اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الكهف(قصة قصيرة)


crossfield

Recommended Posts

استيقظت فى تمام الساعة الرابعة عصراً على صوت يد تقرع باب غرفتى بحدة . إنها يد أمى التى أقلقها نومى حتى هذه الساعة المتأخرة .دخلت أمى الغرفة عابسةً و هى تصرخ فى وجهى: في حد ينام لحد دلوقتى؟ و خرجت وهى تتمتم بكلمات غير مسموعة و لكننى أستطيع أن أخمنها. عدت مرة أخرى إلى فراشى بعد أن أحكمت غلق باب غرفتى … لا أدرى سر حالة النعاس المستمرة التى انتابتنى فى الأيام الأخيرة… إنه ليس بالنوم العميق و لكنها حالة وسط بين النوم و اليقظة ؛حالة تشعر فيها بكل ما يدور حولك و مع ذلك فأنت لست مستيقظاً و لست نائماً . كنت أريد أن أنبه أمى إلى أننى سأعاود النوم ثانيةً و أنى لا أريد أن تكرر محاولة إيقاظى مرة أخرى و لكننى رأيت أن ذلك قد يؤدى إلى نتيجة عكسية فاستعنت على أمرى بالكتمان و فى هدوء سحبت الغطاء على ثانيةً فاحتضننى بدفء …تذكرت حيلى و أنا طفل صغير عندما كنت ألوذ بالكسل و النعاس حتى لا أذهب إلى مدرستىو شعرت بلذة هائلة و أنا أقرر ببساطة أننى لن أستيقظ الآن رغم أن الوقت متأخر و رغم أن لدى الكثير من الارتباطات و المواعيد.و عقدت العزم …و ماذا لو لم أستيقظ اليوم و ماذا لو واصلت النوم لأيام متتالية ؟ لا شك أنك أنت الوحيد القادر على تحديد عدد ساعات النوم التى تحتاجها أوحتى التى لا تحتاجها.. .جذبت الغطاء على وجهى و حجبت جسدى كله عن العالم الخارجى …وعندئذ شعرت بأنفاسى الدافئة تصطدم بالغطاء ثم ترتد مرة أخرى إلى وجهى فيمتد تأثيرها الدافئ إلى باقى أجزاء جسدى …وواصلت هذه العملية من التدفئة الذاتية حتى وجدتنى أنتقل تدريجياً إلى حالة الغيبوبة تلك-حالة الوعى و اللاوعى…عندئذ وجدتنى مرة أخرى فى نفس الصحراء القاحلة التى كنت أعدو فيها منذ قليل …لا زلت على هذا النحو من العدو و اللهاث دون توقف…أبحث عن لا شئ…و لكننى أواصل العدو دونما توقف و بينما أنا كذلك إذا بى أرى على المدى كهفاً فى ذات الوقت الذى استمع فيه إلى صوت عال –لا أعرف عمن أو من اين يصدر-لكنه صوت كاد يصيبنى بالصمم…يا أنت !إلى متى؟ …هكذا كان يقول.

تلفت حولى فلم أر أحداً …أصابنى الهلع…تصببت عرقاً …كدت أفقد الوعى من الفزع …و لكن سرعان ما عاود الصوت النداء :

-اهدأ …لا تخف…عمن أو عما تبحث؟

فأجبت بصوت خفيض لا يخلو من القلق و الخوف: لا شئ …لا شئ…لا أحد.

فسارع إلى سؤالى :ففيم العدو إذاً ؟ ألا تعلم كم تعبت من عدوك هذا؟ ألا تعلم كم أسأم منك ومن أنفاسك المحترقة عدواً؟

فسألته فى توجس: من أنت؟

فأجابنى بلهجة لا تخلو من التعجب: من أنا؟ ألا تذكرنى حقاً؟ أنا أنت …يا هذا كفاك؛لقد سئمتك.

فأجبته متسائلاً: و لكن…ما عساى أن أفعل؟

-لا أعرف …لكن لا جدوى من عدوك هذا …اركن قليلاً إلى الراحة و الهدوء…ألا تعرف شيئاً عنهما؟

عندئذ …لا أعرف ماذا حدث …فقدت الوعى و ما أن أفقت حتى وجدتنى داخل هذا الكهف الذى كان يبعد عنى كثيراً منذ قليل …أفقت …تلفت حولى …لا شئ …لا شئ سوى رمال و صخور . قمت …أخذت أعدو من جديد داخل هذا الكهف المظلم و لا مخرج…لقد ضعت من جديد داخل هذه المتاهة …و لا مخرج …أخذت أصرخ :يا أنت ؛يا أنا …ماذا فعلت بى؟ أخرجنى من هنا …أخرجنى من هنا…

عندئذ أجابنى الصوت من جديد :

لا مخرج من هنا … آن الوقت لتشاركنى الحياة في هذا الكهف …لقد حبستنى فيه منذ أعوام طويلة و مللته فى البداية و لكننى ألفته مع مرور الوقت … لا عليك …مع الوقت ستألف الكهف و تتلاشى مثلى…ستصير مجرد صوت مثلى… ستجده أفضل كثيراً من العدو دون جدوى…

صرخت:اللعنة…أبداً لن أكون رفيقك…أخرجنى من هنا …أخرجنى…

و أخذت أعدو يميناً و يساراً و أنا أدفع جدران الكهف بجسدى الهزيل عبثاً…و مضيت فى عملى هذا دقائق أو ربما ساعات أو أيام أو سنوات…لا أدرى…وأنا ألهث دون أن أتوقف عن إزاحة الرمال و الصخور التى أخذت تنهال على جسدى بيدى تارة و بجسدى كله تارة أخرى…و هو …و أنا…لا نتوقف عن الأنين و الصراخ …استمر …استمر… و أفقت من نومى و أنا أمسح بيدى على جسدى الملقى على الأرض.

أنا كنت شىء وصبحت شىء ثم شىء

شوف ربنا .. قادر على كل شىء

هز الشجر شواشيه ووشوشنى قال :

لابد ما يموت شىء عشان يحيا شىء

عجبى !!

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...