اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

الاستعلاء .. والاستعلاء المضاد


Sherief AbdelWahab

Recommended Posts

وجهة نظر مثيرة للجدل تستحق النقاش..

ضجت الصحف والقنوات الفضائية، ولأكثر من أسبوعين، بقضية طبيبين مصريين اتهما بارتكاب جرائم فى المملكة العربية السعودية. قضية الطبيبين رغم الأهمية الإنسانية العالية للموضوع.

إلا أنها كشفت على نحو واسع ما أصبح ظاهرة بين الشعوب العربية، وهو الاستعلاء المتبادل الذى ينم عن كراهية وجهل لا محبة ومعرفة. وهنا فى هذا المقال، سوف أتناول قضايا أساسية علينا أن نناقشها دون خجل.

أولى هذه القضايا هى: هل حقا أننا، كعرب فى دول مختلفة أو حتى داخل الدولة الواحدة، نعرف بعضنا البعض جيدا؟ أم أننا نتبنى قوالب ذهنية جاهزة عن المغاربة والسعوديين واللبنانيين والأكراد والصعايدة والآشوريين والنوبة والأمازيغ؟

والقضية الثانية: هل ساهم الإعلام الحديث، بفضائياته وصحفه، فى زيادة هذه المعرفة، أم أنه أطر للجهل والصور النمطية وبالتالى أسهم فى بناء جدران الكراهية بدلا من بناء جسور التواصل؟

كنت أكثر من مرة فى جلسات تضم مصريين وسعوديين يتكلمون كلاما جميلا عن أن مصر تجد سندها بمملكة عربية قوية فى السعودية، وعن أن السعوديين يرون مصر هى أم الدنيا، إلى آخر هذا الكلام المنمق. وعندما تجلس إلى كل من الطرفين على حدة، تبدأ نبرة الشوفينية بالعلو، وتنتشر فى الجو رائحة الاستعلاء المتبادل بين الشعبين.

تستضيف المملكة العربية السعودية على أرضها ما يقرب من مليون مصرى، وتستقبل القاهرة آلاف السعوديين ممن يفضلون قضاء إجازاتهم فى دولة عربية بدلا من دولة أوروبية، إذا أخذنا ذلك فى الاعتبار فإن علاقة الشعبين فى ظل هذا التصعيد الإعلامى مرشحة لمزيد من التوتر بدلا من التسامح.

والاستعلاء هنا ينطبق على علاقة الإماراتيين بالمغاربة، وعلاقة القطريين بأهل الشام، وعلاقة الكويتيين بالسوريين، وعلاقة السوريين باللبنانيين.

فى ثقافتنا السائدة اليوم، يتندر أهل الوديان بجهل أهل البدو والصحراء، ويشمت أهل الخليج بفقر أهالى الوديان، ويتبادل أهل المشرق العربى وأهل المغرب العربى النظرات الاستشراقية التى يجدر أن يتوقف عندها باحث جديد (من النوع الثقيل) ليكتب لنا عن الاستشراق المحلى والاستعلاء المتبادل بيننا.

كان معظم المثقفين العرب متفائلين بظاهرة الفضائيات والإعلام العربى العابر للحدود، على أنه سيؤصل لنوع جديد من العلاقات بين العرب، علاقات مبنية على المعرفة.

كما ظن الكثيرون من أساتذة علم الاجتماع، أن حركة البشر بين البلدان العربية ستؤدى حتما إلى صياغة مشروع عروبى مبنى على المعرفة المباشرة لا المعرفة السماعية المنقولة. فهل تم هذا فعلا؟ وهل كان التفاؤل فى محله؟

الإعلام العربى، برأيى، يحتاج زمنا طويلا ليصبح إعلاما مهنيا، فلا تغرنك أضواء الشاشات التى تشبه شاشات الغرب، شاشاتنا فى كثير من الحالات تبنى جدرانا للكراهية لا جدرانا للمعرفة.

تضخم حجم العمالة العربية فى الدول العربية، الخليجية منها خصوصا، مما أصبح يستدعى نقاشا جادا حولها. إذ يمكن للدول العربية فيما بينها، أو بالتعاون مع منظمات دولية، أن تنظم اجتماعات دورية لوزراء العمل فى الدول العربية لمناقشة تعاقدات العمال المهاجرين وظروف حياتهم فى المجتمعات الجديدة ومشاكل التأقلم، والكيفية التى يمكن فيها ضمان حقوقهم حتى قبل سفرهم.

وأن تبذل الدولة المصدرة للعمالة جهدا لتعريف أبنائها بقوانين وثقافة المجتمع المضيف، خاصة إذا كان هناك عدد كبير من أبناء الدولة يهاجر للعمل فى دولة معينة. الخطأ الأكبر أن نصدق أننا كعرب لا فوارق ثقافية بيننا.

الحقيقة هى أن المجتمعات العربية متعددة ومتنوعة ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وحتى لغويا. وهذا لا يضيرها بل يغنيها، ولكن يجب استيعاب هذه الفوارق، وألا نصر جميعا على أنه لا داعى للمعرفة ولا داعى للتعارف، وأن بلاد العرب أوطانى من الشام لبغداد، ومن نجد إلى يمن، إلى مصر فتطوان. ومن لا يصدق ذلك عليه فقط الوقوف فى طوابير المطارات العربية!

كثيرا ما أسأل فى زياراتى للخليج: هل أنت تونسى أم جزائرى؟ ويفاجأون عندما أقول لهم اننى مصرى، ويجىء الرد: ولكنك لا تتكلم اللهجة المصرية! الحقيقة هى إننى أتكلم اللهجة المصرية الجنوبية،

ولكن أصحابنا لا يعترفون إلا بلهجة التليفزيون، مصر بالنسبة إليهم هى القاهرة، أى أن الجماعة قد حذفوا نصف المجتمع المصرى شمالا وجنوبا من المعادلة.

المصريون، وأهل الشام، أيضا يتبنون موقفا مشابها عندما يتحدثون إلى سعودى أو قطرى أو كويتى تعلم فى مدارس الغرب ويتحدث الإنجليزية كأهلها، ومتحضر فى سلوكه وملبسه، يقولون «بس انت شكلك مش خليجى زيهم؟».. ترى من هم الذين ليس هو مثلهم؟ وما هو شكل الخليجى؟

نحن شعوب مختلفة، بثقافات محلية مختلفة، ولهجات مختلفة، ونحيا فى دول مختلفة بقوانين مختلفة. ولو أدركنا حقيقة وحجم الاختلاف بيننا، لبدأنا فى صعود أولى درجات السلم الصحيح الصاعد نحو الوحدة العربية. الوحدة تخلقها المعرفة بالاختلاف والرغبة فى التقارب والتعايش.

وأرجع دائما إلى الإعلام العربى، لأننى أدرك أهميته وخطورته، وأقول يجب أن يكون إعلامنا من أجل بناء جسور تواصل مبنية على المعرفة لا من أجل بناء جدران الجهل والكراهية.

http://www.almasry-alyoum.com/article2.asp...mp;IssueID=1243

العنوان من عندي..

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...