اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الشاباك بين الأشلاء - كامي جيلون


Recommended Posts

الشاباك بين الأشلاء

كارمي غيلون (رئيس الشاباك السابق)

الفصل 14 ص217 - نحشون فاكمسن - الجرأة و الفشل

الخليل - ترجمة خاصة :

في كتابه (الشاباك بين الأشلاء) يتناول "كارمي غيلون" رئيس الشاباك السابق ، عدة قضايا تتعلق بحماس و مقاومتها للاحتلال منذ تأسيسها و منها اغتيال المهندس يحيى عياش ، و الجنوب اللبناني ، و دور المقاومة في إفشال المفاوضات .

و في الفصل الرابع عشر من الكتاب الذي نحن بصدده (ص 217 – 225) يتحدّث غيلون عن عملية اختطاف الجندي "نحشون فاكسمان" و التخطيط لها و فشلها.

يوم الاختطاف :

في يوم الإثنين الموافق 10/تشرين الأول من سنة 1994 وصل إلى مكتبي خبر بفقد جنديّ و أن هناك خطر على حياته ، و بصفتي رئيس مصلحة الشاباك أمرت بالتوجّه إلى الشرطة العسكرية للتحقيق و توضيح الأمر . و على عجل فقد تبيّن أن هناك جندياً مفقوداً و أن اسمه (نحشون فاكسمن) و لا يوجد أية تفاصيل عن ذلك فقد كنا بحالة ضبابية كاملة .

و في اليوم التالي أبلِغت أنه تم إبلاغ مكتب الصليب الأحمر في غزة أن الخاطفين من مجموعة الشهيد (كمال كحيل) كتائب عز الدين القسام ، و أبلغوا أن الجندي المخطوف موجود في أيديهم ، و في نفس المساء أذيع عبر "صوت إسرائيل" خبر آخر يعلن عن المسؤولية لعملية الخطف و في اليوم التالي تم نشر شريط مصوّر للجندي المخطوف .

و كانت جميع هذه الأخبار من قطاع غزة على الرغم من أن الخاطفين موجودون في الضفة الغربية ، كما تبين لنا لاحقاً ، و استنتجنا أنه من القريب للحقيقة أن "نحشون" موجود في قطاع غزة و أيضاً فإن التحليل المنطقي أوصلنا إلى هذا الاستنتاج و هو أن الخاطفين قد نفّذوا عملية الخطف داخل الخط الأخضر (فلسطين عام 48 - المترجم) قريباً من الضفة الغربية ، و ذلك من أجل نقله إلى مكانٍ آمن من مناطق الحكم الذاتي ، ففي قطاع غزة كانت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية ، في حين أنه يوجد لنا السيطرة في الضفة الغربية و باستطاعتنا الدخول لأيّ مكان ما عدا أريحا .

السلطة تستحق كل ثناء :

و فوراً كنا على اتصال مع السلطة الفلسطينية و مع ياسر عرفات ، و مع أجهزة الأمن و الاستخبارات التابعة له برئاسة محمد دحلان و أمين الهندي و نصر يوسف ، و قد تعاونوا معنا بصورة تستحق كل ثناء ؛ فقد أبلغونا بكل معلومة استخباراتية وصلت إليهم ؛ فعلى سبيل المثال أبلغونا أن (نحشون فاكسمن) موجود في أحد البيوت في خانيونس فقامت قوات الجيش "الإسرائيلي" بصحبة مندوبي السلطة الفلسطينية و فتشوا البيت لكن لم يجدوا به شيئاً ، و بعد ذلك أبلغونا أن الجنديّ موجود في أحد بيوت رفح و قمنا بفحصه أيضاً مع مندوبي السلطة الفلسطينية و في هذه المرة أيضاً لم نجد شيئاً .

و لى الرغم من أن التحليل الأولي وجهّنا إلى جنوب قطاع غزة ، لم نهمل أي احتمال آخر ، ففي منطقة الجنوب من "إسرائيل" عملت قواتنا دون توقف حول فرضية استمرار وجود "فاكمسن" في الضفة الغربية ، فلقد ربح ياسر عرفات كثيراً من النقاط في قضية "نحشون فاكمسن" لدى إسحاق رابين فقد أعطى تعليماته بالبحث و المساعدة في عملية التفتيش فقد عمل كلّ ما طلبنا منه .

و بعد يومين أبلغني ياسر عرفات بالمعلومة التالية "إننا مقتنعون و بدون أي شك أن الجندي المخطوف ليس في منطقتنا ، و إنني أقترح أن تفتشوا عنه في مناطق سيطرتكم" .

و من المعروف أن هذا الإعلام ووجه بالشك و التردد ، و أثناء هذه الدوامة من الأمور بدأت نشاطات سياسية حول موضوع الخطف ؛ فالمعارضة في الكنيست طعنت بشدة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" إسحاق رابين و ذلك بذريعة استغلال العرب لمناطق الحكم الذاتي من أجل خطف الجنود إلى هذه المناطق .

و قد طلب الخاطفون عدة طلبات أولها إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين زعيم حركة حماس و الذي يقبع في السجون منذ عدة سنوات ، و منذ البداية كان من الواضح أنه لا يجب الرضوخ لطلبات الخاطفين ، و لذلك لم يتم قيام مفاوضات مع الخاطفين ، و مع ذلك فقد كانت هناك محاولات للحديث مع الجهاز السياسي لحماس ، و هنا تدخّل ياسر عرفات و حذّر حركة حماس في حالة مقتل الجندي بأنه سيقاطعهم.

اتصالات متواصلة :

وزير الإسكان "فؤاد- بنيامين بن اليعيزر" بدوره تحدّث مع الشيخ رائد صلاح ، رئيس الحركة الإسلامية لكن لم يكن لهذا الأمر أية نتائج عملية . و في نفس الوقت أجريت محادثات مع الشيح أحمد ياسين و مع أحد رؤساء الذراع السياسي لحركة حماس و هو الرنتيسي و الذين كانوا معتقلين في السجون (الإسرائيلية) ، و بالفعل فقد طلب الإثنان أن لا يتعرّضوا لحياة " نحشون فاكمسن" و قد أعطينا لهذا الأمر في الإعلام صدى واسعاً في جميع الوسائل ، على الرغم من معرفتنا أنه ليس لهذا الأمر أية قيمة ، و ذلك لأن الخاطفين يعتقدون أن هذه الدعوة من قبل السجناء ليست انطلاقاً من إرادتهم الحرة و لكن تحت ممارسة الضغوط ، و رغم كلّ ذلك فقد مكّنا الصحافة من إجراء مقابلة متلفزة مع الشيخ "أحمد ياسين" مع صحافي أجنبي و في هذه المقابلة أعاد الشيخ أحمد ياسين طلبه السابق أن لا يقتلوا الجندي المخطوف .

و في الأيام التي كان فيها الجندي في أيدي الخاطفين كان يصلنا ما بين الفينة و الأخرى تحذيرات بأن الخاطفين يعدون أنه في حالة عدم الاستجابة إلى مطالبهم بتاريخ 14 تشرين أول/أكتوبر الساعة الثامنة سيتم قتل "فاكمسن" و نحن اعتقدنا أن من يقف حول هذه التحذيرات هو محمد ضيف أحد رؤساء الجناح العسكري لحركة حماس ، و هو من أدار عملية خطف و قتل الجنديين "آريه فرنكنتل ، و إيلان سعدون" و في تلك الأيام كان محمد ضيف هو المطلوب رقم 2 بعد المهندس يحيى عياش ، و هذه المعلومة تحقّقت بعد التوصل إلى حل لغز عملية الخطف ، فعملية الخطف التي مرّت بسلام من وجهة نظر الخاطفين حتى يوم الخميس 13تشرين/أكتوبر و الذين كانوا يختبئون مع الرهينة الذي بين أيديهم ، حيث كانوا على اتصال عن طريق رسول و شركاء لهم في الضفة الغربية و قطاع غزة ، و هكذا اعتقدوا أن أحداً لا يتعقبهم فقد كانوا يختبؤون داخل بيت معزول في منطقة بير نيبالا برام الله و تحت سيطرتنا الأمنية . و حسب وسائل الإعلام فإن الخاطفين قد نجحوا في تضليلنا و توجيهنا إلى قطاع غزة حيث عمليات التفتيش و في المقابل لجميع الأمور السابقة تم إلقاء القبض على عددٍ كبير من رجال حماس بهدف التحقيق .

إن تفكيرنا جميعاً من رئيس الوزراء إلى وزير الدفاع و الجيش (الإسرائيلي) إضافة إلى الشاباك قد تركّز بدون شك على إيجاد طرف خيط من أجل أن نسير في اتجاه صحيح للبحث عن الجندي المخطوف ، و كان من الواضح لنا أن الخاطفين كانوا يستخدمون سيارة و ذلك من أجل عملية الخطف ، و كنا نعتقد أيضاً أنه من أجل تنفيذ هذا الأمر لم يستخدموا سياراتهم الخاصة و النتيجة هي أن الخاطفين ربما استخدموا سيارة مسروقة أو سيارة أحد الأصدقاء أو سيارة مستأجرة بالفعل ، كان هذا أحد توجهاتنا في التحقيق ، و لو لم تؤتِ هذه التوجهات ثمارها في عملية التحقيق ، لكنا قد بحثنا عن توجّهات أخرى ، و هنا قمنا بالتركيز على اتجاه واحد مع عدم إهمال الاتجاهات الأخرى .

بداية الخيط :

منطقة القدس كانت خاضعة لرئاسة (جدعون عزرا ) ضمن سيطرة الشاباك و قد جمع قائمة بأسماء جميع السيارات المستأجرة في المنطقة ضمن الفترة المتعلقة بهذا الأمر ، و في يوم الخميس و خلال عمليات الفحص المركزة توصلنا خلالها إلى شركة تأجير سيارات في شرقي القدس و أخذنا سجل تأجير السيارات لدى الشركة و عثرنا على اسم جهاد يغمور ، أحد نشطاء حماس و هو بائع في بيت حنينا قام باستئجار سيارة من هذه الشركة و على ضوء ذلك قرّرنا اعتقاله بالإضافة إلى عددٍ من أصدقائه .

و في يوم الخميس من ساعات اليوم المتأخرة اتصلت بي مدعية عام الدولة "دوريت بيتش" و أخبرتها أنه يوجد عندنا عددٌ من المعتقلين ضمن تصريح خاص ، و خلال حديثي مع المدعية العامة شعرت بعدم رضاها عن الأمور و لكنني صمّمت على رأيي و قلت إن هذا قراري ، و إذا ما كان تقديرُنا للأمور صحيحاً فهذا تصديقٌ لما تقوم فيه ، و إذا كنا خاطئين فسأكون مستعداً لتقبل أية شكاوي ضدي في محكمة العدل العليا في المستقبل ، و هنا صمتت السيدة "بينش" لعدة ثواني و ردّت قائلة : تم الاتفاق و أن هذا الاتفاق هو قرارك على الرغم من محدوديته ، و أخذت هي هذا الأمر على مسؤوليتها بصفتها مدعية عام الدولة ، و هنا أخبرت "جدعون عزرا" المسؤول عن المنطقة و عن عملية التحقيق .. إلى رئيس قسم التحقيقات ، أنني أحمل تصريحاً خاصاً لهذا الأمر .

و في يوم الجمعة الساعة السادسة صباحاً و قبل موعد انتهاء الإنذار بحوالي 14 ساعة ، بدأ نقاش في مكتب قائد الأركان برئاسة "إيهود باراك" و أخبرت المشتركين في هذا النقاش أننا نعمل و نتحقّق في توجّهات مختلفة من الضفة الغربية و قطاع غزة ، و لكن لم نصل حتى الآن إلى أي شيء مجدي ، و مع مرور الوقت و اقتراب ساعة انتهاء الإنذار لمقتل الجندي "فاكمسن" ، و حسب ما أعلنه الخاطفون و قبل موعد انتهاء النقاش في مكتب "إيهود باراك" ، و بينما كان الجميع يضعون أيديهم على جبهاتهم محاولين البحث عن اتجاهات أخرى للتحقيق لم يتم التحقيق فيها ، و بينما الجميع يتطلع إلى عقارب الساعة التي تتقدم بسرعة , جاءتني مكالمة من "جدعون عزرا" يطلب مني في هذه المكالمة أن أخرج من الجلسة ، و ذلك من أجل الحديث معه حول أمر هام و كانت الساعة 7:30 ، أي اثنا عشر ساعة و نصف قبل موعد انتهاء التحذير الذي حدّده الخاطفون لقتل الرهينة ، و بالفعل خرجت إلى الغرفة المجاورة و أخبرني "جدعون" أن "نحشون فاكمسن" موجود في بيت في بيرنبالا في الضفة الغربية .

مهمة لوجستية :

و أضاف مفصّلاً عن كيفية خطف الجندي و عن السيارة التي خطف فيها و تبين لنا أن شكوكنا حول ما يتعلق بالتحقيق مع المعتقل كانت صحيحة و أن جميع هذه الأمور كانت لدى جميع محقّقي الشاباك في لواء القدس بدءاً باستئجار السيارة ، و انتهاء بالمجموعة الخاطفة على الرغم من أنه لم يشترك فعلياً في عملية الخطف حيث كانت مهمته هي لوجستية "إمداد" فكان عليه توفير المساعدة مع شخصٍ آخر من المجموعة مثل استئجار البيت الذي كان فيه الجندي المخطوف و استئجار السيارة و نقل شريط الفيديو الذي تم تصوير الجندي به بعد عملية الخطف و نقل الشريط بعد ذلك إلى قطاع غزة .

و اعترف المعتقل أن الخاطفين جاؤوا من قطاع غزة و بعد تنفيذ عملية الخطف و الوصول إلى البيت في بير نيبالا جهّز الخاطفون شريط فيديو للجندي المخطوف ، فقد كان على علم بما يدور هناك حتى أنه يعلم في أيّ الغرف كان يوجد الجندي .

شكرت "جدعون عزرا" بانفعال و طلبت منه أن يبلغ جزيل الشكر لجميع العاملين معه ، و هنا أسرعت إلى مكتب وزير الدفاع القريب بصحبة "إيهود باراك" و نائبه "أمنون ليفكن شاحاك" ، و ذلك من أجل إعلام "إسحاق رابين" بآخر المعلومات و مواصلة نقاش الموضوع ، و قرّرنا الخروج إلى بير نيبالا ، و بما أن الصحافة و الصحافيون كانوا بانتظارنا على بوابة المكتب بانتظار أي جديد حول الموضوع ، حرصنا على أن لا يرانا أحد منهم و يتعقبونا لذلك تفرّقنا و خرجنا واحداً بعد الآخر و كنا قد اتفقنا على أن نلتقي في مركز قيادة يهودا و السامرة بالغرب من رام الله و تم إنشاء قيادة و مركز إدارة العملية و عين قائد الضفة الغربية "شاؤول موفاز" قائد العملية.

و في المقابل تم تنفيذ تمرين تضليلي لوسائل الإعلام العالمية و (الإسرائيلية) الذين كانوا يتعقبون كلّ معلومة صحيحة أكانت أم خاطئة حول موضوع الخطف ، فقد تخوّفنا من مشاهدة الخاطفين للتلفاز أو سماع الراديو بأن هناك أيّ نشاط عسكري ، و على إثره يقومون بقتل الرهينة .

و في هذه اللحظة ألقيت المهمة على قوة من الجيش (الإسرائيلي) و طلب منهم وضع خطتهم للإنقاذ ، و ذلك من أجل التصديق عليها من قبل قائد الأركان و رئيس الوزراء و وزير الدفاع . و مهمة الشاباك كانت الربط بين قوات الجيش بالمعلومات الاستخباراتية لضرورة عمل خطة باحتمالية نجاح كبيرة .

الخطة و التنفيذ :

القوة المنفّذة : وحدة القيادة العامة و وحدة العلميات الخاصة التابعة لشرطة (إسرائيل) بالإضافة إلى الضباط العسكريين الذين لهم علاقة بالأمر ، و المحققون و رجال الاستخبارات و رجال التنفيذ من الشاباك (الإسرائيلي) حيث وصلوا جميعاً إلى مكان الاجتماع بهدف التخطيط للعلمية و أن معلومات استخاراتية لعملية من هذا النوع يجب أن تكون مفصلة قدر الإمكان ، و بالفعل كان هذا الأمر على ما يجب ، و لكن أمام هذه التوعية الاستخباراتية كانت هناك أزمة الوقت القصير أمام القوة المنفّذة من أجل تجهيز خطة و نتائجها بالإضافة إلى حلم كلّ قائد في اتخاذ قرار صعب ، و لكن لم يكن هناك وقت للحديث مع ضغط الزمن و هو سبع ساعات قبل موعد انتهاء الإنذار .

و هنا خرجت القوات المقاتلة من أجل تنفيذ العملية و اضطرت للانتظار من أجل مهاتفة المدعية "دوريت بينتش" من مكتب قائد منطقة المركز "إيلان بيران" و قلت لها إنني أردت أن تعلمي أنه خلال محادثتنا من يوم أمس و إعطائي تصريحاً كانت في مكانها و وصلنا إلى البيت الذي يوجد به الخاطفون للجندي "نحشون فاكمسن" و هنا شعرت بانفعال "دوريت بينيتش" .

و في ظهيرة يوم الإثنين عرض موفاز خطتين لتنفيذ العملية الأولى لوحدة العلميات الخاصة و الثانية لوحدة القيادة الأركان العامة .

تقدير "برناكان" يتمحور حول نية الخاطفين تنفيذ الإنذار ، و من بين الأمور التي اتفقنا عليها أن ثلاثة الجنود الذين تم خطفهم من قبل حماس سابقاً قد تم قتلهم ، و أخذنا بالحسبان أن الخاطفين لم يناموا لعدة ليالي و هم في حالة التوتر و الانفعال و أن هناك حدوداً لصبرهم و معاناتهم جرّاء هذا الأمر و على ضوء هذا الأمر صدر القرار بالبدء و تمت الموافقة من قبل رابين بصفته وزير الدفاع و رئيس الوزراء .

و في تلك الأحيان بدأت القوات بوضع مواقع للمراقبة حول البيت بحذرٍ شديد و قبل ساعتين من الموعد المخطّط لبدء تنفيذ العملية أعلن أحد المراقبين التابع لجهاز الشاباك عن سيارة تقترب باتجاه البيت و قد تركنا السائق للدخول للبيت و بعد أن خرج و ابتعد عن البيت اعتقلناه و تم التحقيق معه ميدانياً ، و تبين أنه السائق هو مساعد آخر للمجموعة التي اختطفت "نحشون" و كان قد جلب معه للخاطفين نوعاً من الحلويات الشرقية و تسمى "الكنافة" لوجبة المساء و خلال التحقيق معه أضاف أيضاً أن "نحشون فاكمسن" سالم و لم يصب بأذى ، و حتى أنه قد أكل الكنافة مع خاطفيه و اعترف عن أمور أكثر أهمية على ما يحدث داخل هذا البيت و أين يوجد الجندي المخطوف و تفاصيل عن البيت من الداخل وأمور أخرى . و أن جميع هذه المعلومات وصلت فوراً إلى وحدة قيادة الأركان العامة و التي كانت في نهاية التحضير لبدء اقتحام المبنى .

و أثناء ذلك تمركز مركز القوات و الإشراف على العلمية على موقع عالٍ يطلّ على بير نيبالا ، و كنا في حالة من التوتر و شد الأعصاب مختلطة بالخوف على سلامة "نحشون فاكمسن" ففي مكان نقطة المراقبة كان من الممكن رؤية أحياء "رموت" المقدسة و التي يسودها الهدوء ليلة السبت و بداخل هذا الحي يقع بيت الجندي المخطوف و يوجد به آباء الجندي و عائلته متخوّفين و متشوقين على سلامة ابنهم ، و ليس لديهم أية فكرة عما يحدث بالقرب منهم حيث إن البعد الهوائي بين يير نيبالا و بين "رموت" قصيرة و لكن مغزاه كبير ، و إني أتذكر أنه و خلال التوتر الرهيب و الذي كان ينتابني كان كلّ ما أردته هو أن آخذ " نحشون فاكمسن" في سيارتي إلى بيت والديه .

فشل عملية الإنقاذ :

و بدأت العملية بعد مرور عدة ثوان تحت وابل الطلقات و فهمنا أن هناك شيئاً يجري ليس كما نريد و أن العملية لا تجري كما خطّط لها ، و بعد دقيقتين سمعت عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي أن "نحشون فاكمسن" قد مات و أن قائد وحدة الإنقاذ "نير بورز" قتل هو أيضاً وأن هناك عدداً من الجرحى فقد تكلّلت هذه العملية بالفشل الذريع و الرهيب .

و توجّهنا من موقعنا إلى موقع العملية حيث تعمل وحدات الإنقاذ بإخلاء حوالي 13 جريحاً في حين أن خبراء المتفجرات يعملون بأعمال التمشيط ، و وقفنا مذهولين في مكاننا نحاول أن نفهم ما جرى حيث الدماء و حمالات الجرحى و القتلى حتى جاءني السائق يخبرني أن أتوجّه فوراً إلى وزير الدفاع ، و مع هذا الحمل الثقيل على قلبي سافرت إلى تل أبيب ، و وصلت في الساعة 9:30 ليلاً ، حيث كان يجلس "إسحاق رابين" في غرفته مع "إتيان هبر" و "داني ياتوم" فكانت وجوههم حزينة و محبطة و رويداً رويداً تجمع الضباط الذين كانت لهم علاقة في هذه العملية و تم إخبار "إيهود باراك" بتفاصيل العملية فيما بدأت شبكة (cnn) ببث تقاريرها من أرض الحدث و كان من الواضح أنه يجب عقد مؤتمر صحافي مع الصحافيين دون تأخير و إخبار عامة الشعب (الإسرائيلي) بما حدث ، و في نفس الوقت كان الجيش (الإسرائيلي) يبحث عن والدة "تير بوراز" قائد الوحدة الذي قتل في نفس العملية ، و ذلك من أجل إبلاغها بهذا البلاغ الصعب ، و قبل انعقاد المؤتمر الصحافي و في نفس الوقت علمنا أن "تير بوراز" هو ابن الطيار "معوز بوراز" و الذي تم اختطافه إلى الجزائر في أول عملية خطف لشركة العال سنة 1968 ، و بعد ذلك قتل في المواجهة في حرب الغفران ، و الآن يسقط ابنه و الذي كان طفلاً عندما قتل والده .

و في هذه الأثناء أخبر رئيس شعبة القوة البشرية في الأركان العامة العقيد "يورم بائير" والدي "نحشون فاكمسن" و كان مشغولاً بالبحث عن والده "نير" و كانت قد بدأت التلفزيونات و الراديو الأجنبية في الإعلان عن التقارير المفصّلة عن فشل عملية الإنقاذ و كان من الواضح أنه من غير الممكن تأجيل موعد المؤتمر الصحافي حيث بدأ المؤتمر بوقتٍ قصير بعد الساعة 10:00 .. و في المؤتمر الصحافي اكتشفت قيادة و زعامة "إسحاق رابين" على حقيقتها ، فقد أخذ على نفسه المسؤولية و أوضح أنه هو من أعطى الأمر النهائي لبدء العملية .

مواجهة الإعلام :

و وجّهت أسئلة صعبة لـ (إيهود باراك) حيث كان القائد الأكبر في الجيش و أجاب إيهود بسماحة قلب كاملة مع التفصيل عن الأسباب ، أما أنا فقد كنت بعيداً عن الصحافة و بقيت في غرفة رابين أتابع المؤتمرات الصحافية في محطات التلفزيون و المؤتمرات الصحافية ، و إن كانت هناك لحظة من الهدوء في ذلك الزمن الصعب فقد كانت في مكتب إسحاق رابين ، التي تجسّدت فيها روح الزعامة و المسؤولية و هذا هو الثمن السياسي الذي يجب أن يتحمّله عن تحمّل المسؤولية العملية مثل قائد الأركان و رئيس الشاباك ، و عليه أن يعرف أن هناك من يقف من خلفه .

و في ساعات المساء سافرت إلى بيتي في حالة من الشعور البغيض و الضغط الشديد و في اليوم التالي بدأت وسائل الإعلام الإلكتروني بالنبش عن ما حدث في محاولة لفهم الأمور خاصة عن سبب فشل العملية ، و في يوم الأحد ظهرت الصحافة بعناوين صعبة ضد الجيش و وحدة قيادة الأركان و حديث مدح و إطراء للشاباك .

و وجّهت الانتقادات إلى الفشل في التنفيذ من خلال إبراز حقيقة أن المنفّذين كان بحوزتهم معلومات استخباراتية متميزة و كاملة ، و أن عرض هذه الأمور في هذه الصورة أخرجت الجيش و الشاباك خارج دائرة الانتقاد ، و عندما وصلت إلى جلسة الحكومة يوم الأحد استوعبت الأسى الذي بان في أوساط الجيش و الذي تسبّب بالفشل ، أما الشاباك فقد نال المديح ، و فوراً و مع وصولي إلى مكتب رئيس الحكومة طلب مني "داني ياتوم" أن أدخل إلى مكتب رابين و كان "إيهود باراك" بجانبه و كان من الواضح لثلاثتنا أنه ليس بالإمكان عمل أي شيء حول قضية تسريب المعلومات لأن الحقيقة تقول إن هذا السر كان يعلم به المئات .

و إن الأهم هو التأكيد أولاً و قبل كلّ شيء على وحدة الجيش (الإسرائيلي) و الشاباك في وجه (الإرهاب) ، فعلى الرغم من النجاح أو الفشل يجب أن تبقى هذه العلاقة قوية فمن غير المعقول الانزلاق في تبادل الاتهامات على ضوء الخلفيات السلبية للإعلام .

و في ظهيرة يوم الأحد عقد "إيهود باراك" جلسة صحافية في القدس و ذلك من أجل إعطاء توضيح مفصل على ما حصل ، و طلب مني "إسحاق رابين" بالإضافة إلى "باراك" أن أشترك في هذا المؤتمر الصحافي حيث كان هذا طلباً شاذاً و لم أتخيّل مثل هذا الأمر في تلك الأيام و لم يسبق ذلك و أن أشترك كرئيس للشاباك في مؤتمر صحافي ، و ترك "رابين" اتخاذ القرار في يدي و بعد التفكير في الأمر قرّرت الاشتراك حيث كان السبب الأساسي لهذا الأمر هو محاولة وقف الحزن بين الشاباك و الجيش (الإسرائيلي) ، و جلست في المؤتمر لم أتكلّم بكلمة واحدة و كان هناك من حاول سؤالي سؤالاً أو سؤالين لكن "إيهود باراك" أجاب عني ، فإن حقيقة وجودي في هذا المؤتمر إلى جانب "إيهود باراك" هو رسالة بأننا متحدّون و مستمرون في العمل سوياً و أنه ليس هناك أيّ أزمة عدم ثقة بين هاتين المؤسستين .

و كان من المهم بالنسبة لي أن ألتقي مع والد الجندي "إيهودا فاكسمين" و حتى اليوم فإنني أنظر بتعجّب إلى القوة النفسية التي يكرسها من أجل السلام و كان يعتقد يهودا فاكسمن (والد المخطوف - المترجم) أن عملية الإنقاذ كانت ممكنة و كان يعتقد أيضاً أنه يجب الاستجابة لطلب الخاطفين و إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من أجل إنقاذ ابنه .

و على الرغم من ذلك فقد أعجبت بقناعته أنه مؤمن بكلّ قلبه بأن هذا هو القرار الصحيح ، فبعد محاولة الاغتيال التي تعرّض لها خالد مشعل و إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين حيث كان هناك نقاش حول الأمر فهذه القضية دعمت موقف هذا الرجل ، فحسب رأيه و بعد انتهاء هذه القضية و إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين (من السجون (الإسرائيلية) - المترجم) و رجال الشاباك (من السجون الأردنية - المترجم) حيث لم تشكّل عملية إلقاء القبض عليهم أي خطر على حياتهم ، بل فقط خطر دخولهم السجن في الأردن ، فمن الصعب فهم حقيقة أنه عندما كان الأمر متعلقاً بابن "يهودا فاكسمن" كان غير ممكنٍ عملية التبادل ، فشعوره كان صعباً حول عملية إطلاق سراح الشيخ ياسين بسهولة ضمن هذه الصفقة في حين أن عملية خطف ابنه كان من غير الممكن إطلاق سراحه و تنتهي القضية بقتل ابنه .

عدم الرضوخ :

فكلّ حكومات (إسرائيل) قد أعطت قرارها بعدم الرضوخ للابتزاز و الاستجابة إلى خطف الرهائن و هذا برأيي القرار الممكن و الوحيد عندما يكون الإرهاب نشطاً ، و الشيخ ياسين تم إطلاق سراحه على خلفية أخرى ، و بعد أن قام بجولة في العالم فقد عزّز من قوة حركة حماس و جمع لصالح حركة حماس أموالاً طائلة ، و هو يجلس الآن آمناً في قطاع غزة و حسب تقديره بأنه ليس له علاقة بالعمل (الإرهابي) ، و الرنتيسي الذي أطلق سراحه أيضاً عاد و أصبح قائداً سياسياً مهماً لحركة حماس في قطاع غزة ، أما موسى أبو مرزوق أحد زعماء حماس فقد طلبت حكومة (إسرائيل من الأمريكيين) أن يتم اعتقاله ، واستجيب لذلك و لكن عندما اقترح موضوع تسليمه إلى (إسرائيل) رفضت ذلك و كانت هذه ضمن ثلاثة قضايا غريبة لحكومة نتنياهو التي مكّنت قيادة حماس أن تظهر زعامتها القوية ضد عرفات الذي وقّعنا معه على اتفاقية سلام .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

الشاباك بين الأشلاء

الحلقة الثانية

كارمي غيلون

(رئيس الشاباك السابق)

الفصل (1 ص355-361)

نهاية المهندس (يحيى عياش)

الخليل- ترجمة خاصة :

في الحلقة الثانية من الترجمة الخاصة بالمركز لكتاب (الشاباك بين الأشلاء) لمؤلفه "كارمي غيلون" رئيس الشاباك الصهيوني السابق نتناول قضية اغتيال المهندس يحيى عياش مهندس العمليات الاستشهادية ، و هي الفصل "21" من الكتاب (ص 355 –361 ) ابتداء من مطاردته و انتقاله إلى قطاع غزة ثم استشهاده . و فيما يلي ترجمة الفصل :

مطلوب رقم "1"

منذ استلامي لوظيفتي كرئيس للشاباك كنت حينها أذهب إلى النوم مستحضراً في مخيلتي "يحيى عياش" (مهندس العمليات الاستشهادية في حماس-المترجم) و كنت أستيقظ مع هذه الشخصية صباحاً ، كعادة عودت نفسي عليها لمدة أشهر ، فيحيى عياش الذي أعلن عنه بأنه مطلوب رقم "1" في إبريل 1991م ؛ فخلال الأربع سنوات والنصف من مطاردته ، وقبل مقتله كان مسؤولاً مباشراً عن مقتل 54 (إسرائيلياً) وجرح 430 شخصا آخرين.

يعتبر عياش من مواليد سنة 1966 ، وهو من سكان قرية رافات قضاء قلقيلية من الضفة الغربية، وتعلم الهندسة في جامعة بيرزيت و هو من أدخل العمليات (الاستشهادية-المترجم) إلى المنطقة بحضور كبير . و هنا السؤال لماذا يعتبر عياش حتى اليوم أحد الأبطال القوميين للشعب الفلسطيني و وضعه على قائمة كبار المقاتلين ضد (إسرائيل) ؟ .

العملية الأولى

فالعملية الأولى التي قام بتخطيطها يحيى عياش كانت في صباح نوفمبر 1992 عندما اكتشفت سيارة مفخ~خة في حي "رمات إفعال" بالقرب من تل أبيب و قد تم تركيب و تفخيخ هذه السيارة على يده ، و لحسن الحظ أن هذه السيارة لم تنفجر ، و عندها لقب عياش و لأول مرة بلقب المهندس ، و أصبح المطلوب رقم "1" لقوات الجيش (الإسرائيلي) و الشاباك ، فكل جندي (إسرائيلي) استلم مذكرة و بداخلها صور المطلوبين ، و كانت صورة عياش على وجه المذكرة .

و كان عياش مسؤولاً عن عدة عمليات و لكن النجاح الأول كان قد تحقّق له بإرسال (الانتحاري) الذي فجّر نفسه في باص رقم (5) في شارع "ديزنقوف" في تل أبيب من شهر أكتوبر 1994 .

إن هذه العمليات الصعبة دفعتني إلى أن أتعرف على شخصية من يقف وراءها ، و أن أتعرف عليه شخصياً ، فأنا لا أستطيع القول إني كرهته و أنا لا أذكر ذلك .

فأنا لم أكره أبداً أي شخص بسبب العمل المهني ، و هنا أيقنت شيئاً واحداً ، و هو إن تأخرنا في اعتقال يحيى عياش سيكون مزيداً من القتل لـ (الإسرائيليين) ، و أن دماءهم ستكون تحت مسؤوليتنا ، و أن كل يوم يربحه يحيى سيكون مساهمة من جانبه في (الإرهاب) ، فقد كان لهذا الرجل أساليب مدهشة للنجاة .

بدء الملاحقة

و خلال الثلاث سنوات التي كان فيها عياش مطلوباً كان يساعده عدة أشخاص وصلت العلاقة بينهم إلى ألفة و مودة ، فقد عاشوا معه في خصوصية حياته ، و قد توطّدت العلاقة بينهم إلى حد كبير ، و كانت هناك مجموعة كاملة من الأشخاص ليس لديها عمل إلا في قضية المهندس .

فمن ناحية النظرة العملية و المهنية فإن هذا العمل (اعتقال المهندس- المترجم) يعتبر معقداً جداً لوجود تنسيق بين أقسام التنفيذ من الاستخبارات و قسم التكنولوجيا و قسم الشؤون العربية و بالمقابل هناك تنسيق معقد مع الجيش ، و إن اتخاذ قرارات تنفيذية في مثل هذا الحجم تصدر من قبل رئيس الشاباك فقط .

و أيضاً مع تعييني رئيساً للشاباك في مارس 95 قرّرت أن أتولى إدارة العملية بشكلٍ شخصي ، و كان لهذا القرار مغزى من ناحية أسلوبي في العمل ضمن وظيفتي في الشاباك .

فقد استفدت درساً مهماً من عملية إلقاء القبض على الحركة السرية اليهودية ؛ فعمل القيادة قام بتركيز الصلاحيات المطلوبة في العمل ، و التعاون مع جميع الأوساط التي لها علاقة في الأمر ، و هذا قد اختصر الوقت و الجهد و التعامل بأوساط معقدة ، لذلك أنشات في مكتبي منتدى أسبوعياً كان يحضره رؤساء القوات التي لها علاقة بالأمر و العمل ، و أؤكد أن آلية العمل (النادي الأسبوعي- المترجم) هذه الحالة النادرة و الخاصة ، سهلت بصورة كبيرة توجيه العمل المشترك .

عياش ينال الاحترام

فقد كانت ليحيى عياش عائلة : زوجة و ابن وحيد صغير ، و كان يحبهم كثيراً . و قد تعلم الهندسة و هذا يعني أنه يتأقلم في هذه الحياة بسهولة و ينال الاحترام و موقعاً اجتماعياً و اقتصادياً مناسباً ، فـ (الانتحاريون) الذين كان يرسلهم من أجل تنفيذ العمليات لم يكن لهم مثل هذه الامتيازات ، فمعظمهم كانوا فقراء تنقصهم الثقافة و المعرفة ، و ينتظرهم مستقبل غامض ، فحلموا بأن يصبحوا شهداء و ينالوا 72 عذراء في الجنة ، و في المقابل كان باستطاعة يحيى عياش أن يصبح ناشطاً سياسياً بالدرجة الأولى لكنه تجاوز الحد ، و أصبح مطلوباً و هكذا حسم مصيره و ربما كان يعرف ذلك مسبقاً .

إن حياة المطلوب صعبة و مرة عليه ، فهو يغير مكانه في كل ليلة ، و عليه أن يكون دائماً مستعداً للهرو ، فمعظم لياليه يقضيها في الأودية و البيّارات ، و ليس في الفراش الوتير ، فقد تعرّف عياش على ابنه بصعوبة فلم يمكث في بيت الزوجية زمناً طويلاً ، و عندما أصبح مطلوباً علم أنه لا يجب أن يحضر للبيت حيث تكمن له قواتنا بشكل دائم ، فقد تعقبناه كما في الأفلام الغربية الجامحة .

رابين يتابع المهندس

و يذكَر هنا أن رابين كان يعرف كل شيء عن يحيى عياش ، و عن جهودنا في اعتراض سبيله ؛ فمنذ تعيينه رئيساً للوزراء و وزيراً للدفاع في شهر يوليو 92 و خلال كل مقابلة مع رئيس المخابرات الأسبق "يعقوب بيري" و بعد ذلك معي ، كان مهتماً بموضوع آخر التطورات لما يحصل مع يحيى عياش ؛ فهو يعلم أننا نبذل كل جهدنا و لم يوبّخنا و لكنه لم ينكر أنه خائب الأمل حتى بصورة شخصية بسبب عدم إلقاء القبض على يحيى عياش .

و في شهر مايو أو يوليو من سنة 1995 انتقل يحيى عياش إلى قطاع غزة و من هناك واصل عمله في إدارة و تشغيل خلايا في الضفة الغربية قامت بتنفيذ أعمال (إرهابية) ، و أن عملية انتقاله إلى قطاع غزة صعبت و قلصت القدرة العملية في تعقب الشاباك لهذا الشخص و ذلك بسبب خضوع قطاع غزة لسيطرة السلطة الفلسطينية ، و بسبب ذلك عملنا بمسارات متوازية ، فمن جانب استثمرنا كثيراً في مجالات العمل المتعدد في محاولة لاعتراض و إلقاء القبض على "المهندس" ، و من جانب آخر في مجال التعاون مع الفلسطينيين حيث زوّدناهم بالمعلومات التي كانت بيدنا عن وجود يحيى عياش في قطاع غزة .

تسليم المطلوبين!!

و لا أعتقد أن ياسر عرفات سيسلّم "المهندس" أو أي مطلوب آخر إلينا ، و حسب رأيي فإن هذه المادة من الاتفاق (الإسرائيلي) – الفلسطيني هي مادة سياسية حيث إنه من غير الممكن تطبيقه عملياً على أرض الواقع ، فأنا مؤمن بأنه عندما وُقّع على هذا الاتفاق فإن الموقعين عليه قد فهموا هذا الأمر ، و أن هذا البند من الاتفاق وجد فقط لحاجات سياسية و ذلك لطلب رأي العام (الإسرائيلي) لا أكثر من ذلك ، فمن يعتقد أن عرفات سيقوم بتسليم المحسوبين على المقاومة ، و من وجهة نظره مقاتلي حرية ، لـ (إسرائيل) مخطئ خطأ كبيراً ، و لكن الذي يعنيني هو أن يوقف يحيى عياش عملياته بسبب كونه العدو الأخطر في تاريخ نشأة (الإرهاب) المعادي لـ (إسرائيل) .

و بالنسبة لي لم يكن مهماً إذا ما قام عرفات باعتقال عياش أو نفيه إلى ليبيا أو إلى ميامي ، و المهم هو أن لا يمس هذا الشخص المواد المتفجرة ، و أن لا يخطّط للعلميات و لهذا السبب أبلغنا عرفات عن وجود عياش .

شبكة استخبارات خاصة

و قد نصبنا شبكة من الاستخبارات على أمل أن يقع عياش بداخلها ، فهذا التقدير بحاجة إلى وقت كبير خاصة و أن المنطقة ليست تحت سيطرتنا الأمنية ، فقد انتقل إلى قطاع غزة في يوليو 1995 و قد قتل في يناير 1996 ، فطوال هذا الوقت كان يختبئ في قطاع غزة داخل حوالي مليون فلسطيني الذين كان معظمهم مسروراً بتقديم المساعدة ليحيى عياش .

و السنوات التي قضاها عياش مختبئاً في الضفة الغربية متنقلاً من مكان إلى آخر جعلت منه خبيراً مهنياً لا مثيل له في التخفي ، فقد تم تحذيره بأن لا يستخدم جهاز التلفون و أحاط برجال لم يعلموا عنه إلا الندر من المعلومات الضرورية و التي تخدم عياش فقط ، لذلك كان من الصعب علينا أن نحصل على معلومات استخباراتية كاملة لهذا الشخص ، و لكن الأمر الذي كان معلوماً لدينا جيداً هو أن عياش كان متعلقاً جداً بوالدته و كان والده كان يعمل داخل الخط الأخضر و والدته تعمل كربة بيت .

فقمنا باعتقالها للتحقيق و لكن لم نحصل منها على أية معلومات ذات فائدة ، و ذلك بسبب عدم معرفتنا الشيء الكثير عن تحركاته ، فقد كان عياش ذكي جداً و كان يعلم أن والدته قد تكون نقطة الضعف و من وجهة نظره .

انتقال العائلة لغزة

و طوال محاولاتنا بذل جهودنا لاعتقال عياش أخذت نفسي مثالاً ، و كنت أتسائل عن نقطة الضعف الكبيرة بالنسبة لي ، فكانت الإجابة السريعة و الفورية هي : زوجتي و بناتي الثلاث ، فإن كان لدي أمل في رؤيتهم - قلت لنفسي - سأبذل كل جهد من أجل ذلك ، فإذا ما كانوا في الضفة الغربية و أنا في قطاع غزة فسأعتاد على أن أتأقلم مع الشوق إليهم ؛ لأن الغاية تبرر الوسيلة ، و لكن إذا ما كانوا بالقرب من المكان فسيكون من الصعب عليّ أن لا أتردّد في رؤيتهم و سأبذل كل جهد من أجل رؤيتهم .

و هكذا فإن عائلة يحيى عياش انتقلت للعيش في بيت لاهيا من قطاع غزة ، و موّلت حركة حماس هذه العائلة ، و نالت عائلة عياش احتراماً كبيراً بسبب ابنها يحيى و الذي أصبح أسطورة و بطلاً وطنياً بلا منازع من بين مساندي (الإرهاب) الفلسطيني (المقاومة- المترجم) ، ففي مرة من المرات قلت لإسحاق رابين : إذا ما ألف كتاب عن كتائب الكوماندو للصراع الفلسطيني فسيكون في هذا الكتاب عشرات الصفحات مخصصة ليحيى عياش ، و أيضاً من ناحيتنا فقد أصبح عياش أسطورة عند المجتمع (الإسرائيلي) ، و ليس فقط لدى جهاز الشاباك ، فاسم المهندس يحيى عياش على لسان الجميع و تنسب إليه كل عملية ، و خلال لقائي مع إسحاق رابين كان يبدأ بالسؤال عن يحيى عياش ، فقد كان هذا موضوع لم يتوقف من جدول الأعمال الأمني و الوطني .

حاسة سادسة

و لم يكن يحيى عياش مجرد "إرهابي" (مجاهد - المترجم) أو خبير في تركيب المتفجرات بل كان شخصاً حكيماً و ذكياً يتمتع بحواس حادة ، و كان عياش يعلم جيداً أن العمل السري هو أفضل وسيلة للنجاة فقد كان دقيقاً جداً و خاصة بموضوع الاتصالات ، فعلى سبيل المثال كان تلميذه و رسوله بعد أن هرب إلى قطاع غزة عبد الناصر عيسى ، و كانت تعليماته تصل عن طريق عددٍ من الرسل ، و لكي يؤكّد على التوجيه العملي فقد كان يعرف فقط الرسول الأخير ضمن هذا العدد من الرسل و ليس أي شخص آخر .

لقد كان حذراً جداً بعلاقته مع الآخرين و وُهب كفاءة ضبط النفس بصورة غير عادية ، و علمنا أنه من الصعب الوصول إليه بالطرق العادية ، و لكننا نعلم أن شخصاً يهرب طوال الوقت سيضعف في النهاية و إن هذه اللحظة النهاية ستدنو و أن القضية هي مسألة وقت .

لقد حاولنا اعتراضه عدة مرات في قطاع غزة ، و لكن لم ننجح ، و في إحدى المرات كنا على وشك إلقاء القبض عليه لكنه تمكّن من الهرب من بين أيدينا في اللحظة الأخيرة ، و كانت له حاسة سادسة .. لقد نجح بأن لا يسقط في الفخ .

تراجع الشاباك

و في شهر ديسمبر 95 حيث الذي كان حرجاً و حاسماً ، بعد شهر من مقتل إسحاق رابين ، كانت لجنة شمجار (لجنة التحقيق في مقتل رابين - المترجم) تعمل و في المقابل كان الشاباك مستمراً في أعماله الكثيرة والمتعددة و على رأسها مكافحة (الإرهاب) و متابعة اتفاق أوسلو ، و كانت المعنويات منخفضة ، إضافة إلى الحزن و الشعور بالفشل ، و اعتبر الشاباك و كأنه "لا يرجى منه خيراً" حيث شعر الكثير بالظلم الكبير حتى الذين لم يكن لهم علاقة بمقتل رابين ، و على الرغم من الأجواء المكفهرة فقد عمل الجميع بعملهم الصعب .

و في نفس الشهر و تحت رعاية الحكومة المصرية عقد في القاهرة لقاء بين عرفات و رجاله و بين حماس في محاولة لإيجاد نص اتفاق ؛ فشخصيات الذراع السياسي الموجودون في الضفة الغربية و قطاع غزة تحت ضغوط عرفات و (إسرائيل) مالوا نحو الحل ، و لكن القيادة الخارجية لحركة حماس و التي تقيم و هي آمنة في العاصمة الأردنية عمان أحبطت هذا الحل و فشلت الجهود و انتهى اللقاء ، و فهم عرفات أن حماس ستواصل معارضتها النشطة و أيضاً مواصلة العمليات (الإرهابية) و التي تشكّل خطراً على سلطة عرفات .

و خلال شهر ديسمبر 95 عملنا كالمجانين بموضوع المهندس و على مدار الساعة و كانت الاجتماعات تعقد في مكتبي مرتين في الأسبوع .

عملية الاغتيال

و في يوم الجمعة 5 يناير 1996 كان عليّ الحضور صباحاً إلى مكتب وزارة الدفاع في ضاحية تل أبيب و ذلك من أجل نقاش موضوع الإفراج عن سجناء أمنيين ، و عندما وصلت إلى مكتب وزير الدفاع كان شمعون بيرس مجتمعاً مع رئيس الأركان و ضباط كبار في الجيش (الإسرائيلي) ، و طلبت أن يخرج السكرتير العسكري من الجلسة داني ياتوم و أخبرته أن هناك انفجاراً في بيت لاهيا في قطاع غزة و ربما يكون المهندس قد أصيب جراء هذا الانفجار .

و فوراً انتهى الاجتماع و أخبرت شمعون بيرس قائم مقام رئيس الوزراء فوجئت أنه يعلم أسرار اعتراض المهندس ، فقد تبين أن إسحاق رابين قد تعوّد على إفشاء أسراره إلى شمعون بيرس .

و كان موجوداً داخل الغرفة إضافة إلى شمعون بيرس رئيس الأركان أمنون ليفيكين شاحاك ، و نائبه متان فيلنائي و رئيس الاستخبارات يوجي يعلون و عدد من ضباط الجيش ، و كان هناك توتراً رهيباً ، فقد مرّت ساعات طويلة بأعصاب متوترة حتى بدأت تتوافد إلينا معلومات على ما حصل في بيت لاهيا حيث يوجد المهندس ، فكلما مرّ الوقت جاءتنا أخبار و حسب هذه المعلومات كان من الواضح لنا شخصياً ما قد أصيب هناك و لكن لم نعرف لحظتها فيما إذا قتل أم أصيب .

و عند الظهيرة وصلتنا الحقيقة بأن المهندس قد قتل و عندما سمعت هذا الكلام شعرت براحة نفسية كبيرة . و على ضوء الاعتقاد أن الشاباك هو الذي صفّى جسدياً يحيى عياش فقد ثارت بعد ذلك خلافات شديدة حول فهم هذه العملية و دمويتها و ذلك بسبب أن حماس قد أعلنت عن مسيرة الانتقام ؛ فخلال شهر من مقتل عياش نفّذت عدة عمليات انتقامية ، فقد سعت حماس بأن تعلن عن كلّ عملية بأنها انتقام على مقتل يحيى عياش و كأنه لو لم يقتل لم تكن هناك عمليات .

الكل مستهدف

و ثارت الإشاعات التي أفادت أننا ، أي الشاباك ، من عملنا ضد يحيى عياش ، فمن جانبنا هذا هو ردع و رسالة للآخرين لأن ذراع الشاباك الطويلة تستطيع الوصول أيضاً إلى قطاع غزة ، و لأي "مخرب" (مجاهد - المترجم) أكان مطلوباً أو "إرهابياً" أو محتملاً ، فليس هناك مكان آمن ، هذه الرسالة لن تتسبب لمطلوبي "حماس" بالخوف أو التوقف عن تنفيذ عمليات ، و لكن عندما يعرف المطلوبون أنهم غير آمنين فإنهم سيتوقعون التعرّض لهم ، و سيضعون أمام أنفسهم الصعوبات (يأخذونها بعين الاعتبار- المترجم) ، فبعد موت عياش (و أيضاً موت الأخوين عوض الله و محيي الدين الشريف بعد ذلك) هرب مطلوبو حماس من بيوتهم خوفاً من وصول الشاباك إليهم ، فيجب إيجاد توازن رعب بين (الإرهابيين) القتلة (المجاهدين -المترجم) و بين دولة (إسرائيل) ، فيجب أن يعرفوا أن نهايتهم إما الاعتقال أو القتل .

فالإشاعات التي انتشرت بأن الشاباك هو من قتل عياش كان لها مردود إيجابي للشاباك ، فبعد مقتل إسحاق رابين ضغط علينا بدون رحمة و كانت المعنويات منخفضة بدءاً بعمال النظافة ، و حتى القيادة العليا في الشاباك ؛ فهناك أناس قد تضرّروا و لم يكن لهم أي علاقة لمنع مقتل إسحاق رابين و قد وبّخوا .

و بعد مقتل يحيى عياش رجعت الأفكار السابقة عن الشاباك لسابق عهدها ، فمرة ثانية لم يقولوا إن الشاباك لا يساوي شيئاً ، و المهم أن ما عمله الشاباك لرجاله هو أنه قد أرجع لهم الثقة بأنفسهم فقد منحهم الثقة و أثبت لهم أنهم ما زالوا قوة مهمة خلاقة دقيقة و شجاعة .

فشخصياً شعرت الآن أنني أوفيت على التعهد الذي وقعت به لشمعون بيرس عندما وعدته بأن أرجع الشاباك للخطوط الصحيحة ، و أن أرجع له الثقة و بسبب ذلك بقيت في وظيفتي و حينها (أي بعد مقتل عياش) شعرت بالثقة ، و ذلك في أن أعود إلى شمعون بيرس و أن أقول له إنني الآن مضطر إلى الاستقالة و في اليوم التالي لمقتل عياش و مع انتهاء يوم السبت 6 يناير 1996 بعد شهرين من عملية القتل التي تعرّض لها رابين أعلنت لنيروجي ساره و أصدقائي إنه في يوم الأحد صباحاً سأقدّم استقالتي و هكذا كان .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 5 أسابيع...

الشاباك بين الأشلاء

الحلقة الثالثة

كارمي غيلون

(رئيس الشاباك السابق)

إرهاب أمام المفاوضات "2"

الخليل - ترجمة خاصة :

في هذا الجزء (من ص 189 - إلى ص194) من الفصل الثالث عشر من كتابه (الشاباك بين الأشلاء) يتناول "كارمي غيلون" رئيس الشاباك السابق ، الحديث عن حركة حماس و أهدافها و أيديولوجيتها و يتهم قادة حماس في الخارج بأنهم قادة الجناح العسكري للحركة .

ثم يتحدّث الكاتب عن تعقّب مجموعات لكتائب القسام و العلاقة مع السلطة في هذا المجال ثم استشهاد أعضائها في القدس و الخليل و غيرها .

المبدأ و البنية التحتية :

إن رفض حركة حماس الاعتراف بحق إقامة (إسرائيل) هو مبدأ ديني مقدّس ، هكذا يظهر الفرق الفاصل بينها و بين الحركات العلمانية مثل منظمة التحرير الفلسطينية ، و منظمة التحرير الفلسطينية كان بمقدورها أن تكبر خلال ما يزيد عن عشرين عاماً بأيدولوجية رأت في (إسرائيل) دولة إمبريالية مارقة ، يجب تصفيتها لكن في كل لحظة معينة كان يمكن الوصول لنتيجة تصل الظروف فيها إلى انفراج و يتم تغيير أيدولوجيتها من جديد .

الحديث طريق صعب و طويل و مكتظ بمعوّقات لكن لا مانع من إمكانية التغلب عليه ، هذا تماماً ما حصل مع منظمة التحرير الفلسطينية في النصف الثاني لعام 1980 حتى إعلان المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في نهاية 1988 .

أما بالنسبة إلى حركة حماس و حسب ما ذكر سابقاً فإن الوضع مختلف فحماس شبيهة للإخوان المسلمين في مصر و المنظمات (المتطرفة) من هذا النوع في دول إسلامية أخرى "نشاطاتها الأساسية هي اجتماعية دينية تعليمية و إعلامية" . و هدفها إقامة الفرائض الأساسية في الدين الإسلامي و الدعوة التي هي واجب على كلّ مسلم أن يعمل و يقنع من أجل كلّ مسلم أينما وجد مؤمن دينياً أصيل ، إحدى الوسائل لتحقيق هذا الهدف هو العمل الاجتماعي الذي لأهميته المرئية الواضحة تم إقامة مدارس و نوادي و مؤسسات طبية و عيادات لمعالجة الأمهات و الأطفال الرضع و مشافي لمتعاطي السموم .. الخ .

كل هذه النشاطات ليست من ناحية إنسانية فقط و إنما لإقامة واجب الدعوة و لتمويل المواطنين المؤمنين و جعلهم (متطرّفين) . فكلّ النشاطات و المؤسسات الاجتماعية التي ذكرت سابقاً تعتبر البنية التحتية لحركة حماس .

عندما تسمع الدعوة الموجّهة للسلطة الفلسطينية "العمل ضد البنية التحتية لحماس" ، فهنا السؤال : لماذا لم تقم (إسرائيل) طوال سنوات حكمها في المناطق و خاصة منذ 1988 عندما ازدهرت حماس حيث امتنعت (إسرائيل) عن إغلاق مساجد و عيادات و مدارس التي استغلت كمنبر للتحريض ضد (إسرائيل) و لتقوية الروح عند (المنتحرين) و (المتطرفين) ، الادعاء لذلك كان واضحاً أيضاً حكومة (إسرائيل) لم يخطر على بالها أن الشعب اليهودي الذي مرّ بكثير من الملاحقات على أساس ديني ، يقوم بإغلاق مؤسسة دينية ما ، على الرغم من التحريض الذي يدار فيها ، اليوم سمع الدعوى اتجاه عرفات الذي يفهم جيداً بإحساسه السياسي الحاد ، في عملياته ضد البنية التحتية لحماس تضرّ بجدية في منصبه السياسي في الجانب الفلسطيني و تضر بزعامته .

لذلك فإن التوقع أن يقوم عرفات بإغلاق مساجد إذا تم فيها التحريض لا يوجد ما يدعمه ، علاوة على ذلك لـ (إسرائيل) يوجد مصلحة واضحة في أن يكون عرفات صاحب مركز صارم في الجانب الفلسطيني . فقط مع زعيم يحذو طريق عرفات من الممكن تجاوز المطبات و تحقيق اتفاقية (سلام) .

العمليات العسكرية (الإرهابية) لحركة حماس التي تدار من قبل الذراع العسكري للحركة المسمى "كتائب عز الدين القسام" على اسم أحد زعماء (التمرد) العربي ضد الحكم البريطاني في الثلاثينات .

القيادة السياسية و العسكرية

بصورة عامة يوجد فصل بين القيادة السياسية للحركة و بين الذراع العسكري ، فالقيادة الخارجية و خاصة في الأردن و دمشق و السودان هي التي توجّه نشاطات الذراع العسكري . هذا الفصل مبنيّ على اعتقاد أن قيادة الداخل التي مقرّها في غزة يجب أن تحافظ على اعتدالها أمام السلطة حتى لا يتم التعرّض لها عقب العمليات العسكرية ، و السماح لقيادة الداخل و تركيز انتباهها على واجب الدعوة و النشطات السياسية و الاجتماعية و الدينية .

على سبيل المثال لم ننجح نهائياً أن نربط بين نشاطات المطلوبين مثل المهندس محمد ضيف و بين القيادة الداخلية إنما فقط بينهم و بين القيادة الموجودة في عمّان .

أحد الحوادث كان يمكن أن يلاحظ من بين القيادات حيث كان في أواخر سنة 1995حيث أدار عرفات مفاوضات مكثفة مع قيادة الداخل لحركة حماس "الشيخ ياسين كان لا يزال في السجن" في محاولة لإقناعهم التوقف عن استخدام (الإرهاب) و الاكتفاء بنشاطات سياسية و لو كانت معارضة لاتفاق أوسلو .

يشار إلى أن (إسرائيل) أيّدت هذا الحوار ، و سمحت بدخول و خروج زعماء حماس الموجودين في الضفة الغربية إلى غزة من أجل هذه الاجتماعات مع عرفات و رجاله .

و بعد أن تم الاتفاق بينهم طلبت القيادة الداخلية لحماس أن تخرج إلى خارج المناطق من أجل الحصول على موافقة الزعامة الخارجية حيث كان اللقاء في القاهرة في شهر كانون أول عام 1995 برعاية مصرية و فشل تماماً حيث رفضت قيادة حماس الخارجية إلقاء سلاح (الإرهاب) من أيديها , و حسب رأيي فإن الأمر العملي من المفاوضات و القرار النهائي الذي اتخذ في القاهرة هو أنه بين أغسطس 1995 إلى فبراير 1996 امتنعت حركة حماس عن تنفيذ عمليات ، و قرار القاهرة هو السبب لتجدّد العمليات بشكلٍ عنيف في فبراير 1996 .

حماس عرفت كيف تخلق تأييداً جماهيرياً واسعاً من الشعب الفلسطيني حيث ربطت عملياتها بالانتقام للشهداء مثل يحيى عياش و ليس لحقيقة سياستها و هي استخدام عملياتها كأداة "و لأسفنا فهو فعال" لإنهاء عملية السلام , و إذا ما لاحظنا على مواعيد الانطلاقة في المفاوضات مع الفلسطينيين نرى أن العمليات تكون دائماً عندما تصل العملية السلمية إلى لحظة زمنية فاصلة من لحظة وصولها إلى الهدف .

في هذا الجانب كان لي نقاشات صعبة مع جهاز الاستخبارات خاصة مع شعبة استخبارات في الجيش (الإسرائيلي) الذي ادعى بقوة أن عمليات حماس إنما هي رغبة في الانتقام من اعتراض المطلوبين لكن في السنة الأخيرة بدا التحوّل و تم الاتفاق على أن حدوث العلميات هو نتيجة التقدّم في العملية السلمية .

الإفراج عن الشيخ ياسين أوجد نوعاً من الاتزان بين القيادة الداخلية و القيادة الخارجية , و أن مكانة ياسين قد عزّزت من جديد قيادة الداخل . الافتراض المقبول اليوم هو أن 70 % من مجموع السكان الفلسطينيين في المناطق تؤيّد حسب المعطيات المختلفة عرفات و العملية السلمية مع (إسرائيل) . أيضاً فإن 30 % يؤيّدون حماس و يعارضون المفاوضات السلمية ، و كما هو معروف فإن التطورات السياسية و الاقتصادية و أموراً أخرى تؤثّر على هذه النسب ، و عندما خرجت منظمة التحرير الفلسطينية من دائرة (الإرهاب) و احتلت مكانها حركة حماس ، استمر (الإرهاب) الفلسطيني من داخل السكان الفلسطينيين في المناطق و ليس من الخارج .

صحيح أن جزءاً من رؤساء الذراع العسكري لحماس في الأردن اهتموا بتمويل العمليات (الإرهابية) و قاموا بإعطاء تعليمات عامة , لكن الفلسطينيين في المناطق هم الذين خطّطوا و نفّذوا مسيرة (الإرهاب) بدءاً بالزجاجات الحارقة حتى العمليات التفجيرية التي تم التخطيط لها بصرامة كبيرة.

في سنة 1993 و عندما قرّر المستوى السياسي أن طريق أوسلو هي الحل السياسي للنزاع (الإسرائيلي) - الفلسطيني كان هذا مفاجئاً للمخابرات و لكن تم تقبّل القرار .

و على الرغم من أنه لم تقم خلال عشرات السنين اتصالات إلى حد قريب مع السكان الفلسطينيين و لكن استقبلنا قرار رابين الوارد سابقاً لحقيقة واقعة كوجهة نظر مهنية ، و عملنا كلّ شيء من أجل مساعدة المستوى السياسي .

فمنذ سنة 1993 و صاعداً كنا شركاء مستشاري رئيس الحكومة في المفاوضات السياسية و عملنا كلّ شيء من أجل التوصل إلى اتفاق أمني جيد ، و جنباً إلى جنب فقد واصلنا و صعّدنا الحرب على المنظمات التي واصلت (الإرهاب) , ليس فقط في هذا سراً بل العكس رأينا في ذلك جانبين يكمل الواحد الثاني لسياسة واحدة لا تقبل التأويل و على الرغم من انشغالنا المكثف في عملية المفاوضات السلمية ، فإنه لدينا الرغبة في محاربة (الإرهاب) .

عندما تجري عملية سياسية بين (إسرائيل) و الفلسطينيين المخابرات تأخذ فيها جزءاً كبيراً في تشكيل التصوّرات .. رئيس المخابرات العامة هو الذي يزوّد الاستخبارات و المرشد الاستخباراتي الرئيس لرئيس الحكومة بهذا الموضوع .

لكن الحرب على (الإرهاب) تحتاج إلى تتواصل بل أن تشتد عندما توجد عملية سياسية و السبب واضح هو أن لـ (المتطرفين) مصلحة لإفشال العملية السلمية عن طريق (الإرهاب) . و هذا ما حصل خلال فترة وجودي القصيرة في المخابرات العامة حيث تم اعتراض أكثر (المخرّبين) خطورة على زمني و خلال الفترة السابقة .

في شهر آذار 1995 و حتى شباط 1996 نقص من قائمة المطلوبين غالبيتهم و هم التاريخيون ثلاثة و عشرون رجلاً ، عشرة منهم قتلوا خلال اعتراضهم و الباقي اعتقلوا . و تم الكشف عن 269 عملية ضد (إسرائيل) ، حصلت خلال فترة طويلة بدأت سنوات قبل وجودي في رئاسة الشاباك و أحبطت 64 عملية قتل (انتحارية) جماعي ، و اعتقل خلال هذه العمليات (العدائية) حوالي 4000 شخص الغالبية العظمى من رجال حماس و الجهاد الإسلامي .

ساعد في ذلك رئيس الحكومة إسحاق رابين الذي تعامل مع العملية السلمية كأنه لا يوجد (إرهاب) و حارب (الإرهاب) و كأنه لا يوجد عملية سياسية ، لم تكن مقولة اعتباطية ، إنما كأنه مبدأ مقدّس ، خلافاً لي حيث تعوّدت على النظر إلى (الإرهابيين) بصورة باردة تقريباً منفصلة , فإسحاق رابين حقاً كره (الإرهابيين) و مقتهم بكلّ ما أوتيه من قوة .

هذه الأشياء لم تكن إلى حدّ ما مدركة خارج إطار مؤسسة المخابرات العامة و كان هناك جزء من العامة و السياسيين رأوا مثل الدكتور جكيل و السيد هايد بنا كأصحاب هيئة منصفة . و من المعلوم أن اليمين لاحظ الدكتور جكيل مع الحرب الوحشية لنا مع (الإرهاب) و السيد هايد مع مساعدتنا للعملية السلمية .

عند اليسار هذا كان تماما العكس ، لكن جميعهم لم يروا صدق الأحوال من ناحيتنا لم يكن هنا أي حدث لشخصية منقسمة و هكذا كانت أحداث ليست قليلة أقام فيها رئيس المخابرات العامة جلستان واحدة تلو الأخرى مع نفس المجموعة من الأشخاص . الأولى كرّست على سبيل المثال للتخطيط لتنفيذ اعتراض مجموعة (قفيشة ، غلمة) في مدينة الخليل .

انتهت الجلسة و كان بعدها استراحة لمدة خمس دقائق و صبت القهوة ثانية و نفس الأشخاص استقروا في السيارة من أجل تجهيز مواد و توصيات غداة اللقاء مع رئيس الحكومة و وزير الدفاع و ياسر عرفات .

قصة عياش :

هنا على سبيل المثال قصة عياش المهندس حيث كان مطلوباً من قبل المخابرات العامة منذ عام 1991 أي قبل اتفاق أوسلو , و هو من سكان قرية رافات في لواء قلقيلية في السامرة و هي منطقة تحت السيطرة (الإسرائيلية) و أيضاً بعد اتفاق أوسلو لا يمكن تحميل مسؤولية عدم إلقاء عليه على السلطة الفلسطينية حيث كان هذا فشلنا و واجبٌ علينا الاعتراف بذلك .

لقد نجح عياش في الانتقال إلى غزة في ربيع 1995 و أيضاً هذا كان فشلنا , و من غزة واصل عياش تشغيل مجموعات في الضفة الغربية قاموا بتنفيذ أعمال (إرهابية) .

المجموعة الأكثر خطورة كانت هي التابعة لعبد الناصر عيسى التي نفّذت عملية الباص بجانب بورصة هايهلوميم في رامات جان في 24 تموز 1995 و فيها قتل 6 أشخاص و أصيب فيها 31 شخصاً . و عملية الباص في رمات أشكلون في القدس في 21 آب 1995 و فيها قتل 4 أشخاص و جرح 107 أشخاص .

و كان عيسى طالباً في جامعة النجاح في نابلس و قد مكث لبعض الوقت في غزة و تعلّم من عياش كلّ ما عرف في مجال المواد المتفجرة ، عاد إلى نابلس و أقام هناك مختبراً على مستوى عالٍ لإنتاج العبوات الناسفة .

إن حركة حماس التي ينتمي إليها عياش هي حركة سياسية دينية وطنية خلافاً لما يعتقدون أو يقولون عندنا ، و من المعقول أن هناك عنصراً - لا ساميا حماس - لا تمتنع عن كره اليهود لمجرد كونهم يهود .

لكن هذا ليس الخط الأساسي الذي تسير عليه الحركة ، هذه الأشياء صحيحة إلى حدّ كبير أيضاً عند حزب الله في لبنان ، الإخوان المسلمون في مصر و كل الحركات الإسلامية و في الدول العربية التي لا تحكم بحكم ديني مثل مصر ، الأردن ، سوريا ، السعودية ، و دول أخرى كثيرة ، و هذه الحركات ينظر إليها من قبل رؤساء الحكم في الدول العربية كخطرٍ كبير على نظامها .

حماس ليست منظمة قتل من أجل القتل خلافاً لمنظمة أبي نضال ، رجال أبي نضال الذين نفّذوا عمليات (إرهاب) في كل مكان و في كل زمان دون تمييز . حماس و الأقوال هذه حازت على تأييد في جهاز الاستخبارات و في كل دراسة و تحقيق علمي ، فحماس نفّذت عمليات فقط من خلال اهتمامات سياسية بهدف عرقلة مسيرة أوسلو و التي ترى فيها حماس خضوعاً فلسطينياً واضحاً ومخجلاً لمصلحة (إسرائيلية) . ليست من باب الصدفة أنه في عهد بنيامين نتنياهو تقريباً لم تعمل حماس عمليات .

فبنيامين نتياهو وصف ذلك لنشاطات حكومته و جهاز الأمن عنده و هذا كلام ليس فيه الكثير من المصادقية , لكن هناك شيئاً آخر تماماً , فلم يكن لحماس اهتمام لتنفيذ عمليات في فترة نتنياهو بسبب انسداد المسار السياسي .

و على سبيل المثال فعندما كان هناك مسار سياسي في أعقاب اتفاق الخليل تجدّدت عمليات حماس و لحسن حظنا فإن المهندس لم يكن موجوداً ليخطّطها و ينفّذها .

فقد عرفنا أن عياش موجود في غزة ، و خلال مقابلتي مع محمود دحلان رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة ، نظير جهاز المخابرات العامة ، قلت لدحلان دائماً : "إننا نعرف أن عياش موجود في القطاع و إذا أرادت الأجهزة الأمنية الفلسطينية فإن باستطاعتنا إلقاء القبض عليه" .

دحلان تطرّق لمحمد ضيف الذي هو أيضاً من كبار المطلوبين من سكان مخيم اللاجئين في خانيونس مواليد 1966 مثل محمد عياش و الذي كان تخصّصه خطف الجنود و هو الذي خطّط لخطف الجنديين أريك فرنكنكل و نحشون فاكسمن ، و إن طلب إلقاء القبض على يحيى عياش و محمد ضيف طرحت في المقابلات بين رابين و بيرس مع ياسر عرفات .

لكن في نفس الفترة مطالبنا لم تلبَّ و بالتأكيد ليس سهلاً أن تجاب ، و هذا جلب نتائج كارثية ليس فقط من ناحيتنا و إنما من ناحية الفلسطينيين ، البطء و التردد التي بها تم معالجة مشكلة (الإرهاب) من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية أدّت إلى وقوع عدة عمليات كبيرة جاءت بأضرار بالغة للعملية السلمية و أعاقت تقدّمها , و أنا أعتقد أن الفلسطينيين لو كافحوا (الإرهاب) كما يكافحونه اليوم لكان الجدول الزمني الأصلي لاتفاق أوسلو قد نفذ و كان لهم اليوم دولة فلسطينية مستقلة و كنا قريبين لإنهاء المفاوضات على الاتفاق النهائي أو على الأقل محقّقين تقدّماً حقيقياً في المفاوضات السلمية .

واضح أنه يجب الأخذ بالحسبان لأهمية هذا الموضوع ، "المشاكل الفلسطينية الداخلية لعرفات" . يوجد حدود لما يستطيع عرفات أن يعمله ضد حماس و هنا يخطئ من يتوقع من عرفات أن يغلق الجهاز الصحي لحماس ، أو مسجداً .

و هذا أمر لم تفعله دولة (إسرائيل) من قبل , لكن بالتأكيد كان مطالبٌ من عرفات أن يحارب بجدية أكبر عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس ، و قد طلبنا هذا منه ، و قد تملّص من ذلك ، و أنا مقتنع أن هذا كان غلطة استراتيجية من وجهة نظرنا .

انتهاك السيادة الفلسطينية :

من الواضح أننا لم نعتمد على دحلان و على نظيره في الضفة الغربية جبريل رجوب أو أمين الهندي بأن يقوموا بعمل كلّ شيء من أجلنا ، فإلى جانب العلاقات و المحادثات و الطلبات و الادعاءات ، فقد عملنا كلّ شيء من أجل محاربة (الإرهاب) فلم يكن هناك أمامنا أي حاجز ، فعندما تم اغتيال يحيى عياش في داخل قطاع غزة و تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة فقد كانوا على قناعة أن من نفّذ هذه العملية هو الشاباك ، و قد أعلن الفلسطينيون عن انزعاجهم و لكن كانت هناك نتيجة مباركة فقد فهموا أنه لم يعملوا بأنفسهم على تصفية (الإرهاب) فإن الشاباك هو من سيقوم بذلك حتى لو مس ذلك الأمر بمظاهر السيادة لدى الفلسطينيين و كان هذا أحد الأسباب التي ضاعفت من جهود الفلسطينيين من تصعيد جهودهم لمحاربة (الإرهاب) .

إن العملية الأكبر التي تم تنفيذها في فترة رئاستي للشاباك كانت عملية (الانتحار) التي خطّط لها المهندس في باص رقم (5) في شارع الديزنجوف بتل أبيب الموافق 24 أكتوبر 1994 و الذي قتل به 22 شخصاً ، و عندما رجع (يعقوب بيري) من الولايات المتحدة و استلم منصبه لمدة شهرين فقط نفذ الجهاد الإسلامي عملية بيت ليد ، في المقابل لهذه العمليات الدرامية الماثلة في مخيلة (الإسرائيليين) كانت هناك عمليات صغيرة و كبيرة ، و لكنها مهمة من ناحية النتائج و من زاوية الإمكانية الكامنة في هذه الأعمال في وضع العوائق أمام المسيرة السلمية ، فمعظم هذه العمليات كانت في منطقة الخليل و التي نفّذت من قبل مجموعة من المطلوبين الخطرين من رجال حماس برئاسة الثنائي غلمة و قفيشة ، طاهر شحادة قفيشة من مواليد سنة 1971 و جهاد غلمة من مواليد سنة 1970 و كلاهما من سكان الخليل و حازوا على عدة نجاحات و منها مقتل الأب و الابن (مردخاي و شلوم لبيبد) في شهر 6 أكتوبر سنة 1993 ، و في مايو تمكّنوا من قتل مارجليت و رفئيل بائير بواسطة سيارة مسرعة بالقرب من بيت حاجاي و هم من مستوطني كريات أربع ، و في 27 نوفمبر و مرة ثانية بالقرب من بيت حاجاي تمكّنوا من قتل الحاخام (غميرام عولمي) حاخام مستوطنة عتئيل ، و في 19 مارس 1995 تمكّنوا من قتل (نحوم هوس) و قاموا بإلقاء قنابل يدوية على المساكن في كريات أربع و كانت على علاقة بعشرات العمليات التي كان قد أصيب بها 18 شخصاً آخر .

أولويات الشاباك :

استلمت منصبي للشاباك في 1 مارس 1995 و كان المطلوبان الكبيران في تلك الفترة يحي عياش و محمد ضيف و كان محمد ضيف عمله متمركزاً في قطاع غزة في حين أن يحيى عياش كان عمله يتركّز في منطقة شمال الضفة الغربية (واصل توجيهاته بتنفيذ عملياته حتى بعد هروبه إلى قطاع غزة) و في المقابل لعمل هؤلاء كانت تعمل مجموعة أخرى في الخليل برئاسة المطلوبين غلمة و قفيشة .

و مع استلامي لوظيفتي أوضحت لموظفي الشاباك و لجميع المستويات أن اعتراض سبيل يحيى عياش و محمد ضيف و غلمة و قفيشة تقع على رأس جدول الأعمال لأولويات الشاباك .

و هنا بدأ إسحاق رابين في وصفه لـ (الإرهاب) بأنه (تهديد استراتيجيّ) و ذلك بعد العملية في مفترق بيد ليد في شهر فبراير 95 و ممكن القول إنه فقط تهديد عسكريّ و الذي يعرّض للخطر أمن و سلامة سكان دولة (إسرائيل) ، أو يشكّل خطراً على أملاك استراتيجية كلاسيكية (بدءاً بمفاعل ديمونة و مصفاة النفط في حيفا) .. و على سبيل المثال فإن مشروع الصواريخ العراقي يشكّل تهديداً استراتيجياً واضحاً ، و إن السبب الواضح في تغيير هذا التعريف من إسحاق رابين (و الذي أوافقه هذا الأمر بصورة و طلقة) بسبب نجاح (الإرهاب) في تغيير قرارات دولة ذات سيادة أو تعطيلها و عدم تنفيذها و ذلك بسبب تأثير العمليات على الشارع (الإسرائيلي) .

و عودة على بدء استلامي لوظيفتي فقد وجّه انتقاد قرار تعييني رئيساً للشاباك و ذلك بسبب خبرتي الضحلة نسبياً في محاربة (الإرهاب) العربي و حقيقة كان هذا الأمر صحيحاً ، فالخبرة الوحيدة التي كانت لي في هذا المجال كانت عند تعيني رئيساً لمنطقة الشمال في الشاباك ، حيث واجهت (الإرهاب) في لبنان الذي بينه و بين (الإرهاب) الفلسطيني فرق ، و رغم ذلك فإن كان لي أن أحكم على الأمور فقد نجحت نجاحاً كبيراً ، في حرب (الإرهاب) اللبناني و عندما كنت في عملي هناك لم أشعر بالراحة ، فأحياناً يكون التفوّق مع قدوم شخصٍ جديد ليس لديه خبرة جديدة أو تأثير في الماضي و يدخل إلى الجهاز أهمية جديدة ، و هذا الأمر صحيح عندما يتغيّر الأمر على أرض الواقع بالنسبة إلى الواقع السابق ، و التي تراكمت خلالها خبرة كبيرة و إضافة إلى ذلك فإن (إسرائيل حسون) الذي حلّ محل (جدعون عزرا) رئيساً لمنطقة القدس و آفي ديختر) رئيس منطقة الجنوب فقد عملوا طوال مدة عملهم في الوسط العربي و كانت خبرتهم كبيرة ، و مع استلامي لوظيفتي بدأ (إسرائيل حسون) العمل في قضيتين الأولى القضاء على يحيى عياش في السامرة و الثانية القضاء على مجموعة (المخرّبين) في الخليل .

و بعد شهر و نصف من استلامي لوظيفتي في 17 أبريل تم تنفيذ العملية الأولى في الخليل في عملية مشتركة مع وحدة خاصة من الشرطة و تم تصفية ثلاث أشخاص من مجموعة الخليل من بينهم قائد المجموعة (جهاد غلمة) و قد تم تصفيتهم و هم مسلحون و قد كانوا في طريقهم إلى تنفيذ عملية و تم تبادل إطلاق النار معهم و تم قتلهم دون أي خسائر لقواتنا .

و عملية الاعتراض و التصفية الثانية نفّذ في 5 يولي حيث تم تصفية (جهاد يغمور) الذي احتمى داخل بيتٍ و رفض الاستسلام و في النهاية تم هدم البيت عليه . و بعد عدة أيام قتل أيضاً قفيشة و هكذا كانت نهاية مجموعة الخليل .

لمنفّذي هذه العمليات الرادعة كانت أهمية كبيرة ، و قد تم تضخيم هذه العمليات في الإعلام بسبب العامل الدرامي ، و قد سررنا و افتخرنا بهذه العمليات و لا أنفي وجود عامل الانتقام الذي لعب دوراً في الأمر ، و علينا أن نذكر أن نجاحنا الحقيقي في الشاباك لم يتمثّل فقط في تصوّر أو تصفية المطلوبين و لكن أيضاً في إحباط عمليات (إرهابية) ، و في هذا المجال و خلال فترة قصيرة من عملي في رئاسة الشاباك حقّقنا عدة نجاحات تعطي انطباعاً إيجابياً ، فقد أحبطنا عشرة عمليات اختطاف جنود و ست عمليات لوضع سيارة مفخّخة .

و على سبيل المثال في 28 أغسطس 95 اعتقلنا مجموعة في القدس كانت قد نفّذت عمليتين الأولى إرسال (انتحاري) بالقرب من مباني الأمة ، و العملية الثانية إطلاق النار في (نحلات شبعا) و خلال التحقيق اعتقل عشرات من الأشخاص كانوا قد وصلوا إلى مرحلة متقدّمة من تنفيذ عمليات (انتحارية) في محطات مركزية في القدس ، تنفيذ عمليات (انتحارية) في باص داخل منطقة تل أبيب ، و محاولة قتل مستوطنين في منطقة السامرة تهدِف سرقة سلاحهم و ذلك من أجل تنفيذ عمليات خطف جنود في مناطق قطاع غزة .

و في نفس الفترة كشفنا عن تنظيم كبير جداً لنشطاء حماس في شرقي القدس حتى قبل أن يتمكّن أعضاؤها من تنفيذه حتى و لو عملية واحدة ، و هنا أودّ أن أشير إلى أن من وجهة نظر التنظيمات (الإرهابية) فإن عرب شرقي القدس يشكّلون ثروة لا تقدّر بثمن ، فهم يتحرّكون بحرية داخل الخط الأخضر و بسيارات تحمل لوحات ترخيص (إسرائيلية) صفراء ، و في الحقيقة يعتبر هؤلاء جزءاً من سكان دولة (إسرائيل) و ليس كسكان الضفة الغربية و قطاع غزة ، فهم مستفيدون من حرية العمل داخل الخط الأخضر دون الحاجة للحصول على تصاريح خاصة ، و إن اشتراكهم في تظاهرات ضد (إسرائيل) يعتبر منخفضاً بسبب وضعهم الاقتصادي الجيّد بالنسبة إلى سكان الضفة و القطاع ، و حسب رأيي فإن في ذلك يعتبر تدعيماً لأطروحة شمعون بيرس الذي يعتقد أن مفتاح الحل للسلام في المنطقة بحاجة إلى تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين ، فقد تحدّث شمعون بيرس في إحدى المرات و قال إنه يريد للفلسطينيين أن يصبحوا برجوازيون و أغنياء لكي يكون لهم ما يخسروه .

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

  • بعد 3 أسابيع...

فصل 13 (189 - 216)

(إرهاب) أمام المفاوضات "3"

الخليل- ترجمة خاصة :

في هذا الجزء (من ص 202 - إلى ص208) من الفصل الثالث عشر من كتابه (الشاباك بين الأشلاء) يتناول "كارمي غيلون" رئيس الشاباك السابق ، الحديث عن دور الفلسطينيين من القدس في المقاومة ، و دور العملاء في الأراضي الفلسطينية و قواعد البيانات التي تعدّ حول كوادر المقاومة و مطاردة المطلوبين الذين يفضّلون الموت على الاستسلام . ثم يتحدّث عن دور الشاباك في المفاوضات مع الفلسطينيين و اتفاق الخليل ومشاركته شخصياً في مفاوضات طابا ..

تقسيم الفلسطينيين

في الحقيقة فخلال الانتفاضة كان معظم من يشعِلوا إطارات السيارات و من يلقون الحجارة و الزجاجات الحارقة كانوا في معظمهم من سكان المخيمات الفلسطينية ؛ فمن الناحية المادية ليس لهم ما يخسرونه ، و لكن من المهم أن أؤكّد أن سكان شرقي القدس لا يرون في أنفسهم (إسرائيليين) فهم يعرّفون عن أنفسهم بأنهم فلسطينيون .

و في هذا الطابور كان و على مدار الزمن حضور للتنظيمات (الإرهابية) . و هذه التنظيمات التي أقصدها ركبت خمس مجموعات و ضمت 45 شخصاً الأبرز بينهم كان (أيمن عبد المجيد صيدا) - 29 عاماً - من سكان أبو ديس يحمل الهوية (الإسرائيلية) و يعتبر من سكان شرقي القدس يعمل كسائق عمومي في القدس ، و في سنة 1991 و خلال الانتفاضة تم اعتقاله و اعترف بانتمائه إلى الجهاد الإسلامي و إلقاء حجارة و المشاركة في المظاهرات و حكم لمدة 15 شهراً فعلياً و بعد قضائه مدة الحكم و خروجه من السجن انضم إلى حركة حماس ، حيث رجع إلى العمل على سيارته العمومية و أحدث في سيارته مخبئاً و سافر بها من القدس إلى قطاع غزة حيث كان ينقل بها مواد قتالية على الرغم من وجود حراس على الحواجز .

في البداية استخدم كساعٍ و مع مرور الزمن تقدّم في صفوف الحركة (حماس ) و أصبح بمنصبٍ رفيع و تلقّى تدريباً عسكرياً في قطاع غزة و مع عودته إلى القدس قام بتجنيد مجموعة ترأّسها هو و أجرى اتصالاً بمجموعات أخرى ، و هنا أشير إلى أن الجناح العسكري لحركة حماس يعمل بسرية تتميز بها المنظمات (الإرهابية) و تتعامل بالشفافية فمعظم أعضاء هذه المجموعات يعرفون شخصاً واحداً أو اثنين من مجموعتهم أما المسؤولون عنهم فقط هم من يتعرّفون على أكثر من شخص .

و الهدف الأساسي لهذه التنظيمات هو تنفيذ عمليات إطلاق نار خصوصاً ضد المستوطنين في الضفة الغربية و لخطف جنود (إسرائيليين) أو مستوطنين و الذين يعتبرون أيضاً جنوداً من وجهة نظر حماس ، و رغم ذلك لم يمتنعوا عن ارتكاب عمليات ضد "مدنيين" و خطّطوا لارتكاب عمليات في الجامعة العبرية و في مخبز "آنجل" في القدس ، و في الوقت الذي قمنا باعتقال هؤلاء الرجال فقد كانوا في مراحل متقدمة من عمليات التحضير و التخطيط و التنفيذ و لكنهم لم ينجحوا في تنفيذ أيّ عملية ، أما بالنسبة إلى الشاباك فإن هذا العمل يعتبر نجاحاً كبيراً .

و إن النجاح الوقائي في مثل هذه الحالات كبير جداً و أن هذه المجموعات يتم كشفها مثل لعبة الدومنو ، فكلّ شخصٍ ينهار يكشف عن شخص آخر و كل مجموعة تكشف عن مجموعة أخرى ، و هذا كله نتيجة التحقيق الإيجابي و الفعال ، و في الحقيقة ليس هناك تحقيق فعال دون الحصول على تصاريح خاصة ، و أن من فهم هذا جيداً كان إسحاق رابين فقد علم جيداً أن التحقيق بالنسبة إلى الشاباك هو أداة حرب و هذه الأداة لا يمكن بدونها مواجهة (الإرهاب) بصورة فعالة ، و قد ساند رابين بكلّ صلاحياته السياسية باستعمال هذا الأسلوب .

دور العملاء :

و هذه النجاحات الكبيرة تم التوصل إليها بعد شهرين ، و في بعض الأحيان خلال سنين من العمل الاستخباراتي الكئيب ، و لكن المميز في عملنا هو التركيز على المسؤولين بمتابعة العملاء لمدة سنين الذين يزوّدون فقط بمعلومات توضيحية غير مهمة و لكن تأتي أيام تكون فيها المعلومات الاستخباراتية المهمة و الوحيدة التي تؤدّي إلى إلقاء القبض على شبكة كاملة من (الإرهابيين) الخطرين ، و هذه المعلومة أبداً لن تكون كاملة فهي لا تعطي معلومات و تفصيلات دقيقة و لا عن موعد تنفيذ عمليات و لا عن أهداف و لكنها تؤدّي بنا إلى طرف الخيط ، و من أجل التحقيق بالوصول إلى طرف الخيط يجب أن يكون هناك معلومات هامشية سابقة "فبالأمس و في المسجد شاهدت عبد الله قد التقى بأحمد و همس أحمد في أذن عبدا لله قائلاً له شيئاً ما" فليس لهذه المعلومات أي أهمية ، لكن إذا كان هناك شك في أن أحمد له علاقة بالجناح العسكري لحركة حماس فيجب البدء في تعقّب عبد الله ، و هذا التعقّب مخصّص للتوصل إلى معلومات على هامش الموضوع ، "فعبد الله سافر هذا الصباح إلى القرية المجاورة و مكث هناك لعدة ساعات رجع و ذهب إلى البئر القديم" فهذا يشير و يؤكد على عملية بحث سرية عند موقع البئر القديم فربما يكون عبد الله قد خبأ مسدساً أو شيئاً ما .

و من المعلوم أن أية معلومات من هذا النوع تعالج بصورة جيدة و صحيحة ، و توضع في مكان خاص بعد ضمّها إلى المعلومات التي تم الحصول عليها عن طريق مصادر أخرى بما فيها المصادر الفنية ، و في المقابل فإن المسؤول عن هذه المعلومات الخاصة عليه تصنيف جزء صغير من هذه المعلومات و التي تؤدّي إلى شيء جدّي ، و لكن يجب أن يكون هذا التبويب و التصنيف قد نتج عن خبرة و ذكاء و ذلك من أجل الوصول إلى معلومات معقولة و على ضوء هذه الصورة فمن الممكن اتخاذ قرار عملي : حول استمرار التعقب أو الاعتقال أو أعمال أخرى ، و إذا ما كان الحظ حليفنا فإن هنا فرصة ربما من خلالها يتم اعتقال تنظيم خطير مثلما حصل معنا في اعتقال مجموعة القدس قبل أن تقوم بتنفيذ عمليات كانت قد خطّطت لها .

و من طبيعة الأشياء فإن نجاح هذا النوع لا يستحق هذا المديح فالعناوين الكبيرة التي تمتدحنا عندما نلقي القبض على (المخرّبين) أو نقتلهم فقد كان هؤلاء (المخرّبون) قد قاموا بأعمال (إرهابية) ، فمن العناوين مثلاً "تم إلقاء القبض على منفّذي عملية الديزنجوف في خط رقم (5)" و الجميع هنا يؤيد و يصفق ، أما أنا فسأكون الأخير ممن يزدرون عملية إلقاء القبض على منفّذي عملية ، فعلى الرغم من أن لهذا الأمر أهمية و هي عدم مواصلة هؤلاء (المخرّبين) من تنفيذ عمليات أخرى ، فإن الكشف عن هذه المجموعات جاء بعد تنفيذ العمليات ، و من وجهة نظرنا فإن كل عملية تنفّذ هي عبارة عن فشل من قبلنا و على الرغم من عدم مقدرتنا أنه من غير الممكن النجاح في وقف أو القضاء على (الإرهاب) بنسبة مائة بالمائة ، هكذا هي الحياة فقد وجّه إلينا المديح بعناوين عريضة لمقتل عياش على الرغم من أن هذا النجاح جاء بعد ارتكابه لعدة عمليات و كم لو كنا قد قضينا عليه سنوات قبل ذلك الموعد .

هذا هو في الواقع ، قصة (الإرهاب) قصة تختلف كلياً عن ما يجري في شعبة الاستخبارات العسكرية من بحث و دراسة للدول العربية و جيوشها ، و إن الشاباك يتابع قضايا أشخاص منفردين و ربما خلايا صغيرة من غير الممكن أن تتعقبهم في كلّ شيء أو نتنصّت على جميع مكالماتهم الهاتفية ، لذلك فإننا نعمل مع شبكات من المتعاونين و مسؤوليهم بالإضافة إلى مسؤولي عمليات الاعتقال و المحقّقين الموثوقين المهرة الذين يستطيعون الوصول من خلال التحقيق و المعلومات المركزة التي لديهم إلى اعتقال آخرين و في النهاية إلقاء القبض على التنظيم الكامل .

الشاباك بعد أوسلو

و بصورة أكيدة فإن الواقع و الحقائق قد تغيّرت نحو التشدّد في الضفة العربية و قطاع غزة بعد اتفاق أوسلو ، و كان على الشاباك أن يواكب الأحداث و التغيرات و قد نجح في ذلك و على المسارين الاستخباراتي و التنفيذي ، و من الجدير ذكره أن رابين و بيرس قد عبّروا عن رضاهم حول القدرة العملية الوقائية للجيش (الإسرائيلي) و قوات الأمن ، و في الجانب الآخر كانت هناك أهمية متزايدة لأجهزة الأمن الفلسطينية و في قدرتهم على محاربة (الإرهاب) ، و هذا الاهتمام لم يستند إلى وعود عرفات و لكن و بعد تحليل في البحث عن المصالح الخاصة به ، فعلينا الاعتراف أننا قد أصبنا بخيبة الأمل في البداية حول حرب عرفات لـ (الإرهاب) و لكن الأمور قد تغيرّت عندما بدأ عرفات في فهم أن (الإرهاب) يشكّل خطراً على الإنجازات التي تم التوصل إليها و إلى ما سيتم التوصل له في المستقبل و من اللحظة التي بدأ عرفات بالاقتناع بها بدأت أجهزة الأمن الفلسطينية في حرب (الإرهاب) .

و حتى اتفاق أوسلو كان في يدنا الأدوات التي مكّنتنا من السيطرة بصورة فعّالة على الحياة اليومية لسكان الضفة الغربية و قطاع غزة ، و على الرغم من أن الإدارة المدنية لم تكن تحت سيطرة الشاباك و لكنني لن أكشف سراً من أسرار الدولة إذا ما قالت إنه كان هناك و بصورة دائمة تنسيق و تعاون قويّ بين الطرفين سكان الضفة الغربية و قطاع غزة ، الذين طلب منهم دفع ضريبة الدخل و منهم من طلب رخصة بناء و منهم من طلب الخروج إلى دول أخرى و أمور أخرى كثيرة كانت كلها متعلقة بالإدارة المدنية و قد عرف هؤلاء أن المساعدة المعلوماتية للشاباك سوف تسهّل لهم في حياتهم و تساعدهم ، و الآن دخل إلى اللعبة عنصر جديد و هو السلطة الفلسطينية و التي هي أيضاً لها نفس المصالح .

اليوم وجدت مشاكل جديدة أخرى مثل عمليات الاعتقال فعندما كان يتوجّه الشاباك لاعتقال شخص ما فقد كنا ببساطة نأتي إلى بيته بصحبة الجنود و نطرق الباب و نعتقل الشخص المراد اعتقاله ، أما اليوم فإن اعتقال أيّ شخص من منطقة السلطة الفلسطينية فإننا سنقوم بعملية كاملة ، و في إحدى المرات أردنا اعتقال شخص ما من طولكرم و التي تخضع لسلطة الحكم الذاتي و فكّرنا في تخطيط العملية حيث قمنا بوضع خطة مفصلة و أخبرنا وحدة خاصة مميزة ، حيث توجّهت هذه الوحدة إلى مقهى معروف في المدينة حيث كان يتردّد عليها هذا المطلوب و قمنا باعتقاله من هناك و هذه العملية أثارت موجة من الغضب و اضطررنا إلى تبرير هذه العملية .

و على موضوع اعتراض المطلوبين فإن التغييرات السياسية أجبرتنا على تغييرات في العملية الكبيرة ، و هنا أود أن أشير إلى تفسير مصطلح "الاعتراض" فإننا في الشاباك نعني بمصطلح الاعتراض هو إخراج المطلوب من دائرة العمل عن طريق اعتقاله أو قتله ، فهنا من يعتقد أن هناك أوامر سرية بقتل المطلوبين دون محاولة اعتقالهم .

فمن وجهة نظر الشاباك فإن اعتقال المطلوبين مثل عياش أو محمد ضيف أو الإخوة عوض الله (الذين تم تصفيتهم زمن عامي إيلون) و على مستوى أقل مثل قفيشة فإن إلقاء القبض عليه يعتبر إنجازاً استخباراتياً عظيماً لأن المطلوب مثل هؤلاء يكون لديه معلومات و تفاصيل كبيرة عن أشخاص و أماكن تخزين مواد قتالية ، و عن أماكن وجود معسكرات التدريب و عن مصدر تمويل العمليات و مساعدتهم من السكان و أن التحقيق مع هؤلاء ربما يقودنا إلى نتائج رائعة و أن يتسبّب ذلك بضررٍ كبير على تنظيمه ، و صحيح أنه يوجد من يحلّ مكان أيّ شخص و لكن رجالاً بمستوى عياش و محمد ضيف لم يولدوا حتى الآن و لم يتم تجنيدهم .

المطلوبون يفضّلون الموت

و رغم كل ذلك فإن معظم مواجهتنا مع المطلوبين تنتهي بإطلاق النار و ليس بالاعتقال و ذلك لثلاثة أسباب ، الأول : المطلوب هنا يعلم أنه لا يوجد لديه ما يخسره إذا ما بقيَ في الحياة فهو يعلم أن نهايته ستكون السجن و الزنازين و لن يخرج حتى لسنين طويلة ، و الثاني : فهو يعلم فائدة إلقاء القبض عليه حياً من قبل المخابرات حيث يكون مصيره التحقيق الطويل و الصعب و سينتهي باعتقال العشرات الذين ساعدوه و آمنوا به و سيتسبّب بضرر كبير على الأهداف المقدّسة التي آمن بها و التي من أجلها ضحى بنفسه و هذان السببان يجعلان المطارد لا يتردّد في إطلاق النار على قوات الأمن (الإسرائيلية) و لا يخافون المواجهة و هنا يكون السبب الثالث .

و إن الرغبة القوية في اعتقال المطلوب حياً من أجل التحقيق معه لا تقارن أمام تعريض حياة مقاتلي الجيش (الإسرائيلي) و الوحدات الخاصة و الشاباك للخطر و الذين يشاركون في مطاردة المطلوب .

و الحقائق تشير إلى أنه من أجل اعتقال أحد المشتبهين الكبار مثل عبد الناصر عيسى أحد تلاميذ يحيى عياش حيث كان نجاحنا في اعتقاله يشكّل مفاجأة كبيرة لمدينة نابلس ، و لو أننا لم نحقّق معه ما توصلنا إلى الكشف عن "المختبر الخاص" به في المدينة ، و قد نفّذت هذه العملية على زمن غزة - أريحا أولاً حيث لم تكن مدينة نابلس تحت سيطرة الحكم الذاتي و كانت تحت سيطرتنا الكاملة . فقد كان عبد الناصر عيسى يشكّل "رأس الأفعى" و قائداً بمستوى كبير جداً حيث كان يعرف رجالاً كثيرين و كانت لديه معلومات كثيرة و شكّل اعتقاله إنجازاً استخباراتياً هائلاً حيث اعترف لنا بمعلومات كثيرة لم نكن نعرفها سابقاً عن يحيى عياش ، و مع أن اعتقاله و علمية التحقيق معه هي التي كشفت لنا عن مكانته الرفيعة و التي لم نكن نعرفها من قبل ، هذا مثال لعملية اعتقال و تحقيق ، فلولا الاعتقال لما كنا توصلنا إلى هذه المعلومات (القنبلة الموقوتة) ، و لولا التصاريح الخاصة في التحقيق لم تصلنا أيضاً إلى هذه المعلومات ، على الرغم من أن هذا الأمر قد شكّل مشكلة مع المستشار القضائي و الشاباك .

دور الشاباك في المفاوضات

كما أشرت فإن جميع هذه العمليات قد تمت في ظلّ مفاوضات مركّزة و كان للشاباك فيها ضلع كبير و مهم ، و طرح إسحاق رابين و بعده شمعون بيرس يتمثّل في ضلوع أجهزة الأمن في تحمّل جزء من المباحثات السياسية و هذا التوجه ووجهه بانتقادٍ و كان أشد انتقاد في هذا الأمر قد سمعت من قبل رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو .

و هنا علينا الاعتراف أنه من الناحية البرلمانية فإن احتجاج المعارضة على اشتراك الأجهزة الأمنية ، فيه الكثير من الصحة لادعاءاتهم ؛ فمن غير المرغوب أن من يلبسون ملابس الجيش (الإسرائيلي) – و يشمل هذا رجال الشاباك - اشتراكهم في مفاوضات سياسية ، خاصة عندما يكون الأمر خلافياً و هذا على المستوى الرسمي و لكن على المستوى العملي و على ظرف و وضع دولة (إسرائيل) فإنه لا مفر من اشتراك رجال الجيش و الشاباك و المخابرات في المفاوضات السياسية ، و على هذا وافق أيضاً نتنياهو بصعوبة بعد أزمة (النفق) و من حينها فقد شارك نتنياهو رجال الشاباك و الجيش في كلّ المفاوضات مع الفلسطينيين من اتفاق الخليل و حتى اتفاق واي .

فقد اكتشف أنه ليس هناك عنهم بديل و ليس بسبب كونهم أصحاب خبرة بكلّ تفاصيل الواقع الفلسطيني اليومي و في نهاية الأمر فإن "السلام" الحقيقي هو "السلام" بين المقاتلين .

فخلال المفاوضات مع الفلسطينيين حول اتفاق الخليل على سبيل المثال ظهر جدالٌ كبير حول مسألة شارع الشهداء و هل يكون هذا الشارع ذو اتجاهين أو اتجاه واحد فلم يستطع الإجابة على هذا السؤال لا أوري سفير على زمن رابين – بيرس و لا إسحاق مولخو و لا حتى داني نفي في فترة رئاسة نتنياهو و ذلك بسبب كونهم لا يعرفون الخليل ، و أذكر أنه في مرة من المرات و في فترة نتنياهو شاهدت في التلفزيون إسحاق ملاخو مندوب رئيس الوزراء للمفاوضات مع الفلسطينيين يصل في زيارة إلى الخليل و قد ظهرت هذه الزيارة و كأنها جولة مميزة لرئيس الوزراء .. لذلك لا عجب أن إدارة المفاوضات كانت من قبل رئيس قسم التخطيط شاؤول موفاز ، فقد خدم موفاز قبل ذلك كقائد منطقة المركز و الضفة الغربية و خلال هذه الخدمة فقد تمكّن من معرفة كلّ موطئ قدمٍ و كلّ متر في الخليل و لن أبالغ إذا ما قلت إن موفاز قد كان يعرف عن طول السلك الذي يلف مخيم الدهيشة في الخليل (مخيم الدهيشة في بيت لحم و ليس في الخليل - المترجم) ، و ذلك بسبب أن وظيفته تحتّم عليه معرفة ذلك .

يتبع لاحقاً ....

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

فصل 13 (189 - 216)

إرهاب أمام المفاوضات "4"

الخليل- ترجمة خاصة :

في هذا الجزء (من ص 208 إلى ص 216) من الفصل الثالث عشر من كتابه (الشاباك بين الأشلاء) يتحدّث "كارمي غيلون" رئيس الشاباك السابق ، عن الفروقات في المفاوضات بين الفلسطينيين و الأردن و طبيعة هذه الفروقات و تعامل الكيان الصهيوني معها .

ثم يتحدّث عن الانسحاب من الخليل ، و دور الشاباك السري في المفاوضات في طابا و التدقيق الصهيوني على أدق التفاصيل في المفاوضات ، و دور يوسي جنوسر المستشار العسكري لرئيس الوزراء الصهيوني السابق في المفاوضات و اتصالاته الشخصية بعرفات و زيارة منزله كمبعوث من قبل رابين .

الفرق في المفاوضات :

هناك فرق بين المفاوضات مع الفلسطينيين و بين المفاوضات مع الأردن ، علينا أن نقارِن و نفرّق بين محاولة إقناع زوجين متنازعين ، و بين مفاوضات على حلّ بين جارين متنازعين ، فالجاران يعرفان أنه في نهاية المفاوضات سيذهب كلّ واحدٍ إلى بيته و ربما يرى جاره مرة أو مرتين في اليوم و من بعيد و في المقابل فإن الزوجين عليهما العيش معاً معظم الوقت و الاتفاق على تفاصيل دقيقة متعلّقة في إدارة البيت حتى أنهم يتبادلون الفراش . و هنا أصبح من المعلوم أن حلّ هذا النزاع بينهما سيكون صعباً و معقّداً أكثر من حلّ النزاع بين الجيران .

فخلال المفاوضات مع الأردن لم يكن هناك حلّ لمشاكل حول الواقع اليومي المشترك أو مشاكل سياسية و أمنية حيث لم يكن لها أيضاً تأثير مباشر على حياة و أمن مواطني تلك الدولتين .

في المفاوضات مع الفلسطينيين كانت هناك وقائع يومية حيث شكّلت قلب المفاوضات ، و من خلال هذه المفاوضات كان واضحاً أن (إسرائيل) ستواصل مسؤوليتها الأمنية للمستوطنين في منطقة الضفة الغربية و قطاع غزة ، و هذا الواقع جاء بعد تدخّلٍ مكثّف من قبل رجال الجيش (الإسرائيلي) ، و لذلك و مع كل الاحترام إلى العمل السياسي الذي قام به "أوري سافير" و "يوئال زنيغر" و من جانبنا و أبو علاء من الجانب الفلسطيني الذين وضعوا هيكل الاتفاق و شارك فيه الجيش و الشاباك و إيهود باراك و أمنون ليفيكن شاحق و قائد الأركان شاؤول موفاز إيلان بيران و عوزي ديان و يعقوب بيري ، و أنا بصفتي رئيساً للشاباك و رؤساء الأقسام في الشاباك من بينهم إسرائيل حسون و آفي ديختر .

مباحثات مكثّفة مع الفلسطينيين :

لقد كانت المباحثات خلال المفاوضات مع الفلسطينيين مكثّفة ، فقد مرّت فترات كانت تكون فيها المباحثات كل مساء ، و قد اشترك في هذه المفاوضات رابين و بيرس و أعضاء الحكومة المصغّرة و التي شملت دافيد ليفي ، موشي شاحل ، و إيهود باراك بعد تعيينه وزيراً و يوسي سريد و موظفين كبار في مكتب رئيس الحكومة و الأمن و الخارجية و العدل و مدير المالية و ضباط و رجال الشاباك الكبار و في نفس الفترة ، فقد كان رابين و بيرس الرجلين الأكثر احتراماً في الدولة و أكثر من أيّ شخصٍ آخر و كما يقولون فقد كانوا يلعبون دوراً في كل "الأفلام" فلديهم خبرة مائة سنة ، فخبراتهم كانت تتمثّل في رئاسة الوزراء و وزارة الدفاع و الخارجية و المالية و رئاسة الأركان و سفير (إسرائيل) في واشنطن و عشرات الوظائف الأخرى ، فرابين كان قائداً للأركان عندما انتصرت (إسرائيل) في حرب الأيام الستة و هو الذي قام بتطوير العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، و كان بيرس مهندس العلاقة الخاصة مع فرنسا و هو الذي أنشأ المفاعل النووي في ديمونة ؛ فكلاهما قد عرفا و عملا مع بن جريون و ليفي أشكول و جولدى مئير و موشي ديان .

أذكر نقاشاً كهذا في مكتب رئيس الحكومة في القدس ، في موضوع الانسحاب و إعادة الانتشار من جديد لجيش الدفاع (الإسرائيلي) في الخليل ، إيتان هيفر كان رئيس مكتب رابين ، قال لي مرة إن هذا النقاش كان جيداً جداً ، و الذي خرج بانطباعات مرضية ، النقاش استمر خلال ساعات الليل اشترك فيه رابين ، بيرس و شاحل و سريد و وزير الداخلية باراك و رئيس هيئة الأركان ليفكن شاحل و رئيس شعبة الاستخبارات الميجر موشيه بوجي يعلون ، و الميجر قائد منطقة الوسط إيلان بيران و سكرتير مكتب الخارجية أوري سيفر ، و المستشار القضائي لمكتب الخارجية يوال زنجر ، و أنا كرئيس المخابرات العامة و كذلك عدة أشخاص .

رجال جهاز المخابرات عارضوا إعادة الانتشار لقوات جيش الدفاع من الخليل ، و قال إنه من المستحيل التنازل عن السيطرة العسكرية في مدينة الخليل و بسبب هذا سوف يشكّل خطراً على المستوطنين هناك .

إعادة الانتشار في الخليل :

و خلافاً لذلك فإن السياسيين قد قالوا لقد التزمنا بذلك في الاتفاقيات و إنا لا نستطيع خرق هذه الاتفاقات و الالتزامات .. و عرضوا علينا طريقاً أمنية نستطيع من خلالها القيام بواجبنا .

حاولنا على سبيل المثال اقتراح مناطق من بلدة يطا القريبة للخليل كبدائل لمناطق أخرى ، و بدأنا نعمل على الخريطة و نفحص أيّ زقاقٍ في الخليل يمكن أن يسلّم إلى السيادة أو السيطرة الفلسطينية ، دون أن يشكّل الزقاق خطراً على المستوطنين .

إن النقاش كان تفصيلياً إلى حدّ كبير ، حتى وصل الأمر أنني كنت بين الفترة و الأخرى أخرج من الغرفة و أتصل برئيس لواء القدس إذا كان هناك داعي لتدخّل المخابرات العامة في قضاء الخليل من أجل أن يصف لي البيت الثالث من الجانب الأيمن من الزقاق ، المقرّر أن ينتقل إلى السيادة أو السيطرة الفلسطينية .

كلّ المشتركين في النقاش تحدّثوا و أعربوا عن وجهة نظرهم بالتفصيل دون إزعاج و جميعهم كانوا في انتباه كبير ، و عندها و بعد أن تحدّث الجميع طلب رابين من كل الحاضرين عدا الوزراء أن يغادروا الغرفة ، و من أجل أن يبقى الوزراء لوحدهم خرجت إلى الممر و خمسة وزراء بقوا في الغرفة ، عرفنا أنهم يتجادلون و يتحدّثون و عندها كالعادة في نهاية المطاف يدخل رابين و بيرس لوحدهم إلى غرفة العمل الخاصة برئيس الحكومة القريبة لغرفة الجلسات و هناك سوف يأخذون القرار وجهاً لوجه .

و بصفتي قارئ صحف من الدرجة الأولى عرفت أو اعتقدت أن العلاقات بين رابين و بيرس غير جيّدة ، حيث كان بينهم ترسّبات من الماضي لكن دائماً كان انطباعي و انفعالي عندما كنت أشاهد هذه الشخصيات و بعد أن سمعوا بصبر جميعنا و عرفوا التفاصيل و فكّروا و أمعنوا النظر و انفردوا لوحدهم حيث أغلقوا الباب عليهم مع هذا توصلوا إلى قرار .

كان هذا زوجاً مرحاً صاحب رؤية استراتيجية سياسية بعيدة المدى متشعّبة باعتراف الواقع لتفاصيلها ، زوج شجاع في قراراته و شجاع في استعداده و لمواجهة التطورات السياسية ، الجدل و النقاش ممكن و لكن لحظة القرار كانت هناك جاهزية لكن كلّ واحدٍ من الحضور في النقاش عرف أن عملية أخذ القرارات كان صحيحاً ، و أخذ بعين الاعتبار كل الضرورات و الوقائع التي أدّت إلى أخذ قرار .

و بعد عدة دقائق انتهت المشاورات بين رابين و بيرس و عادوا إلى غرفة النقاشات و تحدثوا مع الوزراء . و عندها نادوا علينا أن نعود إلى الغرفة و أعلنوا لنا : حيث اتخذ القرار و سيكون إعادة انتشار من جديد لقوات جيش الدفاع (الإسرائيلي) في الخليل .

و على ضوء ذلك فقد كان رجال جهاز الأمن في حالة خيبة أمل و إحباط ، فخلال ساعات من شرحنا لهم عن سبب معارضتنا لإعادة الانتشار ، و لكن لم يكن الأمر كذلك فقد عرفنا أنهم أصغوا لكلّ كلمة قلناها ، و تعاملوا معنا برغبة كبيرة و درسوا كلّ الاعتبارات ، و توصّلوا إلى قرارٍ نابع من رأيهم و تجاربهم هي الصحيحة ، و كما عرفنا أن القرار هذا لم يؤخَذ على اعتبارات شعبية لحظية إنما على اعتبارات أمنية مطلقة ، و أن هذا القرار الصحيح من ناحية المصلحة لدولة (إسرائيل) على مدى طويل .

في نهاية المطاف نفس القرارات أخذت لكن لم تنفّذ ، رابين اغتيل ، بيرس قرّر أن يؤجّل تنفيذ إعادة الانتشار و نتنياهو طلب من الفلسطينيين أن تفتح الاتفاقات ، إعادة الانتشار الجديدة لجيش الدفاع (الإسرائيلي) في الخليل نفّذت بعد أكثر من سنة من اتخاذ القرار الأول تحت ضغط أحداث النفق .

كما هو معروف فإن رابين و بيرس قد أشغلوا رجال جهاز الأمن لحلّ الأزمات مع الفلسطينيين عندما مسّت هذه الأزمات الأطراف الأمنية من المفاوضات .

مفاوضات طابا و مشاركة الشاباك :

في سبتمبر 1995 جرت المفاوضات مع الفلسطينيين في طابا عندما كان بيرس يقف على رأس الحكومة (الإسرائيلية) . انفجر جدلٌ حادٌّ بيننا و بين الفلسطينيين في موضوع إعادة الانتشار من جديد لقوات جيش الدفاع (الإسرائيلي) في الضفة و في موضوع قائمة المطلوبين بينهم يحيى عياش و محمود أبو هنود و نقلت الأسماء إلى عرفات بطلب أن يتم اعتقالهم .

بيرس و عرفات أخذا يناقشان هذه المواضيع في طابا و رابين حدّد أن إيلان بيرم جنرال منطقة الوسط ، و أنّا ننضم إلى الوفد و نشترك في هذه المفاوضات لكن مشاركتنا تكون سرية . في نهاية يوم السبت خرجت طائرة الوفد من المطار العسكري بن جريون إلى إيلات .

بيران و أنا لبسنا بدلات و ربطات في مكاتب المخابرات العامة في المطار ، انتظرنا و عندما امتلأت الطائرة برجال الوفد و الصحافيين و أغلقت أبواب الطائرة ، أدخلونا إلى كابينة القبطان "غرفة القيادة" ..عندما وصلنا إلى مدينة إيلات انتظرنا حتى نزل الجميع و سافروا إلى فندق الأميرة حيث نقطة الالتقاء للوفد (الإسرائيلي) .

و بعد أن دخلوا جميعهم إلى السيارات دخلنا الاثنان إلى سيارة كانت في انتظارنا و سافرنا مباشرة إلى فندق هيلتون في طابا , و هناك جرت المحادثات ، نجحنا بالدخول إلى غرفة النقاش من دون أن يرانا الصحافيون أو يلحظونا ، اشتركنا في المحادثات طيلة الليلة و قبل الصباح خرجنا سراً ثانية دون أن يرانا الصحافيون أو يلحظونا ، و عدنا بالطائرة إلى مطار غوريون .

مفاوضات في إيرز :

كانت هناك مقابلات أخرى أخذت طابعاً سياسياً مع عرفات و أقيمت في حاجز إيرز اشتركت في قسمٍ منها حيث كان حضوري سرياً . يجب أن نذكر أنه في نفس الفترة لم يكن اسم رئيس المخابرات العامة معلناً على الرغم من معرفة بعض الصحافيين و ليس جميعهم ، فقد عملنا ترتيبات من أجل ألا يكتشف حضوري في الجلسات .

و تطرّقت لمشكلة العلاقات مع (إسرائيل) و الفلسطينيين مقابل علاقات (إسرائيل) مع الأردن ، بسبب القرب و الاحتكاك اليومي و برزت هناك مشاكل إضافية .

بداية فإن العلاقات مع الفلسطينيين كانت مختلفة في وجهات النظر حيث لم يكن هناك إجماع وطني في موضوع اتفاق أوسلو و في موضوع الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية و بالكيان الوطني الفلسطيني , رابين كان يعلم ذلك جيداً ، و أيضاً لم يكن لديه شكّ بصحة الطريق التي اتخذها و شرعيتها ، عمل كلّ ما بوسعه من جهود من أجل تعزيز الائتلاف في الكنيست (البرلمان) .

ثانياً .. كانت المشكلة الشخصية عندما بدأ رابين سلسلة علاقات مع عرفات ، حيث شكّك في كلّ كلمة و في كلّ خطوة و أنا أعتقد أن نفس الشعور كان لدى عرفات في علاقته مع رابين .

عندما كنا نأتي إلى رابين و نخبره أن الفلسطينيين يطلبون منا إرجاع حاجزٍ 200 متر غرباً و شرقاً ، كان يطلب منا معرفة كلّ التفاصيل ، و أيضاً كان مستعداً بأن يتصل بنائب قائد الحاجز من أجل أن يحقّق بذلك شخصياً قبل أن يقرّر هل يجب ذلك أم لا ...

و في المقابل فإنه لم يكن هناك بين رابين و بن الملك حسين أي شكوك بل على العكس كانوا يقدّرون بعضهم البعض و لاوة على ذلك كان هناك إجماعٍ وطني كامل فيما يتعلّق بالتطلّع للتوقيع على اتفاق سلام رسمي مع الأردن . و لم يكونوا متورّطين في مواضيع سياسية حساسة رابين والحسين عرفوا بعضهم البعض منذ الحقبة الأولى لرابين كرئيس حكومة .

خلال هذه السنوات عاشوا في خزانة و أملوا الخروج منها ، يعني أنهم تطلّعوا إلى ممارسة العلاقات بصورة رسمية أمام العالم جميعه ، لذلك عندما كنا نأتي إلى رابين و نتحدّث له أنه يوجد مشاكل في المفاوضات مع الأردن على مناطق حدودية هنا أو هناك ، أو شيء من هذا القبيل ، رابين كان يبدأ بحركاته المعروفة و في نهاية المطاف و كان يظهر و يقول توقّفوا على تشويش العقل : "نحن لا نريد اتفاقاً ! أوجدوا حلاً !" ...

بناء علاقات الثقة هذه مع الأردن كان هناك منصب مهم لإفرايم هليفي ، و اليوم هو رئيس الموساد . في إطار المفاوضات السرية سافرت مرتين إلى الأردن و مرة إلى طابا و مرة إلى عمان برفقة شبتاي شبيط الذي كان رئيس الموساد و مع أفرايم الذي كان نائب لرئيس الموساد .

اكتساب ثقة ملك الأردن و دور جنوسر :

سهل جداً اكتشاف ثقة الأردنيين تجاهه و على رأسهم الملك ، حيث كان بين الملك حسين و بين أفرايم هليفي علاقة و رابين منحه الثقة في كل علاقات الجانبين (إسرائيل) و الأردن ، تقريباً لا يوجد بديل لهذا الشخص الذي كان ينجح في عمل نسيج صحيح بين الزعماء من كلا الطرفين ، لحسن الحظ فقد وجد شخص كذلك في العلاقات بين (إسرائيل) و الفلسطينيين ، و هو يوسي جنوسر حيث كانت له علاقات مع عرفات , و رابين استخدمه في مراسلات عرفات كسفيرٍ غير رسمي و حظي بثقة كاملة من كلا الطرفين و عرفات عرف جيداً أنه عندما يأتي إليه يوسي فإنه مرسل من إسحق رابين . مراسلات يوسي كانت سرية لأشهرٍ كثيرة ، و هذا أمر نادر إلى درجة كبيرة في دولتنا تقريباً حيث يتم تسريب كلّ شيء ، نجحنا في الحفاظ على السر بسبب أن عدد المشاركين به كان صغيراً جداً .

في المقابلة الأولى من هذا النوع عرف فقط ثلاثة رابين ، يوسي جونسر و أنا ، و من اللقاء الثاني و لاحقاً كان شريكاً في السر داني ياتوم ، الذي كان حينها السكرتير العسكري لرابين ، يوسي كان رئيس شركة عميدار ، و لاحقاً عيّن مستشاراً لرئيس الحكومة لموضوع الأسرى و المفقودين ، و هذا المنصب مكّنه من الظهور مرات عند رابين دون أن يشكّ فيه أحد حيث كان يعمل في منصب مختلف جداً .

جلسات التزويد بالمعلومات للمهمة الملقاة علينا كانت تقام في مكتب وزير الدفاع في تل أبيب بحضور أربعتنا و على الغالب كانت تقام في ساعات ما بعد الظهر ، و بسرعة من ذلك كان يوسي يسافر إلى غزة بسيارته ، يتقابل مع عرفات و يعود في نفس الليلة ليوافي رابين بآخر التطورات .

عرف جنوسر بصورة عميقة جداً كلّ المواضيع المتعقلة بالمفاوضات مع الفلسطينيين ، و علاوة على خلق العلاقات التي قام بها كان لديه قابلية كبيرة في خلق ثقة بين رابين و عرفات .

و عندما جاء نتنياهو إلى الحكم حاول أن يمارس بصورة مشابهة صداقته و قرابته من المحامي المقدسي يتسحاق مولخو، لا يوجد لديّ شك أن نتنياهو فهم القيمة الكبيرة الكامنة في رسولٍ شخصيّ أمين و موثوق .

و توجّهه في تعيين ملخو كان جيداً ، مع ذلك مولخو لم ينجح في تحقيق نفس النتائج التي حقّقها يوسي جنوسر ، لا أقول ذلك بسبب انتقادات على ملخو أو مرسله ، إنما تحديد حقيقة فعالة ، و من منطلق المسؤولية عندما فتح أزمة المحادثات التي سبقت تحقيق اتفاق شرم الشيخ ، بين (إسرائيل) و الفلسطينيين ، طلب يهود باراك من يوسي أن يعود إلى عمله .

كان لإرسال جنوسر من وجهة نظري أهمية بالغة بسبب أعماله السابقة فلا بديل لسياسيّ هادئٍ سري ، فهناك أشياء لا يمكن طرحها أمام الملأ و أمام أناسٍ آخرين و عندما يوجد إلى جواره مساعدوه المخلصون جداً يتلفّظ بصورة مغايرة و يقرّر بصورة مغايرة ، عندما يكون لوحده بدون وجود المساعدين ، رابين لم يكن يستطيع السفر إلى بيت عرفات الشخصي في غزة ، و عرفات لم يكن يستطع المجيء إلى سكن الحكومة في القدس . فيوسي كان الأداة و الوسيلة التي سمحت للزعيمين أن يتحدّثا بينهما كأنهما وحدهما وجهاً لوجه .

مشاركة في الدور الأمني :

لقد انضممت لعدة لقاءات مع يوسي و عرفات في مدينة غزة ، كان هذا فقط في الموضوع الأمني الخالص ، فلا رابين و لا بيرس استخدماني مرة من أجل نقل رسائل سياسية أو اقتصادية ، منصبي كان واحداً و وحيداً و هو الضغط على الفلسطينيين من أجل تنفيذ التزاماتهم في المجال الأمني و تفصيل مطالبنا و شرحها لهم و باستثناء اللقاء الذي تم في تل أبيب الجانب السياسي الفلسطيني الذي حضره أبو مازن و أبو علاء و عريقات .

أنا و جنوسر كنا نصل إلى محسوم إيرز في سيارة جنوسر دون وجود ألواح على ظهر السيارة و دون أي يلاحظنا أي شخصٍ في محسوم إيرز و كنا كمواطنين غير معروفين في حوزتهما تصريح عبور إلى مناطق الحكم الذاتي , و انضم إلينا أيضاً مرة أو مرتين آفي دختر رئيس منطقة الجنوب و غزة في الشاباك ، كنا نوقف السيارة في الجانب (الإسرائيلي و ندخل المحسوم من الجانب الثاني ، و كان ينتظرنا محمد دحلان و رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة و حارس عرفات الشخصي و كنا ندخل إلى سيارة دحلان و نسافر إلى غزة .

لقاءات في منزل عرفات :

و هذه اللقاءات تمت في بيتٍ يسكن فيه ياسر عرفات و كان بيتاً متواضعاً لكن في حيّ الرمال و منزله يعتبر زهرة غزة و الذي تم استئجاره من أحد أغنياء غزة ، و بصورة عامة فإن عرفات رجل قنوع جداً لكن الإشاعات تقول إنه أصبح غنياً جداً خلال منصبه قائداً لفتح و رئيس منظمة التحرير الفلسطينية لكن أسلوب حياته تقريباً رياضي ، هو يسكن مع حراسه و كنا نصل إلى بيته و هو يتمازح مع حراسه أحياناً و هم يتبادلون النكات و في النهاية يدخلون إلى ديوان عرفات .

جزء من المقابلات كانت مع عرفات لوحده و أخرى كانت بحضور مسؤولين من أجهزة الأمن للسلطة الفلسطينية مثل دحلان ، أمين الهندي و الجنرال ناصر يوسف قائد قوات الشرطة للسلطة الفلسطينية ، كنا نناقش في مواضيع أمنية و دائماً كان عرفات و جنوسر يدخلان لوحدهما إلى غرفة نوم عرفات ، و هناك كانوا يتبادلون الرسائل السياسية الشخصية السرية جداً التي كان يطلبها رابين أن تصل إلى عرفات من يوسي أو يوصله إلى رابين . و متأخراً جداً عندما اكتشفت وساطة جنوسر ، تعرّضت لانتقادات و جزء منها بسبب أنه لم يكن موظّف دولة من الطراز الأول في نفس الوقت .

هذا مخالف لطبيعة الإدارة الصحيحة ، انتقادات أخرى لكونه رجل أعمال عقد صفقات مع عناصر فلسطينية ، للعلم ليس بعيداً ، فتحت انتقادات على باراك بسبب الرغبة لديه في تعيين المحامي جلعاد وزيراً ممثّله في المفاوضات مع الفلسطينين ، و المستشار القضائي للحكومة أعلن أنه يلغي التعيين بسبب أنه معارض لقواعد الإدارة في الحكم الصحيح ، و بعد مرور الوقت عاد جنوسر كرسولٍ مخلص بين باراك و عرفات .

حسب رأيي الانتقادات من هذا النوع تخطئ هدفها ، فإذا ما كان رئيس الحكومة قد أعطى ثقة في شخصٍ معين و أراد له أن يكون ممثلاً في المفاوضات حساسة فعلينا أن نبذلَ كل جهد من أجل تمكينه من ذلك ، فإن لذلك فائدة كبيرة ، و ذلك بسبب معرفة الطرف الثاني لمستوى الثقة التي يوليها رئيس الحكومة لمندوبيه في المفاوضات لذلك فإن المندوب الذي يتمتّع بثقة رئيس الحكومة أمل كبير في الحصول على ثقة و تقدير من الطرف الآخر و بذلك التقدّم للوصل بصورة أسرع و فائدة أكبر في المفاوضات ، و مندوب كهذا أمامه فرصة أكبر في حلّ نقاط الخلاف و ننقذ الأمور الحساسة المتميزة في المفاوضات .

و حول عمل جنوسر مع الفلسطينيين فهو لم يتعارَض معهم في شيء ، و عندما تم تعيينه مستشاراً لرئيس الحكومة لشؤون الأسرى و المفقودين ، كان دائماً يهتم في حصوله على توجيهات رسمية حول المسموح له و الممنوع من وجهة النظر الاجتماعية الشاملة الاستراتيجية فليس هناك عندي أدنى شك أن الحل السياسي هو الحل الوحيد لكلا (الشعبين) اليهودي و الفلسطيني و اللذين يسكنان على قطعة أرض واحدة ، و مع الأسف فإن ما يزعجني القول إننا بعيدين عن سماع ضجيج صوت جناحي حمامة السلام ، فالجيل الحاضر من كلا الطرفين مشحون بالانفعالات التي تصل حدّ الكراهية في كلا الطرفين ، و التي تحول دون تغيير (إسرائيل) من سلطتها في مناطق الضفة الغربية و قطاع غزة من جانب و من جانب آخر (الإرهاب) الذي يضرب في شوارع (إسرائيل) .

من غير الممكن بناء ثقة متبادلة دون الحديث عن الحياة المشتركة و المعاناة لكلا الطرفين ، و هذا يتطلب عملاً صعباً و شاقاً ، و ربما تواكبها عمليات (إرهابية) و عقوبات اقتصادية بين الطرفين و هذه الأمور ستشوّش عملية السلام التي بدأت 1993 في أوسلو ، و على الرغم من أن كلا الطرفين يعلم أنه لن تنجح في القضاء على الطرف الآخر فلذلك ليس لنا مفرّ من العمل بجدية لبناء علاقة تعايش لبناء السلام ، و هو الهدف الذي أعمل أنا من أجله اليوم في مركز "بيرس للسلام"...

يا حيف ع اللي جرحهم جرحي وفوق الجرح داسوا

صاروا عساكر للعدى وكندرة العدو باسوا

2_471137_1_209.jpg

حسبنا الله ونعم الوكيل

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
  • الموضوعات المشابهه

    • 0
      بإيعاز من نتنياهو: الشاباك ينشر أسماء خلية طالبت حماس بالإفراج عنها‏ تاريخ الإضافة : 24 / 12 / 2009 - 08:57 فلسطين اليوم - ترجمة خاصة أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للشاباك بأن ينشر للشعب الإسرائيلي قصة لأحدي خلايا حماس والتي القي القبض عليها قبل فترة في القدس, في ضوء المعضلة التي يمر بها رئيس الوزراء الإسرائيلي وتخبط وزراء الكابنت ( السباعية ) بما يتعلق بخطورة الأسرى الذين تطالب حماس الإفراج عنهم ضمن صفقة شاليط. فقد ذكر موقع إسرائيلي أن الشاباك كشف مؤخر
    • 0
      السلطة تنفي و'هآرتس' تكشف 'الشاباك' يحرس عباس وفياض في المنطقة © 21/08/2009 الناصرة ـ 'القدس العربي' من زهير اندراوس: في إطار التنسيق الأمني والسياسي بين السلطة الوطنية والدولة العبرية كشفت صحيفة 'هآرتس' العبرية، في عددها الصادر أمس الخميس النقاب عن أنّ وحدة حماية الشخصيات التابعة لجهاز الأمن العام 'الشاباك'، هذا الجهاز التابع مباشرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تقوم بتوفير الحماية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس الوزراء سلام فياض في مناطق معينة في الضفة الغربية ا
    • 0
      الشاباك يعجز عن انتزاع اعتراف من قائد القسام بالضفة جهاز الشاباك الإسرائيلي ينهي تحقيقه مع الأسير إبراهيم حامد القائد العام لكتائب القسام بالضفة الغربية، دون أن يدلي حامد بكلمة واحدة، أو حتى أن يعترف باسمه الذي أنكره أمام المحققين.... الضفة الغربية- أحمد بيكاوي- الشبكة الإعلامية الفلسطينية أنهى، جهاز الشاباك الإسرائيلي تحقيقه مع الأسير إبراهيم حامد ( 42عام) القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالضفة الغربية، والذي جرى في سجن المسكوبية بم
    • 0
      المخابرات الاسرائيلية: الاعترافات التي أدلى بها العميد فؤاد الشوبكي مسؤول مالية الرئيس الراحل عرفات Wednesday ,17 May - 2006 غزة-دنيا الوطن نشرت المخابرات الاسرائيلية اليوم الاعترافات التي أدلى بها العميد فؤاد حجازي الشوبكي مسؤول مالية الرئيس الراحل ياسر عرفات, الذي اعتقلته اسرائيل مؤخراً بعد اقتحام سجن أريحا في آذار الماضي بتهمة التورط في تهريب سفينة الاسلحة كارين "A". وجاء في الاعترفات أن ملايين الدولارات التي حولتها اسرائيل والمجتمع الدولي للسلطة الفلسطينية في السنوات الاخيرة استعم
×
×
  • أضف...