Sherief AbdelWahab بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 "كل الناس لا تثق بالحكومة...أي حكومة... الكل يهاجم كل من في السلطة و يصفهم بالفسدة و اللصوص وهذا هو سبب كل مشاكلنا..." كلام سمعته...و حير بالي للغاية...و دفعني لكتابة موضوع هنا في هذه الزاوية... لا أنكر أن نصف الكلام صحيح...عضدته تجارب سابقة مع الحكومات في العهد الناصري و الساداتي... لكني أسأل: هل نحن متجنون على الحكومة في المناقشات التي ملأت أقسام المحاورات هنا؟...هل لا نزال متأثرين بالصورة التي صنعتها التجارب السابقة و مانشيتات عادل حمودة و غيره من صحفيي الأجنحة المتناحرة داخل الحزب الوطني...و التي وصلت إلى درجة الطلب من حكومة عبيد أن تذهب إلى الجحيم؟ خلص الكلام Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
ragab2 بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 طبعا ليس كل ماتفعله الحكوما شرا وبيلا وحتى مشكلة البطالة والفقر الى نتهم الحكومة بها لها وجها حسنا فى زيادة روابط الأسرة وتواجد الشباب لفترات طويلة فى منازلهم بين أهلهم وكلنا نعرف أن الأسرة هى نواة الدولة ان تفككت تفككت الدولة وهذا هو الوجه المشرق الذى ربما قصدته مصر أكبر من نظام الحكم الفردى الديكتاتورى الإستبدادى الذى فرضه علينا عسكر حركة يوليو فى الخمسينات وصار نظاما لحكم مصر برنامج الرئيس الإنتخابى لإسكان فقراء الشباب .. سرقه مسؤولون وزارة الإسكان مع المقاولين ..! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Mohammad Abouzied بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 يوجد فساد في الاجهزة الحكومية هذه حقيقة لا جدال فيها ومن يقوم بهذا الفساد اليس موظف الحكومة الي هو مواطن عادي وهو فرد من الشعب الي بيعاني برضه من الفساد وعلشان كدا لازم هو كمان يكون فاسد علشان يقدر يعيش وطيب ومين الي يقدر يوقف حلقة الفساد مفيش غير الوزير وازاي يوقف الفساد اذا كل واحد بيعمل معاه برضه فاسد يبقى لازم يضحي شوية ويتعب ويتابع بنفسه ويصلح الي يقدر عليه وهكذا تدور حركة الاصلاح طيب يتعب نفسه ليه ما هو كمان يعمله قرشين طالما كل الي معاه فاسدين وهايغطو عليه ودي فرصه متتعوضشي اذا كان عنده ضمير هايرفض واذا مكانشي هايقبل يبقى الحكومة الي متصلحشي تستاهل ننتف فروتها هنا يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
se_ Elsyed بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 بص يا هشام ... المعادلة بتقول أيه 1+1= 2 ، بمعنى أن لو فيه حكومة كويسة ده هاينعكس على حالة الناس المادية والنفسية ، وأديك شايف الحالة اللى وصلت لها مصر والسبب الرئيسي هو الحكومة الفاسدة من القمة الى القاع. نحن لا نهاجم الحكومة لأنها عجزت عن توفير لنا الكافيار أو السيمون فيميه ... ولكننا نهاجمها لأنها عجزت عن توفير الحد الأدنى من متطلبات الشعب وبالتالي أصبح لدينا على سبيل المثال جيوش جرارة من العاطلين المتخرجين من الجامعات وتدهورت عملتنا النقدية حتى وصلت للحضيض وأستشرى الفساد الإداري على جميع المستويات ........... هـــــــــــــيه نقول أيه ولا أيه . لكن أرجع وأقول نحن جميعاً مشاركين فيما يحدث بشكل أو بأخر. الأحـــرار يؤمنون بمن معه الحق .. و العبيــد يؤمنون بمن معه القوة .. فلا تعجب من دفاع الأحرار عن الضحية دائماً .. و دفاع العبيد عن الجلاد دائماً رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
White heart بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 se_ Elsyedأصبح لدينا على سبيل المثال جيوش جرارة من العاطلين المتخرجين من الجامعات ومن المسئول عن "انتاج" هذة الجيوش من اساسة؟! الحكومة برضة؟! ... أن واحدة من آساليب النُظم الديكتاتورية هى : وهى بكل أسف كانت ومازالت مٌنتشرة ومُستخدمة في بلدنا الحبيب وعلى كافة المستويات بلا إستثناء ! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
الطفشان بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 "كل الناس لا تثق بالحكومة...أي حكومة...الكل يهاجم كل من في السلطة و يصفهم بالفسدة و اللصوص وهذا هو سبب كل مشاكلنا..." وجود حكومة - و لو فاسدة - امر لابد منه و لكي تعلم ضرورة وجود حكومة، انظر ماذا حدث في بغداد من سلب و نهب و فوضى الظالمة هناك و لكن ما يقال اعلاه مما سمعته من اصدقاء و معارف يدخل في باب التماس الاعذار و لوم الضحية فهي كلمات حق يراد بها باطل تماما كما يورد ابواق الحكومة مقولة "كما تكونوا يولى عليكم" او "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" و هو كلام حق و لا شك و لكن استخدامه على سبيل "انتوا تستاهلوا اللي انتوا فيه" كعذر في بقاء الوضع على ما هو عليه، فهو باطل بلا شك، و القاء الكرة في ملعب الشعب مرة اخرى، و نفي الخطأ عن الحاكم و الحكومة الشعب اراد الحياة و القيد انكسر رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
lالمطحون بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 ام يبقى مجموعة العجزه اللى ماسكين الطابونه دول نلتمس ليهم اى عزر فيما نحن فيه من خراب معلش ده سؤال غبى وسازج لان علشان اقول ان حكومة امريكا وحشه من ناحيه فلازم تتغير وتعاقب ولكن اصحاب الطابونه عندنا بيربربوا وشعرهم بيسود وهما فى ارزل العمر وفاكرين نفسهم فى العشرينات ومن هنا انا شايف ان دى مش حكومه دى طابونه بالثلث رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
crossfield بتاريخ: 18 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 18 مايو 2003 كل حكومة ليها مساوئها و ليها حسناتها مساوئ الحكومة الحالية مالية مداخلات المنتدى لكن ايه الحسنات ؟ مترو الأنفاق؟ توشكى؟مين المستفيد الفعلى منها؟ مصريين و الا عرب؟ شوية كبارى علوية؟ ايه يعنى؟ هوه ده حصاد الهشيم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وطدنا علاقتنا بالدول العربية بعد سنين من العزلة؟ يا فرحتى.عملنا ايه فى الواقع عشان نستفيد من العلاقات دى؟ شوية قروض على شوية هبات و تبرعات؟ لما بتخلص بنمد ايدنا و ناخد تانى و هكذا . التكدس السكانى مش مشكلة الحكومة ازاى؟ هى صحيح مش السبب فيه لأن الحكومة بتبذل قصارى جهدها لتقليل عدد السكان لكن الزيادة السكانية دى ممكن تكون ثروة بشرية فعلية ؛اشمعنا الصين مبتشتكيش من الزيادة السكانية ؟ ايه اللى زانقنا كلنا فى شريط الوادى ؟فين استثمارنا الصح لمواردنا؟ ايه الاصلاح اللى تم فى التعليم أو الزراعة أو الصناعة...؟ مين اللى متحامل على مين يا أخ شريف؟ أنا كنت شىء وصبحت شىء ثم شىء شوف ربنا .. قادر على كل شىء هز الشجر شواشيه ووشوشنى قال : لابد ما يموت شىء عشان يحيا شىء عجبى !! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
crossfield بتاريخ: 19 مايو 2003 تقديم بلاغ مشاركة بتاريخ: 19 مايو 2003 معلش يا أخ شريف أصل سؤالك لسه مستفزنى ؛اقرا الكلام ده يمكن تغير رأيك: المقاهى محطة المطار السرى! تحقيق مجدى الجلاد: جلست أستمع إليه بشغف وهو يروي لي حكاية لا تبدو ذات صلة بموضوعنا.. سحب نفس دخان من الشيشة وقال: كانت مصر تغلي في سنوات حرب الاستنزاف, وكان كل المصريين يقفون خلف جيشهم, ورغم ذلك فلم نكن نتوقف عن الكلام والثرثرة, وتناقل الأخبار وكأننا لا نحارب.. وكان طبيعيا أن تري وتسمع كمساري أتوبيس نقل عام يصيح في الركاب قائلا: اللي نازل محطة المطار السري.. وبمنتهي البساطة والتلقائية يتوقف الأتوبيس أمام المطار العسكري السري ويتحرك الركاب للهبوط دون أن يسأل أحدهم نفسه أو الآخر سري ليه وإزاي وكلنا نعرف موقعه!! لم يكن في مصر أسرار.. وليس فيها الآن أكثر من الشائعات والأقاويل.. هكذا يؤكد عم حسين الجالس دائما علي مقهي المعاشات بميدان الدقي.. يشرب الشاي والينسون ويدخن الشيشة, ويجمع أحاديث الجالسين لينقلها في المساء لزوجته العجوز كي تتسلي هي الأخري.. لكنهما أصبحا لا يتسليان بما ينقله لها في هذه الأيام.. فالنوادر الجميلة اختفت.. وفضائح وأشرطة حسام أبوالفتوح والنساء وترويج الفياجرا والبانجو في المقاهي توارت وحلت محلها حكايات لا تسر عدوا ولا حبيبا. الجالسون هنا- يشير عم حسين إلي أركان المقهي القديم- باتوا يتبادلون الإحباط والامتعاض مع أنفاس الشيشة.. لذا فهو لم يعد ينقل لزوجته كل شيء.. يشفق عليها لأن لهما ثلاثة أبناء يعاركون الحياة مثل الجالسين علي المقهي.. أكبرهم متزوج وله ابنان ويعمل محاسبا في شركة قطاع خاص توشك علي الإفلاس تصدق ياابني إنه يتحصل علي راتب شهر أو اثنين في السنة كلها, ومع ذلك أنصحه بعدم ترك الشركة المتعثرة, فالحياة علي شفا حفرة أفضل من السقوط في القاع.. وا لقاع الذي يقصده عم حسين هو البطالة, ورغم ذلك فهو وابنه البكري ينتظران قرار تصفية جديد يشمل الابن ويسقط به في القاع. الابن الثاني سلك طريقا مختلفا, لكنه التقي بأخيه عندالحفرة.. فهو يكافح منذ سنوات التصحروالبيروقراطية في قطعة أرض بور أخذها من الحكومة.. أما الثالثة فهي متزوجة من موظف في وزارة الأوقاف, يذيقها مرارة الذل الذي يسقيه له رؤساؤه الكبار كل صباح. يحكي عم حسين ويحكي.. لكنه لا يعلن غضبه.. فأحواله هو وأبناؤه أفضل كثيرا من المترددين علي المقهي.. فهو يكاد يلملم أحاديثهم المتناثرة عن ضيق الحال وأبواب الرزق التي أغلقت وفلوس البلد التي سرقها أشخاص نعرفهم جيدا ونشاهدهم في التليفزيون ونتابع فتوحاتهم في الصحف. ولكن عم حسين يهوي متابعة أحاديث الجالسين عن الحكومة التي فعلت كل الأسوأ ولم تتغير, لذا يجتهد الجميع في التكهن بإمكانية حدوث تغيير وزاري قريب, ويتبادلون الأسماء وكأنهم يعرفون مميزات وعيوب كل مرشح, بعضهم يرشح د. أحمد جويلي لرئاسة الحكومة, وآخرون يتوقعون وجها جديدا, بينم ا يقطع البعض أن نفس الوجوه الموجودة منذ20 عاما سوف تبقي مع تغيير بعض الكراسي. ويحلو لـ سيد القهوجي الذي يدخل في حوارات ساخنة مع عم حسين وغيره من الرواد أن يرتدي ثوب العالم ببواطن الأمور.. وحين نكشته بكلمات قليلة فاجأني باجتهاداته البلد رايحة علي غريق, هكذا يؤكد ويضيف: والله يا بيه إن معلوماتي تؤكد أن الكام قضية اللي مسكوها في البنوك والوزارات مجرد كاموفلاج علشان الكبار يكملوا مشوارهم, وهيه كمان تصفية حسابات لتهديد بعض الرءوس الكبيرة, حتي قضية حسام أبوالفتوح ودينا والشرايط اللي ملت السوق طلعت علشان فيه ناس كبيرة حبت تضرب الاثنين وتلهي الناس بالكام شريط.. الهجايص غير أن كلام عم حسين عن المقهي ورواده وحكاياته أرغمني علي تغيير نظرتي إلي هذا المكان.. فبينما كنت أبحث عن ثرثرة أحوالنا وآلامنا بين زوايا المقاهي.. أصبح السؤال: لماذا نذهب إلي المقهي؟.. ماذا نقول فيها؟.. وكيف تحولت إلي معدة تهضم دائما غضبنا بكفاءة عالية؟! الإجابة لم أجدها في مقهي المعاشات, فالمشهد هنا يشبه السينما الصامتة, يتحدثون بهمس وكأنهم سئموا البوح والشكوي, لذا كان طبيعيا أن أنتقل إلي مشهد آخر. في شارع فيصل يمكنك أن تدرك بسهولة أن المقهي بضاعة لا تبور, فهذا الشارع المدهش أكبر دليل علي مكانة المقاهي في قلوب المصريين, فهو يضم مقاهي يفوق عددها أعمدة الإنارة, ومع ذلك فلكل مقهي رواده وعشاقه, وعم فاروق السمسار هو أحد عشاق مقهي يتوسط الشارع الطويل, فهو يمارس نشاطه هنا علي مدي16 ساعة يوميا, من الصباح الباكر إلي منتصف الليل, يلتقي زبائن الشقق والأراضي, ويوفق بين البائع والمشتري ليقبض عمولته, وهو بذلك يعبر عن شريحة كبيرة باتت تتخذ من المقهي مقرا لنشاطها باعتباره ملتقي الجميع. وفاروق يهوي متابعة ومراقبة الحياة من مقعده في المقهي, ويشترك في هذه الهواية مع القهوجي أبوعبده الذي تحول إلي فيلسوف من فرط ترديده للعبارات الساخرة وهو يمر بين الرواد, ولأن العشرة طويلة بين الاثنين- فاروق وأبوعبده- فقد نشأت بينهما لغة خاصة لا يفهمها سواهما, يرمي أبوعبده وهو يمر سريعا كلمة غريبة يفهم منها فاروق أن الجالس في الركن الأيمن يعاني حالة بطالة طويلة, وبالتالي فالأفضل عدم تجاذب الحديث معه لأن الهم طايل الكل علي حد تعبير فاروق. ويعترف أبوعبده القهوجي بأن البطالة تفيده كثيرا وتزعجه أكثر, فهي توفر له عددا من الرواد في الوقت الميت صباحا, لكنهم ينتمون لفئة من الزبائن يحلو له تسميتها خفافي, إذ يكتفون بكوب شاي واحد وحجر شيشة يشربونه حتي النخاع, وهم أيضا لا يدفعون بقشيشا, وأبوعبده نفسه لا ينتظر منهم شيئا, ويعلق علي ذلك بخفة دم إيش ياخد الريح من البلاط. أسأله عن أحاديثهم فيرد بتلقائية: دول كتروا قوي يا بيه في الفترة الأخيرة, زمان كان يقعد علي القهوة خمسة أو ستة في وقت الظهر, أما الآن فالعدد في الليمون, يجلسون في صمت دائم, وإذا تحدثوا تسمع منهم العجب, معظمهم زهقوا من البحث عن شغل, وبعضهم اشتغلوا شوية في مصانع وشركات ثم فصلوهم قبل وبعد الحرب, إمبارح سمعت ثلاثة شبان يتحدثون عن الحكومة وكأن بينهم وبينها تار بايت, فقد سأل أحدهم عن فرص العمل التي تعلن الصحف عن توفيرها في الوزارات والمحافظات, فانفجر الثاني بسيل من الشتائم, وأقسم الثالث أنها كذب في كذب, وأنه قدم أوراقه في كل هوجة تعلن عنها الحكومة ولم يسأل عنه أحد, وبعد الغضب والإحباط تحول حديثهم إلي التنكيت علي صدام حسين والصحاف والست الأمريكية السودا- يقصد كوندواليزارايس- والبنات والجنس والزواج العرفي والفياجرا. الحكومة.. الله يسامحها اعترافات القهوجي أبوعبده ترسم صورة للمقهي في الصباح, حيث العابرين سريعا أو الجالسين بين فكي البطالة, ولكن في وقت المغربية تستقبل معظم المقاهي فئة أخري من الرواد كانت لها شنة ورنة في زمن ما, إنهم الصنايعية والحرفيون الذين صعد نجمهم منذ السبعينيات وحتي نهاية الثمانينيات, هؤلاء أيضا لهم أحاديثهم التي تفضح أحوالنا, أحدهم يعمل في المعمار ويشكو دائما من ضيق الحال والرزق, فقد ذهبت أيام البناء في المدن الجديدة والعمارات الشاهقة, لذا فالشقق والفيلات التي ارتفعت في كل مكان لا تجد من يسكنها, وكذلك العمال وطايفة المعمار لا تجد من يطلبها, ورغم أن الرجل يعمل في البناء منذ20 عاما, فقد عجز عن تحديد المسئول عن هذا الركود العقاري, وعندما تزنقه في الكلام يفاجئك بإلقاء اللائمة علي الحكومة بقوله: هيه الحكومة الله يسامحها, وقفت حالنا وخربت بيوتنا. أحاول استفزازه أكثر وأسأله: إزاي ياباشمهندس؟! فيجيب: ده سؤال يا بيه.. انته متعلم وفاهم, دي الحكومة كل يوم صباحي ترفع أسعار الأسمنت والحديد, وكمان لما تحب تبني عمارات ومدن للشباب تروح تبنيها في الصحراء وتوزعها علي محاسيبها, وفي الحالتين تفضل مسكونة بالعفاريت, بينما الناس يبحثون عن خرم إبرة يسكنون فيه يبقي عايزنا نشتغل إزاي, والله زمان ما كنا بنلاحق علي الشغل, أما اليومين دول فقد وضعتنا الحكومة في دماغها ولازم تجيب داغنا. البوح إذن فالحكومة حسبي الله ونعم الوكيل فيها هي التي تغضب كل رواد المقاهي- العواطلي والصنايعي- والاثنان يأتيان كل يوم إلي المقهي كي يشربا ويدخنا ويتحدثا ويتركا همومهما علي المقاعد الخشبية, فلماذا لا تكون الحكومة هي التي وراء فتنة المقاهي؟! ابتكرتها ونشرتها في كل شارع وحارة كي نغضب فيها ونلعن أيامنا وأيامها ثم ننصرف هادئين سالمين بعد تفريغ شحنة البوح والغضب. شيء من ذلك ربما يكون صحيحا, والتاريخ يؤكد ذلك, ففي عصور الفراعنة عرف المصريون الإله الفرد الحاكم والمعبود والمقهي معا, إذ كان المصري القديم يقضي نصف اليوم كاملا- بعد العمل تحت أوامر الحاكم- في المقهي يستمع إلي آلة الهارب الموسيقية الفرعونية, ويتناول عصير العنب وهو يناقش أحوال البلاد وأخبار الفيضان وأوامر الفرعون, وحين جاء الاستعمار الروماني تحول المقهي إلي خان قد يستضيف المسافر لعدة أيام ويوفر له المنام والمأكل, ويحظر عليه الحديث عن القمع الذي يتعرض له علي أيدي المستعمرين. وفي العصر الإسلامي ارتبط المقهي بالجامع, إذ كان المصريون يبنون مقاهيهم في أحضان الجوامع لمناقشة أمور الدين والدنيا بحرية تامة, وإذا كانت المقاهي قد شهدت ازدهارا في العصر الفاطمي مثل مختلف مناحي الحياة, فقد جسدت في العصر المملوكي التحولات التي طرأت علي المجتمع المصري, حيث ظهرت لأول مرة المقاهي الأجنبية بعد دخول عناصر جديدة في نسيج الأمة, ويذكر المؤرخون أن المصريين جعلوا للمقهي دورا كبير ا في لم شملهم ضد القهر المملوكي, وتحولت المقاهي إلي أماكن لتجميع الناس لرفع مظالمهم وتفعيل دور المقاومة الشعبية, ويقول الجبرتي: إن من بين عمليات تأديب المصريين التي كانت تمارسها سلطات الحملة الفرنسية إغلاق المقاهي وإجبار الناس علي النوم مبكرا. الثورة وفي موسوعة وصف مصر التي وضعها علماء الحملة الفرنسية نجد أن مدينة القاهرة وحدها كانت تضم1350 مقهي, بينما كان عدد سكان القاهرة وقتها لا يتجاوز الثلاثمائة ألف نسمة, لذا يربط المؤرخون وعلماء الاجتماع دائما بين تزايد أعداد المقاهي وتصاعد القهر والظلم في المجتمع, ويبدو ذلك واضحا في تصاعد دور المقهي في الحركة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر, إذ كان ملتقي الزعماء الوطنيين والثورجية, وهو ما دفع سلطات الاحتلال إلي إغلاق العديد من المقاهي ومصادرة أملاك أصحابها لأنهم كانوا يستضيفون عبدالله النديم وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده, وبعد ذلك أنصار سعد زغلول الذين اتخذوا المقاهي غرفا لعمليات ثورة.1919 النشاط السري ويبدو أن المصريين الآن باتوا أكثر حنينا لأجدادهم الفراعنة, هذا ما يؤكده الدكتور علي فهمي أستاذ علم الاجتماع والمستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية, إذ يري أن دور المقهي ربما يكون قد تراجع كثيرا في مجال العمل الوطني, بينما تنامي كوعاء للغضب والبوح العام من شدة الأيام وقسوة الظروف, لذا فإن أحاديث المقاهي يمكن الاستناد إليها كمؤشر صادق علي اتجاهات الرأي العام, ليست الأحاديث وحدها وإنما الأنشطة والسلوكيات أيضا, فالملاحظ خلال السنوات الأخيرة أن المقاهي تحولت إلي أماكن لممارسة نشاط اقتصادي سري يسمي الاقتصاد الموازي, والذي لا يخضع لأي قوانين, والقائمون به من البسطاء الذين يفتقدون القدرة علي إنشاء مكاتب خاصة, مثل المدرسين والدروس الخصوصية والسماسرة, وبعض العمال الحرفيين ومقاولي الأنفار, لذا فإن المقاهي تلعب- خصوصا في ساعات النهار- دورا اقتصاديا لإبرام الصفقات سواء المشروعة أم غير المشروعة. وفي المساء قد تلعب دورا أكبر في العمليات المشبوهة كتجارة المخدرات والدعارة ولعب القمار, ولكن الظاهرة الجديدة أنها باتت مكانا ملائما لترويج الأفكار والقيم الأخلاقية الطارئة بين الشباب مثل الزواج العرفي والسري, حتي إن بعض المحامين المنحرفين يتخذونها مركز ا لممارسة أنشطتهم في إتمام عقود الزواج العرفي وتوفير الشهود وأماكن السكن أو اللقاءات بين الزوجين إن أرادا. الدولار والالتهاب الرئوي انتهي كلام د. علي فهمي.. ولكن جلسات المساء في مقاهي القاهرة يصعب أن تحدد موعدا ثابتا لنهايتها, فالأبواب تغلق مع آخر زبون ينهض عائدا إلي بيته, وفي ساعات الليل يحلو للمصريين استدعاء رصيدهم الثري من السخرية والتنكيت علي أي شيء وكل شيء.. في حارة جوانية متفرعة من شارع26 يوليو يفيض المقهي الصغير برواده فينثرهم علي الرصيف مزدحمين إلي حد الالتصاق. هنا.. يمكنك أن تسمع كل كلمة تقال وأن تتحدث مع من تشاء, أربعة تحلقوا لتوهم حول لعبة الدومينو, نزل الشاي وهبطت الشيشة, وضع كل منهم مبسمه في فمه وبدأت السهرة.. قال أحدهم: - هيه.. عادة ولا أمريكاني فرد الثاني: خليها أمريكاني مع الجو اللي ماشي فقال الثالث: ربنا يجعل أيامنا كلها أمريكاني زي العراقيين. ضحكوا.. وبدأ اللعب هادئا, وتسللت الكلمات تلقائية والعبارات عفوية: إيه أخبار البلد اليومين دول؟! سأل أحدهم فأجابه آخر ساخرا: بلد.. هيه فين البلد دي يا حاج.. الدولار وصل سبعة جنيه, وكيلو الزيت بسبعة جنيه, وحلويات مولد النبي زادت أسعارها علشان الدولار, الظاهر بيشتروها من البرازيل, والسجاير الأجنبي بتزيد ربع جنيه كل ما تشرب سبع سجاير, والالتهاب الرئوي المتخفي مادخلش مصر.. انته عارف ليه؟! فسأله الآخر: ليه يا خفيف؟ فقال: علشان وزير الصحة بتاعنا جامد قوي, ورفض يديله تأشيره!! تعلو الضحكات أكثر.. ثم يقول أحدهم: أنتم عارفين حسام أبوالفتوح كان بيصور نفسه مع الستات ليه؟! فيرد نفس الشخص: ليه يا خفيف؟! فيجيب: علشان يثبت للبنوك إنه بيشتغل بفلوسهم! فيرد آخر: والله راجل وطني.. مش أحسن ما كان يهرب بفلوسهم بره زي رامي لكح. فيقول الرابع: طيب أنتم عارفين رامي لكح مارجعش بالفلوس من بره ليه؟ - ليه يا خفيف؟! - علشان هوه رامي لكع!! تهتز جدران المقهي القديم من ضحكات المتحلقين حول الدومينو.. أتركهم يواصلون سخرية المهزومين ويمتد حديثهم إلي صدام والصحاف وبوش حين يقول أحدهم للآخر: نادي للوادالقهوجي يرص نار زيادة علي حجر الشيشة, فيرد: وليه الواد.. خد حتة فحم من عندي وآهي كلها نيران صديقة. أجلس بجوار الواد القهوجي.. اسمه مصطفي يري العالم علي الصينية التي يحملها حتي الفجر.. أسأله عن الناس وكلامهم ومشاكلهم فيقول: يتكلمون عن كل حاجة.. الحرامية اللي سرقو ا البلد وهربوا, والحرامية اللي سرقوها وماهربوش, الأيام السودا اللي جاية, الفقر وقلة الفلوس والبطالة والخناقات الزوجية في كل بيت بسبب ضيق الحال والرزق, أيام البركة اللي راحت, والأخلاق البايظة بين العيال الصغيرين, مثلا راجل كبير كان قاعد هنا من يومين, قعد3 ساعات كاملين يحكي لصديقه بصوت عال نسمعه جميعا عن ابنه اللي ضاع في الجامعة, اتجوز بنتين عرفي مرة واحدة, وانكشف لما أهل واحدة عرفوا الموضوع لأن البنت حملت منه, واضطر الراجل الغلبان يخلي الجواز رسمي وياخد الواد والبنت في شقته الضيقة مع إن الواد لسه في تانية جامعة. أسأل مصطفي: وأنت هل تزوجت؟ يجيب بحزن دفين: جواز إيه يا باشا.. أنا لسه عندي28 سنة, وبجري علي كوم لحم, أمي وأبويا المريض وإخواتي, بس عندي أمل الأحوال تتصلح والميه- يقصد الفلوس- تجري في جيوب الزباين علشان البقشيش يزيد, ساعتها هتجوز علي طول. يتركني مصطفي وينصرف لأكل عيشه, لكنه يتوقف في الطريق ثم يعود ليسألني في استكانة: إلا صحيح الأحوال المخابرات الشعبية فـي مصر! عدسة ـ عماد عبد الهادي موسي محمود إذا أردت أن تعرف ما يحدث في مصر الآن, فلا تفتح التليفزيون ولا تقرأ الصحف.. فقط افعل الآتي: خد دش ماء بارد لتهدئة أعصابك للرحلة, أدخل جسدك المنهك في بنطلون جينز وتي شيرت خفيف, وغادر منزلك فورا للقاء أعضاء أقوي جهاز مخابرات شعبي في العالم. افتح حوارا مصطنعا مع الزبال علي باب شقتك.. وعلي الفور سيتطوع بتحليل فطري وعبقري لدلالات ومؤشرات زبالتنا جميعا.. فالأزمة الاقتصادية تطل من كل الأكياس.. اتركه قبل أن يطلب منك ثمنا لكلامه, وشاور لأول تاكسي يمر عليك, سوف يقف حتما لأنه بات ينقب عن الركاب في الحواري والأزقة.. انكشه بعبارة واحدة عن البلد والناس والأخلاق ليفتح ماسورة الثرثرة والشائعات والمواقف التي تتساقط من الركاب.. سوف يتسرب إليك بعض الإحباط, لذا فعليك أن تفتح الباب وتقذف بنفسك إلي الشارع. لا تبحث كثيرا عن مقهي.. فليس هناك أكثر منها في مصر.. اجلس في أي مقعد واطلب ما تشاء.. قبل أن يأتيك القهوجي ستسمع أحاديث العاطلين والأرزقية وأرباب المعاشات, ونكات المتحلقين حول الطاولة والدومينو.. لا تترك شيئا يمر دون تحليل وتفسير. ادفع الحساب ولا تدفع بقشيشا.. ولن يغضب منك القهوجي, فأنت واحد من كثيرين يفعلونها الآن.. اذهب إلي الحلاق ولا تنكشه, فهو جاهز دائما لإخبارك بكل شيء, فقط حاول أن تحصل منه علي معلومات عن الآخرين, متي يحلقون وكيف وماذا يقولون.. ولماذا أصبحوا يدخنون سجاير كليوباترا ولا يعزمون عليه. إنهم.. معدة البلد التي تهضم كل الأحداث والشائعات الحياة في كيس زبالة! تحقيق ـ أحمد خالد من عادة الحقائق البسيطة, أن تبتعد عن الكلام الكبير فقد تختفي في كيس زبالة, لا يستطيع أن يفضه سوي الزبال, كما أنها قد لا تتجمع إلا أمام الحلاق, وهو يتأمل ما تساقط من رؤوس الناس وأفكارهم, كما أنها قد لا تظهر في لمعان بريقها, إلا أمام ماسح الأحذية, وهو يمسح عنها ما علق بأحذية البشر ونفوسهم, من غبار الأحداث. من عادة الحقائق البسيطة أن تحتمي بالبسطاء من الناس, الذين يعبرون عنها بالكلام البسيط, بعيدا عن فزلكة الكبار الذين تكرههم الحقائق البسيطة. هذه القاعدة يؤكد عليها خضر عبدالمنعم, وجرجس عياد, وهما من كبار الزبالين المخضرمين, الذين يملكون الحقائق البسيطة, التي أتت إليهما من أكياس الزبالة التي يقومون بفتحها وتأمل محتوياتها منذ ما يزيد عن نصف قرن تأمل فيها تغيرات وتطورات الحياة في مجتمعنا. ويقصدان ما نحن فيه, بالرجوع إلي الوراء كثيرا, حيث يؤسسان دون أن يعلما لفكرة القطيع, وهما يشرحان ما معناه أنه كما يعلم الجميع فإن الزبالة زادت بسبب زيادة السكان, وبالتوازي زادت السلوكيات السيئة التي لا تطاق, والتي ترجع إلي الإهمال الشديد وعدم الإحساس بأهمية السلوك العام وتأثيره وتعبيره عن قيم المجتمع. وكما يقول خضر: معني ذلك أنه لا توجد أحياء راقية, وأخري غير راقية, كما أنه ضاعت ملامح الأحياء الشعبية, وطغت عليها الملامح العشوائية, التي طفت علي الجميع, فقد ضاعت شخصيات الأحياء, وبالطبع سكانها في منظومة واحدة هي السلوك السيء. ويكمل جرجس قائلا إن الزبالة يا إما تكون فوق, يا إما تكون تحت, مفيش زبالة بين وبين, وهو ما يعني اختفاء زبالة الطبقة الوسطي, مع ازدياد التناقض الرهيب بين فئات المجتمع, وكما يقول جرجس: التناقض تلاقيه في الحي الواحد, يعني حي باب الشعرية, كان زمان فيه زبالة موحدة متقاربة شوية, دلوقتي تلاقي في العمارة الواحدة, زبالة مختلفة. ويكمل خضر: الزبالة بدأت تتغير مع السبعينيات تغيرا جوهريا, فمعها بدأت تختفي زبالة الاشتراكية يعني أتحدي أي واحد يلاقي ورقة تموين شمتو( نوع الشاي الذي كان يوزع في الجمعيات) أو بقايا سكر قوالب,لقد حلت مكانها زبالة المعلبات البولوبيف عند الغلبان, والكافيار عند الفاسد, وزادت كل المعلبات بشكل رهيب, وكلها معلبات وارد الخارج, وبداية من الثمانينيات لم تعد هناك زبالة مصرية, يعني أن كل المخلفات أصبحت تعبر عن منتجات أجنبية, وهو ما يدل علي تأثير الخارج علينا. لكن تأثير الخارج بلغ قيمته هذه الأيام, حيث أثر علي نفسية الزبالة. فمنذ العدوان علي العراق, وإعلان الحرب علي غلابة البلد بتحرير سعر صرف الجنيه, تغيرت أشياء كثيرة, فأول ملاحظة أن الزبالة قلت بشدة, فالبيت الذي كان يخرج منه10 أكياس زبالة في الأسبوع, أصبح لا ينتج أكثر من كيسين, وهذا أمر ملحوظ في غالبية مناطق مصر, لقد انخفضت الزبالة بنسبة90% منذ تحرير سعر الصرف, وهذا لا يعني ترشيد الاستهلاك, إنما نعتبره إنما تقتيرهأو قتله فالناس لم تعد تستهلك لأنه لم يعد في مقدورها توفير مستلزمات الاستهلاك, لكن مع ملاحظة أن هناك فئة معينة, لم تقل معدلات زبالتها بل إنها زادت, هذه الفئة تزداد زبالتها دائما مع الأزمات ويمكن حصرهم بالاسم لكن أمانة الزبالة تمنع من ذلك. مع ملاحظة أيضا أن هذه الفئة تميزت ومنذ سنوات طويلة, بالتنوع الغريب والمثير في زبالتها إلي درجة أن هناك أنواعا من الزبالة, لا تصنف لأن الزبالين لا يعرفون مدلول ما تحتويه, وإن كانت هناك أحيانا تصنيفات تقوم علي الشبه مثل الزبال إميل الذي وضع جزءا من زبالة ما علي أنه بقايا سمك, ثم عرف زبال خبير أنها بقايا طعمية مستوردة!! والمثير ما قاله جرجس أنه في خلال أسبوع تحرير سعر الصرف زادت زبالة الحفلات الفخمة التي أقامها بالطبع, من استفادوا من ذلك في قصورهم المتناثرة بين المنصورية ومصر الجديدة, غير أن الذي استغرب منه, أنه وجد مثل هذه الزبالة ولنفس السبب في أحد الأحياء الشعبية, وهو أمر غير مفهوم بالنسبة له حتي الآن, وإن كان قد وعدني بأنه سيخبرني حين يحل اللغز. لاحظ خضر أيضا أن العبوات قلت أيضا في الزبالة, ويرجع السبب في ذلك إلي عودة السايب مع تحرير سعر الجنيه, فبدلا من عبوات الزيت مثلا أصبحت هناك أكياس زيت, حيث لجأ الناس لشراء السايب, ربع كيلو, نصف كيلو سايب في كيس لتوفير فارق الثمن الناتج عن التعليب, وهو ما ينطبق علي السكر, والأرز, والعدس, كل شيء رجع إلي حالة السايب اتساقا مع قرار تسييب الخيبة. ومن الملاحظ أيضا انعدام البقايا التقليدية فاستهلاك الشيء يتم حتي نهايته تماما, فلم يعد هناك بقايا خبز في الزبالة, أو بقايا رز أو محشي, وربما يكون السبب في ذلك أن الناس بطلت تعمل محشي, أو أنها تأكله عن آخره, لقد انقضي عهد زبالة المحشي في شهر واحد, ولا يبدو أنها ستعود مرة أخري, ولا يرجع ذلك كما قلنا للترشيد, إنما لأنه مفيش. حلاقة الشنب علي مفيش وعلي السايب تغيرت زبالة مصر, أو زبالة أغلبية سكان مصر, منذ تحرير سعر الصرف, وعلي حلق الشنب يبدأ محمد سعد, ملاحظاته علي تغير عادات الحلاقة, منذ العدوان علي العراق, وكم يقول محمد سعد زبائن كثيرون طلبوا حلاقة الشنب منذ بداية العدوان وكما يقول ملاحظا: الزبون يقعد يحلق عادي وفجأة يطلب أن يحلق شنبه, في البداية لم أندهش لكن بداية دهشتي كانت في يوم لما خمس زباين حلقوا شنبهم مرة واحدة, والغريب أن الحلاقة كانت وراء سيرة الحرب مباشرة إلي درجة أنني صرت أعرف أنني حين أفتح موضوع العراق مع الزبون سيطلب مني حلاقة شنبه, لكن الغريب والمثير أيضا, أن هناك زبائن آخرين, أصبحوا أكثر اهتماما بالشنب بيطولوه ويكبروه, لكن القاعدة العامة هي الاتجاه لحلاقة الشنب, كما يلاحظ محمد أن هناك تسارعا في ضربات قلب الزبائن, الزبائن قلبها بيدق أكثر, هناك حالة توتر, حالة خوف, خوف شديد, الزبون لما يقعد علي الكرسي, تحس أنه قادم من مشوار طويل, طويل جدا, إنه كان بيجري. كما لاحظت لم نعد نتكلم هناك حالة صمت, عزوف عن الكلام, حالة شرود, الناس مسهمة! وإذا تكلم الزبائن, فإن الموضوع الرئيسي يبدأ هكذا حنعمل إيه وبالطبع السؤال يكون حول العراق, أو حول الجنيه, وينتهي دائما هكذا, إيه.. سلامو عليكو ثم أن هناك موضوعات اختفت من كلام الزبائن, مفيش كلام في الجنس, مفيش نفس, حالة عجز عامة, كما أن النكت لم تعد موجودة, أنا كنت في اليوم أسمع أو أروي عشرين أو ثلاثين نكتة, دلوقتي مفيش خالص. ويتدخل مساعده عزت وهو يلقي بعض الملحوظات منها أن هناك تباعدا بين مرات الحلاقة, فالذي كان يحلق مرتين في الشهر, بيحلق الآن مرة واحدة, ولا يترك بقشيش, وإذا ترك فإنه عادة يكون قليلا جدا عن الذي اعتاد تركه. في نفس الوقت تغيرت أنواع السجائر, ففي ظل الأزمة الاقتصادية الحالية أصبح الأغلبية يدخنون المحلي وليس المستورد, وإذا كان الزبون مازال يدخن المستورد, فإنه لا يعزم علي الحلاق كما هي العادة, ومع ذلك ازداد معدل التدخين, وعلي التوازي ازداد معدل الشائعات, هناك شائعات كثيرة. لكن الغريب كما يقول عزت, أن الزبائن بقت تكلم نفسها, كل واحد مع نفسه, يتمتم أو يتكلم بصوت عال, آخر زبون لقيته بيكلم نفسه ويقول: والله ما أنا رايح, طبعا لم أتدخل ولم أعرف الموضوع لكنه كان يحلف طول مدة الحلاقة, والله ما أنا رايح, وقبل أن ينصرف كان يقول: طيب مش رايح, إيه اللي يوديني مدينة نصر!. والأحذية أيضا وما يظهر علي رءوس الناس, ظهر علي أحذيتهم, كما يلاحظ ماسح الأحذية الذي يجلس في إحدي زوايا شارع الجلاء بالقاهرة فقد قل عدد الذين يمسحون أحذيتهم, كما أن زبائنه التقليديين لم يعودوا يمسحونها يوميا, في نفس الوقت زاد التراب علي الجزم, ولا يعود السبب إلي التلوث, أو عدم نظافة الشوارع, ما طول عمرها كده, لكن لأن الناس تغيرت في مشيتها, الناس بتغرز وهي تمشي, لم يعد هناك أحد يمشي معتدلا, إنما يمشي بطريقة خطأ تلم التراب من الأرض, وترفع من كمية التلوث, الناس بتمشي بتدور علي التلوث. أما أخطر ما في الأمر فهو حالة الرجلين رجلين الزبائن بقيت مهزوزة, بتتهز علي الصندوق, وتعمل زلزال, الناس أعصابها تعبت, ولم تعد ثابتة, أتحدي أي واحد في مصر, يثبت رجله علي الصندوق, ويضيف: دا مرض يا بيه, أصل المرض بينزل علي الرجلين. العيان دايما تلاقي رجليه مهزوزة وأعصابه مش ثابتة, وفي الأيام الأخيرة كل الناس رجليها مهزوزة, بترقص علي الصندوق, مفيش أعصاب, الناس كلها عيانه! [/sizeالأهرام العربى-17 مايو 2002 أنا كنت شىء وصبحت شىء ثم شىء شوف ربنا .. قادر على كل شىء هز الشجر شواشيه ووشوشنى قال : لابد ما يموت شىء عشان يحيا شىء عجبى !! رابط هذا التعليق شارك المزيد من خيارات المشاركة
Recommended Posts
انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد
يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق
انشئ حساب جديد
سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .
سجل حساب جديدتسجيل دخول
هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.
سجل دخولك الان