اذهب إلى المحتوى
محاورات المصريين

حدث في عز الضهر-قصة قصيرة


Sherief AbdelWahab

Recommended Posts

1-

وقف صاحب "الكشك" الذي لا يبعد كثيرا عن المسجد الكبير الشهير في إحدى مناطق القاهرة وهو ينظر في امتعاض إلى الشاب الريفي البسيط الذي أجرى منذ نحو نصف الساعة مكالمة هاتفية مع أهله في "البلد"....يفهم من كلامه أنه جاء ليحصل على تأشيرة من عضو المجلس الموقر لعلاج شقيقه على نفقة الدولة...فلم يجده في القاهرة بأكملها...و أنه عندما سأل عنه قال له من يعملون لديه أنه سافر إلى الشاليه خاصته في مارينا...وأنهاها بأنه سيعود فورا لـ"البلد" بعد انتهائه من أداء صلاة الجمعة..

تنفس صاحب الكشك الصعداء عندما أنهى الريفي مكالمته...في اللحظة التي أذن فيها لصلاة الظهر...و كاد أن يهم بالذهاب مباشرة للمسجد حتى عاجله صاحب الكشك:

-الحساب يا بلدينا...

-معلهش عدم اللمؤخذة ...كام يا ريس؟

-خمسة جنيه...

-"مستنكرا": ليه؟

-بقا أنت شاغل لي التليفون نص ساعة بحالها...بتكلم بلد اسمها شل..شل

-"مبتسما":شلشلمون...مركز منيا القمح شرقية...

-قصر الكلام يا بلدينا...خمسة جنيه حساب النص ساعة...

-بس...

-خلص نفسك يا بلدينا بسرعة ...عايزين نصلي بقا...

2-

فرغ الريفي من التسليمة الأخيرة في الصلاة...فالتفت فوجد حذاؤه الذي وضعه بجانبه و قد استبدل بقبقاب رث و قديم...فصاح غاضبا بأعلى صوته:

-حراااااااااامي...حرااااااااااامي...

تلفت بين الحضور يمنة و يسرة...ولمح شابا في العقد الثاني من عمره يجري بما يشبه حذائه...بل هو حذائه...توارى شيئا فشيئا عن الأنظار ...وحاول الريفي الغاضب بمشاركة بعض المصلين مطاردته...بينما اكتفى الآخرون بقول:لا حول و لا قوة إلا بالله ...كل أسبوع يطلع لنا هنا حرامي؟

3-

فشل الريفي في اللحاق باللص...وبدا عليه الغضب و الإصرار على اللحاق به...و حاول من طارد معه اللص من المصلين تهدئته ...عبثا...

-لازم أجيبه ولد ال.... دة!

-تجيبه إزاي يا بلدينا...دي مصر...فيها بدل المليون عشرة مليون...

-ولو...

-عوضك على الله...كويس إنه ما سرقش الفلوس اللي معاك..روح و احمد ربنا إنها جت على قد كدة...

بدأ يهدأ تدريجيا...

4-

لص الحذاء ينظر في المرآة ...يصفف شعره و يهندم ثيابه...و إذا بأمه العجوز تسأله:

-رايح فين يا واد؟

لم يرد...

-آه...يبقى أكيد رايح تقابلها ...سنية بنت بهانة بتاعة البليلة...

-يا أمة...

-مش لاقي غير البت دي...دي مشيها بطال...

نظر بتأفف إلى سقف العشة التي يسكنها...و هم بالانصراف...غير عابئ بصراخ أمه...

-البت دي ساحرالك...دي عاملالك عمل...عليا النعمة من نعمة ربي ما أنا داخلالك بيت طول ما انت بتكلم بنت الـ.... دي!

5-

حظ لص الحذاء السيئ...

ففي الوقت الذي تمشى فيه الريفي المصدوم بالمدينة هائما على وجهه قبل أن يتحرك إلى "باب الحديد"...وجد لص الحذاء...وهو ينتعل الحذاء الذي سرقه منه...فصرخ بأعلى صوته:

-حراااامي...حرااااامي ...امسك حرامي....

و انطلق اللص يعدو...و الريفي وراءه...ساعة وراء ساعة...حتى ما قبل العصر بقليل...إلى أن وصلا لمكان خرب...حيث تاه اللص من الريفي...الذي غمغم في غضب:

-ح تروح مني فين؟

تمشى قليلا في المكان الخرب...جيئة و ذهابا...و ما أن هم بالانصراف...حتى وجد اللص مع فتاته كأي "كوبلز" على الكورنيش...فصرخ بأعلى صوته:

-بتحب لي يا ابن الـ...... ، و الله ما ح تفلت من إيدي المرة دي!

و انطلق اللص هاربا...ووراءه الريفي...

6-

مرة أخرى توارى اللص عن نظر الريفي...الذي أخذ يجري جيئة و ذهابا...حتى وجد رجلا يمشي في المكان الخرب فسأله:

-ما شفتش ولد كدة لابس "كاوتش" إسود مقطع؟

-تقصد "سفروت" يا بلدينا؟

-إيوة...اللي انت بتقول عليه دة!...سرق مني الجزمة اللي حيلتي...

-"متأثرا"...لا حول و لا قوة إلا بالله...هو الآخر سارق مني حاجات كتير...اسمع ...أنا ح أجري وراه من هنا...و انت من الناحية التانية...و اللي يمسكه فينا يقول للتاني...اتفقنا يا بلدينا؟

-اتفقنا...

6-

في مكان خرب يبدو كأنه شبه عشة منهارة ...مغلقة من ثلاثة اتجاهات...و من الرابع بدا ساقان فيهما الكوتشي المسروق...و كأن اللص نائم يستلقي بعيدا عن حرارة الجو...

ابتسم الريفي...و قال:

-مش قلت لك...ح تروح مني فين؟...إن شا الله تقعد للصبح...ح آخد الكاوتش اللي سرقته مني و ح أديك اللي فيه القسمة...وآدي قعدة!

افترش الأرض الرملية و استطرد:

-آه يا زمن...بقى انت مش لاقي حتة تروح تسرق فيها إلا بيت ربنا؟...إنت مش خايف منه وهو المطلع على كل حاجة؟... أقول لك إيه...ما انت حرامي...لا مش حرامي و بس..حرامي غشيم كمان...الجامع مليان جزم أشكال و ألوان بتوع ناس كبارات و مهمين أوي...كل دة و مش عاجبك إلا الكاوتش بتاعي..أنا نفسي أعرف إيه اللي عاجبك في الكاوتش المقطع بتاعي دة...دة أنا كنت بالعب بيه كورة حدانا في البلد لما قلت يا بس لحد ما طلع عينه...يمكن عشان تتمنظر بيه مع "الجو"...مع البت بتاعتك...هية عارفة إنك حرامي جزم؟...لو هية عارفة يبقى تستاهل ...يوم كدة حييجي البوليس و يمسكك و تتص لك كام سنة في السجن عشان تبقى عبرة...

يا للا بقا اطلع...

ما تطلع...

اقترب شيئا فشيئا...حدثته نفسه بأن يخلع الحذاء بهدوء من قدم اللص ويمضي...لكن حب استطلاعه غلبه...اقترب...و اقترب...

و ياليته ما اقترب...

وجد لص الحذاء مهشم الرأس...جثة هامدة!...

ارتسم الذهول الشديد المشوب بالرعب على وجهه...و ارتعد مغمغما:

-مش ع...ع....عايز الكاوتش...مش عايزه...سايبهولك يا عم الحراااامي...س....س

و انطلق يجري مذعورا...

*ملحوظة:أعتذر مقدما عن أي خطأ في الأماكن بحكم أنني لست قاهريا...فقط تخيلت أن الأحداث جرت في قاهرة المعز!

المنصورة 7 يولية 2003

في انتظار رأيكم...

خلص الكلام

Sherief El Ghandour<br /><br />a furious Egyptian

رابط هذا التعليق
شارك

تراءى شيئا فشيئا عن الأنظار .
مرة أخرى تراءى اللص عن نظر الريفي

الاخ هشام اكيد سعاتك تقصد "توارى " وليس تراءى

مع تحياتى

وليس بعامر بنيان قوم***اذا اخلاقهم كانت خرابا

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
  • المتواجدون الآن   0 أعضاء متواجدين الان

    • لا يوجد أعضاء مسجلون يتصفحون هذه الصفحة
×
×
  • أضف...