مقاله علاء الأسوانى :هل يعيب الرئيس مبارك أن يمرض ..؟

[نيفين]

مقاله علاء الأسوانى (( جملة إعتراضية )) فى جريدة الدستور

بتاريخ 8 أكتوبر 2008

هل يعيب الرئيس مبارك أن يمرض ..؟

كانت الرحلة شاقة . سافرت من مصر إلى أوسلو عاصمة النرويج ومنها إلى كوبنهاجن عاصمة عاصمة الدنمارك ثم منها إلى مدينة جوتنبرج فى السويد حيث حضرت مهرجانها الأدبى الشهير وبعد ذلك سافرت إلى مهرجان برلين الأدبى قبل أن أعود إلى القاهرة .

فى كل هذه البلاد كنت مدعوا من أجل إلقاء محاضرات والمشاركة فى ندوات أدبية وتوقيع نسخ مترجمة من أعمالى وقد أحرزت بفضل الله نجاحا أعتز به . حتى إن إدارة مهرجان جوتنبرج السويدى إختارتنى , من بين الكتاب القادمين من كل أنحاء العالم , لكى أتصدر الغلاف على كتالوج المهرجان ..

وكان هذا تكريما كبيرا لشخصى المتواضع وللأدب المصرى والعربى كله ...

كل شىء كان على مايرام , إذن , فى هذه الرحلة بإستثناء شيئين أولا : إننا كنا فى رمضان الذى كنت أفضل – مثل الناس جميعا – أن أقضية مع أسرتى .

وثانيا : أننى كنت أعانى من إنقطاع الأخبار الواردة من مصر .. فلا توجد جرائد مصرية متاحة , والتغطية الإخبارية لمصر قليلة .

وبينما أنا جالس فى حجرتى فى الفندق فى برلين , قرأت الخبر على قناة الجزيرة : حبس الصحافى المصرى إبراهيم عيسى شهرين بتهمة نشر الشائعات .

وأحسست بمرارة بالغة . هاهو النظام المصرى الذى يدافع كل يوم عن الفاسدين والمرتشين والقتلة يلقى إلى السجن بكاتب شريف عقابا له على قول الحق ...

هل يستحق إبراهيم عيسى أن يسجن بينما الذين نهبوا أموال المصريين وقتلوهم وعذبوهم ينعمون بالحرية ؟!

نزلت إلى بهو الفندق وأنا غارق فى أفكارى وإذ بمجموعة من الكتاب من بلاد مختلفة يهرعون إلىّ , كانوا قد علموا بخبر حبس إبراهيم عيسى وكانوا جميعا منزعجين ..

والحق أن حبس أى كاتب عقابا على آرائه .. يعتبر فى الدول الديمقراطية عملا همجيا يدل على الإستبداد والأرهاب , إلتف حولى الكتّاب الأجانب وأمطرونى بالأسئلة :

* هل تعرف الصحفى الذى حبسه الرئيس مبارك ؟

0 نعم .. هو صديقى ورئيس تحرير الجريدة التى أكتب فيها وهى نفس الجريدة التى نشرت روايتى شيكاجو .

* ما رأيك فيه ؟

0 هو من أكفأ الصحفيين المصريين وأشرفهم وأشجعهم .

* ولماذا يحبسونه ؟

0 لأنه كتب أن الرئيس مبارك مريض بينما هو يتمتع بصحة جيدة !

* وهل تعتبر هذه جريمة عندكم ؟

0 نعم .. فقد إعتبر النظام أن ذلك يسىء إلى صورة مصر .

* وهل تتوقف صورة مصر على خلو الرئيس من الأمراض .؟ وماذا يحدث لو أصيب الرئيس بنوبة برد ؟

0 لا أعرف لكنهم يقولون أن شائعة مرض الرئيس قد أثّرت سلبا على البورصة المصرية .

* ماهذا الكلام ؟ وهل صممت البورصة عندكم على إعتبار أن الرئيس لايمرض أبدا ؟!

0 لا أعرف .

* أليس الرئيس حسنى مبارك إنسانا ؟!

0 فى حدود معلوماتى إنه إنسان مثلنا !

* إذن من الوارد جدا أن يمرض ؟

0 طبعا .

وهل يعيب الإنسان أن يمرض ؟!

0 لا .

* هل يقلل مرض الإنسان من شرفه أو يسىء إلى سمعته ؟!

0 لا طبعا .

* أين الجريمة إذن ..؟

0 لا أعرف !

* إن من واجب الصحفى أن يتحدث عن صحة رئيس الدولة لأن صحته لاتخصه وحده وإنما تخص الملايين الذين يتأثرون بقراراته .. وكثير من الأمراض تؤثر على تركيز الإنسان وبالتالى على قدرته على إتخاذ القرار الصحيح .. إن صحة الرئيس وثروته وكل تصرفاته العامة والشخصية هى ملك للرأى العام ومن حق المواطنين جميعا أن يطّلعوا عليها .

0 أعرف كل ذلك لكن النظام المصرى لايعترف بهذه المبادىء .

إنصرف الكتاّب الاجانب وقد إتفقوا على إرسال برقيات إحتجاج على حبس إبراهيم عيسى إلى الحكومة المصرية وشكرتهم بالطبع على تضامنهم معنا ..

لكننى تأملت الحوار الذى دار بيننا فوجدت كلامهم يعكس منطقا بسيطا وأصيلا كدنا أن ننساه فى خضم الأحداث .. فعلا .. هل يعيب الرئيس مبارك أن يمرض ..؟

أليس سيادته إنسانا مثلنا وكل إنسان معرض للمرض ..؟

ألم يمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند المسلمين أشرف خلق الله أجمعين ؟؟؟

هل يعتبر أهل الحكم الرئيس مبارك أفضل من رسول الله ؟!

إن حبس إبراهيم عيسى , بالإضافة إلى كونه عملا ظالما وإعتداء على الحريات العامة ومخالفا لكل معاهدات حقوق الإنسان التى وقعتها الحكومة المصرية .

إلا أنه من ناحية أخرى يحمل رسالتين للمصريين جميعا :

الرسالة الأولى : أن النظام فى مصر قد أصبح يعتبر الرئيس مبارك - فعلا – كائنا مقدسا فوق البشر أجمعين وبالتالى فإن مجرد الإشارة إلى مرضه تعتبر جريمة . وهذا التقديس للرئيس يطفح علينا كل يوم من الإعلام الرسمى . آخر مهزلة نشرت فى جريدة الأهرام منذ أيام عن كتاب يزعم مؤلفه أن الرئيس مبارك منذ الطفولة , قد ولد وهو يتمتع بمعدلات عالية إستثنائية نادرة من الذكاء الأمر الذى مكنه من إتخاذ قراراته العبقرية فى شتى المجالات !

والرسالة الثانية من حبس إبراهيم عيسى : أن المصريين ليسوا مواطنين لهم لهم حقوق وكرامة وإنما هم رعايا أذلاء للسلطان ليس من حقهم أن يعرفوا شيئا عنه إلا مايريد هو أن يطلعهم عليه .. فنحن لانعرف ولايجب لنا أن نعرف إذا كان الرئيس مريضا أو معافى وليس من حقنا أن نسأل عن ثروة الرئيس كم تبلغ ولا من أين ينفق على قصوره وطائراته الخاصة وإستراحاته الممتدة فى أنحاء البلاد بينما يعيش الملايين من مواطنيه فى العراء أو فى خيم الإيواء !

من حق الرئيس أن يفعل بمصر وبنا ما يشاء وليس من حقنا حتى أن نسأله عن أفعاله!

إن حبس إبراهيم عيسى ليس مجرد حادث عارض وإنما هو الخطوة الأولى فى مخطط متكامل من أجل إرهاب كل من يكتب فى مصر وكل من يجرؤ على الكلام ..

إنهم يستعدون منذ الأن للحظة الحاسمة عندما يتم دفع السيد جمال مبارك حتى يرث مصر والمصريين عن أبيه وكأننا قطيع مواش أو مزرعة دواجن !

إن معركة إبراهيم عيسى هى معركتنا جميعا ...

معركة مصر من أجل الحرية !

[tarek hassan]

كان إبراهيم عيسى يهيىء حقيبته لقضاء شهرين في سجن ( مزرعة طرة ) الشهير ، تنفيذا لحكم نهائي ، أدانه بتهمة نشر شائعات كاذبة حول صحة الرئيس المصري .لكن الخطط تبدلت ، وبدلا من التوجه إلى السجن ، إستدعى وزير الداخلية حبيب العادلي رئيس تحرير ( الدستور ) ليبلغه شخصيا بقرار الرئيس المصري بالعفو عنه

الرئيس مبارك أدرك خطورة وكارثية وفداحة أن يسجن صحفي في عهده بسببه ! القرار مشكور ومحمود لكنه إستثنائي ، أما القاعدة فشديدة السوء".

هذا بعض من كتبته الصحف اليوم عن العفو عن إبراهيم عيسى وهذا خبر مفرح حقا بصرف النظر عن الأمور الأخري

أما المرض والهرم والشيخوخة فمعلوم أنها عيب في حق الؤساء والملوك إن استمروا في مناصبهم وهم على تلك الحالة

وهذا معلوم