اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

محمود درويش .. دمعة في مآقينا ..


Recommended Posts

محمود درويش .. دمعة في مآقينا ..

محمود درويش .. دمعة في مآقينا ..

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-

هكذايسلبنا الموت أجمل مافي الحياة ، لنرتد سريعاً نحو هاوية سحيقة ، نبذل الجهد كي نصعد ونصمد ، نمسك في فراغ الهواء ، لكن الحبال كلها ملفوفة حول أعناقنا ..

نود لو تتمرد لحظات ما قبل النهوض فنلقي من حولنا كل شئ قد ازداد عبوساً ..

برحيل نجمنا الذي عشق ثري الوطن المعتصب من قٍبل شرذمة البشر ، وكنب القصائد الصحاح التي أضحت في ديواننا العربي مرآة للحقيقة المرة ، الحقيقة التي تصفعنا صباح مساء كي نفيق من غيهب الإندحار والإنتحار اليومي علي معابر ماكنا ذات يوم وضعناها في حسباننا ، لكنها فرضت علينا ، جعلتنا نتسول منهم الحماقات ومزدري بعضنا البعض ..

كان وجه مارسيل خليفة ينضح بالأسي وهو يغني :

ـ أحن إلي خبز أمي

فتشتعل في روابينا المهج ، وتتدلي من شفاهنا الدهشة ، فنبكي علي زمن فقدناه وتلك البراءة التي انطوت تحت أشرعة البحار الدافقة ..

لم يحتمل قلب محمود درويش تلك العملية الجراحية ، والجراحات العميقة التي أدمت من قبل صدره واحتلت فؤاده ، أدمته حتي أنه ظل وهو المقاوم ، يبتسم في وجوهنا رغم المرارات التي في الحلق تسكن ..

كلهم ترجلوا عن جيادهم واتجهوا في كل الجهات وتلعثموا في نطق الحروف ، وتوقفوا بالساعات عن محطات المدن ، وأغلولقت دونهم الأبواب ، لكنه حمل علي كتفيه النحيلين عبءالقضية كصخرة سيزيف ، معذباً كان ، مشنوقاً ورأسه لأعلي لاهثاً خلف أوراق القصيدة ، في بيارات فلسطين ، وشوارع القدس ، وعند رام الله ، كان يبكي وحده ، وحين يواجهنا يبكينا ..

يثير فينا المروءة ، يرمي لنا القداح فتلهو تارة ، وتارة أخري ينتظر أن نفوز ، ويفوز هو ، ويسقينا بعدها مرارة الغياب وحنظل الشوق :

ـ سجل أنا عربي ..

من ذا يسجل بعده أعمق مآسينا ، لا يترك علي الجرح ملحاً ، ولا يتركنا ننزوي ، نغلق العيون علي دمع المآقي ..

كان محمود درويش ـ كلنا ـ يحمل عذاباته ولا يحصي مفاخره ، ويمضي كما الطوفان ،يسلك الدروب درباً درباًولا ينحني ، ثم لا يلبث أن يمسك بقلمه ليكتب ، أي شئ يكتب ؟

يكتب ثم يكتب ، ثم يكتب ، لكنه لم يكن بعد قد فرغ من كتابة قصيدة الإنتصار ، قصيدة ربما لن تكتمل ونحن نحمل علي كواهلنا مرارات من حزن لا يواري ،ليظل تحليقنا في سماوات تقيدنا بفعل أو بغير فعل ..

مات محمود درويش إلا أنه لن يفارقنا مهما غاب نوره ومهما كفت أساريره عن بث روح البهجة في نفوسنا ، وروح الإنتصارلمطاردة الخفافيش التي لا تكف عن وأد أحلامنا ..

كان محمود درويش وسيظل ساكناً في جوانحنا ، بين مآقينا ، ولن يغادرنا فهو كالدمعة الساكنة في محاجر العيون لن تنزل أبداً كي تسبح فيها أحلامنا وآمالنا ، وليصبح محمود درويش كخبزنا اليومي ، كالدم المراق ، كالماء الرقراق ، كالهواء كالأشواق ، لأنه يسكن متربعاً بين حنايا صدورنا ..

ـــــــــــــــــــ

محمد عبده العباسي

بورسعيد / مصر

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...