وفاة.. حالات إغماء.. غضب جماهيري..

[Mohammad Abouzied]

وفاة.. حالات إغماء.. غضب جماهيري..

محصلة الضياع الدرامي للقب الدوري

هجوم إنتحاري علي برج الإستقرار في الأهلي

قبول استقالة طارق سليم وبونفرير وعلاء عبدالصادق..

وتكليف الخطيب بالاشراف علي الكرة حتي نهاية كأس مصر

كتب إبراهيم ربيع:

طارق سليم وبونفرير المدير الفني

وعبدالصادق استقالوا من تدريب الاهلي

وكأن مسابقة الدوري 'شنت' هجوما انتحاريا علي برج الاطمئنان والاستقرار في الأهلي.. في الدقيقة 32 من الشوط الأول وجه سيد عبدالنعيم الانذار الأول والأخير للفريق الأحمر بضرورة توخي الحذر من ضياع لقب لم يفكر أحد في أن يضيع.. لكن 'الملاكم' الذي أعياه الماراثون الطويل بسبب مدربه بونفرير انهار في الجولة الأخيرة ولم يستطع منع 'هجمة' انبي الشرسة فسقط بالضربة القاضية الفنية.

تعرض جمهور الأهلي للترويع في المدرجات وانتهي بصدمة غير مسبوقة أدت إلي حالة وفاة وحالات إغماء وهتافات عدائية صريحة وتجمهر حول النادي حاصره الأمن المركزي، واعتداءات مباشرة بالحجارة بدأت بأوتوبيس اللاعبين، ومن سوء الحظ أن تصيب احداها الكابتن طارق سليم فتدخل شظايا الزجاج في أذنه ويذهب إلي المستشفي للعلاج، وكان قبلها قد تعرض لحالة إغماء بسبب انخفاض الضغط وسقط في غرفة خلع الملابس عقب المباراة، ليكون نموذجا لحالة الغضب والحزن التي انتابت جمهور لا يعترف إلا بالبطولات.. ونتيجة لهذه التداعيات قرر مجلس ادارة النادي الاهلي في اجتماعه الطاريء امس برئاسة حسن حمدي قبول استقالة طارق سليم المشرف العام علي الكرة وعلاء عبدالصادق مدير الكرة وبونفرير المدير الفني وذلك عقب اجتماع استغرق ثلاث ساعات حضره طارق سليم وتم تكليف محمود الخطيب بالاشراف علي شئون الكرة حتي نهايةكأس مصر، وتشكيل لجنة تضم : حسن حمدي والخطيب وطارق سليم لوضع تصورات خاصة بالفريق في الموسم الجديد. اعلن هذه القرارات حسن حمدي وقال ان الاحداث التي اجتمعنا من اجلها وتخص خسارة الدوري وشئون اللعبة بالنادي ادت في النهاية الي خسارة البطولة رغم تصدر الفريق لجدول الترتيب من بداية الدوري.. والظروف والاحداث وسوء الحظ التي اوصلت الفريق واللعبة الي هذا المستوي علي مدار ثلاث سنوات.. وقد تحدثت مع طارق سليم بعد المباراة وتقابلنا صباح اليوم التالي وتناقشنا في شئون الكرة وما نستطيع فعله.

ونفي طارق سليم ومحمود الخطيب ماتردد عن وجود خلافات بينهما وقال طارق ان اعتذاره عن عدم السفر إلي بنغازي بسبب نزلة معوية حادة ولاتوجد أي خلافات مع الخطيب وان أي عضو داخل المجلس لابد ان يقدره ورد الخطيب بنفس المعاني طالبا من الاعلام ان يوضح ذلك للرأي العام.. واكد ابراهيم المعلم علي اخلاقيات الفرسان التي عبر عنها طارق سليم ليؤكد ان حبه للاهلي فوق أي اعتبارات اخري،.. وسوف يعقد الخطيب اجتماعا مع اللاعبين صباح اليوم.

'سيولة' وبلبلة

صدمة ضياع الدوري وحدت المجلس في السير في اتجاه واحد وقضت تماما علي المتعاطفين مع بونفرير، ورفعت حدة الأصوات التي كانت في يوم من الأيام خافتة تتحدث عن تغيير أوسع يشمل الجهاز كله، وتغيير شامل في إدارة اللعبة في النادي.. اذن المحصلة النهائية للصدمة المروعة.. ان يدفع بونفرير الثمن كاملا ويتحمل كامل المسئولية وهو يستحق ذلك.. وأن تراعي إدارة النادي أن الفريق مازال في معمعة الموسم، وامامه بطولة الكأس التي يمكن ان يغطي الفوز بها علي كل الاخفاقات وتستوعب كل الاحزان.

إنبي 'لغم' انفجر في الأهلي.. وما كان يجب أن ينفجر لأن الفريق الصاعد من دوري المظاليم قدم نفسه للجميع علانية طوال الموسم كقوة جديدة تمثل خطرا علي الكبار.. تعادل مع الزمالك مرتين وخسر من الأهلي بصعوبة بالغة في الدور الأول.. وكل الشواهد وضعته العقبة الرئيسية أمام الأهلي أو انه 'اللغم' المعلوم الذي يجب معالجته.. إلا ان الجهاز الفني أهمل هذه الشواهد أو انه بالغ في التحذير منها حتي تحول الفريق إلي مجموعة من اللاعبين الخائفين المهزوزين عصبيا.. انفجر اللغم والأهلي يعبث به ويحاول ابطال مفعوله!.

بدون مجاملة

وبموضوعية شديدة وبدون مجاملة أو اتهام بمغازلة الإدارة.. لا توجد دلائل ملموسة علي قصور إداري أدي لضياع الدوري.. فنفس الافراد الذين ضاع اللقب في وجودهم هم الذين سبق ان عاصروا انجازات وبطولات متعددة ويمتد ذلك إلي إدارة الكرة متمثلة في طارق سليم وعلاء عبدالصادق. لكن من سوء حظهم جميعا ان اللقب 'طار' من خلال سيناريو غير متوقع كان صدمة حقيقية لا مجال فيها للتهوين والتبرير والتعميم.. ولو ان البطولة انتقلت من الأهلي إلي الزمالك في ظروف تنافسية عادية لما أصبحت المفاجأة كارثة.. لكنها توقفت علي مباراة واحدة ختامية كانت من وجهة نظر جميع 'الأهلوية' مضمونة لفارق الإمكانات الفنية والمالية والتاريخية والانجازات والمساندة الجماهيرية والثقة المؤكدة في الروح الوثابة للفانلة الحمراء التي تظهر في المواقف العصيبة والمناسبات الحاسمة.. لكنها لم تظهر يوم الجمعة 23 مايو.

الأهلي متشبع من البطولات.. لكنه يمر الآن بمرحلة صعبة أكثر تعقيدا من مجرد آثار لفقدان بطولة.. معطيات هذه المرحلة كانت قابلة للظهور حتي في حالة الفوز والانجاز، فما بالنا وقد حدث النقيض الذي جعل الجميع أكثر جرأة في التعبير عن آرائهم.. طارق سليم يريد نظاما وله رؤية وهو يستحق ان ينفصل عن مجلس الإدارة في إدارة اللعبة، وهو ­اخيرا­ أقوي من ان يهزمه التحدي.. والخطيب أمين الصندوق له رؤية ومن حقه الافصاح عنها وله تجارب يريد الاستفادة منها.. وحسن حمدي وإبراهيم المعلم الرئيس ونائب الرئيس يراقبان من بعيد ولا يريدان الاقدام علي خطوات كبيرة تظهر تحديا لحقبة ناجحة يمثل طارق سليم رمزا لها.. وطاهر أبوزيد هو الصوت 'الراديكالي' داخل المجلس الذي يري ان المعارضة مطلوبة في حد ذاتها، وهو غالبا لا يتقبل الأسلوب الحالي ولا يرتاح للمهادنة مع الجهاز الفني والإداري للعبة.

اختلافات وجهات النظر مظهر من مظاهر الحيوية خاصة عندما يظهر علي الساحة حدث كبير.. ويحسب لإدارة الأهلي انها تحاصر هذه الاختلافات وتقننها ولا تقبل انخراطها بحيث تصبح مادة تصادمية يومية.. وهي في سبيلها لمعالجة ما تعتبره صدمة ونكسة، لكن سيتطلب الأمر منها جهدا هذه المرة لأن الاطراف كلها عبرت صراحة عن مواقفها بدون مساحة كبيرة من الدبلوماسية.

دلائل مسئولية بونفرير

حتي لا يظهر الكلام أمام الناس كما لو كان مقصودا به تبرئة البعض علي حساب الآخر.. فإن هناك الكثير من الدلائل التي تؤكد ضلوع بونفرير في القضاء علي الفريق ب'لمس الأكتاف'.. ومبدئيا انخدع الأهلي بالسيرة الذاتية للمدرب وكان مطلوبا من الإدارة ألا تكتفي بها وتسأل أصحاب الخبرة المباشرة الذين عمل معهم المدرب وهم كثيرون في الدول الخليجية، ولو سألوهم لسمعوا منهم كلاما كثيرا وكبيرا ضد المدرب.. وانخدع أيضا بأسلوبه التدريبي وبديمقراطيته في استشارة المعاونين والأخذ برأيهم في كثير من الأحيان.

علينا أن نقرر ان ضياع الدوري من الأهلي أكد لنا الدور المحوري للمدربين عكس ما كان سائدا من انطباع عند الكثيرين بأن اللاعب يساهم ب70 % من النتائج بينما يقتصر دور المدرب علي ال30 % الباقية.

وعلينا ان نرصد بعض الدلائل.. منها اللجوء المفاجيء للصاعدين أحمد أبومسلم ورامي سعيد وهما أمام عينيه طوال الموسم، وكان بمقدوره الدفع التدريجي بهما بدلا من اقحامهما في التشكيل الاساسي فجأة. ظهر لنا بونفرير وكأنه وقع علي اكتشاف جديد هو أحمد أبومسلم.. وجاء رامي سعيد بزوبعة كبيرة وصراع مثير مع الزمالك من ناديه المقاولون إلي دكة الاحتياط مباشرة، وهو أول لاعب يراه الأهلي مهما جدا وفي نفس الوقت يعرف انه لن يلعب بدلا من ياسر رضوان.

كانت هزيمة الفريق من الزمالك في الدور الثاني بسبب تقدير خاطيء من بونفرير وسوء اعداد.. لماذا؟.. لانه زاد من الحمل التدريبي علي اللاعبين متخيلا ان ذلك تعويض مناسب لميزة لعب الزمالك مباراة رسمية في بطولة افريقيا.. ولم يهتم بتخفيف هذا الحمل تدريجيا حتي موعد المباراة فنزل اللاعبون الملعب يجرون أثقالا في أقدامهم فكانت الخسارة التي مثلت نقطة تحول رئيسية في المسابقة.. واعتقد ان نفس الحالة تكررت قبل مباراة انبي.

والخطأ الاستراتيجي الذي تدهورت به عروض الفريق إنه عمد إلي تغيير طريقة اللعب في وقت حرج بسبب لاعب واحد فقط هو أحمد صلاح حسني.. كان قد استقر علي طريقة 3/4/3 التي عكست فاعلية وايجابية كبيرة شهد عن طريقها الفريق الجمع بين الاداء والنتائج.. كان يلعب في الدفاع الثلاثي هادي خشبة ووائل جمعة وشادي محمد.. وفي الوسط حسام غالي ومحمد جودة ارتكاز وعلي اليمين ياسر رضوان وعلي اليسار محمد عمارة.. وفي الهجوم رأس حربة واحد هو المتميز أحمد بلال وعلي يمينه جناح وسط سيد عبدالحفيظ وعلي يساره جيلبرتو. لكن أصيب أحمد بلال وعاد أحمد صلاح حسني من تجربة احتراف وظهر بديلا جيدا لبلال.. ومع شفاء بلال وعودته كان يجب الاحتفاظ بالهيكل الخططي للفريق وتبادل المشاركة بين أحمد صلاح وبلال، لكن 'استخسر' بونفرير التفريط في أحمد صلاح، فاتجه إلي اللعب باثنين في مركز رأس الحربة وعدم الاهتمام بالاجنحة والعودة للطريقة 3/5/2، فأصبح الفريق بلا طعم.

ونعطي من المباراة الأخيرة مثالا.. استعان بونفرير بإبراهيم سعيد وهو لاعب متميز لكنه لم يلعب كافيا في رحلته إلي إنجلترا ليعتمد عليه في مباراة صعبة في نفس الوقت الذي 'ركن' فيه محمد جودة علي دكة الاحتياط وهو أحد الذين برزوا في الفريق في الفترة الأخيرة.. وليس مبررا مقبولا أن يدعي أحد عدم ظهور جودة بمستوي جيد في المران وبالتالي لم يكن مناسبا البدء به..