحة النفاذة للأسماك لا تنفك تنفذ إلي أنفه فتعيد إليه ذكريات لا تنسي لأيام خلت ولن تعود ..

مامر يوم واحد من عمر الحوت إلا ودلف من باب هذا الميناء ، حتي قبل أن ينتقل إلي هذا المكان ، كانت تأتيه ماجدة الصباحي باسمة قبل أن تبدأ في أداء دورها في فيلم " شاطئ الأسرار " وغني له محمد قنديل بصوته الأثير " ياحلو صبح ، ياحلو طل " وداعبه الضايط ممدوح الذي أطلق اسمه علي طفله المولود وقتها ، ثم تنهد :

ـ أيام ..

كم من المرات اجتاز هذه البوابة الصلدة ، كما وسبق أن أجتاز بوابات موانئ أخري ، الإسكندرية ، السويس ، بني غازي ، حتي ميناء نابولي في بلاد " الطليان "..

وتذكر كيف دخل إلي فلسطين دون جواز سفر ، كان ذلك قبل ثورة عبد الناصر ، وعاش زمناً في يافا ، كاد أن يتزوج هناك ، وقتها كان يعمل مع المليونير المصري أحمد عبود باشا الذي بني هذا الميناء ، كان صاحبه..

اقترب الحوت من باب الميناء ، همّ بالدخول لكن جندياُ فظاً منعه :

ـ لابد من التصريح ..

تعجب الحوت وهو يري بندقية الجندي تحول بينه وبين الدخول ، سأل نفسه :

ـ كيف ذلك وأنا الذي عريت صدري لرصاص الاحتلال في حرب 1956 ؟

لم يخف " الحوت "، ولم يزايله أي شعور بالجبن ، شعر بشرخ في داخله يكاد أن يمزق قلبه ، صدع أصاب بناء صدره فانهار ، حاول الدخول ثانية ، أخرج بطاقة الصيد الخاصة به ، نظر فيها الجندي في شبه صلف ثم ردها إليه في غلظة:

ـ انتهت مدة سريانها ، لابد من تجديدها ..

كأنما غرس الجندي خنجراً في نحره ، كاد أن يستعطفه :

ـ غداً أقوم بتجديدها ..

رد بكلمات آمرة مقتضبة :

ـ تعال إذن في الغد ..

أسقط في يد الحوت ، راح ينظرللجندي وارتد بصره محسوراً ، رأي في حافظة نقوده صورة جمال عبد الناصر بين ثناياها ، ابتسم كأنما هو يعاتبه :

ـ هل يعجبك هذا يا أبا خالد ؟

** ** **

ثمة أصوات تتداعي الآن في أذنيه ، نوارس الدنيا كلها تكالبت فوق رأسه ، كأنها تقيم له حفل وداع ، سقطت من عينه دمعة ألهبت خده ثم انحدرت لتهوي علي الأرض ، مثل بلورة نقية تكسرت وارتشفها الرمل سريعاً ..

** ** **

الفراغ النقي وزرقة البحر والسحب الصغيرة ، كلها لم تفلح في تخفيف الضيق عنه ، زفر زفرة طويلة ثم تنهد :

ـ لا فائدة ..

سمعه رجل كان يمر بجواره ، ظنه متسولاً ، ألقم كفه نقوداً ، ومن فرط دهشته كادت أن تدهسه سيارة ، عاد يكرر :

ـ لا فائدة ..

ظن رجل آخر أن به مساً من الجنون فتوجس منه خيفة وابتعد عنه ، كان الحوت يبسمل ويحوقل ، حتي علا صوت الحق من المسجد

الكبير منادياً لصلاة الظهر :

ـ الله أكبر..

أثلج صدره النداء ، دلف من باب المسجد ، توضأ وتهيأ لأداء الصلاة ، بعدها جلس إلي جوار أحد الأعمدة ، بعد أن انتهي من التسبيح ، راحت أصابعه تعبث في رسوم السجاد ثم قال لنفسه :

ـ إنها سجادة ، لم يعد الحصير موجوداً هنا ولا في أي مسجد آخر ، انتهي زمنه وانقطع الثواب الذي كنت أحصل عليه ..

كان الحوت يحمل في جيب صديريه دائماً خيطاً و" مسلة 2" يرتق بها أطراف الحصير

المهترئة في أي مسجد يصلي فيه ..

ـ هل يمكنني مساعدتك يا سيدي ؟

كانت يد خادم المسجد تربت علي كتفه ، وجلس إليه ، هز الحوت رأسه شاكراً حسن صنيعه ، قال الرجل وهو يساعده علي القيام:

ـ هل أنت قريب من بيتك الآن ، أم تود أن تبقي

معي ؟

ـ بارك الله فيك ، أنا في الطريق إلي الميناء ..

ـ أسير إليه معك..

** ** **

كل أبناء جيله رحلوا عن الدنيا ، الزوجة ، بعض الأبناء ، كثير من الأصحاب والأقارب ، لا عمل للحوت الآن سوي رتق شباك الصيد مقابل أجر يقتات منه ، ببقايا بصر منهزم تؤطره نظارة طبية يضعها فوق أنفه ، ضاحكه أحد أصحابه :

ـ ما هذا يا حوت ، هل صرت موظفاً ؟

كلمات كانت قاسية علي ملك السخرية وصاحب أحدث النكات التي تضحـك " طوب" الأرض ، ظرف وحضور وذكاء فطري بلا أي حدود ، يلاطف هذا ويلاعب ذاك أضحي الآن مادة للسخرية :

ـ يبدو أنها ولت عنك يا حوت ، الشراغيش والأسماك الصغيرة سوف تنهش لحمك ، ستصبح مثل خيل الحكومة ، رصاصة واحدة تنطلق إلي رأسك وترديك صريعاً ..

جاءه صوت حفيدته سلمي وهي تمسك بيده ليكف عن العمل وتقدم له كوب الشاي وهو يؤدي عمله :

ـ لا ، لا يمكن أن أترك العمل ..

انفتح باب البيت ليخرج منه أطفال بلا عدد ، التفوا من حوله ، بعضهم ألقي بنفسه فوقه ، والبعض الآخر راحوا يغنون له ، لاعبهم ، داعبهم ، اقترب واحد منهم ، احتضنه بعد أن مد له يداً ، سأله الجد :

ـ ابن من أنت؟

فوجئ الصغير وكاد أن ينسحب وقد علا وجهه الحرج :

ـ أنت لا تعرفني يا جدي ، أنا عاطف ..

علا صوته ضاحكاً :

ـ عفواً يا حضرة الضابط عاطف ، تعظيم سلام.

ـ تعظيم سلام لك يا جدي ..

فرد عاطف ذراعيه مثل جناحي طائر ، شب علي قائمتيه ، شهق ، طوي ذراعيه وظل يدور والجد يتابعه ويغني له :

الطير ع السجر عمال بيبكي ليه

بكي وبل المحارم من دموعي ليه

مريت علي شيخ بيقرا والكتاب ف إيديه

فرد الكتاب من يمينه ، والتفت قال لي :

ـ الشهد بعد الحبايب ، ينعمل به إيه؟

ـ الله الله يا جدي ..

جاءه صوت الصغار وكأنهم فريق كورال :

ـ صوتك جميل يا جدي ..

سأله عاطف :

ـ هل حقيقة كنت تمتلك مراكب للصيد؟

هز رأسه وهو يردد :

ـ كان ، كان لدي أكثر من مركب ..

ـ ثم ماذا؟

ـ مركب غرقت في أثناء الإبحار علي أثر نوة ، والثانية سرقها اليهود ..

ـ كيف سرقوها ؟

حكي لهم قصة أسر اليهود لمركبه ثم إغراقهم

لها ، قال في مرارة :

ـ بيني وبينهم ثار كبير ..

ـ هل ستحاربهم وأنت شيخ لا تقدر علي حمل السلاح ؟

ـ أنا حاربتهم في شبابي ولم يهزمونني ، هم خونة لا يحفظون عهداً مع أحد ولا يبقون علي ميثاق ..

ـ عرفت بأنك سافرت إلي فلسطين يا جدي ؟

ـ نعم ، ورأيت بعيني رأسي اليهود وهم يأتون إليها كالمطاريد من بلاد أوربا ..

ـ ولماذا عدت من هناك ؟

ـ ظروف خارجة عن إرادتي ، لو بقيت هناك لأصبحت أنت من أطفال الحجارة ..

ـ يا ليت..

كان الجو مشبعاً بالرطوبة ، ثمة برد يجتاح الأوصال ، بدا النهار خريفياً ، نُذر توحي بقرب سقوط الأمطار ، الشمس توارت خلف الغيوم ..

مضي الحوت داخلاً ميناء الصيد ولم يره أحد أو يعترض سبيله ، كان مقهي الدميري فارغاً من رواده ، لم يفكر حتي في المرور عليه ،إنها المرة الأولي ..

سار بخطو وئيد حتي وصل إلي الماء عند آخر الرصيف ، ثمة ريح صغيرة راحت تناوشه ، دفعته فكاد أن يسقط لولا أنه تماسك ..

ودون وعي منه ، ألقي الحوت بنفسه في ماء البحر، راح يسبح في مهارة ، غطي الماء كل جسمه ، بلل شعر رأسه ، ريح تصفر في أذنيه ، الحوت سباح من طراز فريد ، غالب الموج الذي داهمه فجأة ، أخذ يسبح حتي بلغ به التعب محلاً ، متحدياً الريح والموج والماء ..

لجأ إلي رصيف قريب ، عب في صدره هواءً كثيراً ، لم يجد هناك من يقدم العون لمن يستحق المساعدة أو يشارف علي الغرق ..

ـ دنيا ..

وزفر في الهواء زفرة ذات معني ، هو الذي كان يبادر فينقذ المئات من الغرق في البحر أو في الحياة ، بحار قديم ، مات أبيه وهو في طفولته فرعته أمه وصنعت منه رجلاً بعد أن انفض عنه أخوته غير الأشقاء ، فلم تلتهمه الأسماك ولم يغرقه البحر ، راح يردد :

طول ما معاك مال تلاقي الناس تحت إيدك

يرحبوا بيك قوي ، مادام المال ف إيدك

لو خف مالك ، اللي يحبك حمامة وطار

قبل ما تماشي الدون حرص علي إيدك

ما ينفعك في الزمن ، غير شقا إيدك ..

جفف الحوت ملابسه ، وجعل ينظر بعينيه جهة السماء ، فرد بذراعيه ترفرفان ، حملته الريح ، من حوله النوارس تؤدي رقصتها مرحبة ، الريح أسكنته سحباً صافية مثل ندف الثلج ..

وغاب الحوت ، ولم يعد ، لكن شوارع المدينة وأزقتها لازالت تردد صدي مواويله ، وتحكي للناس سيرته ..

** ** **

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ سبس : اختصار لاسم فردينان دي لسبس

2ـ التكاية : قطع من الأخشاب الضخمة توضع علي جانب أرصفة الموانئ لئلا تصطدم بها المراكب ..

3ـ البر الثاني : اسم يطلقه أبناء المدينة علي ضاحية بورفؤاد شرقي القناة .

4 ـ المسلة : هي إبرة طويلة من الصلب ..

** المواويل من الغناء الشعبي المصري .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد عبده العباسي

بورسعيد / مصر

رابط هذا التعليق
شارك

اديبنا المتميز تغيب تغيب لتأتينا بالحكمة والحكاية والقصص البارع الذى يحمل فى طياته الأصالة والعمق والحبكة الواثقة ومجمل اصالة الحروف والمعانى امتعتنى وجعلتنا احلق مع العجوز فى سماواته وارضه وجذوره وعرقه وحكمته الكبيرة التى لخصتها الكلمات الاصيلة

شكرا للامتاع الجميل الراقى وللصور الرائعة التى تنطق ما بين السطور

دمت رائعا يابن الشواطىء ذات التاريخ والامسيات

عندما تشرق عيناك بإبتسامة سعادة

يسكننى الفرح

فمنك صباحاتى

يا ارق اطلالة لفجرى الجديد

MADAMAMA

يكفينى من حبك انه......يملأ دنياى ....ويكفينى

يا لحظا من عمرى الآنى.....والآت بعمرك يطوينى

يكفينى .....انك........................تكفينى

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 5 أسابيع...
  • بعد 2 شهور...

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...